العالم العربي وظاهرة وضعف الدور الرقابي لمنظمات المجتمع المدني

شبكة النبأ: هناك ظاهرة لا أحد يستطيع إنكارها، تتمثل باستخفاف الموظف الحكومي بمسؤولياته تجاه المواطن، يبدأ هذا الاستخفاف من مسؤولين كبار، نزولا الى الموظف الصغير الذي ينحصر عمله بانجاز معاملة خدمية او سواها، بمعنى أن ظاهرة الاستخفاف بالمواطن واضحة للعيان، في مقابل ذلك هناك ضعف كبير في دور المنظمات المعنية بمراقبة الدوائر والمؤسسات الحكومية بمختلف مهامها وأنشطتها.

وما بين هاتين الحالتين او الظاهرتين يكون المواطن ضحية ضعف الخدمات وهدر الوقت، ناهيك عن انتشار حالات الرشا والفساد المالي والاداري، وسوى ذلك من حالات لا تنسجم مع الهدف الذي يسعى له العراقيون، متمثلا في بناء دولة معاصرة، يعيش فيها الانسان بكامل كرامته وحقوقه كافة، ولكي نكون اكثر دقة سوف ندعم كلامنا بمثال حول ما تردد في وسائل الاعلام مؤخرا، عن تلوث المياه في نهر الحسينية بمدينة كربلاء، ومدى صحة ذلك والجهات المسؤولة، لقد أكدت هذه القضية حالة اللامبالاة التي تعمل بها بعض الدوائر، وبعض الموظفين، حيث تصبح حياة المواطن عرضة للخطر، بسبب عدم تحديد المسؤولية ناهيك عن الترهل في الدوائر نفسها، الامر الذي يشيع حالة من العشوائية في عمل الدوائر الخدمية وسواها.

ويزاداد الامر سوءا حين يضعف او يغيب دور منظمات المجتمع المدني عن الضغط والمراقبة والتوجيه، فيصبح دورها شكليا اعلاميا بحتا، حيث نسمع عن نشاطات لمنظمات المجتمع المدني في الاعلام فقط، أما واقع الحال فتؤكده حالات التراجع المتواصلة لدوائر الدولة، فيما تشهد الشوارع والاحياء والحدائق العامة ومعظم منشآت الدولة على ضعف الدور المزدوج للدوائر الرسمية المتلكئة، ولمنظمات المجتمع المدني التي لا تقوم بدورها الرقابي الفعلي، كي تحد من تدهور الخدمات، وتحجّم الفساد، وتحد من تضخم الروتين والادارة البيروقراطية المتفاقمة في معظم الدوائر والمؤسسات التي تخص المواطن واحتياجاته الخدمية وسواها.

يقودنا هذا الموضوع الى عدم اهتمام المعنيين بالبيئة، مع انها تشكل قنبلة موقوتة يمكن ان تنفجر في أية لحظة، اذا لم يتم التعامل معها بالصورة الصحيحة، بمعنى هناك ترابط بين عمل دوائر الدولة، وحاجات المواطن، وقطاع البيئة بصورة عامة، وحالة الاستخفاف التي تشيع وتنمو بين المسؤولين والموظفين، هذا الترابط لا يؤثر على واقع الحال فحسب بل يمتد الى أجيال لاحقة، وهو ما تؤكده دلائل كثيرة، يقول احد الكتاب المصريين في هذا المجال: (هناك تحديات عديدة تواجه مسيرة العمل البيئي في مصر، اقتضت مواجهتها إتباع العديد من الأساليب غير التقليدية في مسيرة الإصحاح البيئي، للوصول إلى التنمية المستديمة الحقيقية التي تحمي حقوق كل أجيالنا القادمة في مواردهم الطبيعية، لذا فقد تمثل الهدف الاستراتيجي في إدخال البعد البيئي في سياسات التنمية والخطط القومية والبرامج والمشروعات والممارسات العامة لضمان تحقيق التنمية المتواصلة).

يقودنا هذا الكلام الى ضرورة الربط بين سبل التعامل مع البيئة، وبين انتشار حالات التجاوز والاهمال والعشوائية لدى المسؤولين في طرق ادائهم لمهامهم، سواء في الدوائر الخدمية أو غيرها، لذا لابد من عملية تصحيح واسعة تجري في القطاعات الخدمية والوظيفية المتنوعة، مع أهمية تحفيز المنظمات الرقابية المختلفة للقيام بدورها الرقابي على نحو افضل.

ولكن يبقى الهدف الاول هو ضرورة القضاء على حالة إستخفاف المسؤول بالمواطن، واحترام واجباته، واشاعة منهج وتقاليد عمل تحترم حقوق المواطن أولا، وتهدف في الوقت ذاته الى حماية حقوق الاجيال اللاحقة بالموارد وسواها، ومثل هذه الاهداف تستدعي التخطيط والتنظيم الدقيق، ثم الالتزام بطرق التنفيذ الامثل، ناهيك عن الاهمية الكبيرة التي تتمثل بتفعيل الدور الرقابي المهم لمنظمات الرقابة المختلفة، وأهمها منظمات المجتمع المدني التي ينبغي أن تشكل قوة ضاغطة على الدوائر الرسمية بأنواعها، كي تقدم للمواطن أفضل ما لديها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 12/شباط/2012 - 19/ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م