مشروع كبير عمره الأندثاري ستة ساعات!

زاهر الزبيدي

منطقة ماء الصبر أي المرّ، مفتاح العراق، الفاو، مدينة عراقية (2500ق.م) ومركز قضاء في محافظة البصرة جنوب العراق ( 99 كم ) جنوب البصرة، وهي المدينة التي من المؤمل أن ينشأ عليها أكبر ميناء في تأريخ العراق، ميناء الفاو الكبير، مبتلية تلك المدينة بشحة الماء وعكرته وملوحته العالية لأسباب عدة أهمها ارتفاع ملوحة شط العرب التي وصلت الى 30 ألف جزء من المليون وهي عالية جداً.

ولغرض حل مشكلتها مع الماء تمت المباشرة بتنفيذ مشروع تحلية ماء الفاو وبكلفة ما يقارب 25 مليار دينار عراقي وبطاقة 400 م3 لأحدى الشركات الإيرانية، سنافي، على أمل أن تنتهي مشكلة، مصيبة، المياه لدى ساكني تلك المنطقة..

 أنجز المشروع وأفتتح من قبل السيد رئيس الوزراء خلال زيارته الى مدينة البصرة في عام 2010... في 29 من هذا الشهر كشف النائب عدي عواد عن كتلة الأحرار.. أن مشروع ماء الفاو الذي تم انجازه في عام 2010 جنوب البصرة لم يزود اهالي الفاو بالماء الصالح للشرب سوى ساعات معدودة وتوقف عن العمل دون العودة لضخ مياه الشرب للمواطنين، موضحا أن "هذا المشروع عقد اهالي الفاو آمالهم عليه قد تم تعبئة خزاناته بالمياه الصالحة للشرب اثناء افتتاحه فقط لتزويد الفاو بالمياه وبعد ساعات توقف المشروع".

ستة ساعات هو العمر الأندثاري لمشروع مهم لتلبية إحتياجات مدينة عانت ما عانته من ويلات الحروب والحرمان على الرغم من أنها كما يقال تطفوا على بحر من النفط قد تقدر مبالغه بآلاف المليارات، يغلفها الحزن الدائم وبالطبع ليست لها ميزة محددة عن بقية مناطق العراق في مجال الكهرباء.. الملوحة قضت على 95% من الأراضي الزراعية والمتوقع منها أن تكون منطقة منكوبة إذما كانت كذلك اليوم.. غادرها أغلب أهلها القدماء هرباً من قساوة العيش هناك.

فهل من مجيب لصرخة تلك المدينة المنكوبة ونحن نبعثر بملايينا على الشركات غير الموثوقة نذهب الى دول الجوار وكأننا نقدم لهم المنح المجانية مقابل تلك المشاريع البائسة التي لم يتم يحسن أحد ما حسابها والتخطيط لها.. لقد نجحت دول الخليج وستبقى تحقق النجاحات بفضل رؤية قادتها الصحيحة لوقع أوطانهم وكونهم لم يستعينوا بأي شركة من تلك الشركات الهامشية في مجال تحلية المياه.. فترانا اليوم نستورد المياه المعدنية من دول ليست لديها أنهار عذبة ولكنها قامت بتحلية حتى مياه البحر خدمة لشعوبها.

متى نرعى حاجات شعبنا، المظلوم، بنا وبأفكارنا التي ما عادت تفيد الوطن بشيء إلا في خرابه.. كم دولة في العالم المتحضر تعمل في مجال تحلية المياه.. ألم نجد غير تلك الشركة الإيرانية لتنفيذ مشروع يمثل عصب الحياة في تلك المدينة المالحة القاحلة وماذا قدمنا لها بعد استنجاد اهليها بالحكومة.. لا شيء الخراب هو الخراب والعطش هو العطش ولا شيء لديهم اليوم إلا رحمة الله وهي أوسع وأجل فمدينة الماء المرّ سيبقى ماءها مراً وعكرة الشط لاتنتهي لأن عقولنا عكرة لا تصلح إلا للسجالات السياسية العقيمة.. والدول الإقليمية التي تساهم يومياً في التنكيل بشعب العراق بكل الطرق وجدت فرصتها السانحة اليوم لتنقض على بقايا الوطن بعدما تحطمت بنيته التحتية وأغرقناه بتلك الفوضى يدعمها العمل السياسي غير المجدي لسياسي العملية السياسية.. فهل يضربون اليوم عن شرب الماء حتى يعاد الماء الى الفاو أم تترك المدينة تعاني الجدب والملح الذي يلتهم حتى وجوه أهليها التي حرقتها شمس الصيف اللاهبة وعلى رمال المملحة.

دعوة نوجهها الى كل راع في هذا الوطن أن لا تختاروا الشركات البائسة لتنفيذ المشاريع التي تخص ابناء شعبكم، المنكوب بكم، بل اختاروا له أحسن الشركات العالمية كي لا تدخلوه بحسابات أقلها عدم الثقة والإحباط والحسرة على وطن ضاع.. أو كاد أن يضيع.. رحم الله أهلنا في الفاو.!

[email protected]

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 12/شباط/2012 - 19/ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م