شبكة النبأ: يستعد المحتجون الأمريكان
في ما بات يعرف بحركة احتلال وول ستريت الى استعادة رخمهم في التظاهرات
والاحتجاجات المناهضة للحكومة الأمريكية والسياسة التي تنتهجها، في
الوقت الذي لم تسفر جهود السلطات المتكررة في كبح تلك الحركة أو ثني
أفرادها عن ممارسة الاحتجاجات المتنقلة من مدينة الى أخرى.
وسجلت العديد من الانتهاكات بحق المحتجين منذ بداية نشاط حركتهم،
فيما اعتقل البعض منهم بشكل عنيف، كما تنقل وسائل الإعلام العاملة هناك،
ويرى العديد من المحللين ان أنصار حركة احتلوا وول ستريت استمدوا فكرة
انتفاضتهم من الربيع العربي الذي نجح في إسقاط بعض الحكومات في الشرق
الأوسط، ولا تزال رياحه مستمر في بعض البلدان أيضا على الرغم من مرور
أكثر من عام على انطلاقها.
فبعد شهرين على تفكيك معسكر حركة احتلال وول ستريت في نيويورك التي
اطلقت في ايلول/سبتمبر احتجاجات ضد الرأسمالية الجامحة، تجهد الحركة
للمثابرة في اثناء الشتاء وتحصي اموالها ودعمها آملة بانتعاشة في
الربيع.
وتجمع مؤخرا حوالى عشرين شخصا في موقع المعسكر القديم في حديقة
زوكوتي في حي وول ستريت لعقد جمعية عامة وسط درجات حرارة بلغت 2 تحت
الصفر. ونظرا لقلة عددهم لم يحتاجوا الى مكبرات صوت لسماع ما يقال.
وكانت الساحة خالية يراقبها شرطيان يرتعدان بردا وثلاثة حراس خاصين.
وبدأت الجمعية العامة بقليل من الحركات الرياضية للشعور بالدفء.
وقال ناشط لزميله "اتذكر، عندما كانت انظار العالم مسلطة علينا".
وتابع "الان بتنا الوحيدين الذين ننظر الى بعضنا البعض".
وقال شون ماكيون عامل الكيمياء الناشط في الحركة منذ تشرين الاول/اكتوبر.
وقال "اننا خمسون شخصا على الاكثر هذ المساء". وتابع "لم نعد نفعل
الكثير ولم يبق لدينا الكثير من المال"، لكنه اصر على البقاء متفائلا.
واضاف "الطقس بارد".
وهو من الذين قرروا في جمعية عامة "تجميد" مصاريف احتلال وول ستريت
باستثناء المصاريف الضرورية لتجنب افراغ صناديق الحركة.
فمن الهبات التي بلغت 730 الف دولار منذ تشرين الاول/اكتوبر على ما
اعلنت الحركة على موقعها على الانترنت لم يبق اكثر من 270 الف دولار،
بحسب ماكيون، وجمدت 100 الف دولار لتسديد كفالات متظاهرين قد يتم
توقيفهم.
وتتخذ المسألة المالية اهمية حساسة، فالبعض يخشون من وقف الحركة
تمويل 130 مناصر تم ايواؤهم في كنائس نيويورك. كما يرفض آخرون قطعيا
مساعدة فروع الحركة الاخرى في البلاد ماليا، والتي يبلغ عددها حوالى
الستين بحسب موقع المدونات السياسية "فايردوغ ليك". وقال المتحدث باسم
الحركة بيل دوبس ان المال "ضروري جدا"، لكنه "ليس كل شيء".
واشار الى ان "المئات ما زالوا منخرطين وناشطين في الحركة" التي
تندد بتفاقم التفاوت ووزن المال في السياسة الاميركية. وتابع "بالامس
كنا امام مسرح ابولو في هارلم (في نيويورك) حيث كان الرئيس (الاميركي
باراك اوباما) متوجها لحضور امسية لجمع التبرعات، للتنديد بافساد المال
للانتخابات"، ثم تحدث عن تظاهرة اخرى الجمعة رفضا لقرار المحكمة العليا
الذي سمح عام 2010 بتمويل الشركات للحملات الانتخابية بشكل غير محدود.
وتابع "اننا نبني حركة ونبذل جهودا حثيثة استعدادا للربيع" متحدثا
على الاخص عن الاول من ايار/مايو حيث يتم التخطيط لزيارة الحركة شمال
شرق البلاد. واوضح "ان بناء حركة مقاومة في الولايات المتحدة عملية
مثيرة للاهتمام، فينبغي ان يدرك الناس ما يحصل وان يتعلموا كيفية تنظيم
تحركات"، واردف "لكن الامر يتطلب وقتا".
وكل اسبوع يرصد موقع احتلال وول ستريت العشرات من مجموعات العمل
بحيث "تتسع قاعدة الحركة" بحسب بيل دوبس. في جميع الاحوال انتشرت
شعارات الحركة الى حد كبير على غرار "نحن ال99%". وبالرغم من تضاؤل
التغطية الاعلامية للحركة وتقلص تظاهراتها في الشتاء فان دوبس يريد
الايمان بان الربيع "سيجلب معه زخما سياسيا جديدا".
وقد قيد العشرات من المحتجين انفسهم في ابواب مصرف ويلز فارجو في
سان فرانسيسكو قبل أيام بينما احتشد المئات من المتظاهرين امام مقار
محاكم اتحادية في انحاء عدة من الولايات المتحدة احتجاجا على حملات
تبرع للشركات.
واستهدف المحتجون في سان فرانسيسكو تعطيل حي المال بالمدينة ضمن ما
يسمى بحركة "احتلال وول ستريت في الغرب" وضمت اهدافهم 22 فرعا مصرفيا
وغيرها من المكاتب المتخصصة في صناعة المال.
واعتقلت الشرطة 11 محتجا قيدوا انفسهم بمدخل خلفي لمقر ويلز فارجو
بتهمة التعدي على ممتلكات الغير ولكنها سمحت لمحتجين اخرين بالبقاء
مقيدين في ابواب اخرى للمبنى. وقال ريتشارد كوريا قائد شرطة سان
فرانسيسكو "انها سلمية وقد اتخذت عدة مصارف خطوات لتخفيف الاثر." واضاف
كوريا ان ويلز فارجو ابلغت العديد من موظفيها بالعمل من المنزل.
ومنعت الحواجز وحراس امنيون محتجين يستهدفون مبان اخرى في حي المال
من سد مداخلها.
وفي مناطق اخرى من الولايات المتحدة خرج محتجون تحت راية "احتلال
المحاكم" مستهدفين 150 دار قضاء في الذكرى السنوية الثانية لقرار
المحكمة العليا الامريكية الشهير "مواطنون متحدون ضد اللجنة الاتحادية
للانتخابات" الذي يقول المحتجون انه سمح بعمليات انفاق غير محدودة على
الحملات من جانب الشركات.
وقضت المحكمة العليا في 2010 بأنه لا يمكن للحكومة فرض قيود على
الخطاب السياسي والانفاق من جانب الشركات والنقابات المهنية وغيرها من
الكيانات غير الحكومية مما سمح للجان العمل السياسي بالظهور وانفاق
مبالغ غير محدودة من الاموال في حملاتها ليشكلوا ما بات يعرب باسم لجان
العمل السياسي المتميزة.
أكثر من 400 معتقل
في السياق ذاته قال مسؤولون في مدينة اوكلاند بولاية كاليفورنيا
الامريكية بان الشرطة اعتقلت اكثر من 400 شخص من المحتجين المناهضين
لوول ستريت في اوكلاند خلال ليلة من المناوشات اطلقت خلالها الشرطة
قنابل الدخان والغاز المسيل للدموع فيما يمثل واحدة من اكبر عمليات
الاعتقال الجماعي منذ بدء الاحتجاجات الاقتصادية في العام الماضي.
وكانت السلطات قد قالت في وقت سابق ان عدد المعتقلين ترواح بين 200
و300 ولكن مركز عمليات الطواريء في اوكلاند رفع ذلك الرقم لاكثر من 400
وقال ان من المتوقع ان تعلن شرطة اوكلاند عن عدد اكثر دقة في وقت لاحق.
واصيب ثلاثة من رجال الشرطة ومتظاهر واحد على الاقل ليلة الاحد
عندما وقعت اشتباكات بين الشرطة والمحتجين. واندلعت الاشتباكات عندما
حاول نشطاء السيطرة على مركز مؤتمرات مغلق في وسط المدينة لاقامة مقر
قيادة جديد وجذب الانتباه الى مشكلة المشردين مما اثار معارك كر وفر
استمرت حتى دخول الليل في مدينة شهدت مرارا تفجر توترات بين الشرطة
والمحتجين .
وتركزت الاحتجاجات في اوكلاند بعد ان اصيب محتج بجروح خطيرة اثناء
مظاهرة في اكتوبر تشرين الاول. وقال محتجون انه اصيب في رأسه بعبوة غاز
مسيل للدموع ولكن السلطات لم تفصح مطلقا عن كيفية اصابته.
ويبدو ان حركة "احتلال" فقدت زخمها اواخر العام الماضي بعد ان ازالت
الشرطة مخيمات الاحتجاج التي اقامها المحتجون في شتى انحاء الولايات
المتحدة.
في حين تظاهر حوالى 200 ناشط مناهض للرأسمالية بعضهم بصدور عارية
امام احد الفنادق الفخمة في واشنطن اجتمع فيه كبار مسؤولي المدينة
بينهم الرئيس الاميركي باراك اوباما وزوجته ميشال.
وكان المتظاهرون يحتجون على التهديد بطردهم من الخيم التي نصبوها في
ماكفرسن سكوير قرب البيت الابيض. وامام فندق من خمسة نجوم اقيمت فيه
الحفلة السنوية لنادي الفا الفا المخصص للنخبة، اخذ المتظاهرون يرقصون
ويقفزون امام رجال الشرطة.
وكان في الصف الاول عدد من النساء العاريات الصدور رغم الطقس البارد،
كتبت احداهن على بطنها عبارة "حرية التعبير". وخلع شبان ايضا قمصانهم.
وكانت عناصر امنية اعلنت الجمعة بانها ستطبق اعتبارا من الاثنين
قرارا يحظر التخييم ليلا في ماكفرسن سكوير وهو امر سمح به حتى الان.
وحركة الاحتجاج المناهضة للرأسمالية "احتلوا وول ستريت" التي انطلقت
في ايلول/سبتمبر في نيويورك اقامت مخيمين في واشنطن واحد في ماكفرسن
سكوير والثاني في فريدوم بلازا. والاثنان قريبان من البيت الابيض في
وسط المدينة.
والسلطات التي كانت متساهلة في البداية، بدأت تظهر علامات استياء
امام استمرار حركة الاحتجاج هذه.
من جهتها عقدت امرأة أميركية قرانها على مبنى قديم يتجاوز عمره
الـ100 عام، بمراسم حفل زفاف ارتدت خلاله ثوباً أبيض، احتجاجاً على
صدور قرار بهدمه.
وذكر موقع «سياتل باي»، أن بابيلونيا أيفاز، وهي إحدى المتظاهرات في
حركة «احتلوا سياتل»، ارتدت فستان زفاف أبيض، ودعت نحو 50 من أصدقائها
لمشاركتها حفل عقد قرانها على مبنى عمره 107 أعوام، احتجاجاً منها على
ظاهرة شراء الأثرياء أبنية قديمة في مناطق فقيرة، والعمل على هدم
المبنى لإنشاء مجمع شقق.
يتخلون عن دعوى ضد تفريقهم بالقوة
الى ذلك تخلى محتجو (احتلال وول ستريت) عن دعوى قضائية ضد تفريقهم
بالقوة وانهاء اعتصامهم في متنزه زوكوتي بنيويورك بعد شهرين من قيام
الشرطة الامريكية بمداهمتهم في ساعة متأخرة من الليل.
وقال الان ليفاين وهو محام لحركة احتلال وول ستريت ان المحتجين
قرروا التخلي عن الدعوى بعد ان أزالت الشرطة الامريكية في وقت سابق من
الشهر المتاريس المحيطة بالمتنزه والسماح "بدخوله للقيام بأنشطة حرية
التعبير".
وكان المحتجون قد قالوا في دعاوهم ان الاعتصام هو شكل من أشكال حرية
التعبير. واعتصم المحتجون نحو شهرين للاحتجاج على عدم العدالة
الاقتصادية.
وقال محامو مدينة نيويورك وشركة بروكفيلد التي تملك الساحة في
مانهاتن السفلى ان المولدات والاسلاك الكهربائية تشكل خطرا بالمتنزه
تنبغي ازالته.
ورفض مايكمل ستولمان قاضي المحكمة العليا في ولاية نيوروك من قبل
طلب المحتجين اصدار امر قضائي ضد المدينة بعد يوم من المداهمة الليلية
واتفق مع شركة بروكفيلد في منع اقامة الخيام والنوم في المتنزه
واعتبرها قيودا ضرورية للحفاظ على نظافة ونظام المتنزه. وقال ليفاين ان
الاعتصام هو شكل من اشكال حرية التعبير لكنه صرح بأن المحتجين لا
يريدون العودة الى المتنزه بخيامهم وانهم اسقطوا الدعوى. |