نووي الإيراني... مخاوف تنبع من باطن الأرض!

عبدالأمير رويح

 

شبكة النبأ: ملف ايران النووي نقطة الحوار الساخنة والمتجددة التي اسهمت بازدياد حدة التوتر في منطقة الخليج، لا يزال محط اهتمام ودراسة من قبل الجميع لما له من تأثير سلبي على امن واستقرار المنطقة، بسبب المخاوف الامريكية والإسرائيلية المعلنة والرافضة لامتلاك ايران لمثل هذا البرنامج، والذي يعتبر من وجهة نظر هاتين الدولتين كارثة تهدد الأمن والاستقرار العالمي، الامر الذي تنفيه ايران وتؤكد ان برنامجها هو برنامج سلمي وانها لا تسعى لاستخدامه في تصنيع اسلحة نووية، هذه التأكيدات دائما ما تواجه بتشكيك امريكي والتي ازدادت في الآونة الاخيرة بعد نقل ايران انشطتها الخاصة بتخصيب اليورانيوم الى مواقع جديدة تحت الارض، فقد ذكرت مصادر دبلوماسية انه من المعتقد توسع ايران انشطة تخصيب اليورانيوم في عمق أحد الجبال في خطوة من المرجح ان تزيد التوترات مع القوى الغربية التي تشتبه في ان طهران تسعى للحصول على قدرات اسلحة نووية. وتبرز خطوة زيادة الانشطة النووية الحساسة في موقع فوردو تحت الارض قرب مدينة قم المقدسة حتى وان كانت متوقعة التحدي الذي تبديه الجمهورية الاسلامية في مواجهة الضغوط الغربية المكثفة للحد من مثل هذه الانشطة. وأكدت ايران في وقت سابق انها بدأت في تخصيب اليورانيوم بتركيز انشطاري 20 في المئة في موقع فوردو لتنقل بذلك انشطة تخصيب اليورانيوم لمستويات نقاء أعلى من موقع فوق الارض وذلك بهدف توفير حماية افضل لها من اي هجمات تشنها اسرائيل أو الولايات المتحدة. وانتقدت واشنطن التي لم تستبعد القيام بعمل عسكري ضد ايران اذا باءت الجهود الدبلوماسية بالفشل لحل الازمة النووية القائمة منذ فترة طويلة بدء العمل في محطة فوردو ووصفته بانه تصعيد اضافي "للانتهاكات المستمرة" من قبل ايران لقرارات الامم المتحدة.

وقال دبلوماسيون إن إيران تقوم بتشغيل مجموعتين من اجهزة الطرد المركزي تحتوي كل واحدة على 174 جهازا لزيادة نسبة النظائر الانشطارية. وقالوا انه يجري تركيب المزيد من الاجهزة في الموقع. ويمكن استخدام اليورانيوم المخصب في الاغراض المدنية والعسكرية.

وقال دبلوماسي يقيم في فيينا انه تم ايضا تركيب مجموعتين اضافيتين من اجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم وانهما تتصلان بعضهما ببعض مثل المجموعة الاولى لزيادة كفاءة العمل.

وأضاف الدبلوماسي "بدأ تشغيل مجموعة الاجهزة الثانية... معلوماتي تفيد بانهما تعملان ولا توجد اي مشكلات." وأعطى دبلوماسي اخر معتمد لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية تصورا لتوسيع انشطة تخصيب اليورانيوم في موقع فوردو دون ذكر اي تفاصيل. بحسب رويترز.

وقالت ايران العام الماضي انها ستنقل انشطة تخصيب اليورانيوم لمستويات نقاء أعلى الى فوردو من محطة نطنز الرئيسية وتعزز قدراتها بشكل كبير. وقد يؤدي قرار نقل الانشطة-التي طالب مجلس الامن بتعليقها- لمنشآة تحت الارض الى زيادة تعقيد الجهود الدبلوماسية الرامية لحل الازمة سلميا.

وتقول الولايات المتحدة وحلفاؤها ان ايران تحاول اكتساب القدرات التي تمكنها من صنع قنابل نووية لكن طهران تصر على ان برنامجها النووي يهدف الى توليد الكهرباء والنظائر المشعة للعلاج الطبي. وقال البيت الابيض ان الرئيس الامريكي باراك اوباما شدد العقوبات على ايران حيث استهدف البنك المركزي ومنح البنوك الامريكية سلطات جديدة لتجميد الاموال المرتبطة بالحكومة.

وبدأت ايران قبل عامين تخصيب اليورانيوم بتركيز انشطاري 20 في المئة في نطنز وهي نسبة اكبر كثيرا من نسبة 3.5 في المئة المطلوبة عادة لتشغيل محطات الطاقة النووية. وتقول طهران انها ستستخدم اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة لتحويله الى وقود لمفاعل ابحاث ينتج النظائر المشعة لعلاج مرضى السرطان لكن المسؤولين الغربيين يشككون في ان يكون لدى ايران القدرة التقنية للقيام بذلك. ويقولون ايضا ان سعة منشآة فوردو التي يصل الحد الاقصى لها الى 3000 جهاز طرد مركزي اصغر من ان تتمكن من انتاج الوقود اللازم لمحطات الطاقة النووية لكنها تعد مثالية لإنتاج كميات اصغر من اليورانيوم عالي التخصيب الملائم لبرنامج اسلحة نووية. ويتطلب انتاج قنابل نووية يورانيوم مخصب بنسبة 90 في المئة لكن الخبراء الغربيين يقولون ان الكثير من الجهد المطلوب لبلوغ ذلك تحقق بالفعل فور بلوغ نسبة نقاء 20 في المئة مما يقلص الوقت اللازم للبدء في انتاج اي اسلحة نووية. وتباينت تقديراتهم للوقت الذي يمكن لايران من خلاله تصنيع سلاح نووي وتراوح ذلك من ستة اشهر الى عام أو اكثر.

ويعتقد مسؤولون غربيون ان ايران لم تقرر بعد ما اذا كانت ستخصب اليورانيوم لمستوى صنع اسلحة لكنها تسعى فحسب لترسيخ القدرة الصناعية والعلمية لعمل ذلك اذا تطلب الامر من اجل حالات الطواريء العسكرية والامنية. ولم تكشف ايران عن موقع فوردو للوكالة الدولية للطاقة الذرية الا في سبتمبر ايلول عام 2009 بعد ان تبين لها ان اجهزة مخابرات غربية تمكنت من رصده.

القنابل الاميركية عاجزة

في السياق ذاته ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال السبت ان الجيش الاميركي يعتبر ان اقوى قنابله المضادة للمواقع المحصنة لا تستطيع تدمير المواقع تحت الارض الاكثر تحصينا في ايران والتي يشتبه بانها تؤوي انشطة تهدف الى انتاج السلاح النووي. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين اميركيين رفضوا كشف هوياتهم ان الجيش يكثف جهوده بغية تصنيع قنابل ذات قوة تدميرية اكبر. واوضحت ان القنابل المضادة للمواقع المحصنة التي يملكها الجيش الاميركي تم تصنيعها خصوصا لتدمير بعض المواقع الايرانية والكورية الشمالية. لكنها تداركت ان القنابل المذكورة في وضعها الراهن لن تكون قادرة على تدمير بعض المواقع الايرانية، اما لانها تحت الارض واما لانها زودت تحصينات اضافية. وفي هذا السياق، طلب البنتاغون من الكونغرس اموالا اضافية لتحسين قدرة هذه القنابل على اختراق الصخور والاسمنت والفولاذ قبل انفجارها، بحسب المصدر نفسه. وتابعت الصحيفة ان وزارة الدفاع انفقت حتى الان 330 مليون دولار للتزود بهذه القنابل وتسعى الى الحصول على 82 مليون دولار اضافية لجعلها اكثر فاعلية. بحسب فرنس برس.

وفي تقرير نشر في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، اعربت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن "قلق كبير" حيال البرنامج النووي الايراني، ما عزز مخاوف الدول الغربية بازاء البعد العسكري لهذا البرنامج. لكن نشر هذا التقرير وازدياد الضغط الدولي لم يثنيا ايران عن بدء انتاج اليورانيوم المخصب حتى نسبة عشرين في المئة في موقع فوردو المحصن.

واكد وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا ان الايرانيين سيحتاجون "حوالى عام" لانتاج ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصنع قنبلة ذرية اذا ما قرروا التزود بالسلاح النووي، مشيرا الى ان واشنطن ستقوم "بكل ما يلزم" لمنع ذلك. وقال بانيتا "الاجماع الذي تم التوصل اليه هو انه في حال قرروا القيام بذلك فانهم سيحتاجون على الارجح الى حوالى عام للتمكن من انتاج قنبلة وبعدها عام او اثنين لتجهيزها على شكل سلاح" كصاروخ على سبيل المثال. وجدد بانيتا التاكيد على ان " الرئيس كان واضحا في هذه النقطة، لا نريد ان تطور ايران سلاحا ذريا. هذا خط احمر بالنسبة الينا، وللاسرائيليين ايضا كما هو واضح، اذا فاننا نتقاسم هدفا مشتركا في هذا النجال". وفي وقد اكد الرئيس باراك اوباما تصميم واشنطن على "منع ايران من التزود بالسلاح النووي" الا انه اشار الى ان ايجاد "حل سلمي لهذه المسالة لا يزال ممكنا". بحسب فرنس برس.

وبشأن تدخل عسكري محتمل، لم يتحدث بانيتا بشكل واضح عن ضربات، مكتفيا بالتاكيد ان "كل الاحتمالات واردة". واضاف "اذا ما تعين علينا القيام بذلك سنفعل". واعتبرت وكالات الاستخبارات الاميركية ال16 في تقرير انجز مطلع العام 2011 يمثل الاجماع الذي توصلوا اليه، ان القادة الايرانيين منقسمون حول مسالة التزود بأسلحة نووية او عدمه، ولم يتخذوا حتى هذه المرحلة القرار بتصنيع سلاح ذري على رغم استمرارهم في برنامجهم النووي المثير للجدل.

كما اعلن رئيس الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية افيف كوخافي ان ايران تملك كميات من المواد الاشعاعية تكفي لانتاج اربع قنابل ذرية.ىواوضح الجنرال كوخافي "اليوم اجهزة الاستخبارات الدولية متفقة مع اسرائيل على ان ايران جمعت مئة كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%، اي ما يكفي لصنع اربع قنابل". وقال الجنرال في مؤتمر هرتزليا الدولي حول الامن قرب تل ابيب ان "ايران تواصل حثيثا جهودها لتطوير قدراتها النووية ولدينا ادلة تثبت ان الايرانيين يحاولون الحصول على اسلحة نووية". واضاف "نقدر انهم بحاجة الى سنة من يوم اعطاء الامر بانتاج اسلحة". وتتهم اسرائيل ايران التي تعتبرها عدوتها الاستراتيجية، بالسعي الى حيازة السلاح الذري تحت غطاء برنامج مدني لكن طهران تنفي. ويقول خبراء دوليون ان اسرائيل تملك ترسانة نووية كبيرة تضم ما بين مئة و300 راس لكنها لا تعترف بذلك ولم تؤكد او تنفي هذه المعلومات. بحسب فرنس برس.

وفي المؤتمر الصحافي نفسه لفت وزير الشؤون الاستراتيجية الاسرائيلي موشيه يعالون الى ان المنشآت النووية الايرانية وحتى تلك الموجودة تحت الارض ضعيفة امام الهجمات. وقال القائد السابق للجيش الاسرائيلي "بحسب تجربتي العسكرية فان اي موقع يحميه بشر يمكن ان يخترقه بشر". واكد الوزير كذلك ان القاعدة العسكرية قرب طهران التي دمرت بالكامل تقريبا نتيجة انفجار عنيف في تشرين الثاني/نوفمبر كانت مركزا للابحاث والتطوير لصاروخ بمدى 10 الاف كلم هدفه "ضرب امريكا". وافاد رئيس الاركان الايراني الجنرال حسن فيروز ابادي ان موقع الانفجار كان مركزا لاعمال تطوير "منتج تجريبي" عسكري يمكن استخدامه ضد الولايات المتحدة او اسرائيل.

من جهة اخرى اعلن الجنرال كوخافي ان اسرائيل مهددة "بنحو 200 الف قذيفة وصاروخ يبلغ مدى معظمها اربعين كلم وعدة الاف يبلغ مداها مئات الكيلومترات". وقال ان هذه الصواريخ تشكل "بعدا استراتيجيا يجب على الجيش الاسرائيلي ان ياخذه في الاعتبار لانها انطلاقا من لبنان وسوريا وبطبيعة الحال من ايران، قد تضرب في قلب مدننا وكامل منطقة تل ابيب في متناولهم". وقال ان اجهزته تفيد ان "منزلا من اصل عشرة في لبنان يعد منشأة لتخزين صواريخ او قذائف او منصة لاطلاق تلك الصواريخ التي تزداد دقة وقدرة على التدمير". واوضح ان "الشرق الاوسط اصبح اكبر ترسانة في العالم والتيار الجهادي الدولي يغتنم فرصة فوران العالم العربي للتسلل الى سوريا وسيناء وغيرهما".ل

مسودة تقرير

الى جانب ذلك ذكرت مسودة تقرير معهد العلوم والامن الدولي ان من غير المرجح أن تسعى ايران الى صنع سلاح نووي هذا العام لانها لا تملك بعد القدرة على انتاج ما يكفي من اليورانيوم المستخدم في صنع الاسلحة. ويمثل التقرير الذي أعده المعهد الذي أسسه الخبير النووي ديفيد أولبرايت رأيا أكثر اعتدالا عن البرنامج النووي الايراني من الخطاب المتشدد الذي ظهر منذ ان كثفت الولايات المتحدة وحلفاؤها العقوبات على طهران. وجاء في التقرير "من غير المرجح أن تقدم ايران على صنع أسلحة نووية ما دامت القدرة على تخصيب اليورانيوم محدودة كما هي اليوم." بحسب رويترز.

وجاء في تقرير معهد العلوم والامن الدولي "من غير المرجح أن تنطلق ايران في 2012. والسبب الرئيسي في ذلك أن هناك رادعا يمنعها من ذلك." وأضاف أن العقوبات والخوف من توجيه اسرائيل ضربة عسكرية للمنشات النووية الايرانية ردعا طهران. وقدم المعهد المشورة للولايات المتحدة والحكومات الامريكية بشأن القدرات النووية الايرانية ويعتبر أولبرايت خبيرا كبيرا في هذا المجال. ويقترب التقرير من الموقف الرسمي المعلن لتقييم الحكومة الامريكية.

وتخوض الولايات المتحدة وايران حربا شفهية بسبب العقوبات وتهدد ايران بالانتقام باغلاق مضيق هرمز بينما قالت الولايات المتحدة انها لن تسمح بذلك. وأدى هذا التصعيد في الخطاب والتوترات الى مخاوف بشأن خطوات محتملة غير محسوبة بين الطرفين ربما تتحول لمواجهة عسكرية لا يريدها أي منهما.

ويقول مسؤولون أمريكيون ان ايران لم تتخذ بعد قرار صنع سلاح نووي وان الزعماء الايرانيين لم يتخذوا قرارا لان عليهم ان يوازنوا بين تكلفة صنع سلاح نووي ومزاياه. كما قال مسؤولون أمريكيون ان الاستخدامات المدنية تمثل الجزء الاكبر من البرنامج النووي الايراني لكن الايرانيين يتركون خياراتهم مفتوحة مما يزيد من أجواء الغموض. وشكك بعض المحللين المحافظين والاسرائيليين في هذا النوع من التقييم مصرين على أن الجهود النووية لايران متقدمة بما يكفي لدرجة تسمح لها بصنع سلاح خلال عام أو أقل. لكن تقرير المعهد قال "على الرغم من أن ايران منخرطة في الانشطة النووية فلم تظهر أدلة على أن النظام قرر صنع أسلحة نووية."

وجاء في التقرير "ربما من غير المرجح اتخاذ هذا القرار قبل أن تكون ايران قادرة أولا على تعزيز قدرتها على التخصيب لدرجة تتولد معها القدرة على انتاج يورانيوم لدرجة تستخدم في صنع الاسلحة بسرعة وبشكل سري."

وأضاف أنه على الرغم من التقرير الذي أصدرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للامم المتحدة في نوفمبر تشرين الثاني الماضي الذي يزعم أن ايران أحرزت تقدما كبيرا في مجال صنع الاسلحة النووية فان "التحدي الرئيسي ما زال هو التوصل الى قدرة امنة لانتاج ما يكفي من اليورانيوم بدرجة تستخدم في صنع الاسلحة.. وأن يكون ذلك على الارجح لعدد من الاسلحة النووية على الاقل."

واختلف بعض مسؤولي مخابرات أوروبيين مع تقييم للمخابرات الوطنية الامريكية نشر في 2007 وقال ان ايران توقفت عن العمل في برنامج أطلقته في وقت سابق لتصميم وصنع قنبلة.

ويقول الاوروبيون ان ايران لم تتوقف قط عن البحث وعن جهود التطوير العلمي التي يمكن ان تكون متعلقة بصنع قنبلة. وتصاعدت التوترات بعد أن أعلنت ايران في وقت سابق أنها بدأت تخصيب اليورانيوم داخل منشأة فوردو تحت الارض قرب مدينة قم المقدسة. وكانت الولايات المتحدة هي التي كشفت عام 2009 عن وجود هذه المنشأة التي أقيمت سرا.

كما يقول تقرير المعهد ان من الخيارات المحتملة لوقف البرنامج النووي هو شن هجوم عسكري يستهدف البرنامج لكن من غير المرجح ان يحقق ذلك النجاح المنشود. ومضى التقرير يقول ان هناك خيارات عسكرية محدودة أخرى مثل شن ضربات جوية على المنشات النووية "يجري الترويج لها بشكل مبالغ في قدرتها على انهاء أو حتى تعطيل البرنامج النووي الايراني بصورة كبيرة." وتابع أن حملات القصف المحدودة "من غير المرجح أن تدمر القدرة الرئيسية لايران" على انتاج يورانيوم يستخدم في صنع الاسلحة النووية. وأردف المعهد في تقريره قائلا ان ايران اتخذت اجراءات احترازية من خلال توزيع أجهزة الطرد المركزي التي تستخدمها في التخصيب على مواقع عديدة وأتقنت عملية بناء أجهزة الطرد المركزي وخزنت على الارجح أجهزة طرد مركزي اضافية.

وقال المعهد ان حملة قصف لا تسفر عن القضاء التام على تلك القدرات ستجعل ايران "قادرة على اعادة بناء" برنامجها النووي سريعا بل وتحفزها لوضع برنامج سريع لصنع قنبلة مما سيجعل المنطقة اكثر خطورة وأقل استقرارا. وأضاف التقرير أن العمليات المخابراتية السرية التي تهدف الى رصد الانشطة النووية الايرانية السرية بما في ذلك بناء المواقع الجديدة تحت الارض "مهمة للغاية". ومن الوسائل المعروفة التي تستخدمها أجهزة المخابرات تجنيد عملاء سريين وعمليات التجسس الالكتروني والمراقبة الجوية بالاقمار الصناعية والطائرات بلا طيار وزرع أجهزة تنصت في معدات تشتريها ايران من أطراف أجنبية. ويقول التقرير ان من "الاساليب الاخرى المعروفة" التي تلجأ أليها أجهزة المخابرات الغربية مع ايران اختراق الشبكات الايرانية التي تهرب المعدات المرتبطة بالنشاط النووي وتزويدها بخطط أو عناصر معيبة أو تم تخريبها.

ويقول التقرير ان هذه التكتيكات ساعدت الغرب على الكشف عن موقع نووي ايراني سري واحد على الاقل وأدت الى تعطل أجهزة الطرد المركزي كما جاء في تصريحات رسمية ايرانية. وأوضح التقرير أن وسائل عنيفة سرية أخرى مستخدمة خاصة اغتيال العلماء النوويين والمهندسين الايرانيين "لها عيوب وتداعيات خطيرة" مثل الاحتمال الكبير في انتقام ايران من خلال شن هجمات عن طريق جماعات تدعمها والتي يمكن أن توجه للاهداف المدنية. ونفت الولايات المتحدة تماما تورطها في الاغتيالات. وورد في التقرير أنه بما أن الاف الاخصائيين يشاركون في البرنامج النووي الايراني فمن غير المرجح أن تكون الاغتيالات فعالة في ابطائها. كما حذر من أن ايران يمكن أن تعتبر الاغتيالات ممارسات حرب وتستغلها في تبرير أي رد تقوم به.

عقوبات غير مؤثرة

من جهتها كررت ايران ان العقوبات الغربية لن تؤثر في عزمها على مواصلة برنامجها النووي، وذلك غداة تشديد واشنطن هذه العقوبات. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية رامين مهمنبراست الذي سئل خلال مؤتمر صحفي عن العقوبات الاميركية ، "لا يمكن ان يكون للعقوبات اي تأثير في عزم الشعب الايراني على تأكيد حقوقه" على الصعيد النووي. واضاف "لا يحق لأي بلد، لأي قوة عظمى ان تحرم الامة الايرانية حقوقها"، مشيرا الى ان العقوبات "مبنية على حسابات خاطئة لن تعطي المسؤولين الغربيين والاميركيين اي نتيجة". وتقضي العقوبات الجديدة التي وردت في مرسوم وقعه الرئيس باراك اوباما الاحد بتجميد جميع املاك ومصالح الحكومة الايرانية والبنك المركزي الايراني وجميع المؤسسات المالية الايرانية في الولايات المتحدة. وكانت العقوبات السابقة تطلب من المؤسسات الاميركية رفض هذه المعاملات وليس تجميدها. وينص المرسوم الذي يستهدف تحديدا القطاع المالي الايراني وخصوصا البنك المركزي و"اي مؤسسة مالية" في البلاد، على تنفيذ عقوبات مدرجة في قانون تمويل البنتاغون الذي اصدره اوباما في 31 كانون الاول/ديسمبر. وقد تبنى الاتحاد الاوروبي تدابير مماثلة اواخر كانون الثاني/يناير. بحسب فرنس برس.

واعتبرت وزارة الخزانة الاميركية ا انه "بات يتعين على ايران مواجهة مستوى غير مسبوق من الضغط بسبب العقوبات التي تزداد تشدددا والتي تطبقها الولايات المتحدة وعدد كبير من البلدان الاخرى في العالم". ودائما ما اكد المسؤولون الايرانيون ان طهران "لن تتراجع قيد انملة" في مواجهة العقوبات الدولية ضد برنامجها النووي.

في سياق ذاته قال دبلوماسيون غربيون إن تملص إيران من السماح لمفتشي الامم المتحدة بزيارة موقع عسكري قرب طهران يكشف مدى صعوبة المهمة التي يواجهونها لاقناع طهران بالعمل على تبديد الشكوك بشأن سعيها لصنع اسلحة نووية. وأضاف الدبلوماسيون ان مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للامم المتحدة طلبوا دخول مجمع بارشين خلال في العاصمة الايرانية لكن ايران لم تبد حتى الان اي بادرة على السماح بهذه الزيارة. ومن المقرر اجراء جولة ثانية من المحادثات في وقت لاحق هذا الشهر. وتعرضت الوكالة الدولية للطاقة الذرية لموقع بارشين في تقريرها المفصل الذي اصدرته في نوفمبر تشرين الثاني مما دعم المخاوف الغربية من ان انشطة ايران النووية ربما تكون لها صفة عسكرية وهو اتهام ينفيه المسؤولون الايرانيون.

ولم تذكر الوكالة ما اذا كانت هذه القضية اثيرت خلال المناقشات التي جرت بين 29 و31 يناير كانون الثاني في العاصمة الايرانية والتي استهدفت استيضاح الوضع بالنسبة لاعمال عسكرية لها صلة بالنشاط النووي لكن دبلوماسيين في الوكالة قالوا ان المحادثات تطرقت الى هذا الامر. بحسب رويترز.

وقال مصدر دبلوماسي ان الفريق الرفيع التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية طلب "الدخول الى بارشين وهو ما لم توافق عليه ايران." واشار المصدر واخرون الى ان ايران تجاهلت الطلب بدلا من رفضه بشكل صريح خلال الاجتماعات مع وفد الوكالة الذي ترأسه نائب المدير العام للوكالة هرمان ناكيرتس. وقال مبعوث اخر "طلبوا زيارة موقع محدد ولم يتلقوا اي اجابة."

وكشف التقرير الذي نشرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن معلومات سرية اعتبرتها الوكالة ذات مصداقية تشير الى قيام ايران بابحاث لها صلة بتطوير وسائل وتقنيات لازمة لصنع اسلحة نووية. كان احد الاستنتاجات الرئيسية معلومات مخابرات تفيد بأن ايران أنشأت وعاء ضخما للمتفجرات في بارشين جنوب شرقي طهران لاجراء تجارب تفجير هائلة قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية انها "مؤشرات قوية على تطوير سلاح محتمل."

جنوب افريقيا تنفي

من جانبها نفت جنوب افريقيا أنها تعرضت لضغط من مجموعة (ام.تي.ان) ومقرها جوهانسبرج لدعم برنامج ايران النووي ومساعدة الجيش الايراني أثناء سعي المجموعة للحصول على رخصة تليفونات محمولة في ايران. وقال كلايسون مونيلا وهو متحدث باسم وزارة الخارجية في جنوب افريقيا "السياسة الخارجية لجنوب افريقيا مستقلة ولا يمكنها أن تتأثر بأحد." وتحجم جنوب افريقيا عن الانضمام الى دول غربية في فرض عقوبات على ايران لكنها لم تصل الى حد دعم طهران بشكل معلن. وقالت شركة (ام.تي.ان) وهي أكبر شركة للتليفونات المحمولة في افريقيا انها قد تواجه دعوى قضائية أمام محكمة أمريكية رفعتها شركة تركسيل التركية المنافسة بسبب رخصتها في ايران. وقالت المجموعة ان تركسيل ستقول ان مجموعة (ام.تي.ان) شجعت جنوب افريقيا على اتخاذ موقف مؤيد لبرنامج ايران النووي. وأضافت المجموعة أن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة لكن أسهمها انخفضت 3.7 في المئة مما يعكس قلق المستثمرين من عملياتها في ايران والتي تمثل قرابة عشرة في المئة من اجمالي عوائد الشركة. وقالت مجموعة (ام.تي.ان) ان شركة تركسيل التركية ستتهمها أيضا بتوجيه طلب لبريتوريا بتزويد ايران بالمعدات العسكرية ودفع رشى لمسؤولين في الحكومتين في سبيل فوز الشركة بالرخصة. وسعت تركسيل دون جدوى للفوز بالرخصة التي منحت في وقت لاحق لشركة ايرانسيل التي تملك (ام.تي.ان) نسبة 49 في المئة فيها. ولم يتسن الحصول على تعليق من مسؤولين في تركسيل. بحسب رويترز.

وقيمة مجموعة (ام.تي.ان) 33 مليار دولار وهي واحدة من أشهر الشركات في جنوب افريقيا ولها أعمال في 21 دولة في افريقيا والشرق الاوسط كما أن لها 32 مليون مشترك في ايران.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 11/شباط/2012 - 18/ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م