تهريب الأموال في العراق وغيره... أرقام بلون الأخضر الأمريكي!

متابعة: حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: منذ فترة ليست بالقليلة يشهد الدولار تصاعدا ملحوظا في سعر صرفه امام الدينار العراقي مما يؤدي الى ارتفاع اسعار البضائع المستوردة التي تشكل عبئا جديدا مضافا الى اعباء النفقات اليومية للعراقيين.

يضاف الى ذلك ارتفاع معدلات التضخم الناتجة عن هذا الصعود مما ينعكس بدوره سلبا على مجمل النشاط الاقتصادي للعراق الذي تترتب على ميزانيته الكثير من اوجه الانفاق لدولة خارجة من ركام الخراب والحروب السابقة.

احد اسباب عدم استقرار صرف الدينار العراقي امام الدولار هو عمليات التهريب للعملة الصعبة سواء لمكاسب شخصية او لمكاسب اقليمية، بعد دخول عمليات تطبيق العقوبات على ايران وسوريا حيز التفعيل وتدهور العملات المحلية في تلك الدولة مقابل صرفها امام الدولار ونقصان ارصدتها من العملة الصعبة.

وقد أكد خبراء اقتصاديون وجود حالات لتهريب الأموال نتيجة عدم السيطرة على الاقتصاد بصورة تامة بالاضافة الى الفهم الخاطئ لبعض السياسيين عن موضوع اقتصاد السوق، فيما بين البنك المركزي احتمالية وجود عمليات بسيطة لهذه الظاهرة لافتاً إلى فرضه إجراءات تعمل على الحد منها.

يتم التهريب عادة عن طريق الحوالات البنكية عبر البنك المركزي العراقي بدواعي الاستيراد او التعاقدات العديدة التي يقوم بها الافراد او الشركات او المؤسسات، وهذا التهريب ناتج من عدم السيطرة على الاقتصاد بشكل عام على اعتبار ان مفهوم اقتصاد السوق بالنسبة للسياسيين خاطئ فهم يتصورون أن ذلك يعني الحرية الكاملة للتصرف بالأموال وبالإمكانيات الاقتصادية.

وتهريب الأموال إلى الخارج دليل على ضعف الاقتصاد وعدم التمكن من السيطرة..ان بعض الأموال تهرب بطريقة رسمية وأخرى غير رسمية بالاضافة الى عدم السيطرة على تحويل الأموال التي تجري خارج المصارف الحكومية.

في العراق يعتبر وجود الفساد المالي والإداري من ابرز الأسباب التي تساعد على تهريب الأموال وهناك من يدافع عن عملية تهريب الأموال وغسيلها. ويعد الفساد المالي وسرقة المال العام وتنامي الثروات بشكل غير طبيعي احد أسباب عمليات تهريب الأموال التي تنامت وانتشرت خلال السنوات الأخيرة.

البنك المركزي العراقي قلل من عمليات تهريب الاموال رغم اعترافه بوجودها فهو يراقب ويتابع جميع مصادر الأموال ووجهتها. وتهريب رؤوس الأموال تصنف على أنها عملية غسيل أموال إذا كانت متهربة من الضرائب، وهي تختلف عن عملية غسيل الأموال كون الأخيرة ناتجة عن جرائم وتجارة مخدرات.

يرى مراقبون أن ظاهرة غسيل الأموال في العراق تنامت في ظل عدم وجود قطاع مصرفي متكامل يحكم التداولات المالية بين خارج وداخل العراق من جهة، وبين الأسواق داخل البلاد من جهة أخرى. وقالت اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب:أن السيطرة على عملية تهريب وغسيل الأموال تتطلب جهداً إضافيا في العراق إذا ما قورن في الدول المستقرة والمتطورة علمياً.

ولا يقتصر تهريب الاموال على العراق فقط بل انه يشمل الكثير من الدول التي تعاني من الاضطرابات او عدم الاستقرار السياسي او تعيش تحولات سياسية كبيرة.. ففي المغرب مثلا كان تقرير مركز سلامة النظام المالي المتخصص في تتبع ومراقبة حركة تهريب وتبييض الأموال عبر العالم، الصادر عن سنة 2010، من بين احد التقارير التي كشفت المستور المغربي، حيث ورد فيه أن متوسط الأموال المهربة سنويا من المغرب يقدر بقرابة ملياري دولار (1.7 مليار)، مع التنبيه إلى أن هذا الرقم لا يتضمن الرشاوى المدفوعة من طرف الشركات الأجنبية لجهات مغربية للحصول على صفقات عمومية أو الأموال الناتجة عن الغش في الفواتير في ميدان المبادلات الخارجية، كما لا يتضمن تحويل أرباح المقاولات الأجنبية العاملة في المغرب. 

وقدر نفس المركز مجموع ما تم تهريبه من أموال من المغرب في الفترة الممتدة من 2000 إلى 2008 بقرابة 13,6 مليار دولار، عدا الرشاوى وعمليات التدليس وتهريب المخدرات وأعمال أخرى، ولذلك وضع المغرب في صدارة دول القارة الإفريقية من حيث التصدير غير الشرعي للأموال إلى الخارج.

اما عن مصر فقد تم وضعها في المرتبة الثانية في قائمة أسوأ خمس دول أفريقية من حيث تهريب الأموال بحسب تقرير أمريكي مستقل صدر حديثا.. كما تصدرت المغرب والجزائر التقرير الصادر عن هيئة (السلامة المالية العالمية) (جلوبال فاينانشال إنتيجريتيي) الأمريكية غير الحكومية.

وكشف التقرير، عن أن حجم الأموال التي تم تهريبها للخارج من أربع دول أفريقية، خلال العقود الأربعة الماضية، فاق 210 مليارات دولار، وأكثر من نصفها تم تهريبه من ثلاث دول عربية.

وقال التقرير الأمريكي: إن تهريب السلع والرشوة وغسيل الأموال وهشاشة الأنظمة المصرفية، تشكل الثغرات التي تتسبب في نزيف مالي للدول الأفريقية. وسلط التقرير الأضواء أيضا علي دور بنوك الدول المتقدمة في عمليات تهريب الأموال من دول القارة السمراء الأكثر فقرا في العالم.

وقال التقرير: إن القارة السمراء فقدت في الفترة بين 1970 و2008 نحو 854 مليار دولار، وتأتي نيجيريا في المرتبة الأولي بـ 89.5 مليار دولار وتليها مصر بـ 70.5 مليار دولار، ليكون هذان البلدان بالإضافة إلي المغرب والجزائر من أسوأ الدول الأفريقية من حيث تهريب الأموال، وبلغ حجم الأموال المهربة من الجزائر 25.7 مليار دولار ومن المغرب 25 مليار دولار، خلال الفترة نفسها.

وكشف التقرير أن حجم الأموال المهربة يفوق حجم المساعدات المالية المرصودة لتنمية القارة السمراء بل يفوق أيضا حجم مديونية القارة، كما أشار التقرير إلي أن الفرد الواحد في أفريقيا يفقد سنويا قرابة 989 دولاراً منذ سنة 1970، وأن الأموال المهربة سنة 2008 زادت علي إجمالي الناتج المحلي للقارة بـ7 بالمائة.

ومن بين النقاط التي خلص إليها التقرير، أن الأنظمة البنكية تخترقها اختلالات تساعد علي تهريب الأموال، ويخشي واضعو التقرير أن تستغل بعض المؤسسات المصرفية أوضاع الأزمة المالية العالمية لعدم كشف أرقام معاملاتها الحقيقية، رغم الانتقادات التي وجهت للمصارف ومسئوليتها في هذه الأزمة، فقد انتقد التقرير مسألة تلاعب المصارف بأرقام معاملاتها كما حمل المسئولية لمؤسسات المراقبة المالية كالبنوك المركزية وصندوق النقد الدولي.

وفي اليمن تضاعف تهريب الاموال خلال أشهر الثورة الشعبية منذ فبراير/شباط الماضي.. وتشير بعض التقارير إلى أن الأرصدة التي تمتلكها عائلة الرئيس صالح في الخارج تتراوح بين 40 و50 مليار دولار على شكل إيداعات استثمارية أو حيازات عقارية وأرصدة في مصارف أجنبية.

في سوريا التي تشهد اضطرابات منذ اشهر عديدة قالت صحيفة (فايننشال تايمز) إن الأموال تتدفق خارج سوريا جراء المخاوف من الوضع غير المستقر لاقتصادها، والذي دفع السوريين للبحث عن مكان أكثر أمناً لأصولهم.

وقالت الصحيفة إن رجل أعمال سورياً، لم تكشف عن هويته، أكد أن الأموال (يجري تهريبها عبر الحدود إلى لبنان كل يوم وكل ساعة)، فيما زعم رجل أعمال آخر أن المال السوري يتم إخفاؤه في السوق الرمادية القائمة منذ فترة طويلة بين البلدين.

واضافت أن تقارير تحدثت مؤخراً عن ضبط أموال سورية اثناء محاولة تهريبها عبر الحدود اللبنانية.

ونسبت الصحيفة إلى الاقتصادي السوري سمير سيفان المقيم في دبي قوله (إن الطبقات العليا والوسطى في سوريا نقلت ما بين ثلاثة وخمسة مليارات دولار خارج البلاد منذ اندلاع الأحداث، بسبب الضغوط على العملة السورية، وندرة فرص الاستثمار).

وأشارت الصحيفة إلى أن اللبنانيين يترددون في الحديث عن المال السوري، لكن صاحب مكتب صرافة في بيروت أكد أن مكتبه (يتعامل حالياً بما بين 400 و500 ألف ليرة سورية في اليوم، أي ما يعادل نحو 8 آلف و10 آلاف دولار، بالمقارنة مع 100 إلى 200 ألف ليرة سورية قبل الأزمة في سوريا).

 وذكرت الصحيفة أن محللين يقولون إن المبلغ الحقيقي الذي تحتاج إليه الحكومة للدفاع عن الليرة السورية وإبقائها على قيد الحياة اقتصادياً غير معروف، بسبب غياب الشفافية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 8/شباط/2012 - 15/ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م