السودان وجنوبه... مستقبل غامض وصراعات لا تنتهي

شبكة النبأ: لازالت الاوضاع الامنية المتقلبة في السودان تنذر بنشوب حرب أهلية جديدة في هذا البلد الذي عانى ولا زال يعاني الكثير من الازمات والخلافات، فقد تم إصدار عدد كبير من التقارير الأكاديمية وتحليلات مراكز الأبحاث عن السودان، خاصة في الأوقات التي تزايد فيها انعدام الأمن وخلال اللحظات السياسية الحاسمة. فبعد تقسيم البلاد إلى دولتين، أدى النزاع الحالي في المناطق الحدودية إلى ظهور العديد من تلك الوثائق. وما يلي هو أحدث حلقة من سلسلة تقارير غير دورية تعدها شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين). وتحذر مجموعة الأزمات الدولية من الخطر المتزايد للحرب على جبهات متعددة. "بعد نهاية إتفاقية السلام الشامل الموقعة في عام 2005، اختار المتشددون في حزب المؤتمر الوطني الحاكم الحل العسكري في مواجهة قوات المعارضة السودانية بدلاً من التفاوض معها، وهو ما يعد استجابة سياسية مألوفة. "ولكن ذلك يدفع الحركات المتمردة اليائسة في السودان وقوات المعارضة للانضمام لبعضها ويمكن أن يشعل حرباً أهلية على نطاق أوسع بغرض السيطرة على البلاد". وأفاد التقرير أنه لا يوجد إطار سياسي متماسك للتعامل مع العديد من التحديات المتبقية في السودان في فترة ما بعد توقيع إتفاقية السلام الشامل، والاهتمام الدولي منصب على حماية استفتاء الجنوب واستقلاله، بعد قلل من قيمة تأثير الانفصال على الشمال. "من المرجح أن يؤدي تجدد الحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق إلى حدوث تصعيد في دارفور، خاصة الآن بعد عودة زعيم حركة العدل والمساواة من ليبيا وانضمامه إلى القوات في دارفور".

ووفقاً لتقرير صادر عن جامعة هال الألمانية بعنوان أسباب نشوء الحروب المتكررة في السودان، فإن "تجدد النزاع المسلح في جبال النوبة في ولاية جنوب كردفان يدل على أن إتفاقية السلام الشامل لم تكن تسوية "نهائية" و"شاملة" للنزاعات السياسية المتكررة في شمال السودان، بل كانت بمثابة "هدنة" طويلة الأمد أو وقف لإطلاق النار بالنسبة لشمال السودان. "ولم يكن إطلاق النار الكثيف الذي وقع في كادوغلي عاصمة جنوب كردفان بداية لشيء جديد، بل كان بمثابة الذروة للعديد من عمليات العنف المترافقة التي اتخذت أشكالا مختلفة وحدثت على مستويات مختلفة خلال الفترة الانتقالية لإتفاقية السلام الشامل وقبلها، وشملت أحداثاً بعيدة ظاهرياً".

وعزا التقرير تجدد الحرب في السودان إلى الحركات السياسية المهيمنة التي تعمل بشكل عسكري في الأساس. وأفاد التقرير أنه "في المحصلة، سيكون التغيير الجذري في قواعد اللعبة هو المخرج الوحيد. فمنطق استمرار الحرب قد منع ظهور أصوات الجماعية والطرق الجديدة المطلوبة كبدائل سياسية للظلم وانعدام المساواة التاريخي. وفي الختام، فان العسكرة المستمرة للمجتمع ستواصل منع كسر الحلقة المفرغة للسلام الهش والحروب المتجددة".

وأشار تقرير صدر عن جامعة اوبسالا السويدية بعنوان "استمرار الأزمات - النزاعات الباقية في السودان" إلى أن "الفقر والتهميش الشديد للأطراف المقترن بسوء الإدارة هي الأسباب الرئيسية للنزاعات المتواصلة في السودان". وذكر التقرير أنه "نظراً لأن عدم المساواة الإقليمية قد عزز من الإحباط وخلق مرتعاً للتمرد، أصبحت هناك حاجة إلى اللامركزية،" مضيفاً أنه "يجب أن تتوقف الحكومة عن استخدام الميليشيات واستراتيجية فرق تسد من أجل تحقيق مستقبل أكثر إشراقاً في السودان". كما يوصي التقرير بأن يتم التعامل مع الأزمات المختلفة في نفس الوقت، لأن حتى الآن، أظهر المجتمع الدولي ضعفاً واضحاً في القدرة على التعامل مع الأقاليم السودانية المختلفة في آن واحد".

دعم الخصوم

في السياق ذاته يتهم كل من السودان وجنوب السودان بعضهما البعض بدعم خصومهما من حركات التمرد. وأشار تقرير مشروع مسح الأسلحة الصغيرة الصادر في شهر نوفمبر إلى وجود "أدلة ظرفية قوية على أن قوات بيتر غاديت وجورج آثور (من كبار قادة المتمردين في ولاية أعالي النيل) قد تلقت الدعم اللوجيستي والمادي، بما في ذلك الأسلحة الصغيرة والذخيرة، من الخرطوم وغيرها من المصادر الخارجية". كما أفاد التقرير أن منطقة أعالي النيل الكبرى المنتجة للبترول تشمل جونقلي والوحدة وأعالي النيل، حيث تزعم حركات التمرد المسلح أنها تسعى إلى إجراء تغييرات في الحكومة القائمة في جوبا أو الإطاحة بها. كما ذكر التقرير أن "منطقة أعالي النيل الكبرى تشكل معظم حدود جنوب السودان مع السودان، والأسلحة الصغيرة منتشرة في تلك المنطقة، على الرغم من الحملات العديدة لنزع سلاح المدنيين". وأضاف التقرير أنه "بينما تواجه جمهورية جنوب السودان تهديدات متعددة على طول حدودها مع السودان، فإنها أخفقت في احتواء تهديد المتمردين في نهاية المطاف". "وهذا المأزق الحالي يجعل الدولة الجديدة ضعيفة وغير مستقرة".

المطالبة بفرض عقوبات

من جهته أشار البرلمان البريطاني في الخطاب الموجه إلى وزير الخارجية البريطانية ويليام هيغ إلى أن "معدل الوفيات والمعاناة الناتجة عن الهجمات العسكرية الوحشية ضد الشعوب في جنوب كردفان والنيل الأزرق، ومنع التواصل مع المحققين الدوليين أو وسائل الإعلام، فضلاً عن رفض السماح لمنظمات الإغاثة بالوصول إلى ضحايا الهجمات العسكرية، وظهور تقارير عن انتهاكات حقوق الإنسان، التي تشمل الاعتقالات غير المبررة والتعذيب والتهديد بالإعدام، فيما يبدو تحتاج إلى استجابة أقوى من مواصلة الحوار. لقد ركزنا على أن يتم فرض عقوبات موجهة ضد قيادات حزب المؤتمر الوطني لأن ذلك من شانه أن يضغط على هؤلاء الذين يتمتعون حالياً بالسفر دون قيود إلى لندن، كما يتمتع الكثير منهم بتملك منازل هنا".

وأضاف الخطاب أنه "إذا لم يظهر أن الحكومة البريطانية تقوم باتخاذ بعض الإجراءات الفعالة بدلاً من الاستمرار في جعل الحوار هو الأولوية سيكون هناك خطر محقق بأن تعتقد الخرطوم أنها تستطيع تصعيد عدوانها والإفلات من العقاب، وهذا لن يؤدي فقط إلى عواقب إنسانية وخيمة، ولكنه سيؤثر أيضاً بشكل خطير على دولة جنوب السودان الجديدة الضعيفة، وسيعرض الاستقرار الجغرافي والسياسي في هذه المنطقة للخطر".

وحذر وزير خارجية جنوب السودان من أن جنوب وشمال السودان على "شفا الحرب" عقب القتال الذي دار بالقرب من منطقة جاو على طول الحدود بين جنوب كردفان وولاية الوحدة في جنوب السودان. وقد فر مئات اللاجئين من جنوب كردفان إلى ولاية الوحدة.

ويضع القتال الدائر في جنوب كردفان القوات المسلحة السودانية في مواجهة الحركة الشعبية لتحرير السودان - قطاع الشمال، علماً بأن الكثيرون في جنوب كردفان انحازوا إلى جنوب السودان خلال الحرب الأهلية. وذكر بيان صادر عن الكنيسة الأسقفية بالسودان أن "القنابل التي تتساقط تقتل وتشوه الكبار والصغار، والرجال والنساء، والمسلمين والمسيحيين دون تمييز. وباختصار أصبح المدنيون الأبرياء هدفاً، وأصبحت معاناتهم عملة سياسية". كما حث البيان حكومتي البلدين على اللجوء إلى المفاوضات.

وقد يزداد الصراع سوءاً. فقد وقعت مؤخراً الحركة الشعبية لتحرير السودان - قطاع الشمال، وحركة العدل والمساواة فضلاً عن اثنين من فصائل الحركة الشعبية لتحرير السودان إعلاناً رسمياً في كودا بجنوب كردفان لإنشاء الجبهة الثورية السودانية التي تهدف إلى الإطاحة بحزب المؤتمر الوطني باستخدام كافة الوسائل المتاحة، ومن أهمها الجمع بين العمل السياسي المدني والكفاح المسلح، وفقاً لبيان رسمي، كما ذكرت الرسالة الميدانية الصادرة عن مشروع كفى.

واستشهدت الرسالة بأقوال والي النيل الأزرق السابق مالك عقار، الذي استبدله حزب المؤتمر الوطني قبل سقوط كرمك في أيدي القوات المسلحة السودانية ، حيث ذكر أن "خسارة المعارك أمر طبيعي جداً في الحروب". "ومع ذلك، لم يخسر السودان الحرب بعد، على الرغم من أنه من الناحية السياسية يفتعل الرئيس السوداني عمر البشير الكثير من الضجيج حول ذلك. كان البشير قد أعلن أن الحركة الشعبية لتحرير السودان - قطاع الشمال قد ماتت، ولكن يمكنني أن أقول لكم أن هذه ليست نهاية الحركة وأنها لازالت على قيد الحياة وتحدث صخباً ملحوظاً".

السودان يرفض

 من جهة اخرى قالت وكالة الانباء السودانية الرسمية ان السودان يرفض فكرة اقامة ممرات آمنة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق اللتين تشهدان مواجهات بين الحكومة ومتمردي الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال، وسط تحذيرات اميركية من حصول مجاعة في المنطقتين المضطربتين. وقالت الوكالة ان "الحكومة السودانية ترفض اي خطة لأنشاء ممرات آمنة للإغاثة في جنوب كردفان دون مشاركة المنظمات الوطنية ومفوضية الشؤون الانسانية السودانية حتى تضمن ان الاغاثة لا تصل الى المقاتلين".

و قالت سفيرة الولايات المتحدة لدى مجلس الامن الدولي سوزان رايس ان "على مجلس الامن الدولي مراجعة خيارات تحرك اخرى لايصال الغذاء للناس في جنوب كردفان والنيل الازرق ان بدأت المجاعة". كما اتهمت رايس الحكومة السودانية بانها تنتهج سياسة متعمدة في منع منظمات الاغاثة من الوصول لمناطق القتال. وقالت "في ظل نقص الغذاء سيصبح الامر حرجا اذا لم نستطع ايصال الغذاء في اذار/مارس المقبل". بحسب فرنس برس.

ومنعت الحكومة السودانية منظمات الاغاثة الدولية من العمل في مناطق القتال بسبب مخاوف امنية. ونقلت الوكالة عن مفوض العون الانساني سليمان عبد الرحمن قوله "لدينا شكوك حول معلومات رايس ونريد من رايس ان تخبرنا من اين حصلت على هذه المعلومات حول الوضع الانساني في المناطق التي تسيطر عليها الحركة ومن قام بهذا المسح"

وتقاتل الحكومة في الولايتين متمردي الحركة الشعبية-شمال السودان الذين قاتلوا الى جانب جنوب السودان خلال الحرب الاهلية بين الشمال والجنوب التي انتهت بتوقيع اتفاق السلام الشامل في العام 2005.

أمريكا تخشى

في سياق متصل قال مسؤول أمريكي رفيع ان بلاده تخشى احتمال حدوث مجاعة واسعة النطاق في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق الحدوديتين المضطربتين وانها تضاعف الضغوط على الخرطوم لقبول مساعدات والا ستواجه عملية إغاثة دون موافقتها. وقال برينستون لايمان المبعوث الخاص لادارة الرئيس الامريكي باراك أوباما الى السودان للصحفيين "نواجه ضغطا كبيرا لبحث سبل نقل المساعدات عبر الحدود دون موافقتهم اذا لم يفتح الباب لدخول دولي."

وأشار لايمان الى تقارير خبراء جاء فيها أن الأزمة المتفاقمة التي أدت بالفعل الى نزوح مئات الالاف من السكان من ديارهم يمكن أن يتسع نطاقها ليصبح أكثر من ربع مليون شخص على حافة مجاعة بحلول شهر مارس اذار. وقال "قد تكون هذه كارثة كبيرة جدا." بحسب رويترز.

وقال السودان انه مستمر في عدم السماح الا بدخول محدود لوكالات الامم لمتحدة وجماعات الإغاثة في الولايتين الحدوديتين حيث تحارب القوات الحكومية متمردين منذ يونيو حزيران العام الماضي قبل قليل من اعلان جنوب السودان انفصاله في اطار اتفاقية سلام أبرمت عام 2005.

وتتاخم الولايتان حدود جنوب السودان ويعيش فيهما عشرات الالاف من المقاتلين الذين حاربوا الخرطوم ضمن صفوف جيش الجنوب خلال الحرب الأهلية. وتتهم الخرطوم جوبا بمساندة المتمردين لكن جنوب السودان ينفي ذلك.

وشدد لايمان على عدم صدور قرار بعد بخصوص ارسال مساعدات غذائية أمريكية وقال ان أي محاولة لتوصيل مساعدات دون موافقة الخرطوم ستواجه مخاطر. وقال "نعلم أن الحكومة ستعارض ذلك. اذا كنا نريد أن نفعل شيئا قبل مارس وبحث نقل مواد غذائية وما الى ذلك.. فالامر يستغرق وقتا طويلا.. لذا فان لم يحل اجتماع (الاتحاد الافريقي) هذه المشكلة بحلول نهاية يناير سنصبح في موقف خطير."

وقال الخبراء أيضا ان خيارات الولايات المتحدة ستكون محدودة اذا أصرت الخرطوم على الحظر الذي تفرضه على دخول المساعدات وعبروا عن مخاوفهم من احتمال أن ترد الخرطوم باستهداف عمليات الاغاثة الجارية في منطقة دارفور بغرب السودان. وقال محلل باحدى منظمات الاغاثة مشترطا عدم نشر اسمه لحساسية الموقف "عمليات الاسقاط الجوي غير قابلة للاستمرار لان نسبة التكلفة الى الحجم ستكون مرتفعة." وأضاف "ربما تكون لديهم فكرة عما يريدون أن يفعلوه ولا يطلعون عليها أحد. لكن المؤكد أن المنظمات غير الحكومية العاملة ليست لديها صورة واضحة عن الخطة."

وقال لايمان ان واشنطن تضغط أيضا بقوة لحث الخرطوم على تسوية خلاف مع جنوب السودان بخصوص النفط أوقفت بسببه الحكومة الجديدة في جوبا انتاج الخام لخلاف على اقتسام العائدات. وقال "أستطيع أن أتفهم الغضب ورد الفعل. لكني أخشى أنهم يكونوا يسيرون على حافة الهاوية

مصادرة نفط الجنوب

الى جانب ذلك قال جنوب السودان ان السودان يقوم بتحميل المزيد من نفط الجنوب من ميناء بورسودان على سفن تابعة للخرطوم في الوقت الذي يتنازع فيه البلدان بشأن تقاسم ايرادات النفط.واستقلت جمهورية جنوب السودان في يوليو تموز الماضي بمقتضى اتفاق سلام مع الخرطوم يعود لعام 2005 أنهى عقودا من الحرب الاهلية لكن التوترات بين الجانبين استمرت حول قائمة طويلة من الخلافات. وأكبر نقاط الخلاف هي ايرادات النفط شريان الحياة لاقتصاد كل من البلدين. ويستأثر جنوب السودان الذي ليس له منفذ بحري بثلثي اجمالي انتاج الدولة قبل التقسيم لكن عليه أن يدفع رسوما لاستخدام منشآت التصدير في الشمال. وقال السودان انه يصادر نفطا من جنوب السودان مقابل ما يصفها بأنها رسوم غير مسددة لاستخدام ميناء بورسودان وخط أنابيب لتصدير الخام الجنوبي. وقالت جوبا ان الخرطوم صادرت 650 ألف برميل من النفط في بورسودان. بحسب رويترز.

وقال باقان اموم كبير مفاوضي جنوب السودان ان الشركة المشغلة لخط الانابيب أبلغت جوبا أن الخرطوم قررت مصادرة 750 ألف برميل أخرى وذلك قبل محادثات جديدة مع السودان في أديس أبابا. وأضاف "تلقينا اخطارا ثالثا بأن حكومة السودان جلبت سفينة أخرى لتحميل 750 ألف برميل أخرى. في هذا الوقت الذي نتحدث فيه الان انتهت حكومة السودان من تحميل ... سفينتها بالنفط. "لدينا قلق عميق من أن تؤدي التصرفات الاحادية لحكومة السودان والرئيس عمر حسن البشير في الاونة الاخيرة الى انهيار المفاوضات." ولم يصدر تعليق فوري من شمال السودان لكن البشير قال ان الخرطوم ستفرض رسوما لم يحددها كتعويض عن رسوم عبور النفط التي لم يتم دفعها.

ويطالب السودان بمليار دولار كرسوم لعبور نفط لم تسدد منذ يوليو تموز اضافة الى رسوم في المستقبل تبلغ 36 دولارا للبرميل نظير عبور النفط أي ما يعادل تقريبا ثلث قيمة صادرات الجنوب النفطية. وتريد الخرطوم أيضا أن تشاركها جوبا في تحمل أعباء دين خارجي قدره 38 مليار دولار. وقال مسؤولون ان الجنوب يضخ نحو 350 ألف برميل يوميا من النفط. وينتج السودان 115 ألف برميل يوميا من الحقول الشمالية لكنه يحتاج هذه الكميات للاستهلاك المحلي. وتواجه حكومة السودان ضغوطا للتغلب على أزمة اقتصادية حادة بعدما فقدت نفط الجنوب الذي كان يشكل 90 في المئة من صادرات البلاد. وبلغت ايرادات النفط خمسة مليارات دولار في 2010. وعرضت جوبا على السودان أن تبيع له النفط بأسعار مخفضة ومساعدات مالية أخرى لكن لم يبد أي من الطرفين ما يدل على تغيير موقفه.

وقالت الولايات المتحدة ان ما قامت به الخرطوم يزيد من حدة التوتر مع جنوب السودان الذي أصبح دولة مستقلة في يوليو تموز بمقتضى اتفاق السلام الموقع عام 2005 والذي أنهى عقودا من الحرب الاهلية. ولم يتمكن الجانبان من تسوية قائمة طويلة من القضايا محل الخلاف بينهما. وقالت السفارة الامريكية في الخرطوم في بيان "نشعر بقلق بالغ من التهديدات العلنية السودانية الاخيرة والاجراءات احادية الجانب التي تعيق تدفق النفط من جنوب السودان وتعرض قطاع النفط للخطر وتزيد من التوترات." وقالت ان جوبا يجب ان تدفع "سعرا عادلا" بموجب الاعراف الدولية والتفاوض بعد ذلك بشأن اتفاق منفصل لتخفيف اثر فقدان نفط الجنوب على السودان.

جوبا والاتفاقات النفطية

من جهة اخرى اعتبر جنوب السودان انه ضمن نهائيا سيطرته على انتاجه النفطي بعد توقيع اتفاقيات مع شركات صينية واندونيسية وماليزية. وتحل الاتفاقيات الموقعة في جوبا محل تلك التي وقعتها حكومة الخرطوم عندما كان السودان موحدا. وهي تغطي انتاج المحروقات في ولايتين نفطيتين رئيسيتين اصبحتا الان ضمن اراضي دولة جنوب السودان التي اعلنت استقلالها في تموز/يوليو الماضي، والولايتان هما اعالي النيل والوحدة. بحسب فرنس برس.

 وقال الامين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان الحاكمة في جنوب السودان باغام اموم للصحافيين "مع توقيع هذه العقود انتهت سيطرة الخرطوم والحكومة السودانية (على نفط جنوب السودان)". واضاف اموم ان "حكومة السودان لم يعد لها اي سبب قانوني او اقتصادي او تجاري لتدفيع جنوب السودان اي سنتيم سوى رسم عبور" النفط على اراضيها بهدف التصدير. واعتبر ان الاتفاقيات الموقعة "تعزز موقع جنوب السودان" الذي يبدي عدم استعداده لدفع اي شيء للسودان سوى رسم عبور النفط البالغ 0,70 دولار عن كل برميل نفط، في حين تطالب الخرطوم ب36 دولارا.

قائدا جديدا

الى جانب ذلك اعلنت حركة العدل والمساواة اكبر الحركات المتمردة في دارفور انها اختارت شقيق زعيمها الذي قتله الجيش السوداني في كانون الاول/ديسمبر قائدا جديدا لها. وصرح المتحدث باسم الحركة جبريل ادم بلال ان الحركة اختارت بعد يومين من الاجتماعات في ولاية جنوب كردفان جبريل ابراهيم خلفا لشقيقه خليل ابراهيم. واوضح المتحدث ان "حركة العدل والمساواة عقدت مؤتمرا استثنائيا بحضور 103 اشخاص قاموا خلاله بانتخاب جبريل ابراهيم قائدا". وتابع ان الحركة اكدت التزامها العمل مع المجموعات المتمردة الاخرى "لاسقاط نظام" عمر البشير في الخرطوم و"وافقت على كل القرارات التي اتخذها القائد السابق في السنوات الاخيرة". وعمل جبريل ابراهيم خبير الاقتصاد محاضرا في جامعات في الخرطوم والسعودية. وعمل مستشارا لحركة العدل والمساواة من مقره الاخير في لندن. وكانت الحركة اعلنت ان خليل ابراهيم (54 عاما) قتل في 23 كانون الاول/ديسمبر في غارة جوية شنها الجيش السوداني. وقبل مقتل ابراهيم كانت الحركة اعلنت تقدم قواتها نحو الشرق باتجاه الخرطوم بهدف اسقاط النظام. بحسب فرنس برس.

وفي ايار/مايو 2008، قتل اكثر من مئتي شخص في هجوم لحركة العدل والمساواة على ام درمان المجاورة للخرطوم. وحكم على العديد من المتمردين بالاعدام لتورطهم في الهجوم. واثار مقتل خليل ابراهيم شكوكا بشان مستقبل حركة العدل والمساواة التي شكلت في تشرين الثاني/نوفمبر مع عدة حركات متمردة اخرى الجبهة الثورية في السودان لمواصلة "التمرد المسلح" ضد الخرطوم. وكان رئيس البعثة المشتركة للامم المتحدة والاتحاد الافريقي في اقليم دارفور غرب السودان ابراهيم غمبري اعرب عن قلقه من حصول انقسام داخل حركة العدل والمساواة بعد مقتل زعيمها. وكانت الحركة رفضت في ايار/مايو 2006 التوقيع على اتفاق السلام في دارفور وعلى اتفاق اخر في الدوحة في تموز/يوليو 2011 بين الخرطوم وحركة التحرير من اجل العدالة وهي عبارة عن تحالف يضم مجموعات متمردة صغيرة.

وتقدر الامم المتحدة عدد القتلى جراء النزاع في دارفور ب 300 الف شخص بينما تقول الحكومة السودانية انه لا يتجاوز عشرة الاف. وادى النزاع الى تشريد قرابة 1,8 مليون شخص.

ويواصل المتمردون النضال من اجل "الديموقراطية والحقوق المدنية" ضد نظام يهيمن عليه العرب ولا يمثل بنظرهم التنوع السياسي والاتني والديني في البلاد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 7/شباط/2012 - 14/ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م