
شبكة النبأ: لا تزال السلطات
البحرينية تمارس نهجها المعروف بانتهاك حقوق الانسان من خلال الاستخدام
المفرط للقوة ضد المتظاهرين، وما زالت قوات الامن تطلق الغازات المسيلة
للدموع على المحتجين مستخدمة بعض الاساليب الجديدة المحرمة الدولياً
بحسب بعض التقارير، والتي اوقعت العديد من الضحايا بسب سوء وكثافة
استخدام تلك الغازات التي وجدت طريقها حتى الى البيوت الامنة.
ويرى بعض المراقبين والمهتمين بقضايا حقوق الانسان ان اسلوب قوات
الامن البحرينية بقمع المتظاهرين يثير الكثير من التساؤلات، خصوصا مع
تزايد اعداد الضحايا الذين سقطوا جراء استخدام تلك الغازات المثيرة لشك،
وقد طالب البعض الى ضرورة اجرى فحوصات مختبرية دقيقة لمعرفة النتائج.
فقد دعت منظمة العفو الدولية السلطات البحرينية الى التحقيق فيما
وصفته بالاستخدام المفرط للغاز المسيل للدموع من جانب قوات الامن
البحرينية ضد المتظاهرين. وقالت المنظمة المعنية بحقوق الانسان إن هذا
الاستخدام المفرط للغاز في مناطق سكنية قد يكون تسبب باكثر من 12 حالة
وفاة. يذكر ان قوات الامن البحرينية ما لبثت تحاول احتواء موجة متصاعدة
من الاحتجاجات انطلقت اوائل العام الماضي. وكانت آخر حالة وفاة عزاها
ناشطون معارضون الى استخدام الغاز المسيل للدموع قد وقعت بعد ان فقد
سعيد علي حسن السكري البالغ من العمر 65 عاما وعيه ثم توفي بعد ان اطلق
رجال الامن كمية كبيرة من قذائف الغاز قرب منزله في احدى القرى حسبما
افادت اسرته.
وروت المحامية البحرينية فاطمة خضير كيف استخدمت قوات مكافحة الشغب
الغاز المسيل للدموع داخل منزلها في قرية سترة، جنوب العاصمة البحرينية.
وأضافت المحامية فاطمة خضير أن حوالي 12 إمرأة وطفل كانوا متواجدين
داخل منزلها حينما قامت قوة مؤلفة من حوالي 30 رجل أمن بمداهمة المنزل
وشرعوا في ضرب الموجودين في الداخل. وتصف فاطمة كيف قام أحد رجال الأمن
برمي قنبلة غاز مسيل للدموع في إحدى غرف المنزل قبل أن يرمي بخمس قنابل
أخرى مماثلة في الباحة الخارجية المجاورة للمنزل. وقد أُصيبت ابنتها
ذات الأعوام السبعة، واسمها مريم عصام غانم، بمضاعفات جراء استخدام
الغاز المسيل للدموع كونها تعاني أصلا من مرض الربو. ولا زالت حالتها
غير مستقرة. وقد أُدخلت زينب علي غانم، شقيقة زوج فاطمة خضير، إلى
المستشفى لإصابتها بالتهاب في العين نتيجة التعرض للغاز المسيل للدموع،
من بين جملة إصابات أخرى تعرضت لها على أيدي رجال الأمن.
وتُوفيت سلمى محسن عباس، البالغة 81 عاماً من العمر، عقب قيام أحد
رجال الأمن برمي عبوة غاز مسيل للدموع داخل منزلها في قرية بربر يوم 13
يناير/ كانون الثاني الحالي. وبحسب رواية ابنها، فقد أُلقيت العبوة
عبر باب المنزل المفتوح، على الرغم من أن قوات الأمن كانت قد انتهت
للتو من تفريق احتجاج شهدته القرية في وقت سابق من ذلك اليوم. وفي
العشرين من يناير/ كانون الثاني الحالي، توفي الفتى ياسين العصفور (14
عاماً) عقب مكوثه مدة ثلاثة أسابيع في المستشفى جراء إصابته بعبوات
الغاز المسيل للدموع التي أطلقتها قوات الأمن على منزله في قرية معامير
جنوب العاصمة المنامة. وكان الفتى مصاباً بمرض الربو، وجرى نقله إلى
وحدة العناية الحثيثة في مجمع السلمانية الطبي في المنامة جراء إصابته
بفشل رئوي. وقُتل الفتى سيّد هاشم سعيد (15 عاماً) عقب إصابته بعبوة
غاز مسيل للدموع أيضاً، أُطلقت من على مسافة قريبة خلال تصدي قوات
الأمن لأحد الاحتجاجات في سترة، جنوب العاصمة المنامة يوم 31 ديسمبر/
كانون الأول 2011. كما واستخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع مرة
أخرى لتفريق الجموع التي شاركت في تشييع جثمانه.
وأُصيب الشاب محمد الموالي، ابن العشرين ربيعاً، إصابات بالغة في
رأسه تسببت بها إحدى قنابل الغاز المسيل للدموع، أُدخل على إثرها
المستشفى؛ وكانت قوات مكافحة الشغب قد أطلقت القنبلة في معرض تصديها
للاحتجاجات المناوئة للحكومة في حي الكرانة بالعاصمة البحرينية.
يذكر ان الشيعة، الذين يمثلون اغلبية في البحرين، طالما اشتكوا من
التمييز على ايدي الاسرة السنية الحاكمة في البلاد. وكان المحتجون قد
احتلوا احدى الساحات المهمة في العاصمة المنامة لفترة وجيزة في فبراير
/ شباط الماضي. وقد تواصلت الاحتجاجات منذ طردت قوات الامن المحتجين من
الساحة التي كانت تدعى ساحة اللؤلؤ. وكلف العاهل البحريني الملك حمد بن
خليفة لجنة مستقلة مكونة من خبراء في مجال حقوق الانسان للتحقيق في
الاحداث التي جرت في الجزيرة، وذلك بعد تعرض البحرين لانتقادات دولية
للانتهاكات التي صاحبت قمع الحركة الاحتجاجية. واصدرت هذه اللجنة
تقريرها في نوفمبر / تشرين الثاني الماضي اكدت فيه استخدام قوات الامن
المفرط للقوة واستخدامها الممنهج للتعذيب بحق المعتقلين.
ولكن الناشطين البحرينيين ومنظمات حقوق الانسان الدولية يتفقون على
ان الحكومة لم تفعل ما يكفي لكبح جماح الشرطة وقوات الامن. واكد شهود
عيان ان قوات الامن البحرينية تعمد الى اطلاق القنابل الصوتية وقذائف
الغاز المسيل للدموع الى داخل المنازل في انتهاك واضح للمعايير الدولية
التي التزمت البحرين على اعلائها. بحسب بي بي سي.
من جهتها قالت نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في
منظمة العفو الدولية، حسيبة حاج صحراوي: "إن الارتفاع في عدد القتلى
وتواتر روايات شهود العيان يُوحيان بأن قوات الأمن البحرينية تستخدم
الغاز المسيل للدموع بطريقة غير صحيحة أو غير مناسبة، بما في ذلك
استخدامه داخل منازل المواطنين وفي الأماكن المغلقة أو الضيقة." وتضيف
حاج صحراوي قائلةً: "ينبغي على السلطات البحرينية التحقيق في أكثر من
12 حالة وفاة وتفسير التقارير التي تتحدث عن ارتباط تلك الحالات
باستخدام الغاز المسيل للدموع. كما وينبغي إصدار تعليمات لقوات الأمن
حول كيفية استخدام الغاز المسيل للدموع بطريقة تتوافق والمعايير
الدولية المتبعة في العمل الشُرَطي أو حفظ الأمن."
وتستعمل أجهزة إنفاذ القانون في الكثير من الدول الغاز المسيل
للدموع كأحد الغازات والعوامل التي تساعد في مكافحة الشغب، وتفريق جموع
المتظاهرين التي تلجأ للعنف، والتي تشكل تهديداً للنظام العام وسيادة
القانون. ولكن في حال استخدام الغاز المسيل للدموع بطريقة غير صحيحة أو
غير لائقة، وحتى في الأماكن الضيقة أو المغلقة، أو ضد المحتجين العُزّل
الذين يمارسون ببساطة حريتهم في التعبير عن الرأي والتجمع، فيمكن حينها
اعتبار إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع على أنه أحد أشكال انتهاكات
حقوق الإنسان في هذا الإطار. وتدعو منظمة العفو الدولية السلطات
البحرينية إلى إصدار تعليمات عامة بهذا الخصوص إلى قوات الأمن التي
تُعنى بحفظ الأمن خلال المظاهرات.
ودعت المنظمة الى اجراء تحقيق في حالات الوفاة، مضيفة يجب اصدار
التعليمات الوافية لقوات الامن حول كيفية استخدام الغاز المسيل للدموع
بما يتماشى مع المعايير الدولية.
وتقول المنظمة إنه في بعض الحالات فاقم استنشاق الغاز المسيل للدموع
حالات طبية يعاني منها المصابون اصلا، كالربو. ولم ترد وزارة الداخلية
البحرينية المسؤولة عن قوات الامن على طلب منظمة العفو بإجراء تحقيق في
حالات الوفاة التي لها علاقة باستخدام الغاز المسيل للدموع.
وأخبر شهود العيان منظمة العفو الدولية أن قوات الأمن البحرينية قد
أطلقت عن عمد قنابل الغاز المسيل للدموع على منازل المواطنين، الأمر
الذي أدى إلى نتائج كارثية لحقت بقاطني تلك المنازل. وأشارت التقارير
الواردة مؤخراً من الناشطين الحقوقيين ووسائل الإعلام إلى حدوث عدة
حالات وفاة ناجمة عن استعمال قوات الأمن البحرينية للغاز المسيل للدموع
داخل منازل المواطنين.
قمع في السجون
في سياق متصل اطلقت الشرطة البحرينية قنابل مسيلة للدموع على ناشطين
في السجن مضربين عن الطعام، حسب ما اكد ناشط مضيفا ان احد زعماء
المعارضة نقل الى المستشفى. ومن ناحيتها، ذكرت وزارة الداخلية في بيان
بثته وكالة الانباء الرسمية ان السلطات اتخذت جميع الاجراءات الشرعية
لمعالجة مثل هذه الحالات.
اما محمد المسقطي، رئيس قسم البحرين في جمعية شباب البحرين لحقوق
الانسان، فقال ان شرطة مكافحة الشغب "اطلقت قنابل مسيلة للدموع على
سجناء مضربين عن الطعام في احدى الزنزانات" ولكنه لم يتحدث عن سقوط
ضحايا. وحسب المسقطي، فان حوالى 150 سجينا انضموا الى الاضراب عن
الطعام. واضاف انه هو ايضا مضرب عن الطعام بالإضافة الى خمسة ناشطين من
جمعية شباب البحرين لحقوق الانسان ليسوا في الاعتقال.
وعلى خط مواز، نقل الناشط عبد الهادي الخواجه وهو احد زعماء
المعارضة ال13 المضربين عن الطعام الى المستشفى. وحسب بيان وزارة
الداخلية فان "جميع السجناء تلقوا الاسعفات الطبية اللازمة وان فريقا
من الاطباء موجود بشكل دائم ليلا نهارا لتقديم الاسعافات الضرورية".
واضاف "لم يسجل اية حالة مرضية بسبب الاضراب". بحسب فرانس برس.
وتعتقل السلطات البحرينية عدد من قادة المعارضة اتهموا العام الماضي
بمحاولة الاطاحة بنظام العائلة الحاكمة، آل خليفة، بعد ان قمعت قوات
الامن شهرا من الاحتجاجات الشعبية التي كانت تطالب بإصلاحات
ديموقراطية. واوقعت حركة القمع 35 قتيلا بينهم خمسة من عناصر قوات
الامن كما تعرض خمسة معتقلين للتعذيب حتى الموت، حسب نتائج لجنة تحقيق
امر بتشكيلها الملك حمد.
مناشدات دولية
الى جانب ذلك ناشدت منظمة العفو الدولية الحكومة الأمريكية تعليق
نقل شحنات الغاز المسيل للدموع وغيره من معدات ومواد مكافحة الشغب الى
السلطات البحرينية. وقد عُثر على عبوات قنابل غاز مسيل للدموع، وطلقات
مطاطية من صنع أمريكي في موقع ما كان يُعرف بدوار اللؤلؤة في العاصمة
المنامة عقب قيام قوات مكافحة الشغب بمداهمة الاحتجاجات السلمية هناك
بتاريخ 17 فبراير/ شباط 2011. وقد عمدت الولايات المتحدة إلى تعليق
إرسال شحنة أسلحة إلى البحرين في ظل تعالي أصوات الاحتجاج المتعلقة
بوجود مخاوف تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان الجارية هناك. وفي هذه
الأثناء، وردت أنباء عن قيام الحكومة البرازيلية بالتحقيق في مزاعم بيع
شركاتٍ برازيلية الغاز المسيل للدموع إلى الحكومة البحرينية. كما وتدعو
منظمة العفو الدولية إلى اعتبار كافة أنواع قنابل الغاز المسيل للدموع
– وغيرها من أنواع الأسلحة والذخائر والمعدات التي تستخدمها أجهزة
إنفاذ القانون خلال عملياتها الشُرطية – على أنها أسلحة تقليدية ينبغي
تنظيم استعمالها والاتجار بها حسب نصوص وأحكام الاتفاقية الدولية
لتجارة الأسلحة التي ستجري بشأن التوصل إلى صيغتها النهائية مفاوضاتٌ
في وقت لاحق من هذا العام.
هذا وقد دعت بعض المنظمات الحقوقية الى ضرورة احترام حق الشعب
البحريني، مطالبة في الوقت ذاته المجتمع الدولي الى التدخل وادانة تلك
الممارسات القمعية التي تنتهجها السلطات الحاكمة في هذا البلد. |