الحرب على إيران... بين العمليات السرية وخيارات شن هجوم عسكري

كتب المحلل السياسي

 

شبكة النبأ: في تقرير واضح وجريء قال وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا بأن اسرائيل ستشن هجوماً ضد المنشآت النووية الإيرانية خلال اشهر نيسان أو أيار أو حزيران. واضاف بانيتا ان اوروبا ستبقى مقر اهم وجود عسكري للجيش الاميركي خارج اراضي الولايات المتحدة على الرغم من الاستراتيجية الجديدة التي تعطي الاولوية لآسيا والشرق الاوسط. ومن اصل 81 الف عسكري اميركي متمركزين في اوروبا، ينتمي 44 الفا الى سلاح البر.

وتقول معلومات خلافا لوجهات النظر بين الولايات المتحدة واسرائيل حول ضرورة ردع ايران من انتاج السلاح النووي في القريب العاجل كما يؤكد الخبراء ومسؤولون في الاستخبارات الاجنبية.

وهناك قلق من قبل الولايات المتحدة بعد ان حذر القادة الاسرائيليون علناً من امكانية توجيه ضربات عسكرية مفاجئة  ضد منشآت نووية إيرانية، لانها تخشى من انتشار الصراع العسكري على نطاق واسع في منطقة الشرق الاوسط مما قد يؤثر سلباً على الامن الدولي ويدفع ايران الى الانتقام ليس فقط من اسرائيل بل أيضا من المصالح الأميركية حول العالم، فضلا عن أن إطالة أمد الصراع قد يؤدي إلى تعطيل شحنات النفط والارتفاع الحاد في أسعار الطاقة وتدمير الاقتصاد الغربي والاقتصاد الدولي.

وتعتبر الولايات المتحدة ان الهجوم على ايران في الوقت الراهن هو حل مؤقت ولن يضع حداً لطموحات ايران بالحصول على الاسلحة النووية. فقد جرت في الاسابيع الماضية لقاءات بين المسؤولين الغربيين والقادة الاسرائيليين لحث اسرائيل على الصبر خاصةً ان العقوبات الاقتصادية المفروضة على ايران والحظر النفطي يلحقان الضرر الاكيد بالاقتصاد الايراني ويجبران طهران على التخلي عن البرنامج النووي.

وهناك تساؤل عن مدى تأثير التهديد الإسرائيلي لضرب إيران على الدبلوماسية التي يسلكها الغرب مع ايران ولا سيما أن ذلك التهديد ساهم في تشديد العقوبات الدولية عليها. ففي ظل هذا التهديد والقول بأن الوقت ينفد أمام طهران لامتلاك أسلحة نووية، وحديث تل أبيب عن شن هجمة عسكرية على المنشآت النووية بين الحين والآخر، وافقت الولايات المتحدة وحلفاؤها في الاتحاد الأوروبي على فرض ما وصف بأقسى العقوبات التي تمس طوق النجاة للاقتصاد الإيراني، وهو النفط.

ويرى مسؤولين أميركيين قولهم إن الهدف من تلك العقوبات هو إلحاق الألم الاقتصادي بطهران لإرغام قاداتها على البحث عن سبل دبلوماسية. وكان وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه قال في تصريحات هذا الأسبوع كي نتجنب أي حل عسكري ربما يحمل تداعيات مدمرة، قررنا المضي قدما في طريق العقوبات.

وعلق محللون سياسيون في مجلة تايم إن تلك التصريحات تؤكد فعالية التهديد الإسرائيلي في تحفيز قادة الغرب لتصعيد الضغط على إيران. غير أن مراقبون لا يشككوا في قدرة إسرائيل على شن غارة قد لا تصيب جميع المنشآت النووية الإيرانية، ولكنها تقول إن تلك الغارة قد تستثير إيران للقيام برد يصعد المواجهة ويشكل ضغطا للتدخل الأميركي، وهو ما لا يسعى إليه الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي ركز في جهوده الأخيرة على العقوبات والتقارب والبحث عن حلول دبلوماسية.

إيران من جهتها تسعى جاهدة في الوقت الراهن للوصول إلى مرحلة تمكنها من صنع الأسلحة النووية في أي وقت تشاء، وهو ما يشكل تحديا لأعدائها مثل إسرائيل لمنعها من الوصول إلى تلك النقطة.

وتشير معلومات إلى أن ثمة محادثات ستعقد غالبا في تركيا بين إيران والقوى الغربية والصين وروسيا خلال الأسابيع القليلة المقبلة، بهدف الاتفاق بشأن خطوات محدودة لبناء الثقة يمكن من خلالها أن تغير ديناميكية الصراع.

ويرى محللون سياسيون إن العديد من السيناريوهات المحتملة ما زالت تحت الدراسة، منها تبادل الوقود لاختبار استعداد الطرفين بشأن البحث عن تسوية. غير أن إسرائيل تشكك في التوصل إلى تسوية مع إيران وتتهمها باللعب من أجل كسب الوقت. وقد نقل عن مسؤولين أوروبيين قولهم إن أقصى نتيجة يمكن الوصول إليها هو اكتساب إيران للمعرفة والتكنولوجيا اللازمة لبناء أسلحة نووية دون صناعتها.

ويقول مسؤوليين امريكان  لبلوغ تلك الغاية، يتعين على إيران أن تبني الثقة من خلال إظهار شفافية كاملة وتوسيع نطاق التفتيش. غير أن الإسرائيليين يشككون علنا بإجراءات بناء الثقة لأنها لا تمنع إيران من الاستمرار في نشاط تخصيب اليورانيوم.

وخلص مراقبون إلى أن العملية الدبلوماسية وحتى العقوبات الاقتصادية تحتاج إلى وقت طويل حتى تؤتي أكلها، في حين أن قادة إسرائيل يلوحون بأن الوقت يصب في صالح طهران، فهل التهديد الإسرائيلي سيؤثر على جهود الغرب الرامية للتوصل إلى حل دبلوماسي؟.

مراقبون يرون طريقتين محتملتين لمنع الإسرائيليين من شن هذا الهجوم، فيمكن لطهران البدء في مفاوضات جادة في نهاية المطاف من أجل إيجاد صيغة لضمان التحقق من أن برنامجها النووي يظل مخصصا للأغراض المدنية، أو يمكن للولايات المتحدة أن تكثف عملياتها السرية للحد من تطوير البرنامج النووي لدرجة تجعل إسرائيل تقرر أن العملية العسكرية ليست ضرورية.

مدير المخابرات الأميركية جيمز كلابر من جهته احتمل من تزايد قيام إيران بتنفيذ هجمات على الأراضي الأميركية، أو على مصالح لأميركا وحلفائها في مختلف أرجاء العالم. ويرى مراقبون بان ذلك تحذيرا يعكس التوتر المتزايد بشأن الطموحات النووية الإيرانية عقب إعلان أميركا والاتحاد الأوروبي حظرا للنفط الإيراني، والكشف عن تقارير إسرائيلية تتحدث عن استعداد تل أبيب لنشوب صراع محتمل. وفي إطار التقييم السنوي للتهديد على مستوى العالم أمام الكونغرس، قال كلابر إن المؤامرة المزعومة بشأن محاولة إيران قتل السفير السعودي في واشنطن، تظهر أن بعض المسؤولين الإيرانيين بمن فيهم المرشد الأعلى علي خامنئي، أعادوا النظر في حساباتهم وهم الآن على استعداد لتنفيذ هجمات في الولايات المتحدة ردا على التحركات الأميركية التي تهدد النظام في طهران.

ويلفت مراقبون النظر إلى أن تصريحات كلابر بشأن التورط الإيراني في قضية السفير السعودي، تشير إلى أن واشنطن تلقي باللائمة علنا لأول مرة على المرشد الأعلى خامنئي.

ولكن مسؤولا غربيا حذر من أنه لا يوجد دليل على أن القرار النهائي بشأن السفير السعودي قد اتخذ في طهران. مسؤولين غربيين من جهتهم قالوا قولهم إن العام الماضي شهد زيادة ملحوظة في نشاط من يشتبه في انتمائهم إلى قوات القدس وهي ذراع الحرس الثوري للعمليات الخارجية بحيث يشمل ذلك إعادة تموضع لوحدات قادرة على تنفيذ هجمات انتقامية على الأهداف الغربية والإسرائيلية إذا ما هوجمت إيران نفسها. بحسب صحيفة ذي غارديان البريطانية

وأكد مسؤول غربي أن ثمة قلقا كبيرا بشأن تنفيذ الحرس الثوري الإيراني لعمليات سرية يمكن إنكارها.

واشارت معلومات أن حكومتي تايلند وأذربيجان قامتا باعتقال عدد من المشتبه في انتمائهم للمخابرات الإيرانية بتهمة محاولة قتل دبلوماسيين إسرائيليين.

اما المسؤولين ألاميركيين قد نفوا وجود أي معلومات استخبارية تؤكد أن إيران تعمل بنشاط في التخطيط لهجمات على الأراضي الأميركية. غير أن دانيال بيمان الخبير في الشؤون الإيرانية والمحلل السابق في وكالة المخابرات المركزية سي آي أي  يقول إنه من الممكن أن يكون لإيران عملاء داخل الولايات المتحدة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 5/شباط/2012 - 12/ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م