حرب في الخليج... نوايا مبيتة ورهانات لإثبات الوجود

عبدالأمير رويح

 

شبكة النبأ: لاتزال المخاف قائمة من احتمال شن هجوم عسكري على ايران من قبل امريكا وحلفائها بسب برنامجها النووي وتهديداتها الأخيرة بإغلاق مضيق هرمز، ويرى البعض ان حدوث مثل هكذا عمل سيؤدي الى كارثة مأساويه قد تفضي بدمار اغلب دول المنطقة، خصوصا وان إيران غير قاصرة من ناحية العسكرية والتي تسعى دائما الى اضعاف النفوذ العسكري الامريكي لغرض اثبات الوجود، الامر الذي يسهم باستفزاز الاخيرة ويدفها لاتخاذ مواقف مماثلة لإثبات العكس ولغرض طمأنة حلفائها في منطقة الخليج العربي المتخوفين من هيمنة ايران.

لهجة التهديدات المتصاعدة من قبل الطرفين دفعت الجانب الامريكي الى اتخاذ بعض القرارات التي قد تسهم بازدياد حدة التوتر فقد ذكرت صحيفة واشنطن بوست ان البحرية الاميركية تنوي انشاء قاعدة عائمة كبيرة لاستقبال قوات خاصة في الشرق الاوسط بسبب تزايد التوتر مع ايران وتصاعد المعارك في اليمن.

واكدت الصحيفة نقلا عن وثائق لم تحدد مصدرها ان البحرية الاميركية تقوم بتجريد سفينة حربية من سلاحها لتحويلها قاعدة عائمة لوحدات كومندوس، بطلب من القيادة الاستراتيجية الاميركية (القيادة الوسطى). وتستطيع القاعدة التي لم يطلق عليها رسميا اسم "السفينة الام" استقبال زوارق سريعة صغيرة ومروحيات تستخدمها عادة القوات الخاصة للبحرية الاميركية، والقوات الخاصة هي في صلب استراتيجية الرئيس باراك اوباما لخفض عديد الجيش وجعله اكثر فعالية فيما جرى التصويت على اقتطاعات كبيرة في موازنة الدفاع. بحسب فرنس برس.

ورفض المتحدث باسم البحرية مايك كافكا التعليق على هذا المشروع. وقال مسؤولون آخرون في البحرية الاميركية ان القاعدة سترسل الى المنطقة بداية الصيف المقبل. وتفيد الوثائق التي كشفتها الصحيفة الاميركية انها ستقام في الخليج حيث تهدد ايران بغلق مضيق هرمز.

كما اعلن وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا ان الولايات المتحدة لم تتخذ اي اجراءات لتعزيز وسائلها العسكرية في منطقة مضيق هرمز لانها "مستعدة تماما لمواجهة" اي احتمال لاغلاق المضيق من قبل ايران. وقال خلال مؤتمر صحافي "لقد حافظنا دائما على وجود مهم في هذه المنطقة كي نكون واضحين تماما باننا سنقوم بكل ما يمكننا القيام به للحفاظ على السلام في هذا الجزء من العالم". واضاف "نواصل استعداداتنا لكل الاحتمالات ولكن لم نتخذ اي اجراء محدد في هذه المرحلة لمواجهة الوضع. لماذا؟ لاننا مستعدون تماما حاليا لمواجهة الوضع".ونشرت حاملتا طائرات بالقرب من الخليج كما ان عشرات الاف الجنود يتمركزون في الشرق الاوسط. وكان بانيتا اوضح قبل عدة ايام ان اغلاق مضيق هرمز سيشكل "خطا احمر" لواشنطن. ومن ناحيتها، اكدت طهران ان بامكانها اغلاق المضيق.

وكرر بانيتا ان واشنطن تفضل حل الخلافات مع طهران عن طريق الدبلوماسية بدل الاسلحة ولكنه ذكر بان الامر يتطلب "اثنين للحوار". واكد مع ذلك وجود "اقنية اتصال" مع طهران ولكنه لم يوضح هوية هذه الاقنية التي لجأت اليها واشنطن. بحسب فرنس برس.

واعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية ان الحملة التي تقوم بها الولايات المتحدة عبر العالم لتشديد العقوبات على ايران المتهمة بالسعي الى امتلاك السلاح النووي "تؤتي بثمارها".

ويقوم دبلوماسيون اميركيون منذ فترة بزيارات الى عدد من الدول للطلب من الحكومات تشديد عقوباتها على طهران ووقف شراء نفطها من اجل ارغام ايران على احترام واجباتها لناحية عدم نشر الاسلحة النووية. وقالت فيكتوريا نولاند خلال لقائها اليومي مع الصحافيين "نعتقد ان هذه المشاورات تؤتي بثمارها". واضافت "نرى ايضا ان ايران بدأت تشعر بالتأثيرات السلبية على مستوى العائدات التي تجنيها من النفط وسوف نواصل العمل في هذا الاتجاه".

عبور حاملة الطائرات اميركية

من جهته اعلن البنتاغون ان حاملة الطائرات الاميركية يو اس اس ابراهام لينكولن عبرت الاحد مضيق هرمز وباتت موجودة في الخليج في خضم التوتر مع ايران التي هددت بالتعرض للسفن الاميركية العابرة للمضيق. واشارت وزارة الدفاع البريطانية من جانبها الى ان فرقاطة اتش ام اس ارغيل البريطانية وسفينة عسكرية فرنسية لم تكشف اسمها هما في عداد القطع العسكرية التي تواكب حاملة الطائرات الاميركية لدى عبورها المضيق.

وقال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي ان "يو اس اس ابراهام لينكولن اجرت عبورا روتينيا لمضيق هرمز بهدف قيادة العمليات الامنية البحرية". واوضح ان اجتياز المضيق حصل "من دون حوادث". ويواكب حاملة الطائرات التي بامكانها حمل ما يصل الى 80 طائرة ومروحية، الطراد يو اس اس كايب سانت جورج ومدمرتان. واذا ما كانت سفن حليفة تشارك غالبا في تمارين مع البحرية الاميركية او تشكل احيانا مجموعات بحرية مشتركة، فإن وجود سفن بريطانية وفرنسية يوجه على ما يبدو رسالة الى طهران بشأن تصميم الغربيين على الحفاظ على حرية التحرك في مضيق هرمز. بحسب فرنس برس.

كذلك لفت بيان وزارة الدفاع البريطانية الى ان وجود قطع بحرية فرنسية وبريطانية الى جانب مجموعة تابعة للبحرية الاميركية "يشير الىالالتزام الدولي بالابقاء على حق العبور (في مضيق هرمز) تماشيا مع القانون الدولي".

ايران تخفيف من نبرتها

في السياق ذاته تراجعت ايران عن تهديدها باغلاق مضيق هرمز لكن رغم أن تخفيفها لهجتها يهدف فيما يبدو الى التراجع عن التصعيد العسكري فانه لا ينم عن أي تغيير في موقفها من برنامجها النووي. قال روبرت سميث وهو مستشار في (فاكتس جلوبال انيرجي) "قيادة ايران لديها احساس قوي بالحفاظ على النفس ... من المرجح تفسير التعليقات بأنها مؤشر على أن الآراء الاكثر عقلانية ستنتصر."

وقال قائد كبير في الحرس الثوري الايراني ان العودة المرجحة لسفن البحرية الامريكية الى المنطقة "ليست قضية جديدة... ويجب ان تفسر على انها جزء من وجودهم الدائم." كان هذا تحولا كبيرا عن تصريحات في وقت سابق عندما قالت طهران ان حاملة الطائرات (جون سي ستينيس) التي انسحبت من المنطقة في نهاية ديسمبر كانون الاول خلال مناورات بحرية ايرانية يجب الا تعود وهو أمر فسره بعض المراقبين في ايران وواشنطن بأنه تهديد شامل لأي حاملة طائرات أمريكية. وكانت طهران تهدد باغلاق مضيق هرمز الذي يمر به ثلث شحنات النفط المحمولة بحرا في العالم اذا تسببت عقوبات جديدة في اعاقة صادراتها النفطية وهو بالتحديد ما تسعى اليه واشنطن وأوروبا.

وكانت تصريحات محمد رضا رحيمي النائب الاول للرئيس الايراني أقل نارية. وكان قد قال في وقت سابق ان ايران لن تسمح بمرور "ولو نقطة نفط واحدة" عبر مضيق هرمز في حالة فرض العقوبات. ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الاسلامية الايرانية عنه قوله " بدأوا (الغرب) لعبة جديدة ضد ايران لكن من الواضح أننا سنقاوم مطالبهم المغالى فيها." لكن في حين أن ايران ربما تسعى لتخفيف خطابها المتشدد وتدعو الى استئناف المحادثات مع القوى العالمية والتي تعثرت قبل عام فانها لم تقترب من تقديم تنازلات ملموسة حول القضية النووية والتي يمكن أن تؤدي الى تخفيف العقوبات. بحسب رويترز.

وقال مير جاويدانفار محلل الشؤون الايرانية "ايران لم تخفف من موقفها." ومضى يقول "انها تغير استراتيجيتها بعد أن أدركت أن توقيتها غير مناسب وتسبب التهديد المبالغ فيه باغلاق مضيق هرمز في حالة فرض عقوبات في الاضرار بموقفها ووضعها أكثر من أي أحد اخر."

ويمكن أن يعزز التغيير الذي طرأ على الخطاب الايراني الاتجاه التنازلي لاسعار النفط والتي تراجعت نتيجة مؤشرات على انخفاض الطلب. وقال سميث "ستساهم نتيجة تخفيف ايران من موقفها ضمن عوامل أخرى في خفض الاسعار في أسواق النفط" مضيفا أن الاثر سيكون محدودا. وأردف قائلا "اذا كانت الاحداث الاخيرة تمثل مؤشرا يمكن الاعتداد به.. فان الاسواق استجابت لخطاب ايران مرات كثيرة لدرجة أن أثرها أصبح متضائلا بصورة كبيرة مقارنة برد الفعل قبل خمس سنوات على سبيل المثال."

وقال جاويدانفار انه في حين أن احتمالات وقوع اشتباكات بحرية وشيكة في الخليج تراجعت فان ايران يمكن أن تنفذ تهديدها باغلاق مضيق هرمز في حالة شن ضربة جوية اسرائيلية على منشآتها النووية. وتابع "ما زال بامكان طهران اغلاق مضيق هرمز في حالة شن ضربة استباقية عليها." وأضاف "هذا سيناريو لا يمكن ولا يجدر لأحد تجاهله.. على الرغم من أن التهديد باغلاق المضيق في الآونة الاخيرة في حالة فرض عقوبات ربما يكون مجرد حيلة."

تحذيرات متبادلة

من جانبه حذر الامير البارز والمدير السابق للاستخبارات السعودية تركي الفيصل من ان يؤدي التصعيد الايراني في الخليج الى "مغامرة غير محسوبة"، مؤكدا استعداد دول الخليج العربية لاستخدام كل الخيارات المتاحة للدفاع عن مصالحها. وقال الفيصل في كلمة خلال مؤتمر حول امن دول الخليج في المنامة ان "الجميع سمع عن المناورات المستفزة التي نفذت في الخليج ومضيق هرمز وبحر العرب، والتصريحات العنترية من افواه قادة ايران حول اغلاق مضيق هرمز واستهداف دول الجوار". واكد الامير الذي نقلت تصريحاته وسائل الاعلام الخليجية ان "زيادة التصعيد والتوتر الدائم قد ينتهي بمغامرة غير مسحوبة او بمواجهة عسكرية غير مرغوبة". وشدد الامير تركي الذي شغل في السابق ايضا منصب سفير المملكة في لندن وواشنطن ان دول الخليج لسيت طرفا في النزاع الايراني الغربي حول برنامج طهران النووي، الا انه اكد ان دول مجلس التعاون ملتزمة "بشكل كامل بالشرعية والقوانين الدولية". واعتبر انه على ايران "الا تؤجج هذا النزاع وعليها الا تهددنا عندما نلتزم بالقرارات الدولية، وعليها تحييد مسالة امن مضيق هرمز وامن الطاقة الدولية عن هذا النزاع" في اشارة الى تهديد ايران المتكرر باغلاق مضيق هرمز بسبب العقوبات على قطاعها النفطي. بحسب فرنس برس.

وتقول وزارة الطاقة الاميركية ان 20% من اجمالي النفط العالمي يمر من مضيق هرمز الضيق.

وشدد الامير تركي على ان "اي مساس بمصالحنا وامننا سوف يجبرنا على اللجوء الى كل الخيارات المتاحة لنا دفاعا عن مصالحنا وامننا الوطني والاقليمي".

وتصاعد التوتر بشكل كبير في الخليج، خصوصا بعد اقرار عقوبات جديدة على القطاعين النفطي والمالي في ايران. كما ان العلاقات الايرانية السعودية تدهورت بشكل كبير في الاشهر الاخيرة بعد الاحتجاجات التي قادها الشيعة في البحرين وعقب اتهامات اميركية عن مخطط ايراني لمحاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن.

وقال الامير تركي في هذا السياق "على القيادة الايرانية الكف عن تدخلاتها في الشؤون الداخلية لدول المجلس ومحاولة بث الفرقة واثارة الفتنة الطائفية بين مواطنيها في انتهاك لسيادتها واستقلالها والالتزام التام بمبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل والاعراف والقوانين والمواثيق الدولية". كما دعا ايران الى "عدم التدخل في الشؤون الداخية وحل الخلافات بالطرق السلمية والحوار المباشر وعدم استخدام القوة او التهديد بها بما يكفل الحفاظ على امن واستقرار المنطقة".

الى ذلك، جدد الامير تركي التحذير من ان التسلح النووي في الخليج سيطلق سباق تسلح ويفتح الباب امام التدخل الاجنبي، ولن يشكل ضمانة للامن في المنطقة. وقال في هذا السياق "ان تملك السلاح النووي ليس ضمانة لتحقيق هذا الامن والاستقرار، بل هو مدعاة للدخول في سباق تسلح ليس في مصلحة المنطقة". واضاف ان السلاح النووي "سيكون مدعاة للتدخل الاجنبي غير الضروري". واعرب الامير تركي عن امله في "ان تكون قيادة ايران ايجابية في تعاملها مع قضية امن الخليج باعتباره مصلحة وطنية لها ولشعبها كما هي مصلحة لنا ولشعوبنا".

في السياق ذاته حذر وزير الخارجية الايراني علي أكبر صالحي الدول المجاورة لبلاده من وضع نفسها في "موقف خطير" بالانحياز بشدة للولايات المتحدة في النزاع المتصاعد بشأن النشاط النووي الايراني. وتحتدم المواجهة بسبب نشاط ايران النووي الذي تقول واشنطن وقوى أخرى انه يركز على تطوير أسلحة ذرية وهو ما تنفيه ايران.

وأثارت السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم غضب ايران عندما قالت ان بامكانها أن ترفع سريعا انتاجها النفطي لزبائنها المهمين اذا استدعى الامر وهو ما قد يحدث اذا تقرر حظر صادرات النفط الايراني. وقالت مصادر في قطاع النفط ان شركة توبراش التركية للتكرير تعتزم أيضا وقف اعتمادها على واردات النفط الايراني لاسباب من بينها التهديد بغلق مضيق هرمز.

وقبل ذلك قال صالحي في تصريحات باللغة الانجليزية أثناء زيارة قام بها لتركيا "نريد السلام والهدوء في المنطقة لكن بعض الدول في منطقتنا تريد توجيه دول أخرى وجهة تبعد 12 ألف ميل عن هذه المنطقة." بحسب رويترز.

وتصريحات صالحي اشارة على ما يبدو لتحالف جيران عرب لايران مع واشنطن التي تنشر قوة بحرية كبيرة في الخليج وتقول انها ستبقي الممر المائي مفتوحا. وقال صالحي لقناة (ان.تي.في) التركية "أناشد كل دول المنطقة.. أرجوكم لا تدعوا أحدا يستدرجكم الى وضع خطير."

وأضاف ان الولايات المتحدة يجب أن تظهر جليا أنها مستعدة للتفاوض مع طهران دون شروط. وأشار صالحي الى خطاب تقول ايران انها تلقته من الرئيس الامريكي باراك أوباما بشأن الموقف في مضيق هرمز ولم يكشف عن محتواه. ورفض البيت الابيض التعليق على أمر الخطاب.

وقال صالحي "أرسل السيد أوباما خطابا الى المسؤولين الايرانيين لكن أمريكا عليها أن تظهر أن نواياها طيبة وأن تبدي استعدادها لاجراء محادثات دون شروط." وأضاف "يستعرضون عضلاتهم في العلن.. ومن وراء الكواليس يتوسلون الينا لنجلس ونتحدث. أمريكا يجب أن تنتهج استراتيجية امنة وصادقة حتى نوقن بأنها جادة ومستعدة هذه المرة."

وتقول الولايات المتحدة ودول غربية أخرى انها ليست مستعدة للحديث مع ايران الا اذا وافقت على مناقشة وقف تخصيب اليورانيوم. ويقول مسؤولون غربيون ان ايران تطلب الدخول في محادثات "دون شروط" كي تعرقل المفاوضات لانها ترفض التفاوض بشأن برنامجها النووي.

رسالة أمريكا

من جهة اخرى قالت ايران انها تلقت رسالة من الحكومة الامريكية بخصوص مضيق هرمز الممر الملاحي الحيوي لشحن النفط الذي هددت طهران باغلاقه اذا حالت العقوبات دون تصديرها للنفط. ونقلت وكالات الانباء عن رامين مهمانبرست المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية قوله ان طهران لم تقرر بعد ما اذا كانت سترد على الرسالة التي لم يفصح عن فحواها بالتفصيل. ونقلت وكالة أنباء الطلبة الايرانية عن مهمانبرست قوله "وصلتنا رسالة أمريكا بخصوص مضيق هرمز من خلال ثلاث قنوات. سلمت الى ممثلنا لدى الامم المتحدة ونقلها السفير السويسري الى وزارة الخارجية وسلم الرئيس العراقي جلال طالباني الرسالة ايضا الى ايران." وأضاف "اذا رأينا أن من الضروري تقديم رد على رسالة أمريكا فسوف نرد عليها. ايران تبحث في الموضوع وستدبر الامور على النحو السليم." بحسب رويترز.

ولا توجد علاقات دبلوماسية مباشرة بين طهران وواشنطن منذ عام 1979 وتمثل السفارة السويسرية المصالح الامريكية في طهران. وقالت طهران انها وجهت رسالة الى واشنطن تتضمن أدلة على ضلوع أجهزة المخابرات الامريكية في اغتيال عالم نووي. وكانت واشنطن ذكرت أنها لن تتهاون مع أي محاولة لاغلاق المضيق الذي يمر فيه ثلث النفط المشحون بحرا في العالم وقال وزير الدفاع ليون بانيتا ان مثل هذه الخطوة سوف تقتضي ردا. وعلاوة على التهديدات بخصوص مضيق هرمز بدأت ايران تخصيب اليورانيوم في منشأة حصينة تحت الارض وأصدرت حكما بالاعدام على أمريكي من أصل ايراني بتهمة التجسس.

وتوقفت قبل عام المفاوضات بين الغرب وايران بخصوص برنامجها النووي.

ارجاء المناورات العسكرية

من جهته اعلن وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان ان قرار ارجاء مناورات عسكرية مشتركة مهمة بين اسرائيل والولايات المتحدة خلال الربيع اتى نتيجة "التوتر وانعدام الاستقرار" في المنطقة. واضاف ليبرمان للاذاعة الاسرائيلية العامة من وارسو حيث يقوم بزيارة "الجميع يعلم انه كان من الضروري ارجاء هذه المناورات بسبب انعدام الاستقرار السياسي والاقليمي والتوتر في كامل المنطقة". وذكر بان الامر "مجرد ارجاء وان المناورات ستمم بحلول نهاية العام". وكانت اسرائيل اعلنت ارجاء هذه المناورات التي من المفترض ان تتيح اختبار مختلف الانظمة الاسرائيلية والاميركية لرصد واعتراض الصواريخ والقذائف الصاروخية.

واعتبر المعلقون ان هذه المناورات التي سيشارك فيها الاف الجنود الاسرائيليين والاميركيين من المفترض ان تشكل رسالة تحذير الى ايران. وبهذا الشان، اعتبر ليبرمان مجددا ان "الوقت حان لتنتقل الاسرة الدولية من الاقوال الى الافعال". بحسب فرنس برس.

ولدى سؤاله حول هجوم اسرائيلي محتمل على المنشآت النووية الايرانية، اعتبر انه "ليس على اسرائيل ان تاخذ على عاتقها وحدها مهمة من المفترض ان تقوم بها الاسرة الدولية، لكن يجب ابقاء كل الخيارات مفتوحة". واضاف "ايران لا تشكل تهديدا لاسرائيل وحدها. انها المشكلة الاولى بالنسبة الى دول الخليج لقد فرضت ايران سيطرتها على العراق وتريد ان تقوم بالامر نفسه في السعودية لتصبح في موقع يسمح لها بفرض سياسة الطاقة في العالم باسره".

وحول سوريا اعتبر ان "نظام (الرئيس السوري) بشار الاسد لن يصمد اسبوعا واحدا من دون دعم طهران"، في تعليق حول حركات الاحتجاج التي تواجه قمعا عنيفا من قبل النظام منذ اشهر.

في سياق متصل عبر مسؤول اسرائيلي رفيع عن خيبة امله في ادارة الرئيس الامريكي باراك اوبام قائلا ان "اعتبارات عام الانتخابات" هي سبب حذر الادارة الامريكية في اتخاذ العقوبات الصارمة التي طلبها المشرعون الامريكيون ضد ايران. وقارن موشيه يعلون نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي بين موقف الادارة الامريكية وموقف فرنسا وبريطانيا التي قال انهما "تتخذان موقفا حازما جدا وتفهمان ان العقوبات يجب ان تفرض فورا."

وقال يعلون لراديو اسرائيل "في الولايات المتحدة اقر مجلس الشيوخ قرارا بأغلبية مئة لواحد لفرض هذه العقوبات وفي الادارة الامريكية هناك تردد خوفا من ارتفاع اسعار النفط هذا العام نظرا لاعتبارات عام الانتخابات. "فيما يتعلق بهذا الامر هو يثير الاحباط في الوقت الحالي."

ويقول الرئيس أوباما انه عازم على حرمان طهران التي تؤكد دائما ان برنامجها النووي يستهدف اغراضا سلمية فقطمن كل وسائل صنع قنبلة ذرية. ويركز مساعدوه على استخدام استراتيجية العقوبات في اطار التعاون مع القوى الاجنبية وكسب الدول التي تستورد النفط الايراني بدون احداث صدمات في أسواق النفط العالمية. وتتناقض تصريحات يعلون عضو حزب ليكود اليميني الاسرائيلي الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع اشادة وزير الدفاع ايهود باراك بما وصفه بحزم اوباما مع ايران. بحسب رويترز.

وسعى اوباما الذي يخوض الانتخابات القادمة أملا في الفوز بفترة رئاسية جديدة في مواجهة الجمهوريين الذين يتمتعون بثقل اكبر في التجمعات الانتخابية المؤيدة لاسرائيل الى زيادة رصيدة كصديق لاسرائيل على الرغم من علاقته الفاترة مع نتنياهو. وقال البيت الابيض ان اوباما أكد في مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الاسرائيلي "التزامه الراسخ بأمن اسرائيل." وقال الجانبان ان محادثة الزعيمين تركزت على ايران وعملية السلام الاسرائيلية الفلسطينية.

دعوات وتحذيرات

في السياق ذاته دعا وزيرا خارجية الامارات العربية المتحدة عبدالله بن زايد ال نهيان والعراق هوشيار زيباري من ابو ظبي الى تفادي الخيار العسكري في الازمة مع ايران، مؤكدين ان اغلاق مضيق هرمز سيؤثر سلبا على صادراتهما النفطية. وقال زيباري "هناك توتر صريح وواضح من خلال التحركات والعراق ليس مع التصعيد ومعالجة هذه التباينات من خلال القوة العسكرية، بل من خلال الحوار والتهدئة". واضاف زيباري "هناك ازمة ثقة كبيرة مع ايران ونحن نعتبر انفسنا دولة مطلة على الخليج العربي واكيد نتأثر بالتوتر والتصعيد. الكل سيتضرر من التصعيد. نحن في العراق 90% من صادراتنا النفطية تمر من خلال هرمز". بحسب فرنس برس.

وقال الشيخ عبدالله "لا اعتقد ان التصعيد مفيد للمنطقة ولا لاستقرار الاسواق. الوضع الاقتصادي الدولي يمر بازمة وليس من المفيد توتير الاسواق الدولية بهذه التصعيدات". واضاف ان "اي حديث عن الممرات المائية وخاصة هرمز له انعكاسات علينا وسنبذل كل جهد حتى ننزع فتيل هذه الازمة". وتعمل الامارات على انجاز بناء انبوب للنفط يتيح تصدير النفط من دون المرور عبر مضيق هرمز الاستراتيجي.

من جهة اخرى قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ان شن هجوم عسكري غربي على ايران سيكون "كارثة" ستفاقم من الانقسامات الخطيرة القائمة بالفعل في العالم الاسلامي. ولدى سؤاله خلال مؤتمر صحفي سنوي عما اذا كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها سيشنون هجوما عسكريا على ايران قال لافروف "فيما يتعلق باحتمالات ما اذا كانت هذه الكارثة ستحدث ام لا عليكم أن تسألوا من يتحدثون عن هذا بشكل متكرر." وتابع قائلا "ليس لدي شك في أن هذا سيسكب الوقود على نار مشتعلة بالفعل. النار المشتعلة الخفية الخاصة بالمواجهة بين السنة والشيعة والاكثر من هذا (أنه سيحدث) سلسلة من ردورد الافعال لا أدرى أين ستتوقف." بحسب رويترز.

قال ان العقوبات الغربية على ايران تهدف الى اثارة سخط شعبي من خلال "خنق" الاقتصاد. وأكد لافروف موقف روسيا من تشديد عقوبات مجلس الامن الدولي على ايران بشأن برنامجها النووي قائلا ان عقوبات المنظمة الدولية "استنفدت" امكاناتها. وأضاف في مؤتمر صحفي أن العقوبات الاضافية "تهدف الى احداث تأثير خانق على الاقتصاد الايراني و... الشعب الايراني ربما أملا في اثارة السخط."

من جانبه حذر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من تدخل عسكري محتمل ضد ايران لوقف برنامجها النووي، معتبرا انه "سيؤدي الى الحرب والفوضى في الشرق الاوسط" والعالم. وقال ساركوزي خلال تقديم تهانيه الى السلك الدبلوماسي ان "تدخلا عسكريا لن يحل المشكلة بل قد يؤدي الى الحرب والفوضى في الشرق الاوسط والعالم"، مؤكدا ان فرنسا ستفعل ما بوسعها لتجنب تدخل عسكري". واضاف "الوقت يحتسب، وفرنسا ستقوم بكل ما بوسعها لتجنب تدخل عسكري لكن هناك حلا وحيدا لتجنبه هو نظام عقوبات اقوى واكثر حزما يمر بوقف شراء النفط الايراني من قبل الجميع وتجميد ارصدة البنك المركزي الايراني".

وتابع ان "هؤلاء الذين لا يريدون تعزيز العقوبات على نظام يقود بلاده الى كارثة مع امتلاك السلاح النووي، سيتحملون مسؤولية مخاطر اندلاع عمل عسكري" في اشارة الى روسيا والصين اللتين لا تزالان ترفضان فرض عقوبات اضافية ضد ايران في مجلس الامن. واضاف الرئيس الفرنسي "قلت لاصدقائنا الصينيين وكذلك لاصدقائنا الروس: ساعدونا لضمان السلام في العالم ونحن كما هو واضح بحاجة اليكم". وقال ان "السلام يمر عبر عقوبات مشددة لتجنب خطر التصعيد الدموي هذا" مضيفا "هدفنا هو ان نكون الى جانب الشعب الايراني. لكن من اجل تحقيق ذلك يجب ارغام قادته على التفاوض بجدية قبل ان يفوت الاوان". بحسب فرنس برس.

كما حذر مسؤول استخباراتي أمريكي سابق الولايات المتحدة من اللجوء للعمل العسكري ضد إيران قائلاً إن الخيار، الذي اعتبره الأسوأ بين خياري العقوبات والدبلوماسية، وما قد يعنيه من احتمال توسع المواجهة لتدخل حركة "حزب الله" اللبنانية طرفاً فيها. وقال جون ماكلولين، الذي شغل منصب القائم بأعمال مدير جهاز الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي أيه" عام 2004، خلال ندوة بواشنطن: "وأحد الأسباب لاعتبار العمل العسكري ضد إيران خياراً سيئاً هي العلاقة التي تربطها بحزب الله." وأضاف: "حزب الله لم يهاجم مصالح أمريكية في الأعوام الأخيرة، لكن لديه الكثير من الخطط الجاهزة للقيام بذلك حال دخولنا بمواجهة مع إيران." بحسب CNN.

واستطرد: "بالطبع لحزب الله وجود في الولايات المتحدة، على الأقل من ناحية جمع التبرعات، وواحدة من أكبر المشاكل مع إيران، إذا دخلت معها في مواجهة مفتوحة، مواجهة عسكرية.. فأنت تخاطر بتحريك دوامة من العمليات الانتقامية والردود يصعب للغاية رصد أي نهاية لها."

ومن جانبه، توقع جيمس جونز، الذي شغل مستشار الأمن القومي الأمريكي من الفترة يناير/كانون الثاني عام 2009 حتى أكتوبر/تشرين الأول 2010، بأن يكون العام الحالي سيكون حاسماً في التعامل مع الجمهورية الإسلامية. وتابع: "اعتقد أن 2012 سيكون العام الذي يجب في التعامل مع إيران بطريقة أو أخرى." مضيفاً بأن إيران النووية تعتبر تهديداً لإسرائيل وقد تشعل سباق تسلح نووي في المنطقة، كما قد يمهد الطريق أمام جهات غير حكومية للحصول على أسلحة نووية، وأردف محذراً: "وفي حال حدوث ذلك، أعتقد العالم الذي نعيش فيه سيتغير بصورة دراماتيكية. وقال إن واشنطن نجحت في حشد الدول لفرض عقوبات اقتصادية ضد طهران، فيما بدأت أخرى في "تضييق الخناق عليها." واختتم بقوله "أعتقد أن إيران تدرك ذلك.. وهذا واحدة من الأسباب لما نراه من سلوك عدواني من جانب القوات الإيرانية في الخليج أو تهديد خليج هرمز.

من جانب اخر حث حلف شمال الاطلسي ايران على ضمان أمن شحنات الطاقة المارة عبر مضيق هرمز لكنه قال انه ليس لديه خطط للتدخل في المنطقة. وقال الأمين العام للحلف أندرس فو راسموسن في بروكسل ان "المهم للغاية ضمان استمرار تدفق إمدادات الطاقة المارة عبر الممر الحيوي." واضاف في مؤتمر صحفي عقب اجتماع مع وزير الخارجية التركي احمد داود أوغلو "أود أن أشدد على ان من واجب السلطات الايرانية التصرف كطرف دولي مسؤول... حلف شمال الاطلسي ليس لديه خطط للتدخل."

هذا ويرى بعض الخبراء ان السبيل الوحيد لتفادي وقوع كارثة الحرب المحتملة هو اجراء حوارات مباشرة بدون وسطاء، لأجل توضيح وجهات النظر مع وجود تنازلات من قبل الاطراف المتصارعة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 4/شباط/2012 - 11/ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م