
شبكة النبأ: تواجه مسيرة ثورات الربيع
العربية أسئلة عديدة من أهمها هل ان هذه الثورات بدأت تتضائل ام انها
ستتواصل وهو السؤال الذي يعتبر من اهم الأسئلة التي تواجه مجريات
التغيير في سياسة الأنظمة الحاكمة، وذلك بعد أن أطاحت الثورات العربية
بالأنظمة الدكتاتورية في كل من تونس ومصر وليبيا.
ومن ابرز التحديات التي تواجه مسيرة الثورات العربية اختلاط مظاهر
الفرح والحزن، وهي تلك المظاهر التي شهدتها البلدان العربية الثائرة
منذ 2011 في إطار إعادة تشكيل العالم العربي.
العام الجديد بدأ يشهد هدوءا على مستوى الثورات الشعبية العربية،
وأن البعض بدأ يخطط لوضع الإستراتيجيات المناسبة للإصلاحات السياسية
والاقتصادية، وخاصة تلك التي تضررت بشكل كبير جراء اضطرابات العام
الماضي في البلدان الثائرة في المنطقة العربية.
وما يثير القلق أكثر هو أن صعوبة إيجاد أنظمة بديلة تحل محل الأنظمة
الاستبدادية تُضعف الحماس الغربي الذي بدا قويا وأعطى الانطباع بأنه لن
يتراجع أمام الدكتاتوريات في العالم العربي. لكن الشكوك تنمو الآن بشأن
ما إذا كانت كل الجهود ستؤدي إلى تغيير إيجابي دائم.
إن الدعوات الشعبية من أجل التغيير السياسي في بعض البلدان العربية
الأخرى ربما تمر بمأزق أو أنها وصلت إلى طريق مسدود. ففي البحرين، أدى
القمع الحكومي إلى إخماد الثورة الشعبية في مهدها، وإلى ملء السجون
بالسياسيين.
وأما في بقية البلدان العربية، أن مستوى المطالبة بتغيير الأنظمة
آخذ بالتضاؤل والفتور، برغم حالة الاستياء التي تسود أنحاء المنطقة،
فان إقدام عدد من العاطلين عن العمل على إحراق انفسهم منتصف الشهر
الجاري. وأن المغربيين استلهما الفكرة من التونسي محمد البوعزيزي.
ويقول النظام في المغرب انه يعمل على سن إجراءات اصلاحية اتخذها ملك
المغرب محمد السادس، واما في الأردن فهناك مظاهرات احتجاجية من أجل
الديمقراطية منذ بداية عام2011. وأن الإسلاميين واليساريين وقيادات
العشائر الأردنية، كلهم أعربوا عن مطالبهم المختلفة بضرورة إصلاح
النظام السياسي والاقتصادي في البلاد.
وأما في السعودية، فبعد شهور من سقوط الرئيس المصري المخلوع حسني
مبارك، فإن السعودية تعمل على تخليص نفسها من المأزق التي وقعت فيه مع
الشيعة والذين يعانون من تممي. زان البحرين التي تعتبر غالبيتها من
الشيعة لا تزال تعاني من استبداد النظام الحاكم الذي عمل على مواجهة
المحتجين بالعنف.
وفي اليمن هناك سؤال حول مدى أثر مغادرة الرئيس علي عبد الله صالح
اليمن في إرضاء خصومه، في البلاد التي لم تزل تشهد صراعات دموية ضد
نظامه. في حين بدأت رياح انفصال الجنوب بالهبوب.
اما في ليبيا وعلى الرغم من تكثيف قصف الناتو والمكاسب الهامة التي
تحققت للثوار الليبيين، فإن الحلفاء ليسوا منقسمين فقط على أفضل طريقة
لمساعدة مقاتلي المعارضة في ليبيا، بل يتساءلون إلى متى يمكنهم مواصلة
تقديم المساعدة لهجومها البري الهزيل والمتعثر إلى حد بعيد.
ويرى محللون سياسيون أن هذا الجمود يضع أسئلة كثيرة عن التجاوب مع
الثورات العربية، فالسياسة الدولية تتعامل مع الثورات بنسب متفاوته
فمثلا هناك رفض رفض أعضاء الاتحاد الأوروبي بشكل واضح اتخاذ أي إجراء
عملي إزاء النظام السوري لكن يقابل ذلك ففي البحرين لا يوجد ادانة او
موقف دولي ازاء ما يحدث من انتهاكات على المستوى السياسي والأمني تجاه
المحتجين الذين يمثلون اكثرية وبنسبة 70% يحكمهم نظام مستبد لايقبل
باجراءات ديمقراطية، بل يعمل على كبت الحريات ويمارس التعذيب والسجن
لكل من يخالف اوامر حكام البحرين.
ويرى مراقبون أن هذا السلوك يعتبر فاترا تجاه التحركات الديمقراطية
في العالم العربي، فالجامعة العربية ساندت الدعوات الأوروبية
والأميركية بالتدخل في ليبيا لكنها سكتت عن المناطق الأخرى واكتفت
بالتحذير من التدخل. بحسب مجلة تايم
وفي جميع الدول الغربية التي كثيرا ما ألقت دروسا في الديمقراطية
وضرورة تبنيها ودعم جهود التعددية، والآن هو ما إذا كان يبدو أن الدول
الغربية التي تكافح للتجاوب مع تلك الانتفاضات ستبدي استجابة أكبر
لحماية وتعزيز الطموحات الديمقراطية التي تحكمها ام لا؟
يقول غراهام فولر الرئيس السابق للمجلس الوطني للاستعلامات بجهاز
المخابرات المركزية الأميركية ومؤلف كتاب عالم بدون إسلام الصادر مؤخرا
إن أكبر الخاسرين من الثورات العربية هي الولايات المتحدة وإسرائيل
وإيران، لكنه قال أيضا إن أميركا وإسرائيل يمكنهما الاستفادة من بعض
الفرص إذا أحدثتا بعض التغيير في سياستيهما.
وأكد فولر أن الطريق قد يبدو صعبا وغير واضح المعالم أمام المواطنين
العرب، لكن الأحداث تعني إنجازا كبيرا في كسر الجمود والعقم الذي ميز
النظام القديم.
ويشرح فولر الخاسرين من وجهة نظره فيقول إن إسرائيل هي أكبر خاسر،
فالعديد من الحكام المستبدين القدامى المدعومين من الولايات المتحدة
بالمال والدعم السياسي للحفاظ على غطاء المنطقة يتساقطون الآن، وبعضهم
سيذهب بمرور الوقت، في البحرين والأردن على الأرجح، وحتى المملكة
العربية السعودية. ولا يمكن لإسرائيل الاعتماد على حرية ممارسة سياسة
الاحتلال إلى أجل غير مسمى.
أما بالنسبة للولايات المتحدة فقال يرى خبراء إن أسباب خسارتها
بسيطة فالشعوب العربية غاضبة ومحبطة من عقود بل قرون من السيطرة
الاستعمارية الغربية، انتهت بعقد من الحروب الأميركية على الأراضي
الإسلامية في بحث وهمي عن حل عسكري للإرهاب المعادي للغرب.
ولهذا السبب يرى محللون سياسيون أن الجماهير العربية في المدى
القريب لن تنتخب الموالين لأميركا، بل إن الإسلاميين هم المستفيدون
الأكثر احتمالا من التغيير، جنبا إلى جنب مع القوميين. وعلاوة على ذلك
يُنظر إلى أميركا كقوة متراجعة مع تقلص قدرتها في السيطرة على الأحداث.
لكن السؤال الأهم المطروح: هل ستحقق هذه الثورات النتائج والغايات
التي قامت من أجلها؟
يرى محللون سياسيون إن الثورة كفعل مباشر مادي على الأرض ليست سوى
بداية لعملية طويلة قد تمتد لسنوات باعتبار أن تغيير النظام بكافة بناه
السياسية والأمنية يشبه زلزالا تتبعه توابع أخرى ذات دوائر أقل حدة
لكنها تتلاحق حتى يستقر الوضع إلى حالة الهدوء، إلا في حال اندلاع
الحرب الأهلية كما هو حاصل في ليبيا حيث تكون عملية استعادة الاستقرار
مرشحة لفترة أطول زمنيا فضلا عن عم القدرة على التنبؤ بنتائجها.
ويرى الكاتبان الأميركيان جاك غولدستون وجون هازل أن من أخطر
المسائل التي تواجه الثورات هي المرحلة التي تلي إسقاط النظام العدو
المشترك حيث تظهر الخلافات الداخلية تطبيقا للمبدأ المعروف الذي انتجته
الثورة الفرنسية وهو الثورة تأكل أبناءها.
وينبه الكاتبان إلى أن طبيعة الثورات العربية وتحديدا تلك التي نجحت
في إسقاط النظام الحاكم مثل مصر وتونس تقف في تركيبتها على متناقضات
كثيرة، مشددين على الحالة المصرية حيث تتوزع الولاءات إلى التركيبة
الدينية ومن ثم التوجهات السياسية، الأمر الذي يضع هذه الدول أمام
تقلبات سياسية تتمثل بالعجز أو التأخر في تشكيل الحكومات وإقرار
الإصلاحات المطلوبة. |