أمريكا وأفغانستان... مفاوضات ماراثونية تهيئ لحكم طالبان!

كتب المحلل السياسي

 

شبكة النبأ: اعتمدت الولايات المتحدة الامريكية مؤخرا سياسات جديدة نحو ايجاد توافقات مع حركة طالبان ربما تكون هذه التوافقات تبدأ باطلاق سراح سجناء مرورا بمفاوضات سلام لتنتهي بوصول الحركة مستقبلا الى سدة الحكم مجددا، هذا السيناريو فيما اذا حدث سيؤكد ان الولايات المتحدة غير قادرة على ردع الحركة عسكريا وخصوصا بعد حرب دامت عشر سنوات وهذا بطبيعة الحل قد يضعف الدور الأمريكي في القضاء على الإرهاب، حركة طالبان وبحسب مسؤولون سابقون قالوا إن ممثلين عن الحركة بدؤوا محادثات مع مسؤولين أميركيين في قطر تتناول إجراءات بناء الثقة، منها نقل سجناء ينتمون للحركة من غوانتانامو إلى قطر، في حين تعمل طالبان على تحسين صورتها.

الاتفاق التاريخي الذي أعلنت عنه حركة طالبان الأفغانية بالتوصل إلى فتح مكتب لها في قطر. ويهدف المكتب إلى توفير مظلة تتيح لقادة طالبان الاتصال والتفاوض مع الولايات المتحدة الأمريكية والدبلوماسيين الغربيين. ونظر إلى قطر باعتبارها مكانًا مناسبًا حيث سيتيح ذلك النأي بالمباحثات عن قبضة وكالة الاستخبارات الباكستانية القوية والتي تحيط بها الشكوك بشأن رعاية ودعم الحركة سرًّا. فإن عملية افتتاح هذا المكتب تمثل أول خطوة نحو تغيير استراتيجيتها بعد عقد من الحرب.

ويقول المسؤولين السابقين أن ما بين أربع وثمانية ممثلين عن طالبان توجهوا لقطر من باكستان لتجهيز مكتب سياسي للحركة.

ويرى مراقبون أن تلك التصريحات توحي بأن طالبان التي لم تعلن بأنها ستشارك في محادثات سلام لإنهاء الحرب بأفغانستان تعمل على التعجيل في المحادثات التمهيدية. أما المسؤولون الأميركيون فلم ينكروا أنهم عقدوا لقاءات مع طالبان، وأن تلك المحادثات حظيت بموافقة ضمنية من باكستان التي تصدت في السابق لجهود لطالبان بهذا الشأن.

الحكومة الأفغانية من جهتها أعربت عن استيائها في البداية لأنها شعرت بالإقصاء، وافقت على إجراء المحادثات من حيث المبدأ رغم أنها لم تشارك بشكل مباشر، وهو ما قد يعد عقبة محتملة لهذا التطور التاريخي.

غير أن المسؤولين في افغانستان حرصوا على ألا يصفوا المحادثات بأنها محادثات سلام، حيث يقول مسؤولين ليس هناك محادثات سلام. وأن المحادثات التي لا تزال قائمة في قطر تتعلق فقط بإطلاق سجناء طالبان من غوانتانامو، وترغب الحركة في تعزيز الحوار لبناء الثقة من أجل عقد محادثات أخرى بالمستقبل.

وأكد سيد محمد أكبر أغا وهو قيادي عسكري بطالبان أنه سيتم نقل خمسة سجناء ينتمون للحركة على مرحلتين، يليهما من تبقى من المعتقلين، غير أن مارك غروسمان الممثل الخاص لإدارة أوباما بأفغانستان وباكستان قلل من شأن تلك التصريحات، وقال إن واشنطن لم تقرر بعد بهذا الشأن. بحسب نيويورك تايمز.

من جانبها صرحت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فكتوريا نولاند بأن غروسمان عقد عددا من اللقاءات الخاصة بأفغانستان عندما زار قطر مؤخرا، وقال غروسمان إن محادثات السلام الحقيقية قد تبدأ بالفعل بعد أن تنبذ طالبان الإرهاب الدولي، وتوافق على دعم عملية السلام لإنهاء الصراع المسلح.

ويرى محللون سياسيون إن طالبان تسعى حاليا لتحسين صورتها أمام العالم عبر سلسلة من التصريحات وفي تصريحات أدلت بها في الآونة الأخيرة، بدت طالبان أكثر اعتدالا، وميولا لإقامة علاقات سلمية مع دول الجوار واحترام حقوق الإنسان، وفق صحيفة وول ستريت جورنال.

وقال مراقبون أن ممثلين عن طالبان التقوا مسؤولين أميركيين خلال الأشهر الماضية، في محاولة لإقامة حوار يمكن أن ينهي أطول حرب أميركية بالخارج.

وفي مؤشر ملموس على التقديم تنازلت طالبان مطلع هذا الشهر عن إصرارها على خروج جميع القوات الأجنبية من أفغانستان قبل إجراء محادثات سلام، وأسست مكتبا لتمثيلها في قطر لتسهيل المفاوضات في المستقبل.

وأكد المتحدث باسم الحركة ذبيح الله مجاهد أن حكومة طالبان في المستقبل ستكون أكثر حكمة واعتدالا مما كانت عليه في تسعينيات القرن الماضي وقال كلما تقدمت الحركة في السن، أصبحت أكثر نضجا وأجرت تغييرات جذرية. كما أن الحركة تضم في صفوفها قادة من الطاجيك والأوزبك وآخرين من أقليات غير بشتونية بقيت خارج حكومة طالبان عام 2001.

وأشار مجاهد إلى أن الإدارة المستقبلية للحركة ستسعى إلى إقامة تنسيق جيد مع المجتمع الدولي لمكافحة المخدرات.

وعن استئصال علاقتها مع تنظيم القاعدة، كمطلب أساسي لدى أميركا وحلفائها، يرى خبراء إن مقاتلي القاعدة لم يرتبطوا بالتمرد الراهن في أفغانستان وخاصة بعد مقتل زعيمهم أسامة بن لادن العام الماضي.

غير أن قادة ميدانيين أميركيين في افغانستان يتفقون على أن قيادة طالبان ما زالت تعتقد بأنها قد تحقق هدفها الحربي الذي ينطوي على الاستيلاء على كابل وباقي أرجاء البلاد عقب انسحاب القوات الأجنبية عام 2014.

فيما يرى محللون سياسيون أن الولايات المتحدة والدول الحليفة تواجه مقاومة عنيفة من حركة طالبان الأفغانية التي تنفذ خططا متطورة للدعاية في الشهور الأخيرة تثير قلق المسئولين الامريكيين الذين يكافحون من أجل الحد من تأثير الحركة المتنامية في جميع أنحاء أفغانستان.

وقال مسئولون أمريكيون ومحللون أفغان إن طالبان أصبحت بارعة في تصوير الغرب أنه على حافة الهزيمة، وعلي استغلال الخلافات بين واشنطن وكابول وتحط من صورة حكومة الرئيس حامد كرزاي بتصويرها كدولة دمية في قبضة الغرب، كما تسعى المجموعة أيضا أن تؤكد للأفغان أن لديها استراتيجية لحكم البلاد مرة أخري والقضاء على الفساد وحماية حقوق المرأة.

وقالت المصادر الأمريكية إن الحركة الإسلامية الراديكالية رفعت من جهود الدعاية التقليدية الشعبية وتلميع وجودها علي الإنترنت فيما يجد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة نفسه في موقف دفاعي في وسائل الاعلام.

وقال مسئول في المخابرات الامريكية إن الاستراتيجية الإعلامية لحركة طالبان تزداد تعقيدا بما يدعو للقلق، وفي توجيهاته للقوات، حث الجنرال ديفيد بتريوس، قائد منظمة حلف شمال الأطلنطي، قواته الى خوض حرب المعلومات بقوة، بينما أصدر زعيم حركة طالبان الملا عمر بيانا في وقت سابق من هذا الشهر بشر فيه بإلحاق هزيمة وشيكة بقوات حلف شمال الاطلنطي في أفغانستان، وأوضح كيف أن طالبان ستحكم عندما تعود إلى السلطة وهو من التهديدات المألوفة لزعماء الحركة لكن المحلل السياسي زواك جيلاني، الذي درس دعاية طالبان لسنوات يقول إن دعاية الحركة تتغير وإنها تتصرف مثل حكومة بديلة.

وفي تلك الاثناء كشفت معلومات ان المخابرات الامريكية حولت سرا عملياتها بطائرات بدون طيار من العمل في افغانستان إلي تصعيد عمليات تقودها الـ سي. آي. إيه ضد المسلحين في باكستان.

وأشار مراقبون الى تزايد الهجمات بتلك الطائرات على باكستان.

وقال مسئولون باكستانيون إن الطائرات بدون طيار شنت 21 غارة خلال شهر سبتمبر أودت بحياة 120 مسلحا علي الاقل وهو أعلي معدل شهري لتلك الغارات، واستهدف معظمها تنظيم شبكة حقاني بمنطقة وزيرستان والتي تعتبر الملاذ الآمن لطالبان وتنظيم القاعدة المتحالف معها والذين يعارضون الحرب الأمريكية في أفغانستان.

ومن جانبه حذر رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني من أن باكستان ستبحث خيارات أخري حال تكرار انتهاك سيادتها من قبل الناتو وإيساف مستقبلا، وأكد جيلاني في كلمتة أمام جلسة الجمعية الوطنية الباكستانية أن بلاده لن تسمح لأحد بالتدخل في سيادتها، مشيرا إلى أن باكستان دولة نووية ومسئولة ولن تساوم علي أمنها ووحدة أراضيها.

تجدر الإشارة إلي أن باكستان قدمت احتجاجا رسميا إلى الناتو علي انتهاك سيادتها من قبل مقاتلات إيساف والناتو، مما أدي إلي مقتل ثلاثة جنود باكستانيين. واشترطت طالبان أن تفرج الولايات المتحدة عن المحتجزين فى سجن جوانتانامو، ويتم إرسالهم إلى قطر ليضعوا قيد الإقامة الجبرية، حيث تعتزم فتح مكتب هناك.

فهناك احتمال نقل السجناء كان نتيجة لاجتماعات بين ممثلي الولايات المتحدة ووفد طالبان برئاسة الطيب آغا، وهو مساعد لزعيم حركة طالبان الأفغانية الملا محمد عمر. ويرى مراقبون أن اتفاق السلام بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، قد وصل منعطف حاسم، وربما يكون انهار فى نهاية المطاف، بعد أن رفض الرئيس الأفغانى شروط الحركة المتشددة. وان الطرفين قد اقتربا من إجراء مفاوضات سلام حقيقية بعد عام من المحادثات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 1/شباط/2012 - 8/ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م