الإستراتيجية أمريكية... تتمحور حول آسيا وتعلق في الشرق الأوسط

 

شبكة النبأ: وثيقة الأستراتيجية الدفاعية الجديدة للبنتاغون هي محاولة مدروسة وضرورية للتكيف مع الحقائق الجيوسياسية والمالية الجديدة. ولكن كما هو الحال مع جميع الخطط، فللخصوم (والأصدقاء) رأيهم. ومراراً وتكراراً، أحبطت مصالح الولايات المتحدة الحيوية (النفط على وجه التحديد) وسياسات الشرق الأوسط مخططات الرؤساء الأمريكيين الذين سعوا للحصول على فرص أفضل في أماكن أخرى.

يقول مايكل آيزنشتات في مقاله التحليلي المنشور في موقع معه واشنطن لدرسات الشرق الادنى: بالنسبة للرئيس نيكسون، كانت تلك التطورات هي حرب عام 1973 وفرض حظر على شحنات النفط إلى الغرب، وبالنسبة للرئيس كارتر، كانت الثورة الإيرانية وأزمة الرهائن في السفارة؛ وللرئيس ريغان، كان ذلك الفشل الذريع في بيروت وأزمة الرهائن في لبنان وقضية إيران كونترا [التي عقدت بموجبها إدارة الرئيس ريغان اتفاقاً مع إيران لتزويدها بالأسلحة بسبب حاجة الجمهورية الإسلامية الماسة لأنواع متطورة منها أثناء حربها مع العراق]؛ وللرئيس بوش الأب كانت حرب الخليج عام 1991؛ ولكلينتون عملية السلام بين العرب واسرائيل، وللإدارة السابقة كانت الانتفاضة الثانية وهجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر وحرب العراق التي أطاحت بنظام البعث.

ويضيف مايكل آيزنشتات: فما هي المفاجآت التي يمكن أن يسفر عنها الشرق الأوسط لكي يتم تحوّل محور البنتاغون من أوروبا باتجاه منطقة آسيا والمحيط الهادئ؟

• ماذا لو قامت إيران بشن حملة سرية لمضايقة الملاحة الدولية في الخليج بدلاً من غلق مضيق هرمز؟ هل ستكون الولايات المتحدة حينئذ مستعدة لتنظيم مواكب حماية كما فعلت في نهاية الحرب بين إيران والعراق؟ إذا كان الأمر كذلك ما هي المدة التي ستستغرقها تلك الجهود؟ علينا أن نذكر أن مناطق حظر الطيران فوق العراق كانت وسائل "مؤقتة" استمرت في النهاية أكثر من عقد من الزمن وخلقت توترات مع الحلفاء ووفرت الذرائع لأعداء جهاديين. ماذا ستكون التكاليف السياسية والعسكرية والاقتصادية لعمليات حماية غير محددة الزمن؟

• ماذا لو قام «حزب الله» بمضايقة سفن التنقيب عن الغاز وأرصفة الإنتاج قبالة ساحل إسرائيل، بما يؤدي إلى قيام توترات أو حتى مواجهة صريحة؟ وماذا لو قامت تركيا بدعم «حزب الله» لأسباب انتهازية (على سبيل المثال، نَيْلِ حظوة لدى العرب ووخز إسرائيل وقبرص)؟

• ماذا لو قامت إسرائيل بشن ضربة وقائية ضد البنية التحتية النووية الإيرانية، وردت طهران بإطلاق الصواريخ ضد إسرائيل وتشجيع عملائها على مهاجمة أفراد وجنود أمريكيين ومصالح الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان والخليج؟

وتابع مايكل آيزنشتات: إن هذه السيناريوهات لا تبدأ حتى في استنفاد الاحتمالات القاتمة والتي تشمل تكثيف العنف المدني في سوريا وتصاعد العنف الطائفي في العراق واستئناف الاضطرابات السياسية في مصر أو البحرين، أو انتشار مثل هذه الاضطرابات إلى الأردن -- ناهيك عن الآثار المترتبة على زوال حكومة صالح في اليمن. وفي حالة واحدة أو أكثر من هذه الحالات يمكن أن يجد الجيش الأمريكي نفسه متورطاً في عملية إجلاء غير قتالية وإغاثة إنسانية، أو حتى عمليات مستهدفة لمكافحة الإرهاب، وهو ما يقوم به بالفعل في اليمن.

ويشير: تتطرق الوثيقة الاستراتيجية الجديدة (بصورة مفهومة) أيضاً إلى بعض التحديات الأكثر أهمية التي قد تواجهها الولايات المتحدة في إنجاز إحدى مهماتها الأساسية ألا وهي ردع ودحر العدوان. فواشنطن تعمل حالياً في المنطقة في ظل وجود نقص في مصداقيتها. فنتيجة تخلي الولايات المتحدة المُتَصَوَّر عن حلفائها القدامى (وخاصة حسني مبارك في مصر)، لم يعد العديد من أصدقاء أمريكا في المنطقة يثقون بها، كما لم يعد بعض أعدائها يخشونها. إن التحدي الأكثر أهمية بالنسبة لواشنطن ربما يكون اعادة ترسيخ مصداقية الولايات المتحدة. ولا يمكن أن يتم ذلك إلا من خلال التعاطي المستمر من قبل الرئيس الأمريكي وإعادة بناء العلاقات الشخصية مع الزعماء العرب والاسرائيليين على حد سواء. ولكن ليس من الواضح أن البيت الأبيض يدرك المشكلة أو يميل إلى تكريس الوقت والطاقة اللازمين لمعالجتها.

ويؤكد مايكل آيزنشتات: أخيراً، فإن محاربة الإرهابيين ومواجهة المتمردين في فترة دامت حتى الآن عشر سنوات ومرور أكثر من عقدين من الزمن منذ نهاية الحرب الباردة قد أوهنوا العزم الأمريكي على الردع والتصعيد. وهكذا، ففي حين يمنح التوجه الاستراتيجي قيمة متساوية للردع بالحرمان (بإحباط أهداف العدو) والردع بالعقاب (بفرض تكاليف غير مقبولة)، فقد أظهرت واشنطن بصورة واضحة - من الناحية العملية - مَقْتَاً شديدا للأخير. ومن هنا كان اعتمادها على صفقات السلاح لحلفائها العرب في الخليج لتكون رسالة إقناع لطهران أن برنامجها النووي لن يعزز أمن إيران. ومع ذلك فسرعان ما قد تكتشف واشنطن بأن الاعتماد الحصري على الردع بالحرمان قد لا يكون كافياً للحفاظ على السلام، بل ربما في الواقع يساعد على تحقيق نفس النتيجة التي تحاول تجنبها.

ويرى مايكل آيزنشتات: هناك تلميح بوجود فرصة لبناء نظام إقليمي مستقر ومزدهر في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. ولكن للأسف لا يزال هناك في الشرق الأوسط الكثير من الأعمال غير المنتهية بالنسبة للولايات المتحدة وقواتها العسكرية.

نبذة عن معهد واشنطن

الجدير بالذكر ان معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بحسب موقعه الالكتروني أسس عام 1985 لترقية فهم متوازن وواقعي للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. وبتوجيه من مجلس مستشارين بارز من كلا الحزبين من اجل توفير العلوم والأبحاث للإسهام في صنع السياسة الأمريكية في هذه المنطقة الحيوية من العالم.

وينقل موقع تقرير واشنطن الالكتروني إن الهدف من تأسيسه كان دعم المواقف الإسرائيلية من خلال قطاع الأبحاث ومراكز البحوث وان لجنة العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية المعروفة بإيباك كانت المؤسسة الأم للمعهد حيث أن مديره المؤسس هو مارتن إنديك رئيس قسم الأبحاث السابق باللجنة. وتزعم المنظمة أنها اختارت مصطلح "الشرق الأدنى" لتعريف الهوية الذاتية للمعهد (بدلا من "الشرق الأوسط) لأنه المصطلح المعترف به في الخارجية الأمريكي لوصف العالم العربي والدول المجاورة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 31/كانون الثاني/2012 - 7/ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م