أزمة الغذاء تطل على العالم بشبح حرب شاملة

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: يبدو أن أزمة غداء حول العالم صنعت آفة إنسانية تزهق الأرواح الا وهي آفة الجوع، التي تهدد بنشوب حرب من أجل الغذاء. إذ أدى الارتفاع القوي لأسعار المواد الخام إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل قوي، ناهيك عن الكوارث الطبيعية كالفيضانات والجفاف والحرائق، التي بدورها قلصت مخزون الغذاء العالمي.

حيث يتنبأ الخبراء بأن عدد سكان الكرة الأرضية سيبلغ تسعة مليارات شخص عام 2050، ويخشون من أن قطاع الإنتاج الغذائي لن يكون قادراً على مواكبة الطلب المتسارع على الغذاء، مما يعني أن الحروب القادمة سيتم خوضها من أجل لقمة العيش.

وتتحمل البلدان الصناعية جزءا من المسؤولية في أزمة الغذاء العالمية وذلك بسبب عادات الاستهلاك المتبعة فيها. من جهتها طالبت المنظمة الألمانية لمكافحة الجوع في العالم بالتحلي بروح المسؤولية في استهلاك المواد الغذائية، في حين يرى محللون اقتصاديون أن الزيادة الكبيرة في أسعار الغذاء العالمي سيرفع معدلات التضخم خلال العام الجاري 2012. كلها أمور تنذر بخطر كبير الذي يحدق في أمن العالم. ويبقى بحث صناع القرار السياسي في الوقت الحاضر أهم الحلول لمشاكل التغذية في المستقبل.

نافذة نجاة العالم

فقد دعا عدد من العلماء إلى إدراج قضية الأمن الغذائي العالمي ضمن أبرز القطاعات التي تتعرض للتهديد بفعل التبدلات المناخية الناتجة عن ظاهرة الاحتباس الحراري، مشيرين إلى أن الخطر بات يتهدد الإنجاز الأساسي للبشر خلال مسيرتهم التاريخية، وهو نجاحهم في إنتاج الغذاء بكميات كبيرةن وزاد من أهمية التحذير الذي أطلقه العلماء عبر رسالة في دورية "العلوم" واقع أن عدد البشر تجاوز قبل أشهر حاجز سبعة مليارات نسمة، وهو مرشح للتزايد في وقت تتراجع فيه الموارد الطبيعية، وقال جون بدنغتون، كبير المستشارين العلميين للحكومة البريطانية، وهو أحد المساهمين في الرسالة: "يجب على قطاع الزراعة العالمي أن يتمكن من إنتاج المزيد من الأغذية لتلبية متطلبات الأعداد المتنامية من البشر، ومن ذلك يشير العلماء إلى التبدلات المناخية وخطرها المتزايد على الزراعة والغذاء، وفي تقرير إلى أن تأثيرات المناخ ظهرت خلال الصيف المنصرم من خلال موجات الجفاف القاسية التي ضربت مناطق في الصومال والولايات المتحدة، والتي نتج عنها مجاعة كبيرة في القرن الأفريقي. بحسب السي ان ان.

 ولكن الجفاف ليس العامل الوحيد، بل يمكن لارتفاع حرارة الأرض التسبب بزيادة نسب الرطوبة، ما يؤدي خلال الشتاء إلى عواصف مدمرة وفيضانات، كما جرى في باكستان عام 2010، ما أدى إلى مقتل الآلاف وتدمير المحاصيل الزراعية ورفع أسعار المواد الغذائية الأولية إلى معدلات غير مسبوقة حول العالم، ويضاف إلى ذلك تزايد نسب الكربون في الجو، ما قد يؤدي إلى تدمير المحاصيل، إلى جانب استخدام مصادر المياه المستنزفة بشدة لأغراض صناعية أو لخدمة المزارع المتخصصة بإنتاج اللحوم، يشار إلى أن الرسالة التي نشرتها دورية "العلوم" حملت أيضاً توقيع مولي جان، عميدة كلية وسكونسون مديسون الزراعية التي قالت إن النافذة الموجودة أمام العالم لتجنب كارثة زراعية "تضيق باستمرار" على حد تعبيرها.

صدمة الأسعار

كما يبدو أن العالم على وشك مواجهة "صدمة" في أسعار الغذاء قريباً، مع استمرار ارتفاع أسعار كثير من السلع الأساسية، خاصةً في ضوء التحذيرات التي أطلقتها الأمم المتحدة مؤخراً، من أن العالم قد يشهد أزمة غذائية، ربما تكون أكثر قسوة من تلك التي شهدها عام 2008، وجاء تقرير حكومي أصدرته وزارة الزراعة الأمريكية ، أشار إلى أن مخزون الولايات المتحدة من الحبوب الغذائية عند أدنى مستوياته، بمثابة مفاجأة للتجار الأمريكيين، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الذرة وفول الصويا إلى أعلى معدل لها خلال الـ30 شهراً الأخيرة، وجاء هذا الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية بعد أيام على صدور تقرير آخر عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو"، الأسبوع الماضي، تضمن تحذيراً من الأزمة الغذائية التي شهدها عام 2008، وتسببت في اضطرابات بمختلف أنحاء العالم، قد تتكرر مجدداً، إذا ما واصلت أسعار الغذاء ارتفاعها.

وفيما يثير الارتفاع العالمي لأسعار المواد الغذائية الكثير من القلق، خاصةً للدول النامية، فقد شهدت الكثير من الدول العربية، ومن بينها تونس والجزائر والأردن، احتجاجات صاخبة مناهضة للسياسات الحكومية، التي يعتبرها المحتجون السبب الرئيسي في موجة "الغلاء"، التي تعصف بمجتمعاتهم, ورغم أن بعض المسؤولين أبدوا ارتياحاً نسبياً لاستقرار أسعار الأرز، الذي يُعد مصدر الغذاء الأساسي لكثير من الدول الآسيوية، إلا أنهم حذروا من أن استمرار ارتفاع أسعار السلع الأخرى، خاصةً الحبوب الغذائية وفي مقدمتها القمح، سوف يلقي بتبعات وخيمة على المجتمعات الفقيرةن وقال خبير الاقتصاد الزراعي بجامعة ولاية "أيوا"، تشاد هارت، في إطار تعليقه على تقرير وزارة الزراعة الأمريكية، إن "مخزون الذرة وفول الصويا قد بلغ أدنى مستوياته في واقع الأمر، وسوف تشهد الأسواق ارتفاعاً كبيراً في الأسعار. بحسب السي ان ان.

أما رئيس مؤسسة "أغريسورس"، والتي تتخذ من مدينة شيكاغو مقراً لها، دان باسي، فقال: "لا يوجد مجال لمزيد من الأخطاء، فإذا ما وقعت أية مشاكل في أحوال الطقس خلال الموسم القادم، فإننا سوف نشهد أعلى ارتفاع على الإطلاق في أسعار الذرة والصويا، كما سينخفض معدل إنتاج القمح إلى أدنى مستوياته، وحذر كثير من التجار والمحللين من أن التقرير الأخير حول حجم المخزون الأمريكي من الحبوب، وكذلك تراجع المخزون العالمي، يعني أنه لن يكون هناك مجال لتحمل مزيد من المشاكل المناخية، في الوقت الذي تستعد فيه كل من البرازيل والأرجنتين، وهما من أكبر منتجي الحبوب في العالم، لبدء موسم الحصاد قريباً، وكانت أسعار الذرة قد سجلت ارتفاعاً في الأسواق الأمريكية بنحو خمسة في المائة، لتصل إلى 6.37 دولار للمكيال، وهو أعلى سعر لها منذ يوليو/ تموز 2008، بينما سجلت أسعار فول الصويا، في شيكاغو، بحوالي 5.2 في المائة، إلى 14.2 دولار للمكيال، وهو أيضاً الأعلى منذ أواخر نفس العالم.

المواد الأساسية

في سياق متصل تواجه مقاطعة "شاندونغ"، فى شمال شرقي الصين، أهم مناطق زراعة الحبوب في تلك الدولة الآسيوية، أسوأ موجة جفاف منذ 60 عاما، ما دق ناقوس الخطر من احتمال أكبر دول العالم إنتاجاً للقمح لأزمة، وروسيا، لا تزال تعاني من موسم جفاف خفض إنتاجها من القمح بقرابة 40 في المائة، ودفع الحكومة، الصيف الماضي، إلى حظر الصادرات، ورغم الآمال في أن تؤدي سلالة من تلك الحبوب لاستئناف موسكو صادراتها من القمح، إلا أن التربة التي تضررت من الجفاف تعني أن قرابة 10 في المائة من حقول زراعة القمح لن تجري زراعتها هذا العام.

وإلى جانب ذلك، انتشرت ثورات شعبية أطاحت بحكومتي تونس ومصر ليسري المد الثوري في أرجاء منطقة الشرق الأوسط، كانت الشرارة التي أشعلتها ارتفاع معدلات البطالة والفساد وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وقال نغوزي أوكونجو-إويالا، المدير المنتدب لدى البنك الدولي "ينبغي علينا الحذر، وكمجتمع دولي، بأن لا نسمح لأسعار المواد الغذائية بأن تصبح تهديداً أمنياً قومياً لدول فحسب بل تهديد للأمن الدولي، ولقد دفع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بما يقرب من 44 مليون شخص إلى براثن الفقر منذ يونيو/حزيران الماضي، وفقا لتقديرات البنك الدولي صدرت هذا الأسبوع ، أدى بدوره إلى زيادة أعداد من يعانون من الجوع المزمن إلى مليار شخص حول العالم ، وارتفعت أسعار الغذاء العالمية مدفوعة بكوارث مناخية كالجفاف في روسيا وقرارها بحظر تصدير القمح، فضلا عن الاقبال المتزايد على الوقود الحيوي وارتفاع الطلب من الاقتصادات الناشئة مثل البرازيل والهند والصين. بحسب السي ان ان.

وقاد السكر والقمح هذه الزيادات حيث ارتفعت أسعارهما بواقع 20 في المائة، والدهون وزيوت الطبخ بنسبة 22 في المائة ووقد أدى ارتفاع الأسعار عن طريق السكر والقمح وبنسبة 20 ٪. ارتفعت الدهون والزيوت المستخدمة في الطبخ 22 ٪ ، وفقا للبنك الدولي.

أمريكا

فيما بينت الأرقام أن 14.7 في المائة من الأمريكيين يعانون من "نقص في الأمن الغذائي، وبحسب أرقام وزارة الزراعة الأمريكية، فإن المصنفين ضمن قائمة ضحايا نقص الأمن الغذائي "واجهوا مصاعب كبيرة في تأمين الغذاء لأنفسهم أو لأحد أفراد عائلتهم بسب نقص مواردهم المالية، ما يعادل قرابة 45 مليون شخص.

وقالت وزارة الزراعة إن 5.7 في المائة من أرباب العائلات الأمريكية، أو ما يعادل 6.8 ملايين شخص، عانوا من "النقص الشديد في الأمن الغذائي" بحيث توجب عليهم تعديل أنماطهم الغذائية والحد من كميات الأطعمة التي يتناولونها لأكثر من خمسة أيام في الأسبوع، وعلى مدار سبعة أشهر على الأقل، وكانت حالات الجوع أكثر وقعاً على العائلات التي تعيش بمعيل واحد، وكذلك على العائلات التي تنحدر من أصول لاتينية أو أفريقية، وعلى مستوى المناطق، كانت معدلات الجوع في الريف أعلى منها في المدن، وتبين الإحصائيات أن نحو 21 في المائة من الأطفال في الولايات المتحدة يعيشون تحت خط الفقر في العامين الماضيين، وهو أعلى معدل منذ عقدين. بحسب السي ان ان.

ولفت كينيث لاند، بروفيسور علم الاجتماع والديموغرافيا في جامعة "ديوك" إلى أن الرفاه الاقتصادي للعائلات الأمريكية تراجع ليعود إلى ما كان عليه عام 1975، وشرح قائلاً: "كل ذلك التقدم سقط عن طريق فقدان الوظائف وتراجع معدلات الدخل الحقيقي بالإضافة إلى جوانب أخرى متعلقة بالرفاه الاقتصادي للعائلات، ويقدر أن نحو 15.6 مليون طفل أمريكي، يعيشون في خط الفقر هذا العام، كذلك يعيش نصف مليون طفل دون مأوى، ويتوقع أن يرتفع عدد أطفال العائلات التي لا يتمتع فيها أحد الوالدين بوظيفة ثابتة ومصدر دخل دائم، إلى قرابة 20 مليون طفل هذا العام.

شرق أوروبا

الى ذلك لم تجد العديد من دول أوروبا الشرقية أمامها سوى إعادة الاهتمام بالنشاط الزراعي بها، لمواجهة الأزمة العالمية الناجمة عن ارتفاع أسعار الغذاء، الأمر الذي انعكس إيجابياً على زيادة المساحات الزراعية في تلك الدول، وبالتالي أدى إلى زيادة إنتاجها من الحبوب الغذائية، وتوقعت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو" أن يزداد حجم الإنتاج الزراعي بدرجة كبيرة في شرق أوروبا، خاصة في روسيا وأوكرانيا، مشيرة إلى ن هذا الارتفاع يشير بشكل واضح إلى أن ارتفاع الأسعار يمكن أن يتيح مزيداً من الفرص للمجتمعات الزراعية، وقال مدير مركز "الاستثمارات" التابع للمنظمة الأممية، تشارلز ريمنشنايدر، إن حجم الإنتاج الزراعي في بلدان تلك المنطقة، وفي روسيا وأوكرانيا على وجه التحديد، يتزايد، مشيراً إلى أن المنظمة تتوقع إنتاجاً وفيراً من الحبوب بنهاية العام الجاري، وقالت المنظمة إن هذا الأمر "يعكس توفر ظروف نمو جيدة في الاتحاد الروسي وأوكرانيا، اللتين تعتبران من أكبر البلدان الزراعية المنتجة"، حيث يقدر أن تتوسع الأراضي المزروعة بالقمح في تلك المنطقة بزيادة قدرها 2.4 مليون هكتار، لتبلغ 33.8 مليون هكتار.

ففي الاتحاد الروسي بمفرده، يتوقع أن تزداد رقعة الأراضي المزروعة بالحبوب من قمح وحبوب خشنة وأرز، لموسم العام الحالي، لتصل إلى 46 مليون هكتار، أي بزيادة قدرها 2.6 مليون، من جانبه، قال مدير "التجارة الزراعية" في البنك الأوروبي للإعمار والتنمية، جيل ميتيتال، إن "ظروف الأسواق في مختلف أنحاء العالم في المجال الزراعي، تبقى في الوقت الراهن موضع قلق، لذلك من الحيوية بمكان أن يزداد حجم الإنتاج الزراعي. بحسب السي ان ان.

وأضاف ميتيتال قوله إن "البنك الأوروبي يلعب دوراً مهماً في مساعدة المنطقة على استغلال القدرات المتاحة استغلالاً تاماً، والمساهمة في تلبية متطلبات العالم المتزايدة للغذاء.

الشرق الأوسط

كما يبدو أن الأزمة المالية لن تكون وحدها مصدر قلق بالنسبة لدول الشرق الاوسط، فهناك أيضاً "أزمة الغذاء"، التي بدأت تفرض نفسها على المنطقة، حيث شهدت العديد من الأسواق الخليجية العام الماضي، على سبيل المثال، نقصاً حاداً في أهم الاحتياجات الغذائية للإنسان، ومنها الخبز، فهنا في البحرين مثلاً، تمتلئ الأسواق بأنواع الأطعمة المستوردة من الخارج، يقول أجي فاشي، رئيس الهيئة الدولية للمنتجين الزراعيين: "هناك العديد من الدول في الشرق الأسط التي تحتاج إلى التوقف وإعادة التفكير حول مصادر الحصول على الغذاء، وهو ما أعتقد أنه بحاجة إلى برنامج جديد في التغذية ومعالجة الغذاء، إلا أن دولا أخرى، كالسعودية وقطر مثلاً، فضلت استعمال عائدات النفط لاستغلال أراض زراعية في دول أفريقية منها: السودان وأوغندا وزامبيا وإثيوبيا وكينيا، لزراعتها والحصول على الغذاء اللازم، وهو ما أثار الجدل في كون هذا الاستغلال يعبر عن "الاستعمار الجديد، يقول كارل آتكن، من وكالة "بيدويلز" للاستشارات العقارية: "الأمر يتعلق هنا بالزراعة التي تعتبر حرفة معنوية، حيث أنه في هذه القضية بالذات يتم تشريد الناس، وتنشب نزاعات حول ملكية الأرض، ولكن إذا ما جرى الأمر بالطريقة الصحيحة، فيمكن أن تكون قضية رابحةن ويؤكد آتكن أن استغلال هذه الأراضي من قبل دول غنية كدول الخليج، سيساعد الدول الفقيرة في خفض نسبة البطالة، وتكوين رؤوس الأموال، وزيادة حجم التكنولوجيا في البلاد. بحسب السي ان ان.

من جهة أخرى، اعتلت قضية الغذاء سلم الأولويات في القمة الإسلامية الاقتصادية في العاصمة الإندونيسية جاكرتا، حيث أكد الرؤساء والمشاركون على ضرورة تشجيع التجارة والاستثمار ذات الشروط الإسلاميةن وبوجود نحو 1.6 مليار مسلم حول العالم، يمكن أن تساعد مشاريع اللحوم "الحلال"، في سد احتياجات جميع هذه الدول الغنية، وكان المستثمرون في الشرق الأوسط، والمشرفون على هذا المشروع، قد ضموا عدداً من الدول الآسيوية كإندونيسيا، وماليزيا، وكمبوديا، وفيتنام.

فلسطين

من جهة أخرى يعاني حوالي 30 بالمائة من السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة من انعدام الأمن الغذائي، بما في ذلك أكثر من نصف سكان غزة، وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة. ويتمثل السبب الرئيسي في ذلك في فقدان سبل العيش وانعدام فرص الدخل بسبب الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة، وإغلاق الضفة الغربية، حسب النداء، وفي هذا السياق، يبحث عمال الإغاثة في المنطقة عن سبل لتمكين الفلسطينيين من تلبية احتياجاتهم الخاصة، ولا سيما بعدما أعلن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة اليونسكو في ربيع عام 2011 أن مؤسسات السلطة الفلسطينية مستعدة لإقامة دولة فلسطينية بعد الانتهاء من الخطة الفلسطينية للإصلاح والتنمية (PRDP)، وهي خطة رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض الطموحة لبناء الدولة خلال عامين، هذا ولا يزال طلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس لإقامة دولة فلسطينية الذي قدمه إلى الأمم المتحدة في سبتمبر 2011 قيد البحث، ولقد تم إعداد عملية النداء الموحد بالتشاور مع السلطة الفلسطينية، ولا سيما وزارة التخطيط والتنمية الإدارية، لضمان الاتساق مع استراتيجيات التنمية الفلسطينية، مثل خطة الإصلاح والتنمية. غير أن "الفجوة بين فتح وحماس تعرقل قدرة السلطة الفلسطينية على العمل كحكومة واحدة،" كما أكد وزير التخطيط والتنمية الإدارية علي الجرباوي خلال إطلاق النداء، ومن جانبه، حذر رئيس منظمة الصحة العالمية في القدس توني لورانس من أن "النقص الشديد في الأدوية، بما في ذلك الأدوية المنقذة للحياة، والمستهلكات الطبية في قطاع غزة لا يزال مستمراً بسبب انعدام الثقة بين فتح وحماس. وإذا لم يتم حل هذه المشكلة، فقد يضطر الفلسطينيون إلى اللجوء إلى الجهات المانحة، وكان طلب تمويل عملية النداء الموحد في الأرض الفلسطينية المحتلة قد بلغ 804.5 مليون دولار في عام 2009، في أعقاب عملية الرصاص المصبوب التي نفذتها إسرائيل في قطاع غزة، بعد أن ظلت في حدود 452.2 مليون دولار في عام 2008. كما دعا النداء الموحد لعام 2011 للأرض الفلسطينية المحتلة إلى جمع مبلغ 536.3 مليون دولار. لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)

ومع ذلك، فبعد ثلاث سنوات من انتهاء عملية الرصاص المصبوب، أطلقت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) نداءً عاجلاً لجمع ما يزيد عن 300 مليون دولار لصالح قطاع غزة والضفة الغربية، وقال المتحدث باسم الأونروا، كريس غانيس، بأن "التركيز على مشاريع الحماية يرجع إلى طبيعة الوضع الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة. هذه أزمة حماية إلى حد كبير، لأن حرية الوصول والحركة تتضاءل باستمرار في الوقت الذي تزيد فيه وفرص التعرض للمخاطر، وتندرج معظم مشاريع الأونروا الخاصة بالطوارئ ضمن عملية النداء الموح.

اليمن

في حين أجرت وزارة الصحة العامة والسكان اليمنية دراسة استقصائية بدعم من اليونيسيف شملت 3,104 أسرة في محافظة الحديدة في شهر أكتوبر الماضي، جمعت خلالها بيانات عن 4,668 طفلاً دون سن الخامسة، وقد توصلت الدراسة إلى أن نسبة سوء التغذية الحاد (GAM) بلغت 31,7 بالمائة - أي أن ما يقرب من ثلث الأطفال الذين شملهم الاستطلاع يعانون من سوء التغذية الحاد المعتدل أو الشديد ، وأن ما يقرب من 10 بالمائة يعانون من سوء تغذية شديد. وتتجاوز هذه الأرقام ضعف عتبة الطوارئ المتعارف عليها دولياً والتي تبلغ 15 بالمائة. كما وجدت الدراسة أيضاً أن ما يقرب من 60 بالمائة من الأطفال يعانون من نقص في الوزن في حين يعاني 54,5 بالمائة يعانون من قصر القامة، أي انخفاض مستوى طولهم عما يجب أن يكون عليه في عمرهم، وهذه علامة على إصابتهم بسوء تغذية طويل الأمد.

وتتماشى هذه النتائج مع غيرها من نتائج الاستطلاعات الأخرى التي أجريت مؤخراً في أجزاء أخرى من البلاد. ففي محافظة أبين الجنوبية، التي تشكل ساحة للمعارك الدامية بين القوات الحكومية والمسلحين التابعين لتنظيم القاعدة، وجدت دراسة استقصائية أجرتها اليونيسيف في سبتمبر الماضي أن نسبة الإصابة بسوء التغذية الحاد بلغت 18,6 بالمائة، منها 3,9 بالمائة حالات شديدة. وفي محافظة حجة الشمالية، توصلت دراسة استقصائية حكومية في يونيو إلى أن نسبة سوء التغذية الحاد بلغت 31,4 بالمائة، من بينها 9,1 بالمائة حالات شديدة. كما أن ما يقرب من نصف الأطفال الذين شملتهم الدراسة في حجة يعانون من نقص الوزن في حين يعاني 43,6 بالمائة من قصر القامة، وقد علق كابيليري على هذه النتائج بقوله: "أينما ذهبنا، وأينما أجرينا المسح أو التقييم، نصل إلى الاستنتاجات نفسها والمتمثلة في كون مستويات سوء التغذية الحاد في اليمن مرتفعة بشكل لا يصدق، بدوره، أفاد وزير الصحة اليمني، أحمد العنسي، أن هناك نصف مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد في جميع أنحاء البلاد، مضيفاً أن مئات الآلاف من المزارعين معرضون لخطر فقدان مصادر رزقهم بسبب الفيضانات والجفاف. كما أشارت منظمة أوكسفام غير الحكومية إلى أن العديد من اليمنيين يعيشون على الشاي والخبز.

من جهتها، أكدت الأمم المتحدة أن حوالي سبعة ملايين شخص (أي ما يعادل ثلث سكان البلاد) يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بمعنى أنهم يذهبون إلى الفراش جائعين أو يجهلون مصدر وجبتهم التالية. ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد بشكل ملحوظ عندما يجري برنامج الأغذية العالمي مسحاً وطنياً شاملاً جديداً للأمن الغذائي في شهر يناير القادم. كما يتوقع عمال الإغاثة أن يزداد الوضع الإنساني في اليمن سوءاً في العام القادم. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)

أفاد منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، ينس تويبرغ فراندزن، أن الوضع الاقتصادي في البلاد أصيب بانتكاسة أعادته إلى الوراء ما بين 5 و10 سنوات بسبب أحداث هذا العام، مشيراً إلى أن اليمن سيظل يعاني من احتياجات إنسانية كبيرة لمدة تتراوح بين 3 و5 سنوات. أما كابيليري، فيرى أن البلاد ستبقى على الأرجح بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة لمدة عقدين أو ثلاثة، إن التصدي لسوء التغذية مهمة معقدة، لأن المشكلة تتعلق بالفقر ونقص التعليم وسوء مستوى الصرف الصحي والممارسات الثقافية، مثل مضغ القات ومقاومة الرضاعة الطبيعية الحصرية. ففي الحديدة، يتغذى 9 بالمائة فقط من الرضع الذين تقل أعمارهم عن ستة أشهر حصرياً على لبن الأم، وكان تقرير وزارة الصحة، المبني على الدراسة الاستقصائية حول التغذية، قد أوصى بتنظيم برامج علاجية في العيادات الخارجية بالمرافق الصحية المجتمعية، ودراسة "استراتيجيات راديكالية" مثل توزيع الأغذية التكميلية بشكل شامل بدلاً من التوزيع الموجه لفئات معينة فقط. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين).

ويرى كابيليري أن الاستثمار في مجال المساعدة الإنسانية المنقذة للحياة والعمل التنموي طويل المدى مطلوبان فوراً للحيلولة دون ارتفاع معدلات الوفيات والتخفيف من الآثار طويلة الأجل لسوء التغذية المزمن، مثل التخلف في النمو المعرفي، والتي من شأنها التأثير على قدرة البلاد على التقدم، من جهته، أشار بيت مانفيلد، نائب رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في اليمن، إلى أن "اليمن مقبل على مرحلة جديدة في تاريخه، ومن المهم جداً أن تتم تلبية الاحتياجات الإنسانية في عام 2012، ليس فقط لمنع الخسائر في الأرواح، ولكن أيضاً لدعم استقرار البلاد، وهو ما أيده تويبرغ فراندزن قائلاً: "إننا نناشد الجميع بعدم السماح بتحول اليمن إلى كارثة جديدة".

تشاد

بينما أعلن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أمس الأول، أن الأمم المتحدة خصصت ستة ملايين دولار أمريكي لعمليات تدخل طارئة من أجل "مواجهة الأزمة الغذائية في تشاد، وأضاف المكتب في بيان - حسب "الفرنسية"، أن هذا المبلغ "سيتيح تقديم المساعدة لنحو 127 ألف طفل يعانون سوء التغذية الحاد والقاسي، وكذلك 4.5 مليون شخص يواجهون وضعا غذائيا غير مستقر في عشر من مناطق الشريط الساحلي لتشاد". وأكدت أليس مارتن داهيرو منسقة الشؤون الإنسانية في الوكالة لمنظومة الأمم المتحدة في تشاد، أن "هذا المبلغ سيتيح القيام بتدخل سريع لمساعدة السكان المحتاجين الذين سيتأثرون بفترة تضاؤل المحاصيل التي تبدو مبكرة وصعبة هذه السنة".

والأموال التي دفعها الصندوق المركزي للأمم المتحدة لعمليات التدخل الطارئة، ستوزع بين برنامج الغذاء العالمي (ثلاثة ملايين دولار) وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف، 2.2 مليون دولار) ومنظمة التغذية والزراعة (فاو، 800 ألف دولار)، وفي هذه المناطق من الشريط الساحلي، تفوق نسبة سوء التغذية الحادة الشاملة العتبة الحرجة التي تبلغ 15 في المائة. وتقول الحكومة التشادية، إن البلاد سجلت عجزا على صعيد الحبوب بلغ نحو 455 طنا؛ أي 50 في المائة بالنسبة إلى الموسم الزراعي 2010/2011. بحسب الاقتصادية.

وفي أعقاب موسم زراعي سيئ 2009/2010 شهد تراجعا في المحاصيل ونفوق أعداد كبيرة من المواشي، تواجه تشاد أزمة غذائية تؤثر في عدد كبير من بلدان الساحل وخصوصا النيجر ومالي. وتواجه البلاد أزمات سوء تغذية مزمنة.

السودان - جنوب السودان

على صعيد مختلف فر أكثر من 20,000 شخص من انتشار العنف ودوي القنابل في ولاية النيل الأزرق السودانية إلى مخيم دورو للاجئين في جنوب السودان بحثاً عن الطعام والمأوى، ولكن بعد ثلاثة أسابيع من الجوع، وفي الوقت الذي يتم فيه تسجيل حوالي 1,000 نازح في دورو كل يوم، قالت كومكي ليتي، الجدة المسنة الواهية، أن عدداً من أفراد أسرتها الذين يستطيعون تحمل عناء السفر قرروا القيام برحلة صعبة وخطرة للعودة إلى ديارهم وجلب الحبوب من مزارعهم لإطعام الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية بشكل متزايد، وحيث أن الأسرة لا تملك ما تقايض به في السوق المحلية بسبب اضطرار معظم النازحين للمغادرة بالحد الأدنى من ممتلكاتهم أو عدم قدرتهم على حمل المزيد من الأثقال لمسافات بعيدة، قالت ليتي أنها تأمل أن يصل الغذاء قريباً أو أن تنتهي الحرب حتى يتوقفوا عن النوم في مكان يكسوه التراب ويفتقر إلى مرافق الصرف الصحي ولا يحميهم من البرد. ومما جاء في قولها هربنا من الحرب قبل شهر واحد، ولكن المشكلة هنا هي الجوع. لدي سبعة أطفال، لا أستطيع إطعامهم. إنهم جائعون".

"في الماضي، كنا نعيش ونزرع مزرعتنا بأنفسنا، أما الآن، فنحن هنا بلا عمل. ومنذ أن وصلنا، لم نتلق أية معونة، لذا قرر البعض العودة لإحضار ما يستطيعون حمله من طعام، "تستغرق المسافة من هنا إلى قريتنا أربعة أيام سيراً على الأقدام، وعلى الرغم من أننا أحضرنا بعض الذرة معنا من هناك، إلا أننا أكلناها في الطريق. وما بقي معنا عند وصولنا إلى هنا سوى القليل جداً من الطعام، أكله الأطفال بسرعة كبيرة"، "والدة هذا الطفل [تشير إلى رضيع على ظهر إمرأة أخرى] لا تزال في طريقها إلى هنا"، "أولئك القادرين على السفر يذهبون، ولكن لا يمكن للآخرين مثلي قطع تلك المسافة". بحسب شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين).

"نحن خائفون، ولكن المشكلة هي أننا إذا بقينا هنا سوف نموت جوعاً. كما أن بعض الأطفال يعانون من الإسهال والحمى، "لم يبق أحد في جيندي. لقد انتهت الحرب الأهلية في عام 2005، ولكن حكومة الخرطوم لا تريد أن تعطينا حقوقنا. نحن لا ندعم أي طرف في الحرب، ولا نريد سوى حقوقنا فقط"، "كنا قد ذهبنا إلى إثيوبيا في عام 1990 كلاجئين، ثم عدنا إلى ولاية النيل الأزرق في عام 2006، والآن بدأنا رحلة نزوح أخرى".

كوريا الشمالية

على الصعيد نفسه حذرت الأمم المتحدة من تعرض كوريا الشمالية إلى أزمة نقص في الغذاء، بسبب الفيضانات المدمرة التي تعرضت لها الدولة الآسيوية العام الماضي، إضافة إلى موجة الارتفاع في أسعار المواد الغذائية بالأسواق العالمية، فضلاً عن الكثافة السكانية بها، وأكد برنامج الغذاء العالمي WFP أن الوقت قد بدأ في النفاد لتفادي أزمة نقص غذاء محدقة، قد تتسبب في أزمة إنسانية في كوريا الشمالية، اثر تأكد الانخفاض الكبير في المحاصيل، الناجم جزئياً عن الفيضانات الهائلة التي شهدتها البلاد، وقال المتحدث باسم البرنامج، بول ريسلي، في مؤتمر صحفي الخميس بالعاصمة التايلاندية بانكوك: "كوريا الشمالية تواجه أزمة نقص غذاء حادة"، مضيفاً قوله: "نتيجة الارتفاع العالمي بأسعار الغذاء، فإنه سيكون من الصعب على الحكومة الكورية، توفير احتياجاتها من الغذاء من السوق العالمية، ومازالت جمهورية كوريا الديمقراطية تتعافى من أثار الأزمة التي ضربتها في تسعينيات القرن الماضي، والتي يُعتقد أنها تسببت في وفاة نحو مليون شخص، وتركت العديد من الأطفال بلا عائل، وفقاً لتقديرات منظمة "هيومان رايتس ووتش"، المعنية بمراقبة حقوق الإنسان، والتي يوجد مقرها بمدينة نيويورك، وكان بيان صدر عن المكتب الإقليمي لبرنامج الغذاء العالمي في آسيا، قد حذر من أن كوريا الشمالية معرضة خلال العام الحالي لمواجهة أسوأ أزمة غذائية تحدث منذ سبع سنوات، معرباً عن توقعاته بأن تشهد الدولة الشيوعية نقصاً حاداً في الغذاء، يبلغ حوالي 1.6 مليون طن، أي ضعف حجم النقص خلال العوام الماضية. بحسب السي ان ان.

ومن المتوقع أن تزداد حدة الأزمة الغذائية التي يواجهها الشطر الشمالي، بسبب تراجع حجم المساعدات الغذائية التي تمدها بها كل من كوريا الجنوبية والصين، بحسب الراديو التابع للشطر الجنوبي من شبه الجزيرة الكورية، ودعا البرنامج دول العالم إلى مد يد العون الكوريين الشماليين، مؤكداً أنه سيكون من الصعب على حكومة بيونغ يانغ أن تشتري الغذاء بالعملات الأجنبية لتلبية احتياجات مواطنيها، بسبب الارتفاع الحاد في أسعار الغذاء في الأسواق العالمية، وتتلقى الدولة الشيوعية، التي يبلغ عدد سكانها نحو 23 مليون نسمة، مساعدات غذائية طارئة من الأمم المتحدة والعديد من المنظمات الإنسانية الدولية، منذ أن أدت كوارث طبيعية، وسوء الإدارة إلى انهيار اقتصادي في منتصف التسعينات.

سلوكنا الغذائي

من جانب أخر تؤدي الأزمة الاقتصادية إلى تغيير الأنماط الغذائية لدى البعض بطريقة تدعو إلى المفارقة، فتدفعهم مثلا إلى شراء منتجات أغلى كلفة، على ما قال عالم الاجتماع المتخصص في انماط الغذاء جان بيار كوربو ، وفي ظل سياسات التقشف الحالية، قد تتضاعف الظواهر الملحوظة منذ العام 2007 ولكنها لن تشمل طبعا الأكثر فقرا المرغمين على الأكل بأقل كلفة ممكنة، وأوضح عالم الاجتماع أن الطبقات الوسطى أو الوسطى العليا "التي ليست بالضرورة الأكثر تأثرا بالأزمة" كانت الأولى في تغيير سلوكها المتعلق بالمشتريات الغذائية منذ العام 2008، وتصادف هذه التغييرات مع تزايد الاهتمام بفن الطبخ والمأكولات المنزلية ودروس الطبخ والبرامج التلفزيونية المتخصصة ولكن أيضا بالغذاء السليم والموسمي والمحلي، لا بل الحيوي، وبالتالي، توقف الكثيرون ممن ينتمون إلى الطبقة الوسطى عن "الذهاب بانتظام إلى السوبرماركت كل أسبوع" وشراء ما هب ودب من المنتجات. وفي هذا السياق، قال كوربو إن هؤلاء الأشخاص بدأوا يفضلون المنتجات الحيوية ويمتنعون عن شراء الفراولة في كانون الأول/ديسمبر مع أنهم ما زالوا يملكون القدرة الشرائية نفسها، أما بالنسبة إلى الحلوى فهم يركزون على "شراء منتجات أساسية مع العودة إلى الحلوى المصنوعة يدويا... ويخففون بشكل عام من شراء المنتجات الجاهزة"، وأضاف كوربو أن الطبقات الوسطى التي لا تزال تؤمن دخلا مقبولا تعتقد أنها في حال جيدة ولكنها ترى ضروريا تعزيز التضامن مع الآخرين لأن بعض الأشخاص سيعانون من البطالة بسبب الأزمة الاقتصادية. بحسب وكالة فرانس برس.

وشرح أن الأزمة في هذا السياق تؤدي إلى مفارقة أخرى وهي أنه "عندما يكون الطعام رخيصا يصبح مدعاة للتشكيك بجودته، اذا لم يكن مصدره معروفا، فالمستهلك يريد أن يكون مطمئنا وأن يعرف مصدر المنتج ومن يبيعه وعلامته وإن كان حيويا. فهو لم يعد يستهلك الأطعمة المجهولة أو المجهولة المنشأ وإن كانت رخيصة لأنها "قد تضرنا أو تسممنا... الصحة هي الأهم"، بحسب كوربو، وبالتالي، فإن أحد التأثيرات الجانبية للأزمة الاقتصادية هو أن الفئات الوسطى مستعدة لزيادة نفقاتها قليلا مقابل الحصول على غذاء سليم، وبحسب عالم الاجتماع، "لم يعد الناس يشترون ما هو أرخص بل يشترون أقل ولكن بنوعية أفضل" وهذه الظاهرة بدأت تطال فئات محدودة الدخل نسبيا، ومن تداعيات الأزمة أيضا أن أصحاب المطاعم بدأوا يستقبلون زبائن يتشاركون للاستمتاع بوجبة فاخرة، وكذلك، يعمد بعض الأشخاص إلى إصلاح حدائقهم أو تطويرها للتمتع بغذاء منخفض الكلفة وصحي ولذيذ.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 31/كانون الثاني/2012 - 7/ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م