
شبكة النبأ: تدرك سوريا انها في خضم
حرب شاملة ضد الدول الغربية وحليفاتها من دويلات الخليج وإماراتها
الصغيرة، وكل حسب الأجندة التي يعمل لحسابها، وهو ما انعكس بشكل جلي في
الصراع المسلح الذي يجري في المدن والقصبات الشامية.
فالغرب يؤمن بحقيقة وجوب إسقاط نظام الأسد اقرب حلفاء ايران والداعم
الرئيس لحزب الله، فيما ترى الدويلات الخليجية وعلى رأسها السعودية ان
سياسة دمشق تسببت في اتساع المد الشيعي في العالم العربي، وهو ما
تعتبره امتداد لنفوذ إيران في المنطقة، بعد ان تولى الشيعة حكم العراق.
حيث كان لتوافق الأجندة الغربية والنزعة الطائفية الخليجية دافعا
لتأجيج العنف ومحاولة ركوب حرجة الاحتجاجات السلمية التي اجتاحت سوريا
بالتزامن مع رياح التغيير العربي، بعد ان استطاعت زج تركيا في هذا
صراعها الخاسر ضد نظام الاسد الذي اظهر بأسا شديد في مواجهة الأزمة حتى
الان.
لا حلول عربية
فقد صرح وزير الخارجية السوري وليد المعلم انه "لا حلول عربية" بعد
اليوم لتسوية الازمة السورية، مؤكدا ان الحل سوري و"يقوم على برنامج
الاصلاح الشامل" الذي اعلنه الرئيس بشار الاسد.
وقال المعلم في مؤتمر صحافي "لا حلول عربية بعد الآن في سوريا (...)
لا نريد الحلول العربية قلناها منذ يومين عندما رفضنا المبادرة وعندما
قرر مجلس الوزراء (العرب) التوجه الى مجلس الامن"
واكد المعلم "قطعا الحل في سوريا ليس هو الحل الذي صدر بقرار
الجامعة ورفضناه رفضا قاطعا"، مشددا على ان "الحل هو حل سوري ينبع من
مصالح الشعب السوري يقوم اولا على انجاز برنامج الاصلاح الشامل الذي
اعلنه الرئيس الاسد".
من جهة اخرى، طلب الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي ورئيس
الوزراء وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم اجتماعا مع الامين العام
للامم المتحدة بان كي مون من اجل الحصول على دعم مجلس الامن الدولي
للخطة العربية لانهاء الازمة في سوريا.
وقال نائب الامين العام للجامعة العربية احمد بن حلي ان العربي وبن
جاسم، بصفته رئيس اللجنة العربية الوزارية المعنية بالازمة السورية، "بعثا
برسالة مشتركة موقعة من كليهما الى الامين العام للامم المتحدة بان كي
مون تتضمن عناصر الخطة العربية لحل الازمة السورية سياسيا وطلبا عقد
لقاء مشترك معه في مقر الامم المتحدة لطلب دعم مجلس الامن لهذه الخطة".
بحسب فرانس برس.
واعتبر رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم في مؤتمر
صحفي عقب الاجتماع ان المبادرة العربية تهدف الى رحيل النظام السوري "سلميا".
العنف تراجع
وكان الفريق الاول الركن محمد أحمد مصطفى الدابي الذي يقود بعثة
المراقبين العرب في سوريا قد قال ان العنف هناك انحسر بعد وصول
المراقبين وهو ما يتناقض مع شهادات نشطاء سوريين قالوا ان القتل استمر
دون توقف.
وكان الدابي يتحدث بعد يوم من اقتراح وزراء الخارجية العرب تسليم
الرئيس السوري بشار الاسد السلطة الى نائبه وتشكيل حكومة وحدة وطنية
جديدة بعد اخفاق جهود سابقة في انهاء العنف.
وقال الدابي في مؤتمر صحفي عقد في جامعة الدول العربية ومقرها
القاهرة "عندما وصلت البعثة كان هناك عنف واضح وظاهر ولكن بعد وصول
البعثة بدأت تخف حدة العنف تدريجيا.. العنف الذي يتم بين المعارضة
المسلحة وبين الحكومة." وأضاف ان مهمة البعثة كانت التحقق مما يجري على
الارض وليس التحقيق فيه مضيفا أن المراقبين رصدوا حتى الان 136 قتيلا
منذ بدء مهمتهم وأن العدد يشمل أنصار المعارضة والحكومة.
وانتقد نشطاء سوريون البعثة ويقولون انها جعلت الاسد يكسب الوقت دون
انهاء العنف المستمر منذ عشرة أشهر من الاحتجاجات. كما وجهت انتقادات
لتعيين الدابي وهو من السودان رئيسا للمجلس بسبب سجل الحكومة السودانية
في دارفور ومناطق اخرى في السودان شهدت اضطرابات. وقال الدابي أنه يؤكد
أن المعدات العسكرية الثقيلة سحبت من كل المدن.
وعلى الرغم من انتقاد اخفاق المراقبين في انهاء العنف وافق الوزراء
العرب على تمديد البعثة وتوسيع تفويضها وزيادة دعمها الفني واللوجستي.
لكن قرار التمديد غطى عليه قرار المملكة العربية السعودية سحب مراقبيها
وحث المجتمع الدولي على ممارسة كل الضغوط الممكنة على دمشق. وقال
الدابي "البعثة مهمتها الرصد وليست ايقاف القتل أو ايقاف التدمير أو
العكس."
وقال ان البعثة أرسلت للتأكد مما اذا كانت سوريا تلتزم بخطة السلام
العربية مضيفا "اذا تم ايقاف القتل ستقول تم ايقاف القتل واذا لم يتم
ستقول لم يتم .. هذا هو واجب البعثة وليس العمل التنفيذي."
وشملت خطة السلام الدعوة الى سحب الجيش من المناطق السكنية والافراج
عن المحتجزين والسماح بدخول الاعلام وبدء الحوار مع المعارضة.
ومضى الدابي يقول انه فيما يتعلق بالافراج عن المحتجزين فان
التقارير كانت من مصادر عارضة وتقول ان 12 ألفا تقريبا احتجزوا لكن
البعثة عندما راجعت هذا الرقم وجدت أن تلك التقارير تفتقر للمعلومات
الملموسة ولا يمكن التحقق منها.
ووردت انباء عن مقتل مئات السوريين منذ بدء بعثة المراقبين عملها.
وتحدث ثلاثة مراقبين على الاقل عن المعاناة الشديدة للمدنيين وشكوا من
أن الحكومة السورية لم تبد ارادة لانهاء هذا القمع.
وردا على من قال ان البعثة كانت تكسب وقتا للحكومة السورية قال انه
أكد للوزراء العرب على ضرورة تقدم عملية السلام حتى يجرى الحوار الوطني
بالتزامن مع عمل البعثة.
وقررت الدول الخليجية "التجاوب" مع قرار السعودية سحب مراقبيها من
بعثة الجامعة العربية الى سوريا بعد "تاكدها من استمرار نزيف الدم وقتل
الابرياء".
وافاد بيان للامانة العامة لمجلس التعاون الخليجي ان دول المجلس
قررت "التجاوب" مع قرار السعودية سحب مراقبيها من بعثة الجامعة العربية
الى سوريا "مع التزامها بكل قرارات مجلس الجامعة حفاظا على وحدة الصف
العربي رغم قناعة دول المجلس بضرورة ان يكون القرار الاخير اكثر قوة
وان يكون عاملا للضغط على النظام السوري كي يوقف القتل".
وكان وزير الخارجية السعودي اعلن في الجلسة الافتتاحية لاجتماع
وزراء الخارجية العرب ان بلاده ستسحب مراقبيها "لعدم تنفيذ الحكومة
السورية لاي من عناصر خطة الحل العربي". واكد البيان ان القرار ياتي "بعد
متابعة دقيقة ومتأنية لمجريات الاحداث" في سوريا و"التأكد من استمرار
نزيف الدم وقتل الابرياء وعدم التزام النظام السوري بتنفيذ قرارات مجلس
الجامعة العربية وخصوصا البروتوكول" الذي وقعته دمشق.
كما طالب الدول العربية ب"الالتزام بكل جدية ومصداقية بتنفيذ قرارات
الجامعة العربية "بهدف الضغط على سوريا للالتزام فعلا لا قولا بما
تعهدت به".
واتفق مجلس الجامعة في ختام اجتماع وزاري استمر خمس ساعات في
القاهرة على طلب "تفويض رئيس الجمهورية نائبه الاول بصلاحيات كاملة
للقيام بالتعاون التام مع حكومة وحدة وطنية" يفترض ان يتم تشكيلها "خلال
شهرين".
ومن المفترض ان ترئس حكومة الوحدة الوطنية "شخصية متفق عليها" وان
تكون مهمتها "تطبيق بنود خطة الجامعة العربية والاعداد لانتخابات
برلمانية ورئاسية تعددية حرة بموجب قانون ينص على اجراءاتها وباشراف
عربي ودولي".
ودعت الجامعة العربية "الحكومة السورية وكافة اطياف المعارضة
السورية الى بدء حوار سياسي جاد تحت رعاية جامعة الدول العربية في أجل
لا يتجاوز اسبوعين" من اجل تشكيل الحكومة.
تغيير لقواعد اللعبة
في الوقت ذاته قال سفير ألمانيا لدى الامم المتحدة بيتر فيتيج ان
طلب الجامعة العربية الى مجلس الامن التابع للامم المتحدة لتأييد
دعوتها الرئيس السوري بشار الاسد الى نقل سلطاته الى نائبه قد ينطوي
على تغيير لقواعد اللعبة بالنسبة لمجلس الامن الذي وصل الى طريق مسدود
في هذا الشأن.
وقال السفير الالماني فيتيج للصحفيين "القرارات التي اتخذت في
القاهرة قد تنطوي على تغيير لقواعد اللعبة بالنسبة لمجلس الامن أيضا."
واضاف قوله "الجامعة العربية قررت مطالبة مجلس الامن بتأييد قراراتها.
هذا شيء لا يمكن لاعضاء المجلس تجاهله أو رفضه بسهولة."
ولم تصل الجامعة العربية الى حد احالة ملف سوريا رسميا الى مجلس
الامن لاتخاذ مزيد من الاجراءات كما فعلت مع ليبيا.
لكن فيتيج استدرك بقوله ان طلب الجامعة العربية تأييد مجلس الامن
لقراراتها "يتخطى بعثة المراقبين" ويسأل أعضاء المجلس دراسة الخطة
العربية بكاملها.
وكان مجلس الامن قد وصل الى طريق مسدود منذ بضعة اشهر بشأن سوريا مع
رفض روسيا التي تملك حق النقض (الفيتو) دراسة فرض عقوبات او اجراءات
اخرى على دمشق التي لا تزال تبيع لها أسلحة. وفي اكتوبر تشرين الاول
صوتت روسيا والصين بالرفض بحق النقض على مشروع قرار صاغته أوروبا
يستنكر حملة سوريا على المحتجين ويهددها بعقوبات محتملة.
ووزعت روسيا في الاونة الاخيرة مشروع قرار من جانبها بشأن سوريا على
اعضاء مجلس الامن الاخرين لكن مبعوثين امريكيين واوروبيين يقولون ان
المشروع ضعيف للغاية ولا يتطرق الا لبعض أجزاء خطة سابقة للجامعة
العربية بشأن سوريا. وهم يقولون ايضا ان الوفد الروسي لم يدرج في
المشروع تعديلاتهم المقترحة.
وقال فيتيج "نحن نعتقد أكثر من أي وقت مضى اننا نحتاج الى قرار قوي
من مجلس الامن الى رسالة واضحة الى النظام السوري والشعب السوري. ولن
يتحقق ذلك الا بالمساندة والتأييد الحق لقرارات الجامعة العربية. وأي
شيء دون ذلك سينظر اليه على أنه ضعيف للغاية." واضاف فيتيج قوله انه
بعث برسالة الى رئيس مجلس الامن سفير جنوب افريقيا باسو سانجكو لدعوة
الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي لاحاطة المجلس علما بالوضع
في سوريا.
وقال دبلوماسي رفيع في مجلس الامن ان الوفود الغربية في المجلس
يجتمعون مع نظرائهم من دول الخليج العربية لمناقشة الخطوات التالية
المحتملة للمجلس المكون من 15 عضوا. ويقول دبلوماسيون ان قطر من أشد
البلدان تأييدا لتدخل المجلس في مسألة سوريا متخذة موقفا أكثر صرامة من
العراق والجزائر ومصر.
وقال الدبلوماسي "نحن الان في نقطة تخطت فيها الاحداث المشروع
الروسي." واضاف المبعوث قوله ان هناك عددا من الاحتمالات لمثل هذا
القرار بشأن سوريا. فقد يكتفي القرار بالتعبير عن التأييد والمساندة
لقرارات الجامعة العربية ومنها دعوة العرب الى عقوبات على دمشق وتنحي
الاسد عن السلطة. ومن المحتمل ايضا ان يجعل القرار قرارات الجامعة
العربية بشأن سوريا ملزمة قانونا.
وقال الدبلوماسي "هناك قضايا سيتعين ان نناقشها." واضاف انه لن يكون
من السهل اقناع روسيا بمساندة اتخاذ مجلس الامن اجراء صارما لمساندة
الجامعة العربية.
ليس بوسع روسيا عمل المزيد للاسد
لى ذلك قال مسؤول كبير في الكرملين إن موسكو لا يمكنها عمل المزيد
للرئيس السوري بشار الاسد فاتحا الباب بذلك أمام تغير الموقف الروسي.
وموسكو من بين الحلفاء القليلين الباقين للاسد وتقاوم الضغوط لمطالبته
بالتنحي وانضمت الى الصين في عرقلة قرار لمجلس الامن الدولي كان من
شأنه ادانة حملة قمع المحتجين التي قتل فيها الاف المدنيين.
لكن وكالة ايتار تاس للانباء نقلت عن ميخائيل مارجيلوف وهو مشرع
بارز والمبعوث الخاص للرئيس ديمتري ميدفيدف الى افريقيا وقام أيضا بدور
في العمل الدبلوماسي بشأن سوريا قوله ان روسيا لم يعد في جعبتها شيء
على الصعيد الدبلوماسي.
ونقلت الوكالة الحكومية عنه قوله "استخدامنا حق النقض (الفيتو) ضد
قرار مجلس الامن الدولي كان اخر أداة للسماح للرئيس بشار الاسد بالحفاظ
على الوضع القائم على الساحة الدولية."
وأضاف مارجيلوف وهو أيضا رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد
وهو المجلس الاعلى بالبرلمان ان الفيتو "كان اشارة جادة للرئيس من
روسيا... هذا الفيتو استنفد ما في جعبتنا من مثل هذه الموارد."
وقال انه ينبغي للاسد "ان يقرأ هذا الموقف بوضوح.. الاصلاحات وانهاء
العنف والانتخابات الحرة.. هذا هو ما ينبغي أن تفعله القيادة السورية
فورا اليوم."
وحثت روسيا الاسد مرارا على تنفيذ اصلاحات بوتيرة اسرع لكنها عارضت
العقوبات كوسيلة للضغط. وطرحت روسيا مسودة قرار على شركائها في مجلس
الامن العام الماضي لكن دبلوماسيين غربيين اتهموا روسيا بالتقاعس عن
التفاوض بجدية في محاولة لاتاحة الوقت أمام دمشق.
سوريا ستشتري 36 طائرة تدريب عسكرية من موسكو
من جانب آخر افادت صحيفة "كومرسانت" الروسية ان سوريا ستشتري من
روسيا 36 طائرة تدريب عسكرية من طراز ياك-130 فيما يخضع النظام السوري
لعقوبات غربية. ونقلت الصحيفة عن مصدر مقرب من الوكالة العامة الروسية
لتصدير الاسلحة "روسوبورون-اكسبورت" ان "موسكو ودمشق وقعتا عقدا جديدا
حول تسليم 36 طائرة تدريب من نوع ياك-130 وسيدخل حيز التنفيذ فور تسديد
سوريا دفعة اولى". واوضح المصدر نفسه ان قيمة العقد تصل الى حوالى 550
مليون دولار.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اعلن ان روسيا لا تبيع
سوريا "الا ما هو غير محظور ضمن القانون الدولي" وذلك بعدما طلبت
الولايات المتحدة عدة مرات من الدول التي تواصل بيع اسلحة لسوريا وقف
انشطتها. وقد فرض الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة عقوبات اقتصادية
على نظام الرئيس بشار الاسد.
وروسيا الحليفة التقليدية لدمشق تعارض بشدة اي تدخل في الازمة
السورية وعبرت عن رفضها لفرض حظر من قبل مجلس الامن الدولي على تسليم
اسلحة لسوريا. وموسكو هي ابرز مزود اسلحة لدمشق منذ الحقبة السوفياتية. |