روسيا وعدوى التغيير... حراك البنية الاجتماعية

عبد الأمير رويح

 

شبكة النبأ: اختلف المشد الروسي عن ما كان عليه بعد ان كسرت اطواق الصمت والخوف من سطوة السلطة التي هيمنت لأكثر من اثنى عشر عاما على مقاليد الحكم في موسكو والمتمثلة بشخصية الرئيس فلاديمير بوتن، فقد اجتاحت روسيا موجة من المظاهرات الحاشدة هي الاولى من نوعها طالبت بإجراء العديد من الاصلاحات والتغيرات الضرورية، ويأتي ذلك مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والتي ستجرى في اذار/مارس القادم.

يرى محللون ان هذه التظاهرة الضخمة نالت من هيبة النظام المتمثل بشخصية الرئيس الامر الذي سيفضي الى اجرى العديد من التغيرات والاصلاحات قبل موعد الانتخابات، وتعتبر تلك المظاهرات نقطة تحول ايجابية بحسب البعض خصوصا وان التلفزيونات الرسمية الخاضعة بشكل تام لسيطرة الحكم قد كسرت احد المحرمات اذ لم تظهر فقط التجمع الضخم وقادة المعارضة بل اقر المقدمون ايضا وللمرة الاولى بان حركة الاحتجاج تستهدف الرئيس بوتين مباشرة. ورأى يفغيني غونتماخر مسؤول المركز السياسي الاجتماعي لمعهد الاقتصاد "ان الاحتجاج لن يتراجع. لم تعد مسالة تظاهرات بل مسالة رأي عام لم يعد يعتبر الحكم القائم مؤسسة" شرعية. وقال غونتماخر "ان الحكم يقدم تنازلات لكنه تأخر، ان ذلك مؤشر على وضع سابق للثورة".

وقد اقر المنظر الرئيسي لعهد بوتين، فلاديسلاف سوركوف مساعد رئيس الادارة الرئاسية بنفسه بان المجتمع تغير بشكل جذري. وقال لصحيفة ايزفستيا "ان البنى الاجتماعية تحركت" معتبرا انه بات على النظام ان يبدأ اصلاحات ليستعيد "سلطته المعنوية". واضاف متسائلا "من يريد ان يدعم الفساد والظلم ونظام اصم يزداد حماقة؟ لا احد، حتى اولئك الذين يشكلون جزءا منه".

ووعد بوتين المرشح للانتخابات الرئاسية المرتقبة في اذار/مارس 2012 بتحديث للنظام السياسي اعلن الرئيس ديمتري مدفيديف خطوطه الكبرى. وتهدف هذه التدابير خصوصا الى تسهيل تسجيل الاحزاب السياسية وتعيد نظام انتخاب حكام المناطق الذين يعينهم الكرملين منذ العام 2004، وذلك يدل براي عدد من المحللين على ان النظام قلق. بحسب فرنس برس.

وفي هذا الصدد قال الكسندر كونوفالوف مدير معهد التقييم الاستراتيجي "ان الحكم يخشى ان يتدهور الوضع"، لافتا الى ان "بوتين فقد هالته ونظامه يفقد من شرعيته". وبالرغم من ان فريقه يؤكد انه ما زال يحظى بدعم الغالبية، فان شعبية بوتين تتدهور في استطلاعات الراي. وراى نيكولاي بتروف المحلل في مركز كارنيغي في موسكو "ان علاقاته مع النخب بدأت تتغير، ولم يعد المرجع الاعلى. وفي وقت ما قد تقرر النخبة عزله تفاديا لتدمير النظام تحت ضغط الشارع".

بوتين يتعهد بالتغيير

من جهته قال رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين انه لن يتسبب في حالة ركود في روسيا اذا انتخب رئيسا للبلاد لفترة ثالثة لكنه تعهد بتحقيق الاستقرار لما حذر من انها ستكون فترة طويلة ومؤلمة من الاضطرابات على مستوى العالم. ويبدو ان بوتين الذي حكم روسيا منذ عام 2000 كرئيس ثم رئيس للوزراء سيحقق الفوز في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في مارس اذار لكنه يواجه موجة متنامية من السخط العام بعد انتخابات برلمانية دار خلاف حول نتائجها. ويشبه منتقدو بوتين رئيس الوزراء بالزعيم السوفيتي الراحل ليونيد برجينيف الذي شهدت البلاد خلال حكمه فترة من الركود في السبعينات. وهيمن بوتين (59 عاما) على الوضع السياسي في روسيا خلال توليه المنصبين وليس له اي منافس قوي في الانتخابات القادمة.

وكتب بوتين في مقال نشرته صحيفة ازفيستيا الموالية للحكومة "الاستقرار في العالم الحديث قيمة لا يمكن الحصول عليها الا من خلال العمل الجاد وابداء الانفتاح على التغيير والاستعداد للإصلاحات المدروسة" مضيفا ان الاستقرار "ليست له أي صلة بالركود." وقال بوتين في المقال الذي وصفه خصومه بانه لا ينطوي على اي تفاصيل انه لا يدعم لا "الهدامين" الذين يريدون تغييرا سريعا ولا "الانانيين" الذين يحبذون ان يبقى الوضع على ما هو عليه.

وقال بوتين ان روسيا كانت مهددة بالإفلاس والتفكك عندما تولى السلطة في اشارة الى الازمة الاقتصادية والصراعات الانفصالية في الشيشان بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. وقال ان الوضع الراهن كان سيبدو حينذاك كأنه "خيال علمي شديد التفاؤل". وأضاف ان التحديات الان تتمثل في ايجاد سبل لتعزيز النمو في روسيا. وقال دون الخوض في تفاصيل انه يعرف سياساته الخاطئة التي تحتاج الى تعديل.

ولم يشر بوتين مباشرة الى اكبر احتجاجات سياسية ضد حكمه من جانب متظاهرين يقولون ان حكمه اتسم بالفساد وضعف المؤسسات ومحاباة الاقارب. لكنه قال ان استعداد المجتمع لتطبيق "أعلى معايير الحياة والديمقراطية في روسيا" هو في حد ذاته دليل على نجاح سياساته.

وخفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني النظرة المستقبلية لروسيا الى "مستقرة" من "ايجابية قائلة انه "ليس واضحا كيف ستتعامل قيادة البلاد مع موجة الاحتجاجات غير المتوقعة" والتي زادت من حالة عدم اليقين في روسيا.

وطرح الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف مشروع قانون بشأن الانتخاب المباشر لحكام الاقاليم على البرلمان في محاولة للاستجابة للاحتجاجات ليلغي بذلك قرارا اصدره بوتين عام 2004 يعتبره منتقدوه اخطر هجوم له على الديمقراطية. ولم يشر بوتين الذي جعل تعيين حكام الاقاليم من اختصاص الرئيس الى مبادرة ميدفيديف.

وقال السياسي المعارض فلاديمير ريزكوف "المثير في مقاله ليس ما يتحدث بشأنه وانما ما لم يتحدث بشأنه." واضاف "انه لا يتحدث عن فجوة متنامية في الثروات وتدفق رأس المال وزيادة الفساد واثراء اصدقائه." بحسب رويترز.

وقال بوتين انه ياسف بسبب تركز النقاش قبل الانتخابات على "التجديد" السياسي ولم يتطرق الى الوضع بعد الانتخابات مطالبا باجراء "حوار موسع بشأن المستقبل."

وقال سيرجي ميتروخين زعيم حزب يابلوكو المعارض "دعونا اولا نتحدث عن التزوير في الانتخابات." وتابع يقول "المجتمع الذي يريد الحوار معه يسأل هذا السؤال بالتحديد. انه يعرض الحوار حول شيء اخر ويتهرب من السؤال."

وقال بوتين ان روسيا ستتضرر قريبا من ازمة اقتصادية عالمية جديدة واشار الى انجازاته بوصفه خبيرا في معالجة الازمات قاد البلاد خلال وقت انخفضت فيه اسعار النفط عامي 2008 و2009. وقال بوتين في المقال "يدخل العالم فترة من الاضطرابات. هذه الفترة ستكون طويلة ومؤلمة. لا يجب ان تكون هناك اي اوهام حيال ذلك."

وفي اشارة واضحة الى الانتفاضات الشعبية التي اجتاحت الشرق الاوسط قال بوتين ان "قوى مدمرة" تعمل في اجزاء مختلفة من العالم بمساعدة دول "تحاول تصدير الديمقراطية". وناشد بوتين الطبقة المتوسطة الناشئة في روسيا التي قدرها بنحو 20 الى 30 في المئة من السكان - والتي ينظر اليها على انها القوى المحركة للاحتجاجات - الاندماج مع مواطنين مثل المعلمين والطواقم الطبية والذين يعتبرون من بين انصاره الاساسيين. وقال بوتين "الطبقة المتوسطة هم الناس الذين يستطيعون اختيار السياسات ويسمح لهم مستوى تعليمهم باختيار المرشحين بوعي وليس بمجرد .. التصويت بقلوبهم" في اشارة ساخرة لشعار حملة سلفه بوريس يلتسن عام 1996.

وردا على الانتقادات الشديدة لحكمه بان اقتصاد روسيا ما زال يعتمد أكثر من اللازم على عائدات النفط قال بوتين "مبادرة الشعب" يجب ان تكون المحرك الرئيسي للنمو وليس النفط مطالبا الروس بتكثيف الاعتماد على الذات وروح المبادرة والانشطة الخيرية.

وما زال النفط والغاز يوفران ما يقرب من نصف ايرادات الموازنة الروسية وتعثرت محاولات لتنوع الاقتصاد بسبب الروتين والفساد مما أبعد رجال الاعمال عن القطاعات غير المرتبطة بالطاقة.

واشار برنامج فلاديمير بوتين تمهيدا للانتخابات الرئاسية في الرابع من اذار/مارس، الى ان روسيا ستتخلى عن "القمع المفرط" للمجتمع، في وعد لا يقنع المعارضة في الوقت الذي يواجه فيه النظام حركة احتجاج غير مسبوقة.

وجاء على موقع انترنت "بوتين2012.رو" الذي يحدد الخطوط العريضة للوعود الانتخابية التي اطلقها بوتين "يتعين علينا ان نعيد التفكير بكل نظام حماية مصالح المجتمع والتخلي عن الميل لقمع مفرط. ان هذا الوضع يشوه مجتمعنا ويجعله منحرفا من الناحية المعنوية". وللفترة 2012-2018 -اي فترة ولايته في الكرملين اذا تم انتخابه- يعد البرنامج بانه "سيتم وضع آليات حقيقية لمراقبة انشطة السلطات من قبل المجتمع".

واعرب زعيم الحزب الديموقراطي يابلوكو (معارضة) سيرغي ميتروخين عن دهشته لدى قراءة هذا النص. وقال "ذلك يشبه برنامج مرشح لا يشغل المناصب الرئيسية في الدولة. وبالحد الادنى، ينبغي ان يوضح لنا بوتين لماذا لم تطبق المواضيع المطروحة هنا على الاطلاق"، معتبرا ان هذه الوعود ستبقى حبرا على ورق. وقال المعارض "لا اعتقد انه سيتم تطبيقها لانه اعتاد ادارة الشؤون بالقوة". بحسب فرنس برس.

وتاتي اللهجة الجديدة لبوتين في حين يواجه موجة احتجاجات ومظاهرات غير مسبوقة منذ وصوله الى الكرملين في العام 2000، وانطلقت الموجة مع الانتخابات التشريعية التي شابتها عمليات تزوير كبيرة بحسب مراقبين والمعارضة. ولم تحاول السلطات تفريق هذه التظاهرات الحاشدة، لكن بوتين استنكر هذه الحركة -وشبه المعارضين بقرود خصوصا- واعتبر انها تدار من الغرب.

وعلى الرغم من ان برنامج بوتين يشيد بحصيلة السنوات الاثنتي عشرة الماضية، الا انه يقر بانه لا يزال يتعين بذل جهود كثيرة، مستشهدا بمواضيع عزيزة على منتقديه مثل تعسف الدولة والفساد. وجاء في البرنامج ايضا ان "هناك الكثير من الامور التي لا توافقنا. انها تتعلق بمستوى الفقر ومناخ الاعمال السيء وحجم الفساد وعدم فعالية قسم كبير من الموظفين عندما يتعلق الامر بالاستجابة لمشاكل الناس بدءا بامن المواطنين". وعلى الرغم من هذا الخطاب الانفتاحي، فان رجل روسيا القوي لن يشارك في المناظرات التلفزيونية بين المرشحين، كما اعلن المتحدث باسمه ديمتري بسكوف، مؤكدا ان مهامه على راس الحكومة لا تسمح له بذلك. وللسخرية، فان التعليقات الاكثر شعبية للذين فتحوا صفحة موقع "بوتين2012.رو" في بداية اطلاقة في خانة "مقترحات الناخبين"، دعت الى استقالة بوتين.

وعلى صعيد السياسة الخارجية، يتمسك برنامج بوتين الانتخابي بخطه العادي مع التزام بمكافحة كل محاولات الدول الغربية فرض ارادتها على موسكو.

ويعتزم فلاديمير بوتين العودة بعد الانتخابات الرئاسية الى الكرملين الذي اضطر الى مغادرته بسبب عدم امكانية ترشحه لولاية ثالثة بحسب الدستور بعد ولايتين متتاليتين بين 2000-2008.

وان كان الاوفر حظا للفوز في الانتخابات المقبلة، فان اخر استطلاعات الراي تشير الى تراجع كبير في شعبيته والى انه لا يضمن الفوز من الدورة الاولى.

استطلاع للرأي

في سياق متصل يواصل رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين تقدمه في نوايا التصويت التي اظهرت بحسب نتائج استطلاع للرأي بانه سيفوز في الانتخابات الرئاسية من الدورة الاولى بحصوله على 52% من الاصوات. وخلال استطلاع سابق للرأي اجراه معهد "فتسيوم" ونشر فان رئيس الحكومة نال 48% من نوايا التصويت.

من جهته نال الملياردير ميخائيل بروكوروف 2% من الاصوات بتراجع نقطة مقارنة مع الاستطلاع السابق. وبحسب استطلاع اخر للرأي اجراه معهد الرأي العام على عينة تمثيلية من 3 الاف شخص ، فان رئيس الوزراء لن يحصل سوى على 45% من الاصوات وسيضطر لخوض دورة ثانية للمرة الاولى منذ وصوله الى السلطة. وكان انتخب رئيسا من الدورة الاولى في العام 2000 بحصوله على 52,94% من الاصوات واعيد انتخابه في 2004 بنسبة 71,20%. ويواجه نظام بوتين المرشح لولاية ثالثة في الكرملين بعد ولايتين في 2000 و 2008، حركة احتجاج واسعة اطلقت اثر الانتخابات التشريعية التي جرت في 4 كانون الاول/ديسمبر وفاز بها الحزب الحاكم "روسيا الموحدة" حيث اعتبر مراقبون والمعارضة بانه شابتها اعمال تزوير. بحسب فرنس برس.

وقد دعا ميخائيل غورباتشيوف اخر زعيم سوفياتي بوتين للتنحي عن الحياة السياسية، كما تنحى هو عنها عند انهيار الاتحاد السوفياتي قبل عقدين تماما، في اعقاب هذه المسيرة المناهضة لبوتين التي كانت حدة نبرتها اشد مما كانت قبل اسبوعين.

ورفع المحتجون بالونات بيضاء ولافتات تطالب ب"انتخابات حرة" بينما عج بهم شارع ساخاروف في موسكو الذي سمي على اسم المنشق الروسي اندري ساخاروف الذي حاز جائزة نوبل بعد سنين من تحديه للسلطات السوفياتية السابقة.

وقدرت الشرطة عدد المشاركين بنحو 29 الفا بينما قال المنظمون ان 120 الفا شاركوا في هذه الحركة الاحتجاجية حيث ملأوا شارع ساخاروف الذي اغلق امام حركة المرور خلال الاحتجاج.

وتعززت ثقة المعارضة بانضمام شخصيات مثل بطل العالم السابق للشطرنج غاري كسباروف ووزير المالية السابق اليكسي كودرين. وتعد موجة التظاهرات، التي تأتي بعد عشرين عاما من سقوط الاتحاد السوفياتي، اكبر حشد شعبي في روسيا منذ تسعينات القرن الماضي التي شهدت قلاقل واول بوادر على تحدي هيمنة بوتين منذ 12 عاما على البلاد. ورفع المحتجون لافتات كان يمكن في وقت سابق هذا العام ان تجعلهم عرضة للاعتقال، من قبيل "افقنا، وهذه هي البداية!" و"بوتين، لسنا خرافا ولسنا عبيدا!".

ويأتي الاحتجاج تصعيدا للضغوط على بوتين لتنفيذ اصلاحات جذرية تشمل النظام السياسي الروسي الذي يخضع لقيود عدة، حيث يخطط بوتين للعودة للرئاسة بعد انتخابات آذار/مارس وبعد اربع سنوات قضاها رئيسا للوزراء.

وفي خطاب حماسي وعد المدون اليكسي نافالني، الذي برز كاحد زعماء الاحتجاج، ب"مليونية" قادمة للمطالبة باجراء انتخابات تشريعية جديدة. وقال نافالني "ارى ما يكفي من البشر هنا لاحتلال مقر الحكومة الروسية الان. ولكننا مسالمون لذا لن نفعل ذلك -- على الاقل ليس في الوقت الراهن". واضاف وسط صيحات التأييد "نعرف ما سنفعل، سنخرج الى الشوارع حتى يعيدوا لنا ما سلبوه منا. في المرة القادمة سننزل بمليونية الى شوارع موسكو". وتابع "لا نريد ان نخيف احدا، ولكنني اعدكم العام المقبل ان القادة سيتغيرون وستكون السلطة لمن يستحقها. ستكون السلطة للشعب!".

وبينما لم يتمكن غورباتشيوف، البالغ الثمانين من العمر من الحضور بنفسه حتى الان، فقد بعث بتحياته للمحتجين، ودعا بوتين للتنحي في مقابلة اذاعية بثت مساء. وقال غورباتشيوف لاذاعة صدى موسكو "انصح فلاديمير بوتين بالرحيل الان. لقد تولى ثلاث مرات، اثنتان كرئيس وواحدة كرئيس للوزراء. ثلاث ولايات -- هذا يكفي". وتابع "ينبغي عليه ان يفعل كما فعلت" في اشارة الى استقالته كرئيس للاتحاد السوفييتي في الخامس والعشرين من كانون الاول/ديسمبر 1991، "هكذا سيحافظ على كافة المنجزات التي فعلها".

وقال احد المحتجين ويدعى اوليغ ليفونوف، 40 عاما "اتينا للتعبير عن غضبنا. انهم يضعون اصحابهم في السلطة ويقسمون الكعكة على انفسهم. تماما مثل الشيوعيين ايام الاتحاد السوفياتي!". ومنحت السلطات التراخيص للاحتجاجات في تحول كبير في موقف الشرطة التي اعتقلت المئات ممن شاركوا في تظاهرات عقب الانتخابات مباشرة.

وجرت احتجاجات اصغر في مدن روسية اخرى، حيث خرج المحتجون رغم البرد الشديد مع وصول الحرارة الى 15 درجة تحت الصفر في سيبيريا. وشارك نحو 4000 شخص في تظاهرتين منفصلتين في سان بطرسبرغ، حسبما قال مراسل فرانس برس، بينما تظاهر الفا شخص في مدينة نوفوسيبرسك كبرى مدن سيبيريا.

في سياق متصل انتخب المعارض يفغيني شفتشوك رئيسا لمنطقة ترانسدنستريا الانفصالية الموالية لروسيا في مولدافيا اثر فوزه على المرشح المدعوم من موسكو بعد اقصاء الرئيس المنتهية ولايته ايغور سميرنوف. وقد فاز شفتشوك (43 عاما) بغالبية 73,88% من الاصوات بحسب الارقام الاولية للجنة الانتخابية التي نشرتها وكالة الانباء الرسمية اولفيا برس. وحصل المرشح المدعوم من موسكو اناتولي كامينسكي من جهته على 19,67%. وكرست الدورة الاولى اقصاء الرئيس المنتهية ولايته ايغور سميرنوف الذي كان يسيطر بيد من حديد على هذه المنطقة الصغيرة الانفصالية منذ 1990. وكانت المنطقة اعلنت استقلالها عن مولدافيا ونشبت حرب قصيرة في 1992. وهي ثاني هزيمة تلحق بمرشح للكرملين في منطقة انفصالية موالية لروسيا، وتأتي في الوقت الذي يواجه فيه النظام الروسي حركة احتجاج غير مسبوقة منذ اثني عشر عاما على فوز الحزب الحاكم في الانتخابات التشريعية.

قبول حكم الاعدام

من جهة اخرى اصيب الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف بالاحراج خلال لقاء مع طلاب، حين سأله طالب ما اذا كان مستعدا لتقبل "حكم باعدامه" على غرار الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. وقال فلاديمير بولياكوف الطالب في كلية الصحافة في جامعة موسكو مخاطبا الرئيس ان "بلادنا تشهد حاليا وضعا متوترا، ثوريا، هل انت مستعد لتحمل مسؤولياتك؟". واضاف "هل انت مستعد للدفاع عن قراراتك امام محكمة" في حال اندلاع ثورة في روسيا؟. وتابع الطالب "هل تدرك انه يمكن ان يصدر حكم باعدامك؟ هل انت مستعد لتقبل ذلك بشجاعة اسوة بما قام به صدام حسين ام انك ستهاجر الى كوريا الشمالية؟".

واجاب مدفيديف الذي بدا مذهولا انه "لا يرى سببا" لاندلاع ثورة في روسيا و"لا يخشى شيئا". وقال الرئيس الروسي "حين يكون المرء رئيسا، عليه ان يكون مستعدا لمواجهة كل شيء. انا ايضا مستعد لذلك". واضاف مخاطبا الطالب "ربما يكون هذا السؤال الاكثر شجاعة الذي طرحته طوال حياتك". بحسب فرنس برس.

لكن الطالب اصر على الحصول على "جواب دقيق" من الرئيس لمعرفة ما اذا كان "مستعدا للموت" من اجل مبادئه. وهنا اجاب الرئيس "اذا كنت تريد ردا دقيقا، بالتأكيد انا مستعد للموت من اجل مبادئي".

هذا ويرجح البعض زيادة الضغط على بوتن من قبل معارضيه من خلال تأليب الرأي العام الروسي والخروج بمظاهرات جديدة خصوصا مع اقتراب موعد الانتخابات، بغية احراج الحكومة والحصول على تنازلات اضافية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 30/كانون الثاني/2012 - 6/ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م