كيف يتسلق العراقيون "هرم ماسلو" لتحقيق ذاتهم

زاهر الزبيدي

تتسابق دول العالم المتقدم منذ عشرات السنين في إيجاد أكثر الطرائق والنظريات العملية التي تساعد في نجاح التنمية البشرية في بلدانها وصولاً الى تكامل الأداء البشري لمواطنيها.. وبلد مثل العراق توفرت له ولازالت الفرصىة التي تساعد وبشكل كبير على الوصول بشعبه الى أن يدركون ذاتهم وبلوغ قمة السلوك الإنساني فعطاء الفرد في المجتمع يتناسب بشكل طردي مع عطاء المجتمع له، إلا في الحالات الشاذة في المجتمعات..

 أي أن المجتمع كلما وظف القدرات المادية من ثروات متيسرة لتحويلها الى متطلبات مجتمعية تخدم خلايا المجتمع ومفاصله فستكون الغلبة لنجاح السلوك العام للمجتمع والرقي وصولاً لإدراك الذات أو تحقيقها وهي قمة الهرم الذي أبدع في وضعه عالم النفس الأمريكي ابراهام ماسلو(1908 – 1970) في الدافعية الإنسانية Human motivation، لقد عُدِت تلك النظرية من أهم النظريات النفسية التي تعالج بشكل كبير الحاجات الإنسانية بشكل متصاعد وحتى بلوغه قمة هرمه والتي أسماها تقدير الذات.. حينها سيكون الأنسان في قمة عطائه البشري وفي قمة استقراره النفسي وتحقيقه للقيم العليا.

نتساءل دائماً عن ما تنفقه دول العالم المتحضر على الاستكشاف والبحث العلمي؟ ونتساءل كثيراً عن ما تنفقه ذات الدول من مبالغ طائلة على طريق البناء الإنساني لمواطنيها؟ وصولاً الى بناءهم بناء صحيحاً ومنذ خروج المواليد من الحاضنات تبدأ مرحلة البناء الصحيحة لتلك النفس البشرية التي يحتويها ذلك الجسد الطري.. فالمليارات تصرف من أجل التغذية والتعليم وصولاً الى حاجات اللهو المتنوعة التي تساهم بشكل كبير في بناء ذلك الانسان الذي يرسم له مستقبل كبير في أن يكون،على أقل تقدير، صالحاً ـ في مجتمعه وأن لا يتسبب مستقبلاً بخسائر تفوق بألاف المرات حجم ما صرف عليه من جهد ومال اليوم.

انه العمل المبرمج الصحيح الذي يجب إعتماده من أجل بناء إنساننا الجديد وهو مقبل على مستقبل كبير نرى، متفائلين، بأننا سيأتي يوما ما سنكون به بحاجة ماسة ليد كل عراقي شريف أن يضعها في يد الآخر لنعمل جداراً لبناء الوطن.

وهرم ماسلو في حقيقته قسّم الاحتياجات البشرية الى مستويات بدأها بالاحتياجات الفسيولوجية، Physiological needs حيث جعلها قاعدة هرمه ومنطلق مهم لتحقيق بقية المراحل وصولاً الى القمة، والتي تمثل جميع العمليات التي يقوم بها الأنسان لديمومة حياته،بكرامة، كالأكل والشرب واللبس والسكن والراحة والإفراغ والزواج، الجنس، والاكل الصحي والمناخ المعتدل والتي يتطلب إشباعها، بشكل شبه كامل، للوصول المرحلة التالية.. فأين نحن من تلك المرحلة؟

فالحسابات المعقدة التي يدخل بها المواطن العراقي اليوم لتوفير سكن قد تكون، بكافة القياسات، كارثية، أي أن موظفاً بسيطاً في مؤسسة حكومية لا أعتقد أنه قادر على أن يوفر لنفسه وعائلته سكناً كريماً مريحاً وبأبسط درجات الراحة بعيداً عن التدخلات الطائفية والاختلافات الجوهرية التي فرضتها المرحلة الحالية وحتى سابقتها من الظروف التي مر بها العراق.. فقد كانت هناك معوقات جمّة تحول دون تأمينه لهذا السكن بفعل التضخم الحاصل وارتفاع أسعار السكن والتي يتطلب معها عملاً لفترات طويلة لتأمين متطلبات السكن تفوق حتى عمره الافتراضي والذي أكدت بعض الدراسات أنه في تناقص بخلاف عمر البشر في بيقية دول العالم المتحضر!.

 أما من حيث المأكل فنحن في العراق لدينا شريحة مؤكد من الفقر تفوق الـ 7 ملايين فقير حسب أخر إحصائية غير قادرين على توفير أبسط مستويات خط الفقر وتلك الشريحة تمثل ما نسبته الـ 25% من إجمالي سكان العراق، رمت بهم الظروف المعاشية في المساكن العشوائية الخجولة التي تفتقر الى أدنى مستويات المعيشة التي تتطلبها الحياة البشرية مع كافة تأثيراتها النفسية على الفسيولوجية والبنائية التكوينية على طريق تحقيق الإشباع الحقيقي في تلك المرحلة، في حين نرى أن اللاجئ العراقي في دول العالم يتم تجهيزه بكافة المستلزمات التي تتناسب حتى وحجم عائلته وبإمكانه أن يعيش بسر حال حصوله على الإقامة في ذلك البلد فما المانع من وجود خطة سريعة وعاجلة لإنقاذ موقف السكن بالاعتماد على شركات عديدة تنهض بأعمالها بذات الوقت لنحقق نسب أنجاز سريعة، إختصاراً للوقت، وما الضير لبلد مثل العراق أن يمنح شعبه سكن لائق بسيط بلا مقدمات وبأقساط بسيطة جدا تتناسب مع أقل المدخولات.

الحاجات الفسيولوجية والأمنية

أما من حيث تحقيق المتطلبات الجنسية وإشباعها فنحن نعتقد بأن الزواج السليم خير وسيلة للأبقاء على وتيرة متصاعدة من الراحة النفسية وفي سن تتناسب ودخول الفرد في تلك المرحلة كي نحاول فيها ببساطة أن نستغل طاقته على أن تتبدد في طريق الضياع.. والزواج هنا، على الرغم من أهميته، يعتبر محنة إضافية تضاف الى المحن التي يتكبدها الشاب العراقي الذي يصل الى سن الزواج فالتكاليف مرهقة بعض الشي وما بعد الزواج أكثر إرهاقاً.. ونرى أن مساهمة الحكومة في هذا العمل يعتبر منطلقاً مهماً لبناءها للمجتمع فمساهمتها تساعد بشكل كبير في التقليل من المشاكل الاجتماعية والنفسية التي ترافق عزوف الكثير من الشباب عن الزواج بسبب تلك التكاليف أولاً وعدم توفر استراتيجية واضحة لديهم لاكتشاف شركاء العمر ثانياً مما تسبب في زيادة نسبة النساء غير المتزوجات ناهيك عن الأرامل، والذي وصل عددهن الى المليون أرملة، مما يتطلب منا وضع خطوات واضحة والدخول في حلقة فلسفية لتقدير تلك الحاجة وإيجاد الحلول الناجعة لها لإكساب شبابنا مزيداً من الاستقرار العاطفي حافظاً عليهم من الانحراف مبتعدين عن الخط السوي لحياتهم فالمخدرات وحبوب الهلوسة، وعلى الرغم من كل ماتفعله الجهات المختصة في منع دخولها البلد، إلا أن هناك ثغرات مهمة علينا ردمها لنبتعد بشعبنا عن تلك الآفة.

 كذلك فأن التعليم وعلى الرغم من أنه من ضمن متطلبات المرحلة التالية من الهرم إلا أن توفيره بيسر وجدية كبيرة وفق قانون انضباطي واضح يحول دون تسرب الأطفال العراقيين من المدراس طمعاً من عوائلهم في الحصول على مكسب مادي محدود قد يتسبب مستقبلاً بخسائر مادية كبيرة على العائلة والمجتمع بأسره فأن تصنع شاباً متعلماً خيراً من أن تصنع يد عاملة أو أن تكون لك يد عاملة متعلمة خير من اليد العاملة الجاهلة فالأولى تساعد كثيراً في تحقق خطط تنموية كبيرة يعتمد العالم بأسره على تنفيذها من خلالهم ومع انطلاق العراق في ظل موازنات فيدرالية كبيرة.

ومما تقدم أعلاه فالعراقيون، النسبة الأكبر منهم، لغاية الآن غير قادرين على الانطلاق من قاعدة الهرم تلك على الرغم من أنهم سيواجهون في المرحلة القادمة متطلبات تفوق تلك الفسيولوجية وهي مرحلة حاجات الأمان المادية والمعنوية والصحية Safety needs فتحقيق قاعدة الهرم ترفع بشكل عام سقف المتطلبات للمجتمع فنراه يطلب الأمن الاجتماعي والضمان الصحي والمادي والمعنوي..

سنبحث بالتأكيد عن حاجتنا من الحرية المتكاملة وفق ضوابط القوانين المرعية في البلد لكوننا بحاجة أن نبدأ مرحلة ثالثة هي الاجتماعية تتضمن الحب والتفاعل مع الأخرين أو حتى القابلية المطاطية على قبولهم والتعايش السلمي المهم في المجتمع الواحد لكون العنصر لا يعد منتجاً بدون الأخرين وذلك لا يمكن تحقيقه في ظروف أمنية مختلة نوعا ما وحياة مهددة ومستوى صحي لا يرقى للدرجة التي تتناسب وحجم الفعاليات المطلوبة المقبلة في مجتمع راق.

فتوفير الأمن الاجتماعي وأمن الممتلكات بحاجة الى جهد كبير من قبل الجهات المختصة لتوفيره وبشكل كامل فالخروقات الأمنية، مع إضرارها بأمن المجتمع ككل ومع إضرارها بأمن الممتلكات المادية، فهي من جانب أخر تؤثر تأثير اً بالغاً في خلق نفسية متقلبة يحكمها الخوف والرهبة من كل شيء فقد يصل المواطن لدرجة أنه لا يثق بالجالس جنبه بفعل الأحداث المتسارعة التي مر بها العراق خلال العقد الأخير من الزمن وما قبله من ضغوط نفسية ومضايقات بحريته مع سلسلة من الانتهاكات غير المبررة لحقوقه ومن جانب آخر فأن الأنسان العراقي غير قادر على فهم حقوقه للدفاع عنها بانتظام وهذا ما يعيق تفكيره الدائم في كيفية الحفاظ عليها.

وعلى العموم فأن إنتاجية الفرد في المجتمع تكتسب أهميتها النوعية وتأثيرها في مدخولات المجتمع من خلال توفير أعلى حدود الحاجات الفسيولوجية والأمنية في الهرم وتلك بذاتها تعد من أهم العائدات التي تعتمد عليها الدولة في إدارة دفة وارداتها الداخلة في الموازنات وبالتالي تحقيق نمو إقتصادي كبير كون نوعية الإنتاج، على إختلاف أنواعه، تعتمد بشكل فائق على مستوى تنفيذ الحكومة للاحتياجات في المرحلتين الأول والثانية...

 وليخال لنا ونحن نرى الكثير ممن انخرطوا في المجاميع الإرهابية بأن إدارة الدولة لها دور كبير في هذا الانحراف غير المسبوق، في العراق، والذي دفع بالكثير من الشباب الى أن يزهقوا أرواحاً بريئة من أجل مائة دولار مثلاً.. فلو كان لذلك الإرهابي منزل يسكنه وزوجة صالحة وأبناء وكفالة إجتماعية وطبية وعمل يتناسب ومقدرته العلمية والجسدية تتناسب وما قُدر للعراق من ثروات هائلة مع أجر شهري يلبي متطلباته المنزلية والتعلمية والترفيهية مع توفير الجو العام للمعيشة في الوطن بشكل تناغم وحجم الأنفاق العام للحكومة من خلال موازناتها.. لا نعتقد، إلا في حالات شاذة، أن يحيد أولئك الإرهابيون عن الخط السوي لوطنهم.. فعند ذلك سيقف أمامهم الوطن وتتمثل صورته المبهرة بالعطاء، كما أن توفير المرحلة الثانية من هرم الأحتياجات، الأمن بأنواعه، يتيح لنا فرصة التخلص من المجاميع الإرهابية وحصر توجه الأفراد في المجتمع الى بناء مجتمعهم والتخلص من تلك النظرة البائسة المفعمة بالطائفية، في بعض الأحياء، لبعضهم البعض حيث الاحترام المتبادل والحب والتفاعل مع الآخرين والانتماء Love & Belonging needs أفردت له مرحلة مهمة من مراحل الحياة في ذلك الهرم كونها تعتبر بداية مد وشائج المعرفة الصحيحة وتقبل الآخرين في المجتمع الواحد وهي مرحلة البدء بالتوحد معهم بأواصر حقيقية مبنية على التعايش السلمي في المجتمع والتي ستنعكس بشكل كبير على نظرة المجتمع الدولي للعراق وتمنحه كذلك القابلية على مواجهة العالم بنوع راق من العلاقات الإنسانية..

 والتفاعل الناجح في المجتمع سيكون له مردوداً إيجابياً على نجاح ذلك التفاعل الدولي وحتى إخراجه من بنود التخلف والعنجهية التي وصمت به من عشرات السنين ناهيك عن استيفاد العراق لكراديس السياح لكونه يعتبر، عالمياً، من أهم مواقع التراث الإنساني وقبلة مهمة للسائحين في العالم، وعليه فكل ما تحققه الحكومة لمجتمعها يعود بالفائدة غير المنظورة والتي تتمثل بشكل عوائد معنوية تتطور مستقبلاً لتصبح عوائد مادية مؤثرة.

الحاجة الى التقدير والاحترام

إن فكرة المواطنة ليست سوى ناتج حقيقي لإحساس الانسان بالانتماء loyalty للمجتمع وهي وليدة لحزمة الحقوق الدستورية التي تفردها الدولة لأبنائها، فالشعور بالرضى والاقتناع بضرورة العطاء ماهو إلا رد الفعل الطبيعي على حجم العطاء الحكومي متمثلاً الحقوق، فعندما ينعم الفرد بهذا التناغم الكبيرة بين حقوقه وواجباته تتولد لديه المشاعر الوطنية والتي تدفعه للتضحية بنفسه من أجل الوطن بدافع الوطنية.. ووصولنا الى تلك المرحلة سيكون بحاجة جهود جبارة ومتوازنة من كل المؤسسات الحكومية.. ودليل بسيط على ذلك أنك لو دخلت في دائرة حكومية تستقبلك باحترام وتقدير بالغين وتقدم لك، على اقل تقدير، الأجواء المناسبة وتنهي لك متطلباتك بيسر وسهوله سترى إنك مجبر على احترام إدارة تلك المؤسسة والتي تمثل بدورها الحكومة.. بينما الحقيقة التي تقفز اليوم الى واقعنا أن أغلب المؤسسات الحكومية تعاني من عدم تقديم الاحترام للزائر مع عدم نظافتها وعدم توفر المرافق الصحية مع عدم وجود أي دلائل على وجود مؤسسة واحدة تقدم علبه مياه في قمة ارتفاع درجة الحرارة مع عدم وجود صالات استقبال محترمة ومع وجود المفسدين ممن يتعاطون الرشوة وأولئك الذين يضعون المعوقات الجمه أمام سير العمل، ومع وجود الضرائب النسبية التي تفرض على إستحصال الوثائق الحكومية كالهويات على اختلافها وجوازات السفر وغيرها.. نرى أن الانسان العراقي لا يشعر بأن له قيمة حقيقية في مجتمعه. وعلى حد قذارة المؤسسات الحكومية نرى المواطن عندما يستخدم إبهامه لعمل البصمة على الأوراق الرسمية يخرج ليمسحها على جدران تلك المؤسسة أو حتى على لوحة الإعلانات فيها ! وكأنه بذلك يفرز عصارة غضبه على إجراءات تلك المؤسسة.

وفي العراق سنبقى نفصح عن غضبنا تجاه التقصير في تحقيق الحد الأدنى من إحتياجاتنا الحياتية وكشعب عانى ما عانى من ويلات الحروب وما سببته من تمزق كبير في النسيج الاجتماعية وانتقالات ونزوح كبير غيّر بشكل اساسي البنية الاجتماعية وواقع المحلات والأزقة سيكون الرد على تجاهل المؤسسات الحكومية لحقوق المواطنين قوياً يتسبب في تدميرها تدميراً بطيئاً وعدم الانتماء الوطني لتلك المؤسسات من قبل المواطن.. نحن بحاجة اليوم مع موعد إنطلاقنا وبداية خط شروعنا ببناء المستقبل أن نكوّن سياسة تمنح تكافؤ الفرص للمواطنين دون إغفال لدرجاتهم العلمية ودون أي توظيف للقضايا العرقية والدينية فالهرم المتصاعد لماسلو يكفل الانتقال الميسر للوصول بالمواطن الى إدراك ذاته وبالتالي التواصل مع الإشباع الذاتي لكافة الاحتياجات وصولاً لخدمة الوطن بتفان وإخلاص كبيرين.

ومن هنا تبرز الحاجة الى التقدير والاحترام Esteem needs حيث يرى ماسلو أن جانبان مهمان في تلك المرحلة يحددان سلوك المواطن فيها وهما: الجانب الأول يتعلق باحترام النفس أو الإحساس الداخلي بالقيمة الذاتية.. والجانب الثاني يتعلق بالحاجة الى اكتساب الاحترام والتقدير من الخارج حيث الحاجة الى اكتساب احترام الأخرين السمعة الحسنة والنجاح والوضع الاجتماعي المرموق ومع مرور الوقت وتطور النضج الشخصي يصبح الجانب الأول أكثر قيمة وأهمية للإنسان من الجانب الثاني..

ونكاد نكون جازمين باعتقادنا بأن سلسلة المراحل الثلاثة الأولى كفيلة بأن يمتلك المواطن العراقي القدرة على احترام ذاته، فبتوفر الحقوق الفسيولوجية وحاجات الأمان والحاجات الاجتماعية تتكون في داخل الأنسان الرغبة الذاتية في فرض شخصيته باحترام بالغ وليعبر عن نفسه بوضوح تدفعه لذلك الرغبة الأكيدة في تطويع المعارف المكتسبة، كحاجات، الى عمل فعلي في إظهار الصورة الحقيقية والصحيحة لذاته الإنسانية التي تركت التمرد وأنقض فيها حب الذات الصحيح على نزعة العصبية والتمرد والذاتية المقيتة وحب الأنا ففي تلك المرحلة نشهد البداية الحقيقية وخط الشروع الأول لأدراك الذات الإنسانية الممزوجة بخليك الاحترام والتقدير ليبدع، بانتماء مطلق، في مجال عمله وليؤثر، بإيجابية صحية، بمجتمعه الذي ينتظر منه أن ينقل تجاربه الحياتية بصدق للأجيال المتعاقبة ملهماً فيها فطرية الانتماء الى المحيط الخارجي وجعل الأسرة تشع في داخل المجتمع مانحة له أفراداً مقبولين على أقل تقدير.

 وحتى تلك المرحلة فأن حاجات تحقيق الذاتSelf-actualization والحاجات العليا Metaneeds وتلك المرحلة التي تعتبر في قمة الهرم وهي الغاية الرئيسية مما تم التدرج به في الهرم من حاجات إذا ما واصنا، وبدون اهتزاز، توفيرها لمجتمع مثل العراق سنصل حتماً الى تلك القمة المتسامية بعيداً وكأن تحقيقها ضرباً من الخيال إلا أنها لا تتطلب منا إلا تقديم مستوى معقول من الحاجات الدافعية للإنسان مع المساعدة في نقله للحاجات المعرفية والحاجات التي تدخل ضمن النظرة الشفافة في رؤية الآخرين في محيط المجتمع وعدم الانقياد العشوائي مع الثقافات التي تنطلق هنا وهناك في زوايا المجتمع المترامي وإنما يختارون قيمهم واتجاهاتهم بشكل واضح خلاّق بل ويحاولون أن يغيروا ما يرفضونه من تصرفات مجتمعية تعاصر حياتهم اليومية مع إستخدامه إيجابياً، كل قدراته ومواهبه الذاتية وإطلاقه لكل إمكاناته الكامنة وتنميتها إلى أقصى مدى يمكن أن تصل إليه، في خدمة ذاته وبالتالي سعيه المهم نحو إكتشاف المزيد من القيم الإنسانية المتمثلة في العدل وتحقيق النظام والمساعدة على تطبيقه وإكتشاف الحقيقة وإبداع الجمال وهي قمة الحاجات، فأين نحن اليوم هرم ماسلو واين دافعيتنا الإنسانية من الوعود الكاذبة بتحقيق الإنجازات التي تعيد للعراقي ماء وجهه الذي فقده في مسيرته الطويلة في صحراء تلك الوعود القاحلة.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 29/كانون الثاني/2012 - 5/ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م