
شبكة النبأ: لازالت الاوضاع الامنية
المتقلبة في نيجيريا تنذر بنشوب حرب أهلية بعد مرور 40 عاما على صراع
بيافرا الانفصالي الذي اودى بحياة أكثر من مليون شخص من ابنائها، تلك
الصور تجد موجة النعف الاخيرة التي اودت بحياة العديد من الاشخاص, ويرى
بعض المراقين ان وتؤدي موجة العنف هذه الى نشوب حرب اهلية بين سكان
المناطق الجنوبية والشمالية والمتوزعة بين المسلمين والمسيح.
فقد شنت جماعة بوكو حرام الاسلامية المتشددة هجماتها المسلحة ضد
المواطنين وقوى الامن، واوقعت احداث العنف الاخيرة في مدينة كانو ثاني
كبرى المدن النيجيرية مئات القتلى والجرحى هذا بالإضافة الى تشريد
الالاف من العوائل.
وافاد مسؤول أمني رفيع بالحكومة ان أكثر من مئة شخص قتلوا في هجمات
بالقنابل واشتباكات بالأسلحة النارية في مدينة كانو ثاني كبرى المدن
النيجيرية في أشد الهجمات المنسقة دموية التي تتبناها جماعة بوكو حرام
الاسلامية المتشددة. وقال المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه "قتل أكثر من
مئة شخص بكل تأكيد. كانت هناك هجمات بالقنابل ثم هاجم مسلحون الشرطة
وردت الشرطة بشن هجمات." وقالت مصادر مستشفى ان الجثث لا تزال تصل الى
مشارح في كانو. وأعلنت جماعة بوكو حرام مسؤوليتها عن الهجوم. وقتلت
الجماعة المئات في شمال نيجيريا أكبر دولة افريقية سكانا. واتصل متحدث
باسم بوكو حرام بالصحفيين في مدينة مايدوجوري بشمال شرق البلاد حيث
يوجد مقر الجماعة ليعلن المسؤولية عن الهجمات. كما وألقيت أيضا في
أنحاء متفرقة من المدينة نسخ من رسالة منسوبة الى الجماعة. وقالت
الرسالة التي كتبت بلغة الهوسا السائدة في شمال نيجيريا ان الهجمات
جاءت ردا على اعتقال وقتل أعضاء من الجماعة على أيدي الشرطة
ودفعت الهجمات الحكومة الى اعلان حظر التجول خلال الليل في المدينة
التي يسكنها اكثر من عشرة ملايين نسمة. وقال الرئيس النيجيري جودلاك
جوناثان الذي تعرض لانتقادات بسبب عدم اتخاذ اجراء سريع وحاسم ضد بوكو
حرام ان القتلة سيواجهون اقصى عقوبة في القانون.
وتعاني مدينة كانو مثلها مثل مدن أخرى بشمال نيجيريا من تمرد تقوده
جماعة بوكو حرام والتي يلقى عليها بالمسؤولية عن عشرات من التفجيرات
وعمليات اطلاق النار التي يقع معظمها في شمال البلاد الذي تسكنه أغلبية
مسلمة وتستهدف بالاساس أهدافا حكومية.
وقالت الشرطة في بيان انها تبذل قصارى جهدها للسيطرة على الوضع.
وقال البيان "نناشد المواطنين تقديم معلومات عن هوية وموقع هؤلاء
السفاحين." وأضافت الشرطة أن ثمانية مواقع تعرضت للهجمات بينها مقر
للامن وثلاثة اقسام للشرطة ومقر أمن الدولة والمقر الرئيسي لجوازات
السفر. وقال سكان ان تبادل اطلاق النار بين الشرطة ومسلحين استمر ليلا.
وقال متحدث باسم الوكالة الوطنية لادارة الطوارئ في كانو "ما زلنا
نتنقل من مكان لاخر لانتشال الجثث." وتابع قائلا "غالبيتهم ضباط شرطة...
بعضهم توفي متأثرا بجراح أصيبوا بها جراء الانفجارات وبعضهم أصيب
بأعيرة نارية." بحسب رويترز.
وقال شهود ان الدخان تصاعد من مقر الشرطة في المدينة بعدما دمر
انفجار نوافذه وسقفه وأشعل حريقا كافح رجال الاطفاء للسيطرة عليه. وقال
شهود وعائلة أكوجو أنشي الذي يعمل مصورا في تلفزيون تشانل تي في
النيجيري والذي ساهم أيضا في الآونة الاخيرة في اعداد تقارير اخبارية
لتلفزيون رويترز ان مسلحين مجهولين قتلوه في أحد حوادث اطلاق النار
التي وقعت وهو يصور من موقع أحد التفجيرات التي وقعت. وقال ستيفن أدلر
رئيس تحرير تومسون في بيان "صدمنا وأحزننا مقتل أكوجو اننشي مراسل
تلفزيون تشانل تي في والذي شارك في التصوير لتلفزيون رويترز في الشهور
القليلة الماضية. قلوبنا مع أصدقائه وعائلته في هذه الوقت الحزين
للغاية." وأدان الاتحاد الافريقي ما وصفه بأنه هجمات "ارهابية" في كانو.
هذا وقد وندد الامين العام للامم المتحدة بان جي مون بالهجمات ودعا الى
"تحقيقات سريعة وشفافة" في تلك الحوادث. وأدانت القوى الاوروبية
والاتحاد الافريقي أيضا الهجمات.
وكان هجوم بالقنابل استهدف كنيسة كاثوليكية خارج العاصمة أبوجا
أعلنت الجماعة مسؤوليتها عنه قد أسفر عن مقتل 37 شخصا واصابة 57 اخرين.
وفر المشتبه به الرئيسي لهذا الحادث كابيرو سوكوتو من احتجاز الشرطة
بعد 24 ساعة من اعتقاله وعرضت الشرطة مكافأة قدرها 50 مليون نايرا (310
الاف دولار) لمن يدلي بمعلومات تقود الى اعتقاله مرة أخرى.
قتلى ومعتقلين بصفوف الجماعة
في سياق متصل اعلن الجيش النيجيري قتل اربعة عناصر مفترضين من جماعة
بوكو حرام الاسلامية وجرح خمسة اخرون بيد جنود في مدينة ماديوغوري شمال
نيجيريا، كما اعلن قائد قوة التدخل المشتركة. واعلن الكولونيل فيكتور
اباليم "جرى اشتباك بين رجالنا ومسلحين نعتقد انهم عناصر في بوكو حرام.
هاجم هؤلاء المسلحون نقاط مراقبة وتبادلوا اطلاق النار مع رجالنا وقتل
اربعة مهاجمين في العملية". واضاف ان "خمسة اخرين اصيبوا بجروح". كما
تمم اعتقل في ستة من قادة الجماعة وقال لكولونيل فيكتور ابالمي "نجحنا
في اعتقال ستة من قادة بوكو حرام في عملية نفذت اثر معلومات مفيدة
قدمها سكان". كما قام الجيش بتفكيك خمس عبوات عثر عليها في اماكن عدة
في مايدوغوري بحسب الكولونيل المكلف عمليات القوة الخاصة المنتشرة في
ولاية بورنو وعاصمتها مادوغوري. بحسب فرانس برس.
وفي ماديوغوري ايضا، عمد عناصر مفترضون في بوكو حرام الى اطلاق
النار اولا على نقطة مراقبة على مفترق اجيلاري فقتلوا ستة اشخاص هم
جنديان واربعة شرطيين ما استدعى تدخلا عسكري في المنطقة. وبحسب احد
السكان الذي يدعى فانتاي بولاما، فان اطلاق الجنود للنار اصاب عددا من
الاشخاص. وقال ان "جنودا وصلوا في سيارة باعداد كبيرة بعد الهجوم
حاصروا مكان الاشتباك وبداوا باطلاق النار دون تمييز". وقال مصدر طبي
في مستشفى المدينة ان جثث اربعة مدنيين وجنديين اثنين اصيبت بالرصاص
وصلت الى المشرحة من مفترق اجيلاري.
انتقاد للسلطات
من جانب اخر تعرضت السلطات النيجيرية لانتقادات عنيفة بعد التدخل
الكثيف للجيش لتفريق متظاهرين في ختام اضراب عام نفذ للاحتجاج على
الغاء الدعم للمحروقات واوقفت النقابات الاضراب بعد اعلان الرئيس
جوناثان غودلاك عن تنازل اتاح خفض اسعار الوقود بنسبة 30%.
وندد حاكم ولاية لاغوس، العاصمة الاقتصادية للبلاد، بانتشار الجيش
بكثافة والشرطيين الذين اطلقوا النار في الهواء واستخدموا الغاز المسيل
للدموع وقاموا بترهيب المتظاهرين بالاليات المدرعة. ونقلت الصحافة
المحلية بيانا للكاتب النيجيري وولي سوينكا الحائز جائزة نوبل للاداب
طالب فيه "بانسحاب فوري وغير مشروط لهؤلاء الجنود". ونددت صحف ايضا
بالانتشار الامني الكثيف. وكتبت صحيفة "بانش" انه بالنسبة للبعض "كانت
رؤية جنود مسلحين على كل محاور الطرقات الرئيسية في المدينة (لاغوس) لا
تعني الا شيء واحد: انقلاب". بحسب فرانس برس.
والاضراب العام الذي شل البلد الاكثر اكتظاظا بالسكان واول منتج
للنفط في القارة، فقد خرج عشرات الاف الاشخاص للتظاهر تعبيرا عن غضبهم
بعد الاعلان المفاجئ وقف دعم اسعار المحروقات. و الغاء الدعم ادى الى
مضاعفة اسعار الوقود وارتفع من 65 نايرا لليتر (0,40 سنتا من الدولار)
الى 140 نايرا او اكثر بين ليلة وضحاها.
وبررت الحكومة وقف دعم الوقود الذي تبلغ كلفته نحو ثمانية مليارات
دولار، بالحاجة الى هذا المبلغ لتمويل تحديث البنى التحتية في البلاد،
لكن ارتفاع سعر البنزين الى الضعفين طال بحدة السكان الذين يعيش معظمهم
باقل من دولارين في اليوم.
مسلمو الكاميرون يرفضون
من جهة اخرى ينفي مسلمو شمال الكاميرون بشدة اي تواصل مع حركة بوكو
حرام الاسلامية المتطرفة المسؤولة عن اعمال عنف في نيجيريا المجاورة،
في حين يقول ائمة المساجد التي وضعتها السلطات الكاميرونية تحت
المراقبة انهم "يقظون". وقال احد رجال الدين في مدينة مروة طالبا عدم
كشف هويته "نحن لا نعرف بوكو حرام. انها مشكلة تخص نيجيريا وليس مسلمي
شمال الكاميرون، لا تخلطوا". واوضح الرجل الجالس على حصيرة طرحت ارضا
ووضع عليها مصحفان، ان "عملنا يتمثل في تعليم القران" رافضا التطرق الى
الحركة الاسلامية التي تدعو الى تطبيق صارم للشريعة الاسلامية في
نيجيريا.
وتقع مروة على بعد اقل من سبعين كلم من حدود نيجيريا، غرب
الكاميرون وهي كبرى مدن اقصى الشمال حيث اغلبية السكان من المسلمين.
وغالبا ما يعتبر الكاميرون قاعدة خليفية لبعض عناصر الحركة المطاردة في
نيجيريا والتي قد تبحث عن تجنيد عناصر جديدة في شمال البلاد حسب اشاعات
تسري في المنطقة..
وقال ابو بكر ارونا الامام وامين التربية الاسلامية في المنطقة ان
العمدة (المسؤول المحلي) عقد اجتماعا مع كافة ائمة مروة ودعاهم الى "بحث
هذه الظاهرة". واضاف ان "كل مساجد المدينة يقظة. لا نقبل ان ياتي اجانب
يمارسون فيها الدعوة قبل ان نعلم فحوى الخطب التي يريدون القاءها". من
جانبها قررت الحكومة تكثيف مراقبة الخطب التي تلقى في مساجد شمال
البلاد للحؤول دون انتشار الافكار المتطرفة التي تدعو اليها حركة بوكو
حرام الاسلامية وخاصة منها معادات المسيحية. وقال مسؤول في الدرك طلب
عدم كشف هويته "لا نريد ان يتسلل عناصر من حركة بوكو حرام (الى المساجد)
للترويج لافكارهم". وقال احد ائمة مروة مال حياة ملدليل "لا يمكننا ان
نقبل شرطيين بزيهم في المساجد. لكن اذا اتى عناصر من الاستخبارات
فسنصلي معهم. بعد ذلك يمكنهم رفع تقريرهم اذا ارادوا. نحن نقوم بعملنا
دون ان نعبأ بهم".واكد "اننا في خطب الجمعة ندعو الى السلام ونحث الناس
على فعل الخير". بحسب فرانس برس.
كذلك قال الامام ابو بكر انه "من الطبيعي ان تقوم السلطات بهذه
المراقبة الخفية"، مؤكدا "اننا نستنكر الاعمال (الدموية) التي ترتكبها
بوكو حرام، هذا ليس اسلام". واضاف "نحن لا نريد التهجم على الاسلام،
اننا لا نعلم ما هي مبررات واسباب بوكو حرام، ربما لديهم اجندة سياسية".
من جانبه قال جبريل دايرو مدرس القرآن ان "المسلم الحقيقي لا يرتكب
شرا. ندين كل اعمال العنف ونصلي كي لا يحصل في بلادنا ما يجري في
نيجيريا".
حقائق عن الجماعة
وبوكو حرام التي تعني بلغة الهوسا السائدة في شمال نيجيريا "التعليم
الاجنبي حرام" تتخذ من حركة طالبان في أفغانستان نموذجا لها بدأ نشاط
هذه الجماعة في عام 2003 تقريبا وتتركز بشكل رئيسي في ولايات يوبي
وكانو وبوتشي وبورنو وكادونا في شمال نيجيريا. وتعتبر الجماعة كل من لا
يتبنى فكرها المتشدد كافرا .. مسحيون كانوا أم مسلمون. وتطالب بتطبيق
الشريعة في كل أنحاء نيجيريا. ويؤدي أتباع بوكو حرام الصلاة في مساجد
منفصلة ويطلقون اللحى ويضعون على رؤوسهم أغطية حمراء أو سوداء. بحسب
رويترز.
وقد قامت الجماعة بالعديد من العمليات المسلحة التي اوقعت الكثير من
الضحايا ففي يوليو تموز 2009 شنت الجماعة هجمات في مدينة بوتشي في شمال
شرق البلاد بعد اعتقال بعض أعضائها واشتبكت مع الشرطة والجيش في مدينة
مايدوجوري الشمالية وقتلت حوالي 800 شخص في القتال الذي استمر خمسة
أيام في المدينتين. وفي وقت لاحق من ذلك الشهر اعتقلت قوات الامن
النيجيرية محمد يوسف زعيم الجماعة وقتل بالرصاص أثناء احتجازه لدى
الشرطة بعد ساعات من اعتقاله. وفي أوائل يوليو 2010 ظهر أبو بكر شيكاو
وهو نائب سابق لزعيم الجماعة كان من المعتقد بأن الشرطة قتلته في عام
2009 في شريط فيديو وأعلن قيادته للجماعة. في ديسمبر 2010 قالت الجماعة
انها تقف وراء التفجيرات في وسط نيجيريا وهجمات على كنائس في شمال شرق
البلاد أدت الى سقوط 86 قتيلا على الاقل. وفي 16 يونيو حزيران انفجرت
سيارة ملغومة في ساحة انتظار سيارات أمام مقر الشرطة في العاصمة
النيجيرية أبوجا مما أسفر عن سقوط قتيلين على الاقل وأعلنت بوكو حرام
المسؤولية عن ذلك. في 26 يونيو سقط 25 قتيلا عندما انفجرت عدة قنابل في
منطقة دالا بمدينة مايدوجوري بعد أن ألقى أشخاص يشتبه في أنهم أعضاء في
الجماعة قنابل على مقهى وحانة. وفي 25 أغسطس اب هاجم أعضاء في الجماعة
مركزا للشرطة في جومبي في شمال شرق البلاد فقتلوا أربعة من الشرطة
وجنديا قبل أن يقودوا سيارتهم الى فرعي فيرست بنك ويونيون بنك حيث
قتلوا سبعة من موظفي البنكين واستولوا على مبلغ من المال غير معلوم. في
26 أغسطس فجر مهاجم نفسه في مبنى الامم المتحدة في أبوجا الذي اوقع 23
قتيلا على الاقل وأصيب فيه اكثر من 67 شخص وأعلنت بوكو حرام المسؤولية
في وطالبت بالافراج عن سجناء وانهاء حملة أمنية تهدف الى منع شن المزيد
من التفجيرات، وكان هذا أول هجوم انتحاري معروف في نيجيريا ومثل تصعيدا
لاساليب الجماعة وكشف عن تطور أكبر في المتفجرات التي تستخدمها. مما
قتل 65 شخصا على الاقل في مدينة داماتورو وقرية بوتيسكوم في الرابع من
نوفمبر تشرين الثاني. وأعلنت بوكو حرام مسؤوليتها عن هجمات بالقنابل في
انحاء نيجيريا منها هجوم على كنيسة قرب ابوجا اسفر عن مقتل 37 شخصا على
الاقل. وفي يناير كانون الثاني فتح من يشتبه بانهم اعضاء بالجماعة
النار في قرية بوتيسكوم بولاية بوبي فقتلوا ثمانية اشخاص منهم اربعة من
الشرطة. وفي 20 يناير كانون الثاني اسفرت هجمات منسقة بالقنابل
والاسلحة على قوات الامن في مدينة كانو الشمالية عن مقتل اكثر من 100
شخص.
كما أصدرت الجماعة انذارا الى للمسيحيين تبلغهم بضرورة مغادرة شمال
نيجيريا ومنذ صدور ذلك الانذار فقد قتلت هجمات الجماعة الكثير
المواطنين الى جانب فرار مئات المسيحيين الى جنوب البلاد. الامر الذي
الزم الحكومة إعلان حالة الطوارئ في محاولة لاحتواء العنف.
وقال الرئيس جودلاك جوناثان ان هناك مؤيدين للجماعة داخل حكومته وان
انعدام الامن الذي تسببت فيه الجماعة أسوأ عما كان ابان الحرب الاهلية
التي اندلعت في عام 1967 وسقط خلالها أكثر من مليون قتيل.
هذا من المرجح ان تشهد نيجيريا اعمال عنف اضافية تشنها مجموعات
اسلامية متشددة الامر الذي قد يتسبب بتدخل دولي عاجل لغرض حفظ النظام
في هذه الدولة. |