حظوظ الكلاب وأولاد الكلاب

محمد خليل كيطان

ذكر لي صديق عاش في بيلاروسيا لخمس سنوات متتالية قائلا: لايكاد يخلو بيت او شقة من كلب هناك.. الجميع يحبون هذا الكائن الوفي ويقدرونه ايما تقدير ولكن الذي لفت نظري (والكلام لصاحبي) انني وطيلة فترة مكوثي هناك لم اسمع كلبا واحدا ينبح بوجه انسان او (يحوحو) باتجاه كلب اخر من ابناء جلدته.

قلت "انك تبالغ من منطلق الاعجاب المفرط بالغرب" قال: لا ابدا قد اكون بالغت بقولي اني لم اسمع نباح كلب هناك لكني اجزم لك بان كلبا واحدا لم يهددني او يثر حفيظتي او يلفت انتباهي على الاقل.. واضاف انهم وديعون جدا بل هم اكثر دعة من الحمير او الدجاج او العصافير عندنا.

اكتفي بهذا القدر من كلام صديقي مخافة ان يفسر وصفه على محمل سياسي وندخل في ايراد ومصرف... غير اني اتساءل بحق ما الذي يدفع كلابهم الى ان تتصرف كحميرنا مع الاحتفاظ بالمقامات طبعا؟؟ اذ لا يكتفون بتربيتها بل يكلفونها بواجبات اخرى كالتسوق ومجالسة الاطفال والمراقبة والتنبيه والانذار في حال الحرائق والمخاطر وغيرها من المهمات التي تفشل كلابنا وقططنا مجتمعة من القيام بجزء يسير منها.

لقد عمد العالم الغربي على صون حقوق الكلاب وسائر الحيوانات وسن قوانين ونصوص تضمن لها حق العيش والحياة بكرامة دون اذلال أو تحقير، فمن حق الكلب التنزه ساعة من نهار دون ضغوط او مضايقات , وحق السفر والانتقال مع صاحبه الذي يرتاح له من دون ان يجبر على شيء.. اضف الى وجوب تطبيبه في مراكز صحية مسجلة ومعترف بها رسميا والا فانه سيعرض صاحب الكلب للمساءلة القانونية وتسجل ضده جنحة قد تودعه السجن بتهم القهر والبطش وكبح الحريات وتلزمه دفع غرامة مالية يتم بموجبها سحب الكلب منه وايداعه الى عائلة اخرى اكثر رحمة ورأفة.

وكما فان لبني البشر حظوظ فللكلاب حظوظ قطعا.. اذ ربما (يكعد) حظ احدهم ويتبناه ملياردير يبذل لاجله ملايين الدولارات ويزوجه من الكلبات الحسناوات ويخلصه من عقدة العنوسة ويطعمه في افخم مطاعم المعمورة.

غير ان اغرب حق سنته قوانين الكثير من دول الغرب هو حق الارث اذ "يحق للكلب ان يرث سيده" (ويتبرطع) بفلوسه بعد مماته لينثرها يمينا وشمالا على الكلاب السائبة واصدقاء السوء.

وكما ان هناك قوائم للجوع والغنى في هذا العالم فان هناك قوائم بأغنى الكلاب، حيث يعد الكلب ابن الكلب جانثر الرابع هو اغنى كلاب العالم اذ يمتلك ثروة تقدر بـ244 مليون دولار ورثها عن الكونتيسة كارلوتا لبينستين. ويعد الكلب الخاص بالمذيعة المعروفة أوبرا وينفرى من ضمن الكلاب الأثرياء ايضا حيث يملك ثروة تقدر بـ30 مليون دولار جمعها بكد ذراعه، وهناك كلب اسود يدعى ترابل يملك ثرورة قيمتها 12 مليون دولار ويعود للمليارديرة المرحومة ليونا هلمزلي والتي حرمت اثنين من أحفادها الاربعة بالكامل من الميراث وفضلت عليهم كلبها تماشيا مع المثل القائل (اصرفهن ع الجلاب السود ولا انطيهن الكم).

وكما ان للكلاب استخدامات سلمية فان بعض دول الرسمالية الغربية اباحت لنفسها ان تشوه الصورة الوديعة للكلاب وتستخدمها كوسائل ضغط لانتزاع الاعترافات الجرمية بسهولة كما كان يحصل في معتقلات القوات الامريكية قبل ان تنقشع من العراق.

وغني عن القول فان هناك الكثير من بني البشر في بعض البلدان العربية والأفروآسيوية الذين كرمهم الله سبحانه وتعالى يعيشون عيشة لا ترتق باي حال من الاحول الى افقر كلب غربي اذ طالما حلموا بخبزة لا نتقطع وبيت دافئ متسع وصوت حر مرتفع، من دون ان يدفعوا دمائهم ضريبة لذلك ويتظاهرون في ايام جمع الكرامة والنضال والموت المحقق.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 28/كانون الثاني/2012 - 4/ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م