علم البحرين يعلو في كربلاء

محمد علي جواد تقي

ونحن نطوي الزمن في ركب الخلود الحسيني، نذكر مجدداً المتراصفين على الطريق بالدوافع خلف كل هذا الحماس والتفاعل والتضحية خلال شهري محرم وصفر لإحياء أحزان النبي الأكرم واهل بيته صلوات الله عليهم. إنها الرغبة في الحياة الكريمة والسمو بالقيم والمبادئ التي يجدها كل مشارك ومعزي في مدرسة الحسين عليه السلام، من اول زائر وصل كربلاء المقدسة في اول شهر محرم الحرام وحتى آخر مغادر لها في نهاية صفر الخير، وربما يكون هذا يحمل رقم (16) أو (17) مليون او اكثر، والله تعالى هو الأعلم.

هذا ما يتعلق بالإنسان، لكن العطاء الحسيني سخي كبير يشمل برعايته حتى الاوطان، ولو اننا بالحقيقة نعيش في وطن اسلامي واحد، لكن الذي ميّز الرايات والاعلام التي تتقدم المواكب الحسينية هذا العام، هو علم دولة البحرين ذو اللون الاحمر والابيض، فقد شوهدت مواكب عديدة وحسينيات ضخمة تبادر لحمل هذا العلم، وهي رسالة تكريم عفوية من وحي الثورة الحسينية على الحضور الحاشد الذي تميز به موكب البحرين عن سائر الموكب من خارج العراق في السنة قبل الماضية وما قبلها ايضاً، حيث بلغ عدد الزوار البحرينيين ثلاثين ألف زائر.

 وإن حالت الدسائس والمؤامرات دون وصول الزائرين البحرينيين الى مدينة الثورة والإباء، فان لسان حال ابناء الحسين هو ان كربلاء تضم في قلبها البحرين كله، لتكتسب الدفء بما يمكنها من العلو والسمو، كما علت وانتصرت شعوب من خلال مدرسة الحسين عليه السلام. وهل يتمكن الطفل الصغير من التدرج في سلّم التقدم والرقي في المجتمع وهو يفتقد الحظن الدافئ وسط أسرة آمنة مستقرة...؟!

 ثم هل يمكن لبلد مثل البحرين ان يعلو بشعبه وتاريخه وثقافته، وهو مثقل اليوم بعقدة خبيثة من المصالح الاقليمية والدولية؟ لقد شاءت الاقدار ان تكون هذه الجزيرة الصغيرة الوادعة في مياه خليجنا، وبأهلها الاطياب الأصلاء، عند النقطة الفاصلة بين الحياة والموت للمصالح الامريكية وللحياة السياسية لحكام السعودية.

نعم؛ سمعنا وشهدنا الكثير ممن تحدث عبر مواقع الانترنت والفضائيات عن البحرين... (الوطن)، (الشعب)، (العلم). فهذا يعدها بالديمقراطية وذاك بالدستورية وغير ذلك من الخيارات، ولكن غاب عن الانترنت والفضائيات – للأسف الشديد- ما حظيت به البحرين في كربلاء المقدسة من مشاعر جياشة تضامناً مع قضيتها الحقّة باستعادة كرامتها وهويتها.

وربّ سائل عن فائدة ان يحمل العراقيون او غيرهم اعلام البحرين خلال مراسيم زيارة الامام الحسين عليه السلام...؟ ونحن نسأل ايضاً: من الذي دفع بعشرات الانتحاريين من السعودية بالدرجة الاولى الى العراق ليفجروا انفسهم وسط الزائرين وطيلة ايام السنة؟ هل كانوا أفراد أو ضباط في المخابرات أم عناصر عسكرية...؟!

 انهم اصدقاء وابناء أولئك الذين نقرأ تعليقاتهم على مواقع (النت) بتلك اللهجة العنيفة والعدوانية ضد أي خبر وموضوع يتعلق بأهل بيت رسول الله صلوات الله عليهم، حتى يودّ الواحد منهم لو تسنح له الفرصة للمشاركة في العمليات الارهابية.

فهذا هو الرأي العام الذي يدفع بأصحاب القرار لاتخاذ ما يلائم الاجواء الاجتماعية، وهذا أمر معروف حتى في الانظمة الديكتاتورية. وهذا تحديداً ما يخشاه دائماً الطغاة والباحثين عن السلطة، لأن الحسين يمنح الجميع حق المشاركة في الحكم وصنع القرار والمصير، وفي نفس الوقت يضع المنهج الصحيح لهذا الحكم بما يضمن سلامة الارض وكرامة الانسان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 26/كانون الثاني/2012 - 2 /ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م