العراق والرجل المريض... هل تلجم العقوبات الاقتصادية تركيا؟

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: يرجح معظم المراقبين للشأن التركي ان حفيظة حكامها أثيرت بسبب قطع رئيس الوزراء العراقي الطريق عليها في تدخلها السافر في العراق، وتحديدا بعد افتضاح أمر ابرز حلفاءها طارق الهاشمي المتورط بقضايا إرهاب وقتل استهدفت المدنيين العراقيين في بغداد.

حيث سعت انقرة بشتى السبل وعبر وساطات كردية وعربية للإبقاء على فضيحة الهاشمي طي الكتمان، ومحاولة ابتزاز الحكومة العراقية لتمرير صفقة سياسية تبقي على اذرع النفوذ التركية فاعلة في العملية السياسية العراقية.

فيما كان لموقف العراق إزاء القضية السورية ورفضه الانخراط في مخطط الاطاحة برئيس الدولة بشار الاسد سبب مضافا لامتعاض رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، صاحب المواقف المتقلبة، بعد ان افقدت رياح التغيير العربي في المنطقة بوصلته السياسية، لتظهر مواقفه المتذبذبة التي اتخذها مؤخرا صورة مهزوزة جهد سابقا في تلميعها.

فحياد بغداد ازاء محنة دمشق كان سببا في احباط الكثير من المخططات التركية ضد سوريا، وحجر عثرة في طريق السلطة العثمانية التي يتوهم الساسة الترك اعادة امجادها على حساب الشعوب العربية كغابر عهدها.

وبناءا على تلك المعطيات لوح العراق بالعقوبات الاقتصادية كرد متاح على التدخلات التركية، مما قد يكلف تلك الدولة المريضة خسائر فادحة فيما لو تمادت في غيها كما يرى اغلب المحللين السياسيين.

وقال المالكي في لقاء مع قناة "الحرة" الفضائية"ما كنا نعتقد ان هناك ما ينبغي ان يكون ازمة" بين العراق وتركيا. واضاف "نحن نعلم بوجود تدخل، لكن في الاونة الاخيرة وبشكل مفاجىء ارتفعت وتيرة التدخل، واصبح الحديث عن العراق، وكانه تحت سيطرة او توجيه او ادارة، الدولة الاخرى" في اشارة الى تركيا.

لن تبقى صامتة!

فقد حذر اردوغان السلطات العراقية من ان انقرة لن تبقى صامتة في حال قامت بغداد بتشجيع نزاع طائفي في العراق كما يزعم. قائلا في البرلمان امام نواب حزبه في انقرة ان على رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي "ان يفهم هذا الامر: اذا بدأتهم عملية مواجهة في العراق تحت شكل نزاع طائفي فمن غير الوارد ان نبقى صامتين". وتابع "من المستحيل ان نبقى صامتين لاننا نتقاسم معكم حدودا مشتركة، لدينا علاقات قربى واننا على اتصال بكم يوميا"!

ويقول اردوغان اثناء خطبته العصماء وهو يعيش في خياله دور السلطان العثماني "ننتظر من السلطات العراقية ان تتبنى موقفا مسؤولا يدع جانبا جميع اشكال التمييز الطائفي ويمنع قيام نزاعات طائفية". منددا بتصريحات المالكي التي وصفها بانها "تصريحات مشينة وفي غير محلها"، في اشارة الى تنديد المالكي في 13 كانون الثاني/يناير ب"التدخلات التركية" في شؤون بلاده، محذرا حسب زعمه من "خطورة نشوب صراع طائفي قد يؤدي الى كارثة لا تسلم منها تركيا نفسها".

وكان اردوغان دعا قبل ذلك بثلاثة ايام زعماء مختلف الكتل السياسية والدينية العراقية الى "الاصغاء لضمائرهم" للحؤول دون ان يتحول التوتر الطائفي في بلادهم الى "نزاع اخوي". في الوقت الذي لم يصغي الى ضميره عندما تسبب بمجازر وقتل ودماء من خلال دعمه للجماعات الارهابية في سوريا.

صاروخ يصيب السفارة التركية

في سياق متصل قالت مصادر أمنية عراقية ومصادر تركية ان صاروخا أصاب مجمع السفارة التركية في بغداد ولم تقع اصابات. وقال مسؤول أمني عراقي كبير ان صاروخين على الاقل أُطلقا من مركبة على السفارة التي تقع في شمال بغداد وخارج المنطقة الخضراء الحصينة.

وكانت بغداد استدعت السفير التركي للاحتجاج على تصريحات لمسؤولين اتراك اعتبرتها تدخلا في شؤونها الداخلية. وقال المسؤول "اطلق صاروخان كاتيوشا. واصاب الاول الجدار الواقي للسفارة واصاب الثاني الطابق الثاني من بنك مجاور."

وقالت وزارة الخارجية التركية ان انقرة تتوقع أن تتخذ السلطات العراقية اجراءات لتوفير الامن للبعثات الدبلوماسية التركية. واضافت في بيان "ندين بشدة الهجوم الوحشي على سفارتنا ونتوقع ان تقبض السلطات العراقية على المهاجمين وتقدمهم الى القضاء وتتخذ كل الاجراءات اللازمة لضمان عدم تكرار مثل هذا الهجوم."

عودة الفوضى للعراق

من جهته قال ظافر جاجليان وزير الاقتصاد التركي في تصريحات ان تركيا لا تريد عودة الفوضى الى العراق وذلك في أعقاب شكوى بغداد من أن أنقرة تتدخل في شؤونها الداخلية!

وقال وزير الاقتصاد التركي جاجليان أمام منتدى استثماري في مدينة أربيل عاصمة اقليم كردستان العراقي "ليس من عادة تركيا التدخل في الشؤون الداخلية لاي دولة. نأمل ألا يدخل الشعب العراقي الذي عانى بشدة من الحرب لسنوات... في أجواء الفوضى بمجرد رحيل الجنود (الامريكيين)."

وتسعى تركيا التي تسكنها أغلبية سنية لكنها علمانية من الناحية الرسمية الى لعب دور دبلوماسي أكبر في الشرق الاوسط مدعومة بقوتها المتنامية كقوة اقتصادية تحتل المرتبة السادسة عشر في العالم.

وبينما تصر أنقرة على أن تحافظ على سياسة خارجية "خالية من المشكلات مع جيرانها" الا ان دعمها للمسلحين السوريين جرها الى توترات مع ايران أحد المؤيدين الرئيسيين لحكومة دمشق.

وفي مقابلة مع قناة الحرة التلفزيونية يوم الجمعة عبر المالكي عن أسفه لما قال انه دور تلعبه تركيا يمكن ان يؤدي الى كارثة وحرب أهلية في المنطقة.

حق مشروع في التدخل؟

الى ذلك استدعت تركيا السفير العراقي في انقرة للاحتجاج على اتهامها بالتدخل في شؤون العراق الداخلية من خلال الاعراب عن قلقها حول حدوث ازمة سياسية داخلية، بحسب ما افاد مصدر دبلوماسي تركي.

وابلغ وكيل وزارة الخارجية فيريدون سينيرليوغلو السفير العراقي بان اتهام انقرة بالتدخل في شؤون العراق "غير مقبول" وان تركيا لها حق مشروع بان تقلق حول الاحداث التي تدور على الجانب الاخر من حدودها. وقال سينيرليوغلو للسفير ان "استقرار العراق يهم جميع جاراتها بما فيها تركيا، وهذا ليس تدخلا"!

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 25/كانون الثاني/2012 - 1 /ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م