أيّهمـا أشـدّ خطـورة مرض السرطان أم مرض الاكتئاب؟

Which is most Dangerous Cancer or Depression

دراسة مقارنة

حسنين صادق صالح

أول دراسة علمية شاملة طبقت على البيئة العراقية بيّنت نسب انتشار وآثر الاكتئاب والانتحار على مرضى الأورام الوافدين من محافظات الوسط (السماوة، الناصرية، الديوانية، النجف، كربلاء، الحلة، الكوت) إلى مركز أورام الفرات الأوسط في مستشفى مرجان التخصصي في محافظة بابل لاستلام علاجهم الكيمياوي على اختلاف تحصيلهم الدراسي والجنس مع أعداد برامج غذائيّة فعّالة لتقوية مناعتهم وعلاجهم.

بسم الله الرحمن الرحيم

وفاكهة ممّا يتخيّرون* ولحم طير ممّا يشتهون * وحور عين كأمثال اللّؤلؤ المكنون*جزاء بما كانوا يعملون* صدق الله العلي العظيم

الملخص

 الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد وآله الهداة الطاهرين الميامين.

وبعد

تحيّرت كثيرا" في اختيار عنوان لهذا المحتوى بعدما قرأت كتبا" كثيرة منها كيف شفيت من السرطان للباحثة الإنكليزية المبدعة جين بلانت وكتاب الأورام السرطانية لموسى أبراهيم وكتاب سر علاج السرطان لمجدي الشهاوي.... الخ، وأخيرا" استنتجت فكرة فريدة من نوعها وهي أساس لأغلب النظريات والدراسات المذكورة في قلب هذا الكتاب الذي يحمل عنوان (أيّهما أشدّ خطورة" مرض السرطان أم مرض الاكتئاب؟) ومن هنا وهناك تطرح الكثير من الأسئلة من قبل الناس مثل هل أن مرض السرطان والاكتئاب وجهان لعملة واحدة؟ أو ايّهما اشدّ فتكا" بالإنسانية السرطان أم الاكتئاب....؟ وهل السرطان وحش زائف والاكتئاب وحش قاتل؟... الخ.

وربما يتساءل البعض أيضا" لماذا يكون السرطان كوحش زائف في حين الاكتئاب كوحش قاتل، ويراودنا الشك ربما يكون الواقع معكوسا"، للإجابة على تلك الأسئلة التي ذكرناها لابد الإشارة الى عدة أمور :- أولا" صحيح أن السرطان مرض من الأمراض المستعصية والتي يصعب علاجها ولكن لايؤدي مريض السرطان طوعيا" الى قتل نفسه نتيجة مرضه بل مريض الاكتئاب يؤدي الى قتل نفسه (الانتحار) في حالاته الشديدة عن طريق تأنيب الضمير المستمر والأفكار العدوانية التي تراوده والشكوك الكثيرة تجاه الآخرين وعدم ثقته حتى بالمقربين منه....الخ.

كما دلّت الكثير من الدراسات العالمية في هذا الشأن بأن الآلاف من الناس ينتحرون سنويا" في كثير من البلدان نتيجة الاكتئاب، ولم نسمع بأن مرضى السرطان يقتلون أنفسهم وبالعكس يريدون الشفاء من هذا المرض القاسي.

وثانيا" أن مريض السرطان أحد اسباب موته هو ليس مرض السرطان فقط وانما خوفه الشديد من اسم السرطان مما يؤدي الى انخفاض مستوى مناعته الذاتية بصورة مستمرة والتي تقضي على جميع الالتهابات التي تصيبه مسببة للمريض إحباطا" شديدا" وطابع الحزن واليأس وحدوث الاضطرابات الجسمية المختلفة وعدم استمتاعه بالحياة بشكل يسهم من رفع معنوياته.

لذا تناولت في مضمون هذا الكتاب موضوع الاكتئاب مقدمة لمرض السرطان وهو موضوع علمي شامل يتناول الكثير من النظريات والدراسات المقارنة وطبّق على شريحة واسعة من المجتمع العراقي ليصبح المضمون دراسة وافية وهي (الاكتئاب آثره وانتشاره لدى المرضى المصابين بالأورام السرطانية) لأن الأمراض النفسية والعقلية عرفت منذ أقدم العصور، وتدل الآثار التاريخية على أن هذه الأمراض قد وصفت وعولجت، وقدمت أسباب كثيرة لتعليلها...، ومع تطور الحياة وظهور التكنولوجيا وتطور العلم والسباق نحو التسلح تطورت الأساليب العلمية، ومن أهم معالم التقدم الذي أدركه الإنسان في العصر الذي نعيش فيه هو الأمراض النفسية التي انتقلت من نطاق الحياة الخرافية والسحرية التي سادت عصورا" مظلمة ومؤلمة في التاريخ واستقرت في نطاق التفكير العلمية بوصفها جزء "مهما" من المواضيع الطبية...، وإذا كانت هناك بقايا من سوء الفهم والخرافة والتحيز فهذا أمر طبيعي بالنظر إلى حداثة الأمور النفسية بين العلوم.

لقد نعت هذا العصر الذي نعيش فيه بالكثير من الأسماء والأوصاف، وإذ أختلف الكثير منهم في تبرير أسم أو آخر فإن أحدا لا يجادل في أنه عصر الاكتئاب.

وإن كثيرا من الدراسات برهنت على أن أسباب الاكتئاب تأتي من عوامل وراثية وعضوية وبيئية... الخ، فتطرّقنا في دراسة استثنائية و شاملة عن الاكتئاب والأورام لكي نبيّن السبب الذي يجعل من دراسة هذا الموضوع مطلبا علميا وطبيا ونفسيا واجتماعيا ومطلبا إنسانيا فوق كل اعتبار آخر..، فمن جهة نجد الاكتئاب أكثر الاضطرابات النفسية شيوعا ومن أكثر المشكلات الانفعالية التي تدفع الناس لطلب العلاج والبحث عن العون النفسي والاجتماعي في الممارسات والعيادات النفسية والطبية ومن جهة اخرى يعد السرطان من أشد الامراض فتكا" بالإنسانية ومن أكثر الأمراض عددا" للوفيات بأسبابه المتعددة دون وجود علاج فعّال للقضاء عليه، طبّق هذا البحث على البيئة العراقية وأخذت عيناته (ذكورا"و اناثا) من محافظات وسط العراق (السماوة، الناصرية، الديوانية، النجف، كربلاء، الحلة، الكوت) الوافدين الى مركز الأورام السرطانية / الفرات الأوسط في مستشفى مرجان التخصصي في محافظة بابل.

فقسمت هذه الدراسة الى فصول مهمة نستعرضها كما يلي :-

الفصل الأول/ تناول هذا الفصل مشكلة البحث واهميته ابتداء" من الأمراض النفسية عموما" وتكوينها فسيولوجيا" ثم الى أبرزها حداثة وهو اضطراب المزاج (الاكتئاب حديثا") نتيجة المشاكل وعدم الاستقرار في النواحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية... الخ كل ذلك أدى الى عدم ارتياح الانسان للواقع الذي يحيط به وعدم اطمئنانه وتشاؤمه المستمر تجاه المستقبل الذي يسوده الغموض، وكذلك تطور الأمراض شيئا" فشيئا" نتيجة الحروب المستمرة واستخدام الاسلحة البايلوجية والكيمياوية والذرية فضلا عن الاسلحة النووية بصورة همجية ضد الآخرين وعدم الاستفادة من طاقتها لأغراض التطور السلمية مما أدى الى التلوث البيئي وعدم تناول الانسان الغذاء الصحي المقوي لمناعته ليصبح مردود عقابه سريعا" مكونة أمراضا" عجز الطب بالرغم من إمكانياته المتطورة جدا" عن إيجاد علاج أو لقاح يجنب الامراض التي تسري سريعا" دون سابق إنذار لكل الفئات والأعمار ممن أصبحت قابلية أجسادهم للإصابة بها ولاسيما مرض الشر (السرطان).

اما حدود البحث وعينته فقد بيّنت فيه عدد المجتمع ونوع العينة بالرغم من اختلاف التحصيل الدراسي والجنس وكذلك الرقعة الجغرافية من العراق لتشمل محافظاته من (بابل، كربلاء، النجف، الكوت، الديوانية، الناصرية، السماوه) لتكون أشمل دراسة في القرن الواحد والعشرين من حيث عدد العينات من جهة ومن حيث انتشار الامراض من جهة أخرى في هذا البلد الجريح.

اما الفصل الثاني/ تطرّق هذا الفصل الى نظريات الاكتئاب العديدة ودراساته وكذلك نظريات السرطان ودراساته والتي تعد بحق من أحدث النظريات والدراسات وأكثرها معرفة وتفسيرا" عن وجود المرض وتطوره.

الفصل الثالث/ طبق في هذا الفصل الاحصائيات من خلال نتائج مقياس بيك للكآبة الحديث لتوضح العلاقة بين الاكتئاب والسرطان عن طريق جمع العينات وتقسيمها من حيث أنواع السرطان ولمعرفة النتائج التي تشكل نسبا" تبين الفروقات بين المرضى (الذكور والاناث) من حيث أصابتهم بالاكتئاب وقدرتهم واستعدادهم للانتحار.

الفصل الرابع/ تضمن هذا الفصل الاستنتاجات من خلال عرض هذه الدراسة والوصول الى غاية ومعرفة القصد من الهدف، والمقترحات التي نراها مناسبة للحد من تفاقم المشكلات المستعصية لهذه الامراض النفسجسمية والوصول الى حلول ميسرة، وكذلك التوصيات للجهات المعنيّة وغير المعنيّة وللعاملين والمصابين والاصحّاء..... لابد أخذها بعين الاعتبار خدمة للجميع والصالح العام.

سيجد القراء الكرام للمرة الأولى في هذا الكتاب وقائع ومعلومات ثابتة لايشوبها شيء من الضبابية توضح طبيعة الأمور التي قد تساهم في ظهور الأكتئاب والسرطان عن طريق النظريات والدراسات العالمية المتنوعة ومقارنتها مع دراستي الحالية، وآمل أن تساعد هذه المعلومات كل الأصحاء والمرضى على حد سواء، وقد لاحظت من خلال أبحاثي المتنوعة أن نتائج بعض الدراسات العلمية حول السرطان هو علاجها الأمثل الغذاء النباتي على الأغلب، وأعطيت ملاحظاتي وتوصياتي لهذه البحوث والتي لاقت أستحسان وأعجاب الكثير من مختلف الكفاءات العلمية.

وهذا الجهد العلمي ماهو الا نتاج من توفيقات الباري علينا لكي نخدم الإنسانية.... والتي كانت الحلم الأخير الذي تحقق، ومن توفيقات الرؤوف الرحيم إذ سخر لنا عقولا" وأيادي ليست الكلمات والمعاني تنصفهم مهما قلت أو كثرت تلك الكلمات فاختصرت بالثناء والتوفيق لما قدمونه من عطاء يندر وجوده في هذه الحياة لإسهامهم مايمكن انقاذه من البشرية لذ لا يسعنا إلا أن نقدم جزيل شكرنا مع فائق تقديرنا لمدير مركز أورام الفرات الأوسط الدكتور علاء صادق العواد لجهوده المبذولة ودوره الرائد في تسهيل مهمة جمع العينات.

 كما نقدم اعتزازنا واحترامنا إلى كل من ساهم وتعاون معنا لإنجاح هذا البحث ولاسيما الدكتور صلاح هادي الطائي

ومن حيث إهدائنا نسخة من استبيان بيك للكآبة BDI الحديث الباحث النفسي د. حيدر جابر عباس.

 وكل من ساعدنا في جمع المعلومات وإبداء المساعدة والنصيحة والجهد المتواصل لتحقيق غايتنا البحثيّة في الترتيب سواء كانت العلميّة أو العمليّة فلهم كلّ الشكر والامتنان ولاسيما المبدعة المرشدة التربوية ضي عبد الحسين مكي بقلي.

وكذلك الدكتور محمد عبد الله عجرش الذي له الفضل والدور الاستثنائي في تشجيعي ودعم معنوياتي العلمية للقيام في مثل هكذا بحوث لما فيها من خدمة للمجتمع وخصوصا" العراقي.

وأخيـرا كما لا يفوتنا وعرفانا بالجميل أن نقدم خالص الشكر والثناء من باب الوفاء إلى جميع الذين أغفلنا هم.....

أرجو قد وفقت لهذا الجمع البسيط على أن تستفاد منه البشرية جمعاء تطبيقا" شعورا" لا شعارا" وهما" لا اهتماما" قدر المستطاع ليكون خير مستودع للمعرفة ومستشارا" للنصائح حفاظا" على أرواح من لاحول ولاقوة لهم......

أهداف البحث:-

- التعرف على الاكتئاب اثره وانتشاره لدى المرضى المصابين بالاورام السرطانية لكلا الجنسين.

-معرفة الميول والقدرة الانتحارية لدى المرضى المصابين بالاورام الانتحارية لكلا الجنسين.

حدود البحث:-

يتألف مجتمع البحث من المرضى (الذكور والإناث) المصابين بالأورام السرطانية الوافدين الى مركز الأورام السرطانية في الفرات الأوسط في مستشفى مرجان التخصصي في محافظة بابل لغرض معالجتهم حسب إحصائيات عام 2011م والبالغ عددهم (250)* شخص وعدد العينة 100 شخص (ذكورا" و اناثا") و بنسبة 25 % مع إعطاءهم استبيان أرون تي بيك للكآبة BDI)) للإجابة عليه.

نتائج البحث:-

1- وجود مؤشر كآبة حقيقية عند المرضى الذكور بنسبة 95% والإناث المريضات 96% وهي تعد نسبا" عالية جدا" وخطيرة.

2-  نسب المكتئبين الذكور الذين يحتاجون إلى معالجة نفسية 56% ونسب المكتئبات الاناث اللاتي يحتجن الى معالجة نفسية 75%.

3- لاتوجد ميول أو قدرة انتحارية عند المرضى المكتئبين (الذكور).

4- توجد ميول انتحارية عند المكتئبات الإناث بنسبة 4%، وأما القدرة الفعلية على الإنتحار عند الإناث بنسبة 4% أي أن هذه النسبة تمثل من لديهم رغبة حقيقية للإنتحار وقد نخسرهم أن لم نقدم لهم يد المساعدة. لذا يظهر في هذا البحث أن الإناث أكثر أستعدادا" للانتحار من الذكور.

التوصيات و المقترحات :-

في ضوء نتائج البحث التي توصل إليها، فأن الباحثان يوصون ويقترحون بما يأتي :-

1- إن ظهور النتائج العالية للاختبار يدل على وجود حاجة ماسة الى بحث سبل النهوض بواقع التربية النفسية و الصحة النفسية في القطر.

2- ضرورة أيجاد مراكز أو دوائر حكومية للرعاية الاجتماعية لدعم المرضى المصابين بالكآبة والأمراض النفسية الأخرى ماديا ومعنويا واجتماعيا وتربويا والتعاون مع منظمات المجتمع المدني بتثقيف المجتمع تربويا واجتماعيا وصحيا.

3-ضرورة إيجاد مؤسسات ومراكز إرشادية وتأهيلية لتقليل من حدة وتأثير الضغوط النفسية الكثيرة والأمراض النفسية على المرضى وإيجاد الحلول المتوفرة ماديا واجتماعيا وطبيا لتقليل من الإصابة بالأمراض النفسية، ومتابعة الحالة النفسية عموما وللكآبة بشكل خاص سواء كان للمرضى المصابين بأمراض مستعصية أو مزمنة.

4-ضرورة ايجاد برامج تعليمية وتثقيفية للموظفين في دوائر الدولة والطلبة كافة حول كيفية التعامل مع مرضى الكآبة لمساعدتهم اجتماعيا وتربويا وصحيا بجهد أقل لدى المؤسسات التربوية بالتعاون مع المختصين والباحثين والمرشدين والأطباء وإيجاد السبل الكفيلة لأسر المصابين بالأمراض النفسية حول كيفية التعامل وتعزيز الثقة مع المريض النفسي.

5-تطبيق البرامج الغذائية (النباتية) على المرضى المصابين بالاورام السرطانية.

6-ضرورة أيجاد منتجعات سياحية ومتنزهات ترفيهية لتبديد الحالة النفسية للمصابين بمرض الكآبة بشكل خاص.

7-تشجيع الباحثين والمختصين في المجال النفسي والطبي لأجراء البحوث العلمية سواء كانت نفسية أو طبية والمشاركة الفعالة لغرض تقليل من الأمراض النفسية..

8-إجراء دراسة مماثلة مع جانب المزاج (الهوس) وعلاقته بالمرضى المصابين بالاورام السرطانية.

9-إجراء دراسة مماثلة على المرضى المصابين بالاورام السرطانية وكذلك الأمراض المزمنة لمعرفة مكامن الضغوط النفسية عليهم مع المتغيرات النفسية مثل (القلق، التوتر، الخوف،...الخ).

10-إجراء دراسة مماثلة على متغيرات أخرى مثل (العمر، التوافق المهني).

11-اعتماد اختبار بيك للكآبة المترجم إلى العربية والمعرّق لقياس الكآبة في الدول العربية عموما والعراق خصوصا من قبل الباحثين حاضرا ومستقبلا لقدرته على القياس وتشخيص الكآبة.

12-القيام بمزيد من الدراسات والبحوث النفسية الميدانية منها والتجريبية حول المشاكل النفسية والأمراض النفسية الأخرى ووضع الحلول الكفيلة لها

13- تطبيق برنامج العلاج النفسي على المرضى المصابين بأمراض نفسية وبأشراف معالج نفسي سلوكي مع الطبيب المختص بالحالة المرضية للحد من تفاقم شدة المرض.

* باحث مختص

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 25/كانون الثاني/2012 - 1 /ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م