سلفيو مصر.... بين الأفكار المعلنة والمصالح والمكتسبات

متابعة: عبد الأمير رويح

 

شبكة النبأ: لا تزال المواقف التي تنتهجها الحركات السلفية مبهمة وغير واضحة ويشوبها الكثير من الغموض، ففي الوقت التي ترفع فيه شعارات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والالتزام بالشريعة الإسلامية المتشددة التي تؤمن بها، نراها تتنازل عن بعض تلك المعتقدات لأجل الحصول على مكاسب ومناصب سياسية في بعض مصر، الأمر الذي يجعلنا نضع أكثر من علامة استفهام والعديد من علامات التعجب حيال تلك الأفكار المتقلبة.

فقد سعى التيار السلفي المتشدد والمتمثل بحزب النور بعد فوزه في الانتخابات الأخيرة الى التلويح بالتنازل عن بعض مبادأة وأفكاره خطوة يصفها البعض بأ أنها أمر ملزم وطبيعي لاشتراكهم في العمل السياسي الذي سيغير الكثير من معتقداتهم بسبب انفتاحهم على الآخرين

فيما يرى آخرون أنها لعبة جديدة لكسب الود وتحقيق المكاسب المنشودة خصوصا مع بعض الدول التي تضعهم في خانة الإرهاب.

سلفيو مصر وإسرائيل

فقد اكد يسري حماد المتحدث باسم حزب النور السلفي المصري في مقابلة غير مسبوقة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي الأربعاء ان حزبه سيحترم اتفاقية السلام الموقعة مع إسرائيل عام 1979. وقال حماد في مقابلة عبر الهاتف من القاهرة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي "نحن لا نعارض الاتفاقية ولكن نحن نتكلم ان مصر ملتزمة بالمعاهدات التي وقعتها الحكومات السابقة".

وأشار حماد الى انه "اذا كانت هناك بعض البنود التي يريد شعب مصر ان يعدلها في الاتفاقية فهذه مكانها طاولة المفاوضات والتحاور"، مضيفا "نحن نحترم جميع المعاهدات".

وردا على سؤال عن إمكانية قدوم إسرائيليين لمصر للسياحة أوضح حماد ان "اي سائح يأتي الى مصر فسيكون مرحبا به بلا شك". وحول صورة حزبه أشار حماد الى انها "مشوهة ساعد الاعلام على تشويهها وساعدت بعض الرموز التي لا تريد للتيار الاسلامي ان يكون في قيادة الدولة".

وحول نتائج الانتخابات المصرية اوضح حماد الذي اجرى المقابلة باللغة العربية "لسنا متفاجئين لان النظام السابق كان يعطي صورة على انه لا يوجد احد في مصر غيره ولا يوجد لاحد قوة شعبية في مصر غيره". بحسب فرانس برس.

ومن جهته اعرب مسؤول اسرائيلي كبير طلب عدم الكشف عن اسمه عن "تفاجئه" بقبول ممثل الحزب السلفي المصري اجراء مقابلة مع اذاعة الجيش الاسرائيلي. واضاف المسؤول ان ذلك "دون شك يدفعنا للتفكير في ما يحدث في مصر" دون اعطاء المزيد من التفاصيل.

وتغلبت الأحزاب الإسلامية على نظيرتها الليبرالية في المرحلة الاولى من الانتخابات التي بدأت في 28 تشرين الثاني/نوفمبر حيث حصلت على نسبة 65% من الأصوات.

شرب الخمر جائز للسياح

من جهته قال حزب النور السلفي، الذي احتل المركز الثاني في نتائج المرحلتين الأولى والثانية في الانتخابات البرلمانية المصرية، إنه لا يمانع من اصطحاب السائح غير المسلم للخمور شريطة عدم الجهر بشربها. وأوضح الدكتور يسري حماد، نائب رئيس حزب النور السلفي: «أن الشريعة الإسلامية تحرم على المسلمين شرب الخمور، لكنها تبيحها لغير المسلم الذي لا يحرم عليه دينه الخمر أن يشربها دون أن يجهر بذلك أمام المسلمين».

الإعلام يسخر

إلى جانب ذلك سخرت صحيفة الديلى ميل من دعوات عدد من قيادات التيار السلفى فى مصر مؤخراً لتغطية الأهرامات والتاريخ الفرعونى بالشمع، بزعم أنها أوثان. وقالت الصحيفة، إن هذه أولى خطوات الدمار، على الطريقة الأفغانية، حيث قامت حركة طالبان فى وقت سابق بتحطيم تماثيل بوذا.

وقال مايكل برلينج، كاتب التقرير ساخرا، إنه على السلفيين الاستعانة بالفنان البلغارى الكبير كريستو، الذى عرف بالفن المغلف، حيث قام بمشاريع لتغليف المبانى والمنشآت باستخدام قماش القنب أو البلاستيك، مضيفا "ولو أننى أشك أن أمثال هؤلاء سمعوا عنه".

ويقول التقرير، إن السياحة تمثل 11% من ناتج مصر الإجمالى، وقد تهاوت بالفعل إشغالات الفنادق والمنتجعات من 90 إلى 15%. ويؤكد التقرير أن واحدة من المآسى التى ستعانيها المنطقة هى انقراض آخر بقايا الثقافة العالمية التى يصورها الكاتب الكبير علاء الأسوانى فى روايته عمارة يعقوبيان. ويختم مشيراً إلى أنه من الصعب أن نتذكر أنه فى الخمسينيات، وتحديدا خلال فترة حكم الملك فاروق، شهدت مصر ازدهار صناعة سينما، حيث كانت تنتج 300 فيلم سنويان وكانت أم كلثوم معبودة الجماهير فى الشرق الأوسط، ولكن الآن ومع صعود المتعصبين علينا أن نقول وداعا لكل هذا، على حد قول الصحيفة.

كلا لرئاسة الاقباط

من ناحيته اتهم محمد نور المتحدث الرسمي باسم حزب "النور" السلفي المصري بعض وسائل الإعلام بـ"تحريف وتلفيق" مواقف الحزب، وقال إن رئيس "النور،" الشيخ عماد عبدالغفور، لم يقل بأن المجتمع المصري "غير مهيأ" لقبول تولي قطبي منصب الرئاسة، بل قال بأن المجتمع "لا يقبل" بوصول الأقباط لهذا المنصب. وقال نور إن الحزب يتعرض لـ"هجوم مستمر وحملات تشويه قبل كل مرحلة من مراحل الانتخابات التشريعية ومع كل نجاح يحققه الحزب في كسب الثقة الغالية لجمهور الناخبين." وتابع نور، في بيان نقله الموقع الرسمي للحزب: " نسبت جريدة أخبار اليوم وعلى لسان رئيس الحزب قوله: 'وأعتقد أن المجتمع المصري حتى الآن غير مهيأ لقبول رئاسة القبطي،' والصحيح بعد الرجوع إلى رئيس الحزب: 'أن المجتمع المصري لا يقبل برئاسة القبطي.'" بحسب  CNN.

ودافع نور عن وجهة نظر حزبه بالقول إن تفسير المادة الثانية من الدستور المصري، التي تنص أن دين الدولة الرسمي هو الإسلام يقتضي تلقائيا أن يكون رئيس الدولة مسلماً، مضيفاً أن دساتير الكثير من الدول الأوروبية العريقة في الديمقراطية تنص على ديانة - بل ومذهب - رئيس الدولة، كما في اليونان وأسبانيا وأكثر من 7 دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي بل وفي بريطانيا في دستورها غير المكتوب." وأضاف نور أن صحيفة أخرى نقلت بأن السلفيين "يقبلون بدولة مدنية،" وأضاف: "والصحيح أن التيار السلفي يرفض بشكل كامل مصطلح الدولة المدنية والذي يعني به أصحابه مرادفا للدولة العلمانية، وأن الدولة التي نريد هي دولة ذات مرجعية إسلامية كاملة في الأحكام و المبادئ والأهداف."

يذكر أن حزب النور يحوز حالياً على المركز الثاني في الانتخابات المصرية، بعد جماعة "الإخوان المسلمين" وقد أدى الفوز المتوقع للقوى الإسلامية إلى تزايد التقارير حول إمكانية تأثر الحريات الدينية والنشاطات السياحية في مصر، وإن كانت تلك القوى قد سعت مراراً لطمأنة سائر التيارات المصرية حيال نواياها بالفترة المقبلة.

الافراج عن 21 سلفيا

من جانب اخر افرجت محكمة امن الدولة الاردنية عن 21 موقوفا من التيار السلفي الجهادي كانوا يحاكمون بتهم بينها "القيام باعمال ارهابية" بعد اعمال عنف رافقت تظاهرة نظموها في نيسان/ابريل الماضي وادت الى جرح العشرات من رجال الامن. وقال مصدر قضائي أردني ان "المحكمة افرجت عن 21 سلفيا من الموقوفين على ذمة قضية أحداث الزرقاء بكفالات عدلية". واضاف انه "بهذا اصبح عدد المفرج عنهم في هذه القضية 80 من اصل 105 موقوفين".

وكانت المحكمة افرجت على ثلاث دفعات خلال الاشهر الماضية عن 59 موقوفا من هذا التيار بكفالات.

وبدأت المحكمة في آب/اغسطس الماضي محاكمة 150 سلفيا جهاديا في قضية احداث العنف التي رافقت تظاهرة نظموها 15 نيسان/ابريل الماضي في محافظة الزرقاء (23 كلم شمال شرق عمان) وادت الى اصابة 83 من رجال الامن. بحسب فرانس برس.

ووجهت لهؤلاء وبينهم فارون من وجه العدالة، تهما عدة بينها "القيام باعمال ارهابية بالاشتراك".

وكان السلفيون تظاهروا مرارا خلال الاشهر الماضية مطالبين باطلاق سراح محكومين من التيار بينهم منظر التيار السلفي في الشمال عبد الشحادة الطحاوي الموقوف على ذمة قضية الزرقاء.

كما طالبوا باطلاق سراح ابو محمد المقدسي، منظر تيار السلفية الجهادية في الاردن، الذي كان مرشدا روحيا لأبي مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين الذي قتل في غارة اميركية في العراق عام 2006. واعتقل المقدسي واسمه عصام البرقاوي في ايلول/سبتمبر من العام الماضي بتهم أبرزها تجنيد مقاتلين للقتال الى جانب حركة طالبان في أفغانستان.

كما طالب هؤلاء بالافراج عن محمد الشلبي، الملقب ب"ابو سياف"، الذي سجن بعد ادانته بتهم تتعلق بالارهاب بعد احداث شغب في مدينة معان جنوب المملكة عام 2002.

المشاركة السياسية

من جهة أخرى انتقدت مؤسسة كارنيجى الأمريكية للسلام الدولى جهود كل من المجلس الأعلى للقوات المسلحة والولايات المتحدة، لمواجهة صعود السلفيين فى مصر، ووصفته فى دراسة جديدة أعدها ناثان براون بالنهج غير الحكيم.

ويقول براون، وهو أستاذ للدراسات الإسلامية بجامعة جورج تاون الأمريكية، فى هذه الدراسة التى جاءت تحت عنوان "الصوفيون والسلفيون فى مصر" إن العملية الديمقراطية والمشاركة السياسية والمساءلة البرلمانية، ستؤدى إلى اعتدال سياسات السلفيين ووجهات نظرهم على المدى الطويل، ومن ثم فإن الإنقلاب على المكاسب الانتخابية التى حققوها من شأنه أن يؤدى إلى نتيجة عكسية وتمكين هذه الجماعات من خلال إعادتها إلى مقعد المعارضة.

وتشير الدراسة إلى أن تجارب الإسلاميين فى تركيا والسلفيين فى الكويت أثبتت أن المشاركة الحقيقية فى نظام ديمقراطى مفتوح تؤدى إلى تخفيف كبير من حدة المواقف السلفية. فالحاجة إلى تهدئة مخاوف الرأى العام، وإشراك النساء فى العملية الانتخابية وتركيز الرسالة السياسية قد أسفر عن نضوج سريع وانضباط واعتدال داخل صفوف السلفيين.

وعلاوة على ذلك، فإن الإعلام المصرى والأجنبى أظهر ميلا لتصوير السلفيين بشكل غير دقيق على أنهما العدو اللدود فى مصر الجديدة. فكما قال أحد قيادات الإخوان المسلمين، السلفيون هم (الغول الجديد) الذى يستخدمه النظام وبقايا الحزب الوطنى لإفزاع الناس بعد أن ثبت أن الإخوان لا يخوفون الناس بما يكفى".وخلصت الدراسة إلى القول أن هناك عدة تصريحات مؤخرا  تشير إلى أن المخاطر التى تواجه المستقبل السياسى فى مصر ستؤدى إلى اعتدال مواقف السلفيين بما فى ذلك إعلان زعيم حزب النور أنهم لن يجبروا النساء على ارتداء الحجاب أو يقوموا بغلق الشواطئ.

وبشكل عام، تتحدث الدراسة عن أن الإسلام السياسى فى مصر لم يعد قاصراً على الإخوان المسلمين والأحزاب المنبثقة عنهم مثل حزب الحرية والعدالة، أوحزب الوسط. فهناك العديد من الأحزاب السلفية المحافظة، أشهرها حزب النور، إلى جانب حزبيين صوفيين، وهما التحرير المصرى وصوت الحرية،ولم يحققا مكاسب فى الانتخابات. وتشير الدراسة ان هذه الجماعات مشتركة فى أساسها الإسلامى فقط الذى ينتهى عنه أى تشابه بينهم. فهذه المنظمات لديها نهج واعتقادات مختلفة ويبتنون مواقف متباينة بشكل واضح. وعلى الرغم من التوترات الداخلية، فإن الأحزاب السلفية اتحدت من أجل الانتخابات فى تحالف برلمانى. ودخلوا فى ارتباط شابه التوتر مع الإخوان المسلمين، حيث يسعى الفصيلان إلى تجميع الموارد مع الاستمرار فى أجنداتهما الخاصة. بينما وضعت الأحزاب الصوفية ومؤسسات الدولة الصوفية نفسها بجوار الأحزاب العلمانية والمتبقى من المؤسسة السياسية المصرية.

ويرى براون أن القلق من انتصارات الإسلاميين وصعود السلفيين أمر واضح فى مصر والولايات المتحدة، حتى إن المجلس العسكرى أعلن أن البرلمان القادم لن يعكس رأى الشعب. وعلى الرغم من أن المجلس العسكرى تراجع لاحقا عن هذه التصريحات، إلاأن الموقف فى الوقت الحالى غير واضح. وقد حذر أعضاء الكونجرس الأمريكيين من أنهم لن يعملوا مع حكومة تديرها "منظمة إرهابية".

ومثل هذه الردود تشير إلى الجهود المبذولة لتهميش القادة الإسلاميين الجدد فى مصر، وهو النهج الذى سيثبت على الأرجح عدم حنكته، لأن العملية الديمقراطية والمشاركة السياسية والمساءلة البرلمانية ستؤدى إلى اعتدال وجهات نظر السلفيين وسياستهم على المدى الطويل.

مواقف رافضة

في سياق متصل فقد أثار الانتباه مؤخرا في موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك ظهور صفحتين تحملان اسم (هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في مصر) على غرار هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بالمملكة العربية السعودية أو ماتعرف بالشرطة الدينية. بدت الصفحتان متشابهتين إلي حد كبير حتى في شعارهما الذي يحمل شعار حزب النور السلفي، وأعلنت الصفحة الأولى أنها على الرغم من تأييدها لحزب النور إلا أنها لا تتبعه لكنها أشارت إلي أنهم سيقومون بتسليم إدارتها إلي الحزب بمجرد إكتمال عملية التأسيس. بينما أكدت الصفحة الثانية والتي تتحدث بلهجة اكثر ترهيبا علي انتمائها لحزب النور، بل وأعلنت انها ستنشر بعض الأدلة علي تبعيتهم للحزب وعلى تلقيهم أموالا من قادته. وهو الامر الذي نفاه نادر بكار المتحدث باسم حزب النور الذي أكد أنه لا علاقة لحزب النور بهذه الصفحة ويرى بكار أنها من الدعاية المضادة للحزب قبل بدء المرحلة الثالثة للانتخابات البرلمانية.

ورفض مؤسسو هذه الصفحة التحدث إلى وسائل الإعلام إلا بعد إكتمال هيكلها التأسيسي، الا أنهم أعلنوا في بيانات عده أنهم تلقوا مئات من طلبات الانضمام للهيئة، وانه يجرى التنسيق حاليًا لتعيين مسؤولين فى الشوارع والمحافظات. كما اعلنوا عن بعض الوظائف التي اشترطوا فيها الالتزام الدينى وقوة البنيان والرغبه في نشر شريعة الله ولم يشترطوا الانضمام لآي حزب سياسي.

ورفضت قطاعات كبيرة من الشعب المصري، ضمنها تيارات إسلامية، فرض القيم الروحية بالقوة، والتي كانت قد دعت إليها إحدى المجموعات السلفية على موقع فيسبوك، وأسمت نفسها بهيئة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" والتي كان من بين دعاتها الشيخ يوسف البدري. فبعد إطلاق هذه الصفحة قام عدد من مستخدمي الشبكة الاجتماعية بتدشين صفحات مضادة ورافضة لها  مثل "معا ضد إغلاق هذه الصفحة، ونحن نرفض هيئة الأمر بالمعروف" حتى وصل الأمر إلى أن تبرأ منهم  حزب النور السلفي وتقدم ببلاغ  إلى النائب العام ضدهم، بعد أن استخدمت  شعاره في الترويج لأفكارها وقالت أنها منتمية إليه. كما قدمت منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، برئاسة الدكتور نجيب جبرائيل، بلاغا إلى النائب العام أيضا متهمه هذه الهيئة بتهديد أمن البلاد و التفرقة  بين أبناء الشعب الواحد. وأضافت في بلاغها أن هذه الهيئة بدأت تمارس أعمالها في بعض المحافظات، بالتدخل في وسائل النقل الخاصة بتخصيص سيارات للنساء فقط،  كما تدعو إلى منع جلوس  الطالبات بجانب الطلبة بالجامعات، فضلا عن تهديد السياحة والتأثير على اقتصاد و نشر الفوضى. بحسب  CNN.

وعلق  مجدي حسين رئيس حزب العمل "إسلامي" قائلا: "إن الشعب المصري يرفض ما ينشر من أفكار حول الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر خاصة وانه فشل في السعودية وقدم صورة سيئة، كما أن المصريون يتجهون إلي التدين بالاقتناع منذ سنوات مثل انتشار الحجاب بين الفتيات دون فرضه بالقانون." وأوضح حسين ، أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، "فكرة عظيمة في الإسلام، ولكنها ليست مرتبطة بالدولة، وتحويل الهيئة إلى سلطة دينية لفرض القيم الروحية بالقوة يعد تدخل في الحريات الشخصية للفرد، وخطر يهدد دولة القانون و المؤسسات."

و أضاف أن "الهيئة إذا تحولت لمنظمة تتدخل في حياة المواطنين الشخصية، لن يكون احد معها حتى الإسلاميين أنفسهم، خاصة بعد ما تبرأ منهم حزب النور، لافتا أن السلفيين عبارة عن مجموعات متناثرة، وهيئة الأمر بالمعروف هي إحدى هذه المجموعات.

وتقول دكتورة نهاد أبو القمصان رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة إنها تلقت تهديدا من جانب أعضاء هذه الهيئة لأنها من المدافعات عن حقوق المرأة الامر الذي يعد من الاشياء المخالفة للشريعه في وجهة نظرهم. وأشارت إلى إحتمالية أن يكون إنشاء هذه الصفحة محاولة من جانب التيارات الإسلامية لجس نبض الشارع المصري.

وحاول أعضاء الهيئة طمأنة المواطنين بأنهم لن يستخدموا أساليب التعنيف والإجبار، مؤكدين أنهم سيستخدمون أسلوب الحوار والنصح والإرشاد في دعوتهم وهو ما اتفق معه ممدوح إسماعيل نائب رئيس حزب الأصالة السلفي الذي قال إن ذلك يأتي في إطار التناصح، فمن يقبل يقبل ومن يرفض يرفض.

صفحات مضادة..

الى جانب ذلك أسس الرافضون صفحة مضادة حملت عنوانا غاضبا هو "البحث عن أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لضربهم بالحذاء".ويقول القائمون على الصفحة أنهم إنشأوها "ردا على قيام فئة اعتقدت انها ستربى المجتمع لكننا سنبادلها التربية".

ووصل عدد المشتركين في هذه الصفحة نحو ثلاثة الاف عضو على الرغم من انه لم يمض سوى يومين فقط على إنشائها. وأصدر مؤسسو هذه الصفحة بيانا أعلنوا فيه هم ايضا أنهم لن يكشفوا عن هوياتهم إلا بعد إكتمال الهيكل التأسيسي. وشددوا على انهم لا يعترفون بأي مؤسسة دينية سوى الازهر الشريف. كما اتهموا "هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر" بأنها بمثابة تشكيل شبه عسكرى بتمويل من بعض الاحزاب والدول التي تسعى لتفتت وتشويه مصر.

وأكدوا على إحتفاظهم بحقهم القانوني في مقاضاة الهيئة، مهددين انه فى حالة تقاعس الدولة عن التعامل معهم بجدية فأنه ستتم مواجهتهم بتشكيل مماثل والرد عليهم بعنف، وذلك بحسب البيان الصادر عن الصفحة.

وزير الأوقاف نرفض القوة

من جهته رفض وزير الأوقاف المصري، محمد عبد الفضيل القوصي، فكرة "فرض الأمر بالمعروف أو النهى عن المنكر" على المواطنين بالقوة، معتبرا أن ذلك يشكل "سلوكا غير مقبول ولا يقبله الدين الإسلامي،" في أحدث رد فعل على موضوع تأسيس صفحة على موقع "فيسبوك" للإعلان عن إطلاق هيئة لتولي فرض "الأمر بالمعروف" في البلاد.

وأوضح القوصي، في تصريح ، أن الشعب المصري بطبيعته "يرفض مبدأ فرض الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر بالقوة أو الجبر سواء على المسلمين أو غيرهم،" مؤكدا أن القدوة الحسنة والدعوة بالحسنى والحكمة هي روح الدين الإسلامي الحنيف. وأكد القوصي استعداد الوزارة من خلال علمائها والدعاة المتواجدين في كل المحافظات "للتصدي إلى أي فكر غير مقبول دينيا، وذلك بالحسنى والعقل والأدلة والبراهين من القرآن والسنة ومن خلال فتح الحوار العقلاني مع الجميع من أي تيار إسلامي للعمل جميعا من أجل استقرار وأمن المجتمع."

وقد اتهمت تقارير صحفية حزب "النور" الذي يمثل التيار السلفي بالوقوف خلف الصفحة، ولكن يسري حماد، المتحدث الرسمي وعضو الهيئة العليا باسم الحزب، اعتبر أن الصفحة "من الدعاية المضادة للحزب." وقال حماد، في تصريح نقله الموقع الرسمي للحزب: "الصفحة المنتشرة على موقع فيسبوك باسم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتي يزعم مؤسسوها أنها تابعة لحزب النور، الحزب لا يعلم عنها شيئا، ولا عمن قام بإنشائها ونرى أنها من الدعاية المضادة للحزب قبل بدء المرحلة الثالثة للانتخابات البرلمانية."

وتابع حماد بالقول: "ننوه أن هذه الفكرة ليست من آرائنا، ولا من آراء أبناء حزب النور، حيث إن منهج التغيير الذي نؤمن به يعتمد على الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وبيان صحيح الإسلام من الكتاب والسنة؛ لتوضيح الشبهات حتى يتجنبها الفرد المسلم مع ترك حرية الاختيار بعد ذلك لأبناء الأمة."

خروج امن للجيش

في سيق متصل قال ابو اسماعيل  وهو عضو سابق في جماعة الاخوان المسلمين ويطمح في خوض انتخابات الرئاسة التي ستجرى في منتصف يونيو حزيران اعتمادا على قاعدة مؤيدي التيار السلفي في البلاد التي يمكن أن تصل الى ثلاثة ملايين مواطن. قال ان الانتقال الى الحكم المدني لا يمكن تحقيقه بدون تهدئة مخاوف الجيش الذي يرجح أن يتمسك بالبقاء في السلطة اذا لم يحصل على ضمانات بحصانة.

واضاف "الحل هو أن أفك المواجهة بين قوة الشعب الأعزل والسلطة العسكرية التي في يدها السلاح وشبكة من المصالح متصلة بها ومتصلة بقوى دولية." وأضاف "دمي يغلي وأنا أقول هذا... لكن هذه هي الطريقة لتشجيع الجيش على ترك البلد للشعب. خلاف ذلك سيواصل الجيش استعمال الاكراه السياسي. أنا لا أريد إكراها سياسيا على بلدي. أنا لا أريد حربا أهلية في مصر".

ويجلس المحامي السلفي حازم صلاح أبو اسماعيل المرشح الرئاسي المحتمل البالغ من العمر 50 عاما بلحيته الطويلة البيضاء في مكتبه بحي الدقي في القاهرة يفكر في وسائل كسر قبضة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على السلطة.. وأبو اسماعيل خطيب مسجد وعرفه ملايين المصريين من خلال ظهوره المتكرر في القنوات التلفزيونية التي تبث برامج إسلامية لكنه لا يشغل منصبا في الدعوة السلفية أو أي حزب يمثلها..

ويطلق عليه مؤيدوه من شباب السلفيين في ميدان التحرير الذي كان بؤرة الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك في فبراير شباط الماضي لقب "الشيخ الرئيس". ويتصاعد الغضب الشعبي على العسكريين المتهمين باساءة ادارة الفترة الانتقالية ويوجه اليهم اللوم عن سلسلة من الاشتباكات العنيفة مع محتجين يطالبون بانهاء الادارة العسكرية لشؤون البلاد فورا. وقتل عشرات المحتجين في الاشتباكات التي وقعت. وجاء كل الرؤساء المصريين من الجيش منذ استيلائه على الحكم عام 1952 . ويحرص المجلس العسكري على ابعاد ميزانيته ومصالحه الاقتصادية عن الرقابة المدنية. بحسب رويترز.

وقال أبو اسماعيل "المجلس العسكري يخشى ترك السلطة وبعدها يكون خاضعا للمساءلة. اتفاق الخروج الامن ضمانة للعسكريين أنهم ستكون لهم حصانة بعد أن يتركوا السلطة. أنا أتكلم عن العشرين شخصا فقط (رئيس وأعضاء المجلس).. الباقي مسألة تختلف وهي في يد البرلمان... لن تكون لهم سلطة بعد الخروج الامن."

ومنح المجلس العسكري حصانة يمكن أن يزيد الشقاق بين المحتجين الشبان والاحزاب السياسية.

ويقول محللون ان الاخوان المسلمين والسلفيين ربما يسعون الى طمأنة المجلس العسكري لضمان انتقال هاديء للسلطة في وقت لاحق. لكن مثل هذا النهج العملي قد يمثل إهانة لأسر نشطاء قتلوا في مواجهات في الشوارع مع الجيش. واتهم الجيش الذي نسب سقوط القتلي الى "أطراف خارجية" بالاساءة الى ناشطات. وسيعني "الخروج الامن" من الناحية القانونية منح الجيش فرصة للكشف عن ثروته والاحتفاظ بها وكذلك العفو عن أي مخالفات أو أخطاء ارتكبها خلال الفترة الانتقالية.

وقال أبو اسماعيل ان أسر نحو مئة شخص قتلوا في الاشتباكات مع الجيش لن يرغموا على قبول الدية وفق الخطة التي يطرحها ويمكنهم اللجوء الى القضاء اذا رغبوا في ذلك. وقال "لن نسمح لاحد بأن يكرس الذل علينا مرة أخرى. نحن تحت الاكراه نمرر ما فات من أجل أن نحافظ على ما هو آت."

وعرضت الضمانات على المجلس العسكري لاول مرة من جانب حقوقيين وسياسيين في مايو أيار كطريق الى الحكم المدني. وقالوا ان الجيش يظهر كأنه يدافع عن الثورة لكنه يقلص مكاسبها ويحافظ على أعمدة نظام مبارك سليمة ومنها القضاء وقوات الامن.

وابو اسماعيل هو أشد الاسلاميين انتقادا للجيش وساعد في حشد محتجين في ميدان التحرير يوم 18 نوفمبر تشرين الثاني للضغط على المجلس العسكري لسحب اقتراح بتعديلات دستورية تحول بصورة دائمة دون اشراف مدني عليه. وقال أبو اسماعيل انه يتوسط لتوحيد الاسلاميين. وتخشى جماعة الاخوان التي تريد أن تقدم نفسها في صورة الجماعة المستعدة للتعاون مع الجميع من ربط نفسها بالسلفيين في مجلس الشعب. وقال "الاخوان والسلفيون يعتقدون أن هناك خلافا بينهم ولكن أرى أن هذا أوهام. هناك طرف متقدم عن الاخر سياسيا ولكن الافضل في نظري أن يشكلوا كتلة في البرلمان." وقال ان الاسلاميين الثلاثة الطامحين للترشح للرئاسة يجب أن يتفقوا على أحدهم لخوض انتخاباتها. وأضاف أنه لم يقرر ما اذا كان سيواصل السباق.

ويقول محللون ان التأييد الذي سيوليه أبو اسماعيل لمرشح رئاسي اذا ترك السباق سيكون حاسما. وفي كل لاحوال يقول أبو اسماعيل ان رئيس مصر الجديد لن يكون أداة في يد المجلس العسكري ويقول انه سيعارض الانتخابات اذا حاول الجيش فرض ارادته على صياغة الدستور الجديد الذي سيوضع قبل انتخابات الرئاسة.

وقال "لن يكون رئيسا دمية. هذه لحظة فارقة. لن يمكن ذلك حتى ان حدثت معركة شوارع. أنا مستعد أن أتصدى لذلك. الرئيس له حق تعيين وزير دفاع مثل ما يحدث في الولايات المتحدة أو فرنسا."

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 24/كانون الثاني/2012 - 1 /ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م