
شبكة النبأ: باتت سوريا تعتصر من تردي
الاوضاع الامنية في بعض المناطق والقصبات بشكل مروع، خصوصا مع اشتعال
فتيل المواجهة المسلحة مع فلول الجيش الحر الذي يقود حرب عصابات شرسه
ضد القوات السورية، مما انعكس بشكل كبير على امن وسلامة المواطنين
العزل، فضلا عن الاثار الاقتصادية والنفسية التي نجمت عن ذلك.
فيما لم تلفح دعوات المراقبين الى تغليب منطق العقل والحوار مع تلك
المتمردين السوريين، سيما مع استمرار الدعم المادي والمعنوي الذي
تتلقاه تلك الجماعات من قبل بعض دول المنطقة، خصوصا الخليجية منها كقطر
والسعودية بالاضافة الى تركيا وفرنسا ايضا، مع غطاء إعلامي غربي عربي
يفتقر للتوازن المطلوب.
ومع استمرار تلك الاوضاع يرى الكثير من المحللين السياسيين ان سوريا
قد تنحدر الى حرب اهلية حامية الوطيس، ستنعكس دوم ادنى شك على الدول
المحيطة، مما يرجح سقوط المنطقة باكملها في دوامة عنف طائفية لا تعرف
لها نهاية، مع استمرار الدول المروجة للعنف في استخدام سيناريو الأرض
المحروقة بشكل لا تسلم منه أقدامهم.
فوضى لا نهاية لها
فقد قال الناشط السوري المعارض ميشيل كيلو في تصريحات ان الجيش
السوري الحر الذي يتكون من جنود منشقين يجازف بجر سوريا الى "فوضى لا
نهاية لها". وتعكس تصريحاته استمرار الخلاف بين معارضي الرئيس بشار
الاسد بشأن ما اذا كان ينبغي اللجوء للقوة لمحاولة الاطاحة به ام السعي
للحفاظ على سلمية الاحتجاجات. ونتيجة لهذه الانقسامات تخشى القوى
الغربية من تقديم دعم علني للمعارضة.
وقال كيلو الكاتب الذي قضى ست سنوات في السجن لمعارضته القيادة
السورية لصحيفة لو فيجارو ان الاسد بات "يائسا" ويحاول تحويل الصراع
الى صراع اقليمي.
وأنشأ اكبر قائد ينشق عن الجيش السوري خلال الانتفاضة ضد الاسد
الممتدة منذ عشرة اشهر اللواء مصطفى احمد الشيخ مجلسا عسكريا لتنسيق
هجمات الجيش السوري الحر.
وقال كيلو "يريد مهاجمة 400 الف شخص ببضع الاف من الجنود الذين لا
يشكلون جيشا... سيسقط البلاد في فوضى بلا نهاية. هذا جنون."
وحمل منشقون عن الجيش ومتمردون اخرون السلاح ضد قوات الامن التي
تهيمن عليها الاقلية العلوية التي ينتمي لها الاسد مما يدفع سوريا ذات
الاغلبية السنية نحو حرب أهلية محتملة.
وذكرت الوكالة العربية السورية للانباء ان من وصفتهم بالارهابيين
أطلقوا صواريخ مما أسفر عن مقتل ضابط وخمسة من رجاله في نقطة تفتيش قرب
دمشق. وأصيب سبعة اخرون في الحادث الذي وقع بعد يوم من اغتيال مسلحين
ضابطا كبيرا قرب العاصمة. بحسب رويترز.
ويقول مسؤولو الامم المتحدة ان اكثر من خمسة الاف شخص قتلوا في
أعمال العنف بأنحاء متفرقة في سوريا حيث تحاول قوات موالية للاسد سحق
احتجاجات سلمية ومنشقين مسلحين.
وقال كيلو عضو هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي ان
الوضع في سوريا وصل الى أزمة لا يستطيع المحتجون او الحكومة التراجع في
مواجهتها. وأضاف أن تعهد الاسد باستخدام قبضة حديدية من جهة لسحق
"الارهابيين" واصداره من جهة أخرى عفوا عن الاعمال الاجرامية التي
ارتكبت خلال الانتفاضة يظهر أنه بات "رجلا يائسا".
وقال كيلو "كل ما يعد به هو حرب ضد الارهاب يعتقد أنه سيحصل خلالها
على دعم الغرب او يخيفه لكن هذا افتراض خاطيء." وأضاف "في حمص في قلب
التمرد لا يوجد اسلاميون في لجان التنسيق. أعتقد أن الاسد يريد تحويل
الصراع الى صراع اقليمي ويضم له ايران وحزب الله والعراق وتهديد دول
الخليج بحرب طويلة."
وليد جنبلاط
فيما قال زعيم الدروز في لبنان وليد جنبلاط ان سوريا ربما تنزلق
لمزيد من العنف بل وربما الى حرب أهلية لان الرئيس السوري بشار الاسد "لا
يصغي لاحد" يدعو للتغيير سواء داخل البلاد أو خارجها.
وصرح جنبلاط الذي تذبذبت علاقاته مع دمشق على مدى سنوات تغيرت
خلالها الولاءات بأنه ليس هناك اتصال بينه وبين الزعيم السوري منذ أن
التقى به في دمشق قبل سبعة أشهر في أولى أسابيع الانتفاضة.
وتقول الامم المتحدة ان قوات الامن التابعة للاسد قتلت أكثر من خمسة
الاف شخص منذ اندلاع الانتفاضة في مارس اذار. كما تقول سوريا ان "مجموعات
ارهابية مسلحة" قتلت ألفي فرد من قوات الامن.
وقال جنبلاط بمنزله في بيروت "أشعر بقلق متزايد بشأن احتمال أن
تنزلق سوريا لمزيد من العنف... بل وربما حرب أهلية." وأضاف أنه كلما
زادت وتيرة العنف كلما زاد خطر الانقسامات بين الاغلبية السنية في
سوريا والاقلية العلوية التي ينتمي اليها الاسد مشيرا الى ما تردد من
أنباء عن عمليات قتل طائفية في مدينة حمص التي يسكنها مزيج طائفي والتي
تمثل أيضا معقلا للاحتجاجات والمعارضة. ويعيش في سوريا أيضا دروز
ومسيحيون وأكراد.
وقال جنبلاط انه منذ مستهل الازمة في مارس اذار تجاهل الاسد مطالب
من الولايات المتحدة والصين وروسيا وحليفه السابق رئيس الوزراء التركي
رجب طيب اردوغان لنزع فتيل التوتر بالتعجيل باجراء الاصلاحات السياسية.
وقال جنبلاط "كانت هناك صلة سياسية وعائلية وثيقة جدا بين بشار
واردوغان. لكنه... لا يصغي لاحد... حتى الان يرفض الاصغاء للمطالب
المشروعة للشعب السوري من اجل قيام سوريا جديدة."
ويرى جنبلاط أن المبادرة العربية -التي تدعو الى سحب الاسد لقواته
من المدن والافراج عن المحتجزين واجراء محادثات مع المعارضة- هي الامل
الوحيد للحل لكن المستقبل قاتم "ما لم تحدث معجزة". ومضى يقول ان هناك
"تآكلا بطيئا وان كان مؤكدا للوضع السوري. الوضع مهلك."
وأشعلت الاضطرابات في سوريا توترات في لبنان المجاور حيث يوجد لدمشق
الكثير من الحلفاء منهم حزب الله المدعوم من ايران وكذلك خصوم يمقتون
الوجود العسكري لسوريا الذي استمر 30 عاما وانتهى عام 2005 .
ودافع زعيم حزب الله السيد حسن نصر الله عن الاسد وقال انه لابد من
منحه فرصة لتنفيذ الاصلاح السياسي في حين طالب سعد الحريري رئيس
الوزراء السابق المعارض لسوريا باسقاط الاسد.
وقال جنبلاط "علينا أن نصر على مسعى عزل لبنان عن المشكلة
السورية... هناك حاجة الى أن يتفاهم اللبنانيون مع بعضهم البعض خاصة
زعماء الطائفتين السنية والشيعية."
وانتقد جنبلاط موقف الحريري حليفه السابق لرفضه الحوار السياسي ما
لم يسلم حزب الله أسلحته للدولة كما فعلت جماعات أخرى مسلحة بعد الحرب
الاهلية التي دارت خلال الفترة من 1975 الى 1990 وقال ان موقف الحريري
"لا يؤدي لاي نتيجة". ويقول حزب الله انه لابد أن يحتفظ بالسلاح
لمواجهة اسرائيل.
ومضى جنبلاط يقول "على الرغم من ان وجهة نظر كل منا حول سوريا
مختلفة فأنا ضد حدوث استقطاب في السياسة الداخلية (بلبنان)." وقال أيضا
انه دعا دروز سوريا وعددهم نحو 400 ألف نسمة من بين 23 مليونا الى أن
ينأوا بأنفسهم عن حملة قمع الاحتجاجات كلما أمكن. وأضاف أن نحو 100
درزي من أفراد الجيش والشرطة قتلوا أثناء "قمع الشعب... ما الذي يمكن
أن يفعلوه.. هل أنا أطلب منهم أن ينشقوا.. لا.. أطلب أن يلزموا منازلهم
اذا أمكن."
الاخوان المسلمون
الى ذلك قال عضو بارز في جماعة الاخوان المسلمين ان مسؤولين
ايرانيين اتصلوا بجماعة الاخوان في سوريا لمحاولة الوساطة في حل سياسي
للانتفاضة المستمرة منذ عشرة أشهر ضد الرئيس بشار الاسد لكن جهودهم
قوبلت بالرفض.
وتهدد الاضطرابات في سوريا بالانزلاق الى حرب أهلية فيما تحاول قوات
الاسد سحق حركة الاحتجاج. وفي الاشهر الاخيرة وسع المنشقون المسلحون
الذين يؤيدون المحتجين معركتهم لتصل الى قوات الامن.
وقال ملحم الدروبي القيادي في جماعة الاخوان المسلمين ان الجماعة لم
تطلع على تفاصيل العرض الايراني الذي قدم يوم 20 ديسمبر كانون الاول
لكنها لن تتعامل مع طهران ما لم تنه تأييدها للأسد.
وقال الدروبي ان المسؤولين الايرانيين سألوا عن امكانية زيارة
الاخوان لطهران أو قيام ايران بارسال وسطاء للاجتماع مع قيادة الاخوان.
واضاف ان الاخوان لم يستمعوا الى التفاصيل بشأن العرض وانهم لم يتيحوا
فرصة لهم لبحث ذلك.
وقال انهم يرفضون الذهاب الى هناك أو استقبالهم الى ان يكفوا بوضوح
عن تأييدهم للنظام وينتهجوا موقفا محايدا بين الشعب السوري والاسد.
واضاف انه مادام الايرانيون طرفا في هذا الصراع فان الاخوان المسلمين
سيرفضون الاجتماع معهم.
ونقلت صحيفة الحياة اليومية عن مسؤول بارز آخر في جماعة الاخوان
المسلمين قوله ان الوسطاء الايرانيين اقترحوا اتفاقا يعرض على الاخوان
ادارة الحكومة في دمشق بشرط ان يبقى الرئيس بشار الأسد في منصبه. بحسب
رويترز.
لكن طيفور فاروق مساعد مراقب الاخوان المسلمين في سوريا قال لصحيفة
الحياة ان الاخوان رفضوا اجراء محادثات مع مفاوضين ايرانيين أو مع
الحكومة السورية. وقالت الصحيفة ان الوسطاء الايرانيين عرضوا خطة يتولى
بموجبها الاخوان أربع وزارات حكومية على ان يحصلوا تدريحيا على سيطرة
كاملة على الحكومة. وقالت الامم المتحدة ان قوات الامن التابعة للاسد
قتلت أكثر من خمسة الاف شخص منذ اندلاع الانتفاضة قبل عشرة أشهر.
ونقلت الحياة عن فاروق قوله ان علاقات جماعة الاخوان قطعت بالكامل
تقريبا مع حركة حماس التي مازال يقع مقرها الرسمي في دمشق بدعم من
الاسد. وخفضت حماس وجودها في سوريا لكنها رفضت اتخاذ موقف مؤيد او
معارض للاحتجاجات المناهضة للاسد.
منتجع سوري يتحول الى معقل للمعارضين
في سياق متصل يطوف مسلحون ملثمون بشوارع اجتاحتها الامطار في منتجع
سوري مقام على تلال كان يسوده الهدوء في وقت ما وحولوه الان الى مركز
تمرد ضد حكم الرئيس بشار الاسد. وأصبح منتجع الزبداني الذي يقع عند
التقاء الحدود السورية اللبنانية في ايدي المعارضين الذين يقولون انهم
يقاتلون حملة حكومية على حركة مستمرة منذ عشرة اشهر لانهاء 42 عاما من
حكم عائلة الاسد.
ويصور شريط فيديو التقطه هاو حياة المسلحين والسكان في بلدة يبلغ
عدد سكانها 40 الف نسمة قبل وقت قصير من هجوم شنته دبابات مما اسفر عن
اصابة 40 شخصا لكنه فشل في البداية على الاقل في استعادة السيطرة على
البلدة.
وقال مسلح يرتدي سترة خضراء مموهة ويخفي وجهه قناع اسود وتتدلى من
كتفه بندقية نصف الية "باذن الله لن نسمح لهم بدخول هذه البلدة. وباذن
الله لن يدخلوها مادمنا نتنفس."
وقال بينما وجه مقاتلون بنادقهم من فوق الاسقف وتتفحص اعينهم
المنازل الخرسانية الممتدة في سفوح التلال التي يغطيها الصقيع "كل يوم
لدينا جنازة ... كل يوم تطلق دباباتهم نيرانها علينا."
ويطغي تمرد وليد لمعارضين مسلحين ومنشقين على الجيش يطلقون على
انفسهم الجيش السوري الحر على ما بدأ على انه احتجاجات سلمية. وهم
يقولون انهم يحاولون فقط الدفاع عن المدنيين ضد الهجوم.
ومنذ بدء الاحتجاجات في مارس اذار قتل أكثر من 5000 شخص بأيدي قوات
الامن وفقا للامم المتحدة. وتنحي دمشق باللائمة في الاضطرابات على
"ارهابيين مسلحين" يدعمهم اجانب تقول انهم قتلوا 2000 من افراد الامن.
ويقول سكان انهم يواجهون هجمات ليلية من جانب الجيش. وتظهر اللقطات
ومضات اضواء وقعقعة صوت انفجارات في حين تشق طلقات مضيئة حمراء ظلمة
الليل.
وكان على الزبداني هو الاكبر ضد معارضي الاسد منذ وصول مراقبي
الجامعة العربية في سوريا للاشراف على خطة سلام يقول منتقدون انها
فاشلة. وأوقف الجيش عملياته حينما زار مراقبون لفترة وجيزة البلدة.
وقال ناشطون ان نحو 200 اسرة لاذت بالفرار منذ ذلك الحين خشية تجدد
القصف من جانب 50 دبابة تشير تقديراتهم الى انها تشارك في الهجوم.
وكانت الزبداني منتجعا صيفيا يذهب اليه سكان دمشق هربا من حرارة
العاصمة الرطبة لقضاء عطلة نهاية الاسبوع في الهواء البارد بالبلدة
التي تقع على مسافة 30 كيلومترا فقط. وكان اثرياء عرب من الخليج يأتون
للاسترخاء في فيلاتهم لقضاء العطلات.
وتشاهد الان في بعض المنازل فتحات في الجدران من اثر القصف كما
تحولت غرف الى انقاض وتحطمت نوافذ وتضررت اسقف. وقال ناشط وهو يشير الى
درجات سلم محطمة في منزل "لدينا خمس سيدات في المستشفى في غرفة العناية
المركزة بسبب نيران الصواريخ هنا." وأضاف "أين مراقبو الجامعة
العربية؟".
وشوهد في اللقطات مقاتلون ملثمون في الزبداني تصدوا لهجوم الجيش
الاولي بمساعدة الجليد المتساقط وهم يحرسون الشوارع الخالية ويتحدثون
مع سائقي عدد صغير من السيارات المارة.
ويتجول مقاتلون اخرون من الجيش السوري الحر في البلدة وهم يبثون
اغاني احتجاج من خلال سماعات اجهزة السيارات ويتواصلون عبر اجهزة
اللاسلكي.
ويصرخ مسلح في جهاز اللاسلكي "شاهدت حافلة بها نحو 34 شخصا ولا
نعرفها وربما تعين فحصها." ويوقف مسلح اخر سيارته ليطمس بالطلاء عبارات
مؤيدة للحكومة كتبت باللون الاسود فوق جدار خرساني. ويرج علبة الطلاء
الابيض ويغير عبارة مؤيدة للرئيس الى اخرى تقرأ "بشار حمار".
وتظهر اللقطات سكانا يتباهون بتمردهم قاموا بطلاء الجدران بالالوان
الاخضر والابيض والاسود علم الاستقلال السوري فيما وضعوا لافتات على
منازلهم بها رسالة واضحة للاسد تقول "ارحل". وتوقع البعض ان يشن الجيش
هجوما.
ووقفت ناشطة صغيرة في شرفة منزلها واشارت الى سفوح التلال التي
يغطيها الجليد والتي تؤدي الى دمشق. وقالت "انهم يحتاجون الى 30 دقيقة
للوصول الى هنا واذا شاهدهم المقاتلون قادمون فانهم سيطلقون الالعاب
النارية وسوف نسمعها على الفور." وأضافت "وبالتالي نستعد".
مواجهة نفوذ الاسلاميين
من جهته قال معارض سني بارز انه ينبغي للاقليات الدينية والعرقية في
سوريا أن تعمل مع الليبراليين السنة لمواجهة نفوذ الاسلاميين في
الانتفاضة ضد الرئيس بشار الاسد. وقال كمال اللبواني ان الاسلام يستخدم
لتحفيز احتجاجات الشوارع ضد الاسد وان "معظم الشعب السوري متدين ولكنه
يعتقد أن الاسلام هو دين وليس حزب". وأضاف "مواجهة الثورة بالقمع
الدموي جلبت الى الشارع قيما اسلامية جهادية مثل التكبير والشهادة وهي
لا تقلقني.
"انا عندي تاريخي وديني ليس حتى أخبئه ولكن حتى استعمله وقت الشدائد
اذا لم ألجأ وقت الشدائد الى ربي وقلت الله الى من ألجأ."
وقال انه ينبغي أن تعمل الاقليات المسيحية والعلوية والاسماعيلية
والكردية التي تشكل نحو 30 في المئة من السكان مع السنة الذين يعارضون
خلط الدين بالسياسة.
ولا توجد مؤشرات دقيقة تذكر للرأي العام في سوريا لكن كثيرا من
الاقليات بمن فيها الاقلية العلوية التي ينتمي اليها الاسد تحجم عن دعم
الانتفاضة خشية سيطرة الاسلاميين اذا اطيح بالرئيس.
وحقق الاسلاميون مكاسب كبيرة عقب الاطاحة بزعماء في مصر وتونس
ويزداد نفوذهم في ليبيا بعد معمر القذافي. لكن اللبواني قال ان المزيج
الديني الاوسع في سوريا يجعل ذلك مستبعدا في بلاده.
وقال "اذا سمحنا للاسلاميين أن يأخذوا الثورة مشكلة. واذا سمحنا
للثوار بأن ينسلخوا عن هويتهم ودينهم فانها مشكلة." وأضاف "الحل أن
نمشي على الوسط ونشكل تيارا جامعا يراعي الحقوق المدنية وحقوق الفرد."
واللبواني طبيب يبلغ من العمر 53 عاما وينتمي لبلدة الزبداني وغادر
سوريا بعد الافراج عنه من السجن في نوفمبر تشرين الثاني بعدما قضى فيه
عقوبة طويلة.
وتقول جماعة الاخوان المسلمين وغيرها من الجماعات الاسلامية
المعارضة انها لا تسعى لتحويل سوريا الى دولة اسلامية وانها ستحترم
الممارسات الديمقراطية رغم تشكيك بعض العلمانيين السوريين في ذلك.
وقال اللبواني " اذا تحولت سوريا الى دولة دكتاتورية دينية سيكون
هناك ثاني يوم استبداد وثالث يوم أزمة ورابع يوم حرب أهلية." واضاف أن
التاريخ لم يشهد دولة ديمقراطية اسلامية وانهم لا يريدون أن يكونوا أول
من يحاول ذلك "نريد دولة مدنية متدينة وليس دولة دينية". لكنه اضاف أن
على الاقلية العلوية اتخاذ موقف ضد القمع.
وقال "المطلوب من العلويين أن يأخذوا موقفا ضد القتل ويقولون اذا
كانوا مع توريث السلطة أو لا أو مع انتخابات حرة أو لا."
وكان اللبواني التقى مع مسؤولين امريكيين في البيت الابيض في 2005
للمطالبة بدعم حقوق الانسان في سوريا. واعتقل عقب عودته قبل ان يفرج
عنه بموجب عفو العام الماضي ثم فر الى الاردن.
وقال انه كان من الصعب البقاء في سوريا والعمل علنا مع المعارضة
لانه اذا ظهر أحد على شاشة التلفزيون فسيتم اعتقاله أو اغتياله. واضاف
انه أراد ايضا أن يساعد في دعم المجلس الوطني السوري.
مقتل عميد بيد منشقين
الى جانب ذلك اعلنت المعارضة السورية ان جنودا منشقين قتلوا ضابطا
برتبة عميد في اجهزة الاستخبارات بعد رفضهم الانصياع لاوامر باطلاق
النار على المدنيين في حماة وسط سوريا. وجاء في بيان للجان التنسيق
المحلية في سوريا "قتل العميد في الامن العسكري عادل مصطفى على ايدي
جنود رفضوا تنفيذ اوامره باطلاق النار على اهالي حي باب قبلي وقد سبق
له الاشراف على العديد من عمليات القتل والاعتقال".
من جهته، اعلن المرصد السوري لحقوق الانسان في بيان "وردت انباء من
حماة عن مقتل ضابط في المخابرات برتبة عميد خلال اشتباكات مع مجموعات
منشقة في المدينة"، مضيفا "كما قتل ضابط برتبة ملازم".
وذكرت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) ان ضابطا استشهد بنيران
"مجموعة ارهابية مسلحة" في حي الجراجمة بمدينة حماة. وقالت الوكالة
نقلا عن مراسلها ان "مجموعة إرهابية مسلحة فتحت نيران اسلحتها الرشاشة
على دورية لحفظ النظام في حي الجراجمة ما أدى الى استشهاد العميد عادل
المصطفى والعنصرين هائل الغيبور وعلي خليل".
من جهة اخرى، وقعت مواجهات بين طلاب و"شبيحة" في كلية العلوم في حلب
(شمال) اثناء تظاهرة. ويتعذر التحقق من هذه المعلومات من مصدر مستقل
بسبب القيود المشددة التي تفرضها السلطات على تنقل مراسلي وسائل
الاعلام الاجنبية في البلاد.
واضافت سانا "وفي داريا بريف دمشق أقدمت مجموعة إرهابية مسلحة ظهر
اليوم على إطلاق النار على رئيس البلدية السابق حسن بوشناق أمام منزله
في المدينة ما أدى إلى استشهاده".
واوضحت ان "المجموعة الإرهابية كانت تستقل سيارة سياحية وقامت
بإطلاق النار على الشهيد بوشناق أثناء خروجه من منزله".
يتحسرون على ما خسروه بالوطن
من جهة أخرى ومن على سطح منزل ابن عمه على الجانب الاخر من الحدود
يستطيع القروي السوري محمد صادق أن يرى جنديين سوريين يتجولان حول
المزرعة التي تركها منذ أربعة أشهر بحثا عن الامان عند أقارب أتراك.
ويشعر صادق بالاسف بعد أن حطمت الاضطرابات المستمرة منذ تسعة اشهر
في سوريا حياته الهادئة كمالك لاكثر من 50 فدانا من البساتين التي تنتج
التفاح والمشمش والزيتون في خربة الجوز.
كانت عائلة صادق من بين الاف القرويين الذين أصابهم الرعب وتدفقوا
على تركيا من شمال غرب سوريا منذ يونيو حزيران حين شن الرئيس السوري
بشار الاسد حملة لاخماد الاحتجاجات المناهضة للحكومة في بلدتهم.
وقال صادق (48 عاما) "الجيش في منزلي لانني مطلوب لعدة أسباب. نحن
الاقرب لتركيا. كنا نعيش على محصول التفاح ونرسله الى سوق الهال في حلب"
مشيرا الى ثاني أكبر مدينة في سوريا وهي بعيدة عن الحدود. وأضاف صادق
الذي تعيش عائلته المكونة من 11 فردا في غرفة بجوار منزل ابن عمه في
قرية حدودية هادئة "كنا نعيش حياة جعلتنا في غنى عن أي أحد."
المنطقة التي كانت تحت الانتداب الفرنسي على سوريا بعد انهيار
الامبراطورية العثمانية عام 1923 ثم منحت لتركيا عام 1939 يعيش بها
الان نحو ثمانية الاف لاجيء سوري معظمهم في خمسة مخيمات أقامتها
الحكومة التركية.
ويقول القرويون الذين ينتمون للاغلبية السنية بسوريا انهم يواجهون
خطرا محددا اذا عادوا الى ديارهم التي فروا منها حين داهمت الميليشيات
المعروفة باسم الشبيحة وأفرادها من الاقلية العلوية قراهم وبلداتهم.
بحسب رويترز.
وقال عاطف كريم (32 عاما) وهو سمكري من بلدة عين البيضا القريبة "لا
أمن أو اختيار أو مخرج سوى البقاء هنا لانه اذا رحل المرء فانه
سيقتل... أي عنصر بأجهزة الامن يستطيع أن يفعل ما يحلو له ويقتلك او
يمزقك اربا ولن يحاسبه أحد."
وسلك كثيرون نفس الطريق عبر الحدود الذي سلكه الاف الناجين من مذبحة
شهدتها مدينة حماة عام 1982 حين فروا من سوريا. أرسل الرئيس الراحل
حافظ الاسد حينذاك قوات لسحق انتفاضة مسلحة قادها الاسلاميون في مدينة
حماة.
يمضي اللاجئون كبارا وصغارا أيامهم الطويلة في تبادل الاخبار
ومتابعة الجنود والقناصة السوريين المتمركزين في أبراج للمراقبة تطل
على الوادي مستعدين للقيام بأي شيء في سبيل منع المزيد من السوريين من
الهرب.
وقال موسى علوي وهو يشير الى مبنى عال على الطريق الاسفلتي الرفيع
الذي يحدد ما كانت ذات يوم حدودا غير خاضعة لحراسة مشددة "انظر الى
القناصة على التلال وقمم الجبال."
ويتذكر قرويون كيف قتلت ام وأصيب زوجها وطفلاها حين حاولوا وفشلوا
في الانضمام لاقارب بتركيا الشهر الماضي.
ويتناقض هدوء الريف مع التوترات التي تتزايد حول قرية جويتشتشي
التركية حيث يتناقل الناس أخبارا عن انتشار مزيد من الجنود والدبابات
وحفر المزيد من الخنادق في الغابات والوديان.
وقال ابراهيم (21 عاما) وهو معلم من جبل الزاوية "السوريون يخافون
منا اكثر ممن هم بالداخل لان الناس يمكن أن يكروا ثم يفروا عائدين أو
حتى يهربوا أسلحة. حفروا خنادق في الجبال وراء الحدود وأخفوا المزيد من
الدبابات."
يشتعل أحمد صوفان الذي جلس يشاهد التلفزيون غضبا مما يعتبره تباطؤا
من تركيا في انشاء منطقة امنة داخل سوريا.
وكانت تركيا من أشد المنتقدين لحملة الاسد وأوضحت أنه اذا تفاقم
الوضع فانها ستضغط لحشد دعم دولي لاقامة منطقة عازلة تخضع للحماية
للسوريين الذين يفرون من الازمة الانسانية.
وعلى غرار الكثير من اللاجئين الاخرين يعتقد صوفان أن هذه المنطقة
وحدها هي التي ستحمي الاف السوريين من الخطر.
وقال "الاسد يقتل ما بين 20 و30 شخصا يوميا. في كل يوم يتأجل فيه
التحرك تزهق أرواح المزيد من الابرياء." ويتحدى بعض القرويين والمنشقين
عن الجيش السوري اطلاق النيران المتقطع من قبل الجنود اثناء الليل
ويغامرون بعبور الحدود تحت جنح الظلام فيسلكون طرقا لا تسلكها السيارات
لتفقد ممتلكاتهم وزراعاتهم.
ويخرج منشقون أيضا في مهام استطلاع تابعة للجيش السوري الحر وهو
مجموعة من المنشقين عن الجيش يعتقد أنهم يديرون مقرا للقيادة في منشأة
قريبة خاضعة لحراسة مشددة.
ويخشى اللاجئون من وجود مرشدين يحاولون اكتشاف أين يوجد النشطاء وهو
ما يذكرهم دائما بأنهم ليسوا في أمان تام.
وقال ابو فهد الذي فر من قرية الكستن التي كان يعيش بها عقب أن
ألقيت جثة شقيقه قرب منزله بعد أن اعتقلته قوات الامن السورية "لا أظن
أنه يمكنهم هنا القيام بأي شيء.. لكنهم يرسلونهم لمعرفة ما يحدث
والسؤال عنا." والعلاقات بين المجتمعين على جانبي الحدود قوية اذ
يربطهما التاريخ والروابط العائلية والتقاليد.
وقال عرفان صبحي (58 عاما) وهو صاحب مزرعة للماشية تنتج منتجات
الالبان ويستضيف ابنته وزوجها وأسرتهما من خربة الجوز "نحن اخوة.
الحدود هي التي قسمتنا. لم نرتحل او نأتي من أي مكان. حين رسموا الحدود
أصبحت هذه المنطقة تابعة لتركيا."
ويتذكر صبحي زواج ابنته نسيمة من ابن عمها السوري في أوقات افضل حين
عبروا الحدود سيرا على الاقدام.
وقدم كثيرون على الجانب التركي من الحدود الغرف الاضافية بمنازلهم
أو وظفوا أقاربهم كعمال في المزارع ليساعدوهم على مواصلة حياتهم.
وقال فاضل فيزو الذي يعيش أقاربه في دمشق وحلب "ما يحدث يؤلمنا
بشدة. لا أريد امتهان كرامة اخي السوري وسأرحب به وأساعده بكل ما أملك
لانه اخي في الدين." لكن التوتر يبدو واضحا على المحاصرين بالازمة من
الجانبين.
وتوقف نشاط سوق سوداء مزدهرة لتهريب كل شيء من السجائر والوقود
الرخيص الى الابقار من سوريا. وقال عمار عبد الله وهو موظف حكومي في
بلدة جبل الزاوية انتقل للاقامة مع عمه التركي ويشكو من غلاء المعيشة
في تركيا "نأكل جميعا من مدخراتنا."
وقال نبيل زيد وهو من احدى القرى الحدودية السورية "انتقلنا من حياة
كانت صعبة الى حياة أصعب هنا." |