حرب الدعاية في سوريا واخفاء حقيقة الحركات الجهادية

كتب المحلل السياسي

 

شبكة النبأ: تواجه سوريا اليوم ضغوط دولية كبيرة وعلى مختلف الأصعدة، وعلى مايبدوا ان الأنظمة التي تقف خلف الحركات التي تدعم التمرد في سوريا تنظر بعين واحدة الى القضية السورية وانها تعرف جيدا ان مايحدث في سوريا ليس لعبة سياسية او عملية انتقال سلمي للسلطة، وانما تمارس مختلف الضغوط من اجل اسقاط النظام السوري هذا على مستوى الحكومات اما على مستوى التجمعات العربية السياسية والناشطة تحديدا فانها مارست سياسة مشبوهة من قبل فكانت تدافع على نظام صدام حسين في العراق حتى بعد سقوطه وكان دفاعها عن صدام حسين تقف وراءه عدة تفسيرات منها انها مظللة وقسم منها كان يعتاش على المنح التي كان يقدمها نظام الحكم في العراق الى بعض الحركات في الدول العربية.

اليوم وفي سوريا تتكرر التجربة العراقية من حيث جعل الساحة السورية تعيش حالة من الحرب بين ابناء الشعب السوري وهناك من يدعم الحركات الجهادية والسلفية والتكفيرية من اجل بسط نفوذها لكن مع الأسف والكلام هنا موجه للشعوب العربية التي هي من يمتلك الحراك انها تمر بانحراف فكري خطير ولن تستفاد من التجار التاريخية.

فلو كانت الدعوات الموجه للنظام السوري تحمل رسائل ديمقراطية حقيقة لكان تغيير نظام الأسد اسهل وحتى لو تغير نظام الأسد بالطريقة التي تتبعها الحركات التي تقف بوجه النظام السوري فان حمام الدم سيمتلىء قريبا بسبب الأجندة التي تحملها هذه الحركات التي جعلت من سوريا ساحة للحرب تحت حجج واهية. فان اغلب من يقوم باعمال عسكرية في سوريا سوريا هم نفسهم من يقتل ويخطف ويعمل على تأجيج الفتن الطائفية. لكن نرى ان المجتمع الدولي من جهته لم يستفاد مما حدث في العراق بعد ان قادت الحركات المسلحة فترة من الزمن زمر ومجاميع ارهابية وفي محافظات كاملة. حيث نرى الاعلام يعج بالحديث ليل نهار ضد النظام في سوريا ولم يقف وقفة مشرفة ضد كل من يقوم بالقتل والاستفزاز في مناطق مختلفة من سوريا وان حدثت ادانة ما فهي توجه فيمال بعد للنظام السوري فقط.

يقول الكاتب والمحلل السياسي جوناثان ستيل بأن معظم السوريين يؤيدون الرئيس بشار الأسد لكن الإعلام الغربي لا يظهر هذا أبدا. وهكذا فإن شعبية الأسد ومراقبي الجامعة العربية والتدخل العسكري الأميركي كلها مشوهة في حرب الدعاية الغربية.

ولنفترض أن استطلاع رأي موثوقا أظهر أن معظم السوريين يؤيدون بقاء بشار الأسد كرئيس، ألن يكون هذا خبرا هاما؟ خاصة وأن النتيجة ستكون ضد الرواية المهيمنة عن الأزمة السورية، ووسائل الإعلام تعتبر غير المتوقع ذا أهمية إخبارية أكبر من الجلي.

لكن للأسف ليس في كل حالة. فعندما تتوقف تغطية دراما عن كونها منصفة وتتحول إلى سلاح دعائي فإن الحقائق المزعجة تُقمع.

والنتيجة الهامة هي أنه في حين أن معظم العرب خارج سوريا يشعرون بأنه يجب على الأسد أن يستقيل فإن التوجهات في البلد مختلفة. فقد قال 55% من السوريين إنهم يريدون بقاء الأسد -بدافع الخوف من حرب أهلية- وهو شبح ليس نظريا كما يبدو لأولئك الذين يعيشون خارج الحدود السورية.

تغطية إعلامية منحازة

ويريد السوريون الذين يؤيدون الأسد  أن يعلن عن انتخابات حرة في المستقبل المنظور. والأسد يزعم أنه على وشك أن يفعل ذلك، وهي النقطة التي تكررت كثيرا في خطاباته الأخيرة. لكن من المهم أن يعلن قانون الانتخاب في أسرع وقت ممكن، ويسمح بالأحزاب السياسية ويتعهد بالسماح بمراقبين مستقلين لمراقبة الاقتراع.

ويرى محللون سياسيون إلى أن التغطية الإعلامية المنحازة مستمرة في تشويه مهمة مراقبي الجامعة العربية في سوريا. فعندما أقرت الجامعة منطقة حظر طيران في ليبيا الربيع الماضي كانت هناك إشادة كبيرة في الغرب بهذا الإجراء. لكن قرارها بالتوسط في سوريا وجد ترحيبا أقل لدى الحكومات الغربية ولدى جماعات المعارضة السورية البارزة التي تدعم على نحو متزايد حلا عسكريا بدلا من حل سياسي.

ومن ثم شكك الزعماء الغربيون فورا في خطوة الجامعة وسار الإعلام الأكثر غربية على نفس النهج. فقد شُنت هجمات على مصداقية رئيس البعثة السوداني وتصدرت عناوين الصحف الانتقادات لأداء البعثة من قبل أحد أعضائها البالغ عددهم 165. وقدمت مطالب بانسحاب البعثة لصالح تدخل أممي.

ومن المحتمل أن المنتقدين خافوا من قيام المراقبين العرب بتسجيل أن العنف المسلح لم يعد مقصورا على قوات النظام وأن صورة الاحتجاجات السلمية التي تُقمع بوحشية من قبل الجيش والشرطة زائفة. فحمص ومدن سورية أخرى أصبحت مثل بيروت في الثمانينيات أو سراييفو في التسعينيات حيث المعارك مع المليشيات تشتعل عبر الخطوط الطائفية والعرقية.

وفيما يتعلق بالتدخل العسكري الأجنبي يقول المحلل السياسي جونثان ستيل إنه بدأ بالفعل وإنه لا يتبع النمط الليبي بما أن روسيا والصين غاضبتان من خدعة الغرب في مجلس الأمن العام الماضي. ولن تقبلا قرارا أمميا جديدا يسمح بأي استخدام للقوة.

وأشار ستيل إلى أن تركيا أصبحت وكيلة واشنطن وأن هناك طائرات حربية غير مميزة لحلف شمال الأطلسي تصل إلى لواء الإسكندرون على الحدود التركية السورية تنقل متطوعين ليبيين وأسلحة مصادرة من ترسانة معمر القذافي.

كما أن مدربين من القوات الخاصة البريطانية والفرنسية موجودون على الأرض يساعدون الثوار السوريين، بينما المخابرات المركزية وقوات العمليات الخاصة الأميركية تقوم بتأمين معدات الاتصالات والاستخبارات لمساعدة قضية الثوار وهو ما يمكن المقاتلين من تفادي مناطق الوجود الكثيف للجنود السوريين.

وختم الكاتب بأنه رغم الاستفزازات من كل الأطراف فإنه يجب على الجامعة العربية أن تثبت على موقفها وتبقى بعثتها في سوريا.

ويرى مراقبون إنه يتعين على قادة العالم ان يقفوا من الحركات العنيفة في سوريا موقفا حازما وأن يشجبوا المذابح والمجازر التي تقترفها الحركات المشبوهة من اعمال قتل طائفي وخطف، ويرى مراقبون إنه لا يوجد حل سهل بالنسبة للأزمة في سوريا في الوقت القريب ، ولكنه يتوجب على المجتمع الدولي دراسة الأزمة وتقديم افضل الحلول للشعب السوري من اجل الخروج من ازمته.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 23/كانون الثاني/2012 - 29صفر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م