
شبكة النبأ: تواجه باكستان اليوم أزمة
السياسية خطرة قد تؤثر انعكاساتها على استقرار هذه البلد المنطقة
بشكل عام، وتأتي تلك الأزمة على خلفية فضيحة (ميموغيت) تلك المذكرة
السرية غير الموقعة والتي لا يعرف مصدرها حتى ألان، التي طلبت من
واشنطن التدخل لمنع حدوث انقلاب محتمل للجيش الباكستاني الذي يتمتع
بصلاحيات واسعة في هذه البلاد والذي طالب بإجراء تحقيق عاجل من قبل
القضاء لمعرفة من يقف وراء كتابتها، هذه الفضيحة أسفرت عن استقالة سفير
باكستان في واشنطن حسين حقاني والمقرب من الرئيس الباكستاني اصف علي
زرداري والمتهم الأول أسهمت بشكل كبير بإشعال فتيل التوتر وتبادل
الاتهامات بين الطرفين.
ويؤكد العديد من المراقبين ان مثل تلك أزمات وقد تسهم في حدوث
انقلاب عسكري جديد يضاف الى سلسلة الانقلابات التي شهدتها باكستان خلال
الفترات الماضية، فيما يرى آخرون عكس ذلك، هذا وقد شهدت العلاقة
الباكستانية الأمريكية توترا وفتور أتت على خلفية تنفيذ الأخيرة بعض
العمليات العسكرية في باكستان منها قتل اسامة بن لادن زعيم تنظيم
القائدة يضاف إليها قتل مجموعة من العسكر في غارة جوية على الحدود بسبب
عدم التنسيق بين الجيشين الأمر الذي اغضب باكستان .
إسقاط الحكومة
فقد قال رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني ان "متآمرين"
يخططون لإسقاط حكومته موجها انتقادات غير مسبوقة ضد الجيش النافذ في
البلاد. ففي تأكيد مفاجىء بأنه يخشى الإطاحة به، ونفى جيلاني بغضب ان
تكون حكومته تابعا للجيش الذي يعتبر صاحب النفوذ الاكبر في باكستان،
وذلك في الوقت الذي تواجه حكومة جيلاني فضيحة تتعلق بالتقارير عن مذكرة
تطلب مساعدة الولايات المتحدة لكبح الجيش في البلاد. وقد تصاعدت حدة
الضغوط حول المذكرة التي يتردد انها كتبت بموافقة من الرئيس خشية قيام
الجيش بانقلاب عسكري على الحكومة المدنية بعد قتل اسامة بن لادن على
ايدي قوات اميركية خاصة في ايار/مايو.
وقال جيلاني خلال تجمع بالمعرض الوطني للفنون "اود ان اوضح ان
مؤامرات تجري حياكتها هنا للاطاحة بالحكومة المنتخبة"، دون توجيه
الاتهام لاحد بالاسم. واضاف "لكننا سنواصل النضال من اجل حقوق شعب
باكستان سواء بقينا في الحكم ام لا" معلنا انه رئيس الوزراء الذي بقي
لاطول فترة في الحكم. ويعد جيلاني ارفع مسؤول في الحكومة يتحدث صراحة
عن التكهنات المحمومة التي تتحدث عنها وسائل الاعلام المحلية يوميا عن
مستقبل الادارة التي لا تلقى تاييدا من الشعب بسبب الركود وانقطاعات
الكهرباء والفضيحة والتضخم. ووصف جيلاني الجيش بانه يتحلى ب"الانضباط"
وقال انه "يتبع الدستور" و"سيبقى تحت الحكومة". الا انه انتقد الجيش
بعد ان ابلغت وزارة الدفاع المحكمة العليا انها "لا تمارس اية سيطرة
عملياتية" على الجيش او جهاز الاستخبارات اي اس اي.
وقال جيلاني الذي بدا انه فقد صبره، ان الحكومة تقف الى جانب أجهزة
الامن في الضغوط التي تتعرض لها بسبب مقتل اسامة بن لادن، وفي هجوم حلف
الاطلسي في 26 تشرين الثاني/نوفمبر، وفي هجمات بومباي 2008. واضاف "في
اسوأ الاحوال، ضاعفنا رواتبهم. يجب أن يكونوا خاضعين للمساءلة امام
البرلمان".
وتابع "ان اللجنة القضائية (التي تنظر في الغارة الاميركية التي ادت
الى مقتل بن لادن ، وكيف عاش زعيم القاعدة في باكستان دون ان يعرف به
احد) تسألنا عن إصدار التأشيرات (للأميركيين)". ولكنني أريد ان اسأل،
كيف كان (بن لادن) يعيش هنا طوال السنوات الست الماضية؟ ما هو نوع
التاشيرة التي حصل عليها ليعيش هنا؟ لماذا لم يتم الاهتمام بالامن، في
حالة انه دخل باكستان دون تاشيرة".
ورغم ان الجيش حكم باكستان لاكثر من نصف عمرها بعد الاستقلال، وحصل
على السلطة في ثلاثة انقلابات، الا ان المحللين يستبعدون اية استيلاء
وشيك على السلطة. و نفى وزير الداخلية رحمن مالك الشائعات عن احتمال
وقوع انقلاب يطيح بالحكومة، الا ان تصريحات جيلاني اظهرت على ما يبدو
ان اعضاء من الحكومة يعتقدون ان احتمال مغادرتهم المبكرة قائم. بحسب
فرانس برس.
وحصل زرداري وحكومته على الاشادة بسبب نجاحهم في تجنب الفضائح
والدعوات الى استقالتهم منذ توليهم السلطة عقب الانتخابات التي فاز بها
حزب الشعب الباكستاني في شباط/فبراير 2008. الا ان اي قرار من المحكمة
العليا للتحقيق في المذكرة، كما يطالب الجيش، سيضع ضغوطا كبيرة على
الرئيس في وقت تتسم به العلاقات بين الجيش والحكومة المدنية بالتوتر
الشديد. وسرت تكهنات بأن الرئيس آصف علي زرداري سيضطر للتخلي عن منصبه
على خلفية الفضيحة .
ورغم ان الانتخابات الجديدة مقررة في شباط/فبراير 2013، الا ان
المعارضة بدأت حملات انتخابية، ويتوقع العديد من المراقبين ان تجري
الانتخابات في العام 2012. ولم يسبق ان اكمل اي زعيم مدني في باكستان
ولاية كاملة في السلطة.
واجلت المحكمة العليا جلسة استماع لمعرفة ما اذا كانت سيتم التحقيق
في المذكرة التي قيل ان احد اقرب مستشاري زرداري كتبها لطلب المساعدة
من الاميركيين خشية حدوث انقلاب عسكري. وكان سفير باكستان في واشنطن،
حسين حقاني، قد اجبر على الاستقالة على خلفية الفضيحة رغم نفيه
الاتهامات بشأنها.
غضب عسكري
في السياق ذاته قال مصدر عسكري رفيع إن قائد الجيش الباكستاني غاضب
من رئيس الوزراء بسبب تصريحات انتقد فيها الجيش وأن هذه التصريحات
يتعين اما أن يتم توضيحها أو سحبها. وابلغ المصدر "قائد الجيش اشتكى
للرئيس من تصريحات رئيس الحكومة وقال انها اما ان توضح أو تسحب." وأضاف
المصدر "قال (رئيس أركان الجيش الجنرال أشفق كياني) مثل هذه التصريحات
مثيرة للانقسام وتجعل البلاد أكثر عرضة للخطر." وقال المصدر ان مجلس
كبار قادة الجيش كان أكثر غضبا من كياني.وأضاف "هناك الكثير من الضغوط
من قبل قادة الأسلحة الرئيسية على قائد الجيش فيما يتعلق بتصريحات رئيس
الوزراء."
وأثار ذلك التوتر مخاوف بشأن الاستقرار في الدولة النووية وكشف
الصراع بين الحكومة والجيش الذي أطاح بثلاث حكومات مدنية في انقلابات
منذ استقلال باكستان في عام 1947 وحكم البلاد لفترة تمتد لاكثر من نصف
تاريخها. ولا يوجد بعد ما يشير الى التفكير بجدية في القيام بانقلاب
عسكري لكن الامر يشير الى الحسابات السياسية المتغيرة في باكستان منذ
تولي المدنيين السلطة في عام 2008 . وكان رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني
انتقد رئيس أركان الجيش الجنرال أشفق كياني واللفتنانت جنرال أحمد شجاع
باشا المدير العام لأجهزة المخابرات الباكستانية لتقديمهما أوراقا في
دعوى قضائية تتعلق بمذكرة غامضة أثارت التوتر بين الجيش والحكومة
المدنية. بحسب رويترز.
وقال جيلاني ان الاوراق المقدمة "غير دستورية" مما اثار غضب القيادة
العليا للجيش التي أصدرت بيانا صحفيا حاد اللهجة. وقال البيان "لا يمكن
أن يكون هناك اتهام أكثر خطورة مما أثاره فخامة رئيس الوزراء. "هذا له
اثار خطيرة جدا من المحتمل أن يكون له عواقب خطيرة على البلاد." وأثار
جيلاني غضب الجيش مرة أخرى عندما قال اللفتنانت جنرال متقاعد نعيم خالد
لودهي وكيل وزارة الدفاع بسبب "سوء سلوك صارخ وتصرف غير قانوني أحدث
سوء تفاهم بين" المؤسستين. ولودهي كان أعلى شخصية في الحكومة المدنية
مسؤول عن شؤون الجيش وهو منصب ينظر لمن يشغله عادة على أنه المدافع
الرئيسي عن الجيش في الحكومة المدنية.
ودعا الجنرال اشفق كياني قائد أركان الجيش الى إجراء تحقيق في
المذكرة التي فتحت المجال أمام تكهنات بوجود انقسام بين الحكومة والجيش.
كما تأتي هذه الازمة في الوقت الذي تراجعت فيه العلاقات بين باكستان
والولايات المتحدة الى أدنى مستوى منذ عشرات السنين بعد هجوم لقوات حلف
شمال الاطلسي في أفغانستان على الحدود أسفر عن مقتل 24 من القوات
الباكستانية. وألقى تقرير أمريكي حول الحادث باللوم على كلا الجانبين
لتدني التعاون فيما بينهما وعدم توفر خرائط جيدة.
وينفي الجيش الباكستاني تخطيطه للاستيلاء على السلطة لكن رئيس
الوزراء يوسف رضا جيلاني زاد من الارتباك.فقد فاجأ الكثيرين عندما لمح
ضمنيا الى ان الجيش "دولة داخل الدولة" قبل ان يراجع نفسه ويقول انه "راض"
عن كياني وانه لن يقيله أو رئيس المخابرات كما زعمت بعض التقارير
الاعلامية. وقال للصحفيين بينما كان يقف الى جوار قبر بوتو "رأيتم أنه
في كل عهد هناك محاولات لاحداث انقسام ما بين المؤسسات... على كل مؤسسة
ان تعمل في اطار مجالها الدستوري. أنا أتحدث عن كل المؤسسات."
عزل قائد الجيش
من جهته نفى رئيس الوزراء الباكستاني الانباء التي أوردتها وسائل
إعلام محلية تفيد بنيته عزل قائد الجيش ومدير المخابرات وقال ان الجيش
يدعم الديمقراطية.والانباء الخاصة بقائد الجيش الجنرال اشفق كياني
والمدير العام للمخابرات اللفتنانت جنرال احمد شوجا باشا هي أحدث حلقة
ضمن سلسلة من التكهنات الصحفية المحمومة عن وجود شقاق بين الساسة
المدنيين والقوات المسلحة. بحسب رويترز.
وقال جيلاني للصحفيين في تصريحات اوردها التلفزيون "فيما يتعلق
بالشائعات التي تقول بان الحكومة تسعى لعزل مدير المخابرات والجنرال
كياني فان هذا الانطباع ليس سوى حديث يردده الحمقى." وقال "من الخطأ
نشر مثل هذا الكلام... انني سعيد بجهود (قائد الجيش) وأريد ان امحو هذا
الانطباع." وكانت الحكومة قد مددت في العام الماضي خدمة كياني حتى عام
2013 فيما تم تجديد فترة خدمة باشا حتى مارس اذار القادم.
لسنا في حالة حرب
من جانبه سعى الرئيس الباكستاني الى تهدئة المخاوف من ان التوترات
بين حكومته والجيش القوي قد تزيد من حالة عدم الاستقرار ويواجه زرداري
الذي تتراجع شعبيته بصورة متزايدة بسبب اسوأ ازمة سياسية له منذ توليه
السلطة عام 2008 ويتساءل البعض عما اذا كان يستطيع البقاء هو وحكومته.
وقال زرداري في مقابلة اجرتها معه قناة جيو نيوز التلفزيونية "لسنا في
حالة حرب مع القضاء. فلم نكون في حالة حرب مع الجيش.. لا توجد حرب."
واتهمت احزاب المعارضة رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني بانتقاد الجيش
على نحو غير منصف في الاونة الاخيرة بسؤاله عن الكيفية التي استطاع بها
ابن لادن التخفي عن الانظار لعدة سنوات في باكستان وهو سؤال طرحه ايضا
مسؤولون أمريكيون بغضب. وقال زرداري ان جيلاني لم يهاجم الجيش. وتابع "تعتقدون
انه عراك وانا اسميه بانه جزء من التطور. سيتطور الامر وسيهدأ في الوقت
المناسب." بحسب رويترز
وتمثل التوترات بين الجيش والحكومة المدنية في باكستان مصدر قلق
بالنسبة للمنطقة وللعلاقة المضطربة مع حليفتها الاساسية الولايات
المتحدة. وتريد واشنطن تحقيق الاستقرار في اسلام اباد حتى يتسنى لها
التركيز على المساعدة في الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لتحقيق
الاستقرار في افغانستان ومكافحة التشدد في المنطقة.
فضيحة المذكرة
في السياق ذاته قالت المحكمة العليا في باكستان انها ستحقق في فضيحة
مرتبطة بمذكرة غير موقعة تطلب مساعدة واشنطن لكبح الجيش الباكستاني
الذي يتمتع بنفوذ قوي وهو قرار من شأنه أن يزيد الضغوط على الحكومة
المدنية الضعيفة. وألقى ما عرف باسم "فضيحة المذكرة" الضوء على التوتر
التاريخي بين الحكومة والجيش الذي تحتاج واشنطن مساعدته في معركتها ضد
المتشددين الذين يشعلون العنف في افغانستان المجاورة. ودخلت الحياة
السياسية الباكستانية في أزمة عندما كتب رجل الأعمال ذو الاصل
الباكستاني منصور اعجاز في صحيفة فايننشال تايمز ان دبلوماسيا
باكستانيا كبيرا طلب توصيل مذكرة الى وزارة الدفاع الامريكية تحمل طلبا
الى الولايات المتحدة للمساعدة في الحيلولة دون حدوث انقلاب عسكري يخشى
وقوعه. وقال اعجاز ان الدبلوماسي المقصود هو سفير باكستان في واشنطن
حسين حقاني وهو حليف مقرب من الرئيس الباكستاني اصف علي زرداري. ونفى
حقاني أي صلة له بذلك لكنه استقال بسبب الجدل الذي اثير حول الامر.
بحسب رويترز
ويزيد قرار المحكمة الضغوط على الحكومة. وتشير تكهنات واسعة الى أن
التحقيق يمكن أن يؤدي الى الاطاحة بزرداري اذا ثبتت علاقته بالمذكرة.
وقالت محامية حقاني أسماء جهانجير للصحفيين"أعتقد أن هذا واحد من أحلك
الايام في تاريخ القضاء." وأضافت "قلت للمحكمة العليا أيضا ان هذا حكم
مخيب للامال بشدة. انه حكم يغلب الامن القومي على الحقوق الاساسية."
ودعت الولايات المتحدة اسلام اباد الى تأمين "معاملة عادلة" للسفير
الباكستاني السابق حسين حقاني المتهم بتسليم المذكرة. وقالت الناطقة
باسم وزارة الخارجية الاميركية فكتوريا نولاند للصحافيين "نأمل بان تتم
كل الاجراءات الهادفة الى تسوية وضع السفير حقاني بعدل وشفافية وفي
اطار احترام المعايير الدولية". واضافت "نراقب الوضع باهتمام".
وبعد هذه القضية التي اطلق عليها اسم "ميموغيت"، طلبت الحكومة
الباكستانية من حقاني الاستقالة وامرت باجراء تحقيق. ودعي السفير
السابق الذي ينفي تورطه في هذه القضية للمثول امام القضاء. ويتهم جزء
كبير من اطراف القضية الرئيس الباكستاني بانه كتب المذكرة.
كما هددت المحكمة العليا الباكستانية بعزل الرئيس آصف زرداري ورئيس
الوزراء يوسف رضا جيلاني اذا رفضا اعادة فتح تحقيق في اتهامات بالفساد
تطال الرئيس بشكل خاص. ويمثل اعلان المحكمة مرحلة جديدة في النزاع مع
الحكومة منذ نهاية 2009 عندما قرر القضاة الغاء قانون عفو اتاح لزرداري
وثمانية الاف شخص اخر الافلات من تهم بالفساد. واستفاد اكثر من 30
سياسيا من العفو الصادر في 2007 في عهد الرئيس السابق برويز مشرف الذي
كان يسعى الى استمالة السياسيين للبقاء في السلطة قبل انتخابات 2008.
بحسب فرانس بريس
ويتهم زرداري بالفساد والاختلاس عندما كانت زوجته بنازير بوتو رئيسة
وزراء وكان هو وزيرا في تسعينات القرن الماضي. وتشمل التهم تبييض 12
الى 13 مليون دولار في سويسرا. وتتذرع الحكومة بالحصانة التي يتمتع بها
زرداري. وقالت المحكمة العليا انها مستاءة نتيجة "الفشل الصارخ"
للحكومة في تطبيق قراراتها واعتبرت ان جيلاني ليس رجلا "مستقيما".
وقالت المحكمة ان زرداري وجيلاني قد يفصلان من البرلمان وهذا يعني
انهما سيفقدان منصبيهما. ولكن يمكنها كذلك التفكير في خيارات اخرى اقل
حدة مثل تشكيل لجنة خاصة للنظر في القضية. ويرى مراقبون ان المحكمة
العليا المدافعة عن ارساء الديموقراطية ، لن تذهب الى حد نزع الاهلية
عن الرجلين على المدى القصير، حتى لا تضعف الحكومة الضعيفة اصلا والتي
تتعرض لضغوط قوية من الجيش.
التوتر و التحشيد
الى جانب ذلك حشد حزب الرئيس الباكستاني اصف علي زرداري حلفاءه في
الائتلاف الحاكم للوقوف خلفه وسط تنامي التوتر بشأن استقرار البلاد.
وقالت مصادر سياسية ان الحكومة تعتزم ان تطلب من البرلمان التصويت
بالثقة لدعم الزعماء المدنيين للبلاد. لكن بعض حلفاء حزب الشعب
الباكستاني الحاكم أوصوا بألا يضغط زرداري وحلفاؤه كثيرا على الجيش
خوفا من نشوب أزمة ضخمة أخرى في البلد المسلح نوويا والذي يواجه تمرد
حركة طالبان. وقال نائب برلماني عن حزب كبير متحالف مع حزب زرداري في
الائتلاف الحاكم "أخبرتنا الحكومة بشأن عزمها طرح قرار." وأضاف "سندعم
أي قرار من هذا النوع لانه سيكون خطوة لتعزيز الديمقراطية في البلاد
لكن سيكون من الصعب علينا ان ندعم أي قرار يستهدف أي مؤسسة من مؤسسات
الدولة." بحسب رويترز.
وتقول مصادر عسكرية انه على الرغم من أن الجيش يود أن يترك زرداري
السلطة فان ذلك يجب أن يتم عبر الطرق الدستورية وليس عبر انقلاب اخر
مثل الانقلابات التي شابت نصف تاريخ باكستان منذ استقلالها قبل قرابة
65 عاما. ويضع جيش باكستان السياسة الخارجية والامنية للبلاد حتى في ظل
السلطة المدنية لذا فهو في حاجة لسبب كبير مثل تهديد مصالحه الاساسية
لتبرير حدوث انقلاب. لكنه يحجم أيضا عن تولي السلطة كاملة وتحمل
مسؤولية كم من المشاكل منها اقتصاد ضعيف وفقر منتشر وانقطاع الكهرباء
وهو ما سيعرضه للانتقاد الشعبي. ومنصب الرئيس شرفي الى حد كبير في
باكستان. بحسب رويترز
كما تجمع انصار الرئيس الباكستاني اصف علي زرداري عند قبر زوجته
الراحلة بينظير بوتو في الذكرى الرابعة لاغتيالها. وقال لعشرات الالاف
من الانصار "نريد ان نصنع التاريخ لا ان نهيمن على عناوين الاخبار.
أقول لكم ان السياسة -والتي تركناها لرئيس وزرائنا والحكومة- هي فن
الممكن. لكن بناء أمة هي فن غير الممكن واعتقد انني أقدم فن غير الممكن."
ويقول أعضاء حزب الشعب الباكستاني الذي ينتمي له زرداري ان معارضين
يتعاونون مع المحكمة العليا والجيش لاسقاط الحكومة. وتأتي ذكرى اغتيال
بوتو في نفس اليوم الذي بدأت فيه المحكمة العليا المداولات فيما اذا
كانت ستجري تحقيقا خاصا بها حول ما يطلق عليه فضيحة المذكرة.
خريطة للمنشات الرئيسية
من جانب آخر حث رئيس القيادة المركزية الأمريكية باكستان على تقديم
خريطة بمنشاتها قرب الحدود الافغانية للمساعدة على تجنب حوادث مثل تلك
التي أسفرت عن مقتل 24 من القوات الباكستانية. وقال الجنرال جيمس ماتيس
من قوات مشاة البحرية الامريكية وقائد القيادة المركزية ان الدرس
الرئيسي المستفاد من هذه الغارة هو "أن علينا ان نحسن من التنسيق على
الحدود ويتطلب هذا مستوى كبيرا جدا من الثقة من كلا الجانبين على
الحدود."
ومن ناحية أخرى أوقفت وكالة المخابرات المركزية الامريكية الضربات
الصاروخية التي تشنها الطائرات بلا طيار في باكستان والتي تستهدف
متشددين يعتقد انهم يشنون هجمات عبر الحدود.
ويكشف هذا التعليق غير المعلن والذي كانت صحيفة لوس انجليس تايمز
أول من تحدث عنه عدة عوامل منها عدم وجود أهداف فورية ذات قيمة كبيرة
فيما يبدو. والضربات هي عمليات سرية لا تعلن عنها وكالة المخابرات
المركزية الامريكية. بحسب رويترز.
وطلب ماتيس من قائد قوات حلف شمال الاطلسي في أفغانستان الجنرال جون
الين اتخاذ خطوات لتجنب "النيران الصديقة" وتقاسم هذه الخطوات مع الجيش
الباكستاني "ان أمكن" في اشارة فيما يبدو الى استمرار التوترات. وكشف
موقع القيادة المركزية على الانترنت عن أحدث الخطط الامريكية لاصلاح
الضرر كما نشر تقريرا من 30 صفحة للنتائج العسكرية التي توصلت لها
الولايات المتحدة بشأن الغارة الجوية التي أثارت غضبا بالغا في باكستان.
وأعاق هذا الحادث تعاونا باكستانيا امريكيا غير مستقر أصلا في
المعركة التي تقودها واشنطن ضد متشددين اسلاميين يتسللون عبر الحدود
الباكستانية لتقويض الحكومة الافغانية في ظل زعامة الرئيس حامد كرزاي.
وأغلقت باكستان الطرق البرية المستخدمة لتزويد القوات الامريكية
بأفغانستان بالامدادات ردا على الغارة الجوية وأخرجت الولايات المتحدة
من قاعدة جوية استخدمت في اطلاق الطائرات بلا طيار. وقال محققون
عسكريون أمريكيون ان القوات الامريكية لم تتمكن من التحقق من مكان وجود
وحدات باكستانية قبل اصدار أوامر بالهجوم لكنها ألقت باللوم على القوات
الباكستانية في اطلاق النار أولا. ويقول البريجادير جنرال ستيفن كلارك
الذي رأس التحقيق ان عملية بين الطرفين كانت تجري ضد متشددين عندما
تعرضت قوات حلف شمال الاطلسي لنيران قذائف مورتر ومدافع الية من جرف
على الجانب الباكستاني من الحدود.
وطلب ماتيس من الين قائد قوة المعاونة الامنية الدولية (ايساف)
التابعة لحلف شمال الاطلسي في باكستان السعي لكشف كامل عن كل المنشات
على جانبي الحدود في أسرع وقت ممكن.
وأضاف أن هذا يجب أن يقوم على "تحديثات متواصلة تستند الى قاعدة
بيانات وخريطة مشتركة وزيارات دورية تنسيقية متبادلة."وقال محققون
أمريكيون ان أجواء الريبة المتبادلة الشديدة من أسباب الحادث. ولم
تشارك باكستان في التحقيق الامريكي ورفضت نتائجه وقال الميجر جنرال
أطهر عباس وهو متحدث باسم الجيش ان التحقيق "يفتقر الى الحقائق."
علاقات مع اسرائيل
من جانبه قال الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف انه ينبغي
لباكستان ان تدرس اقامة علاقات مع اسرائيل وهي تعليقات من المرجح ان
تغضب الكثيرين في بلد اغلب سكانه من المسلمين ويأمل ان يعود الى الحياة
السياسية فيه. ويقول مشرف الذي يعيش في المنفى بعد ان استقال في 2008
انه يعتزم العودة الى باكستان رغم الاحتجاجات المحتملة ليشارك في
انتخابات برلمانية من المقرر أن تجري عام 2013 .وقد يؤدي حديثه المؤيد
لاقامة علاقات مع اسرائيل الى المزيد من تراجع شعبيته خاصة بين
المتشددين الذين قاموا بمحاولات عديدة لاغتياله عن طريق تفجيرات بسبب
تأييده "للحرب على الارهاب" التي شنتها الولايات المتحدة. بحسب رويترز.
وقال مشرف وهو قائد سابق للجيش لصحيفة هاارتس الاسرائيلية في مقابلة
نشرتها على موقعها الالكتروني "لا يوجد ما نخسره بمحاولة التواصل مع
اسرائيل. "باكستان تحتاج ايضا الى مواصلة اعادة تكييف موقفها
الدبلوماسي تجاه اسرائيل بناء على الحقيقة المجردة وهي أنها موجودة ولن
تختفي." وقد يريح مثل هذا الحديث اسرائيل التي يتزايد قلقها بسبب تحقيق
جماعات اسلامية مكاسب سياسية في دول عربية في اعقاب الانتفاضات الشعبية
التي اندلعت في عدد من دول المنطقة.
واصدرت محكمة باكستانية امر اعتقال لمشرف في فبراير شباط 2011 بشأن
اتهامات بتقاعسه عن توفير تأمين كاف لرئيسة الوزراء السابقة بينظير
بوتو التي اغتيلت في ديسمبر كانون الاول 2007 وينفي مزاعم عن ضلوعه هو
او وكالاته الامنية او الجيش في مقتل بوتو. واعتبر مشرف هاربا من
القانون عندما لم يستجب لاوامر استدعاء من المحكمة. |