بحوث وضع الأجندة (ترتيب الأولويات)

Agenda Setting من سنة 1922 إلى يومنا هذا

الأستاذ سي موسى عبدالله

يرجع الباحثون في تاريخ وضع الأجندة إلى أن أول إشارة مباشرة إلى وظيفة وضع الأجندة "ترتيب الأولويات" ظهرت عام 1958 في مقال (لنورتون لونج Norton Long)، إلا أن أفضل تصريح حول هذه الوظيفة ظهر لدى (برنارد كوهين Bernard Cohen) في كتابه "الصحافة والسياسة الخارجية عام 1963" والذي قال بأن الصحافة يمكن ألا تكون ناجحة كثيرا في أن تقول للناس بماذا يفكرون، ولكنها ناجحة إلى حد كبير في أن تقول للقراء عن الأشياء التي يفكرون حولها.

وهناك نص مباشر لم يلتفت إليه الباحثون من قبل حول وظيفة وضع الأجندة حينما اعتبر (برنارد بيرلسون Bernard Berelson) في مقالته المعنونة "الاتصالات والرأي العام" أن وسائل الإعلام تعد المسرح السياسي للمناظرات الجارية، ويرى أن هناك بعض الدلائل بان المناقشات الخاصة حول المسائل السياسية تأخذ مؤشراتها من عرض وسائل الإعلام لهذه المسائل، إذ أن الناس يتحدثون في السياسة متماشين في ذلك مع الخطوط التي ترسمها الصحافة، وعليه حظيت نظرية وضع الأجندة باهتمام عديد الباحثين وتطورت بذلك وأصبح لها اتجاهات منهجية حديثة في عصرنا الحالي، حيث نرتب هذه الاهتمامات في هذا البحث المقسم إلى ثلاث مباحث:

المبحث الأول: نظرية وضع الأجندة بداياتها ومراحل تطورها؛

المبحث الثاني: أبعاد نظرية وضع الأجندة؛

المبحث الثالث: الاتجاهات المنهجية الحديثة في نظرية وضع الأجندة.

المبحث الأول: نظرية وضع الأجندة بداياتها ومراحل تطورها

- المطلب الأول: مفهوم نظرية وضع الأجندة؛

- المطلب الثاني: خلفية تاريخية لنظرية وضع الأجندة؛

- المطلب الثالث: أبعاد نظرية وضع الأجندة.

المطلب الأول: مفهوم نظرية وضع الأجندة

تعد نظرية الأجندة واحدة من الأطر النظرية التي تبحث في تأثير وسائل الإعلام حيث تهتم بحوث "ترتيب الأولويات" بدراسة العلاقة التبادلية بين وسائل الإعلام والجماهير التي تتعرض لتلك الوسائل لتحديد أولويات القضايا السياسية والاجتماعية التي تهم المجتمع.

ويفترض هذا المدخل أن وسائل الإعلام لا تستطيع أن تقدم جميع الموضوعات والقضايا التي تحدث في المجتمع، وإنما يختار القائمون على هذه الوسائل بعض الموضوعات التي يتم التركيز عليها بشدة والتحكم في طبيعتها ومحتواها، هذه الموضوعات تثير اهتمام الناس تدريجيا وتجعلهم يدركونها ويفكرون فيها، وبالتالي تمثل هذه الموضوعات لدى الجماهير أهمية أكبر نسبيا عن الموضوعات التي لا تطرحها وسائل الإعلام، وعملية الانتقاء اليومي لموضوعات قائمة أولويات وسائل الإعلام وأساليب إبراز أو طمس تلك الموضوعات، وتحريكها صعودا أو هبوطا لا تستهدف إثارة اهتمام الجمهور العام فقط، إنما هي عملية تستهدف – أيضا – صانعي القرار السياسي[1].

وقد أشارت العديد من الدراسات الإعلامية أن دراسة العلاقة ين اهتمامات وسائل الإعلام واهتمامات المثقف يعد تطورا في دراسات وضع الأجندة والاتصال السياسي، وبالرغم من ذلك لم تتكرر هذه الدراسات حيث ينصب التركيز على دراسة العلاقة بين أجندة وسائل الإعلام وأجندة الرأي العام[2].

إن مقترب تحديد الأجندة يعد الأكثر ثراءا من حيث عدد الدراسات والأبحاث التي أنجزت وكذلك عدد البلدان التي أعد فيها فرضياته، وإذا كان البعض ينسبون نظرية وضع الأجندة إلى باحثين اثنين MC Combs and D. Shaw لفضلهما في ابتكار التسمية وتحليل الظاهرة بأدوات أكثر دقة، لكن في الواقع جذور هذه النظرية تعود إل العشرينيات من القرن الماضي، وكذلك هناك مرحلتين تميزان هذا المقترب: ما قبل الثمانينات من القرن الماضي وما بعده، وكل مرحلة تعكس السياقات السياسية والاجتماعية والتكنولوجية التي سادت آنذاك، وأبرز مظاهرها أن دراسات نظرية وضع الأجندة تمت في أنظمة سياسية ديمقراطية مفتوحة وفي عهد ما قبل الثورة الرقمية في قطاع الإعلام[3].

وتحتل دراسات وضع الأجندة أهمية خاصة في المجتمعات الديمقراطية التي تولي عناية خاصة لاهتمامات الرأي العام وتوجيهاته كمداخلات في عملية صنع القرارات ووضع السياسات على كافة المستويات. فيما تهتم الدول غير الديمقراطية بدراسات وضع الأجندة رغبة في إحكام السيطرة على الرأي العام، إذ يتم توظيف وسائل الإعلام لتركيز اهتمام الرأي العام حول قضايا بعينها وكذلك تشتيت انتباه الرأي العام بشأن قضايا أخرى لا يراد له التفكير فيها[4].

يعتبر الثنائي ماكسويل ماكومبس ودونالدشو MC Combs, D. Show من أعطى هذه التسمية لهذا النموذج، ومن لاحظ هذه الظاهرة لأول مرة أثناء الحملة الانتخابية لسنة 1972 بعد أن تمت نفس الملاحظة سنة 1968 خلال الحملة الانتخابية للرئاسة الأمريكية؛ مفادها أن الأفراد أثناء الحملة الانتخابية يأخذون القسط الكبير من المعلومات عن وسائل الاتصال الجماهيرية ومنها يكتسبون معلومات جديدة ويصبحون أكثر إدراكا للعوامل الجديدة التي تؤكد عليها وسائل الإعلام أثناء عملية نقل النقاشات حول الإشكاليات المختلفة أثناء الحملة الانتخابية، وبهذا فإن الافتراض الأساسي لهذا النموذج يلخصه "برنارد كوهن Cohen Bernard" في قوله: "قد لا تنجح وسائل الاتصال الجماهيرية معظم الوقت في تحديد ما يعتقده الجمهور، ولكنها ناجحة بصفة مذهلة في تحديد ما ينبغي أن يفكر حوله هذا الجمهور"[5].

ويضيف ماكومبس وشو MC Combs, Show حول دور الجمهور في ترتيب الأولويات "وضع الأجندة" حيث يقولان: "بينما تلعب وسائل الإعلام دورا رئيسيا في تحديد القضايا العامة اليومية، إلا أنها ليست بالكامل المحددة لأولويات أجندة الجمهور إذ هناك تفاعل بين الصحافة ومصادرها التي تؤثر على أولويات أجندة الصحافة، وأهم من هذا وجود التفاعلات بين الصحافة والجمهور التي تؤثر على ما هو مقبول باعتباره أولويات أجندة الجمهور"[6].

ووضع الأجندة كوظيفة تأثيرية لوسائل الإعلام تتمثل علميا في كونها نصيرا أكبرا في صنع الثقافة السياسية للجمهور، بحيث أنها تربط بين تصور إدراك الناس للواقع السياسي وبين الشؤون والاهتمامات السياسية اليومية، ويمكن أن تلعب وسائل الإعلام من خلال وظيفة ترتيب الأولويات – وضع الأجندة – دورا اجتماعيا بتحقيق الاجتماع حول بعض الاهتمامات عند الجمهور التي يمكن أن تترجم فيما بعد باعتبارها رأيا عاما.

وقد حدد ماكومبس وشو MC Combs, Show العوامل التي تؤثر في وضع الأجندة على مستوى الفرد وعلى مستوى وسائل الاتصال[7]:

- فعلى مستوى الفرد: هناك حاجة الفرد إلى التوجه السياسي والتكيف مع الظروف المحيطة، معدل المناقشات الشخصية، مستوى التعرض لوسائل الاتصال ثم اتجاهات الفرد المسبقة؛

- وعلى مستوى وسائل الاتصال: هناك طبيعة النظام السياسي، طبيعة القضايا المطروحة، مستوى تغطية وسائل الاتصال ثم نوع هذه الوسائل، هذه المتغيرات تؤثر على شروط وضع الأجندة والتي من أهمها:

قيام وسائل الاتصال بعمليات انتقاء واختيار مستمر للمضمون الذي تقدمه وأيضا حاجات ورغبات الجمهور والتي تلعب دورا واضحا في وضع الأجندة.

وبالنسبة لعامل نوع الوسيلة فإن معظم البحوث التي أجريت في إطار نظرية وضع الأجندة أيدت تفوق الصحافة المكتوبة على بقية والوسائل.

هذا المفهوم خاص بعلاقة وسائل الاتصال بالجمهور، ويرى أن وسائل الاتصال هي التي تحدد الأولويات التي تتناولها الأخبار فهي تعطي أهمية خاصة لهذه الموضوعات مما يجعلها تصبح من الأولويات الهامة لدى الجمهور، وهكذا فإن الموضوعات التي يراها المحررون ذات أهمية هي التي يتم نشرها حتى لو كانت غير ذلك في الحقيقة، فإن مجرد النشر في حد ذاته يعطي أهمية مضاعفة لتلك الموضوعات بحيث يراها الجمهور ذات أهمية تفوق غيرها من الموضوعات[8].

وبناءا على ذلك تسهم كثيرا في تشكيل الرأي العام ورؤيته للقضايا التي توجه للمجتمع، فمن خلال التركيز على قضية معينة وتجاهل أخرى تحدد وسائل الإعلام أولويات أفراد المجتمع في الاهتمام بالقضايا المتعلقة بقطاعات متنوعة في المجتمع[9].

وضع الأجندة عملية تقوم بها وسائل الإعلام باختيار ما يوصف بأنه أهم القضايا العامة والمختلفة، لكن قيامها بهذه الوظيفة لا يكون بطريقة مباشرة كأن تخبر الجمهور بأن هذه القضية هي الأكثر أهمية، ولكن يكون ذلك من خلال: تكرار تغطية هذه القضية بشكل أكبر مقارنة بالقضايا الأخرى وتخصيص حيز زمني ومساحة أكبر أو بطريقة استعراضية تجعلها أكثر بروزا[10].

وهذا ما حدد (إيفرت روجرز ودرينج سنة 1988) للتمييز بين القضايا والأحداث لبحوث وضع الأجندات الإعلامية وهذا الاختلاف يمكن قياسه من ناحية المدة الزمنية ومدى بروز الموضوع والأهمية الممنوحة له، فوضع الأجندة في غالب الأحيان تقاس من خلال مستوى التكرار.

المطلب الثاني: خلفية تاريخية لنظرية وضع الأجندة

إن الفرضية الأساسية لنظرية وضع الأجندة مفادها أن أثناء عملية صنع الأخبار تقوم وسائل الإعلام باختيار بعض القضايا من بين الكم الهائل الموجود على الساحة لتضعها في مستهل الأخبار، في الوقت الذي لا تكتسي فيه أهمية في أذهان الجمهور وجزء لا يتجزأ من أجندته القائمة، بعبارة أخرى تحديد الأجندة التقليدية (لأنه يوجد شكل حديث لها) يعني أن تأثير وسائل الإعلام في مجال تكوين الرأي العام يتم بتركيز انتباه الجمهور على من؟ وماذا يفكر؟

هذه الظاهرة وفي زمن عدم وجود التلفزيون كان قد أشار إليها Walter Lippman في كتابه Public Opinion [11].

ويرجع بعض الباحثون في تاريخ وضع الأجندة إلى أن أول إشارة مباشرة إلى وظيفة الأجندة "ترتيب الأولويات" ظهرت عام 1958 في مقال "لنورتن لونج" إلا أن أفضل تصريح حول هذه الوظيفة ظهر لدى "برنارد كوهن Cohen Bernard" في كتابه الصحافة والسياسة الخارجية عام 1963.

إلا أن البعض يرجعها لـ "ليبمان Walter Lippman" الذي يرى أن وسائل الإعلام تساعد في بناء الصور الذهنية لدى الجماهير، وفي الكثير من الأحيان تقدم هذه الوسائل – بيئات زائفة – في عقول الجماهير وتعمل وسائل الإعلام على تكوين الرأي العام من خلال تقديم القضايا التي تهم المجتمع" وعند حديثه عن الاستخدامات الرمزية للسياسات أشار "ليبمان" إلى أن السياسات عبارة عن سلسة من الصورة الذهنية التي يتم نقلها من خلال وسائل الإعلام، وتكون هذه الصور الذهنية "بانوراما" متحركة تقع أحداثها في عالم لا يدركه معظم الجمهور العام"[12].

وهناك نص مباشر لم يلتفت إليه الباحثون من قبل حول وظيفة وضع الأجندة حينما اعتبر "برنارد بيرلسون" 1948 في مقاله المعنون "الاتصالات والرأي العام" أن وسائل الإعلام تعد المسرح السياسي للمناظرات الجارية، ويرى أن هناك بعض الدلائل بأن المناقشات الخاصة حول المسائل السياسية تأخذ مؤشراتها من عرض وسائل الإعلام لهذه الرسائل، إذ أن الناس يتحدثون في السياسة متماشين في ذلك مع الخطوط التي ترسمها وسائل الإعلام... فوسائل الإعلام بهذا المعنى ترشد وتعلم الجمهور عما يتحدثون.

وتبعا لهذا النموذج فإن الجمهور لا يتعلم من وسائل الإعلام فحسب المسائل العامة والأمور الأخرى، ولكنه يتعلم كذلك كم تبلغ المسائل من أهمية تبعا للتأكيد الذي تلقاه من قبل وسائل الإعلام[13].

إن أحد المفاهيم الرئيسية في نظرية وضع الأجندة هو الاختيار الذي تقوم به وسائل الإعلام في عملية قبول أو رفض مفردة من المفردات الإخبارية، وهذا المفهوم كان قدا ابتكره Krut Lewin سنة 1947 حول قرارات ربات البيوت بخصوص شراء مواد غذائية، حيث لاحظ أن تدفق المعلومات عبر بعض القنوات التي تحتوى على "مناطق بوابات"، بخصوص ما إذا كان يسمح للمعلومات أو السلع بالدخول، أو التواصل في القناة.

هذه الفكرة طبقها White 1950 في دراسة قرارات محرر القصص البرقية الخبرية في جريدة أمريكية بشأن قبول البرقيات أو رفضها، والتي اعتبرها (القرارات) النشاط الأهم في حراسة البوابة، وعليه فإن نموذج White شكل الأرضية التي انطلقت منها الأبحاث اللاحقة في عملية اختيار الأخبار من البرقيات الخبرية لوكالات الأنباء، وبالرغم من الانتقادات التي وجهت لهذا النموذج من حيث أنه يتجاهل العوامل البنائية التنظيمية في عملية اختيار الأخبار واعتبر المسألة شخصية – التركيز على المحرر – إلا أن White ساهم باسم في مدرسة بحث كاملة حول المبلغين[14].

وضع الأجندة هي ترتيب الأولويات أو وظيفة المفكرة[15] ترجع الأصول النظرية لهذه البحوث إلى ولترليبمان Walter Lippman الذي أسس لها في كتابه الرأي العام سنة 1922 حين رأى أن وسائل الإعلام تساعد في بناء الصور الذهنية لدى الجماهير، وإن كانت غالبا ما تطرح – بيئات زائفة – وتعمل على تكوين الرأي العام بتقديم القضايا التي تهم المجتمع[16].

لكن الباحثون يعتبرون أن أول إشارة مباشرة للنظرية والإقراء بهده الوظيفة لوسائل الإعلام – نظرا لتجاهلها تماما في الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين – كانت لـ نورتون لونج Norton Long في مقاله سنة 1958 لوضحها أكثر برنارد كوهن Bernard Cohen، إذ أحياها بعد ذلك بنحو أربعين سنة في كتابه الصحافة والسياسة الخارجية عام 1963 حين أكد وجهة نظر ليبمان بقوله: "أن وسائل الإعلام لا تنجح دائما في إبلاغ الجماهير كيف يفكرون (الاتجاهات) ولكنها تنجح دائما في إبلاغهم عما يجب أن يفكروا فيه (المعلومات)"، أي أنها تعلم جمهورها وترشده إلى ما يجب أن يتحدث فيه، فهي قادرة على تعليمه مدى الأهمية التي تكتسبها المسائل والقضايا[17].

المطلب الثالث: تطور نظرية وضع الأجندة

تعود الأصول الفكرية لدراسات وضع الأجندة إلى ما كتبه ليبمان Lippmann عام 1922 عن: "دور وسائل الإعلام في إيجاد الصلة بين الأحدات التي تقع في العالم الخارجي والصور التي تنشأ في أذهاننا عن هذه الأحداث".

وبعد أربعين سنة: أي في عام 1963 كتب كوهن برنارد Cohen Bernard عن قوة وأهمية وسائل الإعلام في تحديد الإعلام القضايا التي يهتم بها المجتمع.

لقد عبرا ليبمان وكوهن عن المعنى الذي إنبثقت منه دراسات وضع الأجندة بعد أول دراسة أمبريقية تحمل هذا المصطلح العلمي الجديد عام 1972 (لمكسويل ماكومبس ودونالد شو MC Combs and Donald Show) وتزامنا مع هذه الدراسة الإمبريقية كانا الباحثان (كوب وألدر Cobb and Elder) يطوران أفكار مشابهة عن وضع أجندة السياسة "وهي العملية التي تنتقل بمقتضاها أولويات وسائل الإعلام إلى أولويات السياسة العامة[18]؛ بمعنى أن القضايا التي تحصل على اهتمام وسائل الإعلام في دولة معينة في فترة زمنية معينة تتبناها الدولة باعتبارها سياسة عامة كون وسائل الإعلام الصوت المعبر عن إحتياجات الرأي العام.

فتم اعتبار نظرية وضع الأجندة "أحدث النظريات العلمية في مجال الإعلام السياسي"[19] أما وضع أجندة وسائل الإعلام فلم يحظ بالاهتمام الكافي، وتم قبول أولويات اهتمامات وسائل الإعلام كما هي دون البحث في العملية التي سبق تشكيلها، والتي تشمل كل التفاعلات بين وسائل الإعلام والمصادر الإخبارية وغيرها في إطار من التنافس والتعاون المحكوم بقيم وممارسات وإجراءات معينة.

في عام 1992 كتب Show and MC Combs أول دراسة نشرت عن وضع الأجندة: "تتسع المجالات البحثية لوضع الأجندة يوما بعد يوم، ويتضاعف التقدير العلمي لهذا التوجه البحثي نتيجة استكشافه للأدوار الفاعلة التي تمارسها الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى في حياتنا السياسية والاجتماعية"[20] وقد تعمق الباحثون في اتجاهات بحثية نظرية ومنهجية جديدة خارج نطاق المفهوم الأول لوضع الأجندة الذي كان سائدا في السبعينات.

وإن أهم ما يميز هذه النظرية العلمية هو قدرتها المستمرة على توليد تساؤلات بحثية جديرة بالبحث واستكشاف مجالات وطرق جديدة، ومن هذا المنطلق تميزت نظرية وضع الأجندة بثلاث سمات أساسية هي:

- النمو المستمر للدراسات التطبيقية في مجال وضع الأجندة منذ أن بدأ الاهتمام بها حتى اليوم؛

- قدرتها على تحقيق التكامل بين عدد من المجالات البحثية الفرعية (الاتصال – السياسة – المجتمع)؛

- قدرتها على توليد قضايا بحثية وأساليب منهجية جديدة.

ورغم مرور أكثر من أربعة عقود خلت على قبول الفرضية العلمية لنظرية وضع الأجندة، فإن عددا من الدراسات أغفلت جانب التكامل في العملية الاتصالية، ولم تنطلق من رؤية تكاملية في دراستها لمصادر التأثير.

وعليه يجب دراسة القيمة التكاملية في إطار النظرية من خلال دراسة أكثر من مكون من مكونات المجتمع مثل الصحافة والمثقف العضوي والرأي العام باعتبار أن ذلك يمثل مطلبا حيويا لنضج البحث العلمي في النظرية، كما أن دراسة كل مكون من هذه المكونات على حدة سيحكم عليه بالعجز والقصور.

تعد نظرية وضع الأجندة من النظريات المتكاملة لاهتمامها بدراسة "الاتصال الشخصي إلى جانب الاتصال الجماهيري"[21] فقد أكدت عديد الدراسات أن الاتصال الشخصي (المثقف العضوي) له دور مهم في بنية النظرية إذ يمكن أن يدعم أو ينافس وسائل الإعلام (الصحافة المكتوبة) في ترتيب أولويات الجمهور (الرأي العام)، بحيث يعزز تأثير هذه الوسائل بالنسبة للقضايا التي تتم تغطيتها بتوسع في وسائل الإعلام، بينما يمكن أن ينافس أولويات وسائل الإعلام فيما يتعلق بالقضايا التي تتم تغطيتها بشكل أقل في تلك الوسائل.

في أواخر التسعينات من القرن الماضي اهتم الباحثان (بروسيوس وويمان Brosius and Wiemann) "بالتكامل بين الاتصال الشخصي والاتصال الجماهيري وإعتبرا هذا التكامل فرضية أساسية في نظرية وضع الأجندة ونموذج إنتقال المعلومات على مرحلتين"[22] وتم المزاوجة لقياس التأثير من جوانب عدة بين وسائل الإعلام وقادة الرأي والجمهور سعيا لتحقيق البعدين التفاعلي والتكاملي في نظرية وضع الأجندة لمعرفة من يؤثر في الآخر.

المبحث الثاني: أبعاد نظرية وضع الأجندة

رغم مرور أربعة عقود خلت على قبول الفرضية العلمية لنظرية وضع الأجندة، فإن عددا من الدراسات التي أجريت في إطارها قد أغفلت أبعادها في العملية الاتصالية ولم تنطلق من رؤية تكاملية وتفاعلية في دراستها لمصادر التأثير، حيث كانت هذه البحوث تقوم بدراسة وسيلة معينة وتغفل وسائل أخرى أو تقوم بدراسة جزئية أو قضية معينة وتغفل القضايا الأخرى، مما أدى إلى تضارب نتائج هذه الدراسات وعدم تناغمها.

إذ تعد نظرية وضع الأجندة من النظريات المتكاملة إلى حد كبير نظرا لاهتمامها بدراسة الاتصال الشخصي إلى جانب الاتصال الجماهيري، ودراسة كل مكون من مكونات المجتمع يمثل مطلبا حيويا لنضج البحث العلمي في النظرية، ودراسة كل مكون من هذه المكونات على حدة سيحكم عليه بالعجز والقصور، حيث عمد الباحثان "بروسيوس وويمان Brosius and Wiemann" في أواخر التسعينات من القرن الماضي إلى دمج المزاوجة بين نظريتي وضع الأجندة ونموذج إنتقال المعلومات على مرحلتين قصد تأكيد بعدي التفاعل والتكامل لمعرفة "من يؤثر في الآخر؟" وعليه نقوم بإدراج المطالب التالية في هذا المبحث على النحو الآتي:

- المطلب الأول: نظرية وضع الأجندة والبعد التكاملي؛

- المطلب الثاني: نظرية وضع الأجندة والبعد التفاعلي؛

- المطلب الثالث: وضع الأجندة نظرية إدراك إجتماعي.

المطلب الأول: نظرية وضع الأجندة والبعد التكاملي

يعتبر التكامل بين الاتصال الشخصي والاتصال الجماهيري فرضية أساسية في نظرية وضع الأجندة وأيضا في نظرية إنتقال المعلومات على مرحلتين، حيث قال كل من بروسيوس وويمان Brosius and Wiemann في أواخر عقد التسعينيات من القرن الماضي إلى دمج المزاوجة بين النظريتين والخروج بنموذج جمع بين فرضياتهما أطلقا عليه نموذج "تدفق أولويات المعلومات على مرحلتين" ويقوم هذا النموذج بدراسة اتجاه التأثير من جوانب عدة بين وسائل الإعلام وقادة الرأي والجمهور سعيا منهما لتأكيد البعدين التكاملي والتفاعلي في نظرية وضع الأجندة.

من خلال الجمع بين عملية وضع الأجندة وقيادة الرأي، لإختبار الفرضية القائلة بانتقال الأجندة على مرحلتين من وسائل الإعلام إلى القادة ومنهم إلى الجمهور، وتعتمد هذه الدراسات على مقياس قوة الشخصية للتعرف على قادة الرأي، ويرجع الفضل في تطوير هذا المقياس واستخدامه إلى Weinsman Narmann، ويتكون المقياس من عشرة جمل ويهدف إلى قياس قيادة الرأي العام من خلال تفاعلها مع وسائل الإعلام وتأثيرها في أجندة الجمهور، وقد أختبر المقياس أكثر من مرة في الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وإسرائيل وأدى إلى ظهور نموذجين"[23].

- الأول هو نموذج المنافسة Competition Model وفكرته أن وسائل الإعلام وقادة الرأي يتنافسان معا في وضع اهتمامات الجماهير؛

- الثاني هو نموذج الاختلافات الشخصية: ويفترض أن التباينات الفردية على المستويات السياسية والاجتماعية والديمغرافية هي الأساس في تأثير وضع الأجندة؛ أي أن وسائل الإعلام لا تحقق نفس التأثير لدى كل الأفراد وبنفس الدرجة والقوة.

يشير ماكومبس ودونالد شو إلى الجانب الآخر للنظرية حيث يتحدثان عن دور الجمهور في وضع أجندة وسائل الإعلام بقولهما أن لهذه الأخيرة دور رئيس في تحديد القضايا العامة اليومية، لكنها ليست المحددة لأولويات الجمهور، نظرا للتفاعل الحاصل بينهما وبين مصادرهما بالشكل الذي يؤثر في وضع أجندتها نفسها، والأهم تلك التفاعلات الكائنة مع جمهورها بحيث تأخذ في اعتبارها ما هو مقبول لديهم[24]

ما يستعرضه لانج ولانج حيال حديثهما ما يسمى بعملية بناء أجندة وسائل الإعلام Agenda Building التي تمثل في ذاتها موضوعا أكثر تعقيدا من مفهوم وضع الأجندة Agenda Setting[25]، إذ يستغرق انتقالها من الطرف الثاني في العملية الاتصالية (الملتقى) إلى الأول (القائم بالاتصال) وقتا طويلا"[26].

يستخدم الأفراد وسائل الإعلام كأعضاء في حشد، كذا تبعا للفروق الفردية بينهم، ولأن لكل وسيلة إعلامية أجندتها الخاصة فإنها تعمل على نقلها من خلال التأثير المستتر أو حتى الطريق الواضح المباشر بما أنها تتعامل معه كمجتمع جماهيري (إن لم نقل بشكل أصدق تعبيرا يحتفظ بخاصية المعنى اللغوي: ككتلة جماهيرية) أو ربما يتعلق احتمال إتباع أحد الأسلوبين في التأثير أساسا بطبيعة هذه السمات الشخصية التي أقرت بها النظرية للمتلقين مع تضافر ذلك بمتغير الزمن الذي يتطلب هذا الانتقال من وسائل الإعلام لمستخدميها. يتقبل الفرد أجندة وسائل الإعلام ويتبنى أسلوبه التراتبي للقضايا والموضوعات، فيقتنع بما يعتبره أولويات وما يضيفه في خانة الثانويات بالشكل الذي يعمل في مراحل لاحقة على بناء معارفه والتأثير على اتجاهاته تدعيما أو تغييرا، فإن النظرية تعترف بقدرة وسائل الإعلام على تشكيل الحياة الاجتماعية؛ أي أن تدخلها في تكوين معرفة الأفراد، والتأثير على مواقفهم يكون وساطيا من خلال وظيفة المفكرة.

الملاحظ على النظرية أنها تدخل بفرضية تنفتح على عدة احتمالات، ذلك بأنها تقضي بأن وسائل الإعلام تنجح في جعل مستخدميها يفكرون في القضايا التي تحددها لكنها لا تكون كذلك فيما يتعلق بتلقينهم طريقة التفكير فيها؛ أي في هذا الذي تقدم – بفعالية – على أنه يجب التفكير فيه.

كأن النظرية تقر بأن وسائل الإعلام تقيد الأفراد في جانب لتتيح لهم كل الحرية فيما عدا ذلك، فهي تحدد خياراتهم، تفرض عليهم أولويات ولكنها لا تتدخل في طريقة تعاملهم معها. وعليه فهم يتحركون داخل هذه الفئات أو المجموعات الكبرى التي تضعهم فيها وسائل الإعلام وفقا لقناعاتهم وتصوراتهم الخاصة بها؛ يعني أنهم سيصلون تتبعا لهذه المتغيرات المتاحة أيضا، إلا أنه لا داعي للتفكير ضمن هذه الأطر المنمطة إعلاميا والقوالب الجاهزة مسبقا "للاستهلاك الجماعي، فيتحولون بالتالي عن التفكير في أولويات وسائل الإعلام إلى أخرى لا تقع قط في أجنداتها.

أي الفرضية الأساسية تسمح بالجدل الحاصل بين (الوضع، البناء)، لأنه يغيب عن وسائل الإعلام أساليب الإقناع بما يعني أنها تنقل مفكراتها إلى الجماهير المتلقية بفعل التأثير التراكمي لأنها لا تنجح إذا ما تبنت غيره أسلوبا لذلك.

تعد فرضية النظرية غير صارمة في الطرح، إذا يفسح المجال للجمهور – التي تقول بسلبيته – لأن يبنى أجندة الإعلام بدلا من أن ينتظر منه وضعها له، لاسيما وأن أسلوب الأخير (التأثير التراكمي) يبقى معلقا بخيار تكرار التعرض الخاص بالمتلقي، حيث تقل فعالية هذا التأثير إذا ما قوبل بانخفاض درجة استخدام الفرد لوسائل الإعلام، ليس هو الحال طبعا مع إستراتيجيات الإقناع التي قد تكفل حدوث التأثير حتى في وجود تعرض عرضي وبالتالي تعمل على تكثيف التنشيط للتحول عن التلقي الصدفوي لآخر مقصود.

تقدم وسائل الإعلام – وفق النظرية – لجمهورها واقعا إعلاميا على أنه الواقع الاجتماعي من خلال تكرار المحتويات ذاتها، أي دون استخدام الاستمالات العاطفية والعقلية، كذلك استمالات التخويف كأساليب اقناعية، فتأتي المضامين المعروضة خالية من هذه المحاولات ومكتفية بتكرار العرض الذي يفتقد في ذاته تبريرا لطبيعته كخيار. وتعتبر الأجندة أن وسائل الإعلام تشكل الحياة الاجتماعية للأفراد حيث تبني معرفتهم وتؤثر على اتجاهاتهم وساطيا من خلال وظيفة المفكرة التي تصبح بهذا المعنى أهم وظائف الإعلام، باعتبار أن تأديتها بالفعالية المطلوبة يكفل المرور إلى بقية الوظائف تلقائيا، الفعالية التي تكرس حتى وهي تنفض عنها الأساليب الإقناعية.

تأسيسا على هذا الفهم تقدم النظرية مفهوما جديدا لسلبية الجمهور بإسقاط دور الاتصال الشخصي وأهميته والانقياد للوسيلة الإعلامية كمرجعية أولى ونهائية.

ما يدعو إلى التساؤل كيف تعترف النظرية بالفروق الفردية للمتلقي، بالنسق الاجتماعي الذي يقبع فيه وتغيب عنه في الوقت نفسه الاتصال الشخصي لتنظر إليه كعضو في حشد؟ هذا مع إقرار بفعالية العنصر الزمني في إحداث التأثير.

المطلب الثاني: نظرية وضع الأجندة والبعد التفاعلي

يتكون نظام وضع الأجندة في هذه الدراسة من ثلاثة نظم فرعية (الصحافة المكتوبة – المثقف العضوي- النظام السياسي)، وإذا كانت هذه النظم تعبر عن اتجاهات بحثية منفصلة في بداية نشأتها، فإن الاتجاه الحديث والأقرب إلى الواقعية تبنى وجهة النظر القائلة بديناميكية العلاقة بين هذه النظم.

فالباحث عن التفاعل بين هذه النظم يمكن أن يتوصل إلى علاقات التأثير المتبادل والدائري على النحو الآتي:

1- أجندة المثقف العضوي تساهم في وضع أجندة وسائل الإعلام؛

2- أجندة وسائل الإعلام تساهم في وضع أجندة النظام السياسي؛

3- أجندة المثقف العضوي تساهم في أجندة الرأي العام بأسلوب غير مباشر من خلال تأثيرها في أجندة وسائل الإعلام؛

4- أجندة المثقف العضوي تساهم في أجندة النظام السياسي بأسلوب غير مباشر من خلال تأثيرها في أجندة الرأي العام ووسائل الإعلام.

هذا التفاعل يعبر عن نظم مفتوحة تؤثر في بعضها البعض فمخرجات أجندة المثقف العضوي كنظام فرعي يؤثر في النظم الفرعية الأخرى ذات الصلة مثل نظام الرأي العام ووسائل الإعلام والنظام السياسي ووسائل الإعلام الأخرى ويمكن أن يكون هذا التأثير متبادل، وعلى هذا النحو تتبنى دراستنا في وضع الأجندة كأول تطبيق في الجزائر لمنهج تحليل النظم، ومن المفترض أن النظم الأقوى تؤثر في النظم الأقل قوة، وهذه تؤثر في النظم الأضعف منها.

كما أن النظم في أعلى الهرم تؤثر مباشرة في النظر الواقعة في قاعد الهرم، إذ تصورنا أن النظم أعلى هي الأقوى.

من المعتقد كذلك بقاء هذه النظم الفرعية في حالة لا تقوم على الانفتاح والتفاعل سوف يعمل في اتجاه تقويضها، لأن الانغلاق لم يعد ممكنا في ظل ثورة معلومات القرن الحادي والعشرين.

وما لم تبين النظم المغلقة سياسات عامة تحبذ الاستجابات لمخرجات الرأي العام والإعلام وفق المفهوم السابق للتفاعل بين النظم الفرعية فإنها قد تواجه بمشكلات الضغوط الدولية التي باتت تقنن التدخل الخارجي لتغير النظم السياسية، وانتهاك قوانين السيادة الدولية تحت دعاوى حقوق الإنسان أو مقاومة الإرهاب أو أي دعاوى أخرى تصدرها باسم الأمم المتحدة.

من الملاحظ أن تأثير وضع الأجندة يعمل بشكل متوازن في النظم الديمقراطية، حيث لا يوجد مصدر واحد للتأثير الذي ينبثق من اتجاهات متباينة من قمة الهرم إلى قاعدته ومن القاعدة إلى القمة، ومن منتصف الهرم إلى أعلاه أو أدناه وهكذا، والافتراض المقابل لذلك أن النظم غير الديمقراطية تجعل تدفق تأثير وضع الأجندة غير متوازن وغير متبادل في اتجاه واحد.

نظرية المجموع الصغرىOf a Zero – Sum Theory Agenda:

 تعبر عن التفاعل وترى النظرية أن عملية وضع الأجندة ليست إلا مباراة صفرية حيث يؤدي ظهور قضية جديدة إلى اختفاء قضية قديمة نتيجة الطاقة المحدودة التي لا تتسع لعدد لانهائي من القضايا[27].

كما أن طبيعة عملية وضع الأجندة تقوم على الفرز والانتقاء والترشيح مما ينتج عنه بالضرورة إنقاص لعدد القضايا التي يشملها أي نظام أجندي فرعي، يقسم الباحث Hua –Zhu Jain صاحب نظرية المجموع الصفرى لوضع الأجندة Of a Zero-Sum Théory Agenda-Setting النظام العام لوضع الأجندة إلى النظم الفرعية الآتية[28]:

1- أجندة جماعات المصالح: وهي تحظى بالشرعية في النظم الديمقراطية، خاصة مع تزايد مكانة الأحزاب السياسية من جانب وتزايد أهمية تكنولوجيا الاتصال من جانب آخر، ودفع تزايد عدد جماعات المصالح إلى استعمال المنافسة فيما بينها وإنزواء الجماعات الضعيفة التي لا تلبي احتياجات الجماهير.

2- أجندة وسائل الإعلام: انفجار المعلومات في هذا العصر لم يرتبط به زيادة في حجم القضايا والأولويات التي تثيرها وسائل الإعلام، فكم القضايا لم يتغير بعد، وقد أشارت كثرة دراسات الإعلام السياسي إلى أن الرأي العام في أي لحظة زمنية يتراوح اهتمامه ما بين خمس إلى ثماني قضايا كحد أقصى، ليبقى الاختلاف في نوع القضايا من حقبة زمنية إلى أخرى دون تغير في حجمها.

3- أجندة الجماهير: هناك ثلاثة عوامل تؤثر في حجم أجندة الجماهير: قيود الوقت، القدرة على الوصول لوسائل الإعلام والحالة النفسية، فقد يؤدي التعرض لمصدر معين إلى إنقاص التعرض لمصدر آخر، وهناك طاقة محدودة لتمثيل المعلومات بالإدراك والتذكر والانتقاء، فالنظام المعرفي للإنسان يتعامل مع المعلومات الزائدة عن طاقتة بإستراتيجيتين هما: التوقف أو الامتناع عن الحصول على المعلومات الجديدة، أو الاستمرار في الحصول على المعلومات الجديدة مع التقليل من أهميته المعلومات الحالية، كما تمارس القيود النفسية تأثيرها على المستوى العاطفي، فهناك قضايا تحتل موقعا متقدما في اهتمامات الفرد لحساسيتها وهناك اهتمامات إضافية، ويرتبط بزيادة الاهتمامات المركزية إنقاص المرء باهتماماته الهامشية والعكس صحيح.

4- أجندة النظام السياسي: تتحدد أجندة النظام السياسي اعتمادا على ذات القيود التي تؤثر في أجندة الجماهير، مع مراعاة الموارد المحدودة التي لا تستطيع إشباع كل الاحتياجات والمتطلبات المثارة، لتبقى الطاقة الاستيعابية المحدودة للجماهير هي التي قيدت النظام العام لوضع الأجندة، فهناك وعي ضمني لدى باحثي وضع الأجندة الأوائل لهذه القيود، تتضح معالمه من دراستهم لعدد محدود من القضايا في أجندة وسائل الإعلام والجماهير، إلا أن هذا المنهج لم يرض الباحثين عن اتجاه السببية، ولذا ظهر أسلوب تحليل السلسلة الزمنية (TSA) الذي يسمح بتتبع علاقة السبب والنتيجة في قضية واحدة، وإن كان هذا المنهج يتجاهل نظرية المجموع الصفري لوضع الأجندة، لكن التحدي المفروض علينا الأخذ بمزايا تحليل السلسلة الزمنية ونظرية المجموع الصفري التي تتطلب دراسة أكثر من قضية، وهو ما اعتمدت عليه دراسة [29] Hua – Zhu Jan والتي انتهى فيها أن أجندة الجماهير تتبادل المواقع من وقت لآخر.

المطلب الثالث: وضع الأجندة نظرية إدراك اجتماعي

سبق وأن أشرنا أنا Brosius, Wiemann اعتبرا نظرية وضع الأجندة من النظريات المتكاملة لاهتمامها بدراسة الاتصال الشخصي إلى جانب الاتصال الجماهيري بصياغة نموذج وضع الأجندة وانتقال المعلومات على مرحلتين[30] مما يحقق للأفراد إدراك وفهم لمحيطهم الاجتماعي بأكثر واقعية، بعد التعرض لمضامين وسائل الإعلام والنقاشات الناجمة عن الاتصال الشخصي بزعامة قادة الرأي.

وهذا يبرز أهمية نظرية وضع الأجندة في إدراك الواقع الاجتماعي عكس النظريات السابقة، - نوال نيومان N.Neumann: نظرية لولب الصمت – التي ترى أن الأفراد تحت ضغط هاجس الخوف من العزلة يبذلون جهدا في مراقبة محيطهم الاجتماعي، في محاولة لرصد توزعات الآراء حول قضية ما، وما مدى تطابقها أو تعارضها مع آرائهم الشخصية، وهكذا تعمل وسائل الإعلام على تضييق نطاق الآراء المقبولة وتنشر الآراء المزيفة للواقع والمعممة التي يتبناها الأفراد باعتبارها آراء الجماعة خوفا من العزلة.

لكن في إطار نظرية وضع الأجندة الفرد بمقدوره مباشرة اتصال شخصي مباشر مع جزء من هذا الواقع البالغ السعة والتعقيد بالموازاة مع وسائل الإعلام ومضاعفتها لحجم ما يصل إلى أسماعنا وأبصارنا من هذا الواقع.

فقد برز بين الباحثين التأكيد على التمييز بين الواقع الاجتماعي الحقيقي أو الموضوعي، وذلك الذي تقدمه وسائل الإعلام وندركه من خلالها.

ربما يكون Lippmann 1922 في مؤلفه الكلاسيكي (الرأي العام) من أوائل من أشار إلى هذا التفاوت بين الواقعين، إذ عنون فصله الأول "العالم في الخارج والصورة في أذهاننا The World Out Side And The Pictures In Our Heads" معتبرا إدراكات الأفراد للواقع الاجتماعي إنما تشكله التفسيرات التي تقدمها الصحافة (في زمنه) للأحداث والقضايا والشخصيات التي تغطيها.

إزاء هذا يكتب (ميلفين ديفلير وساندرا بال) معلقين: "إن رأي Lippmann بأن الصحافة تخلق صورا في أذهاننا – أو أوهاما – وأن هذه الصورة تقدم لنا معرفة عن الواقع وتشكل سلوكنا"[31]،فقد شغل الباحثان تفسير هذا التباين بين الواقعين: الموضوعي مقابل ذلك المدرك عبر وسائل الإعلام،وتم تفسيره في نظرية وضع الأجندة بثلاثة مستويات:

1- التزويد بالمعلومات: الصحافة حسب كوهن 1963 "ناجحة بصفة مذهلة في تزويد الناس بالأشياء التي يفكرون حولها" ليؤكد ذلك MC Combs and Shaw 1986 بالتوافق الكبير الذي توصلا إليه بين مستوى الاهتمام الذي يحضى به موضوع ما في الصحافة ومستوى الاهتمام الذي يحظى به ذات الموضوع لدى الجمهور بعد تعرضه للصحافة لتصبح حسبهم أجندة الجمهور هي نفسها أجندة الصحافة.

2- التأطير: التأطير هو بصمة السلطة، فهو يسجل هوية الفاعلين والمصالح التي تنافس لكي تهيمن على النص[32] كمستوى ثان من وضع الأجندة، وتعالج بحوث التأطير الكيفية التي تعرض بها القضايا من قبل وسائل الإعلام، والآثار المحتملة لطرق العرض تلك على إدراك الجمهور لتلك القضايا.

فلدى بحثه تأثيرات التأطير في أخبار التلفزيون عمد Iyengar سنة 1991 إلى معالجة الاستجابات لتقارير الأخبار، والتي صنفها إلى[33]:

أ‌- حلقاتية Episodic: وهي التقارير التي تركز على أهداف خاصة أو قضايا محددة (تأطير حلقاتي Episodic Framing)؛

ب‌- موضوعاتية Thematic: وهي التقارير التي تركز على السياق الأوسع والأشمل للقضايا المعروضة (تأطير موضوعاتي Thematic Framing).

وبعد دراسة عدد من القضايا السياسية وجد Inyengar تاثيرات مهمة للتأطير على مفهوم وإدراكات المبحوثين لهذه القضايا.

فلدى تناوله للقصص الخبرية حول الفقر أظهرت تجاربه أن التأطير الحلقاتي يقود المشاهد إلى تحميل الفقراء مسؤولية معاناتهم، بينما يقود التأطير الموضوعي المشاهد ذاته إلى الاعتقاد أن المجتمع هو المسؤول عن الفقر.

كما وجد Iyengar أن معظم القصص الخبرية حول الفقر هي من صنف الحلقات. واستنتج أن إطار الأخبار المهيمن فيما يخص الفقر، يعمل على تحويل المسؤولية من المجتمع إلى الفقراء، والحال نفسها تنسحب عن الجريمة، إذ يحمل الجناة في ظل تجاهل تام لدور عوامل هامة كالحرمان والتمييز، تدني العملية التربوية...الخ. من جهة أخرى يشير التأطير أيضا إل اللغة الرمزية والخيال الذي يشكل معنى حدث سياسي.

3- توجيه الاهتمام The Priming: يفترض توجيه الاهتمام من قبل وسائل الإعلام Media Priming انتقاءها بعض الأخبار لتغطى، بينما تتجاهل أخرى، الأمر الذي يؤثر على الكيفية التي يكون بها الأفراد أحكامهم على القادة السياسيين والقضايا السياسية المختلفة، كما يشير توجيه الاهتمام حسب Price and Tewksbury[34] إلى اتجاه أفراد الجمهور إلى تقييم قادتهم السياسيين على أساس القضايا والأحداث التي تم إيلاؤها اهتماما أكبر في التقارير الصحفية الأخيرة.

مثال ذلك، استخدم Rosicki منظور توجيه الاهتمام في وسائل الإعلام لدراسة نسب التأييد Approval Rating لأداء الرئيس جورج بوش الأب من أوت 1990 إلى نوفمبر 1992، ووجد أن تقييم الجمهور للرئيس كان يتأثر إيجابيا بهيمنة حرب الخليج على القصص الخبرية، ثم تحول سلبيا مع تحول التغطية نحو الاقتصاد الذي كان يشهد ركودا.

وعليه لا يفترض توجيه الاهتمام أن تقول وسائل الإعلام للجمهور أن جورج بوش الأب يقوم بأداء جيد لأننا نربح الحرب، أو أنه يقوم بأداء سيء لأننا نعاني اقتصاديا، ولكن تركيز وسائل الإعلام على أي من القضيتين يجعلها الأبرز في ذهن الفرد، ليسند إليها كمرجع أو مؤشر على طبيعة أدائه.

ويقول D.Shaw: "إن فرضية الأجندة[35] لا تعتقد أن الإعلام يرمي إلى الإقناع، إن الإعلام الذي يصف ويحدد الواقع الخارجي يقدم للجمهور قائمة حول الموضوعات التي يمكن يناقشها أو أن يشكل رأيا حولها، فالسمة الأساسية لهذه النظرية تكمن في فهم الناس لجزء كبير من الواقع الاجتماعي يأتي أساسا من الإعلام"[36] ويمكن توضيح ذلك بالنموذج التالي[37]:

 

تهتم بحوث وضع الأجندة بدراسة العلاقة التبادلية بين وسائل الإعلام والجماهير التي تتعرض لها من خلال تحديد أولويات القضايا التي تهم المجتمع، حيث تفترض النظرية أن القائمين على وسائل الإعلام ينتقون بعض الموضوعات ليتم التركيز عليها والتحكم في طبيعة محتواها، إذ لا يمكنهم طرح كل الأحداث والقضايا التي تحدث في المجتمع، بحيث يأخذ هذا الانتقاء التركيز في إثارة اهتمامات الجمهور تدريجيا، فيدركونها، يفكرون بها ويقلقون بشأنها، لتمثل لهم أهمية نسبية أكثر من تلك التي لم تطرح إعلاميا[38].

حيث اتضح للباحثين في المجال أن آليات التأثير أكثر تعقد مما أعتقد في البداية، ما يظهر على المتلقي حين يتأثر بمادة المواضيع البعيدة عن حياته اليومية، إذ تصبح لديه اهتمامات بالسياسة والقيم الديمقراطية – مثلا- في الوقت الذي يبدو أقل اهتماما إزاء ما يعنيه ويمسه بصورة مباشرة وهو الشيء الذي تتصدى الأجندة لدراسته، أي إشكالية هذه المسافة بين الموضوع والمتلقي، ومفاهيم المفهومية Identification انعكاس، انتقال وإحداث البعد الذاتي حيال القضايا القريبة ليجد المتلقي نفسه في مواضيع لا تعنيه إن لم تكن بعيدة تماما عنه[39]، تبعا لذلك تركز النظرية على مقدرة وسائل الإعلام في تغيير الاتجاهات وفقا لنموذج الآثار الموحدة في دراسات الإعلام المبكرة[40].

رزم الواقع التي لا يلتقطها المتلقي مباشرة، ولا يحددها بصورة اتصال تبادلي على مستوى الحياة اليومية، تجعله يعيش هذا الواقع فقط عبر وساطة رمزية يقوم بها الإعلام الجماهيري. وبالتأكيد على هذه التبعية المعرفية المتصاعدة للإعلام الجماهيري تفترض الأجندة رائزا مباشرا – وإن لم يمكن فوريا – على المتلقي في مستويين:

- يتعلق الأول بجدول الأعمال، الموضوعات، الإشكاليات والمشكلات التي يطرحها الإعلام؛

- في حين يتصل الثاني بالتراتبية حسب الأهمية والأولوية التي يتم على أساسها تنظيم هذا الجدول، لذا يكون تأثير المضمون الإعلامي - وفقا للأجندة- وساطيا غير مباشر وخاضعا لطبيعة الاتجاهات الموجودة سابقا لدى المتلقي، وفضلا عن هذه العناصر التأثير المباشر والطويل الأمد.

تدخل الأجندة متغيرات أخرى تجعله – التأثير – عملية معقدة ومشروطة؛إذ تعترف بالخصائص السيكولوجية والاجتماعية للمتلقي، وكذا أهمية الاتصال الشخصي في تحديد الروائز النهائية لمضامين الإعلام على الجمهور.

المبحث الثالث: الاتجاهات المنهجية الحديثة في نظرية وضع الأجندة

عرفت بحوث وضع الأجندة Agenda setting ثلاثة اتجاهات بحثية ذات طبيعة بينية، أوجدت أرضية مشتركة بين علوم الإعلام والاتصال والعلوم السياسية وعلم الاجتماع وعلم النفس، وعلى الرغم من أن هذه الاتجاهات الثلاث تجتمع حول سمة أساسية وهي البحث في نشوء وانتقال القضايا من دائرة معينة إلى دائرة أخرى (الأعلام – الجمهور – السياسة)، إلا أنها تكاد تفتقر إلى الإطار العلمي المتكامل الذي يجمع بينها، وقد أشار الكثير من الباحثين إلى الحاجة الماسة لتكوين الإطار الشامل الذي يسمح بإبراز التفاعل بين هذه المستويات الثلاث.

وعليه يتوقف مستقبل دراسات وضع الأجندة على براعة الباحثين في عدم الاقتصار على دراسة كل نظام فرعي لوضع الأجندة على حدة، والبحث في تصور منهجي كلي يفحص التفاعل والديناميكية والتأثير المتبادل بين الإعلام والرأي العام والسياسة في إطار ما يسمى بمنهج تحليل النظم من خلال الجمع بين الاتجاهات البحثية الثلاثة في نفس الدراسة على النحو الآتي:

- المطلب الأول: الاتجاه الأول (وضع أجندة الجمهور Public Agenda-Setting)؛

- المطلب الثاني: الاتجاه الثاني (وضع أجندة وسائل الإعلام Media Agenda-Setting)؛

- المطلب الثالث: التطورات الحديثة في دراسات وضع أجندة الجمهور.

تقسيم أبحاث وضع الأجندة إلى مقترب تقليدي وآخر حديث هو في الواقع تقسيم لمستويين من الاهتمام:

المستوى الأول الذي تم استعراضه ويتعلق الأمر بالفرضية الأساسية للنظرية التي وضعها الباحثان MC Combs and Show وكان يهتم بالإجابة عن الأسئلة التقليدية الخمسة من؟ وماذا؟ وبأية وسيلة؟ ولمن؟ وبأي تأثير؟ والإجابة على هذه الأسئلة وحسب أظهرت محدودية فرضية وضع الأجندة بالرغم من التبصيرات التي ساهمت بها في فهم عملية التأثير التي تقوم بها وسائل الإعلام على الرأي العام.

ففي عصر ما بعد الاتصال الجماهيري تساءل علماء الاتصال الجماهيري عن موقع نظرية وضع الأجندة في بحوث الاتصال السياسي والرأي العام في عصر المعلومات هل تخضع لنفس الظروف والمتغيرات التي خضعت لها منذ سنوات قليلة؟ فالنظرية العلمية هي في المقام الأول نتاج بيئة متكاملة تحكمها أبعاد الزمان وشروط المكان، وقد أدت تكنولوجيا الاتصال إلى تجزئة الجمهور إلى قطاعات عديدة ومتبانية، ولم يعد بإمكان وسيلة إعلامية واحدة أن تسيطر على سوق المعلومات، فالمتلقي أصبح بإمكانه أن يتعرض لمئات المصادر التي يختارها ويتفاعل معها لحظة بلحظة.

فيرى حمادة بسيوني: "رغم هذا التغيير الكبير إلا أن وسائل الإعلام لم تفقد دورها في هذا العصر الذي تكاثرت فيه وسائل الاتصال وانشطرت فيه قطاعات الجماهير إلى أجزاء صغيرة، فلازلنا نذكر نجاحها في وضع أجندة الرأي العام العالمي بشأن أحداث الحادي عشر من سبتمبر"[41] الأمر الذي يؤكد بقاء الدور والتأثير القديم.

المطلب الأول: الاتجاه الأول (وضع أجندة الجمهور Public Agenda-Setting)

بدأ هذا الاتجاه البحثي على يد MC Combs and Shaw ويتخذ من أولويات اهتمامات الجمهور متغيرا تابعا لها وتندرج الدراسات في هذا المجال البحثي من الناحية المنهجية إلى أربع فئات:

- اعتماد الباحث على معلومات تجميعية من الجمهور Grouped؛

- اعتماد الباحث على معلومات فردية على مستوى كل فرد على حدة Ungrouped؛

- دراسة قضية واحدة One Issue؛

- دراسة مجموعة من القضايا Set of Issues.

1- الفئة الأولى: يسأل الباحث الأفراد الخاضعين للبحث عن القضايا التي يهتمون بها في فترة زمنية معينة، وقد يجب كل فرد بقضية أو اثنين أو أكثر، ويتم تجميع هذه القضايا مجتمعة في ترتيب حسب تكرار كل منها، أي أن الأجندة التي تصل إليها الدراسة تعبر عن وجهة نظر الجمهور ككتلة واحدة لكنها لا تعكس بالضرورة الاهتمامات الخاصة بكل فرد، وبمقارنة أولويات الجماهير بتلك السائدة لدى وسائل الإعلام تؤثر في توزيع أهم القضايا بين الجمهور وتضع أجندة الجمهور، وتشير نتائج الدراسات في هذه الفئة إلى أن هناك "علاقة ارتباط قوية بين أولويات اهتمامات وسائل الإعلام والجماهير ويزداد هذا الإرتباط قوة مع القضايا التي تمثل وسائل الإعلام المصدر الوحيد للمعلومات بشأنها فيما عرف باسم القضايا غير التطفيلية Unobtrusive Issues، كما انتهت هذه الدراسات إلى أن التأثير يقع من وسائل الإعلام على الجمهور ولا يحدث في الاتجاه المعاكس"[42].

2-الفئة الثانية: تعتبر أجندة وسائل الإعلام مجموعة من القضايا يصل إليها الباحث من تحليل مضمون وسيلة أو سائل الإعلام الخاضعة للبحث، فيما يتم قياس أولويات اهتمامات كل فرد من أفراد الجمهور منفردا، فالباحث وفقا لهذا المدخل يفترض أن تركيز وسائل الإعلام على قضايا معينة يحقق نفس الترتيب لذات القضايا على كل الأفراد، لكن هذه الفرضية لم تراع الاختلافات الفردية التي تدفع كل متلقي على حده إلى أن يكون له رؤيته الخاصة في التعامل مع وسائل الإعلام التي تنعكس على مدى تأثره بما تراه مهما من أولويات وهذه الفرضية غير قائمة على دراسة متأنية لواقع العلاقة بين الإعلام والجمهور.

3-الفئة الثالثة: يقوم الباحث بدراسة قضية واحدة في كل وسائل الإعلام والجمهور، ويتم قياس أجندة الجمهور بأسلوب تجميعي، وتسير بحوث هذه الفئة إلى درجة عالية من الاتساق بين قضايا الطرفين: الجمهور والإعلام.

4-الفئة الرابعة: يتخذ الباحث من المعلومات الفردية لا التجميعية أداة لقياس أجندة الجمهور فضلا على التركيز على قضية واحدة.

لكن هذا التصنيف رغم أنه يأخذ من التصميم المنهجي معيارا يحتكم إليه، إلا أنه يتجاهل طبيعة المتغيرات الوسيطة فهناك مداخل بحثية أخرى تمثل إضافة قيمة تثري البحث الإعلامي ووضع الأجندة:

1- المدخل الأول: اختيار الفرضية الرئيسية لنظرية وضع الأجندة بأن هناك: "ارتباط بين أولويات وسائل الإعلام وأولويات الجماهير والكشف عن العوامل الوسيطة التي يمكن أن تقوي أو تضعف العلاقة بين المتغيرات"[43] مثل نوع وسائل الإعلام والخصائص الديمغرافية لجمهور وسائل الإعلام والاستعداد الشخصي للفرد لتقبل الموضوعات التي تثيرها وسائل الإعلام باعتبارها قضايا مهمة، وطبيعة القضايا التي تحظى باهتمام وسائل الإعلام، وأثر تفضيل المرء لوسيلة إعلامية معينة على وضع هذه الوسيلة لاهتماماته.

2-المدخل الثاني: يهتم هذا المدخل باختيار مفهوم الحاجة إلى التكيف والتوجه السياسي، ويفترض المفهوم أن تأثير وضع الأجندة لا يتحقق بنفس الدرجة بالنسبة لكل الأفراد، ولكنه مرتبط بما إذا كان الفرد قد اتخذ قرارا بشأن التصويت الانتخابي أم لا يزال في المراحل الأولى لصنع القرار، حيث توصلت الدراسات في هذا المدخل إلى أن الأفراد الذين لم يقرروا بعد سلوكهم الانتخابي يخضعون بدرجة أعلى من غيرهم لتأثير وضع الأجندة لأنهم أكثر احتياجا للتعرض لأجندة وسائل الإعلام لمساعدتهم لتحقيق هذا التكيف والتوجه السياسي، وترجع الأصول الأولى لهذا المفهوم إلى نظرية Tolman عن الخريطة المعرفية Cognitive Mapping: "فالحاجة إلى التكيف وفق هذه النظرية تمثل دافعا معرفيا يحفز المرء إلى أن يألف ما يحيط به وأن يتعرف عليه بهدف رسم صورة متكاملة ومفهومة للعالم الذي يحيط به، تسمح له باتخاذ القرارات وإدارة نفسه بما يحقق مصالحه".

فقد أكد ماكسويل ماكومبس وويفر MC Combs and Weaver "أن الحاجة إلى التكيف تدفع المرء إلى المزيد من استخدام وسائل الإعلام بما يؤدي إلى تقوية دورها في وضع الأجندة"[44]، فكلما زادت الحاجة إلى التعرض للمضمون التوجيهي لوسائل الإعلام زاد تأثر المرء بمضمونها، وتتحدد قوة الحاجة للتكيف اعتمادا على عاملين:

أ‌- مدى صلة الفرد بالقضية التي تعرضها وسائل الإعلام بالفرد وارتباطها بمصلحته؛

ب- درجة القلق وعدم يقين الفرد بشأن القضية.

ويؤدي التفاعل بين هذين العاملين إلى ثلاثة مستويات لقوة الحاجة إلى التكيف؛ وهي الحاجة العالية والمعتدلة والمنخفضة إلى التكيف.

3-المدخل الثالث: توصل لينجر Lyengar سنة 1982 إلى أن: "جمهور وسائل الإعلام الأكثر ثقافة ووعيا بالقضايا المطروحة للنقاش في وسائل الإعلام والأكثر مشاركة في الشؤون السياسية وكذا أصحاب الأيديولوجيات والحجج المناوئة لما تطرحه وسائل الإعلام هم أقل الفئات تأثيرا بأجندة وسائل الإعلام"[45] فهذا المدخل يحلل الاستجابات النفسية والمعرفية للفرد أثناء التعرض للرسائل الإعلامية وأهمها ما إذا كان يثير حججا معارضة لما تقوم به وسائل الإعلام أم لا.

المطلب الثاني: الاتجاه الثاني (وضع أجندة وسائل الإعلام Media Agenda-Setting)

وضع أجندة وسائل الإعلام آخر مرحلة من تطور بحوث وضع الأجندة، فقد بدأت بحوث وضع الأجندة بالسؤال من يضع أجندة الجماهير لتصل إلى سؤال من يضع أجندة وسائل الإعلام ويعد لازر سفيلد ومرتون Lazarsfeld and Merton أول من طرحا هذا التساؤل الأخير سنة 1984 وكان وجهة نظرهما أن وسائل الإعلام ليست إلا نتيجة للقوى الاجتماعية السائدة بما في ذلك المؤسسات الصناعية والتجارية وغيرها من المتغيرات المؤهلة لممارسة الضبط الاجتماعي، فطبيعة البحث في أجندة وسائل الإعلام تستوجب مجموعة من المداخل:

1- مدخل السلطة؛

2- مدخل الاعتماد المتبادل بين وسائل الإعلام؛

3- مدخل بناء الأجندة.

1- مدخل السلطة: أجندة وسائل الإعلام تعكس قيم الممارسة المهنية والأصول والقواعد الاجتماعية للعاملين في الصحافة؛ بمعنى أن وسائل الإعلام أكثر من مجرد قناة للتعبير عن قوة المصادر الأخرى ولكنها تمثل قوة ذاتية مستقلة، وسوف يزداد حجم هذه القوة في المجتمعات الديمقراطية والتي تسود فيها حرية الإعلام والملكية الخاصة، "حيث تمارس الصحافة السلطة السياسية وتكاد تنعدم فيها الرقابة الحكومية وغير الحكومية"[46].

فمدخل السلطة يفسر أجندة وسائل الإعلام على أنها تعبر على اهتمامات مراكز القوة في المجتمع وتعكس الوزن النسبي لهذه القوة ويذهب بعض الباحثين إلى أن "وسائل الإعلام تمثل أيضا مركز قوة في ذاتها"[47].

السلطة في ظل هذا المدخل مرتبطة بالسياسات الإدارية للمؤسسات الإعلامية، فأهداف المؤسسة الصحفية وأسلوب ممارستها للعمل هو المحدد النهائي لأولويات اهتماماتها ومصدر القوة هو الصحفي في ذاته، ويعتبر حارس البوابة صاحب القرار الذي يحدد مضمون وشكل وتوقيت ما ينشر، ويشارك في صنع القرار.

2- مدخل الاعتماد المتبادل بين وسائل الإعلام: يقترح هذا المدخل البحث في تأثير وضع الأجندة بين وسائل الإعلام بعضها البعض، وكذلك العوامل المرتبطة باتجاه التأثير وقوته، وقد يمتد ليشمل تأثير الصحف الدولية والأجنبية ذات المكانة على الصحف الوطنية المحلية والجهوية وأثر الصحف الوطنية على الصحف الحزبية، خاصة في الدول النامية إعلاميا. تمارس وسائل الإعلام الغربية الدور الأكبر في وضع أولويات اهتمامات وسائل الإعلام في هذه الدول، ومن ثم وضع أجندة الرأي العام وهذه الدول، ويتطلب التحقق من هذه الفرضية إجراء دراسات تحليل المضمون لعدد من وسائل الإعلام لتتبع مصادر المعلومات التي تشكل القضايا التي تحظى باهتماماتها. رغم أن الاعتماد المتبادل بين وسائل الإعلام يبقى قائم للدرجة التي تتحقق فيها المصلحة المشتركة، مع مراعاة درجة الاعتماد، "فالوسيلة الأقوى تؤثر في اهتمامات الوسيلة الأضعف والوسيلة التي تقع في المركز تؤثر في الوسيلة التي تقع في الهامش"[48].

3- مدخل بناء الأجندة: يستعمل بعض الباحثين مفهوم بناء الأجندة بدل مفهوم وضع الأجندة، وهو يعبر عن نفس المضمون، ويشير إلى كل المعلومات المؤثرة في تحديد أولويات وسائل الإعلام، وتتخذ دراسات بناء الأجندة اتجاهان:

أ- الاتجاه الأول: يتعامل مع نتيجة العملية ككل؟ أي تشخيص أجندة الوسيلة الإعلامية الخاضعة للبحث وتتبع تأثير المصادر الإخبارية في بنائها؛

ب- الاتجاه الثاني: يدرس مدخلات وسائل الإعلام أو المادة الخام التي يتم من خلالها بناء أجندة الوسائل، إذ يتم تحليل البيانات الصحفية والمؤتمرات والمقابلات، وقد عرف هذه الاتجاه باسم "دعم المعلومات"[49].

لكن يبقى الإجماع على تسمية هذه العملية بوضع أجندة وسائل الإعلام بدلا من بناء الأجندة لتوحيد المفهوم بين المجالات البحثية الثلاث وهي وضع أجندة الجماهير ووضع أجندة وسائل الإعلام ووضع أجندة النظام السياسي.

المطلب الثالث: التطورات الحديثة في دراسات وضع أجندة الجمهور

تتسم نظرية وضع الأجندة بالمرونة والقابلية للاتساع والتنوع والشمول بعيدا عن النظرة الأصلية التي قامت عليها والتي تقارن بين ترتيب القضايا في أجندة وسائل الإعلام وأجندة الجماهير، لتظهر اتجاهات حديثة على المستوى النظري والمنهجي:

1- القياس المشروط لتأثير وضع الأجندة:

اقتنع الباحثون J. Blumer and Gurevitch, 1992, J. Mcleod Schoenbach 1991 "بأهمية البحث في المتغيرات المؤثرة في وضع الأجندة مثل الانتماء الحزبي والاهتمام السياسي والمشاركة السياسية وملكية وسائل الإعلام وخصائص النظام السياسي وغيرها من المتغيرات ذات الصلة بوضع الأجندة"[50]، فالعلاقة ليست ميكانيكية ومباشرة وفورية كما أن أجندة وسائل الإعلام ليست إلا متغيرا بين سلسلة من المتغيرات التي تمارس أدوارا مختلفة في عملية التأثير.

وتمثل طبيعة القضية وإدراك الجمهور لها أهم المتغيرات الوسيطة فكلما زادت درجة معايشة الجمهور للقضية قل تأثير وسائل الإعلام بشأنها، وذلك لأن الخبرة المباشرة تعمل كبديل لوسائل الإعلام وقد ثبت من دراسة (ياجادYagad ) صحة الفرضية بعدم قدرة وسائل الإعلام في وضع أجندة القضايا التطفلية.

2- المقاييس الاتجاهية والمقاييس السلوكية:

جاءت نظرية وضع الأجندة في البداية لترفض النماذج الإقناعية من خلال التركيز على التأثيرات المعرفية لوسائل الإعلام، إلا أن الدراسات الحديثة أثارت قضية العلاقة بين وضع وسائل الإعلام لأجندة الجمهور والتأثير الاتجاهي لقضايا الأجندة ذاتها، فوسائل الإعلام على هذا النحو يمكن أن تحقق ما هو أكثر من مجرد ترتيب لأولويات الاهتمامات، حيث انتهى لينجر وكيندر Lyengar and Kinder Shanto إلى أن: "وسائل الإعلام لا تضح أولويات اهتمامات الجماهير فقط ولكنها تضع معايير الحكم على هذه الأولويات، وبطريقة غير مباشرة من خلال تأثير "دلالات الألفاظ Semantic Content "[51].

3- نتائج وضع أجندة الجمهور:

تعد الدراسات التي اهتمت بالنتائج المترتبة على وضع أجندة الجمهور الاتجاه البحثي الأكثر حداثة، ويطرح التساؤل الآتي:

ماذا يعنى أن قضايا معينة تحتل أهمية متقدمة لدى الجماهير؟ وإذا كانت وسائل الإعلام لديها القدرة على إبراز قضايا معينة لدى الرأي العام فما دلالة ذلك بالنسبة لسلوك الرأي العام في الانتخابات والحياة السياسية؟

توصلت بعض الدراسات إلى وجود علاقة ارتباط إيجابية بين اهتمام الجمهور بقضايا معينة واتجاهه الإيجابي نحو ذات القضايا، فيما خلصت دراسات أخرى إلى سلبية هذه العلاقة الإرتباطية، بينما انتهت دراسات أخرى إلى "أن وضع الأجندة يساهم في بناء المعايير التي يستخدمها الأفراد في الحكم على الأشخاص والأشياء والقضايا"[52].

فالمسؤول عن إيجابية وسلبية الرأي العام ليس وضع الأجندة ولكن هو اتجاه مضمون القضايا التي تعرضها وسائل الإعلام، فلا يكفي حجم التغطية الإعلامية، فتخصصت بحوث في خصائص المضمون الإعلامي وفي أول دراسة عربية سنة 1986 توصل الدكتور حمادة بسيوني إلى: "المواد الصحفية لا تخاطب العقل فقط ولكنها دائما تخاطب النفس والعواطف البشرية".

فهناك نموذج من خطوتين لتأثير وضع الأجندة: "في الأولى يتحقق الوعي بالقضية وفي الثانية يتحقق السلوك المستهدف"[53]، وقد تأكد سنة 1990 " مرتون روبرت M. Roberts من صحة هذا النموذج عند دراسة السلوك السياسي بعد أن يتحقق وعي الناخبين بالمرشحين والقضايا الانتخابية يأتي السلوك الانتخابي لاحقا.

وقد طرح دونالد شو ومارتن شانون D. Show and Martin Shannon سنة 1992 فرضية "وسائل الإعلام من خلال قيامها بوظيفة وضع الأجندة تدمج قطاعات المجتمع المختلفة في حوار سياسي واجتماعي؛ إذ تربط بين المتعلمين وغير المتعلمين والأغنياء والفقراء والحكام والمحكومين...، وتخلق قاسما مشتركا في المجتمع ينجم عنه تفاعل بين الإعلام والرأي العام، حده الأدنى ترتيب أولويات الجمهور والحد الأقصى تحقيق الاندماج الاجتماعي"[54]، فدراسات وضع الأجندة تبدأ بالفرد وتنتهي بالنظام الاجتماعي.

4- وضع الأجندة وقادة الرأي:

الجمع بين وضع الأجندة وقادة الرأي من الاتجاهات الحديثة في دراسات وضع الأجندة لاختبار فرضية انتقال الأجندة على مرحلتين من وسائل الإعلام إلى قادة الرأي ومنهم إلى الجماهير، طور هذا المقياس كل من Weinsan and Neumann بالاعتماد على نموذجين:

- نموذج المنافسة Competition Model ؛

- نموذج الاختلافات الشخصية Personal Differences Model.

"فلنموذج المنافسة فكرته أن وسائل الإعلام وقادة الرأي يتنافسون معا في وضع اهتمامات الجماهير، أما نموذج الاختلافات الشخصية يفترض أن التباينات الفردية على المستويات السياسية والاجتماعية والديمغرافية هي الأساس في وضع الأجندة"[55]؛ أي أن وسائل الإعلام لا تحقق نفس التأثير لدى كل الأفراد وبنفس الدرجة من القوة.

في كل المجتمعات تقوم عملية صنع القرار السياسي وتخضع لعملية التوفيق بين الاتجاهات المعارضة للنخب السياسية، فدراسة وضع أجندة النظام السياسي -وضع أجندة السياسية Policy Agenda Setting - ساهمت في الإجابة على التساؤل الآتي:

- إلى أي مدى تعكس أولويات صانعي القرار أو تقود أولويات الجمهور؟

فأجندة النظام السياسي "هي قائمة القضايا التي قبلها صانعوا القرار على أنها أهم قضايا تستحق اتخاذ قرار أو وضع سياسة بشأنها"[56] بمعرفة كيفية دخول أو خروج القضايا من دائرة صنع القرار والكيفية التي تستجيب بها الحكومات لحدث معين وكيفية التعامل مع المداخلات الإعلامية لصنع القرار، ففي المجتمعات الديمقراطية ومن اختبار العلاقة بين أولويات اهتمامات الإعلام والجمهور والنظام السياسي اتضح أن الصحافة تضع أجندة صانع القرار السياسي والجمهور في نفس الوقت.

وقد توصل الدكتور حمادة بسيوني سنة 1991 في بحثه عن (الصحافة وصنع القرار السياسي) إلى أن: "الصحافة تمارس دورا لاحقا لعملية اتخاذ القرار السياسي سواء بتدعيم القرار وإضفاء الشرعية عليه من جانب الصحف الحكومية أو بمعارضته وإضعاف شرعية من جانب الصحف الحزبية والخاصة"[57]؛ أي أنها بعيدة عن جوهر صنع القرار، فمخرجات العملية الإعلامية لم تتحول بعد إلى مدخلات لصنع القرار السياسي.

* جامعة بشار

[email protected]

.......................................................

الهوامش

[1] - هبة جمال الدين، أولويات الإعلام وعملية تشكيل الرأي العام، المجلة الاجتماعية القومية، المجلد الثلاثون، العدد الثاني والثلاثون، مصر، سبتمبر 1993، ص 10.

[2] - بسيوني إبراهيم حمادة، وسائل الإعلام والسياسة: دراسة في ترتيب الأولويات، مكتبة نهضة الشرق، القاهرة، 1996، ص 24.

[3] - بومعيزة السعيد، أثر وسائل الإعلام على القيم والسلوكات لدى الشباب، رسالة دكتوراه غير منشورة، قسم الإعلام، جامعة الجزائر، 2005، ص 85.

[4] - إبراهيم حمادة بسيوني، دراسات في الإعلام وتكنولوجيا الاتصال والرأي العام، ط1، عالم الكتب، القاهرة، 2008، ص 208.

[5] - أ. عزيز لعبان، وسائل الإعلام والمجتمع إشكالية التأثير: من الأثر المؤكد إلى الأثر المحتمل، مرجع سابق، ص13.

[6] - Maxwel Mac Combs, D. Show, Agenda-Setting and The Political Process: in The Emergence of Political Essues, Ed Show and MC Combs, 1977, P152.

[7] - محمود حسن إسماعيل، مبادئ علم الاتصال ونظريات التأثير، ط1، الفرزدق للنشر والتوزيع، الكويت، 2003، ص 271.

[8] - أحمد زكرياء، نظريات الإعلام، ط1، المكتبة المصرية للنشر، 2009، ص 06.

[9] - محمد بن سعود البشير، قصور النظرية في الدراسات الإعلامية، المجلة العربية للعلوم الإنسانية، عدد 83، جامعة الكويت، 2003، ص 45.

[10] - ZHU Jian Hua, Issue Competion and Attention Distraction: Sun Theory of Agenda Setting, Journalism Quartely, Vol 69, N°: 04, 1992, P101.

[11]- Maxwell M Combs and Donald Show, The Evolution of Agenda Setting Research: Twenty Five Years in The Marketplace of Ideas, Journal of Communication, Vol 4, PP 703-711.

[12] - حسن عماد مكاوي، ليلى حسين السيد، الاتصال ونظرياته المعاصرة، ط1، الدار المصرية اللبنانية، مصر، 1998، ص 288.

[13] - صالح خليل أبو الأصبع، الاتصال الجماهيري، ط1، دار الشروق للنشر، الأردن، 1999، ص 219.

[14] - بومعيزة السعيد، مرجع سابق، ص 85.

[15] - ترد النظرية أيضا لدى بعض الكتاب في علوم الإعلام والاتصال بإسم ترتيب الأولويات أو وظيفة المفكرة وهناك من يستعمل مصطلح بناء الأجندة.

[16] - حسن عماد مكاوي، ليلى حسين السيد، مرجع سابق، ص 288.

[17] - نفس المرجع السابق، ص 290.

[18] - حمادة بسيوني: وسائل الإعلام والسياسة، دار النهضة للشرق، القاهرة، 1997، ص 124.

[19] - محمد عبد الحميد، نظريات الإعلام واتجاهات التأثير، عالم الكتب للنشر، القاهرة، 1997، ص 347.

[20] - MC Combs Maxwell, Explorers and Surveyors: Expanding strategies for Setting Research, Journalism Quarterly, vol 69, N°: 4, 1992, p13.

[21] - أماني فهمي، الاتجاهات العلمية الحديث لنظريات التأثير في الراديو والتلفزيون، المجلة المصرية لبحوث الإعلام، العدد الرابع، ديسمبر، 1998، ص 341.

[22] - محمد عبد الحميد، نظريات الإعلام واتجاهات التأثير، مرجع سابق، ص 177.

[23] - أحمد بسيوني حمادة، مرجع سابق، ص 209.

[24] - حسن عماد مكاوي، ليلى حسين السيد، مرجع سابق، ص 288.

[25] - محمد عبد الحميد، نظريات الإعلام واتجاهات التأثير، مرجع سابق، ص347.

[26] - يعتبر أصحاب هذه النظرية أن الأجندة مقاربة جدلية تقدم "حلا" للتعارض بين التأثير (وضع الأجندة) وعدمه (بناء الأجندة)، وإن كانوا يعتبرون أن هذا النوع من التحليل غير كامل حتى الآن، وقد نادى ماكومبس وغيره من الباحثين بضرورة نقل محور الفعل الاتصالي من المرسل إلى المرسل إليه بتغيير مركز الجاذبية إلى الآخر، لاسيما وأنه يعود – تدريجيا – ليلعب الدور الرئيسي على طول تطور النماذج النظرية (نموذج بروس ويستلي Bruce Westley ومالكوم ماكلين Mlcom Mac Lean).

[27] - Manheim Garol, A Model of Agenda dynamics, in McLaughlin Margaret, Ed Communication Year Book, New Delhi, 1987, P503.

[28] - Ibid, P503.

[29] - Weaver David, Zhu Hua Jain, and Willant Lars, The Bridging Function of Interpersonal Communication in Agenda setting, Journalism Quarterly, Vol 69, N°: 02, 1992, P830.

[30] - أماني فهمي، الاتجاهات العلمية المدينة لنظريات التأثيرات في الراديو والتلفزيون، مرجع سابق، ص 341.

[31] - ميلفين ديفلير وساندرا بال، نظريات وسائل الإعلام، مرجع سابق، ص 363.

[32] - لامية صابر، الحملات الإعلامية في باقة MBC ودورها في التوعية الدينية للشباب: دراسة ميدانية على عينة من شباب ولاية سطيف، مذكرة ماجستير غير منشورة، قسم علوم الإعلام والاتصال، جامعة الحاج لخضر باتنة، 2009/2010، ص 48.

[33] - نعيم بلعموري، دراسة محددات اللامشاركة السياسية والمدنية لدى عينة من الأساتذة الجامعين: اختبار نظرية لولب الصمت على حالة الرئيس بوتفليقة وسياسته، مذكرة ماجستير غير منشورة، قسم علوم الإعلام والاتصال، جامعة الجزائر، 2008/2009، ص 33.

[34] - Price V and Tewksbury D, New Values and Public Opinion: A Theoretical Accont of Media Priming and Framing, in Sietman, R.B, Framing the 2004 Presidential Election: The Role of media.

نقلا عن نعيم بلعموري، دراسة محددات اللامشاركة السياسية، مرجع سابق، ص 33.

[35] - الأجندة هي محصلة عدة خيارات تعبر عن اهتمام الوسائل الإعلامية بالمواد والرسائل وترتيبها ترتيبا يعبر عن مستويات هذا الاهتمام ودرجاته.

[36] - لتفاصيل أكثر أنظر: محمد عبد الحميد، نظريات الإعلام واتجاهات التأثير، مرجع سابق، ص 342.

[37] - نموذج فرضية وضع الأجندة شكل اجتهد الطالب في وضعه من خلال المفاهيم الذي تعرض لها بعد التماسه غياب هذا في المراجع التي تم الاعتماد عليها.

[38] - منال كبور، الفضائيات الإخباري واتجاهات الأستاذ الجامعي الجزائري حيال عملية السلام مع إسرائيل: أساتذة جامعة باتنة أنموذجا، رسالة ماجيستير غير منشورة في علوم الإعلام والاتصال، جامعة الحاج لخضر باتنة، 2009/2010، ص 70.

[39] - نفس المرجع السابق، ص 70.

[40] - حسن عماد مكاوي، ليلى حين السيد، مرجع سابق، ص ص 270-271.

[41] - لامية صابر، الحملات الإعلانية في باقة MBC ودروها في التوعية الدينية للشباب، مرجع سابق، ص49.

[42] - Rogers Evertt, The Anatomy of Agenda Setting Research Journal of Communication, Vol 43, N°: 3, P70.

[43] - Winter J, Agenda-Setting for The Civil Rights Issue, Public Opinion Quarterly, Vol 45, PP 376-383.

[44] - MC Combs and David Weaver, Voters Need for Orientation and Use of Mass Communication, Presented at the Annual Conference of the International Communication Association, Montreal- Canda, 1973.

[45] - Patterson R and MC clure R, Print Vs netwonk New, Journal of Communication, Vol 26, N° 1, 1976, PP 23-28.

[46] - Stephen Reese, Setting the Media’s Agenda, Ed Communication Yearbook, N°:11, London, 1991, P317.

[47] -Ibid, P317.

[48] -Ibid, P324.

[49] - Adams Douglas, Information Subsidy and Agenda Setting Building in Local Television News, Journalism Quarterly, Vol 67, N° 4, 1995, P725.

[50] - Blumer J and Gurevitch M, Politician and the Press: An Essay on Role Relation Ships, Ed Handbook of Political Communication, 1992, P105.

[51] -Yagada Ailaen and Dogier David, the Media Agenda Setting Effect of Concrete Versus Abstract Issues, Journalism Quarterly, Vol 67, N° 2, 1990, PP 3-9.

[52] - MC Combs Mascwell and Weaver David, Contemporary Public Opinion: Issues and News, New jersey, London, Laurence Eirbaum Associate Publishers, 1991, P15.

[53] - Brosius Hans, Beyond Agenda Setting: the Influence of Partisanship and Television Reporting on the Electorate’s Voting Intention, Journalism Quarterly, Vol 69, N°: 4, 1992, PP 879-881.

[54] - Donald Shaw and Shannon Martin, The Function of Mass Media Agenda Setting, Journalism Quarterly, Vol 69, N° 4, 1992, PP 902-905.

[55] - Weimann Gabriel and Brosius Hans, Is there a Two Step of Agenda Setting, International Journal of Public Opinion, Vol6, N°:4, 1994, P225.

[56]- حمادة بسيوني، الصحافة وصنع القرار السياسي، دار نهضة الشرق، القاهرة، 1991، ص 131.

[57] - حمادة بسيوني، الصحافة وصنع القرار السياسي، مرجع سابق، ص. 134.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 22/كانون الثاني/2012 - 28صفر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م