كوريا الشمالية والمعركة الثورية... السير على ذات الخطى

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: يبدو كوريا الشمالية دخلت الى حقبة سياسية جديدة بعد وفاة زعيمها السابق كيم جونج ايل وتنصيب ولده كيم جونج الزعيم الجديد، إذ دعت كوريا مواطنيها الى الوقوف خلف الزعيم الجديد وأن يكونوا "دروعا بشرية لحمايته وهو يعمل على حل "القضية الملحة" المتمثلة في نقص الاغذية من خلال التمسك بسياسات والده الراحل، حيث أعربت الصين، حليفة كوريا الشمالية التي تريد ان تكون جارتها دولة مستقرة، وفي اشارة الى ان الدولة المنعزلة تغلق نفسها أكثر أمام العالم الخارجي بعد وفاة "الزعيم العزيز" تقلصت بشدة عمليات عبور حدود داندونج مع الصين. والصين هي من بين دول معدودة لها علاقات تجارية نشطة مع كوريا الشمالية. ولم يتضح ما اذا كانت الحدود قد اغلقت رسميا. وفي ظل الصراع العرقي بينها وبين الجنوب التي حليفتها امريكا وعقوبات بشأن الاسلحة النووية، في الوقت الذي تعاني كوريا الشمالية الفقيرة من نقص مزمن في المواد الغذائية وتعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية. وجاء في تقرير للامم المتحدة ان كوريا الشمالية تحتاج في عام 2012 الى مساعدات غذائية لما يقرب من ثلاثة ملايين شخص من سكانها.

يبقى السؤال حول قدرة طاقم الحكم الجديد في الابقاء على سيطرته الكاملة على امور البلاد بحزم كما فعل الزعيم الراحل؟ لكن التجربة تقول ان الديكتاتوريات تكون في اضعف مراحلها عندما تحاول التخفيف من قبضتها. كما ان استمرار نظام الحكم في التحكم بحياة الناس بقبضة حديدية يمكن ان يؤدي الى نتائج عكسية.

دروع بشرية

فقد قالت الصحف الرئيسية الرسمية الثلاث في افتتاحية مشتركة للعام الجديد ان كيم جونج اون يملك الشرعية لمواصلة المعركة الثورية التي بدأها جده كيم ايل سونج وطورها والده كيم جونج ايل، وجاء في نص الافتتاحية المشتركة المؤلفة من 5000 كلمة ونشرتها وكالة الانباء المركزية الكورية ان كيم جونج اون الزعيم الاعلى لحزبنا وشعبنا هو راية النصر والمجد لكوريا والمحور الدائم للوحدة، وفي تأكيد على ان كيم الصغير عديم الخبرة في اواخر العشرينات من العمر مماثل "تماما" لوالده قالت الافتتاحية "ينبغي ان يكون لدى الحزب بالكامل وكل الجيش وكافة افراد الشعب قناعة راسخة بأنهم سيكونون حصونا ودروعا بشرية للدفاع عن كيم جونج اون حتى الموت، ووصفت الافتتاحية مشكلة نقص الاغذية في كوريا الشمالية "بالقضية الملحة" التي يتعين على حزب العمال الحاكم حلها وبناء "دولة مزدهرة".

وقالت الافتتاحية انه يجب "تمجيد هذا العام 2012 كعام انتصار نفخر به ..عام تتجلى فيه حقبة من الازدهار والاخلاص لتعليمات الجنرال كيم جونج ايل العظيم، وتعاني كوريا الشمالية الفقيرة من نقص مزمن في المواد الغذائية وتعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية. وجاء في تقرير للامم المتحدة ان كوريا الشمالية تحتاج في عام 2012 الى مساعدات غذائية لما يقرب من ثلاثة ملايين شخص من سكانها البالغ عددهم 24 مليون نسمة، ويقول الكثير من مراقبي الشؤون الكورية في سول ان الافتتاحية لا تشير الى اي تغييرات جديدة كبيرة في السياسات الاجتماعية او الاقتصادية لكنها تبدو مهتمة بقضية الغذاء، وقال يانج مو جين الاستاذ في جامعة الدراسات الكورية الشمالية في سول "معالجة مشكلة الغذاء هي أحد اهم القضايا التي يتعين على كيم جونج اون ان يتعامل معها الان من اجل تعزيز قبضته على السلطة، وهاجمت الافتتاحية المشتركة حكومة كوريا الجنوبية لانتهاجها المواجهة والمناورات الحربية رغم جهود الشطر الشمالي لاعادة فتح الحوار وكررت مطلبها بانسحاب الجيش الامريكي من كوريا الجنوبية، لكن غياب ذكر برنامج الاسلحة النووية الكورية الشمالية المصدر الرئيسي للقلق الامني الاقليمي خلال عهد والده الراحل عن الافتتاحية كان واضحا، وقال يو هو يول الخبير في شؤون كوريا الشمالية في جامعة كوريا "يبدو ان الشمال يتأهب لتركيز سياسته على استقرار الشؤون الداخلية مثل القضايا الاقتصادية في الوقت الراهن بدلا من احراز تقدم في الشؤون الدبلوماسية، وظهرت تصريحات كوريا الشمالية بشأن القضية النووية بوضوح في افتتاحيات سابقة بمناسبة العام الجديد. بحسب رويترز.

واكتسبت الاتصالات الدبلوماسية بين بيونجيانج وواشنطن قوة دفع قبل اعلان وفاة كيم جونج ايل في 19 ديسمبر كانون الاول مما أثار توقعات بأن الجانبين على وشك التوصل لتسوية لاستئناف المحادثات المجمدة والتي تهدف لوقف البرنامج النووي في كوريا الشمالية، وتوقفت المحادثات في عام 2008 عندما رفضت بيونجيانج السماح بتفتيش مواقعها النووية بناء على اتفاقية ابرمت في عام 2005 ووقعت عليها ستة بلدان من بينها الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تقضي بمنح الشمال مساعدات مقابل التخلي عن البرنامج النووي، وفي رسالة شديدة اللهجة تمثل أول اتصال بالعالم الخارجي منذ وفاة كيم جونج ايل اعلنت لجنة الدفاع الوطني التي تمثل قمة السلطة انها لن تتعامل مع الحكومة الحالية في كوريا الجنوبية، وكان الرئيس الكوري الجنوبي لي ميونج باك أثار غضب بيونجيانج بقطع المساعدات عن الشطر الشمالي فور توليه السلطة عام 2008 واشترط أولا التخلي عن البرنامج النووي واجراء اصلاحات اقتصادية قبل استئناف تقديم المساعدات الغذائية والانخراط في عملية سياسية، ووصلت التوترات في شبه الجزيرة المقسمة لمستوى جديد في عام 2010 عندما قصفت كوريا الشمالية بالمدفعية جزيرة كورية جنوبية مما اسفر عن مقتل مدنيين. واتهمت سول الشطر الشمالي ايضا باطلاق طوربيد على سفينة بحرية كورية جنوبية مما أسفر عن مقتل 46 بحارا، وذكرت وسائل الاعلام الرسمية في الشمال انه تم تعيين كيم جونج اون اصغر انجال الزعيم الراحل كيم جونج ايل وخليفته قائدا أعلى للقوات المسلحة الكورية الشمالية التي تضم 1.2 مليون فرد وذلك بعد يومين من انتهاء الحداد الرسمي على الزعيم الراحل في خطوة سريعة لترسيخ عملية التوريث وتعزيز قبضة كيم جونج اون على السلطة، ورقي القائد الجديد لدرجة جنرال ومنح منصب نائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية في الحزب الحاكم بناء على وصية والده في 2010، ويعتقد خبراء ان القائد الجديد الذي لم يختبر بعد والذي يجري اعداده للحكم منذ 2009 فقط سيدير البلاد بمساعدة مجموعة مقربة تشمل زوج عمته صاحب السلطة الرئيسي في المرحلة الانتقالية جانج سونج ثايك على الاقل خلال المراحل الاول من انتقال السلطة.

القدرات العسكرية

فيما أشادت كوريا الشمالية بالقوة العسكرية التي حققها الزعيم الراحل كيم جونج ايل ومن المرجح أن يتبع خليفته نفس السياسات التي جعلت من شمال شرق اسيا منطقة متوترة في الوقت الذي تقترب فيه بيونجيانج أكثر من القدرة على امتلاك أسلحة نووية.

وتجمع نحو 100 ألف جندي بالزي العسكري ومدنيين في صمت في العاصمة بيونجيانج لتأبين الرجل الذي قاد البلاد طوال 17 عاما حتى وفاته في 17 ديسمبر كانون الاول ممن عام 2011، وتصدر ابنه وخليفته كيم جونج أون وهو في أواخر العشرينات المشهد بالساحة الواقعة في وسط العاصمة والتي تحمل اسم جده مؤسس الدولة كيم ايل سونج للاستماع الى تأبين والده كيم جونج ايل "الثائر العظيم، وقال كيم يونج نام رئيس البرلمان "الزعيم العظيم كيم جونج ايل... أرسى الاسس التي يعيش عليها شعبنا كشعب مستقل له قوة عسكرية تضعنا في مصاف الدول الكبرى وكدولة نووية فخورة، وأجرت كوريا الشمالية تجربتين نوويتين، ويرى لاري نيكش الذي تابع الشأن الكوري الشمالي خلال عمله لحساب خدمة أبحاث الكونجرس الامريكي على مدى 43 عاما أن بيونجيانج تحتاج الى ما بين عام واثنين فقط حتى يصبح لديها صاروخ نووي متى تنتج يورانيوم مخصب لدرجة تكفي لانتاج وقود لرأس نووين ومن الممكن أن يهدد هذا أمن المنطقة ويعطي الشمال أداة مساومة قوية للحصول على المساعدات لاقتصادها.

وأظهرت لقطات بثها التلفزيون الحكومي الكوري الشمالي كيم جونج أون وقد وقف الى يمينه رئيس اركان الجيش ري يونج هو كما وقف على مقربة وزير الدفاع كيم يونج تشون وزوج عمته وصاحب السلطة الرئيسي في المرحلة الانتقالية جانج سونج ثايك، ويعتقد أن جانج (65 عاما) هو الذي بيده حاليا السلطة متزعما مجموعة منتقاة من المسؤولين باعتباره زوج اخت الزعيم الراحل كيم جونج ايل الذي افلت من حملات تطهير وأصبح أقرب المقربين له وأشرف على عملية الخلافة قبل وفاته بأزمة قلبية، وقال كيم يونج نام "الرفيق كيم جونج أون هو الزعيم الاعلى للحزب والشعب الذي يلتزم بفلسفة وقيادة وشخصية وأخلاقيات وشجاعة وجرأة الزعيم العظيم كيم جونج ايل، ولم يكن هناك الكثير من الاشادة بالانجازات الاقتصادية لرجل استغل سياسة "الجيش أولا" لتكريس موارد البلاد لبناء جيش تقليدي وبرنامج لاسلحة الدمار الشامل، ويقل الاداء الاقتصادي الحالي لكوريا الشمالية عنه في التسعينات خلال حكم كيم ايل سونج الذي أسس الدولة عام 1948 وتعرض الاقتصاد لمزيد من الضغوط في ظل عقوبات دولية بسبب التجارب الصاروخية والنووية التي تجريها بيونجيانج، ولا يتوقع أغلب المتابعين للشأن الكوري أن تكرر كوريا الشمالية هجمات مثل التي شنتها عام 2010 عندما قتلت مدنيين في كوريا الجنوبية بوابل من نيران المدفعية وكذلك طبقا لاقوال أغلب المراقبين أغرقت سفينة تابعة لبحرية كوريا الجنوبية. بحسب رويترز.

ونفت بيونجيانج اغراق السفينة وقالت انها تعرضت للاستفزاز بشكل دعاها لاطلاق هذا الوابل من المدفعية، وربما يستغرق كيم جونج أون بضعة أشهر لمباشرة المهام الكاملة لمناصبه الرسمية التي كان يشغلها والده، وكتب سونج يون لي من جامعة تافتس وهو متابع رئيسي للشأن الكوري الشمالي "السؤال الحقيقي هو ما اذا كان كيم الجديد لديه من القسوة والحنكة والسمات التي كانت موجودة بوفرة لدى والده وجده كيم ايل سونج للحفاظ طويلا على المحرك الرئيسي للاسرة الحاكمة المعدمة التي ورثها.

الملف النووي

من جهته قال خبير كبير سابق في ملف كوريا الشمالية بالكونجرس الامريكي انه يرجح أن تكون هذه الدولة أصبحت أقرب مما يتردد لتركيب رؤوس حربية نووية في صواريخ ذاتية الدفع وانها ربما تصبح قادرة على ذلك في غضون عام أو عامين، وذكر الخبير لاري نيكس الذي تابع موضوع كوريا الشمالية لمدة 43 عاما في لجنة الابحاث بالكونجرس -- وهي لجنة لا تتبع أي حزب -- في وثيقة جديدة ان كوريا الشمالية ربما لن تحتاج سوى لعام واحد أو عامين فقط لصنع رأس حربي صغير وتركيبه على صاروخ نودونج متوسط المدى الذي تمتلكه بمجرد أن تنتج ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب وهو المادة التي تمثل الوقود الصلب في الرأس النووي، ومن شأن امتلاك كوريا الشمالية صواريخ مزودة برؤوس نووية زعزعة الاستقرار في منطقة شرق اسيا وظهور سياسة جديدة وتحديات عسكرية أمام الولايات المتحدة وحلفائها.

وتحاول المخابرات الامريكية منذ وقت طويل تحديد متى ستتمكن بيونجيانج من امتلاك هذه القدرة. ويضع الجدول الزمني الذي وضعه نيكس اذا كان صحيحا عاملا جديدا يجب ان يأخذه في الاعتبار خبراء الاستراتيجية، وكان وزير الدفاع الامريكي السابق روبرت جيتس قد قال في يناير كانون الثاني ان كوريا الشمالية أمامها خمس سنوات لتتمكن من تصنيع صاروخ ذاتي الدفع عابر للقارات يمثل الى جانب البرنامج النووي لكوريا الشمالية "تهديدا مباشرا" للولايات المتحدة، وأجرت كوريا الشمالية عددا قليلا نسبيا من الاختبارات على الصواريخ في السنوات القليلة الماضية مما يشير الى أنها مازالت تعمل على اتقان التكنولوجيا المطلوبة حتى أنها تعاونت مع ايران لتحقيق هذا الغرض، وسلط الضوء من جديد على البرنامج النووي والقدرات الصاروخية لكوريا الشمالية في وقت تنتقل فيه السلطة في البلاد الى كيم جونج اون ابن الزعيم الراحل كيم جونج ايل، وقال نيكس وخبراء مثل سيجفريد هيكر الرئيس السابق لمعمل لوس الموس الوطني ان بيونجيانج ربما تكون قد تمكنت من انتاج ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب لصنع رأس نووي أو أنها اقتربت من هذا. بحسب رويترز.

وأضاف هيكر أن الشمال سيحتاج الى اجراء اختبار نووي اخر سيكون الثالث له حتى تصبح لديه الثقة في القدرة على صنع رأس نووي صغير بنجاح لتركيبه في صاروخ، وقال في رسالة بالبريد الالكتروني في اشارة الى امتلاك صاروخ مزود برأس نووي اذا نجح الاختبار فقد يتمكنون من امتلاك القدرة في غضون عامين، وأجرت بيونجيانج اختبارين نووين كان أحدهما في أكتوبر تشرين الاول من عام 2006 والثاني في يونيو حزيران 2009 .

الثلوج تختلط بالدموع

كما تابع العالم بشغف مراسم الجنازة الضخمة التي أقامتها كوريا الشمالية لزعيمها الراحل كيم جونج ايل في العاصمة بيونجيانج في محاولة لاستنباط اي مؤشر على ما يمكن توقعه من الدولة المنعزلة التي ربما تكون قريبة من امتلاك قدرة تسلحية نووية.

ونقل التلفزيون الرسمي موكب الجنازة وقد تقدمتها عربة فخمة تحمل صورة كيم (69 عاما)، بينما اصطفت على الجانبين طوابير من الجنود بالزي العسكري وقد نكسوا رؤوسهم احتراما للفقيد في الساحة الرئيسية في العاصمة، وحملت عربة الموتى النعش وسار امامه الابن كيم جونج اون وهو يبكي وكان الى جواره زوج عمته جانج سونج ثايك وكبار المسؤولين في الفترة الانتقالية ورئيس اركان الجيش ري يونج هو، وقالت سيو جو ريم المجندة وهي تبكي للتلفزيون الكوري الشمالي "منظر الثلوج البيضاء المتساقطة جعلني أتذكر جهود (الجنرال) كيم وهذا جعلني أبكي، ومن بين الروايات الخيالية التي ترددت حول كيم انه يستطيع السيطرة على أحوال الطقس وتحدثت وسائل الاعلام المحلية عن أجواء باردة على غير العادة صاحبت وفاتهن وبث التلفزيون لقطات فيديو لمواطنين ينتحبون وترتجف أجسامهم من الحزن وهم يصيحون "أبي أبي" لكن الصور لم تكن متسقة مع الخلفية الصوتية. ولم يعرف ما اذا كانت تلك المشاهد نقلت على الهواء مباشرة ام انها مسجلة بينما كانت سيارات مرسيدس ولينكولن وعربات عسكرية تتدفق أمام الحشود، وانتهت مراسم الجنازة بعد نحو ثلاث ساعات باطلاق 21 طلقة مدفعية في الهواء تحية فيما تابعت القيادة العليا الموكب من على منصة، واصبح كيم جونج أون ثالث حاكم من الاسرة التي تحكم الدولة الشيوعية المنعزلة منذ ان أسسها جده كيم ايل سونج بينما تدخل البلاد عام 2012 الذي كان من المفترض ان يشهد تحولها الى أمة "قوية مزدهرة، وقال لاري نيكش الذي تابع الشأن الكوري الشمالي خلال عمله لحساب خدمة أبحاث الكونجرس الامريكي على مدى 43 عاما انه يعتقد أن بيونجيانج تحتاج الى ما بين عام واثنين فقط حتى يصبح لديها صاروخ نووي متى تنتج يورانيوم مخصب لدرجة تكفي لانتاج وقود لرأس نووي، وقال يو هو يول الخبير في شؤون كوريا الشمالية بجامعة كوريا في الجنوب "الصور (في الجنازة) تبرز صعود وضع جانج سونج ثايك منذ ان ظهرت لاول مرة انباء وفاة كيم جونج ايل، وأضاف "من الواضح ان كيم جونج أون هو رأس الزعامة الجديدة لكن فيما يتعلق بالنفوذ والتسلسل القيادي ضمن جانج فيما يبدو مكانا مميزا، وقد تكون الدولة الكورية الشمالية التي تدعمها الصين قوية اذ لديها جيش قوامه 1.2 مليون فرد لكنها ليست دولة مزدهرة. بحسب رويترز.

وأظهرت بيانات الامم المتحدة ان متوسط العمر في البلاد البالغ عدد سكانها 25 مليون نسمة قل بثلاث سنوات ونصف عن متوسط العمر حين توفى "الزعيم الابدي" كيم ايل سونج، وقالت المنظمة الدولية في برنامج لكوريا الشمالية في الفترة من عام 2011 الى 2015 ان التحدي الرئيسي الذي يواجه البلاد هو "اعادة الاقتصاد الى المستوى الذي تحقق قبل عام 1990 " وحل مشكلة نقص الطعام التي يعاني منها ثلث المواطنين، وتشير مؤشرات انتقال السلطة منذ وفاة كيم جونج ايل الى ان سياسة "الجيش أولا" ستستمر مما يعني أن الجيش سيحصل على نصيب الاسد من الموارد الشحيحة وهو ما سيؤدي الى مزيد من المعاناة للاغلبية في البلاد التي واجهت مجاعة في التسعينات.

كوريا الجنوبية

الى ذلك اعلنت وزارة اعادة التوحيد الكورية الجنوبية ان رئيسي الوفدين الكوريين الجنوبيين التقيا الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون خلال زيارة لبيونغ يانغ لتقديم التعازي في وفاة والده كيم جونغ ايل، وقال ناطق باسم الوزارة ان لي هي هو (89 عاما) ارملة الرئيس الكوري الجنوبي الراحل كيم داي جونغ وهيون جونغ اون (56 عاما) رئيسة مجموعة هيونداي انحنيا امام جثمان كيم جونغ ايل في نصب كومسوسا، كما قدما التعازي الى كيم جونغ اون، حسب المتحدث نفسه الذي لم يذكر اي تفاصيل عن اللقاء الاول بين الزعيم الكوري الشمالي الجديد ومندوبي كوريا الجنوبية، وكانت وكالة الانباء الكورية الجنوبية (يونهاب) نقلت عن لي قولها قبل اجتيازها الحدود "امل ان تساعد زيارتنا الى الشمال في تحسين العلاقات بين الجنوب والشمال".

وكان زوجها الراحل كيم داي جونغ عقد مع كيم جونغ ايل اول قمة بين الكوريتين في التاريخ في العام 2000 بينما كانت مجموعة هيونداي -- وهي مجموعة صناعية منفصلة عن شركة انتاج السيارات هيونداي مونورز -- رائدة في التعاون الاقتصادي بين الجنوب الرأسمالي والشمال الشيوعي. بحسب فرانس برس.

ولم ترسل كوريا الجنوبية وفدا رسميا لكن سيول بعثت "برقية تعازي الى شعب كوريا الشمالية".

والعلاقات متوترة بين الدولتين الجارتين وحاولت حكومة كوريا الجنوبية تهدئة الخواطر منذ اعلان وفاة الزعيم الكوري الشمالي خشية انهيار نظام كوريا الشمالية ما قد يؤدي الى مواجهة مسلحة.

وللسبب نفسه ضاعفت دول المنطقة المشاورات لضمان استقرار البلاد، واعلن رئيس الوزراء الياباني الذي يزور الصين، الحليفة الرئيسية لكوريا الشمالية، ان استقرار شبه الجزيرة الكورية "يصب في مصلحة" طوكيو وبكين على حد سواء، من جهة اخرى، قالت وكالة الانباء الكورية الجنوبية ان الابن الاكبر للزعيم الكوري الشمالي الراحل وصل الى بكين ووضع "تحت الحماية الصينية، ونقلت مصادر مطلعة على نشاطات كيم جونغ نام انه وصل من مكاو حيث يعيش حياة ترف منذ سنوات، الى الصين قبل ايام. ولم تؤكد اي معلومات احتمال مشاركته في تشييع والده في بيونغ يانغ.

الصين

في سياق متصل شهدت المبادلات التجارية بين الصين وكوريا الشمالية تراجعا كبيرا في مدينة داندونغ الحدودية نتيجة وفاة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ ايل، حسب ما اعلن تجار وسائقون، شهدت التجارة عبر الحدود جمودا، وكان المسؤولون عن المبادلات التجارية ونقل السلع ينتظرون الجمعة بقلق للتأكد من عودة الحركة الى طبيعتها مع انتهاء فترة الحداد، وتتقاسم الصين مع كوريا الشمالية حدودا طولها 1415 كلم وتطورت التجارة بين البلدين كثيرا في السنوات الماضية خصوصا في داندونغ، حتى وفاة كيم جونغ ايل، واصبحت هذه المدينة الواقعة في شمال شرق الصين وتعد 2,5 مليون نسمة، مركزا تشتري منه كوريا الشمالية الوقود والاغذية والسلع الاستهلاكية، لكن منذ 19 من كانون الاول تعطلت انشطة عدد من التجار وسائقي الشاحنات. وقال هان ليشين الذي يبيع معدات زراعية في كوريا الشمالية لفرانس برس ان المبادلات التجارية "جمدت تقريبا، واضاف هذا المقاول التي تمثل مبادلاته مع كوريا الشمالية 50 بالمئة من انشطته "لم نقم باي مبادلات تجارية، وفي منطقة لتحميل البضائع في داندونغ قال الموظف تانغ ان عدد الشاحنات التي عبرت الحدود تراجع الى النصف منذ 19 من شهر الماضي، وصرح تانغ في البداية كنت خائفا من ان يتوقفوا عن ارسال منتجات" الى كوريا الشمالية، في حين ان حوالى 15 شاحنة كانت تنتظر في منطقة مخصصة للشحن حيث يتم عادة تحميل عبوات المعكرونة او السجائر والمعدات الزراعية لنقلها الى الجانب الاخر من الحدودن وكما هان يأمل تانغ تحريك النشاط مع انتهاء فترة الحداد الرسمي.

لكن رجل اعمال يدعى يو ويبيع شاحنات لكوريا الشمالية، يقول انه لا يمكنه التكهن باستئناف النشاط مع كوريا الشمالية، وقال معلقا على البلد الاقل انفتاحا في العالم والذي يواجه اوضاعا اقتصادية صعبة جدا "انه بلد غريب وليس كسواه من الدول، ويرى المحللون ان تراجع النشاط التجاري سيكون موقتا، وشهدت التجارة بين البلدين اوجها وازدادت ب87% خلال الاشهر السبع الاولى من السنة لتبلغ 3,1 مليار دولار. ونقل قسم كبير من السلع والمنتجات عبر داندونغ ان عن طريق البر او السكك الحديد، ولمجمل العام 2010 وصلت قيمة المبادلات الى 3,5 مليار دولار بعد ان كانت 2,7 مليارا في 2009 بحسب الارقام الصينية. الا ان الارقام الحقيقية للمبادلات التجارية قد تكون اكبر بكثير اذا ما اخذنا في الاعتبار عمليات مقايضة السلع الاستهلاكية والمواد الاولية. بحسب فرانس برس.

واعربت الصين، حليفة كوريا الشمالية التي تريد ان تكون جارتها دولة مستقرة، عن دعمها لعملية الخلافة في بيونغ يانغ التي شهدت تنصيب كيم جونغ اونن ويقول ليونيد بيتروف الاخصائي في شؤون كوريا الشمالية في جامعة "اوستراليان ناشونال يونيفرسيتي" بكانبيرا انه لا يمكن لبكين ولا بيونغ يانغ قطع "الرابط الحيوي" بين البلدين، وقال ان "الصين ستستمر في مد كوريا الشمالية بالسلع الاستهلاكية المعهودة مقابل المواد الاولية والحديد واليد العاملة الرخيصة". واضاف ان "التجاة بين البلدين ستستمر وستتطور، لكن التجارة الوحيدة التي شهدت ازدهارا خلال فترة الحداد الوطني في الجانب الاخر من الحدود هي تجارة الورود، وارتفع سعر زهرة الاقحوان 10 مرات ليصل الى 20 يوان اي 2,4 يورو بحسب احد التجار.

نابغة في المجال العسكري

على الصعيد نفسه وصفت كوريا الشمالية زعيمها الجديد كيم جونغ اون في يوم عيد ميلاده، بانه "نابغة" في مجال الاستراتيجية العسكرية، وذلك في وثائقي خصص لتمجيد النجل الاصغر لكيم جونغ ايل الذي توفي الشهر الماضي، والوثائقي الذي بثه التلفزيون الكوري الشمالي يظهر مشاهد لكيم جونغ اون يقود دبابة ويصدر اوامر لجنود في اسلحة الجو والبر والبحرية، وجاء في تعليق على الوثائقي "الرفيق كيم جونغ اون ملم تماما بكافة الاستراتيجيات العسكرية (...) ويظهر ميزات القائد العسكري المتمرس، وخلف كيم جونغ اون والده جراء ازمة قلبية عن 69 عاما. وولد كيم جونغ اون في الثامن من كانون الثاني/يناير لكن بيونغ يانغ لم تشر ابدا الى سنة ميلاده. لكن الخبراء الذين يدرسون هذا البلد يقدرون بان عمره يزيد عن 25 سنة ويقل عن ثلاثين، وعيدا ميلاد والده كيم جونغ ايل في 16 شباط/فبراير وجده في 15 نيسان/ابريل يعتبران يومي عطلة رسمية في البلاد، يؤكد الاعلام الرسمي ان كيم جونغ اون وضع اطروحته الاولى في الاستراتيجية العسكرية في سن ال16 وانه لا ينام سوى ثلاث او اربع ساعات كل ليلة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 21/كانون الثاني/2012 - 27صفر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م