شبكة النبأ: يعد عام 2011 الأسوأ على
المستوى الاقتصادي مقارنة بالسنوات القليلة الماضية على المستوى
العالمي، فبعد عام من الأزمة المالية العالمية ازداد الأمر سوءاً مع
انضمام بلدان منطقة اليورو لدائرة الخطر لتتراكم الديون وتبلغ مستويات
قياسية، مما قد يحدث المزيد من الفوضى في الأسواق ويعرض منطقة اليورو
والاقتصاد العالمي لهزات جديدة في عام 2012. ولذلك فقد أصبح من المهم
استشراف الآفاق المستقبلية للأوضاع الاقتصادية في العالم، التي لن تكون
متشابهة في كافة البلدان والتكتلات الاقتصادية.
أما الولايات المتحدة، فأن اقتصادها سيمر بعدة اضطرابات مالية كما
الحال في سنوات الاخيرة من العقد المصرم متأثرة باقصاديات الاوربية
والاسيوية ونمو اقتصاد امريكا الاتينية، ومن هذا يرى المحللون ان
الاقتصاد الأميركي يستعد لاستقبال عام آخر من التخبط .
فيما تشهد بعض دول اميركا اللاتينية نموا قويا يجب ساعد في اجراء
اصلاحات بنيوية واجتماعية ضرورية لضمان نمو دائم كما هو الحال في
البرازيل، لكنها يمكن ان تتضرر بالازمة الاقتصادية في اوروبا والولايات
المتحدة نظرا لاعتمادها على تصدير المواد الاولية.
كما يبدو أن النمو الاقتصادي في اسيا سيتعثر خلال الاشهر القليلة
المقبلة بما يؤدي الى موجة من قرارات تخفيض أسعار الفائدة وارتفاع حجم
الانفاق التحفيزي وهو ما قد يمهد السبيل في النهاية لانتعاش قوي في
النصف الثاني من 2012، إذ قال الخبراء في الاقتصاد الاسيوي لعام 2012
سيكون متذبذبا بين الهبوط الصعود ويبدو أن توقعات الاقتصاديين في نهاية
العام حفلت بفكرة أن الانباء السيئة تولد أنباء طيبة.
وخلاصة القول الحال أن الاقتصاد العالمي برمته في عام 2012 سيعاني
من تقلبات متواصلة وستعاني الأسواق المالية من تذبذبات حادة قبل أن
تستقر إذا ما تمكنت بلدان العالم ومؤسساته المالية من التعامل بمرونة
للتغلب على العديد من الأزمات، وبالأخص أزمة منطقة اليورو.
اقتصاد 2012
على الرغم من تراجع الاقتصاد العالمي في 2011 الا ان استطلاعا جديدا
للرأي اظهر ان غالبية الناس حول العالم متفاءلون بأن عام 2012 سيكون
افضل، ويرى ما يقرب من ثلاثة أرباع المواطنين في 24 بلدا شاركوا في
استطلاع ان 2012 عاما أكثر وردية وتفاؤلا مقارنة بما شهدوه في 2011،
وقال كليفورد يونج وهو نائب رئيس لمعهد ايبسوس للشؤون العامة هذا هو
اول بصيص امل نشهده في السنوات القليلة الماضية.
واضاف كل المؤشرات تشير الى ان الناس يشعرون بفتور ازاء الحاضر الا
ان هناك بصيصا من الامل فيما يتعلق بالقادم، وكان التفاؤل اقوى في
فرنسا واندونيسيا حيث يعتقد 91 بالمئة من السكان ان 2012 سيكون افضل
وجاءت البرازيل بعدهما بنسبة 90 في المئة ثم الهند بنسبة 89 بالمئة،
لكن يبدو ان هذا الجانب المضيء غير مرئي للجميع، وكانت ايطاليا
واليابان والسويد هي الدول الاقل تفاؤلا ازاء المستقبل، وفي تلك
البلدان توقع 45 بالمئة و46 بالمئة و55 بالمئة على التوالي ان يجلب هذا
العام اوقاتا افضل، والمجر وبريطانيا كذلك من بين الدول الاقل تفاؤلاء
اذ كانت النسبة 56 في المئة و58 في المئة على التوالي، واعرب 74 بالمئة
من مواطني الولايات المتحدة عن تفاؤلهم ازاء 2012. بحسب رويترز.
وتوقع اربعة فقط من بين كل عشرة من 21 الفا و245 بالغا تم استطلاع
رأيهم حول العالم ان الاقتصاد العالمي سيكون اقوى في 2012، وكانت فرنسا
والمجر وبلجيكا وايطاليا والسويد هي الاقل توقعا لتحقيق الاقتصاد
العالمي مزيدا من التعافي. في المقابل كانت الاسواق الناشئة اقل حذرا
اذ يعتقد غالبية سكان الهند والبرازيل واندونيسيا والسعودية ان
الاقتصاد العالمي سيكتسب القوة.
ثروة العالم
فقد قال تقرير لبنك كريدي سويس ان ثروة العالم قد تزيد 50 بالمئة
الى 345 تريليون دولار على مدى الاعوام الخمسة القادمة مدعومة بنمو
اجمالي الثروة في الصين لنحو مثليه ونمو قوي في اسيا والمحيط الهادي
وأمريكا اللاتينية وافريقيا، وقال تقرير الثروة العالمية 2011 من قسم
الابحاث في كريدي سويس ان اجمالي الثروة العالمية قفز 14 بالمئة بين
يناير كانون الثاني 2010 ويونيو حزيران 2011 ليصل بنهاية الفترة الى
231 تريليون دولار حيث ساهمت دول اسيا والمحيط الهادي بنسبة 54 بالمئة
من الزيادة، وقال أسامة عباسي الرئيس التنفيذي لمنطقة اسيا والمحيط
الهادي في كريدي سويس نمر بتغير اقتصادي غير مسبوق وثمة اعادة ضبط
جذرية للنظام الاقتصادي العالمي قيد التشكل، الاسواق الناشئة محركات
مهمة للتعافي العالمي وتظل محركات النمو الرئيسية للثروة العالمية، ومن
المتوقع أن تظل الولايات المتحدة على قمة هرم الثروة عام 2016 باجمالي
يبلغ 81 تريليون دولار في حين من المنتظر أن تتقدم الصين على اليابان
لتحتل المركز الثاني بثروة قدرها 39 تريليون دولار أي نحو مثلي المستوى
الحالي.
ويعد البالغون في سويسرا وأستراليا والنرويج هم الاكثر ثراء في
العالم حيث يبلغ متوسط ثروة الافراد البالغين في سويسرا 540 ألفا وعشرة
دولارات وهي البلد الوحيد الذي يتجاوز فيه متوسط ثروة الفرد البالغ 500
ألف دولار. بحسب رويترز.
واستمد متوسط صافي ثروة المواطن السويسري بالدولار دفعة من قوة
الفرنك السويسري الذي زادت قيمته نحو عشرة بالمئة مقابل العملة
الامريكية منذ مطلع السنة وحتى نهاية يونيو.
كارثة لأسبوع واحد فقط
في سياق متصل قال تقرير للمؤسسة البحثية تشاتام هاوس ومقرها
بريطانيا ان الاقتصاد العالمي يمكنه أن يصمد أمام اضطراب على نطاق واسع
جراء كارثة طبيعية كبرى أو هجوم لمسلحين لمدة أقصاها أسبوع، وكشف
التقرير أن تواتر الكوارث الطبيعية مثل الظواهر الجوية الحادة يبدو في
تزايد وقد زادت العولمة من تأثير تلك الكوارث، وأظهرت كوارث مثل سحابة
الرماد البركاني في 2010 التي أوقفت رحلات الطيران في أوروبا والزلازل
وموجات المد العاتية (تسونامي) في اليابان وفيضانات تايلاند العام
الماضي أن القطاعات الرئيسية والشركات يمكن أن تتضرر بشدة اذا تعطل
الانتاج أو النقل لأكثر من أسبوع، وقالت تشاتام هاوس يبدو أن أسبوعا
واحدا هو أقصى درجة تحمل للاقتصاد العالمي، والاقتصاد العالمي هش في
الوقت الحالي ما يجعله عرضة بشكل خاص لصدمات غير متوقعة. وقال التقرير
ان ما يصل الى 30 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي في الدول المتقدمة
تتهدده الازمات بشكل مباشر لا سيما في قطاعات الصناعات التحويلية
والسياحة، وذكر التقرير أن انتشار مرض التهاب الجهاز التنفسي الحاد (سارز)
في اسيا عام 2003 قدر انه كلف الشركات 60 مليار دولار أو حوالي 2
بالمئة من قيمة الناتج المحلي الاجمالي لشرق اسيا، وبعد موجات المد
العاتية (تسونامي) في اليابان والأزمة النووية في مارس اذار العام
الماضي تراجع حجم الانتاج الصناعي العالمي بمقدار 1.1 بالمئة في الشهر
التالي وفقا لتقديرات البنك الدولي، وكلفت سحابة الرماد البركاني في
2010 الاتحاد الأوروبي من 5 الى 10 مليارات يورو ودفعت بعض شركات
الطيران والسفر لحافة الافلاس، واشار التقرير الى انه في حالة الاضطراب
المستمر تخفض بعض الشركات من حجم الاستثمارات والوظائف أو تدرس الاغلاق
مما يؤدي الى انخفاض دائم في نمو الدول، وبشكل عام قال التقرير ان
الحكومات والشركات غير مستعدة بشكل جيد لمجابهة أحداث غير متوقعة ذات
اثار كبيرة ويمكن أن يكون من الصعب التنسيق عبر الحدود. بحسب رويترز.
وأوصت المؤسسة البحثية بالاستعانة بعدة طرق لتحسين استجابة الحكومات
والشركات للإحداث الاستثنائية التي تشمل مجالات مثل النقل والمواصلات
والشفافية والتأمين والاستثمار والتدريب وتحليل التكاليف والاضرار.
صندوق النقد الدولي
فيما حذرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد في
بكين من خطر حصول دوامة من الاضطراب المالي في العالم ما لم تتحرك
الاقتصادات العالمية معا للتصدي للمشاكل الاقتصادية والمالية، مشيرة
الى ان اسيا ليست بمنأى عن الازمة، ودعت الصين ايضا الى ان يكون لها
عملة اقوى في حين ينتقد شركاء الصين سعر صرف اليوان الضعيف معتبرين انه
وراء الفوائض التجارية الضخمة التي تراكمها بكين، وقالت لاغارد "اذا لم
نتحرك معا، فان الاقتصاد في العالم يواجه خطر دوامة من الغموض وعدم
الاستقرار المالي، في اشارة الى ازمات الديون والتهديدات بحصول انكماش،
وذلك اثناء خطاب القته في مستهل زيارتها الى الصين التي تستغرق يومين،
واشارت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي الى ان "الاقتصاد العالمي
دخل في مرحلة خطيرة وغامضة"، مشددة على ترابط اقتصادات العالم. وقالت "اننا
جميعا في مركب واحد وسيكون علينا ان نواجه معا ارتقاء مصيرنا او تقهقره،
وبشان القمة الاوروبية التي تقررت خلالها خطة انقاذ منطقة اليورو
واليونان، واستفادت منها اوروبا لتطلب مساعدة بكين، قالت لاغارد ان "اجتماع
بروكسل شكل خطوة في الاتجاه الصحيح، وتقوم كريستين لاغارد باول زيارة
لها الى الصين بصفتها مديرة عامة لصندوق النقد الدولي، وستدرس مع
المسؤولين الصينيين عواقب ازمة الديون في اوروبا والشروط التي يمكن
لثاني اقتصاد في العالم ان يقدم من خلالها مساعدة اكبر للقارة العجوز،
وخصوصا بواسطة الية جديدة مرتبطة بصندوق النقد الدولي، التقت لاغارد في
العاصمة الصينية حاكم البنك المركزي الصيني جو شياوشوان. وبعد زيارة
بكين، ستتوجه لاغارد الى اليابان، والصين هي الدولة التي تملك اكبر
احتياط من العملات الاجنبية في العالم والذي تبلغ قيمته 3200 مليار
دولار. وتحتل اليابان المرتبة الثانية عالميا من حيث احتياط العملات،
وقالت لاغارد ايضا ان "الصين بحاجة الى عملة اقوى"، في حين لا يزال
يعتبر الشركاء التجاريون للصين ان سعر صرف اليوان هو اقل من قيمته
الحقيقية على الرغم من زيادة قيمة العملة الصينية 7% مقارنة بالدولار
بين 2010 و2011.
ويسمح المسؤولون الاقتصاديون الصينيون بزيادة مرونة سعر صرف اليوان
في وقت لاحق اضافة الى الواردات لاعادة التوازن الى اسعار القطع، لكنهم
لا يريدون المجازفة على الفور بالنسبة الى المصدرين في البلاد الذين
ينشطون مع هوامش ضيقة جدا، ورات المديرة العامة لصندوق النقد الدولي
ايضا ان "الصين تسلك الطريق الصحيح لاعادة توجيه اقتصادها نحو الطلب
الداخلي"، في حين تواصل بكين ملاحقة هذا الهدف بينما يبقى النمو متوقفا
بشكل كبير على الاستثمار والصادرات، وبشكل نسبي على القليل من استهلاك
الاسر، وقالت لاغارد ايضا ان "الصين عنصر رئيسي في مجموعة العشرين وفي
صندوق النقد الدولي ايضا" حيث يضطلع هذا البلد "بدور اكبر بكثير وبصوت
اكثر اهمية للاستماع اليه، وكانت لاغارد تشير الى اصلاح نظام الحصص
وحقوق التصويت داخل صندوق النقد الدولي بما يسمح للصين بان تصبح ثالث
دولة لجهة حقوق التصويت داخل المؤسسة. بحسب فرانس برس.
لكن المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، ومع اشادتها بسلامة
الاقتصاد الصيني ودوره المحرك لدى دول نامية اخرى، اعتبرت ان اسيا لا
تتمتع ب"الحصانة" في مواجهة "انتقال عدوى" الامراض التي تضرب الامم
الغربية، وحذرت كريستين لاغارد من ان اسيا ليست بمنأى. ويتعين على اسيا
ان تكون على استعداد سواء بواسطة التجارة او القطاع المالي اللذين يمكن
ان يلعبا دور تسريع الازمة.
كارثة أخلاقية في السوق
من جهته قال رجل بنوك كبير سابق في معرض تحليله لحركة احتجاجية
تشهدها بريطانيا ان اقتصاد السوق فقد "أسسه الاخلاقية فيما يقترن
بعواقب وخيمة، جاءت تعليقات كين كوستا وهو رئيس سابق لبنك يو.بي.اس
يوروب اند لازارد انترناشونال بعد تعيينه من قبل ريتشارد تشارترز أسقف
لندن لقيادة مبادرة تهدف الى "اعادة الربط بين المال والاخلاق، وأصبحت
بريطانيا مشغولة بأخلاقيات الرأسماليين الكبار منذ أن نصبت مجموعة من
المتظاهرين الساخطين على تجاوزات الرأسمالية الحديثة والتفاوت الهائل
في الثروة خياما خارج كاتدرائية سان بول في لندن الشهر الماضي، وأثار
الجدل الذي سلط احتجاج سان بول الاضواء عليه تعليقات من رئيس الوزراء
المحافظ ديفيد كاميرون ورئيس كنيسة انجلترا كبير أساقفة كانتربري روان
وليامز حيث اثارا تساؤلا حول التنظيم بما في ذلك فرض ضريبة على
المعاملات المالية، وكتب كوستا في صحيفة صنداي تليجراف انه سينظر في "كيف
تمكنت السوق من الانزلاق من قواعدها الاخلاقية، واضاف على مدار بعض
الوقت وخاصة خلال الاندفاع القوي في العقود القلائل الماضية انحرف
اقتصاد السوق عن أسسه الاخلاقية فيما يقترن بعواقب وخيمة، وفي حين انه
لا يزال يعتبر الحوافز المالية على انها شرعية وفعالة يقول ان هناك
حاجة الى اعادة التوازن بين المخاطر والمسؤولية والمكافأة، وتتشابه
مظاهرة سان بول مع غيرها في جميع أنحاء العالم لكنها سلطت الاضواء ليس
على مكافات رجال البنوك ورواتب المديرين فسحب ولكن ايضا على العلاقات
بين الساسة والممولين والكنيسة والدور الذي ينبغي أن تضطلع به في
المجتمع، وكتب كبير اساقفة يورك جون سنتامو وهو ثاني أبرز رجل دين في
كنيسة انجلترا في صحيفة اقليمية في مطلع الاسبوع "الاثار السيئة
للتفاوت الكبير في الدخول بين الاغنياء والفقراء تتمثل في أنها تضعف
حياة المجتمع وتؤدي الى مجتمعات أقل تماسكا. بحسب رويترز.
وأظهرت دراسة جديدة أن كبار مديري الشركات في بريطانيا يحصلون على
زيادة متوسطها 50 في المئة في حين ان غالبية البريطانيين يتعين عليهم
تحمل تجميد الرواتب خلال فترة التقشف التي تفرضها الحكومة لخفض الديون
العالية.
سادس قوة اقتصادية عالمية
بينما تجاوزت البرازيل بريطانيا لتصبح عام 2011 سادس قوة اقتصادية
في العالم كما اعلن مركز الابحاث الاقتصادية والتجارية (سنتر فور
ايكونوميكس اند بيزنس ريسيرتش) ومقره لندن، وفي ترتيبه الاخير وضع
المركز بريطانيا في المركز السابع اقتصاديا في حين تصدرت الولايات
المتحدة الترتيب تليها الصين ثم اليابان في المركز الثالث والمانيا
الرابع وفرنسا الخامس والبرازيل السادس، واوضح مدير المركز دوغلاس
ماكوليامز ان هذا الترتيب يظهر ثقل اسيا المتزايد في الاقتصاد العالمي
على حساب دول غربية، واضاف نرى ايضا ان الدول التي تنتج المواد الاولية
مثل الاغذية والطاقة تحقق نجاحا وتتقدم في الترتيب الاقتصادي العالمي.
كما توقع المركز ان تتمكن بريطانيا عام 2016 من تجاوز فرنسا التي لن
تحتل سوى المركز التاسع للاقتصاديات العالمية عام 2020، واستنادا ايضا
الى المركز فان روسيا والهند سيصعدان الى المرتبتين الرابعة والخامسة
عام 2020. بحسب رويترز.
وقد حققت البرازيل، التي يبلغ عدد سكانها نحو 200 مليون نسمة، نموا
بنسبة 7,5% عام 2010 الا ان الحكومة خفضت توقعاتها للنمو الى 3,5% هذا
العام بسبب التباطؤ القوى للنشاط في الفصل الثالث من العام.
اجندة التنمية
من جهة اخرى دعت جماعات عالمية للتنمية زعماء مجموعة العشرين الى
تصعيد التزاماتهم لمعالجة الامن الغذائي العالمي والتوصل لطرق جديدة
لتعزيز النمو العالمي وافادة الفقراء ايضا، ومع توقع ان تهيمن ازمة
الديون السيادية في اوروبا على اجتماع قمة مجموعة العشرين الذي يعقد
يومي الثالث والرابع من نوفمبر تشرين الثاني في كان بفرنسا توجد مخاوف
ان يتفادي الزعماء اتخاذ قرارات حازمة لمعالجة زيادة تقلب الاسعار
العالمية للغذاء وايجاد طرق جديدة لتمويل التنمية، وقال صمويل
ورثينجتون الذي يرأس جماعة "انتراكشن" وهي تحالف لجماعات التنمية
الدولية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها ان"التحدي الذي يواجه
مجموعة العشرين هو هل باستطاعتها النظر الى ما هو بعد من الازمة
الفورية الى الامور اللازمة لضمان تحقيق رخاء اوسع، ودعا الرئيس
الفرنسي نيكولا ساركوزي الى تحقيق تقدم لمعالجة ارتفاع اسعار الغذاء
وتنمية البنية الاساسية. وطلب من الملياردير بيل جيتس التوصل الى طرق
مبتكرة لزيادة الموارد بالنسبة للدول الفقيرة، وفي مقال نشر في صحيفة
واشنطن بوست يوم الجمعة قال روبرت زوليك رئيس البنك الدولي ان الاقتصاد
العالمي لا يتعثر فقط بسبب العجز الكبير والبنوك المتعثرة وانما ايضا
بسبب البطالة وبطء التنمية، وقال "يتعين على كل الدول معا ان تتفق على
الاقل على عدم فعل امور غبية مثل العودة الى سياسة الحماية او الحروب
التجارية. يتعين على مجموعة العشرين ايضا تعويض الضرر الواقع على
الفقراء الذين لا يجلسون على الطاولة، وأدت ازمة الديون في منطقة
اليورو وتخفيضات الميزانية في الولايات المتحدة من اجل معالجة الدين
الحكومي المرتفع الى ضغط المساعدات الخارجية، واقترح اعضاء جمهوريون في
مجلس النواب الامريكي خفض 8.6 مليار دولار اخرى من ميزانية وزارة
الخارجية والمساعدات الخارجية خلال السنة المالية 2012 التي تبدأ في
اول اكتوبر تشرين الاول . وادت مثل هذه التخفيضات الى التفكير في موارد
جديدة للمساعدات بالنسبة لبرامج التنمية، ومن المتوقع ان يقترح تقرير
جيتس فرض ضرائب على التحويلات المالية والتبغ والملاحة ووقود الطيران
لجمع موارد جديدة للمساعدات وذلك حسبما اشارت مسودة للمقترحات، وضريبة
التحويلات المالية قضية شائكة وتعارضها كندا وبريطانيا والولايات
المتحدة واستراليا والصين لانها تضع اعباء اخرى على البنوك. وتؤيد
فرنسا والمانيا والنمسا هذه الضريبة، ويشير جيتس في المسودة الى انه
حتى فرض ضريبة صغيرة تبلغ عشر نقاط اساسية على الاسهم ونقطتين اساسيتين
على السندات ستجمع نحو 48 مليار دولار بين الدول الاعضاء في مجموعة
العشرين. بحسب رويترز.
وقال بول اوبرين نائب رئيس شؤون السياسة والحملات في جماعة اوكسفام
امريكا للصحفيين "نأمل بان يكون هذا امر تأخذه مجموعة العشرين بشكل جدي
وان تكف الولايات المتحدة على الاقل عن الاعتراض عليه وفي افضل الاحوال
تأييده من اجل معالجة بعض من التحديات الاقتصادية العالمية التي
نواجهها، وقال اوبرين ان مجموعة العشرين اتفقت على ضرورة تعزيز النمو
العالمي ولكن هذه العملية اعاقها عدم استعداد كل من الاقتصاديات
المتقدمة والناشئة بالالتزام بمبادرات جديدة لخلق نمو اقتصادي دائم.
ازمة واشنطن
الى ذلك يلتقي كبار مسؤولي المال في العالم اعتبارا من في واشنطن
ليثبتوا ان بوسعهم معا تفادي تراجع جديد في النمو الاقتصادي بدون
الزيادة من حدة ازمة الديون، بعدما بقوا حتى الان عاجزين عن احتواء
الازمة المالية الجديدة، وعرض صندوق النقد الدولي صورة قاتمة جدا للوضع
الاقتصادي في العالم مشيرا الى تباطؤ معمم في الاقتصاد والى توقعات
سلبية للدول الغربية، مع مخاطر دخول الولايات المتحدة واوروبا انكماشا
جديدا ان لم تحترم الحكومات التزاماتها، وهذه التوقعات ليست سوى تاكيد
لتوجه يلوح منذ الصيف. غير ان صانعي القرار يجدون صعوبة في توجيه رسائل
مطمئنة، والرد "القوي والمنسق" الذي وعدت به دول مجموعة السبع الغنية
في 9 ايلول/سبتمبر لم يكن مقنعا وافترق وزراء مالية الاتحاد الاوروبي
والولايات المتحدة في بولندا على خلاف في وجهات النظر بدون ان يعلنوا
عن اي علاج جديد للمشكلات التي تواجهها منطقة اليورو، واقرت مجموعة
السبع بان الموازنة بين الانعاش الاقتصادي وخفض العجز المالي عملية
دقيقة يصعب تحقيقها، وتدعو واشنطن الى اجراءات جديدة لدعم النمو فيما
يؤيد الاوروبيون بدرجات متفاوتة الالتزام بانضباط مالي صارم، وشدد
المسؤولون الاميركيون مرارا في الاسابيع الاخيرة على وجوب ان تسوي
منطقة اليورو اوضاعها والا فان ازمة ديونها سوف تنتشر الى العالم
باكمله، وافيد في برلين ان الازمة الاوروبية ستكون الموضوع الرئيسي
للقاءات واشنطن ولو انها غير مدرجة رسميا على جدول اعمال الاجتماعات
الخريفية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ولقاءات مجموعة العشرين،
وقال مسؤول اوروبي لا يخفى على احد ان لدينا خلاف في وجهات النظر مع
الولايات المتحدة موضحا انهم يريدون اوروبا مستقرة لكننا نتوقع منهم
ايضا ان يقدموا خطة جديرة بالمصداقية لتوطيد المالية العامة. بحسب
رويترز.
كما ستشكل اجتماعات واشنطن فرصة لاستعراض ما تم احرازه على صعيد
الاولويات الاخرى للرئاسة الفرنسية لمجموعة العشرين، وعلى الاخص اصلاح
النظام النقدي العالمي، قبل شهر ونصف من قمة رؤساء الدول والحكومات
المقرر في كان جنوب شرق فرنسا.
أميركا اللاتينية
في حين اكدت هيئات دولية خلال القمة الايبرية الاميركية الحادية
والعشرين في باراغواي ان اميركا اللاتينية يمكن ان تتضرر بالازمة
الاقتصادية في اوروبا والولايات المتحدة نظرا لاعتمادها على تصدير
المواد الاولية، ودعت اللجنة الاقتصادية في الامم المتحدة لاميركا
اللاتينية ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية والبنك الدولي الى
تنويع في موارد الدول الاميركية اللاتينية وجباية افضل للضرائب، وقالت
اليشا بارثيناس الكسرتية التنفيذية للجنة الاقتصادية ان هذه المنطقة
تؤمن 31 بالمئة من الانتاج العالمي للمحروقات الحيوية و48 بالمئة من
الصويا و47 بالمئة من النحاس و31 بالمئة من اللحوم، واضافت "لدينا وفرة
من الموارد الطبيعية لكننا سنصبح في خطر اذا لم ننتقل بسرعة الى تعديل
عميق في البنية الانتاجية، وجاء هذا التقرير على هامش القمة التي تضم
في اسونسيون قادة 22 بلدا اميركيا لاتينيا الى جانب اسبانيا والبرتغال
واندورا.
واشار البنك الدولي الى تأثير تراجع الطلب وخصوصا من قبل الصين التي
جعلت من الولايات المتحدة وكذلك البرازيل، اكبر اقتصاد في القارة، احد
الشركاء التجاريين الرئيسيين، وقالت نائبة رئيس البنك الدولي باميلا
كوكس للصحافيين اذا انخفضت اسعار المواد الاولية بسبب الازمة في اوروبا
وتراجع الطلب من قبل دول مثل الصين، فسيكون لذلك تأثير اقتصادي كبير في
المنطقة، واضافت ان الديون تبقى منخفضة زالنمو يبقى مرتفعا في الكثير
من الدول لكن علينا ان نشير الى ان نمو عدة دول يعتمد على المواد
الاولية. بحسب رويترز.
وقدر البنك الدولي نسبة النمو في هذه المنطقة بما بين 3,5 واربعة
بالمئة خلال العام الجاري،
وصرح الامين العام لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية انخيل غوريا
ان الدول التي تشهد نموا قويا يجب ان تستغل هذه الفرصة لاجراء اصلاحات
بنيوية واجتماعية ضرورية لضمان نمو دائم، وقدمت اللجنة الاقتصادية في
الامم المتحدة لاميركا اللاتينية ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية
في اسونسيون تقريرا يوصي باصلاحات ضريبية لتحسين جباية الضرائب وتعزيز
الدولة واستثمار المزيد في قطاعل الخدمات العامة والتعليم.
أزمة أوروبا
على صعيد اخر قال روبرت زوليك رئيس البنك الدولي ان بنوك التنمية
يمكن أن توفر تمويلا يصل الى 200 مليار دولار لمساعدة البلدان الفقيرة
على التعامل مع الصدمات الناتجة عن أزمة الديون السيادية الاوروبية،
وقبل قمة مجموعة العشرين المقررة في فرنسا قال زوليك ان الدول النامية
تشعر بوطأة أزمة ديون منطقة اليورو من خلال تفاقم الاضطرابات بالسوق
وضعف الطلب فضلا عن مؤشرات على تقلص تمويل التجارة في غرب افريقيا،
وقال "قدرنا مع بنوك تنمية اقليمية ان بوسعنا أن تقدم تمويلا بأكثر
قليلا من 200 مليار دولار من خلال السحب من عدة أدوات، واضاف المبلغ
الذي سيقدمه البنك الدولي من هذا التمويل حوالي 115 مليار دولار، وقال
ان بنوكا اوروبية تبيع بالفعل اصولا لجمع راسمال وان هناك خطرا من أن
تقلص الاقراض وهو ما سيؤثر على بلدان في جنوب شرق أوروبا ومنطقة
البلقان، وحث زوليك مجموعة العشرين على دعم الثقة بالسوق والالتزام
بخطوات لتعزيز النمو العالمي وخلق الوظائف، وقال ان أحد سبل تعزيز
النمو العالمي هو ضمان مشاركة الدول النامية في أي خطط للمجموعة لدعم
النمو وتوفير الوظائف من خلال زيادة الاستثمار في البنية التحتية
والتجارة، وقال انه ينبغي لاوروبا ألا تتطلع الى حل سحري من الصينيين"
في حين أن متوسط دخل الفرد في الصين 4000 دولار مقارنة مع 38 ألفا في
أوروبا. بحسب فرانس برس.
ودعا رئيس البنك الدولي مجموعة العشرين أيضا الى التحرك للتصدي
لتقلب أسعار الغذاء الذي يضر بالفقراء، وأظهر مؤشر محدث لاسعار الغذاء
في ربع عام أصدره البنك الدولي يوم الثلاثاء أن اسعار الغذاء ما زالت
مرتفعة ومتقلبة.
اسيا
الى ذلك بدأت عواقب ازمة الديون الاوروبية تظهر في اسيا حيث تكبح
صادرات دول المنطقة التي سيترتب عليها ايجاد محركات اخرى مثل الاستهلاك
الداخلي لتحقيق النمو الاقتصادي، بحسب ما اوضحت هيئات دولية ومحللون،
وتتوقع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في تقريرها لهذه المنطقة ان
تسجل الاقتصادات الست الكبرى في جنوب شرق اسيا (اندونيسيا وماليزيا
والفيليبين وسنغافورة وتايلاند وفيتنام) متوسط نمو قدره 5% عام 2011
و5,6% بين 2012 و2016، اي بتراجع نقطتين عن العام 2010، وقام محللو بنك
مورغان ستانلي الاميركي بتخفيض توقعاتهم للنمو في اسيا (باستثناء
اليابان) للمرة الثانية خلال ثلاثة اشهر، حيث باتوا يتوقعون ارتفاع
اجمالي الناتج الداخلي في المنطقة بنسبة 6,9% للعام 2012 بعد 7,3%
سابقا، وحذر المصرف من ان دول المنطقة الاكثر اعتمادا على التصدير
(هونغ كونغ وسنغافورة وتايوان وماليزيا وكوريا الجنوبية وتايلاند)
ستكون الاكثر عرضة لتفاقم الوضع الاقتصادي العالمي نتيجة الازمة في
اوروبا وضعف الانتعاش الاقتصادي في الولايات المتحدة، واشار بنك كوريا
الجنوبية المركزي في هذا السياق الى ان صادرات البلاد تراجعت في السنة
الماضية، ورأى ستانلي مورغان ان حتى الدول التي تملك سوقا داخلية كبيرة
(الصين واندونيسيا والهند) "لن تنجو" من عواقب هذه الظروف الخارجية
المتردية، وحذرت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية من ان منطقة اليورو
دخلت على ما يبدو في "انكماش طفيف" نتيجة ازمة الديون التي قد تكون لها
في حال تفاقمت عواقب "مدمرة" للاقتصاد العالمي.
كما اشار البنك الدولي الى ان نمو الدول الناشئة من شرق اسيا يعاني
من الازمة الاوروبية، لكن الصين تحميها من تراجع كبير ومفاجئ في النشاط
الاقتصادي، بحسب ما ذكر في تقريره نصف السنوي للمنطقة الصادر الاسبوع
الماضي، وذكر البنك الدولي ان "تباطؤ النمو في اوروبا في اعقاب التقشف
المالي واعادة رسملة المصارف يؤثر على شرق اسيا، لكنه لفت الى ان
"احتياطات كبيرة (من العملات الاجنبية) وحسابات جارية تسجل فائضا تحمي
معظم دول المنطقة" من اي عواقب شديدة، وبعدما حرمت هذه الدول من
منافذها على اوروبا، فهي تلتفت الى الصين وسوقها الضخمة التي تشمل 1,3
مليار نسمة والتي يتوقع ان تحل قريبا جدا محل الاتحاد الاوروبي في
المرتبة الثانية لاكبر المستوردين في العالم بعد الولايات المتحدة،
وباتت دول شرق اسيا الناشئة تمثل 18% من الواردات الصينية من المنتجات
الاستهلاكية بحسب ارقام البنك الدولي، كما يشير البنك الى ان هذه الدول
ستعزز استقلالها الاقتصادي باصلاح انظمتها الاقتصادية والاستثمار من
اجل "ضمان نمو اقوى يكون محركه الاستهلاك الداخلي، كما يترتب عليها ان
تبذل جهدا كبيرا في مجال التربية والاعداد ان ارادت "تحسين انتاجيتها
وتوجيه اقتصادها الى انتاج ذي قيمة مضافة اكبر. بحسب فرانس برس.
وقال ماريو بيتزيني المسؤول في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية
الثلاثاء انه "من الضروري اعتماد نمط جديد من النمو في جنوب شرق اسيا،
واضاف ان "الجانب الايجابي لتزايد الشكوك (بشان الاقتصاد العالمي) هو
انه يوفر فرصة لاعادة ابتكار النمو" موضحا ان "اقتصادات جنوب شرق اسيا
التي تعتمد بقوة على الطلب الخارجي، سترى +المحركات الداخلية+ تلعب
دورا اكبر، وتضم هذه "المحركات الداخلية" بحسب التقرير الاستثمارات في
البنى التحتية واستهلاك الاسر المدعوم بتزايد حجم الطبقة الوسطى واصلاح
السياسات الاجتماعية. |