مواقف الأزهر... بين قتلى طالبان الى شهداء العراق

عبد الأمير رويح

 

شبكة النبأ: على خلفية ما عرض من صور وتسجيلات قيل أنها لجنود أمريكان يتبولون على جثث لمقاتلين من طالبان سارع شيوخ الأزهر وغيرهم من علماء الدين للاستنكار والادنه ورفض مثل هكذا تصرفات مسيئة.

ومع الرفض القاطع لمثل هكذا تصرفات بعيدة عن كل القيم والأعراف لازال البعض يتساءل عن سبب مواقف الأزهر المزدوجة، وكيلها بمكيالين إزاء دماء المسلمين التي تراق في أكثر من بلد، فالأصوات التي ارتفعت من داخل الأزهر لا تزال تلتزم الصمت تجاه القضية العراقية وما يسقط من أبرياء على يد الجماعات المسلحة، سيما بعد انتفاء الذرائع إثر خروج القوات الأمريكية من أراضيه.

حيث تزامنت حادثة الجنود الأمريكان مع سقوط عشرات الشهداء والجرحى من زائري العتبات المقدسة في العراق، على يد التفجيرات الإرهابية التي نفذتها فلول تنظيم القاعدة في تلك الدولة، الأمر الذي يضع أكثر من علامة استفهام كبيرة حيال موقف الأزهر طيلة السنوات الماضية والجارية، ولماذا التزم فقهائه الصمت اتجاه القتل والتنكيل الذي يطال الشعب العراقي المسلم.

الأزهر يدين!

فقد أدانت مؤسسة الأزهر المصرية حادث ما يبدو انه جنود امريكيون يبولون على جثث مقاتلين افغان ووصفته بأنه "انتهاك فاضح" لحرمة الموتى. ويظهر الفيديو الذي نشر بموقع يوتيوب ومواقع اخرى اربعة رجال في زي مشاة البحرية الامريكية يبولون على ثلاث جثث. ويقول احدهم مازحا "يومك سعيد يا صديقي" بينما يلقي اخر مزحة بذيئة. وقال مستشار كبير للإمام الأكبر للأزهر هذا انتهاك لحرمة الشهداء الافغان وامر صادم لأبسط مبادئ التحضر الإنسانية." بحسب رويترز.

وعززت الصور إحساسا في العالم الاسلامي بأن الحملات العسكرية الامريكية في افغانستان منذ 2001 وفي العراق من 2003 بعيدة عن جلب السلام والديمقراطية وانها فرصة لتأكيد السلطة الامريكية على الشعوب المسلمة. وقال مستشار الأزهر نقلا عن الامام الاكبر الشيخ احمد الطيب "يدل (ذلك) على خواء وافلاس الحضارة التي ينتسب اليها هؤلاء المعتدون."

واثأر الحادث الغضب في افغانستان ايضا لكن حركة طالبان المتمردة قالت انه لن يضر بالجهود الوليدة للتوسط في محادثات سلام. وأدانت الولايات المتحدة السلوك الذي ظهر في الفيديو ووعدت بإجراء تحقيق.

حرمة الموتى

وبدت تلك القطات المصورة في نظر كثيرين تذكيرا مريرا بما يخشونه من أن الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان لم تكن مجرد قتال للمسلمين ولكن إذلالا لهم. فقد قال أبو مصطفى (85 عاما) الذي قضى ستة أشهر في سجن أبو غريب في العراق في عام 2005 "لو بالوا علينا لكان أفضل مما فعلوه بنا... الأمريكيون اعتدوا علي بالضرب والتعذيب النفسي."

وقال المزارع العراقي رحيم الزيدي (37 عاما) والذي سجن في ابو غريب ايضا حيث تم تصوير جنود أمريكيين اساءوا معاملة محتجزين عراقيين "تجري كثير من الجرائم البشعة الاخرى في البلدان التي تدخلها القوات الامريكية ولا يستطيع احد ان يمنعهم."

وقال وزير الدفاع الامريكي ليون بانيتا "شاهدت اللقطات المصورة ووجدت ان السلوك الذي ظهر بها مستهجن بشكل قاطع...أولئك الذين يثبت أنهم ضالعون في مثل هذا السلوك سيحاسبون الى أقصى درجة." بحسب رويترز.

ومع ذلك فمن المتوقع أن يعزز هذا الفيديو الرأي القائل بأن الرئيس الامريكي باراك أوباما الذي وعد بمحاولة تحسين العلاقات مع العالم الاسلامي لم يكن أفضل من سلفه جورج بوش.

وقال زكي بني رشيد القيادي بجبهة العمل الاسلامي في الاردن وهي حزب المعارضة الرئيسي "قام أوباما بلفتات ايجابية للعالم الاسلامي لكن في الواقع... كما هو الحال في جوانتانامو فالحكومة لم تف بوعودها وفشلت في كسب القلوب والعقول." وأضاف "يجري تكرار الاخطاء التي ارتكبتها الحكومات الامريكية السابقة والتي افقدتهم التأييد بين المسلمين."

وقال صادق رئيس مركز الدراسات المسكونية في عمان انه رغم ان أوباما قد وعد بالانفتاح على العالم الاسلامي الا ان "الاستلام وفوبيا (الخوف من الاسلام) وممارسة تصوير الاخرين بأنهم ارهابيون في تزايد."

مواقف وأراء

ومن المرجح ان يستغل هذا الفيديو تنظيم القاعدة وغيره من الجماعات الاسلامية المتشددة التي تظهر دعايتها روايات عن المسلمين المضطهدين على يد القوى الاستعمارية الاوروبية في السابق ثم على يد الولايات المتحدة. وقال مستخدمو المنتديات على المواقع الاسلامية على الانترنت ان سلوك الجنود الامريكيين سيزيد من تصميمهم. وكتب مستخدم اسمه معتز على احد المواقع "هذه هي أخلاق الجنود الامريكيين المنحرفين. هم صليبيون بغيضون... تفوق قيمة شهدائنا أمريكا وجميع الذين يعيشون هناك."

وفي نظر عبد الله الحاج النشط في اليمن حيث يلقي المحتجون المطالبون بالديمقراطية باللوم على واشنطن لحمايتها الرئيس علي عبد الله صالح فقد زاد الحادث من كرهه للسياسيات الامريكية. وقال "ما فعله الجنود الامريكيون ليس غريبا. لقد فعلوا أشياء أسوأ في العراق. كل يوم يثبتون أن ما نسمعه عن (القيم الحضارية) أكذوبة."

وحاولت حكومة أوباما مراجعة سياسات الحكومة الامريكية السابقة التي شنت الحروب في العراق وأفغانستان التي كثيرا ما قال عنها أوباما انها أضرت بصورة الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 18/كانون الثاني/2012 - 24صفر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م