العراق انقسام أم تقسيم... أزمة السياسة والقضاء

محمد حميد الصواف

شبكة النبأ: لا يزال الانقسام السياسي يهيمن على المشهد العراقي بسبب قضية نائب الرئيس المتهم بالإرهاب، على الرغم من الوساطات المكثفة محليا ودوليا لوأد الخلاف القائم بين كتلتي التحالف الوطني والعراقية الشريك الأبرز لائتلاف دولة القانون في الكابينة الوزارية.

ويقاطع نواب الكتلة العراقية ووزراءها جلسات مجلسي النواب والوزراء، مهددين في الوقت ذاته بالانسحاب من العملية السياسية برمتها في حال لم يستجب رئيس الوزراء نوري المالكي لمطالبهم الأساسية، والتي تتمثل بنقل محاكمة الهاشمي الى كردستان وسحب طلب حجب الثقة عن صالح المطلك الذي تقدم به المالكي لمجلس النواب إثر عودته من أمريكا.

وهو ما يرفضه التحالف الوطني جملة وتفصيلا، باعتبار ان القضاء يجب ان يكون خارج الضغوط السياسية ويتمتع بالاستقلال حسب الدستور، فيما كان الموقف من المؤتمر الوطني الذي دعا له رئيس الجمهورية مرحبا به من مكونات التحالف الوطني.

ويرجح بعض المراقبين للشأن العراقي استمرار الأزمة القائمة، خصوصا ان التدخلات الإقليمية تعرقل مبادرات التسوية المطروحة، نظرا لتأثير تلك التدخلات على قرار الفرقاء السياسيين، وسبق ان اتهمت الحكومة العراقية بعض اطراف العراقية بالإمتثال الى أوامر من بعض دول الخليج لضرب العملية السياسية وعرقلتها.

التدخل الأجنبي

فقد انتقد علي الموسوي المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء العراقي مطالب ثلاثة من قادة القائمة العراقية بتدخل الولايات المتحدة لانقاذ العراق من سياسة نوري المالكي، معتبرين انها ستدفع البلاد الى "حرب اهلية".

وكانت صحيفة نيويورك تايمز نشرت رسالة حملت تواقيع رئيس القائمة اياد علاوي واثنين من ابرز قادتها اسامة النجيفي ورافع العيساوي، يتهمون فيها المالكي بانه "سائر نحو استبداد طائفي يحمل معه خطر اندلاع حرب اهلية تأتي على الاخضر واليابس".

وطالبت الرسالة الولايات المتحدة "بالتحرك بسرعة للمساعدة في تشكيل حكومة وفاق ناجحة، والا سينتهي العراق". لكن النجيفي وهو رئيس مجلس النواب، نأى بنفسه عن هذه الرسالة ونفى نفيا قاطعا علمه بها مؤكدا ان اسمه حشر فيها.

وقال الموسوي في رسالة نشرتها صحيفة نيويورك تايمز ايضا ان "السادة كتاب الرسالة يملكون مقاعد كثيرة في الحكومة والبرلمان ويمكن ان يلجأوا اليها لحل الخلافات وتمرير القناعات والآراء التي يرون صوابها ويستطيعون فرضها حتى على الحكومة ان وفروا لها الاكثرية اللازمة".

واشار الموسوي في رسالته الى انه "من العدل ان نتساءل لماذا لا يحاول هؤلاء السادة صنع التغييرات التي يدعون اليها من خلال الهيئة التشريعية بدلا من طلب التدخل الخارجي؟".

وذكر بان "اصحاب الرسالة تهربوا من الآلية الديموقراطية بعد ان عجزوا عن تحقيقها بالوسائل المشروعة في البرلمان". وقال ان "الحكومة العراقية تلقت رسالة من المواطنين من جميع أنحاء البلاد، هي -لا نريد العودة الى الصراع الطائفي والعنف-".

ورفض الموسوي توجيه "اتهام الى رئيس الوزراء بتفويض مهام وزارتي الدفاع والامن الوطني الى ضباط موالين له من حزب الدعوة". واشار الى ان "وزارة الدفاع تدار حاليا من قبل وزير من العراقية اصلا ومشهود له بالاحتراف وشغل سابقا المنصب ذاته. كما اختارت الحكومة مسؤولين امنيين من الجيش السابق وربما كان بينهم ينتمون الى حزب البعث، ولكنهم معروفون بمهنيتهم وولائهم للشعب".

ونبه الموسوي الى ان "كتاب الرسالة حاولوا اعطاء انطباع بان الحكومة يقودها حزب واحد في حين ان رئيس الوزراء ينتمي الى حزب الدعوة وهو جزء من التحالف الوطني الذي يمثل جزءا من تحالف يشارك فيه وزراء العراقية ويشغلون فيه تسعة مناصب وزارية".

وتابع متغربا ان القائمة العراقية "جزء من الحكومة لكنهم يتصرفون كانهم فصيل معارضة ويسعون الى عرقلة ادائها (...) وفي الوقت نفسه يشكون من ان الحكومة لا تعمل بشكل جيد".

ووصف الموسوي موقف العراقية بانه "مثال حزين للشراكة الوطنية التي يتحدثون عنها في حين انهم مستعدون لتقديم تنازلات عن المصالح الوطنية للعراق بما في ذلك علاقاتنا الاستراتجية مع الولايات المتحدة، من اجل اهداف سياسية خاصة بهم".

من جهة اخرى، قال الموسوي لفرانس برس بخصوص اتهام المالكي بالتفرد، ان "الديكتاتورية التي يحذر منها السادة كثيرا لا نعتمد في عدم عودتها الى سجايا الزعماء السياسيين وحسن نواياهم مهما بلغت، ولكن نعتمد في ذلك على الآليات الديموقرطية والأساليب الدستورية المتبعة في الانظمة الديموقراطية وفي اتخاذ القرار والنظام الديموقراطي الذي لا يسمح بعودتها إطلاقا وهي ذهبت الى غير رجعة".

واضاف "فهناك برلمان وقبل البرلمان هناك الحكومة التي تتشكل من جميع الكتل وتتخذ القرارات داخلها بالتصويت وكثيرا ما تصوب قرارات ورئيس الوزراء معارض لها او تفشل وهو مؤيد لها لانه لا يملك الا صوتا واحدا كأي وزير اخر". بحسب فرانس برس.

واكد الموسوي انه "على العكس من ذلك فنحن نعاني من تشتت القرار وتعدد مراكز القوى كأي نظام يقوم على انقاظ نظام ديكتاتوري مفرط في استبداده حيث يدفعها خوفها من عودة الديكتاتورية الى تفتيت مركز القرار وتوزيعه بين مراكز عديدة تحتاج في اغلب الحالات الى جولة جديدة من التعديلات الدستورية لإعادة تركيزه مرة اخرى".

وقال الموسوي "غادرنا خندق الطائفية المقيتة وذلك من خلال سلوك مهني قامت به الحكومة وضربت بشدة على ايدي الإرهابيين والميليشيات في البصرة وكربلاء ونينوى والأنبار وغيرها دون تمييز وكسبت ثقة المواطنين والكل يعلم ان من ينجح في قبر الطائفية وهي هائجة لا يمكن ان يعود اليها مرة اخرى ليوقظها وهي نائمة وسيبقى يحاربها ولا يسمح بتغلغلها مرة اخرى في مفاصل الدولة باسماء وواجهات مختلفة. وان كانت باسم محاربة الطائفية نفسها".

كما اعلن علي الموسوي ان وزراء "القائمة العراقية" الذين يقاطعون جلسات الحكومة منذ منتصف كانون الاول/ديسمبر لن يقالوا من مناصبهم بل سيعتبرون "في اجازة". وكان المالكي هدد في السابق باقالة الوزراء المقاطعين من مناصبهم. واعتبرت هذه الخطوة بادرة تهدئة لمنع الازمة السياسية القائمة حاليا في العراق من التفاقم بعد توجيه تهمة التورط في الارهاب الى نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي.

وقال الموسوي "لا يمكن ان نسمح بان توقف الحكومة عملها"، موضحا ان "غيابهم اعطانا احتمالين: اما اقالتهم واما اعتبارهم في اجازة. وقد صوت مجلس الوزراء على اعتبارهم في اجازة".

وقائمة "العراقية" التي احتلت المرتبة الثانية في مجلس النواب مع 82 نائبا وراء 150 نائبا من الائتلاف الوطني في البرلمان، والذي يضم احزابا دينية شيعية، تتمثل بتسعة وزراء في الحكومة وتحظى بدعم السنة.

تسليم الهاشمي

من جهته لا يرغب اقليم كردستان العراق شبه المستقل في تسليم طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي للحكومة المركزية التي طلبت ذلك رسميا ليواجه اتهامات بادارة فرق اغتيالات. ولم يرفض المسؤولون الاكراد رسميا اعتقال الزعيم السني وتسليمه لبغداد لكنهم قالوا انه ينبغي للحكومة المركزية قبول طلب الهاشمي بأن تجرى محاكمته خارج العاصمة العراقية.

وينفي الهاشمي الاتهامات وسافر الى المنطقة الكردية بعدما سعت الحكومة المركزية لاعتقاله. ويقول الهاشمي انه مستعد لمواجهة التهم لكن لا يريد أن تجرى محاكمته في بغداد حيث يعتقد أن رئيس الوزراء نوري المالكي يسيطر على القضاء.

واصدرت الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة مذكرة اعتقال بحق الهاشمي في منتصف ديسمبر كانون الاول بعد فترة قليلة من انسحاب اخر القوات الامريكية من البلاد. وأشعل هذا فتيل أزمة سياسية تهدد الائتلاف الحاكم الهش رغم أنه مدعوم من السنة والاكراد.

والهاشمي عضو كبير في الكتلة الرئيسية المدعومة من السنة. وأثارت محاولة اعتقاله وعزل زعماء سنة اخرين مخاوف من العودة الى العنف الطائفي بين السنة والشيعة والذي قتل عشرات الالاف في 2006 و2007. وقتل عشرات الاشخاص في سلسلة من التفجيرات استهدفت مناطق معظمها تسكنه أغلبية من الشيعة منذ انسحاب القوات الامريكية.

وقال الدكتور فؤاد حسين مدير مكتب رئيس اقليم كردستان "قال نائب الرئيس انه مستعد للمثول أمام المحكمة .. وما دام مستعدا للذهاب الى المحكمة فلم يجب اعتقاله.." واضاف "يجب أن يجهزوا مكانا امنا ونزيها للمحاكمة واذا فعلوا ذلك فسيذهب اليه بنفسه." بحسب رويترز.

واقترح الهاشمي أن تجرى محاكمته في المنطقة الكردية أو في كركوك وهي مدينة خارج المنطقة الكردية لكن تتمتع الاحزاب الكردية والسنية فيها بنفوذ قوي. ونقلت وكالة جيهان للانباء وهي وكالة تركية خاصة عن الهاشمي قوله "كركوك منطقة مشتركة بيني وبينهم. المحاكم هناك حسنة السمعة وعادلة. أنتظر ردا من بغداد بشأن هذه القضية."

ويعيش الهاشمي حاليا في دار ضيافة تابعة للرئيس جلال الطالباني وهو كردي في محافظة السليمانية داخل منطقة كردستان التي يسيطر عليها الاكراد في شمال العراق. وقال الطالباني ان الهاشمي ليس هاربا ولا يزال نائبا للرئيس. واضاف أنه متهم ولم تثبت ادانته ووفقا للقانون فالمتهم بريء حتى تثبت ادانته. وتابع يقول انه لا يرفض المثول أمام المحكمة وانما كل ما يطلبه هو نقل مكان المحاكمة من بغداد الى كركوك وانه مستعد للذهاب الى المحكمة في كركوك التي قال انها تخضع للحكومة المركزية.

ويصر مسؤولون قضائيون اكراد على أنه لا يحق للحكومة المركزية ارسال قوات أمن لاعتقال الهاشمي في كردستان التي لها جيش وشرطة خاصين بها. وبدافع حرصهم الشديد على وضعهم الذي اكتسبوه بصعوبة يحجم الزعماء الاكراد عن الانجرار الى الخلافات بين الشيعة والسنة وظلوا الى حد كبير اما بعيدين عنها أو حاولوا التوسط بين الكثير من الفصائل.

واقترح مسعود البرزاني رئيس كردستان عقد مؤتمر لحل الخلافات السياسية بشأن قضية الهاشمي وهي فكرة تبناها فيما بعد المالكي. وقال حسين مدير مكتب البرزاني "المكان وجدول الاعمال والمدعوون .. كل تلك أمور محل خلاف. حكومة بغداد تقول .. رئيس الوزراء والرئيس يقولان انهما سيدعوان اشخاصا .. لكنهما لم يقررا متى وكيف."

طلب رسمي

فيما جاء تحرك المالكي للقبض على الهاشمي وطلبه من البرلمان العراقي عزل نائبه السني صالح المطلك قبل ايام من وقوع سلسلة تفجيرات في مناطق ببغداد يغلب على سكانها الشيعية اسفرت عن مقتل 72 شخصا على الاقل مما جدد المخاوف من تجدد العنف الطائفي في العراق.

وقال اللواء حسين كمال نائب وزير الداخلية العراقي لشؤون الاستخبارات ان السلطات العراقية ارسلت طلبا الى وزارة الداخلية وقوات الامن في اقليم كردستان بتسليم الهاشمي و12 اخرين معه الى السلطات القضائية في بغداد.

وقال كمال ان هذه ليست المرة الاولى التي تطلب فيها بغداد تسليم مشتبه بهم وهاربين. واضاف ان على السلطات الاقليمية في كردستان الاستجابة للطلب بحكم التعاون الدائم في هذا المجال.

لكنه قال في الوقت نفسه ان الحكومة المركزية لا تملك الحق في ارسال قوات امنية للقبض على الهاشمي في كردستان التي تملك جيشها وشرطتها المنفصلين عن الحكومة المركزية. بحسب رويترز.

وقال ان الاقليم له وضعية خاصة لان له قواته الامنية الخاصة نص عليها الدستور العراقي. فلا يمكن للاكراد ان يدخلوا لاعتقال مشتبه بهم في العراق كما لا يمكن للحكومة المركزية اعتقال مطلوبين في كردستان. واضاف ان هذه المسألة سياسية ويجب حلها من خلال التعاون المشترك.

الأكراد والخلافات الطائفية

قال رئيس اقليم كردستان العراق ان الاكراد عازمون على عدم الانزلاق الى خلاف طائفي، وقال مسعود البرزاني انه لا يريد الانجرار الى هذا الوضع. واضاف أن الاكراد ليسوا جزءا من الخلاف الطائفي الدائر هناك. واوضح أنهم بالطبع جزء من الخلاف السياسي والصراع السياسي لكن ليسوا جزءا من الخلاف الطائفي.

ودعا الاكراد الى مؤتمر وطني لتسوية الخلافات بين المالكي وكتلة العراقية التي تتشكل من طوائف مختلفة وتقاطع البرلمان واجتماعات الحكومة متهمة حكومة المالكي التي يقودها الشيعة بتركيز السلطات في يدها.

وقال البرزاني ان الاكراد ينتظرون اتفاق الاطراف المعنية بشأن مكان وزمان الاجتماع. واضاف البرزاني أنه مستعد لاستضافة المؤتمر لكن مصادر سياسية قالت ان المالكي يعارض الاجتماع في العاصمة الكردية اربيل ويريد تسوية قضية الهاشمي أولا.

وقال البرزاني الذي كان يرتدي الزي الكردي التقليدي انه اذا قررت الكتل تحديد مكان اخر للاجتماع فالامر متروك لها لكن المكان لا يمثل مشكلة بالنسبة للاكراد. غير أنه عبر عن اعتقاده بأن كثيرا من الجماعات المعنية غير مستعدة للذهاب الى بغداد. بحسب رويترز.

وفيما يتعلق بمصير الهاشمي قال البرزاني ان هذا شيء يجب أن يقرره النظام القضائي والمحاكم وان الاكراد لن يتدخلوا في أي اجراءات يقررها النظام القضائي. وتضع الازمة الاكراد في وضع محفوف بالمخاطر لكن يمكن أن يكون أيضا موضع قوة كوسطاء اذا أمكن التوصل الى أي اتفاق سياسي وسوف تحتاج كتلة المالكي وكتلة العراقية الى دعم الاكراد في البرلمان في اطار المواجهة بين الكتلتين.

وربما يستغل الاكراد ذلك كوسيلة للحصول على تنازلات بشأن مصالحهم الاستراتيجية مثل السيطرة على موارد النفط والخلافات الاقليمية مع بغداد. ورغم تمتع منطقتهم الجبلية في شمال العراق بأمن نسبي يشعر الاكراد بالاستياء من تقاعس بغداد عن تسوية وضع مدينة كركوك التي توجد بها احتياطيات نفطية هائلة وتقول الحكومة الكردية انها جزء من كردستان.

وحددت المادة 140 من الدستور عام 2007 موعدا لاجراء استفتاء بشأن مصيرها لكنه لم يتم حتى الان. وقال البرزاني -الذي قاد قوات البشمركة التي حاربت صدام بدءا من 1979 بعد وفاة والده الذي حارب حكم بغداد منذ الاربعينات- ان الاكراد اختاروا الوحدة الطوعية بين العرب والاكراد وان يكون نظام الحكم في العراق اتحاديا. وأضاف ان هذا حق دستوري للاكراد ولشعب العراق. وقال ان منع تنفيذ مواد دستورية سيدفع البلاد الى مشاكل كبيرة وسيجلب كوارث.

وفي ظل تعثر اقرار قانون طال انتظاره بشأن استغلال الثروات النفطية في المستقبل بسبب التشاحن السياسي في بغداد ايضا مضت الحكومة الكردية قدما ووقعت اتفاقات نفطية خاصة بها أبرزها مع اكسون موبيل وهو ما اثار غضبا شديدا من جانب مشاركين اخرين في الحكومة المركزية. وقال البرزاني ان هناك اتفاقا مع بغداد بأن يواصل كل جانب توقيع مثل هذه العقود الى أن يصدر قانون النفط.

ويشمل الاتفاق مع اكسون مناطق تتنازع اربيل وبغداد عليها. وقال البرزاني ان الاكراد يعتبرون الاماكن التي توصف بأنها أراض متنازع عليها جزءا من منطقة كردستان. واضاف أنه اذا كانت بغداد تنازع في ذلك فلتطبق المادة 140 وفق ما ينص عليه الدستور.

جماعة شيعية تلقي السلاح

من جانب آخر قال زعيم جماعة عصائب الحق الشيعية التي نفذت بعضا من أكبر الهجمات على الاجانب خلال حرب العراق ان الجماعة ستلقي السلاح ومستعدة للمشاركة في العملية السياسية. وقال قيس الخزعلي "ان مرحلة من مراحل العراق التاريخية قد انطوت ومرحلة الصراع العسكري بين المقاومة العراقية وقوات الاحتلال... انتهت بانتصار عسكري عراقي على مستوى التاريخ وهزيمة وفشل أمريكي متميز على مستوى التاريخ." وأضاف الخزعلي أن الجماعة تعتزم تسليم رفات الحارس البريطاني الان ماكمينمي الذي خطف مع أربعة أشخاص اخرين في عام 2007 دون شروط.

ومضى قائلا "نحن نعتقد أننا أدينا دورنا في جانب تحرير بلدنا واكمال السيادة... لم يكن هذا المنجز السياسي ليتحقق لولا المقاومة العراقية لان الحرية لا تشترى بالكلمات وانما بالطلقات. لقد انتهينا من هذه المرحلة بحمد الله."

وبالاضافة الى المسلحين السنة المرتبطين بتنظيم القاعدة تعتبر عصائب الحق وكتائب حزب الله وغيرها من الجماعات المنبثقة عن جيش المهدي لاعبين رئيسيين في ساحة المعركة بالعراق في السنوات الاخيرة.

ويقول مسؤولون أمريكيون ان ايران تمول عصائب الحق وأنحوا باللائمة مرارا على هذه الميليشيا وعلى كتائب حزب الله في شن هجمات على القوات الامريكية التي انسحب اخر جنودها من العراق في 18 ديسمبر كانون الاول. بحسب رويترز.

وردا على سؤال بشأن نية الخزعلي المعلنة انهاء دور عصائب الحق في الصراع المسلح قال سفير الولايات المتحدة لدى العراق جيمس جيفري "سمعنا عن ذلك من قبل." وأضاف "انهم يشنون هجمات حتى الاسبوع الماضي وبالتالي سنرى.. من المؤكد أن أي شخص يلقي سلاحه في أي وقت في العراق فهذا شيء جيد."

ورفض الخزعلي الرد على الزعم الامريكي بأن عصائب الحق ممولة ومسلحة من قبل ايران. وقال "كون ايران أو غيرها هي أحد مصادر الدعم لنا أو لا فهذا لا يمكن البوح به لا نثبته ولا ننفيه."

ولم يتضح على الفور تأثير التعهد الخاص بالقاء السلاح على الخلافات الطائفية في العراق حيث يحاول رئيس الوزراء نوري المالكي الاطاحة بسياسيين بارزين من السنة. وأسفرت هجمات وقعت في الاونة الاخيرة عن مقتل عشرات الاشخاص في المناطق الشيعية. وقال الخزعلي ان جماعته لن تنضم الى حكومة المالكي كما أشيع في الايام الاخيرة ولكنها ستعمل على تشكيل جبهة معارضة.

وقال الخزعلي الذي كان يرتدي عمامة بيضاء وعباءة رمادية وخاتما كبيرا يحمل أسماء أئمة الشيعة الاثني عشر "القدر المتيقن أننا لن ندخل في الحكومة بمعنى أننا لن نكون جزءا من الحكومة ووزرائها." ومضى قائلا "العملية السياسية في العراق عرجاء تعتمد على رجل واحدة ... لا توجد الجهة المقابلة للحكومة التي تعمل على مراقبة عمل الحكومة وانتقادها وتقييم أدائها."

وولد الخزعلي في عام 1974 بمنطقة مدينة الصدر الفقيرة في بغداد ويتمتع بجاذبية ووصف لفترة طويلة بأنه مرشح سياسي محتمل. وكان متحدثا باسم رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر في وقت مبكر من الحرب لكنه انشق عن جيش المهدي في أواخر عام 2005 ليشكل عصائب الحق.

وكان الخزعلي يتحدث في أحد استوديوهات التلفزيون التي يملكها في شمال بغداد حيث أحصى عمليات نفذتها عصائب الحق خلال الحرب بما في ذلك اختطاف ماكمينمي ومبرمج الكمبيوتر بيتر مور وثلاثة حراس اخرين من مبنى تابع لوزارة المالية في وسط بغداد.

وقال ان عصائب الحق كانت مسؤولة أيضا عن هجوم في مدينة كربلاء في عام 2007 قتل فيه خمسة جنود أمريكيين. وكان الخزعلي محتجزا لدى الولايات المتحدة في وقت وقوع الهجومين.

ولم يربط المسؤولون البريطانيون أو العراقيون علنا بين الافراج عن الخزعلي وجهود الافراج عن مور واستعادة جثث الحراس. لكن الخزعلي قال انه افرج عنه بعد أن قضى حوالي ثلاث سنوات في سجن معسكر كروبر الامريكي قبل عدة ساعات من تسليم مور الى السلطات العراقية في المنطقة الخضراء شديدة التحصين بالعاصمة العراقية في أواخر ديسمبر كانون الاول 2009.

وأضاف ان مفاوضات الافراج عن مور أسفرت عن اطلاق سراح 285 معتقلا عراقيا غالبيتهم من مقاتلي عصائب الحق.

وقال "طبعا أنا فخور باخواني. بالنتيجة هذا تشكيل المقاومة استطاع ان يخرج أمينه العام من السجن. أنا باعتقادي هذا انجاز لم يحققه أي فصيل في العالم."

ونفى تورط جماعته في الاقتتال الطائفي الذي أودى بحياة الالاف في عامي 2006 و2007 وقال انه ليس مطلوبا من قبل الحكومة العراقية في أي جريمة. وقال حليفه السابق مقتدى الصدر في الاونة الاخيرة -في رد نشر على موقعه على الانترنت على سؤال بشأن التكهنات الخاصة بانضمام عصائب الحق الى الحكومة- ان اياديهم جميعا مخضبة بدماء العراقيين وانه يجب تحميلهم المسؤولية واستئصال شأفتهم.

وأعرب الخزعلي عن الاسف لمقتل حراس مور الاربعة الذين قال انهم قتلوا أثناء محاولتهم الهرب من خاطفيهم. وأعيدت ثلاث جثث وقال الخزعلي ان جماعته مستعدة لتسليم رفات الرابع ماكمينمي بدون شروط.

ونفى أن يكون مور قضى أي مدة خلال الاسر في ايران كما أشار مسؤول امريكي واحد على الاقل. وقال الخزعلي "بيتر مور لم يغادر الارض العراقية ولو للحظة واحدة... كان (يتحرك) بين العمارة والناصرية ولم يصل البصرة نهائيا." وأضاف قائلا "الادعاءات باخراجه الى ايران هي للتغطية على العجز الاستخباراتي والفشل الذريع لدى الاستخبارات الامريكية والبريطانية في العثور عليه لسنوات.

اول عرض عسكري للجيش

على صعيد متصل نظم الجيش العراقي عرضا عسكريا في بغداد للمرة الاولى منذ انسحاب القوات الاميركية من العراق، في الذكرى الحادية والتسعين لتأسيس القوات المسلحة العراقية، غداة سلسلة هجمات اودت بحياة 68 شخصا على الاقل.

وجرى العرض العسكري وسط اجراءات امنية مشددة، بحضور رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في ستاد يقع في المنطقة الخضراء الحي الذي يتمتع باجراءات حماية مشددة في وسط العاصمة، وفي الموقع الذي كان الرئيس الراحل صدام حسين يحضر فيه العروض العسكرية. بحسب فرانس برس.

والمنطقة الخضراء ليست مفتوحة للعامة، لذلك اغلقت طرق عدة تؤدي اليها في اطار الاجراءات الامنية، بينما اقيمت حواجز تفتيش على الطرق التي بقيت مفتوحة. وهذا العرض العسكري هو الاول منذ انتهاء انسحاب الجيش الاميركي من العراق في 18 كانون الاول/ديسمبر. وذكرت هيئة اميركية مكلفة مراقبة اعادة اعمار العراق ان الجيش العراقي كان يضم في نهاية تشرين الاول/اكتوبر 279 الف رجل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 18/كانون الثاني/2012 - 24صفر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م