تركيا-قطر محور التغيير في الشرق الاوسط الجديد

د. علي عبد داود الزكي

ان ظهور تركيا بقيادات اسلامية اليوم ليس صدفة وانما هو جزء من المخطط الامريكي للشرق الاوسط الجديد. حيث اخذت تركيا تلعب دورا كبيرا يبدو ظاهريا ايجابي ولكن باطنيا سلبي جدا في مرحلة ما يسمى الربيع العربي (ربيع العولمة تحت السيطرة الامريكية بالريموت كونترول).

حيث ان تركيا لا يمكن ان تخضع الى تغيير كبير في هيكلية نظامها الديمقراطي في العهد الجديد بالرغم من انها قد تعاني من عملية انسلاخ بعض اجزاءها وهي منطقة كردستان او قد تتوسع على حساب الدول المجاورة لتكون دولة اسلامية سنية تقف امام النفوذ الشيعي في الشرق الاوسط.

كما ان بروز قطر كقطب خليجي طامح الى نفوذ وتأثير اكبر في المنطقة ليكون له دور اكبر في الخليج والعالم العربي ليس بصدفة وانما مخطط تم رسمه في واشنطن. فتحالف وتصالح قطر مع إسرائيل منذ بداية تسعينيات القرن الماضي يأتي من هذا الباب فكل حلفاء اسرائيل (اليهود) منذ قرنا من الزمان هم الرابحون سياسيا واقتصاديا فكلنا رأينا نهاية السلطان عبد الحميد الذي رفض القبول بإنشاء دولة إسرائيل وراينا نهاية الشريف حسين الذي رفض قبول اعطاء ارض عرب فلسطين لليهود ليقيموا عليها دولة اسرائيل وراينا كيف توسع نفوذ ال سعود الذي ابصم لإسرائيل بالعشرة على كل ما تريد.

لذا من المتوقع ان يكون لقطر دورا كبيرا في الاجهاز على امارات ودويلات البترول العربية لتعم الفوضى كل دول الخليج بعد انهيار سوريا وستعمل امريكا على استنزاف اقتصاد دول الخليج العربي وتدميره لتعم الفوضى والصراع فيها لغرض اعادة هيكلتها مرة ثانية وهذا لا يعني بان قطر ستكون الناجي الوحيد من التغيير فلا يمكن التنبؤ بنهاية مسلسل الفوضى الخلاقة الامريكي فان مسلسل الفوضى الخلاقة له مؤلف امريكي ومخرج امريكي وممثلين شرق اوسطيين كلهم كمبارس يتصوروا انهم يلعبون دور البطولة ولا يعرفوا بان نهايتهم ايضا معدة مسبقا في احدى حلقات المسلسل بعد ظهور كمبارس جديد بتصور بطولية جديدة. ان قطر سينحسر دورها وتأثيرها تدريجيا بظهور قوى تأثير جديدة وانتشار كبير للإسلام على الطريقة التركية.

ان الفوضى الخلاقة في العالم الاسلامي وفي الشرق الاوسط تحت السيطرة والتأجيج الامريكي لا يمكن ان يسمح لإيران بان تستغلها لتشكل بؤر موالية لإيران وتعادي امريكا ومصالحها الاستراتيجية في المنطقة. لذا فان التوازن الذي تدفع به امريكا بدعم تركيا التي بدأت فعلا بخلع ثوب العلمانية نحو الاسلام على الطريقة الامريكية سيكون هو الضامن لإيقاف طموحات ايران وافشال مشروعها باستغلال الفوضى الامريكية الخلاقة في المنطقة اضافة الى ان امريكا لعبت دورا كبيرا على الساحة الايرانية بدعم القوى العلمانية والقومية في ايران للحد من تأثير الاسلاميين.

ان امريكا ستسهل مرحليا لتركيا قيادة الولايات الشرق اوسطية في العهد الجديد. حيث ان دول المنطقة ستنهار ويتم فرط مدنها وولاياتها الى اقاليم متعددة متصارعة سوف تحتاج الى قوة اقليمية قوية لغرض اعادة تجميعها وفقا لرؤية جديدة وتصورات سياسية وثقافية واخلاقية جديدة ولا خيار امام شعوب المنطقة سوى تركيا السنية او ايران الشيعية والكفة الرابحة هي لتركيا من وجهة النظر الامريكية او قد يكون هناك توازن فيما بينهما بدعم امريكي ايضا.

ان سقوط باقي الانظمة الدكتاتورية العربية سيمهد بالتأكيد لحلقة اخيرة اكثر مأساوية من باقي حلقات مسلسل الفوضى الخلاقة وهي حلقة اجتثاث الفكر التكفيري الاسود فكر الصحراء والقسوة والدموية وستكون الحلقة الاخيرة في الجزيرة العربية وخليج البصرة. لتظهر الولايات المتحدة الخليجية لتقودها امارة قطر او الحجاز بقيادات جديدة تبشر بعهد جديد للمنطقة ككل. سيحصل ذلك خلال عقد من الزمان على اقل تقدير.

قلنا كلمة وبقية كلمات وقلنا راي وننتظر اراء ولا نجزم بما نقول فهو راي يتقبل الصحة والخطأ ولكننا هنا نطمح الى استفزاز رؤى المفكرين للدخول في حلبة الحوار الهادف لدراسة وفهم واستقراء الاحداث لغرض التنبه والتنبيه للمستقبل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 17/كانون الثاني/2012 - 23صفر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م