شبكة النبأ: اختلف المهتمون
والمراقبون بشأن خارطة سير حركة "احتلال وول ستريت" المستقبلية وتباينت
اجوبتهم وتوقعاتهم بين الايجاب والسلب، اذ نالت الحركة الاعجاب
والتقدير من مختلف الحركات والشخصيات العالمية لصمودها طوال هذا الوقت
وخصوصاً خلال اشتداد برودة الجو القارص، وكذلك لتأثيرها الواضح على
المجتمع والسياسة الامريكية من جهة وامتداد اثرها الى خارج حدود
الولايات المتحدة من جهة اخرى، اضافة الى مطالبها التي يصفها الكثير من
المتابعين بانها "عادلة" ويتحتم انصافها.
لكن بالتأكيد الاعجاب شيء والواقع شيء اخر، فقد رشح الكثيرون ان
ينتهي المطاف بحركة الاحتلال الامريكي الشامل الى الضعف او التلاشي مع
قدوم عام 2012 لعدة اسباب تتقدمها ضعف التنظيم والدعم والتخطيط، فيما
اكد اخرون ان هذه الحركة "الفتية" نجحت في تسليط الضوء على الاهداف
الاقتصادية التي انطلقت من اجله، وانها قد تكون مقدمة لمزيد من الحركات
والتحركات المناهضة لانعدام العدالة الاقتصادية داخل الولايات المتحدة
الامريكية، ولعل قادم الايام كفيل بتوضيح مسار الاحتلالات القادمة خلال
عام 2012.
وول ستريت في2012
فقد كان شتاء طويلا وباردا على حركة (احتلال وول ستريت)، تلك الحركة
الاحتجاجية التي ظهرت على الساحة في سبتمبر ايلول لتوجه التركيز على
مستوى البلاد الى قضية التفاوت الكبير في الدخول وما يوصف بجشع
الاثرياء وذوي النفوذ، وأخلت الشرطة مخيمات (احتلال) في نيويورك ولوس
انجليس وأوكلاند ومدن كبرى غيره، وأضعفت برودة الطقس وربما الارهاق من
الاحتجاجات المخيمات القليلة التي تبقت على مستوى البلاد، ومع الافتقار
الى مجموعة مطالب متماسكة كان من الصعب على الحركة الشبابية التأثير
على السياسة او تحقيق انتصارات قد تشجع اخرين للانضمام اليه، لكن من
الواضح أن الحركة أثرت على الحوار الوطني السياسي اذ تحدث الرئيس
الامريكي باراك أوباما عن بعض أفكارها ودعا الى "فرصة عادلة" و"حصة
عادلة" للجميع، ومع دخول (احتلال) عام 2012 يضع المشاركون في الحركة
التي ليست لها قيادة مجموعة من الاستراتيجيات والاساليب الجديدة لتظل
الاضواء مسلطة على ما يعتبرونه اوجه ظلم في النظام الاقتصادي، وفيما
يلي بعض الاساليب التي تحاول حركة (احتلال) تطويرها:
1.احتلال الانتخاباتْ، فق ارتبطت حركة (احتلال) بحركة حفل الشاي
المحافظة التي ظهرت عام 2009 وساعدت في انتخاب عشرات الجمهوريين، لكن
كثيرين في حركة (احتلال) يرفضون على وجه التحديد السياسات الانتخابية
التي يعتبرونها ملوثة بالمال، ولم تسر العلاقات بالنقابات العمالية
-وهي الحليف الطبيعي لحركة (احتلال) على صعيد سياسات الانتخابات على
وتيرة واحدة اذ دعمت بعض النقابات وأبرزها نقابة الممرضين المحتجين
بشدة بينما لم تظهر نقابات أخرى دعم، وفي ظل الدورات الانتخابية
الحالية يبدو أن الانشطة الرئيسية لحركة (احتلال) ستكون من خلال
التجمعات الحاشدة والاعتصامات وازعاج المرشحين خلال جولاتهم الدعائية،
وخلال حملة الانتخابات التمهيدية في ايوا قاطع عدد من اعضاء الحركة
الكلمات التي ألقاها أوباما والمرشحين الجمهوريين لانتخابات الرئاسة
نيوت جينجريتش ورون بول، كما استهدفت مجموعات صغيرة حاكم نيوجيرزي كريس
كريستي حين كان يقوم بالدعاية لميت رومني منافس جينجريتش واستهدفوا
رومني نفسه الذي حقق ثروته من خلال الاستثمار المباشر بلقب "السيد واحد
في المئة"، وكانت فعاليات الحملة الانتخابية في نيوهامبشير هدفا
لمجموعات صغيرة من المحتجين. بحسب رويترز.
2.احتلال الاقتصاد، تنحي حركة (احتلال) باللائمة على البنوك في أسوأ
كساد تشهده الولايات المتحدة منذ عقود، وكانت احدى أنجح مبادراتها حملة
تحث العملاء على نقل أموالهم من البنوك التجارية الى اتحادات ائتمانية
لا تهدف للربح، وخلال اقل من شهر اجتذبت هذه الاتحادات الاف العملاء
الجدد، وألغى بنك اوف امريكا رسوما شهرية قدرها خمسة دولارات على
بطاقات الخصم وهو ما اعتبرته حركة (احتلال) انتصار، وتعتزم حركة
(احتلال سان فرانسيسكو) تنظيم مظاهرة كبرى في حي المال بالمدينة في 20
يناير كانون الثاني، وتحاول مجموعات من المحتجين التوصل الى أنظمة
مصرفية بديلة بينما يضغط اخرون لاستصدار تشريع، وعلى الساحل الغربي
اعتصم المتظاهرون مرتين في موانيء ليغلقوا مرافيء للشحن لما يصل الى 24
ساعة، لكن سائقي الشاحنات وعمال الموانيء والحمالين الذين رفضوا
الانضمام للاعتصام خسروا أجورهم مما أثار تساؤلا عمن هو المستفيد من
هذا التحرك ومن المضار، ويقول روبرت كوهين استاذ التاريخ والدراسات
الاجتماعية بجامعة نيويورك انه بالحكم من خلال تاريخ الحركات
الاجتماعية فان علاقة حركة (احتلال) بالنقابات العمالية والطلبة يمكن
أن تلعب دورا أساسيا في مدى تأثيره، وأضاف "يجب أن تكون على نطاق كبير
حتى تظهر قوة باستمرار"، وتابع "يجب أن تضم جماعات أكثر ترابطا وينبغي
أن يحول أحد هذا الى سياسات محددة".
3.احتلال المساكن، ففي ديسمبر كانون الاول أطلق المحتجون حركة
(احتلال منازلنا) في محاولة لاستعادة المنازل التي تم الحجز عليها بعد
فشل اصحابها في سداد أقساط الرهن العقاري، وأقام المحتلون في منزل
بأوكلاند في كاليفورنيا واخر في بروكلين بنيويورك في ذلك اليوم وطالبوا
المقرضين باعادة التفاوض على أقساط الرهن العقاري مع أصحاب المنازل،
وقال منظم حركة (احتلال منازلنا) مات براونر هاملن ان المحتجين حددوا
هدفا يتمثل في القيام بأكثر من 100 تحرك من هذا النوع على مستوى البلاد
في الاشهر القليلة القادمة، وأعلنت المجموعة المتمركزة في اتلانتا
انتصارها وقال توم فرانزين العضو بحركة (احتلال اتلانتا) ان حركته
أجبرت جيه.بي مورجان تشيس على تخفيف الشروط بالنسبة الى بيرجيت ووكر
وهي صاحبة عقار مرت بضائقة مالية بعد تسريحها من الجيش، واعترفت جيه.بي
مورجان تشيس بأنها عدلت شروط قرض ووكر لكن نانسي نوريس المتحدثة باسم
المؤسسة قالت ان الامر لا علاقة له بالاحتجاج وأضافت "نعمل معها منذ
عام".
4.احتلال الفضاء الالكتروني، وكانت وسائل التواصل الاجتماعي أحد
المحركات وراء حركة (احتلال) ويتجه نشطاء الان لاستغلال استخدامهم
الناجح لفيسبوك وتويتر يوتيوب بأدوات وتكنولوجيا جديدة، وأنشأت
المجموعة موقع ستوديو اوكيوباي دوت اورج الذي يسمح للمحتجين بتبادل
تسجيلات الفيديو واجراء عمليات المونتاج له، وبدأ بعض المحتجين استخدام
تطبيق يحمل اسم "فايب" وهو متاح لاجهزة اي فون واي باد وتلك التي تعمل
بنظام اندرويد ويسمح بتبادل رسائل يراها المستخدمون الاخرون فقط ولا
تستطيع الشرطة او اي جهة أخرى الاطلاع عليه، ويمكن استخدام هذه
التكنولوجيا الحركة من الحشد والتنظيم بفعالية دون تسلسل هرمي، وكانت
الحركات الاجتماعية فيما مضى تستلزم زعيما يصدر الاوامر لمساعديه الذين
ينقلونها بدورهم لاعضاء أصغر في الحركة لكن الان يستطيع اي فرد أن يدعو
الى احتجاج في اي وقت.
5.احتلال على أرض الواقع، وأعطت مداهمات الشرطة للمخيمات الكبيرة في
المدن انطباعا بانه تم اخلاء جميع مخيمات (احتلال)، لكن المخيمات
استمرت في هدوء، ورغم أنه لا يوجد احصاء رسمي أحصى موقع فايردوجليك وهو
موقع اخباري متعاطف مع الحركة 65 مخيما في الولايات المتحدة يتوقع أن
تستمر خلال فصل الشتاء، وزود مخيم (احتلال العاصمة واشنطن) الذي أقيم
في ميدان مكفيرسون بواشنطن على مقربة من البيت الابيض خيامه باحتياطات
لمواجهة الطقس وحصل على حقائب نوم ملائمة لفصل الشتاء، وانتقل اعضاء
اخرون بالحركة الى أماكن مغلقة، واستأجرت حركة (احتلال وول ستريت)
مساحة في مبنى اداري في مانهاتن كما توجد حركة (احتلال اتلانتا) في
الدور العلوي من ملجأ للمشردين.
6.احتلال الثقافة، واستخدم المحتجون شعار "نحن التسعة وتسعون في
المئة" الذي يشير الى وجهة نظر تقول ان أثرى الاثرياء الذين تبلغ
نسبتهم واحدا في المئة يحتكرون المال والسلطة والنفوذ، ومس هذا الشعار
وترا على مستوى البلاد وأصبحت لغة الحركة جزءا من الثقافة الشعبية خلال
فترة وجيزة، احتلال هذا او احتلال ذاك، عبارات انتشرت بسرعة في مناخ لا
توجد به امثلة كثيرة على كلمة أو عبارة باتت دارجة بمثل هذه السرعة
الشديدة لتتصدر الحوار الجماهيري، لكن محتجي حركة (احتلال) لديهم أجندة
ثقافية اكثر طموحا بكثير، وتتعشم الحركة ان تمثل نموذجا لبقية المجتمع
من حيث الطريقة التي نظمت نفسها بها ومن خلال الترحيب بالجميع وتحاشي
التسلسل الهرمي والسماح للكل بالتعبير عن رأيه.
اعتقال العشرات في نيويورك
فيما قالت شرطة نيويورك انها ألقت القبض على 68 شخصا خلال الليل بعد
عودة اعضاء حركة احتلال وول ستريت الى حديقة زوكوتي بارك في مانهاتن
وهدمهم الحواجز الامنية عشية العام الجديد، وقال متحدث باسم الشرطة أن
السلطات وجهت لاحد المحتجين تهمة التعدي على ضابط شرطة وطعنه في يده
بمقص والقاء جسم على مركبة تابعة للشرطة، ونقل الضابط لمستشفى محلي حيث
خضع للعلاج وخرج بعد فترة وجيزة، ويواجه محتجون اخرون تهم القيام
بسلوكيات مخالفة للنظام والتعدي على ممتلكات الاخرين، وقع الاشتباك
بعدما عاد المئات من المحتجين للاحتفال بالعام الجديد في زوكوتي بارك
مهد الحركة التي ظهرت في سبتمبر ايلول للاحتجاج على ما وصفته بانعدام
المساواة الاقتصادية، وفقدت الحركة زخمها نتيجة تعرض متظاهرين للطرد من
مخيماتهم التي نصبوها في عدة مدن بمختلف انحاء البلاد، وأخلت الشرطة
زوكوتي بارك في نوفمبر تشرين الثاني، وحث منسقو حركة احتلال وول ستريت
المحتجين على استعادة السيطرة على الحديقة الواقعة في مانهاتن في اطار
ما وصفوها "بثورة العام الجديد"، ورقص المتظاهرون فوق الحواجز المنهارة
قبل ان تتحرك الشرطة وتلقي القبض على بعضهم وفقا لما ذكره موقع الحركة
على الانترنت. بحسب رويترز.
جيسي جاكسون يدعم حركة (احتلوا لندن)
بدوره أبلغ جيسي جاكسون الناشط الامريكي المخضرم في مجال الحقوق
المدنية المئات من المحتجين في وسط لندن ان البنوك العالمية تحتاج
لاصلاح جاد، وفي أحدث نشاط من الانشطة التي تهدف لدعم حركة (احتلوا)
التي أقامت مخيمات في العديد من المدن في دول غربية تحدث جاكسون (70
عاما) بحماس أمام نحو 200 محتج خارج كاتدرائية سان بول عن الفقر
والرأسمالية والتشرد، وقال جاكسون "نريد سياسة جديدة للبنوك، لقد فقدنا
الضوابط والتوازنات في النظام"، الناس غير راضين عن التدخل لانقاذ
البنوك وحصول المصرفيين على مكافات بينما توجد مستويات عالية من
البطالة"، وأضاف قائلا "قضية احتلوا هي قضية أخلاقية، روح عالمية، انها
قضية عادلة ولا ينبغي طردهم بل الاستماع اليهم"، وقال جاكسون "الحركة
موجودة في نيويورك وشيكاجو وفي أنحاء أمريك، لكن روح الحركة هي التصدي
لعدم المساواة والفوارق الكبيرة في الدخل وتركيز الثروة والفقر حول
العالم"، وكان جاكسون قد سعى للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي لخوض
انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة في 1984 ثم في 1988 على أساس
ليبرالي. بحسب رويترز.
اغلاق بعض مرافئ الساحل الغربي
من جهة اخرى نجح نشطاء حركة احتلال وول ستريت الذين يحاولون اغلاق
موانيء الساحل الغربي للولايات المتحدة في اغلاق العديد من المرافيء
واشتبكوا احيانا مع الشرطة لكنهم لم يصلوا الى حد الحصار الكامل الذي
تعهدوا به، وتقدم الاف المتظاهرين الى موانيء تمتد من جنوب كاليفورنيا
الى الاسكا على أمل لفت الانظار الى التباينات الاقتصادية في الولايات
المتحدة والنسبة المرتفعة للبطالة والنظام المالي الذي يقولون انه مائل
بصورة غير عادلة لصالح الاغنياء، ونجح النشطاء في تعطيل وصول شاحنات
وعمال احواض السفن في بعض المرافيء واغلقوا فعليا ثلاثة مرافيء في
بورتلاند بولاية اوريجون ومرفأ اخر في سياتل، وفي ميناء لونج بيتش
المجاور للوس انجليس احتشد ما بين 250 الى 300 شخص في المطر عند مرفأ
حيث تشاحنوا مع ضباط شرطة ردوهم باستخدام هراوات في محاولة لابقاء طريق
المدخل مفتوح، وألقي القبض على اثنين قبل ان يغادر المتظاهرون المنطقة
لاعاقة المرور على امتداد طريق يمتد داخل الميناء، لكن المحتجين بدأوا
لاحقا في التفرق من تلقاء انفسهم مع تزايد هطول المطر وقدوم الشرطة
بكامل قوته، وقالت الشرطة عبر موقع تويتر على الانترنت انه مع حلول
الليل في سياتل القى الضباط قنابل ضوئية قبل القيام بعدد من الاعتقالات
قرب المرفأ 18، وقال متحدث باسم السكك الحديدية انه في بلينجهام
القريبة بولاية واشنطن ألقت السلطات القبض على حوالي 16 شخصا كانوا
تمددوا على القضبان لمنع وصول القطارات الى الميناء هناك، لكن مع حلول
الظلام كان المتظاهرون قد فشلوا الى حد كبير في احداث الشلل في حركة
التجارة الذي تعهدوا به. بحسب رويترز.
وجاء التحرك الذي استغرق التخطيط له وقتا طويلا بعدما رأت حركة
احتلال وول ستريت التي بدأت في نيويورك في سبتمبر ايلول الشرطة تفكك
خيامها في مداهمات بأغلب المدن الكبرى للساحل الغربي مما دفع الحركة
للبحث عن تحرك جديد لاستعادة مكانته، وحدث اكبر تحرك في اوكلاند التي
تعد منذ وقت طويل نقطة ساخنة للحركة حيث عبر المحتجون عن أملهم في
تكرار احتجاج شهر اكتوبر تشرين الاول الذي نجح لفترة قصيرة في اغلاق
الميناء وهو خامس اكثر موانيء الحاويات ازدحاما في البلاد من حيث
الحجم، وهتف حشد يضم حوالي الف ناشط "من اصحاب الموانيء، انها موانئنا"
وهم يسيرون قبل الفجر من محطة عبور للسلع الى ميناء الشحن بالمدينة ثم
تفرقوا الى مجموعات لمحاولة عرقلة مداخل المرف، ومنعت جرارات ومقطورات
من دخول مرفأين على الاقل حيث شكل المحتجون خطوط اعتصام امام الشرطة،
وافادت الشرطة انها اعتقلت شخصين لكن سلطات الميناء ومنظمون للاحتجاج
اعطوا روايات متضاربة لنتيجة التحرك، وقال المتحدث باسم حركة احتلال
اوكلاند مايك كينج ان الحصار كان ناجحا وان حركة الشاحنات في الميناء
اقتصرت على حاويتين فقط تحسبا للمظاهرات وان الملاحين وسائقي الشاحنات
تغيبوا عن العمل الى حد كبير، وقال كينج "لم يعبر احد خط الاعتصام وبقي
اغلب سائقي الشاحنات بعيدا"، واضاف ان الشحنات الوحيدة التي حملت على
الشاحنات في احواض المرفأ كانت مادة انزلت بالفعل من السفن، واعترف
المدير التنفيذي للميناء عمر بنجامين بحدوث "تعطيلات متفرقة" لكنه اكد
ان المنشأة ظلت تعمل طوال اليوم. |