النفط العراقي والأزمات العالمية

زاهر الزبيدي

تلوح في الأفق بين الحين والآخر التهديدات المتبادلة بين إيران وأمريكا والتي تصل في أحيان كثيرة يقف معها العالم بأجمعه في حالة نفير تام لكون الأحداث المتسارعة في الوقت الحاضر تزيد من دقات قلب الاقتصاد العالمي وقد تصيبه بجلطة قاتلة..

 فتوقعات خبراء النفط تشير الى احتمالية إرتفاع سعر برميل النفط الى 500 ـــ 400 دولار إذا ما نفذت إيران تهديدها بغلق مضيق هرمز.. ولا يخفى على أحد مدى إعتماد العراق المطلق على النفط في تسديد كافة نفقات موازنته الفيدرالية وحجم التأثير الاقتصادي الذي قد يصل الى مرحلة الانهيار التام للاقتصاد العراقي في حالة تسببت إيران في توقف الصادرات العراقية عن طريق الخليج العربي ومنه الى مضيق هرمز..

فمتوسط صادرات النفط العراقية بلغ 2.165 مليون برميل يوميا العام الماضي، منها كميات تتراوح ما بين 350 ألف و500 ألف برميل تتدفق عبر خط كركوك-جيهان (تركيا) أي بنسبة 17 % من مجمل النفط العراقي المصدر، والذي يتعرض بين الحين والآخر الى تهديدات إرهابية، تتسبب في توقفه إضافة الى التوقفات التي تحدث حين امتلاء خزانات النفط في المرفأ وكذلك توقفات بسبب النضوح والتكسر لقدم الخط، والمتبقي يتم تصديره عن طريق الخليج العربي والذي سيتعرض لخطر التوقف في حال نفذت إيران تهديدها بغلق المضيق.

وازاء كل تلك الأحداث نرى من الضروري أن تتبع وزارة النفط خطط وسياسات ستراتيجية سريعة وخطط تصديرية بديلة تمر خلال الدول الإقليمية الأشد استقرارا وبعيداً عن مديات التهديد الإرهابي الذي يتوقع له أن يبدأ مرحلة جديدة من العمل الإرهابي، بعد خروج القوات الأمريكية من العراق، مستهدفاً بها الخطط الاقتصادية للعراق أملاً منه في إفشال العملية السياسية بعد تركيع اقتصاد البلد فخطوط التصدير اليوم أكثر أهمية من المصارف والبنوك على إختلافها وأكثر أهمية حتى من المنطقة الخضراء.

كما أن السياسة التصديرية المنشودة تعتبر عملاً مكملاً ومهماً جداً في الوقت الحاضر ومهمة مستقبلاً إذا ما أراد العراق بحق أن يقود العالم العربي خلال العشرة سنوات المقبلة حسب تصورات الخبراء الاقتصاديون في العالم وكذلك فان خطط وزارة النفط في الوصول الى تصدير أكثر من 11 مليون برميل يومياً خلال السنوات الست القادمة تحتم وجود منافذ تصديرية مهمة ومتنوعة تكفل بها انسيابية تصديرها وعدم الأخلال بالميزان الاقتصادي العراقي الذي نتوقع بأنه اليوم، على كف عفريت، كما يقال.

فخط كركوك – جيهان يجب أن يتم تطويره ليستوعب على أقل تقدير ربع صادرات العراق النفطية مع كافة إحتمالات في زيادة التصدير أي علينا أن نضمن تحمل الخط لتصدير 2 مليون برميل يوماً على إعتبار أن تركيا مستقرة سياسياً ويهمها أن يمر النفط في أراضيها أما عن طريق الأردن فعلينا أن نضع في الحسبان أن يكون هناك خط تصديري مهم يستوعب ربع الصادرات العراقية وإعادة تفعيل الخط الستراتيجي الذي يمر عبر المملكة العربية السعودية، أنشيء في عام 1989، ليستوعب قدرات تصديرية إضافية مع البحث في إمكانية التصدير من خلال الأراض الإيرانية عن طريق خط ستراتيجي آخر يمر الى شمال إيران ومنه الى بحر قزوين والى بحر العرب بعد مضيق هرمز وإنشاء خط ستراتيجي اخر ليتم تصدير النفط عبره عن طريق موانئ سلطنة عمان.

ومن ذلك كله نرى اننا بحاجة الى مد جسور العلاقات السياسية المتوازنة قبل المباشرة بمد أنابيب النفط الستراتيجية للاقتصاد العراقي كما أن إعادة بناء السلوك السياسي العراقي تجاه دول الجوار والتحرك الدبلوماسي البناء والهادف لتحييّد توجهات دول الجوار تجاه العراق وتوطين علاقات دبلوماسية قوية قد تسهم وبشكل فعال في حلحلة المشاكل الاقتصادية في العراق ومن هنا نرى أنه من الضروري أن يتم هيكلة العوامل السياسية الداخلية وزيادة وتيرة التطور القومي من خلال نسق دولي متزن في العلاقة مع دول الجوار العربية كونها، في الوقت الحاضر، تمثل أحد الأساسات المهمة في الأمن الإقليمي العراقي.. علينا أن نجد خطاب سياسي جديد نؤشر فيه لبداية علاقات دولية مؤثر في الواقع العربي المحيط.

[email protected]

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 16/كانون الثاني/2012 - 22صفر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م