الديمقراطية بأوجز معانيها هي:
العدالة السياسية والاجتماعية
السيد فاضل ميراني هو سكرتير المكتب السياسي للحزب (الديمقراطي)
الكوردستاني الذي يترأسه السيد مسعود البارزاني. وبهذا، ووفق
المسؤوليات في هذا الحزب فإن ميراني يعتبر الرجل الثالث في سُلّمِ
المسؤولية بعد رئيسه والسيد نيجيرفان البارزاني الذ يتصدى النيابة
العامة للحزب.
مُذ أول سنة تأسس فيها الحزب (الديمقراطي) الكوردستاني، وهي سنة
1946 من القرن المنصرم نُسِبَ، أو نسبوا اليه (الديمقراطية) من قِبَلِ
مؤسسيه الأوائل، أي انه حزب ذو صِبْغة ديمقراطية، وبنظام وآليات
ديمقراطية. لهذا، وبحسب العنوان المنسوب اليه، وهو الديمقراطية من
المفترض انه قد سار في الماضي من تأريخه، ولايزال يطوي مسيره ضمن
مباديء الديمقراطية ومعاييرها بصورة عملية تطبيقية، فهل ياترى ان هذا
الحزب قد نشط وعمل في إطار الديمقراطية وتفاعل معها إيجابيا، أم انها
لم تكن إلاّ شعارا تستّر به، وكانت أيضا نظرية فقط بدون أيّ تطبيق عملي
وتجسيد حيّ وفاعل لمفاهيمها على أرض الواقع!؟
للإجابة على هذا التساؤل نأخذ أنموذجا قياديا بارزا من هذا الحزب،
وهو السيد فاضل ميراني وذلك من خلال بعض تصريحاته ومواقفه وأقواله
السياسية، لكن قبل التطرق الى الموضوع أود الاشارة سريعا الى
الديمقراطية وحقيقتها، والى المفاهيم والمعايير الاجتماعية والسياسية
والانسانية التي تتضمنها وتنطوي فيها، ثم تتوقف عليها.
ذلك ان الديمقراطية بدونها تعتبر خداعا للشعوب، وانها تعتبر في تلك
الحالة أيضا كبالونة هواء فارغة محفورة عليها نقش الديمقراطية فقط،
لأِن العبرة الحقيقية والمسألة الأهم فيها هي في التطبيق العملي
والتنفيذي والإجرائي لآِلياتها ومبادئها ومفاهيمها من ألفها حتى يائها،
وليس بالدعوى والإدّعاءات والتظاهر بشكل نظري فقط بالقيم، كالديمقراطية
والعدالة والحرية وحقوق الانسان وما شابه.
والديمقراطية هي حكم المجتمع، أو الشعب نفسه بنفسه، وذلك بالاعتماد
على الانتخاب الحر والاستفتاء الشعبي النزيهين. فالرئيس في الحزب، أو
في الحكم الديمقراطي لايتم فرضه عليه فرضا، أو ان الحكم لايمكن توارثه
ولاتوريثه، أو توزيع مناصبه ومسؤولياته وثرواته الوطنية بحسب درجات
النسب والقرابة. وفي الحكم الديمقراطي ينتخب الرئيس عبر إنتخابات نزيهة
وشفافة لمدة معلومة ومحددة ومعينة كأربع سنوات، أو يجوز له ولاية ثانية
فقط اذا ماتم إنتخابه كما في النظم الديمقراطية الغربية، حيث فيها
ينتخب الرئيس لمدة أربع سنوات، واذا ما فاز في الانتخابات الثانية فإنه
سيكون الرئيس لأِربع سنوات قادمة، وبعدها لايحق له الترشيح لولاية
رئاسية أخرى، أي لايجوز في تلكم النظم أن يتولى رئيس الرئاسة لأِكثر من
ثماني سنوات. وهذا مايسمى بالعدالة الاجتماعية – السياسية في تداول
السلطة والحكم في المجتمع!.
ومن سمات الحزب والحكم الديمقراطي هو الشفافية والحرية في التعبير
والنقد والإعتراض دون أيّ شعور بالخوف من الأجهزة الحزبية، أو الحكومية،
وفي النظم الديمقراطية لايعتقد الرئيس بأنه، أو ان أسرته هم الأشرف
والأفضل في المجتمع، أو انهم لايعتقدون ان لهم حالة مافوقية على
المجتمع وغيره من معالم الحكم والحاكم والحزب الديمقراطي، فهل هذه
السمات والصفات والمعالم الأساسية للديمقراطية تنطبق على الحزب (الديمقراطي)
البارزاني!؟
بعد السابع عشر من شهر فبراير من العام الماضي صرّح فاضل ميراني كرد
على بعض المتظاهرين الذين قذفوا مقر الفرع الرابع للحزب (الديمقراطي)
الكوردستاني بالحجارة:[ لم يولد بعد الذي يهاجم مقراتنا ]، ثم أردف
قائلا، وبكل علانية من على منبر تلفزيون فضائية حزبه المسماة ب(K TV):
[ سنقطع الأيدي التي تهاجم مقراتنا ]!!!. فهل هذا التصريح الذي نقل
مباشرة على الهواء من الفضائية المذكورة لفاضل ميراني يليق بسكرتير حزب
أسس قبل ستة وستين عاما بإسم الديمقراطية؟ ألا يدل هذا الكلام كل
الدلالة على ان هذا الحزب في واد وان الديمقراطية في واد آخر تماما؟.
ثم الأعجب من هذا انه بعد هذا التصريح العلني والمباشر لفاضل
ميراني لم يتم مساءلته من قبل رئاسة الحزب على الاطلاق وحسب، بل انه
إستمر في إطلاق تصريحات أخرى مشابهة، منها ان لحزبه ثلاثين ألف مقاتل
بارزاني مستعدون للتضحية.وقد إستنكر نواب كتلة التغيير والاتحاد الوطني
الكوردستاني هذه التصريحات وطالبوا بمساءلة الميراني والتحقيق معه، لكن
بما ان حزب الميراني هو الحاكم في إقليم كوردستان، وهو الآمر والناهي
فيها، فإنه لم يلق بالا بالاعتراضات والاحتجاجات بتاتا. بالحقيقة انه
لايتجرّأ أيّ رئيس غربي أن يطلق نصف هذه التصريحات أبدا، ولو ان رئيسا
غربيا صرّح بأقل مما قاله الميراني فإنه لاشك كان سيقدم الى المحاكمة،
علاوة على عزله من منصبه!!!.
* كاتب بالشؤون الاسلامية والكوردستانية |