تركيا وقبرص وأزمة حقول الغاز القادمة

 

شبكة النبأ: في غضون الأيام القليلة المقبلة، من المتوقع أن تعلن شركة التنقيب عن النفط والغاز الأمريكية "نوبل إينرجي" عن كمية الغاز الطبيعي التي عثرت عليها في حقل بحري جديد جنوب جزيرة قبرص في البحر المتوسط. ومن المتوقع أن يكون الحقل ضخماً، وإن كان ربما أصغر من حقل الغاز العملاق "لفيتان" الكائن على مقربة منه والذي اكتشف في المنطقة الاقتصادية الخالصة لإسرائيل في عام 2010. ولكن يمكن أن يؤدي هذا الاكتشاف إلى زيادة التوترات بين قبرص وتركيا: فأنقرة تختلف برأيها حول ملكية المياه التي يقع فيها الحقل الجديد.

يقول سايمون هندرسون في تحليله المنشور في موقع واشنطن لدارسات الشرق الأدنى: ومن الممكن أن يؤدي اكتشاف الغاز الطبيعي في الحقول البحرية في شرق البحر المتوسط إلى تحسين اقتصادات قبرص وإسرائيل ولبنان بصورة جذرية، فضلاً عن احتمال تحسينه لاقتصادات سوريا وتركيا. أما مصر فهي بالفعل منتجاً كبيراً للغاز من حقول قبالة دلتا النيل. وباستخدام المبادئ المنصوص عليها في "اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار"، بإمكان البلدان المجاورة أن ترسم الحدود البحرية، وتخلق في داخلها "مناطق اقتصادية خالصة". ولقبرص اتفاقات كهذه مع مصر وإسرائيل ولبنان.

ويضيف: مع ذلك هناك احتمال لقيام عداء بين الأطراف ذات الشأن، فإسرائيل ولبنان تختلفان بينهما عن موقع حدودهما البحرية، على الرغم من أن المنطقة موضع البحث هي بالكاد أكثر من مجرد شظية قياس تشمل بضع مئات من الأميال المربعة. ومن ناحية قبرص وتركيا، فإن التحدي هو أكبر، فتركيا لا تعترف بـ "اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار"، ويرجع ذلك جزئياً لأنها ترفض قبول سيطرة أثينا الكاملة تقريباً على بحر إيجه الذي يفصل تركيا عن اليونان. وتتفاقم المشكلة بسبب وجود "الجمهورية التركية لشمال قبرص" الغير معترف بها دولياً إلا من قبل أنقرة. وقد تأسست هذه الجمهورية في عام 1974 عندما احتلت القوات التركية القسم الشمالي من قبرص لحماية القبارصة الأتراك خلال الصراع بين الطائفتين، ومنذ ذلك الحين استقر الآلاف من المواطنين الأتراك في "الجمهورية التركية لشمال قبرص".

فييشير هندرسون: أيلول/سبتمبر، وقعت "الجمهورية التركية لشمال قبرص" وتركيا على اتفاق يمنح أنقرة حقوق التنقيب عن الغاز في مناطق تعتبرها "الجمهورية التركية لشمال قبرص" أراضيها البحرية. وقد غطى اتفاق آخر تم توقيعه في تشرين الثاني/نوفمبر، بين "الجمهورية التركية لشمال قبرص" و "مؤسسة البترول التركية (تباو)" المملوكة للدولة، مجالات ترخيص تشمل آلاف الأميال المربعة من الأراضي البحرية التي تعتبرها حكومة قبرص كمنطقة اقتصادية خالصة خاصة بها. وتشمل هذه الأراضي ما يسمى بـ "كتلة (بلوك) 12"، حيث يقع حقل الغاز الجديد. وتضع " خريطة الترخيص لـ "مؤسسة البترول التركية " في هذا الموقع (انقر هنا)" حدوداً على الحقوق البحرية لجمهورية قبرص، وهي بالكاد تشمل اثني عشر ميلاً بحرياً من المياه الإقليمية.

ويتابع: تزور واشنطن وزيرة الخارجية القبرصية إيراتو كوزاكو ماركوليس قبد بدء الجولة المقبلة من المحادثات بين أنقرة ونيقوسيا بدعم الأمم المتحدة لمناقشة مشكلة قبرص، ولكن موضوع اكتشافات الغاز الطبيعي مُدرج أيضاً على جدول أعمالها. وخلال خطاب ألقته في 20 كانون الأول/ديسمبر في مركز ويلسون، وجهت اللوم إلى تركيا، واصفة إياها كـ "بلطجية الحي" على الرغم من أنها تتلقى "دعماً دون قيود" في "بعض الدول"، ولاحقاً قالت عن بريطانيا - التي استضافت زيارة رسمية قام بها الرئيس التركي عبد الله غول في الشهر الماضي - بأنها أحد الجناة.

ويرى هندرسون: على الرغم من أن الإعلان عن اكتشاف حقل غاز جديد قد يؤدي إلى الابتهاج في قبرص، وفرحة في اسرائيل - التي تأمل أن تتعاون مع الجزيرة على تصدير الغاز الطبيعي - يجب على واشنطن أن تحث جميع الاطراف على الفور على إظهار ضبط النفس العسكري والدبلوماسي. (وكانت وزيرة خارجية قبرص كوزاكو ماركوليس قد شكت إلى تركيا لإرسالها سفينة للمسح الزلزالي لـ "كتلة 12"، حيث يقع حقل الغاز الجديد، وأعربت عن قلقها من أنشطة القوات البحرية التركية.)

وؤكد هندرسون: لقد تمكنت تركيا وإسرائيل على ما يبدو من خفض درجة حرارة نزاعاتهم الدبلوماسية الخاصة بهم في الأسابيع الاخيرة، ولكن على المدى الطويل ينبغي بذل جهود مجددة لتسوية مشكلة قبرص. وما لم يتم حل هذا النزاع الذي طال أمده، فقد تصل إسرائيل إلى نتيجة بأنه من غير المأمون أن يتم المضي قدماً حول الاقتراحات المتعلقة بإسالة الغاز من حقلها "لفيتان" لكي يُصدر من منشأة في قبرص التي يحتمل أن تُعالج أيضاً الغاز من الحقل الجديد. إن اكتشاف الغاز الطبيعي ينبغي أن يشكل حافزاً لمرحلة دبلوماسية جديدة مهما كانت درجة تعقيدها.

نبذة عن معهد واشنطن

الجدير بالذكر ان معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بحسب موقعه الالكتروني أسس عام 1985 لترقية فهم متوازن وواقعي للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. وبتوجيه من مجلس مستشارين بارز من كلا الحزبين من اجل توفير العلوم والأبحاث للإسهام في صنع السياسة الأمريكية في هذه المنطقة الحيوية من العالم.

وينقل موقع تقرير واشنطن الالكتروني إن الهدف من تأسيسه كان دعم المواقف الإسرائيلية من خلال قطاع الأبحاث ومراكز البحوث وان لجنة العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية المعروفة بإيباك كانت المؤسسة الأم للمعهد حيث أن مديره المؤسس هو مارتن إنديك رئيس قسم الأبحاث السابق باللجنة. وتزعم المنظمة أنها اختارت مصطلح "الشرق الأدنى" لتعريف الهوية الذاتية للمعهد (بدلا من "الشرق الأوسط) لأنه المصطلح المعترف به في الخارجية الأمريكي لوصف العالم العربي والدول المجاورة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 7/كانون الثاني/2012 - 13/صفر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م