المسلمون في الغرب بين شرعية الحقوق وتهكم القوانين

 

شبكة النبأ: بدا ظاهراً للعيان وبصورة لا تحتمل التأويل، أن الغرب عازماً على سحب الحرية والتسامح التي منحها في السابق إلى المسلمين في ممارسة ديانتهم وما تتضمنه من طقوس وشعائر ورموز، حيث تعدى الأمر مجرد سن القوانين التي تتدخل بصورة مباشرة في منع ممارسة المسلمين لمعتقداتهم الدينية، إلى التصريح بالأقوال والأفعال من قبل كبار الساسة والأحزاب والشخصيات البارزة في المجتمع الأوربي بضرورة مكافحة الانتشار الواسع للإسلام في ربوع أوربا واعتناقه من قبل ملايين الغربيين، كما تم في أكثر من مرة التجاوز بصورة معلنة على المقدسات الإسلامية في بلاد كانت "لوقت قريب" تعتبر من الأمثلة البارزة على حرية اعتناق الدين وممارسة المعتقد، مما حدا بالكثير من المسلمين بتشبيه ما يحدث من حملة منظمة بكثير من الحملات الصليبية السابقة. 

فتوى نهائية

حيث اطلق عضو مسلم بالبرلمان الهولندي حملة تدعو المسلمين حول العالم الي أن يتوقفوا عن اتباع فتاوى يصدرها حفنة من المتطرفين وأن يبدأوا في التفكير لانفسهم، وقال توفيق ديبي عضو البرلمان عن حزب الخضر اليساري المعارض انه "كمسلم عادي طبيعي" يريد ان تضمن حملته "الفتوى النهائية" ان يدور النقاش حول الاسلام "بصوت اسلامي عاقل وحر التفكير"، ويعيش في هولندا نحو 800 ألف مسلم او حوالي 5 بالمئة من السكان واغلبهم من اصول مغربية وتركية، ومثلها في ذلك مثل كثير من البلدان الاوروبية يتركز معظم النقاش في هولندا بشان الهجرة والاسلام على المخاوف المتعلقة باندماج المسلمين في المجتمع، ويتبنى السياسي الهولندي خيرت فيلدرز "الذي يشارك حزبه الحرية بشكل رئيسي في الائتلاف الحاكم" برنامجا معاديا للاسلام ويتبنى حملة لحظر النقاب ويدعو الي وقف الهجرة الي هولندا خصوصا من الدول الاسلامية، وأطلق ديبي "الفتوى النهائية" بعد عشر سنوات من الهجمات على مركز التجارة العالمي في نيويورك وهي تدعو المسلمين الى رفض كل الفتاوى التي يصدرها متطرفون واصلاح امور دينهم، وقال ديبي ان مثل هذه الفتاوى "تجعل من المسلم الة بلا عقل أو قلب"، وقال "في 11 سبتمبر 2001 لم يخطف الارهابيون طائرات ويقتلوا ابرياء فقط بل ان المتطرفين خطفوا دين الاسلام ايضا"، ويعتبر ديبي (30 عاما) نجما صاعدا بين صفوف حزب الخضر اليساري، وولد في هولندا لابوين مغربيين وانخرط في العمل السياسي بعد أحداث 11 سبتمبر وهو عضو بالبرلمان منذ 2006. بحسب رويترز.

حظر ارتداء البرقع

في سياق متصل وافقت الحكومة الهولندية على قرار لحظر ارتداء البرقع بموجب اتفاق مع حزب النائب غيرت ويلدرز اليميني المتطرف المناهض للهجرة، بحسب ما افادت وزارة الداخلية، وقالت الوزارة في بيان اعقب اجتماع الحكومة انه "سيتم فرض حظر عام على ارتداء البرقع الذي يغطي الوجه في الاماكن العامة"، واضافت الوزارة من لاهاي ان "القانون المقترح سيحظر ارتداء اية ملابس تغطي الوجه في الاماكن العامة في هولندا بما في ذلك المباني العامة والمؤسسات التعليمية والمستشفيات ووسائل النقل العام"، وياتي قرار الحكومة الذي جاء بناء على اقتراح من وزير الداخلية بيت هين دونر في اعقاب تصريح ويلدرز العام الماضي بانه سيتم حظر البرقع في هولند، ويدعم حزب الحرية الذي ينتمي اليه ويلدرز اتئلاف الاقلية في البرلمان مقابل الاستجابة لطلباته المتعلقة بصنع السياسة، وقالت الحكومة الجمعة ان "الالبسة التي تغطي الوجه تخالف في جوهرها طبيعة العرف العام الذي يجب ان نلتقي به مع الاخرين على قدم المساواة"، واضافت ان ارتداء البرقع "يخالف مبادئ المساواة بين الجنسين لان هذا اللباس ترتديه النساء فقط"، وقالت انه حتى لو ان الحظر اعتبر تقييدا للحرية الدينية، الا انه "ضروري ومبرر لحماية طبيعة الحياة العامة والعادات الجيدة في هولندا"، واشارت الى ان "عقوبة عدم التقيد بهذا الحظر ستكون دفع غرامة"، دون ان يكشف عن مقدار الغرامة، ولن يتم فرض الحظر في الطائرات او على ركاب الترانزيت الذين يمرون بهولندا، حسب الحكومة، وسيتم رفع قرار الحكومة الى المحكمة الادارية العليا "مجلس الدولة" للحصول على نصيحة قانونية قبل ان يتم طرحه على البرلمان للموافقة عليه. بحسب رويترز.

استفتاء لحظر بناء المآذن

الى ذلك قال السياسي الهولندي خيرت فيلدرز انه يريد أن تقوم هولندا باجراء استفتاء على حظر المآذن وذلك في أعقاب خطوة مماثلة من جانب سويسر، وقال فيلدرز للبرلمان الهولندي انه سيقترح مشروع قانون يمهد الطريق لاجراء استفتاء على حظر بناء المآذن ولم يقدم أي تفاصيل، وكانت سويسرا قد حظرت بناء مآذن جديدة عام 2009 في خطوة لاقت ادانة دولية في ذلك الوقت، وتغيرت سمعة هولندا المعروفة بتسامحها نسبيا بشأن الهجرة خلال العقد الماضي مما يعكس مخاوف الناخبين بشأن العدد الكبير للمهاجرين المسلمين ومعظمهم من المغرب وتركي، وقالت الحكومة الهولندية الاسبوع الماضي انها ستحظر النقاب الذي ترتديه بعض النساء المسلمات لانه لا يتوافق مع الحياة والثقافة الهولندية ويجعل من الصعب التعرف على الناس في الاماكن العامة، وتعكس الاجراءات الجديدة نفوذ فيلدرز الذي يمثل حزبه (الحرية) المعادي للاسلام والمناهض للهجرة ثالث أكبر كتلة في البرلمان والحليف الرئيسي للحكومة الائتلافية، ويرتبط فيلدرز باتفاق مع حكومة الاقلية لتقديم دعم حاسم في البرلمان مقابل تشديد السياسات بشأن الاسلام والهجرة من البلدان غير الغربية. بحسب رويترز.

البرلمان السويسري وحظر البرقع

فيما صادق البرلمان السويسري على اقتراح تقدم به نائب من اقصى اليمين يقضي بفرض حظر على البرقع أو اي غطاء للوجه في بعض الاماكن العامة بما فيها وسائل المواصلات العامة، وصوت مجلس النواب في البرلمان السويسري باغلبية 101 صوتا مقابل 77 على مسودة القرار الذي حمل اسم "خلع الاقنعة"، وكان اوسكار فريسينغر السياسي من حزب اس في بي اليميني تقدم بالاقتراع الذي يطلب من "اي شخص يخاطب اي من افراد السلطة الفدرالية او سلطة الكانتونات او سلطة المجتمع اثناء قيامهم بعملهم أن يقدم نفسه دون ان يكون وجهه مغطى"، ويحظر القانون ارتداء البرقع في وسائل المواصلات العامة "بينما تستطيع السلطات حظر او تقييد امكانية دخول اي شخص يرتدي غطاء للوجه الى المباني العامة من اجل الحفاظ على سلامة مستخدميها الاخرين"، وفي شرح لمشروع القرار قال فريسينغر انه "مع تزايد حالة عدم الاستقرار في شوارعنا، فان عددا متزايدا من الاشخاص يخبئون وجههم خلف غطاء للراس والوجه أو قناع أو برقع"، واضاف ان "هذا يجعل من المستحيل التعرف على هؤلاء الاشخاص وهي حقيقة مزعجة في حالة حدوث عنف او في حالة الرغبة في التاكد من الهوية"، وكانت فرنسا اول دولة في الاتحاد الاوروبي تفرض حظرا على ارتداء البرقع في الاماكن العامة وانضمت اليها بلجيكا بعد عدة اشهر، وفي 16 ايلول/سبتمبر وافقت الحكومة الهولندية على فرض حظر على غطاء الوجه الاسلامي الكامل بموجب اتفاق مع الحزب اليميني الذي يتزعمه النائب المناهض للهجرة غريت فيلدرز. بحسب فرانس برس.

المحكمة الدستورية في بلجيكا

من جهتها رفضت المحكمة الدستورية البلجيكية الاربعاء طعنا ضد قانون منع ارتداء النقاب او البرقع او اي ثوب يغطي كل او جزءا من الوجه في الاماكن العامة، والمطبق منذ تموز/يوليو، وكانت مسلمتان تعيشان في بلجيكا وترتديان النقاب "استنادا الى خيار شخصي طبقا لقناعات دينية" على حد قولهما قدمتا طعنا امام هذه المحكمة في نهاية تموز/يوليو بعد ثلاثة ايام على بدء تطبيق هذا القانون، وطلبت المرأتان امام المحكمة الدستورية الغاء القانون الذي اما سيرغمهما على ملازمة المنزل او التخلي عن قناعاتهما الدينية او التعرض لعقوبة في حال قررتا الخروج بالنقاب، وبما ان امام المحكمة مهلة سنة لاصدار قراراها، طلبتا حتى ذلك الحين بتعليق القانون، ورفضت المحكمة طلب التعليق باعتبار ان هذه الدعوى لا تثبت "وجود اي ضرر" من جراء التطبيق الفوري للقانون، وصرحت محامية المراتين ايناس فوترس "اننا نعتبر القانون تدخلا مفرطا في ممارسة الحريات الاساسية منها حرية المعتقد والتعبير والحرية الفردية والحق في حياة خاصة، انه اجراء تمييزي"، وبلجيكا هي الدولة الاوروبية الثانية بعد فرنسا التي تقر هذا القانون، وينص القانون على فرض على من يخالفه غرامة قدرها 137،50 يورو ومدة سجن قد تصل الى سبعة ايام، ورجحت تقديرات الصحف البلجيكية الا يتجاوز عدد النساء اللواتي يرتدين النقاب او البرقع في بلجيكا الـ300. بحسب فرانس برس.

افتتاح البيت العربي

من جهة اخرى زوار من مختلف أنحاء المعمورة يحضرون الى مدينة قرطبة الاسبانية لمشاهدة كاتدرائيتها الشهيرة التي شيدت كمسجد خلال فترة الحكم الاسلامي لاسبانيا الذي استمر لقرون، وعلى مقربة من هذا الاثر الهام أفتتح مركز ثقافي جديد هو البيت العربي ليصبح "كما يقول مؤسسوه" مركزا هاما للتبادل الثقافي بين العالم الاسلامي والاسبان، وقالت خيما مارتين مونيوث مديرة البيت العربي في قرطبة "هنا في البيت العربي نحن نشتغل أيضا ودائما مع الممثلين العرب على مستوى السياسيين، على مستوى الصحفيين، الاساتذة، وأيضا أنا عندي اهتمام كثيرا جدا لنشتغل مع الشباب الفنان والمفكرين العرب وننظم مؤتمرات وننظم حوار بين الشباب، بين المفكرين، بين الممثلين العرب والاسبان هنا في البيت العربي للمعرفة وللحوار بيننا وبين العرب، هذا مهم جد، احنا لا نشتغل لوحدنا ولكن مع المؤسسات والناس في المجتمعات العربية"، ويقدر عدد المسلمين في اسبانيا حاليا بما يزيد على مليون شخص من بين سكان البلاد الذين يقدر عددهم بنحو 44 مليون نسمة، وأكدت مونيوث أيضا ان البيت العربي سيضطلع كذلك بدور في التغلب على الصور النمطية ويذكي التسامح الثقافي، وكاتدرائية قرطبة التي تعرف أيضا باسم الكاتدرائية المسجد لا تزال نقطة خلاف مع المسلمين الذين يناشدون البابا منذ أمد ليسمح لهم بالصلاة فيها. بحسب رويترز.

ويوجد في قرطبة بضعة مساجد أخرى أصغر يصلي فيها المسلمون، الا ان المسلمين القادمين من الخارج الذين يزورون قرطبة هم الذين يرغبون في الصلاة بكاتدرائية قرطبة والذين يمنعهم عادة حراس الامن من الصلاة داخله، ويقول مسلم كان عضوا في برلمان قطالونيا انه يرى ان الكاتدرائية يتعين فتحها لاتباع المسيحية والاسلام، وقال محمد الشايب "في الحقيقة اللي نشوفه انه في بعض المرات يعني للمسلمين لا يمكن لهم ان يبنون المساجد لان السلطات يبنوا المساجد هناك، فلهذا لابد انه مسجد محل، مسجد قرطبة يكون مفتوح للمسلمين للصلاة، لماذا لا يمكن ان المسلمين يصلون فيه، يعني ما عنده مانع، في الحقيقة هذا هو يعني رمز (بالانجليزية) للعالم كله انهم يعرفوا ان مسجد قرطبة ممكن انه يكون للجميع..للمسيحيين وكذلك للمسلمين، للتعايش وللتواصل"، وبنيت كاتدرائية قرطبة كمسجد حين كانت معظم اسبانيا تخضع للحكم الاسلامي قبل سقوطه وخروج المسلمين منها عام 1492 بعد نحو 800 عام من وجودهم بها.

انشاء مركز للحوار الديني

بدورها دافعت السعودية عن خطتها لتمويل مركز للحوار بين الاديان في العاصمة النمساوية فيينا قائلة ان ديانات أخرى بينها اليهودية ستكون ممثلة فيه وسيكون بعيدا عن التدخل السياسي، ويقول منتقدون للمركز ان السعودية تتبنى تفسيرا متشددا للاسلام وهو ما يجعلها غير مناسبة لتشجيع الحوار الديني، وستشارك النمسا وأسبانيا كذلك في تمويل "مركز الملك عبد الله العالمي للحوار بين أتباع الاديان والثقافات" لكن السعودية قالت انها مستعدة لتحمل نصيب الاسد من التمويل اذا اقتضى الامر، وقال الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي في مؤتمر صحفي في فيينا ان مساهمة السعودية في بناء المركز هي لتوفير الاموال اللازمة ليكون المركز مستقلا عن أي نوع من التدخل السياسي، وسئل الفيصل عما اذا كان المركز سيساعد في تشجيع الحريات الدينية في السعودية فقال ان المركز أنشئ تحديدا من أجل هذه القضايا التي كانت تشكل جوهر الخلافات بين أتباع الديانات وقال ان المملكة تأمل أن تكون للمركز الريادة في هذا الاتجاه. بحسب رويترز.

وردا على انتقادات وجهها صحفي يعمل في صحيفة يهودية بسبب عدم وجود معابد يهودية في المملكة قال الفيصل انه لا حاجة لهذه المعابد لانه لا يوجد يهود في المملكة، لكنه قال فيما بعد ان الديانة اليهودية ستكون ممثلة بشكل عادل في مركز فيين، ولم يتحدد موعد لافتتاح المركز، ورحب الكردينال جان لوي توران رئيس ادارة حوار الاديان بالفاتيكان بالخطة لكنه قال انه يتعين على السعودية معالجة القيود التي تفرضها على الحرية الدينية، وقال لوكالة الانباء الكاثوليكية النمساوية الرسمية في مقابلة "هناك مشكلات قائمة ويجب حله، لسنا سذجا" وأكد ضرورة عدم الخلط بين الدين والسياسة في مركز فيين، وقال ان الفاتيكان ربما يطلب الحصول وضع مراقب في المركز، وقال حزب الخضر الذي يحكم بلدية فيينا في تحالف مع أحزاب أخرى ان المركز يمجد دولة "الحرية الدينية وحرية الرأي كلمتان غريبتان فيها"، وأضاف الحزب في بيان "على النمسا ألا تسمح بأن يساء استغلالها على هذا النحو بالسماح لنفسها بالمشاركة في عملية لتبييض وجه نظام سعودي قمعي يستخدم هذا (المركز) كورقة توت يداري بها الوضع المشين لحقوق الانسان لديه"، ورفض وزير الخارجية النمساوي مايكل سبيندلجر الانتقادات قائلا ان المركز لا يركز بشكل ضيق على عدد قليل من الاديان لكنه سيضم الكثير منه، وقال للصحفيين "لا يوجد دين مهيمن بين الاديان الممثلة هنا وستضمن مع مجلس الادارة الانصاف".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 5/كانون الثاني/2012 - 11/صفر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م