نظم تعليمية تحاكي طموح التطور

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: إن العلم نور يضيء طريق الأمم نحو التقدم والرقي، حقيقة تعمل بها اغلب بلدان العالم، فالدول المتقدمة كله لم تصل إلى ما وصلت إليه، إلا عن طريق الاهتمام بالتعليم، وتوفير كافة الإمكانيات اللازمة له، ومثال على هذه الدول فنلندا التي حققت أفضل نظام تعليمي في العالم، وان أسلوبها في التدريس ممتاز وعلى أعلى المستويات، حيث أصبحت معيار النجاح والتميز العالمي، ونموذج استخدمته بعض الدول مثل أمريكا.

لكن هناك فروقات كبير بين فنلندا ودول أخرى، إذ أنها  لا تعاني من وجود أفات اجتماعية مثل الفقر، بينما يوجد على نطاق واسع في دول أخرى، لأن النظام التعليمي وحده لا يمكن أن يحل مشكلة الفقر الذي ينعكس في أداء النظام التعليمي، كما أن هناك دول تعاني من فروقات كبيرة من الناحية الاقتصادية بين سكانها وتوجد فجوة هائلة بين الفقراء والأغنياء إذ تلعب الطبقة الاجتماعية والعرق دورا في النظام التعليمي في أغلب دول العالم.

ولعل من أهم عوامل تطوير التعليم هو البدء بإعداد المعلم أولاً قبل الطالب، إذ أن  دور الابرز في أية عملية لإعادة البناء وتحسين مستويات الأداء التعليمي للمدارس أو الجامعات هو الأستاذ ، فعندما نتكلم عن مشاكل التعليم لا ننسى أن مستوى التعليمي ارتبط تاريخيا بمستوى أداء هيئة التدريس، فالأستاذ كان دائما العامل الأساسي في تحفيز الطلبة على المثابرة والتتبع ويولد عندهم الفضول للاستمرار في الاستماع والتعلم.

طول فترة التعلم

إذ تقول دراسة أجريت على عدد من الرجال النرويجيين إن قضاء فترة أطول في التعلم بالمدارس يزيد الذكاء، وتقول أكاديمية العلوم في النرويج إن قضاء فترة سنة أكثر في التعليم قد ينعش معدل الذكاء بما يعادل أربع نقاط في المائة، وقال مؤلفو الدراسة إن لقضاء فترة أطول بالمدارس تأثيرا ملحوظا في معدل الذكاء في سنوات المراهقة المبكرة، ولكن المؤلفين لم يشيروا إن كانت هذه النتيجة تنطبق على جميع الأطفال، أو إنها خاصة فقط بالعينة التي أجريت عليها الدراسة، ويقول المؤلفون إن الربط بين معدل الذكاء وطول فترة التعليم أمر معروف من قبل. لكن هل هناك بالفعل ربط بين قضاء فترة أطول في المدارس وتحسن معدل الذكاء؟ هذا من الصعب الجزم به، لأنه من المحتمل أن يكون الأطفال ذوو المعدلات المرتفعة للذكاء أصلا هم الذين يختارون قضاء فترة أطول في التعليم، وقد أفاد الباحثون في هيئة الإحصاء في النرويج وهي الجهة التي تنشر البيانات والسجلات الحكومية الرسمية، وجامعة أوسلو من التجربة التي أجريت على نظام التعليم النرويجي وتأثيرها في أكثر من 107 ألف.

وقد زادت الحكومات المحلية في النرويج ما بين عامي 1955 و1972 سنوات التعليم الإلزامي من سبع سنوات إلى تسع سنوات. وهذا يعني أن على التلاميذ ترك المدرسة بعد سن السادسة عشرة بدلا من سن الرابعة عشرة، وقد قيس تأثير هذه الزيادة المفروضة في فترة التعليم في سن التاسعة عشرة، عندما قدم الجيش لجميع الرجال المؤهلين للجندية اختبارا للذكاء للإجابة عليه، وأفاد الباحثون بأن الزيادة غير المعهودة بين معدل التعليم ومعدلات الذكاء واضحة في الوقت الذي تم فيه تغيير سنوات الدراسة الإلزامية، وقالوا إن فترة سنة إضافية زادت معدل الذكاء بنسبة 3.7 نقطة، وأضاف الباحثون أن استغلال تلك الزيادة في سنوات الدراسة التي قدمها تغيير نظام التعليم الإلزامي وأثره في زيادة معدلات الذكاء في مرحلة المراهقة لدى الرجال النرويجيين أمر دعمته الدراسة إحصائيا. بحسب البي بي سي.

غير أن الإحصائيين حذرون من استنتاج نتائج أكثر مما يجب من الدراسة، وأقر الإحصائيون أن التأثير المشار إليه في الدراسة قد ينطبق فقط على المجتمع النرويجي ونظام التعليم فيه.

ولكن الإحصائيين في الوقت ذاته يقولون إنه قد يكون من المحتمل تحسين معدلات الذكاء في مرحلة المراهقة.

أفاق

فقد أظهرت دراسة أميركية جديدة أن الأطفال الذين يشاركون في برامج التحضير للدخول إلى المدرسة تكون حياتهم أفضل لاحقاً بعد 25 عاماً، مقارنة بغيرهم، وذكر موقع هلث داي نيوز الأميركي، أن الباحثين في جامعة مينسوتا وجدوا أن الأشخاص الذين دخلوا في برنامج دراسي بدوام كامل في المرحلة السابقة للدخول إلى المدرسة، يتمتعون بمستويات تعليم أرفع، ومداخيل أعلى، ووضع اجتماعي واقتصادي أرفع ويكونون أقل عرضة للإدمان على المخدرات أو التورط في أنشطة إجرامية، ووجدت الدراسة أن برامج ما قبل المدرسة بدت مفيدة بشكل خاص للذكور وأطفال العائلات الفقيرة، وقال الباحث المسؤول عن الدراسة ارثور رينولدز نعرف أن فترة انخراط الطفل في هذه البرامج السابقة للمدرسة مرتبطة بالمكاسب. بحسب يونايتد برس.

وأضاف أن هذه البرامج توفر الاستمرارية، لأنها تعتمد المدرسة أساسا لها، ويبقى الأطفال في بيئة مشابهة تماماً للمرحلة الابتدائية التي سينتقلون اليها، ولفت الباحث إلى أن هذه البرامج تعزز أيضاً الانتقال الإيجابي من مرحلة دراسية إلى أخرى.

علاقة الأطفال الجيدة بمعلميهم

من جهة أخرى وجدت دراسة جديدة أن علاقة الأطفال الجيدة بمعلميهم خلال المرحلة الأولى من التعليم قد تحميهم من إظهار العدوانية، وذكر موقع هلث داي نيوز الأميركي أن مجموعة من الباحثين من جامعات (لافال) و(الاباما) و(مونتريال) و(دوبلين)، وجدوا أن علاقة الأطفال بالمعلمين تؤثر على طبيعتهم العدوانية في المرحلة التعليمية الأولى، وقالت الباحثة المسؤولة عن الدراسة مارا برندجن، إن السلوك العدواني في فترة الطفولة الوسطى هي على الأقل جزئياً مفسّرة بعوامل جينية، لكن التأثيرات الجينية على السلوك لا تعمل عادة بشكل مستقل عن تأثيرات البيئة المحيطة، وراقب الباحثون 217 توأماً متماثلاً في سن السابعة، موزعين على صفوف مختلفة بمعلمين مختلفين، وقيّم المعلمون نوعية علاقتهم بكل فرد من التوائم، وقُدّر التأثير الجيني على العدائية عبر مقارنة التشابه في السلوك بين التوائم، ووجد الباحثون أن الأطفال المعرضين جينياً ليكونوا عدائيين كانوا أكثر عرضة لأن يصبحوا ضحايا زملائهم مقارنة بالآخرين، لكن هؤلاء الأطفال كانوا محميين أكثر من التصرّف بعدائية، ومن أن يكونوا هدفاً لعدائية الأطفال الآخرين لدى وجود علاقة جيدة مع معلميهم. بحسب يونايتد برس.

الحقائب المدرسية

على الصعيد نفسه أكد الدكتور عبد العظيم العوادلي أستاذ الطب الرياضي واستشاري العلاج الطبيعي أن ثقل وزن الحقائب المدرسية يسبب مشاكل وتشوهًا في العمود الفقري للطفل يستغرق وقتًا طويلاً في العلاج، مشيراً إلى أن الوزن المثالي هو نصف كيلو لمرحلة رياض الأطفال و2 كيلو للابتدائية، وأشار العوادلي الى أن الجلوس بطريقة خاطئة يسبب مشاكل في العظام ويجب على الأم تعليم طفلها كيفية الجلوس بطريقة صحيحة، محذراً من إعطاء الأطفال وجبات مدرسية تحتوي على أغذية محفوظة بها مكسبات طعم ورائحة مثل، رقائق البطاطس والحلوى لأنها تعطيهم طاقة زائدة وتجعلهم أكثر عدوانية، ونصح أستاذ الطب الرياضى الأمهات بعمل تمرينات بسيطة ورقيقة للأطفال الرضع بعد سن شهر عن طريق ثني القدم وفردها؛ حيث تقوم هذه الحركات بتقوية العضلات والجهاز الحركي مستقبلاً، مشيراً إلى أن هذه التمرينات تخلص الجسم من الكولسترول الضار وتحفز الجسم على إعادة توزيع الكالسيوم.

ونصح بإعطاء الطفل وجبات مدرسية متوازنة تحتوى على كافة العناصر الغذائية من فيتامينات وبروتينات ونشويات، وتشجيع الطفل على ممارسة رياضة بشرط عدم الإسراف فى التدريب، فضلاً عن تجنب الجلوس أمام الحاسب الآلي لأكثر من ساعة فقط لأن الجلوس فترات طويلة أمامه يسبب توتراً وعصبية ويصيب الأطفال بالعنف، وحذر الإباء من التدخين أو الكذب أمام أطفالهم؛ لأن ذلك يؤثر سلباً عليهم لأنهم يقلدون كل تصرف يقوم به الآخرين وبخاصة الأب الذي يرون فيه مثلهم الأعلى.

خطة لتطوير التعليم في أمريكا

من جهته دافع الرئيس الأميركي باراك أوباما عن خطته للتوظيف في كولورادو غرب مؤكدا أن هذه الإجراءات ستتيح تجديد المدارس وتحاشي تسريح الأساتذة، وانهي أوباما في دنفر جولة لمدة ثلاثة أيام هدفت الى الدفاع عن هذه الخطة من 447 مليار دولار، وتنص هذه الإجراءات التي ستمول من ارتفاع الضرائب على الميسورين والتي ترفضها المعارضة، على منح أموال للولايات كي تحافظ على الأساتذة في مراكزهم بالرغم من الأزمة وكذلك القيام بإعمال بني تحتية ومنها بناء مدارس، وقال في خطاب في مدرسة بحي اسباني بجنوب عاصمة كولورادو أن ألاف العمال في المبنى سيحصلون على وظيفة مجددا. بحسب فرانس برس.

وأضاف يجب أن نقوم بكل ما يمكننا القيام به كي يتمكن الأطفال من المنافسة. كل طفل يستحق مدرسة رائعة وبإمكاننا أن نؤمنها له، وأوضح سؤالي الى الكونغرس هو التالي: ولكن ماذا تنتظرون بوضوح؟ لتبني خطة التوظيف.

التجربة الماليزية.. نموذج للنهضة التعليمية

من جانبه أكد عميد وأستاذ تطبيق السياسات العامة في كلية لي كوان يو السنغافورية، سفير سنغافورة الأسبق في الأمم المتحدة، البروفيسور كيشور محبوباني، أن سنغافورة بدأت رحلة نموها من تحسين وضع المعلم مالياً واجتماعياً.

ودعا خلال محاضرة التكامل بين الخدمة المدنية والتنمية الوطنية في سنغافورة التي أقيمت في مجلس سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وليّ عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في قصر سموه بالبطين، إلى إيفاد الطلاب للدراسة في بلاده. وقال إنه من المؤسف أن لدينا عدداً قليلاً من الطلاب الخليجيين يدرسون في جامعاتنا، لذلك أدعوكم إلى عدم الذهاب إلى أوروبا لأنكم سترون الماضي، أما بذهابكم إلى الجامعات الأميركية، فسترون الحاضر، وإذا أردتم رؤية المستقبل فعليكم بالذهاب الى آسيا، لأن 90٪ من النمو في العالم سيأتي من خارج أوربا، وسيكون من آسيا، لافتاً إلى أن الحضارات الثلاث في آسيا الصينية، والهندية، والإسلامية ممثلة في سنغافورة.

وشدد على أن ما دفع النظام التعليمي لديهم هو اكتشافهم أن المعلم هو أهم شخص في العملية التعليمية، وفي معظم دول العالم يكون التعليم مهنة من الدرجة الثانية، أو الثالثة، ولكن في سنغافورة تمكنا من ان نجعل التعليم مهنة من الدرجة الأولى. وقال محبوباني «دفعنا رواتب كبيرة للمعلمين ومديري المدارس، حتى نحصل على تعليم متميز، وأصبح المعلمون من الربع الأول في الدولة، واستثمرنا في التعليم أكثر من أي شيء آخر، وأضاف محبوباني عندما تقلد دولة تجربة دولة أخرى يجب عليها التقليد بذكاء لأن هناك أشياء تنجح في ثقافات ولا تنجح في ثقافات أخرى، وأكد أن عالماً جديداً بدأ يظهر في الوجود حالياً، يصاحبه نهاية حقبة السيطرة الغربية على تاريخ العالم، وهي لا تعني نهاية الغرب، لأن الحضارة الغربية ستبقى.

وأشار محبوباني الى أن ما يحدث في آسيا هو تكرار لما حدث في الثورة الصناعية الاوروبية، والتحسن المعيشي الملحوظ في آسيا، يؤكد الخطى السريعة والتطور غير المسبوق في تاريخ البشرية. وشدد على أهمية النزاهة في رقي وتقدم أي مجتمع، مشيراً الى واقعة حبس نائب وزير سنغافوري لمجرد قبوله دعوة رجل أعمال لقضاء إجازة مجانية، وأشار إلى أن سنغافورة كانت أول دولة تضع رسوماً على الطرق السريعة لحلّ مشكلة الازدحام، إضافة إلى أنها الدولة الأولى التي حولت الخدمات الأساسية، مثل تحصيل الرسوم والاتصالات، إلى اختصاصات الشركات الخاصة، مع وجود هيئة للتنظيم والمراقبة. بحسب وكالة الأنباء الإماراتية.

وأكد أن المعجزة الحقيقية لسنغافورة، هي النظام الصحيّ، لأن الولايات المتحدة تصرف 16٪ من صافي ناتجها على الصحة، بينما تصرف سنغافورة 25٪ من صافي ناتجها، ونظامها الصحي أفضل من النظام الأميركي، ومتوسط العمر في سنغافورة أعلى بكثير من أميركا، والبنك الدولي يعتبر سنغافورة من أفضل الدول التي تقدم خدمات صحية

النظام التعليمي في فنلندا

فيما تشير صحيفة أتلانتيك إلى مواصلة الإعلام الأمريكي تجاهل جانب هام وراء نجاح التعليم الفنلندي وهو خلوه من التعليم الخاص والمدارس وحتى الجامعات خاصة، ويحتضن النظام التعليمي الطلاب والطالبات من الحضانة وحتى درجة الدكتوراة. وهناك عدد قليل من مؤسسات التعليم الخاص ولا يسمح لهذه بطلب أي رسوم, وفي هذا الشأن  كتبت الصحفية الفنلندية أنو بارتانين من نيويورك في صحيفة أتلانتيك عن أحد أهم أسرار تفوق النظام التعليمي الفنلندي الذي تجاهله الإعلام الأمريكي لدى تغطية الاهتمام الكبير بنجاح التعليم الفنلندي وإرسال مندوبين متخصصين لتبادل الخبرات حوله.

فقد أصبحت فنلندا قوة عظمة في مجال النظام التعليمي نظرا لتركيز نظامها على المساواة بدلا من التفوق. وتلتفت أنظار العالم نحو فنلندا في دراسات ومؤلفات عديدة حول جودة الحياة فضلا عن النظام التعليمي الذي أحرز فيه الطلاب الفنلنديون أعلى النتائج على المستوى العالمي وذلك بفضل تقديم فرص متساوية لجميع الطلاب والطالبات بغض النظر عن خلفيتهم الاجتماعية وقدراتهم الأكاديمية حيث يعاملون سواسية للحصول على فرص كاملة للتحصيل العلمي. وفود لا تتوقف تحج من مختلف دول العالم لدراسة نظام التعليم المعجزة في فنلندا عقب نشر دراسات بيزا، ولدى زيارة باسي سالبرغ، وهو مسؤول رفيع من دائرة في وزارة التعليم الفنلندية، إلى جامعات ومدارس خاص في الولايات المتحدة للحديث عن تجربة التعليم في فنلندا، أشار للصحيفة إنه هناك أمور لا يود أحد في الولايات المتحدة الحديث عنها  مثل ما يضّر بالمؤسسات التعليمية الخاصة، وخلال خطاب له في معهد أكاديمي وهو مدرسة دويت ظهر السبب وراء ذلك فالطالب الأمريكي يدفع قرابة 40 ألف دولار كل سنة فيه! وبالرغم من جدية المبادرات الهادفة لإجراء إصلاحات النظام التعليمي الأمريكي، لا تلقى الأجوبة التي تقدمها فنلندا لتفسير نجاحها، قبولا أمريكيا.

أقوى نظام تعليمي في العالم

الى ذلك نشرت صحيفة صالون الأمريكية لقاء مع توني واغنر بروفسور جامعة هارفارد الذي يشرح كيف حققت فنلندا نجاحا باهرا بالتخلي عن الامتحانات في نظامها التعليمي الذي أصبح أنجح نظام تعليمي في العالم.  

تم إنتاج فيلم وثائقي عنوانه ظاهرة فنلندا: خفايا أكثر أنظمة التعليم غرابة في العالم حيث يتقصى الفيلم ذلك البلد الذي يتمتع بأنجح نظام تعليمي في العالم ويكشف تعارض نظرية إصلاح التعليم المهووسة بالامتحانات في الغرب والولايات المتحدة تحديدا والتي تجري حاليا.   

ويروي واغنر (وهو معلق الفيلم الوثائقي المذكور ومؤلف كتاب تربوي عن فشل المدارس في تعليم المهارات الضرورية)- مسيرة تطوير النظام التعليم في فنلندا وبداياته الناجحة، حيث أجاب عن إنجازات فنلندا في النظام التعليمي بالقول: " مطلع السبعينيات كان لدى فنلندا نظام تعليمي رديء بإنجازاته مع اقتصاد زراعي لا يقدم سوى منتجا واحدا وهو خشب الأشجار التي كانت تقطع بمعدلات غير قابلة للاستدامة وأدركوا أنهم لن يعبروا بها نحو المستقبل القريب. وعرفوا أن عليهم مراجعة نظامهم التعليمي وتجديده لتأسيس اقتصاد معرفة فعلي. ويجيب واعنر للصحفي ديفيد سيروتا من صالون عن جذور النظام التربوي الفنلندي ويقول:" بدؤوا في السبعيينات بتغيير كامل لعمليات تحضير واختيار معلمين ومعلمات المستقبل.

وكانت تلك خطوة أساسية هامة لأنها أتاحت لهم ضمان مستوى احترافي عال بين الأساتذة والمعلمين. وكان كل أستاذ  مؤهل بدرجة ماجستير مع تحضير وتدريب بذات المستوى العالي لكل منهم، والذي حصل بعدها هو أن التدريس أصبح أكثر المهن رقيا وتقديرا، رغم أنه لم يكن الأعلى أجر بل تمتع محترفوه بأعلى مكانة اجتماعية.

الأمر المثير هو أنه بسبب تأسيسهم لمستوى عال من الاحترافية في التدريس أصبحوا يثقون بالأساتذة وأصبح شعارهم الثقة من خلال الاحترافية وأصبح الفرق بين أعلى المدارس أداء في فنلندا، مع أضعفها أداء هو فارق ضئيل جدا لا يتعدى 4% وذلك دون اعتماد كل هذه المدارس لأي امتحانات.  وبسؤال واغنر عن تعارض ذلك مع المداولات التربوية في الولايات المتحدة حول إصلاحات التعليم بإدخال المزيد من الامتحانات وإغراق الأساتذة والمدرسين والمدرسات والطلاب بها أجاب بالقول: " يجري تقييم فنلندا بين أعلى الدول في مجال الابتكارات والإبداع والاستثمارات الخلاقة فهي ليست بلدا اشتراكيا بأي معنى من الكلمة، أما في  الولايات المتحدة فمن المستغرب أنه ومنذ ربع قرن فإن من يقف وراء إصلاح قطاع التعليم  هو شركات كبرى، فهناك ديفيد كيرن من شركة زيروكس ولو جستنر من أي بي إم، وهما كانا يدعوان لقمة وطنية حول التعليم ولم توجه لحضور تلك القمة أي دعوة لتربويين وخبراء في التربية والتعليم بتاتا، بل قاموا بدعوة رؤوساء تنفيذيين وحكام ولايات ورجال الكونغرس ونواب.

وأضاف: على الرغم من أنني أتفهم وأحترم حاجات الشركات لمهارات أفضل وأتفهم التوجس من النظام التعليمي لأنه القطاع الوحيد الذي يضمن وظيفة مدى الحياة، لكن الفرق في فنلندا هو وجود إجماع طوال 30 عاما حول أهمية التعليم وأهمية التدريس باحترافية وجودة عاليتين كحل حقيقي لأزمة النظام التعليمي. في فنلندا كانت شراكة ناجحة بين الشركات وصناع السياسات والتربويين وهو ما تحتاجه الولايات المتحدة ولا تتمكن من الحصول عليه.

واستفسر ديفيد عن اعتراض محتمل حول تجربة فنلندا وهو أنه لا مجال للمقارنة بين النظام التعليمي في فنلندا ذات المجتمع المتجانس والأنظمة التعليمية الأخرى مثل النظام الأمريكي حيث تتنوع الأعراق واللغات، فأجاب واغنر قائلا: هناك تنوع كبير أيضا في فنلندا فهناك 15% من السكان ممن يتحدثون لغة ثانية ويتم تدريس 45 لغة في مدار هلسنكي. كما أن فنلندا تعادل 33 ولاية أمريكية مجتمعة من جانب عدد السكان، لماذا لا نقارن بين فنلندا وولاية منيسوتا التي تتشابه من الناحية الديمغرافية،  فبالرغم من الاختلافات ولا فروقات مع دول وولاية أخرى إلا أنه هناك في التجربة الفنلندية الكثير من العبر والنجاحات التي يمكن الاستفادة منها في أي بلد في العالم.

كيف ارتقت فنلندا بدور المعلم في عيون الناس لتصبح مهنة أكثر من مجرد مهنة محترمة بل مهنة تستحوذ على الإعجاب والتقدير فيما يتعرض المدرسون للتوبيخ والملامة بانتظام.

ينظرون في فنلندا إلى المدرسين والمدرسات على أنهم علماء والصفوف على أنها مختبراتهم، ولذلك فكل مدرس يجب أن ينال درجة ماجستير، وليس أي شهادة ماجستير بل يجب أن تكون في مجال متخصص حول الإعداد الفكري في الصف، أما الناحية الثانية هنا فهي أنهم حددوا ما هي الاحترافية في مهنة التدريس على أنها العمل الجماعي والتعاوني بدرجة أكبر من العمل الفردي، حيث يمنح الأساتذة فسحة للعمل معا لتحسين المنهاج والدروس.

بينما يعود مستوى الاحتراف في النظام التعليمي الأمريكي للقرون الوسطى، حيث يعمل الأستاذ وحيدا طوال اليوم وكل يوم، لكن الوحدة هي عدو الابتكار والتطوير نحو الأفضل، وهو الأمر الذي أدركه الفنلنديون منذ وقت بعيد.

أهم جامعة في العالم

كما أعلن معهد ماساتشوسيتس للتقنية MIT إحدى أرقى وأهم الجامعات في العالم عن نيتها منح شهادات وتدريب مجانا عبر الإنترنت لكل الطلاب في أي مكان ضمن برنامج يحمل اسم إم أي تي إكس MITX، وفقا لبيان صحفي من الجامعة.

حتى اليوم يظل دخول هذه الجامعة حلما يرادود الآلاف من الطلاب والطالبات ولكن بالتوازي مع ذلك تقدم الجامعة ومنذ عشر سنوات كل مساقاتها على شكل فيديو وصور وغيرها من مواد مجانا لمن يريد في أي بلد في العالم، لكنها اليوم تضيف برنامجا جديدة يتيح لمن يرغب بالحصول على توثيق للمساقات التي أتقنها سواء كانت في علوم الذرة أو أي حقل علمي آخر تقدمه الجامعة بل تقدم لأي جامعة أخرى ترغب في استخدام موادهاالعلمية مجانا أيضا..سيقدم البرنامج الجديد مساقات الجامعة عبر منصة تفاعلية عبر الإنترنت، وتنظم هذه المساقات مواد تمكن الطلب التعلم وفقا للوتيرة التي تناسبهم مع مزايا تفاعلية ومختبرات عبر الإنترنت مع قدرات التواصل فيما بين الطلاب.

يتيح هذا البرنامج (بالإنكليزية) أيضا تقييما لأداء كل طالب، مع منح الطلاب المتفوقين والذين يتقنون المواد كسب شهادات نجاح بالمقرر والمساقات من قبل برنامج الجامعة MITx.  يعمل البرنامج المذكور الذي أطلقته الجامعة اليوم بمبدأ المصادر المفتوحة وبنية تحتية برمجية قابلة للتعديل والتوسع لتحسينه وتوفيره لكل المؤسسات التعليمية الأخرى التي ترغب بتبنيه. تتطلع الجامعة لمساهمة هذا البرنامج في تحسين العملية الأكاديمية أمام طلابها في حرم الجامعة نفسها لتقدم لهم أدوات عبر الإنترنت لتتكامل مع تجربتهم في المختبر وقاعات الجامعة وتثري عملية اكتساب المعرفة لديهم. وتتوقع الجامعة أن يستشيف البرنامج MITx مجتمعا افتراضيا يضم متعلمين من مختلف انحاء العالم.، تقدم الجامعة منذ10  سنوات محاضراتها ضمن حزمة برمجية عبر الإنترنت وهي OpenCourseWare، التي تضم كل مواد المساقات لديها والبالغة 2,100 مساقا استخدمها أكثر من 100 مليون طالب حول العالم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 4/كانون الثاني/2012 - 10/صفر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م