بريطانيا من العظمة إلى الفقر

اقتصاد راكد وفجوة معيشية كبيرة

 

شبكة النبأ: تتسع الفجوة بين شرائح الدخل العليا والمتوسطة في بريطانيا، مع مرورها بأزمة اقتصادية، ويبد وان التفاوت الاشد في الاجور يوجد في القطاع المالي في لندن، وتتزامن نتائج خفض الميزانية مع استمرار اعتصام محتجين ألهمتهم حركة "احتلوا" في أنحاء العالم قرب بورصة لندن للمطالبة بتوزيع أفضل للثروة واصلاحات مالية.

ويلقى باللوم على البنوك التي جرى انقاذها بأموال دافعي الضرائب، في خضم الازمة المالية لعامي 2008 و2009 في ايقاد شرارة التباطؤ الاقتصادي الذي نال من مستويات معيشة البريطانيين، مع نمو الاجور بمعدلات أبطأ من  معدلات التضخم.

فيما كشفت بحوث ودراسات تمخضت عن الازمة المالية، ان البريطانيين يعتادون عادات تساهم في زيادة ازمتهم سوءا، ويحتاجون الى اعادة هيكلة اقتصادية لتجاوز ما يمرون به بسلام بدءا من تنظيم ميزانية دخل الاسرة ومصاريفها اليومية، ومرورا بشراء الهدايا في الاعياد والمناسبات، ولا تنطبق اعادة الهيكلة هذه على الفرد البريطاني فقط بل تشمل الاسرة الحاكمة، التي حددت هي الاخرى استراتيجاتيها الاقتصادية لتوفير مبالغ مالية اكثر تسهم في تخفيف الضغط عن ميزان الاقتصاد البريطاني المتعب.

فجوة الدخل

اذ قال جوناثان بورتس مدير المعهد الوطني للابحاث الاقتصادية والاجتماعية "يظهر البحث أنه اذا أردت القيام بشيء حيال اعادة ضبط التفاوت فان عليك مواجهة القطاع المالي وهذا هو ما نراه في احتجاجات احتلوا." وأضاف بورتس "القطاع المالي يأخذ حصة غير متناسبة من النمو الاقتصادي وليس من المدهش أن نرى مثل هذا الاستياء الشعبي." بحسب رويترز.

وقال المعهد في تقرير ان تخفيضات الانفاق المزمعة من جانب الائتلاف الذي يقوده المحافظون لمعالجة عجز ميزانية بريطانيا ستؤدي الى اتساع أكبر في الفجوة بين الاكثر غنى والاشد فقرا. وقال ان أصحاب الدخول الاعلى يشهدون أسرع نمو في الاجور حيث زادت رواتب شريحة الواحد بالمئة الاعلى 68 بالمئة أسرع من أصحاب الدخل المتوسط في الفترة من 1977 الى 2002.

التنزيلات الشتوية

في سياق متصل، اعرب التجار البريطانيون عن ارتياحهم من تنزيلات الشتاء مشيرين الى تسجيل مستويات قياسية جديدة للمبيعات رغم التقشف والاضراب الذي اثر كثيرا على حركة قطارات الانفاق في العاصمة لندن. ويشكل بداية موسم التنزيلات قالت سلسلة متاجر سلفريدجز انها سجلت في محلاتها الكبرى في لندن ومانشستر (شمال) وبرمينغهام (وسط) ارتفاعا بنسبة 15 % في المبيعات مقارنة مع المستوى القياسي السابق في 2009.

وقالت المسؤولة سو ويست ان سلسلة المتاجر هذه حطمت المستوى القياسي لاول ساعة من المبيعات موضحة ان "اكسسوارات النساء والحلى شكلت عامل الجذب الرئيسي". ومع ان مقتل رجل شاب طعنا بسكين في شارع اكسفورد الشهير اضطر متاجر كثيرة على اغلاق ابوابها الا ان الزبائن توافدوا الى العاصمة والى متاجر المدن الاخرى.

وقد وصل المتسوقون الساعون الى صفقات جيدة في وقت مبكر كما حصل في مركز "بول رينغ" التجاري في برمينغهام حيث وقف الناس طوابير ضمت الالاف امام متاجر "سلفريدجز" و "نيكست". واعلن مركز برنت كروس التجاري في شمال غرب لندن الذي كان يقترح تنزيلات تصل احيانا الى 75 % انه سجل مبيعات تصل الى الف جنيه استرليني في الثانية.

وهذا الوضع يسعد التجار الذين سجلوا مبيعات مخيبة للتوقعات. فالظروف لم تكن مؤاتية لكي تسجل التنزيلات نجاحا، فالمستهلكون البريطانيون يعانون من تباطوء الاقتصاد والتضخم وخطة التقشف الحكومية والبطالة. وكان يخشى التجار في لندن ايضا من تأثير اضراب من 24 ساعة في قطارات الانفاق. وقد اثر الاضراب على عدة خطوط بدرجات متفاوتة.

هدايا غير مرغوبة

على الصعيد نفسه، كشفت دراسة جديدة نشرتها صحيفة «دايلي إكسبرس»، أن البريطانيين أنفقوا 2.4 مليار جنيه إسترليني، أي ما يعادل نحو 3.741 مليارات دولار، على شراء هدايا غير مرغوبة في عيد الميلاد. ووجدت الدراسة أن 20٪ من البريطانيين اعترفوا بأن أمهاتهم كن أسوأ المخالفين في تقديم الهدايا غير الملائمة، تلتهن الحموات (18٪)، ثم العمات والخالات (16٪). وقالت إن كل شخص بالغ في المملكة المتحدة قدّم هديتين على الأقل لم تكونا مرغوبتين في عيد الميلاد، وبلغ سعر الواحدة منهما 48 جنيهاً إسترلينياً.

وأضافت الدراسة أن 30٪ من هدايا عيد الميلاد غير المرغوبة انتهت في الجزء الخلفي من الخزائن، أو مستودع الغلال في نهاية المطاف، في حين تم تقديم 15٪ منها إلى شخص آخر، وإلقاء 2٪ في سلات المهملات. بحسب يونايتد برس.

وأشارت إلى أن نصف البريطانيين كانوا مهذبين جداً في التعبير عن مشاعرهم الحقيقية تجاه الهدايا غير المرغوبة، وقدّموا الشكر بحماسة لمانحيها، في حين اعترف 10٪ منهم فقط بأنهم رفضوا مثل هذه الهدايا، وأبدى 4٪ منهم مشاعرهم الصادقة تجاهها. 

إلغاء عيد الميلاد

على صعيد ذو صلة، كشفت دراسة جديدة نشرتها صحيفة « دايلي ميرور»، أن نسبة تصل إلى ربع العائلات البريطانية تريد إلغاء عيد الميلاد بسبب تكاليفه الباهظة. ووجدت الدراسة أن 30٪ من العائلات البريطانية تعاني خلافات حادة خلال عيد الميلاد، لأسباب تتعلق بالمال ومشاهدة التلفزيون والكحول ومسائل أخرى.

وقالت إن واحدة من كل خمس عائلات تتشاجر خلال هذه المناسبة، حتى قبل تقديم وجبة عيد الميلاد التقليدية، في حين تبقى واحدة من كل ثلاث عائلات على علاقة جيدة، لكن لمدة لا تتجاوز 12 ساعة. وأضافت الدراسة أن المال حل بالمرتبة الأولى على لائحة أكثر 10 أمور مسببة لتفجر الخلافات بين الأسر البريطانية خلال عيد الميلاد، تلتها خيارات مشاهدة التلفزيون بالمرتبة الثانية، ثم برنامج العيد بالمرتبة الثالثة، ووقوع أحد أفراد العائلة في حالة سكر بالمرتبة الرابعة. بحسب يونايتد برس.

وأشارت إلى أن التقتير والبخل في الإنفاق حل في المرتبة الخامسة، ودعوة الأقرباء إلى عشاء عيد الميلاد بالسادسة، والاكتظاظ في السابعة، وألعاب العيد في الثامنة، ومتطلبات نظام الحمية في عشاء عيد الميلاد في التاسعة، فيما حل الحسد من الهدايا في المرتبة العاشرة والأخيرة.

المواد الغذائية

الى ذلك، كشفت دراسة جديدة نشرتها صحيفة (ذا صن)، أن البريطانيين يرمون من المواد الغذائية سنوياً ما قيمته 12 مليار جنيه استرليني، أي ما يعادل نحو 19 مليار دولار. ووجدت الدراسة أن البريطاني العادي يتخلص من 10% من المواد الغذائية التي يشتريها كل أسبوع، وأن معظم الأسر يمكن أن توفر ما يصل إلى 50 جنيهاً استرلينياً في الأسبوع في حال تخلصت من عادة الإسراف في شراء الطعام.

وقالت إن 67% من أصل 2000 مشارك بريطاني في الدراسة، اعترفوا بأنهم لا يخططون مسبقاً قبل الذهاب إلى التسوق، ويشترون من المواد الغذائية حسب رغباتهم وليس احتياجاتهم، فيما اعترف 11% بأنهم يفرطون في شراء المواد الغذائية لأنهم يتسوقون حين يشعرون بالجوع. وأضافت الدراسة أن 46% من البريطانيين اعترفوا بأنهم يجهلون الطريقة الصحيحة لتخزين كافة المواد الغذائية التي يشترونها، ما يجعلهم يتخلصون من الكثير منها بعد مرور أسابيع على شرائها.

وأشارت إلى أن 25% من البريطانيين مصابون برهاب انتهاء صلاحية المواد الغذائية ويقومون بالتخلص منها مع اقتراب فترة انتهائها، فيما دفعت الأوضاع المالية الصعبة 44% منهم للتوجه نحو الاستفادة القصوى من المواد الغذائية المتبقية وتجميدها بدلاً من التخلص منها.

الكاري الهندي

كما أظهرت دراسة جديدة نشرتها صحيفة «صندي ميرور»، أن البريطاني صار متعلقاً بالمأكولات الهندية وينفق نحو 425 جنيهاً إسترلينياً في العام على الكاري. ووجدت الدراسة أن الكاري هو الطبق المفضل لدى البريطانيين من المأكولات الهندية، تلاه طبق الكورما، ثم طبق تيكا ماسالا، ثم طبق جوش روغان. بحسب يونايتد برس.

وقالت إن 30٪ من البريطانيين يتمتعون بالطعام الهندي مرة واحدة في الأسبوع على الأقل، ويعتقد 10٪ منهم أن توابله تقوي حياتهم العاطفية. وأشارت الدراسة إلى أن 30٪ من البريطانيين صاروا يعدون طبق الكاري في بيوتهم بدلاً من شرائه من المطاعم الهندية. وأضافت أن الرجال البريطانيين يميلون إلى تناول الكاري الحار أكثر من النساء، لكونهن أقل ميلاً للمغامرة في خياراتهن من الطعام الهندي.

تقلّص الفجوة

فيما أظهرت دراسة جديدة أن رواتب النساء البريطانيات العاملات بدوام كامل ارتفعت بسرعة خلال السنوات الأخيرة وبشكل ضيّق الفجوة إلى أدنى مستوى لها مع رواتب الموظفين الذكور. ووجدت الدراسة، التي نشرتها صحيفة ديلي اكسبرس، أن رواتب الموظفات البريطانيات كانت تقل بنسبة 9.1٪ عن رواتب زملائهن الرجال، فيما كانت 10.1٪.

وقالت إن هذا التغيير تلا زيادة بنسبة 1.9٪ في متوسط دخل النساء البريطانيات العاملات بدوام كامل، ومن 11 جنيهاً استرلينياً و69 بنساً في الساعة إلى 11 جنيهاً و91 بنساً، بالمقارنة مع زيادة مقدارها 0.8٪ للرجال ومن 13 جنيهاً إلى 13 جنيهاً و11 بنساً في الساعة. وأشارت الدراسة إلى أن البريطانيات هنّ الأعلى دخلاً حين يتعلق الأمر بالعمل بدوام نصفي، ويحصلن على 5.6٪ أكثر من الرجال. بحسب يونايتد برس.

وأضافت أن دخل النساء البريطانيات عموماً لايزال يقل بنسبة 19.5٪ عن الرجال استناداً إلى جميع الموظفين. وقالت الدراسة إن هذا الفارق يمثل تحسناً طفيفاً في الفجوة بين رواتب الجنسين التي بلغت 19.8٪.

اعداد الجيش

من جهتها، نفت بريطانيا صحة تقرير نشرته صحيفة ذكر ان الحكومة تدرس اجراء تقليص كبير في قوة الجيش عما اعلن في السابق وأن جنودا اصيبوا في حرب افغانستان قد يكونون ضمن الذين سيفقدون وظائفهم. وقالت صحيفة ديلي تليجراف انها اطلعت على مذكرة مسربة ارسلت الى قادة كبار في افغانستان تقول ان خفض اعداد الجيش سيتجاوز ضعف الرقم الذي اعلن في السابق وانه لن يتم استثناء الجنود المصابين.

وقالت وزارة الدفاع البريطانية ان المعلومات المذكورة في المذكرة الداخلية غير صحيحة. وقالت الوزارة "انه بخلاف الذي اعلن في السابق لم يتم التخطيط لاجراء خفض اخر." واضافت الوزارة في بيانها ان الجنود المصابين لن يفقدوا وظائفهم خلال تلقيهم للعلاج.

وقال البريجادير ريتشارد نوجي المسؤول بالجيش ان المذكرة تأتي في اطار دراسة مجموعة من الخيارات للوفاء بهدف الحكومة خفض عدد افراد الجيش الى 82 الف فرد بحلول عام 2020. وقال في تصريح لهيئة الاذاعة البريطانية "بي.بي.سي." "كمسؤول عن البرنامج لا تنتظروا مني اي شيء غير النظر في كل الخيارات." ويأتي التقرير في وقت محرج للحكومة البريطانية ويتزامن مع ذكرى قتلى الحربين العالميتين الاولى والثانية وايضا الحربين الاخيرتين في العراق وافغانستان.

وخفض اعداد الجيش مسألة حساسة ايضا نظرا لاعراب بعض الساسة والقادة المتقاعدين عن خشيتهم من ان تقليص اعداد الجنود سيضعف على نحو خطير القوات المسلحة البريطانية التي لعبت مؤخرا دورا قياديا في عمليات حلف الاطلسي في ليبيا.

ونقلت الصحيفة عن الوثيقة السرية قولها ان عدد افراد الجيش قد يقل بواقع 16.500 فرد بحلول ابريل نيسان 2015. ويمثل العدد ضعف ما اعلنته الحكومة البريطانية الائتلافية في بتخفيض اعداد الجيش بواقع سبعة الاف فرد كجزء من خطة ترشيد نفقات عامة ضخمة تهدف لخفض العجز في الميزانية.

وقال التقرير ان 2.500 جندي بريطاني جريح اصيب العديد منهم في حربي العراق وافغانستان لن يعفوا من التسريح. وكان قادة الجيش تلقوا في السابق ضمانات بأنه بامكان الجنود الذي اصيبوا بجروح بالغة في العمليات البقاء في الجيش. وفقد نحو 350 جندي اطرافا لهم العديد منها نتيجة انفجارات. بحسب رويترز.

ووصف جيم مورفي المتحدث باسم الشؤون الدفاعية في حزب العمال المعارض تقرير الصحيفة بالمقلق وانه يقوض قدرة بريطانيا على عرض قوتها العسكرية عبر العالم. وابلغ مورفي راديو هيئة الاذاعة البريطانية بي.بي.سي انه "لا يمكن اقالة اي فرد اصيب بجروح بالغة نتيجة خدمته في الدفاع عن بلدنا. ينبغي دعمهم لتولي مهام اخرى في وزارة الدفاع."

سانت جيمس للايجار

من جهة اخرى، قال ناطق باسم قصر باكينغهام "خلال الالعاب الاولمبية يمكن لجمعيات مرتبطة بالعائلة المالكة استخدام بعض اجنحة قصر سانت جايمس لتنظيم حفلات استقبال" موضحا ان بين هذه المنظمات مثلا المزودون الرسميون للعرش البريطاني. واوضح الناطق ان "الاموال ستستخدم في صيانة المبنى" لكنه رفض القول لمن ستؤجر هذه الاجنحة وباي سعر.

وذكرت صحيفة "ديلي ميل" التي كشفت عن الامر انه يمكن لشركات خاصة ان تستأجر قاعة العرش وقاعة الاميرة آن بسعر قد يصل الى 30 الف جينه استرليني في اليوم (35 الف يورو) بمناسبة الالعاب الاولمبية التي تقام من 27 تموز/يوليو الى 12 آب/اغسطس 2012 في العاصمة البريطانية. بحسب يونايتد برس.

وبنى الملك هنري السابع قصر سانت جيمس بين عامي 1531 و1536 وكان مقر ملوك وملكات انكلترا على مدى اكثر من 300 سنة حتى العام 1837 موعد اعتلاء الملك فيكتوريا العرش. ومنذ ذلك التاريخ يقيم ملوك انكلترا في قصر باكينغهام. ويضم القصر المغلق عادة امام الجمهور مكاتب الاميرين وليام وهاري. وهو مقر عدة خدمات ملكية وتقام فيه احيانا حفلات استقبال لمراسم رسمية او خلال زيارات قادة دول اجنبية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 3/كانون الثاني/2012 - 9/صفر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م