أمريكا وإسرائيل... وحدة مصير برؤى متعددة

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: العلاقة بين الولايات المتحدة واسرائيل غنية عن التعريف، وقد تناولها الكثير من الكتاب والباحثين في العلاقات الدولية والسياسة الخارجية، وتداخلت الكثير من المصطلحات –نفياً واثباتاً- فيما بينها وتنوعت الآراء والرؤى حول طبيعتها الجامعة، حيث يحدد البعض هذا النموذج الخاص بالتحالف الاستراتيجي "الغير رسمي" القائم على اساس طبيعة الدولتين والتداخل الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والديني المتبادل، فيما يوضح اخرون هذه العلاقة بشراكة المصالح المتبادل في ضمان الاخر شريطة ان لا يتعارض ذلك مع المصالح العليا لكلا البلدين، اضافة الى وجهات النظر الاخرى.

لكن الشيء الذي يمكن اثباته بفعل مجريات الاحداث السابقة والتي مرت من خلالها علاقة البلدين بأزمات حقيقية وخلافات حادة على مر عقود من الزمن، ان هذه الخلافات والمشاحنات لا ترتقي الى مستوى "القطيعة" او "التقاطع" الاستراتيجي، فإسرائيل تعني لأمريكا الشيء الكثير، فهي ليست مجرد "حاملة طائرات لها" او "الملاذ الامن لاستقبال الولايات المتحدة اذا حدث خطر داهم في الشرق الاوسط"، وانما هناك حرص كبير -حتى من قبل الرؤساء المتعاقبون للولايات المتحدة- على عدم ازعاج اسرائيل وامتدادها الكبير داخل الولايات المتحدة والمتمثل باللوبي الصهيوني وجماعات الضغط والتعاطف الواسع مع اسرائيل ورؤوس الاموال الضخمة.

واشنطن تدعو اسرائيل لإنهاء عزلتها

اذ حث وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا اسرائيل على محاولة انهاء "عزلتها" في المنطقة عبر اصلاح العلاقات الدبلوماسية مع مصر وتركيا واستئناف جهود السلام مع الفلسطينيين، وقال بانيتا في خطاب "للاسف، خلال العام المنصرم، شهدنا ازديادا لعزلة اسرائيل عن شركائها الامنيين التقليديين في المنطقة وتم وضع مساعي الوصول الى سلام شامل في الشرق الاوسط جانبا"، الا ان بانيتا اشار الى ان اسرائيل ليست وحدها المسؤولة عن وضعها الصعب متحدثا عن "حملة دولية" ترمي الى عزل الدولة العبرية، وبعد ان ابدى تفهمه لمخاوف اسرائيل من التغييرات في الشرق الاوسط، واشار وزير الدفاع الاميركي الى ان الربيع العربي يمنح اسرائيل فرصة لبناء موقع اكثر امنا لها في المنطقة، واعتبر بانيتا ايضا انه من الضروري ان تعيد اسرائيل اقامة "علاقات جيدة" مع مصر وتركي، كما راى بانيتا الذي كان يتحدث خلال حفل من تنظيم مركز بروكينغز الفكري في واشنطن انه من الضروري ان تقوم اسرائيل بخطوات "لاصلاح العلاقات" مع دول مثل تركيا ومصر والاردن لديها على حد قوله مصلحة في الاستقرار الاقليمي، وكان بانيتا وجه الدعوة نفسها خلال زيارته الى المنطقة في تشرين الاول/اكتوبر، وعبر عن "قلقه" ازاء مسار العلاقات التركية الاسرائيلية ودعا البلدين الى "بذل جهود اضافية لاعادة العلاقات بينهما الى طبيعتها". بحسب فرانس برس.

وبخصوص مصر، قال ان الولايات المتحدة تشاطر اسرائيل قلقها بخصوص الامن في شبه جزيرة سيناء وبعد الهجوم الاخير على السفارة الاسرائيلية في القاهرة، لكنه قال ان افضل رد هو تعزيز "الاتصال والتعاون مع السلطات المصرية" بدلا من "الابتعاد عنها"، وتابع بانيتا انه على اسرائيل "بذل جهود للتوصل الى صنع السلام مع الفلسطينيين"، وردا على سؤال بعد خطابه حول ما على اسرائيل القيام به لتشجيع البحث عن حل سلمي مع الفلسطينيين، اجاب بانيتا "اجلسوا الى هذه الطاولة، (المفاوضات) هذا كل ما في الامر!، المشكلة في الوقت الحالي اننا لا نستطيع احضارهم الى طاولة" المفاوضات، وفيما دعا اسرائيل الى القيام بخطوات تجاه الدول المجاورة لها، اكد بانيتا مجددا التزام ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما "بالحفاظ على امن اسرائيل"، وتعهد ايضا بان واشنطن ستضمن استمرار تفوق اسرائيل عسكريا عبر تزويدها بصواريخ دفاعية متطورة ومقاتلات جديدة من نوع اف-35، كما تعهد بمنع ايران من الحصول على اسلحة نووية قائلا ان ادارة اوباما لم تستبعد احتمال تدخل عسكري، لكنه اكد ان الاستراتيجية الافضل هي التركيز على الدبلوماسية والعقوبات لاقناع ايران بالتخلي عن طموحاتها النووية، موضحا ان اللجوء الى عمل عسكري محتمل سيكون "الحل الاخير"، وجدد اعتباره ان شن غارات جوية على ايران لن يؤخر برنامجها النووي سوى لعام او عامين وقد يحمل تبعات "غير متوقعة" في المنطقة.

ووسط تكهنات حول احتمال قيام اسرائيل بشن ضربة وقائية لمنع طهران من امتلاك السلاح النووي اعرب وزير الدفاع الاميركي عن شكوكه في نتائج اي ضربة، وللمرة الاولى قال بانيتا وهو مدير سابق لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) ان اي ضربات جوية محتملة قد لا تصيب منشآت ايران النووية تحت الارض، وقال "بصراحة، بعض هذه الاهداف يصعب الوصول اليها" مضيفا "في افضل الاحوال، (شن غارات جوية) سيعيق (البرنامج النووي الايراني) عاما او عامين، هذا الامر رهن بالقدرة على اصابة المواقع المستهدفة بشكل فعلي"، وسبق ان اشار محللون الى ان ايران عمدت الى اخفاء مواقع نووية حساسة في منشآت تحت الارض فيما يقر مسؤولون غربيون في مجالسهم الخاصة بان الاهداف تحت الارض تطرح صعوبات امام اي ضربة عسكرية محتملة.

لا يمكن الاكتفاء بالقوة العسكرية

في سياق متصل قال وزير الدفاع الأمريكي، ليون بانيتا، في مستهل زيارته إلى الشرق الأوسط التي بدأت من إسرائيل، إن تل أبيب "لا يمكن لها الاعتماد على القدرات العسكرية فحسب وإنما يجب عليها التوجه إلى المسار الدبلوماسي،" وقال إن العلاقات الأمنية بين بلاده وإسرائيل "أقوى حالياً من أي وقت مضى،" كما تطرق إلى الشأن الإقليمي مندداً بـ"التهديد الإيراني،" ورأى أن سقوط نظام الرئيس بشار الأسد "مسألة وقت"، وقال بانيتا أنه يريد من الشعب الإسرائيلي بأن يكون على ثقة بـ"التزام الولايات المتحدة بأمنه وحريته خاصة في هذه الفترة التي تشهد تغيرات دراماتيكية في الشرق الأوسط،" ولكنه أضاف، بعد لقاء نظيره الإسرائيلي، أيهود باراك، إن الإدارة الأمريكية "تعارض قرار الكونغرس تجميد تحويل مائتي مليون دولار للسلطة الفلسطينية"، ورأى الوزير الأمريكي أن على الطرفين، الإسرائيلي والفلسطيني، "التوجه إلى حل النزاع على أساس مبدأ دولتين لشعبين" مؤكدا أن الإدارة الأمريكية تدعم ذلك، بالمقابل، شدد باراك على أن الحكومة الإسرائيلية "تسعى إلى التوصل إلى اتفاق مع السلطة الفلسطينية من خلال المفاوضات المباشرة على أساس مبدأ دولتين لشعبين،" وقال إن على الطرفين اتخاذ "قرارات مصيرية،" وفقاً للإذاعة الإسرائيلية، وفي رام الله، استقبل رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، محمود عباس، الوزير الأمريكي، ليعرب أمامه عن استعداد الجانب الفلسطيني للعودة إلى المفاوضات "في حال قيام إسرائيل بتنفيذ الالتزامات المترتبة عليها كوقف الاستيطان والقبول بمبدأ حل الدولتين على حدود عام 1967". بحسب سي ان ان.

بدوره اعتبر الوزير الأمريكي أن حل الدولتين هو لمصلحة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وأكد ضرورة إيجاد طريق للعودة إلى المفاوضات بين الجانبين، وفقاً لوكالة الأنباء الفلسطينية، ولم تغب الاهتمامات الإقليمية عن تصريحات الوزير الأمريكي الذي تطرق إلى القضية الإيرانية حيث قال إن واشنطن "تعي خطورة التهديد الإيراني وإقدام طهران على تطوير أسلحة نووية،" وأضاف أن الولايات المتحدة "تتعاون مع إسرائيل في هذا المضمار"، أما بالنسبة للأوضاع في سوريا فقد رأى وزير الدفاع الأمريكي أن سقوط نظام الرئيس بشار الأسد من جراء الانتفاضة الشعبية السورية هو "مسألة وقت،" مشيراً إلى وجود "إجماع في المجتمع الدولي حول فقدان النظام السوري لشرعيته" وضرورة تنحي الأسد، وكان بانيتا قد وصل إلى إسرائيل، في مستهل جولة في الشرق الأوسط، تهدف إلى إنهاء العزلة التي تعاني منها الدولة العبرية، نتيجة أحداث "الربيع العربي"، والجمود الراهن في عملية السلام، إضافة إلى تزايد الدعم الدولي لمساعي الفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة، واستبق بانيتا زيارته جولته في الشرق الأوسط بقوله، في تصريحات للصحفيين المرافقين له على متن الطائرة التي أقلته إلى المنطقة، إنه سوف يعرض مزيداً من المساعدات الأمريكية مقابل أن تحظى إسرائيل بـ"علاقات متطورة مع الدول المجاورة لها"، في إشارة إلى كل من مصر وتركيا.

وقال بانيتا إنه يعتزم، خلال محطته الأولى، ممارسة مزيد من الضغط على المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين لحثهم على العودة إلى مائدة المفاوضات، بحسب ما ذكر المكتب الصحفي بوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، وتزايد التوتر في المنطقة، مع توجه الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة لنيل اعتراف دولي بـ"فلسطين"، والحصول على العضوية الكاملة في المنظمة الأممية، وكذلك بعد إعلان الحكومة الإسرائيلية عن خطة تتضمن بناء 1100 وحدة استيطانية جديدة جنوبي القدس، وفيما أعلنت واشنطن معارضتها للتوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة، وهددت باستخدام حق النقض "الفيتو"، فقد دعت اللجة الدولية الرباعية المؤلفة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا، إسرائيل والفلسطينيين إلى استئناف محادثات السلام في غضون شهر، وحددت نهاية 2012 كموعد نهائي لإتمامه، وقبل قليل من وصول بانيتا إلى المنطقة، قال مكتب رئيس حكومة الدولة العبرية إن إسرائيل "ترحب بدعوة اللجنة الرباعية للمفاوضات المباشرة بين الطرفين دون شروط مسبقة"، إلا أنه أشار إلى أن هناك بعض التحفظات سيثيرها الجانب الإسرائيلي خلال عملية التفاوض، وبينما دعا البيان الإسرائيلي السلطة الفلسطينية إلى الحذو حذوها والجلوس إلى طاولة المفاوضات دون تأخير، كان رئيس السلطة الفلسطينية قد أكد، في أكثر من مناسبة، أن الفلسطينيين لن يعودوا إلى المفاوضات حتى توقف إسرائيل بناء المستوطنات وتقبل حدود عام 1967 كأساس للعودة إلى المحادثات.

تعزيز صورة أوباما

من جهته أشاد وزير الدفاع الاسرئيلي ايهود باراك بما أسماه قوة عزيمة الرئيس الامريكي باراك أوباما وخوضه المخاطر في تصريحات من المرجح أن تساعد الرئيس الامريكي في سعيه لاعادة انتخابه بعد أن كثفت وزارة الدفاع الامريكية من التحذيرات لايران بسبب برنامجها النووي، وتبدد تصريحات باراك وهو الوسطي الوحيد في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية فيما يبدو تكهنات بأن الاسرائيليين من الممكن ان يتحدوا اعتراض الولايات المتحدة بمهاجمة المنشات النووية الايرانية من جانب واحد، وفي مقابلتين متتاليتين أصدر وزير الدفاع الامريكي ليون بانيتا والجنرال مارتن دمبسي قائد الاركان الامريكية المشتركة تصريحات قوية بشكل غير معتاد ازاء استعداد الولايات المتحدة لاستخدام القوة لمنع ايران من وسائل صنع قنبلة نووية، وصرح باراك لراديو اسرائيل "التغيير على موضع التركيز، تطور مهم جدا لانه يوضح حقيقة كانت معلومة لنا بالفعل من (محادثات) وراء الابواب المغلقة"، وقال بانيتا ان البرنامج النووي الايراني -الذي تقول الجمهورية الاسلامية انه سلمي تماما- من الممكن أن يسفر عن قنبلة خلال عام في خطوة ستكون "خطا أحمر بالنسبة لن، وبالطبع بالنسبة للاسرائيليين". بحسب رويترز.

وقال بانيتا "اذا تعين علينا أن نفعل ذلك، سنتعامل مع الوضع"، وسئل عما اذا كان يعني خطوات عسكرية فقال "ليست هناك خيارات غير مطروحة"، وكثف دمبسي مؤخراً من هذه الكلمات الدبلوماسية غير المحددة التي تترك الباب مفتوحا أمام احتمال شن ضربات جوية استباقية وكثيرا ما تتحدث اسرائيل بنفس النبرة، وصرح "نحن نبحث مجموعة خيارات، أنا راض عن أن الخيارات التي نضعها تتطور لنقطة يمكن عندها تنفيذها اذا لزم الامر"، وتجنب باراك سؤالا عما اذا كان أوباما الذي لا يرضى ناخبون موالون في اسرائيل للولايات المتحدة عن علاقته المتوترة بنتنياهو ربما يرى أن مخاطبة ايران بلهجة شديد وسيلة للحصول على فترة ولاية ثانية في البيت الابيض، لكن وزير الدفاع وهو رئيس وزراء سابق حذر من التقليل من شأن أوبام، واشار باراك الي خطبة اوباما التي ألقاها في القاهرة عام 2009 وكلمة ألقاها بمناسبة فوزه بجائزة نوبل للسلام في 2009 أيضا وبمناسبة انسحاب القوات الامريكية من العراق وقال "في النهاية لا يمكن ان ننكر أنه يتسم بدرجة من الاتساق"، وتابع باراك الذي التقى بأوباما في واشنطن "ربما لا نحب ما يفعل (لكن) نلمح رجلا قادرا ومستعدا لاتخاذ أقوى المخاطر السياسية التي تهدد بقائه من أجل تنفيذ ما يؤمن به"، ومضى يقول "احيانا توجه لنا أسئلة عما اذا كان أوباما شخصا مسالما مهادن، نرد على ذلك ونقول 'اسألوا أسامة بن لادن'"، وقتلت قوات أمريكية خاصة زعيم تنظيم القاعدة في عملية سرية في مخبأه بباكستان في مايو ايار الماضي.

وتعارض ادارة أوباما التي تقود الجهود الدولية لكبح جماح البرنامج النووي لطهران من خلال العقوبات احتمال مهاجمة حليفتها الرئيسية في الشرق الاوسط وحدها الايرانيين بسبب احتمال الرد على مثل هذا الهجوم بمهاجمة قوات أمريكية في الخليج وما سيحدث ذلك من صدمة في أسواق الطاقة، وقال دمبسي "أكبر مبعث للقلق بالنسبة لي هو أنهم (الايرانيون) سيسيئون تفسير قرارن، أي حسابات خاطئة ربما تعني استدراجنا الى صراع وسيكون ذلك مأساة للمنطقة والعالم"، ومضى دمبسي يقول "نحاول تحقيق بعض الثقة من جانب الاسرائيليين في أننا ندرك مخاوفهم وأننا نتعاون معهم في التعامل معها"، وكان قد قال انه ليس هناك ضمان أن اسرائيل ستطلع واشنطن مسبقا على أي هجوم سري على ايران، وقال باراك ان التنسيق الدفاعي بين اسرائيل والولايات المتحدة "لا بأس به على الاطلاق" وقلل من شأن التوترات بين اوباما ونتنياهو، وتابع "ليس عليهما أن يحبا بعضهما بعض، يكفي أنهما يحترمان ويفهمان أن ما من أحد يعمل وكأنه وحده داخل فقاعة".

من جهته دافع الرئيس الامريكي باراك أوباما عن سياسته تجاه اسرائيل في حفل لجمع التبرعات السياسية لحملة اعادة انتخابه عبر فيه أحد زعماء اليهود الامريكيين عن مشاعر القلق في الطائفة اليهودية بشأن العلاقات بين الولايات المتحدة واسرائيل، وكان اوباما لاقى انتقادات من بعض انصار اسرائيل في الولايات المتحدة لاتخاذه موقفا متشددا من حليف وثيق وبسبب توتر العلاقات مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، وقدم اوباما تأكيدات قوية لالتزامه بالحفاظ على أمن اسرائيل، وقال اوباما "ان هذه الحكومة فعلت من أجل أمن دولة اسرائيل أكثر مما فعلته أي حكومة (امريكية) سابقة"، وأضاف قوله "وحينما يتصل الامر بأمن اسرائيل فاننا لا نساوم، وسوف يستمر هذا الموقف"، وكان الرئيس يتحدث الى المانحين في حفل التبرعات في منزل جاك روزين رئيس المؤتمر اليهودي الامريكي في مانهاتن الذي قال "سيكون تهاونا مني لو لم أقل ان الكثيرين في الطائفة اليهودية يشعرون بالقلق" بشأن العلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة، واستدرك روزين بقوله ان "امريكا لم تكن قط مناصرة لدولة اسرائيل مثلما فعل الرئيس اوباما وحكومته".

رومني يتعهد بزيارة اسرائيل

الى ذلك قال المرشح الرئاسي الجمهوري ميت رومني انه سيتبع سياسة مناقضة لسياسة الرئيس الامريكي باراك اوباما في الشرق الاوسط ووعد بتعزيز الروابط مع اسرائيل اذا انتخب رئيسا للولايات المتحدة العام القادم، وفي كلمة معدة سيلقيها في مؤتمر للجمهوريين اليهود وعد رومني بأن تكون زيارة اسرائيل هي أول رحلة خارجية له اذا اصبح مرشح الحزب الجمهوري وواصل مسعاه للاطاحة باوباما في انتخابات الرئاسة الامريكية التي ستجرى في نوفمبر تشرين الثاني، ويشكو الجمهوريون من ان اوباما -وهو ديمقراطي- حابى الفلسطينيين على حساب اسرائيل الحليف التقليدي للولايات المتحدة في النزاع المستمر منذ عقود في الشرق الاوسط، وأغضب اوباما الاسرائيليين في مايو ايار عندما أيد هدف الفلسطينيين في ان تكون حدود الدولة التي يسعون لاقامتها في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة هي الحدود التي كانت قائمة قبل حرب 1967 مع اختلافات طفيفة، وفي مقتطفات من كلمة سيلقيها امام الائتلاف اليهودي الجمهوري اذاعت حملته مقتطفات منها يقول رومني ان اوباما اقترح ان تتبنى اسرائيل "حدودا لا يمكن الدفاع عنها" وانه "متردد وضعيف في وجه التهديد الوجودي لحرب نووية". بحسب رويترز.

واضاف ان "هذه الاعمال شجعت المتشددين الفلسطينيين الذين يستعدون الان لتشكيل حكومة وحدة مع (حركة) حماس الارهابية ويشعرون انهم يمكنهم تجاوز اسرائيل على طاولة التفاوض، الرئيس اوباما أحدث انتكاسة هائلة لافاق السلام في الشرق الاوسط"، وسيستمع مؤتمر الجمهوريين اليهود الي كلمات من جميع المتنافسين الجمهوريين الرئيسيين الساعين للفوز بترشيح الحزب لانتخابات 2012 بمن فيهم نيوت جينجريتش منافس رومني، وفي حكم المؤكد ان يكون الموضوع الرئيسي في كل الكلمات هو الحاجة الي تعزيز التزام امريكا بالدفاع عن اسرائيل وضمان بقائها حصنا ديمقراطيا في منطقة غير مستقرة تتهددها احتمالات امتلاك ايران لسلاح نووي، وجاء في مقتطفات كلمة رومني "سأسافر الي اسرائيل في أول رحلة خارجية لي، سأعيد تأكيد وجود اسرائيل كدولة يهودية باعتبار ان ذلك مصلحة وطنية حيوية، اريد ان يعرف العالم ان الوشائج بين اسرائيل والولايات المتحدة لا يمكن ان تتزعزع"، وتتضمن كلمة رومني ايضا عبارات قوية موجهة الي الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد اذ يقول انه يجب ان توجه اليه تهمة التحريض على الابادة بمقتضى المادة الثالثة من اتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية، "لن يسمح لايات الله بامتلاك سلاح نووي اثناء فترة رئاستي، ايران المسلحة باسلحة نووية ليست فقط مشكلة لاسرائيل بل ايضا مشكلة للولايات المتحدة وكل دول العالم المحترمة".

جدل حول جذب الأمريكيين السود

من جهة اخرى بدأت مجموعات من اليهود في الولايات المتحدة حملة فريدة من نوعها ترمي إلى بناء علاقات صداقة مع الشرائح ذات الأصول الأفريقية، وذلك لتأمين الدعم لإسرائيل، التي تشعر بأنها في عزلة متزايدة على المستوى الدولي، إلى جانب وقوف العديد من الشخصيات البارزة في المجتمعات الأفريقية الأصل بالولايات المتحدة إلى جانب الفلسطينيين، وتجري اللقاءات بمشاركة شخصيات من الجانبين، وبوساطة من مسيحيين قريبين من الأفكار الصهيونية، حيث جرى الاجتماع الأول في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، برعاية مجموعة "مسيحيون موحدون من أجل إسرائيل"، التي تعتبر أكبر جماعة مسيحية صهيونية بالولايات المتحدة، القس مايكل ستيفنز، مسؤول شؤون الاتصال مع المجتمعات الأفريقية الأصل ضمن مجموعة "مسيحيون موحدون من أجل إسرائيل"، قال إن الأصوات المسيحية الصهيونية كانت "مفقودة في كنائس السود"، وأضاف "لهذا السبب بات أشخاص مثل (زعيم أمة الإسلام لويس) فرخان، و(الواعظ المسيحي آل) شاربتون و(القس) جيسي جاكسون هم النماذج الأساسية داخل المجتمعات الأفريقية الأصل لجهة تحديد العلاقة مع اليهود، وإذا لم يحصل تواصل فإن المعلومات المقدمة منهم ستكون الوحيدة المتاحة" للمجتمعات السوداء في الولايات المتحدة"، وتبدو الإشارة واضحة في حديث ستيفنز إلى فرخان وشاربتون وجاكسون على خلفية مواقفهم المنتقدة لإسرائيل، وخاصة لجهة تنديدهم بأسلوب معاملتها للفلسطينيين. بحسب سي ان ان.

وإلى جانب مجموعة "مسيحيون موحدون من أجل إسرائيل"، يبرز نشاط جمعيات أخرى، وعلى رأسها "لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية" التي تحاول إجراء اتصالات مشابهة مع القيادات الطلابية في جامعات معروفة بدور السود التاريخي فيها، وبينها "سبيلمن كولج" و"مورهاوس كولج"، ويأتي هذا التحرك في وقت تعيش فيه إسرائيل عزلة دولية متزايدة تدفعها إلى البحث عن حلفاء جدد في العالم، حيث يقول ديفيد بورغ، المدير التنفيذي لمجموعة "مسيحيون موحدون من أجل إسرائيل" في رسالة إلكترونية "من الطبيعي أن تكون الكنائس الأفريقية- الأمريكية على قائمة الجهات التي يهمنا الاتصال بها"، وتثير هذه الدعوات اهتمام الكثير من الأمريكيين أصحاب الأصول الأفريقية، وفي هذا الإطار يقول دينيس كوبر، إن على المجتمعات السوداء التعلم من تجارب اليهود، موضحاً "يمكنني أن أقول إننا نحن السود لسنا موحدين مثل اليهود، يمكننا الاستفادة من تجربتهم لأنهم يهتمون بمجتمعهم ويقومون بحمايته، ونحن نحتاج إلى ذلك"، وتقول مجموعة "مسيحيون موحدون من أجل إسرائيل" إنها تضم 850 ألف عضو، وتأسست قبل ستة أعوام بهدف توفير الدعم لإسرائيل في أوساط الكنائس الإنجيلية التي يرتادها البيض، ولكن نشاطاتها بدأت تجذب في الآونة الأخيرة اهتمام الكثير من السود.

ويعتقد عدد من الإنجيليين أن عليهم دعم إسرائيل باعتبار أن وجود دولة يهودية سيساعد على تسريع العودة الثانية للمسيح إلى الأرض مع اقتراب يوم الدينونة، ورغم هذه الجهود، إلا أن مهمة الجماعات المسيحية الصهيونية ليست بالسهولة التي يتصورها البعض، إذ أن الكثير من الشرائح في المجتمعات السوداء بالولايات المتحدة تنظر بصورة انتقادية لإسرائيل وتتعاطف مع الجانب الفلسطيني في الصراع بين الطرفين، كما يميل البعض إلى ربط اليهود بالحضارة الغربية التي استعمرت قارة أفريقيا لقرون طويلة، ويدافع جيرالد لينور، وهو المدير التنفيذ لـ"تحالف السود من أجل هجرة عادلة" عن وجهة النظر هذه بالقول، إن على المجتمعات الأمريكية السوداء دعم حقوق الفلسطينيين الإنسانية، ويضيف "بصفتي ناشط حقوقي في مجال مكافحة الفصل العنصري، فإنني أعتبر أن ممارسات الفصل التي يتعرض الفلسطينيون لها، والمعاملة غير العادلة التي يعانون منها، هي جريمة ضد الإنسانية وشكل من أشكال الفصل العنصري"، أما دينا عمر، العضو في جميعة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين"، فقد انتقدت بشدة تصرفات "لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية"، وقالت إنها تستغل "تاريخ السود في أمريكا من أجل تبرير الاضطهاد المستمر للفلسطينيين في إسرائيل"، وإلى جانب هذه المواقف تبرز بعض التعليقات من قبل شخصيات يهودية في الولايات المتحدة، تعتقد بأن الكنائس الإنجيلية تعمل وفق أجندتها الخاصة التي قد لا تتقاطع بالضرورة مع مصالحهم، وهم يدعون بالتالي إلى التريث قبل التعبير عن الرضا حيال عملها.

منع الزواج من يهود اميركيين

من جانبها اوقفت الحكومة الاسرائيلية مؤخراً حملة دعائية بعد احتجاج نادر من المجموعات اليهودية الاميركية الكبرى لانها بدت وكانها تحث الاسرائيليين المقيمين في الولايات المتحدة على عدم الزواج من يهود اميركيين او تربية اولادهم في البلاد بسبب وجود فارق ديني وثقافي كبير، وهذه الحملة الدعائية اصابت في الصميم مجموعة لطالما كانت تخوض نقاشات حول طبيعة الهوية اليهودية وواجهت قضايا كثيرة تتطرق الى العلاقات بين اليهود المتدينين والعلمانيين، وفي الاعلان الاول الذي يستغرق ثلاثين ثانية، تظهر اسرائيلية وقد بدت عليها علامات التعجب حين يظن صديقها الاميركي خطأ ان الشموع التي اضاءتها كانت تحضيرا لسهرة رومنسية ليكتشف لاحقا انها كانت لاحياء "يوم ذكرى" ضحايا اسرائيل، ثم ينطلق صوت معلق يقول باللغة العبرية "سيبقون دائما اسرائيليين، ولن يعرف شركاؤهم بالضرورة ماذا يعني ذلك، ساعدوهم على العودة الى اسرائيل"، ثم يظهر عنوان موقع وزارة الاندماج الاسرائيلية على شبكة الانترنت، وفي اعلان ثان تظهر الصدمة على وجهي جدين اسرائيليين حين يسالا حفيدتهما خلال محادثة عبر الفيديو عن اي عيد تحتفل به وترد بالانكليزية "عيد الميلاد"، وهذه المرة يقول المعلق "سيبقون على الدوام اسرائيليين، لكن ليس اولادهم". بحسب فرانس برس.

واستخدمت ايضا في هذه الحملة ملصقات بالعبرية تدعو الاسرائيليين المقيمين في الولايات المتحدة للعودة الى بلادهم قبل ان يبدأ ابناؤهم بمناداتهم "دادي" بدلا من "ابا" (المرادف باللغة العبرية لكلمة الاب)، وقد ابدت المجموعة اليهودية الاميركية انزعاجها الشديد من هذه الحملة، وقرر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو وقف الحملة "فورا" كما ذكر سفير في واشنطن مايكل اورين الذي قدم اعتذارا عن "الاساءة" التي تسببت بها هذه الحملة، وقال السفير اورين ان رئيس الوزراء "يثمن جدا قيم المجموعة اليهودية الاميركية"، واضاف ان الحملة الدعائية لها "هدف جدير بالثناء" وهو تشجيع الاسرائيليين على العودة الى اسرائيل لكنها "لم تاخذ بالاعتبار حساسيات المجموعة اليهودية الاميركية"، وتابع "كما انه تمت بدون علم او موافقة مكتب رئيس الوزراء او السفارة الاسرائيلية في واشنطن"، وكتب جيفري غولدبرغ في مجلة اتلانتيك "لا اعتقد انني شهدت يوما تعبيرا عن الازدراء الاسرائيلي باليهود الاميركيين بالقدر الذي عبرت عنه هذه الاعلانات"، وكتب غال بيكرمان في صحيفة "ذي جويش ديلي فورورد" "اسوأ ما في الامر هو ان الحملة تشدد على خلل كبير في العقلية الاسرائيلية وهو ان الخوف هو العامل الوحيد الذي يمكن ان يدفع احدا ما الى القيام بحملة دعائية" لاسرائيل، وارسلت الاتحادات اليهودية في اميركا الشمالية رسالة احتجاح الى وزارة الاندماج الاسرائيلية، معتبرة ان "الرسالة التي تفيد ان اليهود الاميركيين لا يفهمون اسرائيل مثيرة للسخرية ومشينة"، وكتبت المجموعة التي تمثل 157 اتحادا يهوديا واكثر من 300 مجموعة "نخشى ان تترك هذه الحملة اثرا عكسيا، فبدلا من اعادة الاسرائيليين ستبعد يهود الشتات اكثر عن اسرائيل"، وقد دافعت وزارة الاندماج في بادىء الامر عن قرارها وقالت في بيان ان الحملة ليست موجهة ضد المجموعة اليهودية في الولايات المتحدة او اي شتات اخر لكنها لم تتطرق الى مضمون الحملة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 1/كانون الثاني/2012 - 7/صفر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م