ثورات الربيع العربي.... خرائط سياسية وقراءات جديدة

 

شبكة النبأ: احدثت الثورات العربية التي اندلعت منذ بدء العام 2011 انقلابا في الخارطة السياسية للشرق الاوسط، ممهدة لبروز كتلة اسلامية سنية في مقابل تراجع دور ايران والمحور الاستراتيجي الذي تشكله مع سوريا، بحسب ما يرى محللون.

ولقد استرعت هذه الاعتصامات والاحتجاجات انتباه المراقبين إلى حد كبير، وكذلك اعجاب بعضهم. وتشير المتابعات إلى أن تاريخ هذه الحركة الاحتجاجية يعود إلى الحملات الانتخابية لباراك أوباما والتي حشدت بنجاح الشباب الذي لم يكن يهتم بالسياسة من قبل، وكان ذلك بشكل كبير عبر شبكة الإنترنت. ويرى مراقبون أنه في ما يتعلق بهذا السياق، ان الاعتصامات لم تكن  تعبر عن احتجاجات حاشدة، ولكن تجمعات من الطلاب وممن لهم ثقافة مضادة، رفضوا واقع الامر المفروض عليهم وسعوا الى ايجاد حلول جذرية.

من جهة اخرى، تابعت منظمات حقوقية دولية الانتفاضات العربية  مشيرة الى انها شكلت دافعا لاتخاذ تدابير قمعية في بلدان عدة في العالم. وقال مرقبون ان اعتقالات وعمليات تعذيب لا تزال تطال اشخاصا حتى في بلدان شهدت تغييرات حكومية.

فيما اهتمت جهات اخرى بأيجاد ترتيب عالمي للاحداث التي شهدها العام 2011 ولدور الشخصيات التي برزت فيه من الناحية الايجابية والسلبية، في اشارة الى اهمية التميز الفردي في صناعة التاريخ، ودور العمل الجماعي الشعبي في تغيير مجريات الواقع، واستقراء ردود فعل الشارع بصورة عامة من المتغيرات الحاصلة.

الخارطة السياسية

اذ رأى الامين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى في تصريح اخيرا ان العالم العربي "لن يكون كما قبل بعد اليوم"، اذ ان "الاحداث الحالية تفتح الطريق امام نظام اقليمي جديد". وقد يشهد هذا النظام الجديد تراجعا في نفوذ القوى التقليدية المتنافسة في المنطقة مثل ايران والمملكة العربية السعودية لصالح محور جديد بزعامة مصر وتركيا.

ويقول شادي حميد من مركز "بروكينغز" للدراسات في الدوحة "هناك بروز لكتلة سنية تضم مصر وتركيا وقطر وليبيا وتونس وربما المغرب، ومن المحتمل ان تنضم اليها سوريا". ويضيف "كل هذه الدول يغلب فيها الان التوجه الاسلامي". ويتابع حميد "ان العلاقات بين هذه الدول ستصبح اكثر متانة على الارجح، ولديها مصلحة مشتركة في ان تكون لها سياسة خارجية اكثر استقلالية غير مرتبطة لا بالولايات المتحدة ولا بمحور المقاومة الايراني السوري".

ويتوقع الخبراء ان تتمتع الحكومات العربية، وفي مقدمتها مصر، ما بعد الثورات بقدر أكبر من القوة والتاثير. اذ تقول الخبيرة في شؤون الشرق الاوسط انياس لوفالوا ان مصر "ستستعيد دورها الاقليمي الذي فقدته خلال السنوات الاخيرة"، بعد تجاوز المرحلة الانتقالية التي اعقبت سقوط الرئيس السابق حسني مبارك. وتضيف "الحكومات المقبلة المتسلحة بمشروعيتها الشعبية، ستكون فاعلة اكثر".

ويتوقع مدير معهد كارنيغي للشرق الاوسط بول سالم ان يؤدي "الربيع العربي الى تقليص التأثيرات الخارجية" في المنطقة، على غرار ما جرى في تركيا التي خرجت خلال السنوات الاخيرة من الفلك الاميركي واصبحت ذات قرار مستقل. واكتسبت تركيا في عهد رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان شعبية واسعة في العالم العربي، اثر نجاح نموذجها الاقتصادي وبعد مواقفها الداعمة للفلسطينيين ودورها كوسيط في عدد من القضايا الاقليمية. لكن دورها تعزز مع مواقفها المساندة للحركات الاحتجاجية الشعبية العربية، لا سيما في سوريا. ويرى حميد ان "تركيا لم تعد قوة اقليمية عادية، بل قوة عظمى في المنطقة (...) لقد وضعت نفسها في الجانب الصحيح من التاريخ" من خلال دعمها الديموقراطية.

وبعد انكفاء دام عقودا، بدت الجامعة العربية اكثر حيوية بعد اعطائها الضوء الاخضر للعمليات الجوية لحلف شمال الاطلسي في ليبيا، ومن ثم من خلال فرضها عقوبات على دمشق على خلفية قمع المحتجين. وتشير لوفالوا الى عامل اساسي في قرار الجامعة، هو وجود "رغبة قوية لا سيما لدى امارات الخليج السنية بضرب المحور الشيعي الذي تمثله ايران وسوريا وحزب الله".

ويرى حميد ان "سقوط سوريا سيشكل ضربة قاصمة لايران" التي بدأ دورها يتراجع فعلا مع التطورات التي تشهدها المنطقة، مضيفا "من وجهة نظر الاميركيين، ان سقوط (النظام السوري) يشبه اصابة ثلاثة عصافير بحجر واحد أي اضعاف سوريا وايران وحزب الله". ويضيف "لقد انتهى زمن الصعود الايراني، ولم يعد احد يتكلم عن +نموذج ايراني+، لان طهران تبدو بوضوح كقوة غير ديموقراطية عملت ايضا على قمع شعبها"، في اشارة الى انهاء الحركة الاحتجاجية على اعادة انتخاب الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد في العام 2009.

ويقول بول سالم "قبل سنوات، كان ينظر الى ايران وحزب الله كأبطال (في مواجهة اسرائيل). أما اليوم فان احمدي نجاد يوضع في خانة الحكام المستبدين" العرب الذين انتفضت عليهم شعوبهم. وقد تحمل الانتخابات التشريعية الايرانية المقررة في اذار/مارس 2012 تطورات في المشهد الايراني، بتأثير من "الربيع العربي".

وفي ظل هذه التغييرات، سيظل لبنان ساحة تتردد فيها انعكاسات التطورات الجارية في المنطقة، لا سيما في سوريا المجاورة، بحسب لوفالوا. أما اسرائيل التي ابدت تخوفها من "شتاء اسلامي"، فهي في وضع لا تحسد عليه، رغم ارتياحها لتراجع الدور الايراني.

ويقول حميد "ان الحكومة الاسرائيلية متوجسة كثيرا في الوقت الحالي (...) تخشى ان يؤثر الربيع العربي سلبا على امنها". ويضيف انها تتخوف من بيئة اسلامية معادية، "ما يدفعها للانغلاق على نفسها"، وهذا سينعكس حتما على مسار عملية السلام المتعثرة اصلا. أما المملكة العربية السعودية التي تحاول اللحاق بصعوبة بالتطورات المتسارعة في المنطقة، فتبدو كذلك في وضع المنكفىء بعض الشيء. بحسب فرانس برس.

ويقول حميد ان السياسة السعودية "قائمة على استيعاب المشاكل لابقاء الامور كما هي عليه، لذلك تجد صعوبة في مواكبة" التطورات التي "ستضعفها على المدى البعيد"، مضيفا "ما زالت الرياض تستخدم وصفات قديمة في منطقة تتغير بسرعة".

ثورات أوسع

في حين تابع المؤرخ البريطاني الشهير إريك هوبسباوم ثورات 2011 بشئ من الإثارة والاهتمام. ومن بين ملاحظاته أن الطبقة المتوسطة ، وليست العاملة ، هي التي تصنع التغيير الآن. ومع قرب انتهاء عام حافل بالثورات في العالم العربي، قال هوبسباوم: "لقد كان أمرا مفرحا كثيرا أن تكتشف مرة أخرى أن الناس يمكن أن يخرجوا إلى الشوارع للتظاهر ولإسقاط الحكومات." وعاش المؤرخ الشهير حياة طويلة في ظل الثورات، حيث قضى هوبسباوم الذي ولد بأشهر قليلة قبل الثورة الروسية عام 1917 معظم فترات شبابه منتميا للفكر الشيوعي.

وبالإضافة إلى كونه كاتبا ومفكرا مبدعا ذا تأثير كبير، كان يعتبر مؤرخا للثورة الروسية ونصيرا للتغييرالثوري. والآن وهو في منتصف التسعينيات من عمره، لا يزال ولعه بالسياسة ينعكس على أحدث كتاب نشره والذي جاء بعنوان "كيف تُغير العالم". كما ينعكس هذا الوله في اهتمامه الحريص على متابعة أحداث الربيع العربي.

وفي حوار في بيته في شمال لندن، قال هوبسباوم: "لقد شعرت بحق بشيء من الإثارة والراحة."

ويوضح: "إذا كانت هناك ثورة لتقوم، فيجب أن تكون بهذه الطريقة. على الأقل في الأيام القليلة الأولى. فالناس ينزلون إلى الشوارع ويتظاهرون من أجل المطالبة بشيء ما." ويقارن المؤرخ بين الربيع العربي عام 2011 و"عام الثورات" في أوروبا منذ قرنين من الزمان اذ يقول: "تذكرني هذه الثورات العربية بعام 1848، حيث بدأت هناك ثورة تلقائية في دولة واحدة، ثم انتشرت عبر كل القارة في وقت قصير جدا."

ويوجه هوبسباوم كلمة تطمين تبحث على الارتياح لهؤلاء الذين احتشدو في ميدان التحرير بمصر والذين يخشون الآن على مصير ثورتهم. يقول المؤرخ الشهير: "بعد عامين من ثورة 1848، بدا الأمر وكأن الثورة قد فشلت كلية، ولكن على المدى البعيد، لم تفشل. فقد تم إحراز قدر كبير من المكاسب الليبرالية. لذا، كان ذلك فشلا مؤقتا لكنه في نفس الوقت كان نجاحا جزئيا على المدى البعيد ولكنه لم يتخذ شكل ثورة. "

ومع هذا يرى المؤرخ أنه باستثناء تونس هناك احتمال ضئيل لوجود حكومات ليبرالية أو حكومات تسير وفق النموذج الأوروبي في العالم العربي. ويشير هوبسباوم إلى أنه لم يتم الانتباه إلى الإختلافات بين الدول العربية في خضم الاحتجاجات الشعبية الحاشدة. ويقول: "ما يوحد هذه الثورات هو سخط شعبي مشترك وقوى حاشدة من الطبقة الوسطى الحديثة وخصوصا الشباب، وكذلك طلاب الطبقة الوسطى وبالطبع التقنيات الحديثة التي جعلت حشد المحتجين أكثر سهولة اليوم." وتمتد أهمية الإعلام الإجتماعي إلى الحركة الشعبية العالمية الأخرى من العام الماضي، وهي اعتصامات

ويضيف أنه في بعض الأحيان وجدت تلك الاعتصامات صدى لدى الرأي العام، ولدى من يعارضون سياسات وول ستريت، ولدى المعارضين للرأسمالية. ولكن في جميع أنحاء العالم لا يزال الفكر اليساري القديم الذي كان هوبسباوم ينتمي إليه ويشارك في رصد تطوره التاريخي على الهامش من هذه الاحتجاجات والاعتصامات الحاشدة.

ويرى هوبسباوم أن "التيار اليساري التقليدي تحول إلى نوع من الحركة الاجتماعية التي لم يعد لها وجود أو الذي يخرج من دائرة النشاط. لقد آمن (هذا التيار) بشكل كبير بالحركة العمالية الحاشدة على أنها من سيحمل المستقبل. ويعتقد أيضا أنه كانت هناك ولا تزال عمليات يتم تحويل المجتمعات الصناعية فيها إلى مجتمعات غير صناعية، حتى لا تلعب الحركة العمالية هذا الدور. ويؤمن هوبسباوم بأن أكثرعمليات التعبئة الجماهيرية تأثيرا اليوم هي التي تبدأ من الطبقة الوسطى الحديثة، وخصوصا حشود الطلاب متزايدة العدد. الربيع العربي يقول هوبسبوم إن الطبقة الوسطى هى التي تصنع التغييرفي العالم العربي. فالطلاب، كما يرى هوبسبوم، هم الأكثر فاعلية اليوم في دول يمثل فيها الشبان والشابات الجزء الأكبر من التركيبة السكانية، وهو ليس كالحال في أوروبا.

ولا يتوقع هوبسباوم أن تنطلق الثورات العربية حول العالم، وعلى الأقل هي ليست نذيرا لثورة أوسع انتشارا. ويعتقد هوبسباوم أنه على الأرجح أن هذه الثورات ستعطي دفعة لإصلاح تدريجي كالذي حدث في الثمانينات والتي شهدت حركة شبابية من الطبقات الوسطى التي انتزعت الحكم من الجيش في كوريا الجنوبية.

وفي ظل التطورات السياسية التي تحدث الآن في العالم العربي، يعود هوبسباوم إلى الوراء ليتحدث عن الثورة الإيرانية عام 1979 والتي يرى أنها كانت بمثابة أول ثورة يتم صياغتها باللغة السياسية للإسلام.

ويرى هوبسباوم أن هناك جانبا من الثورة الإيرانية وجد له صدى في المشهد العربي الثوري في الأشهر الأخيرة، وهو أن الناس الذين قدموا تنازلات للإسلام السياسي، ولكنهم لم يكونوا أنفسهم إسلاميين قد تم تهميشهم، وكان ذلك يشمل إصلاحيين وليبراليين وشيوعيين. ويرى هوبسباوم أن "ما يظهر الآن أنه التيار الفكري الجماهيري لم يكن هو التيار الفكري لهؤلاء الذين بدأوا التظاهرات." بحسب بي بي سي.

وفي حين شعر المؤرخ البريطاني بالفرح بالربيع العربي، إلا أن هذا الجانب بالتحديد هو ما يعتبره هوبسباوم "شيئا غير متوقع، وهو ليس بالضرورة تطورا مرحبا به."

شخصية المحتج عام 2011

الى ذلك تحدد مجلة وول ستريت شخصية العام على أساس تأثيرها سواء بالسلب أو الايجاب على أحداث العام. وقال ريك ستنجل رئيس تحرير مجلة تايم في بيان "هل هناك مرحلة عالمية حاسمة للاحباط. في كل الانحاء يبدو ان الناس يقولون ان الكيل طفح." وأضاف "عارضوا..طالبوا..لم ييأسوا حتى حين كانت الردود تأتيهم في صورة سحابة غاز مسيل للدموع أو وابل من الاعيرة النارية. جسدوا حرفيا فكرة ان عملا فرديا يمكن ان يحدث عملا جماعيا يؤدي الى تغيير هائل."

وشهد عام 2011 زيادة غير مسبوقة في حجم الانتفاضات السلمية وأحيانا العنيفة في كل قارة من قارات العالم تقريبا. ويربط محتجون في قائمة طويلة من دول العالم -بينها اسرائيل والهند وتشيلي والصين وبريطانيا واسبانيا والولايات المتحدة الان- بشكل متزايد تحركاتهم صراحة بالثورات الشعبية التي هزت منطقة الشرق الاوسط.

وحل ثانيا بعد المحتج في قائمة شخصيات 2011 لمجلة تايم الاميرال وليام مكريفن قائد العمليات الخاصة الامريكية المشتركة بالولايات المتحدة وقائد المهمة السرية الامريكية التي قتلت زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن بباكستان في مايو ايار.

وجاء في المركز الثالث بالقائمة الفنان الصيني المنشق اي ويوي الذي فجر احتجاز السلطات له في مكان سري لمدة 81 يوما أوائل العام الجاري احتجاجات دولية.

ابطال الربيع العربي

في سياق متصل، اختارت مجلة السياسة الخارجية، المجلة الامريكية المرموقة، 14 من ابرز قادة الربيع العربي، وصفتهم بـ "الشجعان"، وقالت انهم الذي اسهموا بفعالية في الثورات والانتفاضات، ضمن قائمتها للمفكرين الابرز في العالم لعام 2011. واختارت المجلة على رأس هذه القائمة علاء الاسواني، طبيب الاسنان والروائي المصري الذي صعد للشهرة عام 2002 بروايته المعروفة "بناية يعقوبيان"، التي كشف فيها عن جوانب خفية من المجتمع المصري ما بعد التحرر من الاستعمار.

وجاء ثانيا وائل غنيم، مدير التسويق الاقليمي في موقع غوغل، الذي اسهم مع آخرين في تفجير الثورة المصرية التي اطاحت بنظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك. وتلاه في القائمة المرشح للرئاسة المصرية والرئيس السابق لوكالة الطاقة الذرية محمد البرادعي، الحاصل على جائزة نوبل للسلام. وجاء رابعا رسام الكاريكاتير السوري علي فرزات، ثم الناشطتين السعوديتين في مجال حقوق الانسان ايمان النجفان ومنال الشريف.

كما حصل تسعة من قادة العالم على مواقع في هذه القائمة السنوية ذات الوزن العالمي، ومنهم الرئيس الامريكي باراك اوباما، والفرنسي نيكولا ساركوزي، والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل، ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، والرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وحصل كل من رئيس البنك المركزي الامريكي بن برنانكي، ورئيس البنك المركزي الصيني زو جياوشوان، والرئيس السابق للبنك المركزي الاوروبي جان كلود ترشيه، على صفة "الحكماء الثلاثة" تقديرا لجهودهم في تسيير الاقتصاد العالمي خلال الازمة المالية الاخيرة.

كما حصلت اليمنية توكل كرمان، الحائزة على جائزة نوبل للسلام مناصفة لهذا العام، على تقدير من المجلة لشجاعتها "في التقدم الى اول الصفوف في مجتمع سلطوي جدا، مجسدة روح اللاعنف والمبادئ الديمقراطية التي حددت ملاح الثورة" في بلادها. كما اختارت المجلة الامريكية راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة الاسلامي التونسي المعتدل، وخيرت الشاطر نائب زعيم حزب الاخوان المسلمين المصري، ضمن القائمة "لما نأمل ان يكون عملا لموائمة الاسلام مع الديمقراطية".

وحصل على الموقع الثامن عشر في القائمة الفنان الصيني إي ويوي، الذي اختفى في الاعتقال لنحو81 يوما في وقت سابق من هذا العام، تقديرا "لتحديه الحزب الشيوعي الصيني".

مزيد من القمع

من جهة اخرى، تطرقت الحائزة على جائزة نوبل للسلام البورمية اونغ سان سو تشي في مقدمة التقرير الى وضعي زيمبابوي والصين. واشارت اونغ سان سو تشي في مقدمة للتقرير اعدتها مع ستيفان هيسل الناشط الحقوقي الفرنسي الى ان الحكومة الصينية نشرت تعزيزات امنية ضخمة لمنع اي تجمعات مؤيدة ل"ثورة الياسمين" التي اطاحت بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي، كما انها مارست رقابة على استخدام كلمة "ياسمين" على الانترنت.

واضاف الناشطان ان 46 شخصا اعتقلوا وادينوا بالخيانة في زيمبابوي بسبب مشاهدتهم تسجيلا مصورا عن الاحتجاجات في مصر وتونس. واوضح التقرير الذي نشره المرصد من اجل جماية المدافعين عن حقوق الانسان وهو برنامج مشترك للاتحاد الدولي لحقوق الانسان والمنظمة العالمية ضد التعذيب، ان "الربيع العربي" حمل بعض الانظمة على فرض قيود جديدة على "حرية التعبير والاعلام" في بنغلادش والصين وكوريا الشمالية وايران ولاوس وماليزيا والنيبال وسريلانكا وتايلاند وفيتنام.

وتابع التقرير ان "كل الامور وجدت (...) للسيطرة على المجتمع المدني والاعلام: مصادرة الحقوق الفكرية وزيادة السيطرة على تمويل جمعيات المجتمع المدني، بما يشمل الاموال من مصادر دولية".

واورد التقرير ايضا انه "في الصين، يجسد اعتقال ليو جياوبو والرقابة على اي معلومات حول الحائز على جائزة نوبل للسلام 2010 النموذج حول المصير الذي يلقاه المدافعون الحقوقيون في هذا البلد".

ودعا المرصد ايضا الى تعزيز الحماية القانونية وباقي اشكال الحماية للمدافعين عن حقوق الانسان بمن فيهم اصحاب المزارع الصغيرة المدافعين عن حقوقهم بالملكية والنساء المقاومات للتحرش الجنسي فضلا عن حقوق الصحافيين والمحامين. واورد التقرير ان الانتخابات في افريقيا غالبا ما تعتبر سببا للعنف والتعديات.

وفي الانتخابات الرئاسية في ساحل العاج في قتل مئات الاشخاص وتدخلت قوات حفط سلام دولية اثر خلافات بين الجهات المتنافسة. وتحدث التقرير كذلك عن قيود لا يتطرق اليها الاعلام كثيرا مثل تلك المفروضة على حريتي التجمع والتعبير في بوروندي وجيبوتي واثيوبيا ورواندا واوغندا.

واشار التقرير الى انه لمواجهة الثوارت العربية، منعت جيبوتي حصول اي تظاهرة في حين حدت السلطات في اريتريا وغينيا الاستوائية من وصول المعلومات عن هذه التظاهرات. وفي انغولا وزيمبابوي، حصلت عمليات اعتقال احترازية، حسب التقرير.

وابدت رئيسة المنظمة سهير بلحسن وهي تونسية شاركت  في اول انتخابات شهدتها تونس منذ سقوط بن علي، قلقها على مصير بلدها وبلدان اخرى مثل البحرين وسوريا حيث لا تزال التظاهرات مستمرة.

وقالت خلال مؤتمر صحافي في مقر الامم المتحدة "في مصر للاسف، اسفرت الثورة ضد رئيس عسكري عن وصول عسكريين للحكم كبديل له". كما اشارت الى مثول العديد من المدنيين والناشطين والصحافيين امام المحاكم العسكرية. واضافت "في تونس، ابديت سعادتي بالانتخابات الا ان عمليات التعذيب مستمرة. اعلنا عن تحقيقات حول الموضوع"، كما حصلت اعتقالات عشوائية وصدرت قرارات قضائية في هذا الشان.

دول الربيع العربي

من جهته عبر بطريرك الموارنة اللبناني بشارة الراعي عن قلقه من تزايد عمليات استهداف المسيحيين على خلفية الانتفاضات الشعبية التي اجتاحت اكثر من دولة عربية هذا العام وقال انه يخشى ان تمهد هذه الانتفاضات الطريق امام المتشددين للوصول الى السلطة وبالتالي نشوء انظمة حكم اكثر تشددا.

وكان الراعي قد وصل الى العاصمة العراقية بغداد للمشاركة في مراسم احياء الذكرى الاولى لتعرض كنيسة سيدة النجاة بوسط بغداد لهجوم مسلح ادى الى مقتل 47 من المصلين المسيحيين واصابة نحو مئة بجروح. والقى الراعي كلمة حث فيها العراقيين الى التكاتف والوحدة ونبذ الفرقة بينهم.

وحث الراعي ماتبقى من المسيحيين العراقيين الى الصبر وعدم الهجرة كما عبر عن قلقه المتزايد جراء استمرار عمليات استهداف المسيحيين في الدول التي شهدت انتفاضات شعبية عرفت اعلاميا باسم "الربيع العربي". وقال الراعي في نفس المكان الذي شهد مقتل عشرات المسيحيين العام الماضي "انا اخاف على المجتمع العربي ان يفقد دوره ... اذا تحول كله الى لون واحد سيفقد كل معانيه."

وفي رده على سؤال فيما اذا كان يخشى على مستقبل المسيحيين في منطقة الشرق الاوسط بسبب الاحتجاجات التي تشهدها بعض الدول العربية قال الراعي "انا مع الربيع على ان يكون ربيعا لا ان يكون شتاء." وأضاف "ينبغي ان يصار الى التغيير في كل البلدان العربية. الانظمة العربية لا يمكن لها ان تعيش اليوم. نحن بحاجة الى الديمقراطية والى تداول السلطة والى حقوق الانسان الاساسية وحريات الانسان العامة بما فيها حق التعبير وحق المعتقد وحق العبادة." وهذه هي الزيارة الاولى للعراق التي يقوم بها الراعي الذي انتخب بطريركا لكنيسة الموارنة في لبنان.

وكان المسيحيون في العراق عرضة للكثير من الهجمات المسلحة الدموية خلال الفترة التي اعقبت الغزو الامريكي للعراق عام 2003 . وتعرضت الكثير من الكنائس خاصة في بغداد والموصل حيث يتواجد اغلبية المسيحيين الى العديد من الهجمات التي كان يشنها تنظيم القاعدة وراح ضحيتها الكثير من المسيحيين.

وتسببت تلك الهجمات في ارغام اعداد كبيرة من المسيحيين على الهجرة الى مناطق الاقليم الكردي في شمال العراق فيما هجرت اعدد كبيرة اخرى البلاد. وشهدت مصر في اعقاب الانتفاضة الشعبية التي ادت الى سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك عمليات عنف استهدفت كنائس ونشوب صدامات بين المسلمين والمسيحيين ادت الى مقتل العديد من المسيحيين الذين يشكلون اقلية في مصر.

وكان ناشطون سياسيون قد عبروا عن قلقهم من ان تؤدي حركات مايسمى بالربيع العربي الى وصول متشددين اسلاميين الى السلطة وهو تطور تنظر اليه الاقليات الدينية في تلك البلدان وخاصة المسيحيين بكثير من القلق والترقب والخوف على مستقبلها في المنطقة. وقال الراعي "انا قلت اخشى ان تصل مجموعات متشددة لحكم اكثر تشددا."

وانتقد الراعي تدخل الدول الغربية في الدول التي تشهد حراكا شعبيا محذرا تلك الدول من تكرار التجربة العراقية بسبب تدخل الدول الغربية في المشهد العراقي. وقال "انا قلت ان الغرب يطالبنا بالديمقراطية. وصار الاجتياح العراقي لجلب الديمقراطية. قلت اين الديمقراطية التي كان ثمنها مليون مسيحي هاجر وحرب أهلية لم تنته بعد." بحسب رويترز.

وقال الراعي الذي التقى بكبار المسؤولين العراقين خلال زيارته انه طالب الحكومة العراقية باتخاذ اجراءات لحماية المسيحيين "لان هنا من الخطب والكتابات ما يحرض ضد المسيحيين." وأضاف "نحن نطالب الحكومة العراقية ان تكمم الافواه وان يصار تعميم ان لا يستمر هذا التكفير والى عدم خلق هذا التيار المعادي للمسيحية."

الدول العظمى المتغطرسة

فيما انتقد رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين في سان بطرسبرغ موقف "الدول العظمى المتغطرسة" التي دعمت الثورات في دول في شمال افريقيا، متحدثا خصوصا امام مسؤولين صينيين وايرانيين.

ونقلت وكالة انباء انترفاكس عن بوتين قوله خلال اجتماع لدول منظمة شنغهاي للتعاون "هذه الدول العظمى المتغطرسة دعمت الانظمة السابقة في شمال افريقيا والغريب في الامر ان هذه الدول نفسها دعمت الثورات التي اطاحت بهذه الانظمة". واضاف امام نظرائه في هذه الدول بينهم رئيس الورزاء الصيني هو جياباو ان "العالم غريب فعلا لكن الامر مثير للاهتمام".

وكان بوتين يرد على تصريح لوزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي الذي تتمتع بلاده بوضع المراقب في منظمة شنغهاي. واتهم صالحي "قوى الاستكبار العظمى" بانها مسؤولة عن الربيع العربي بعد ان دعمت "الانظمة المناهضة للشعوب".

وانتقد بوتين بشدة التدخل الغربي في ليبيا الذي ادى الى سقوط نظام القذافي واصفا قرار مجلس الامن الدولي حول ليبيا بانه "حرب صليبية". ولم تستخدم موسكو ولا بكين الفيتو ضد هذا القرار لكن روسيا اتهمت لاحقا حلف شمال الاطلسي بانه تجاوز صلاحياته كما عرقلت مشاريع القرارات الغربية حول سوريا.

وتسعى ايران لان تصبح دولة كاملة العضوية في منظمة شنغهاي للتعاون التي تطرح نفسها اداة توازن للنفوذ الاميركي. والمنظمة التي تضم روسيا والصين واربع جمهوريات سوفياتية سابقا في اسيا الوسطى (كازاخستان وطاجيكستان واوزبكستان وقرغيزستان) ترمي الى تعزيز التعاون الدبلوماسي والعسكري والاقتصادي بين هذه البلدان.

هوة عميقة

على صعيد متصلاشتكى الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب محمد بن علي كومان، من وجود «هوة عميقة» بين بعض المواطنين في الدول العربية وأجهزة الأمن. وقال كومان خلال افتتاح المؤتمر الخامس والثلاثين لقادة الشرطة والأمن العرب في بيروت، ان «دولاً عربية عدة شهدت تحولات سياسية وأمنية عميقة تركت آثاراً بالغة على مستويات مختلفة».

وأضاف «يهمنا هنا التركيز على جانب يبدو لنا في غاية الخطورة، وهو ما كشفت عنه هذه الأحداث من وجود هوة عميقة بين بعض المواطنين وأجهزة الأمن، وما أفرزته من صورة قاتمة في بعض الأذهان لرجل الأمن، رسمتها للأسف بعض الأوساط وبعض وسائل الاعلام». لكنه قال «نحن لا نخجل هنا من الاعتراف بأن جانباً من الأسباب الكامنة وراء هذه الصورة يرجع الى ممارسات فردية قام بها بعض رجال الأمن في انتهاك مدان للقوانين واستخفاف مرفوض بأخلاق المهنة وواجباتها».

واعتبر ان «تلك الممارسات لم تكن لتركز في الأذهان صورة بمثل هذه القتامة لو لم يكن هناك من يغذيها باستمرار بكل المساوئ ويضفي عليها ألواناً من الشر والسواد». وأشار الى ان «الواجب والوضع الدقيق الذي تمر به منطقتنا العربية يفرضان علينا العمل سريعاً من أجل رأب الصدع في العلاقة بين الشرطة والمواطن، وازالة التوتر بين الجانبين، لأن ذلك هو الشرط الضروري لمناخ الاستقرار الأمني اللازم لكل تنمية اقتصادية وبشرية ولكل استقطاب للتمويلات وجذب للسياح».

وقال المدير العام لقوى الأمن في لبنان اللواء أشرف ريفي «اذا كانت مهمتنا الأساسية، ان نوفر الأمن والأمان لأهلنا، فلم يعد جائزاً أو مقبولاً ان نقيم الأمن على حساب حياة المواطنين وكراماتهم». وأضاف «لم يعد مقبولاً ان ننتهك حرية المواطن وكرامته، تحت حجة أولوية الأمن، ولا عذر لنا في ذلك، فالتقدم التكنولوجي قد أعفانا من وسائل العمل البالية وأتاح لنا تخفيف مهامنا دون التعرض لكرامة الانسان، من خلال وسائل الاثبات العلمية المتقدمة».

وأشار الى أنه «في مرحلة حرجة، كالتي نمر بها، نحن مدعوون للتكاتف والتعاضد أكثر من أي وقت مضى، فالتحديات كثيرة والمخاطر كبيرة، وعلينا ان نكون على قدر الرهان، وأن نتحمل مسؤولية حماية المجتمع والانسان في الوطن العربي من كافة أنواع المخاطر التي تتهدده». بحسب وكالة الانباء الالمانية.

ودعا وزير الداخلية اللبناني مروان شربل بدوره، قادة الأمن والشرطة في الدول العربية «الى مزيد من التعاون لتطوير العمل الأمني العربي المشترك والارتقاء به الى مستوى التحديات المطروحة التي تستحثنا على رص صفوفنا واحباط كل محاولات النيل من أمن شعوبنا العربية».

اكثر كلمة بحث على جوجل في 2011

من جانب اخر، قالت شركة جوجل ان "ثورة 25 يناير" التي اطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك في وقت سابق العام الجاري كانت اكثر كلمة بحث عنها المصريون على محركها للبحث في 2011.

واصدرت الشركة النتائج السنوية لمؤشر زيتجيست Zeitgeist والذي يلقي نظرة عامة على اهم الامور التي بحث عنها مستخدمو الانترنت طوال العام كما يسلط الضوء على اهم الاحداث وابرز الاتجاهات لمستخدمي محرك البحث جوجل في جميع انحاء العالم. وزيتجيست كلمة المانية تعني "روح العصر".

وذكرت جوجل في بيان حصلت على نسخة منه ان الكلمات الاكثر بحثا من قبل المصريين كانت "ثورة 25 يناير" و"ميدان التحرير" وهو ساحة بوسط القاهرة كانت معقل الثورة التي استمرت 18 يوما و"فيسبوك" الموقع الاجتماعي الشهير الذي استغله النشطاء في حشد التأييد للثورة قبل انطلاقها على الترتيب.

واضاف البيان ان أكثر الشخصيات التي كانت موضع بحث في مصر كانت (مبارك) الذي قضى 30 عاما في سدة الحكم ويحاكم حاليا بعدة تهم من بينها قتل المتظاهرين ووائل غنيم مدير تسويق جوجل بالشرق الاوسط وهو ناشط على الانترنت واعتقل لفترة وجيزة اثناء الاحتجاجات.

وتابع ان هذه النتائج تعكس "الاحداث الاخيرة التي شهدتها مصر حيث جاءت ثورة 25 يناير في مقدمة هذه القائمة. وتعكس قائمة أبرز نتائج البحث على مستوى الشخصيات العامة أحداث ثورة 25 يناير التاريخية أيضاً." ونقل البيان عن المهندس وائل الفخراني المدير الاقليمي لجوجل في مصر وشمال افريقيا قوله "اليوم نحن متحمسون جدا لتقديم نتائج جوجل زيتجيست لمستخدمي الانترنت في مصر والتي تكشف عن نتائج أكثر عمليات البحث التي قاموا بها على مدار العام." بحسب رويترز.

وفي وقت سابق قال تقرير صادر عن شركة (تكنو وايرلس) المصرية المتخصصة في التسويق الالكتروني ان سلوكيات مستخدمي الانترنت في مصر اختلفت بعد 25 يناير كانون الثاني اذ كانوا قبل هذا التاريخ "اكثر اهتماما بالترفيه" أما بعد الثورة فقد أصبحوا "أكثر دراية بكيفية استخدام ادوات الانترنت. ولاول مرة تعلموا استخدام المواقع الوسيطة والتغلب على تعطيل الشبكات الاجتماعية والبحث عن الاخبار ذات المصداقية والتركيز على ايجاد مصادر للمتابعة الحية."

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 29/كانون الأول/2011 - 4/صفر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م