
شبكة النبأ: رافقت التغيرات الاخيرة
على مستوى الشرق الاوسط، تغيرات من نوع اخر لطالما تخوف منها الغرب
ودعا الى الحذر منه، الا وهي صعود الاسلاميين "بما فيهم المعتدلون
والمتشددون" الى سدة الحكم وبطرق ديمقراطية، الامر الذي احدث تبايناً
واضحاً في ردود الافعال الاقليمية والدولية بين مؤيد ومعترض وغير
مستعجل في الحكم ولكلً من هذه الافعال ما يؤثر فيها من ايديولوجيات
ومصالح واهداف، ومع كل التجاذبات السياسية والعقائدية والفكرية التي
حدثت وتحدث على مستوى العالم نتيجة لهذه التغيرات وما رافقتها من
توقعات وتباين في وجهات النظر، يبقى القول الفصل لدى الاحزاب والتيارات
الاسلامية الصاعدة نفسه، وكذلك كيفية تعاملها مع الملفات الحساسة ومدى
جديتها في احداث الفرق في ادارة الدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية
بدلاً من البحث عن الظواهر والمسائل الخلافية التي لا تسمن ولا تغني.
الربيع العربي ومصطلح الاسلاميين
فقد ساعدت السياسة المنفتحة التي أفرزتها انتفاضات الربيع العربي
على جعل مصطلح "اسلامي" ينطبق على نوعيات عديدة من الشخصيات، الشبان
المسلمون المعتدلون الى المتشددين الذين يطلقون لحاهم ويهدفون الى
اقامة نظام حكم ديني متشدد، وأجبرت التنوعات المختلفة داخل تيار
الاسلام السياسي وسائل الاعلام العالمية على بدء استخدام مصطلحات لم
تكن تألفها -مثل السلفيين- لاظهار الاتجاهات المتنوعة في النظم
الديمقراطية الاسلامية التي بدأت تبزغ، بل ويجد كل محلل وصحفي محلي في
الشرق الاوسط نفسه مشوشا بسبب كثرة الاسماء والصفات لوصف اتجاه كل حزب
في طيف من الخيارات السياسية التي تتخذ مرجعية دينية في الاساس، وقال
خالد صلاح رئيس تحرير صحيفة اليوم السابع اليومية التي تصدر في القاهرة
ان كثيرا ما كان الخط الفاصل بين التيارات الاسلامية المختلفة غير واضح
لدرجة أنه ليس هناك مصطلحات متفق عليها ظهرت، وأضاف "من الصعب جدا حتى
على المصريين فهم الفوارق بين الاخوان المسلمين والسلفيين والجماعات
الاخرى"، وقال ابراهيم نجم وهو مستشار لمفتي الديار المصرية علي جمعة
ان الاحزاب الاسلامية اتفقت على ضرورة أن يكون للدين دور لكنها لم تتفق
على نقاط أخرى كثيرة منذ ذلك الحين، وقال "من الخطأ وضعهم جميعا في سلة
واحدة، تفسيراتهم وأدواتهم مختلفة اختلافا جذريا"، مصطلح اسلاميين هو
مصطلح فرنسي أكاديمي في الاساس لمناصري قيام الدين بدور سياسي وكان
مناسبا عندما كان يحكم المنطقة حكام عسكريون أو ملوك في نظم شمولية
كانوا يسجنون معارضيهم الدينيين. بحسب رويترز.
وكانت الجمهورية الاسلامية الايرانية هي النموذج فيما يبدو على
الرغم من أنها نظام ديني يحكمه مبدأ ولاية الفقيه وهو نظام لا نظير له
في الانظمة حيث الاغلبية السنية وهم الاكثر في الدول العربية ودول
الشرق الاوسط، ومنذ أن بدأت الانتفاضات المطالبة بالديمقراطية قبل عام
شغل سياسي اسلامي منصب رئيس الوزراء في كل من تونس والمغرب وفي مصر
يتقدم حتى الان الاسلاميون من حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية
لجماعة الاخوان المسلمين وحزب النور الممثل للسلفيين في نتائج انتخابات
مجلس الشعب، وتتيح مصر أكبر دول العالم العربي سكانا أكبر تنوع في
التيارات الاسلامية بالنسبة للمسلمين الذين يريدون الحفاظ على هويتهم
بطريقة ما في الخريطة السياسية الجديدة، وظهرت جماعة الاخوان المسلمين
التي كان يستخدمها الرئيس المخلوع حسني مبارك كفزاعة لتبرير قانون
الطوارئ الذي ظل متمسكا به باعتبارها الحركة الوسطية في البلاد، وأسس
هذه الجماعة عام 1928 حسن البنا باعتبارها حركة اسلامية تقوم بنشاط
سياسي واجتماعي وحصل حزب الحرية والعدالة على نحو 40 في المئة من
الاصوات حتى الان في انتخابات مجلس الشعب التي تجرى على ثلاثة مراحل
والتي من المقرر ان تنتهي في يناير كانون الثاني، ويدعو زعماء الحزب
الى التحرك التدريجي نحو مجتمع له طابع اسلامي بدرجة أكبر ويقولون
للناخبين انهم يريدون قدرا أكبر من الالتزام الاخلاقي في المجتمع لكنهم
لن يفرضوا الحجاب على المرأة أو يخيفوا السائحين الاجانب من خلال منع
ارتداء ملابس السباحة واحتساء الخمور على الشواطئ المصرية.
من جهته فرق المحلل السياسي عبد الرحيم علي بين ثلاثة فصائل داخل
جماعة الاخوان المسلمين ذاتها تبعا لمدى تركيز كل منها على العمل
الاجتماعي والديني أو التغيير السياسي المعتدل أو التركيز بكثافة أكثر
على اقامة دولة اسلامية، وقال ان من الصعب على هذه الفصائل الظهور
علانية لان القيادة تتحكم تحكما شديد، ويقف على جهة اليمين من حركة
الاخوان السلفيون الذين حققوا تقدما كبيرا حتى الان وراء الحرية
والعدالة في اكبر مفاجأة في هذه الانتخابات البرلمانية، وكان بعض زعماء
السلفيين يقولون ان الديمقراطية منافية للاسلام لكنهم سرعان ما انضموا
الى الانتخابات هذا العام، ويريدون تطبيق الشريعة والزي الاسلامي
والتعاليم الاسلامية لتصبح أساس القوانين في البلاد قريبا واقامة نوع
من النظام المحابي للمسلمين بحيث يمنعون المسيحيين الذين يمثلون نحو
عشرة في المئة من السكان والنساء من تولي المناصب العلي، وفي محاولة
لتبديد مخاوف الناخبين قال متحدث باسم حزب النور السلفي ان أي حكومة
سلفية لن تدمر تراث التاريخ المصري كما فعلت حركة طالبان من تدمير
لتماثيل بوذا في أفغانستان عام 2001، وقال عبد المنعم الشحات ان مثل
هذه الحكومة ستقدم بدلا من ذلك على تغطية بعض التماثيل بالشمع حتى يظل
السائحون يزورون المتاحف المصرية لكن مع عدم السماح بعرض تماثيل منافية
للاخلاق.
اما أكثر الاسلاميين تشددا هم الجماعات التي تدعو لاقامة دولة
اسلامية بالعنف، ومن هذه الجماعات الجماعة الاسلامية المحظورة لكنها
نبذت العنف منذ المشاركة في عملية اغتيال الرئيس الراحل انور السادات
وشكلت حزبا وخاضت الانتخابات، ويقف الى يسار جماعة الاخوان أعضاء
سابقون في الجماعة يخوضون الانتخابات طبقا لاهداف أكثر اعتدال، والحزب
الرئيسي هنا هو حزب الوسط الذي انشق قياديوه عن الجماعة عام 1996 ودعوا
الى تفسير أكثر اعتدالا للاسلام يتوافق مع الاراء الديمقراطية
الليبرالية، وعبر العضو السابق في جماعة الاخوان المسلمين عبد المنعم
أبو الفتوح مؤخرا عن ارائه الليبرالية في احدى المجلات، واستبعد أبو
الفتوح من جماعة الاخوان المسلمين لانه قرر خوض انتخابات الرئاسة بعد
أن قالت الجماعة انها لن تقدم مرشح، ولم ينفصل عن الجماعة بسبب أي
انقسام ايديولوجي رغم أنه كان من الجناح الاصلاحي في الجماعة، وبما ان
العدل مفهوم أساسي في الاسلام فان أحزابا اسلامية تتخذ من كلمة العدل
ومشتقاتها اسماء في مصر والمغرب وكذلك في تركي، وفي مصر كان هذا مصدر
جذب فوريا للكثير من الناخبين الذين نحوا مبارك الذي يلومونه في احداث
فجوة كبيرة بين الاغنياء والفقراء وبين النخبة الحاكمة والمواطنين
العاديين، وكان اسم حركة النهضة الاسلامية في تونس هو حركة الاتجاه
الاسلامي قبل تغيير الاسم الى النهضة عام 1989 لان الدولة العلمانية
كانت ترفض الاحزاب ذات الاساس الديني، وقال راشد الغنوشي مؤسس حركة
النهضة ومنظر بارز للتيار الاسلامي المعتدل في تونس مؤخراً ان مصطلح
اسلامي كان يعني بالنسبة للقارئ الغربي كل شئ من ديمقراطيين محافظين
الى متطرفين يتبنون العنف، لكن عندما سئل عن توصيف أفضل لمن يؤيدون ما
سماه "الاسلام التطبيقي" قال بعد تفكير انه يعتقد أن كلمة مسلم هي
الوصف المناسب.
التعاون مع الاسلاميين
الى ذلك نقل عن رئيس وزراء قطر الشيخ حمد بن جاسم ال ثاني قوله ان
الاسلاميين سيمثلون على الارجح الموجة التالية من القوى السياسية في
العالم العربي وانه على الغرب التعاون معهم، وقال الشيخ حمد في مقابلة
مع صحيفة فاينانشال تايمز ان الاسلاميين المعتدلين يمكن ان يساعدوا في
التصدي لما وصفه بالأيديولوجيات المتطرفة، وقال الشيخ حمد "يجب الا
نخشاهم بل دعونا نتعاون معهم"، يجب الا تكون لدينا اي مشكلة مع اي شخص
يعمل في اطار معايير القانون الدولي يجيء الى السلطة ويحارب الارهاب"،
وفي مصر التي تجري أول انتخابات حرة منذ 60 عاما من المتوقع ان يجني
الاخوان المسلمون 40 في المئة من أصوات الناخبين في انتخابات مجلس
الشعب التي قد تقيد سلطات المجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد منذ ان
اطاحت الثورة بالرئيس السابق حسني مبارك في فبراير شباط، وفي تونس التي
كانت اول دولة في "الربيع العربي" تطيح برئيسها هذا العام فاز في اول
انتخابات ديمقراطية حزب النهضة الاسلامي المعتدل وشكل حكومة ائتلافية.
بحسب رويترز.
الانتفاضات العربية وفي بريطانيا
من جهته قال رئيس اركان الجيش البريطاني ان الانتفاضات المطالبة
بالديمقراطية في الشرق الاوسط يمكن ان تتمخض عن نشاط اسلامي متشدد في
بريطانيا لكن الخطر الاكبر على البلاد اقتصادي، وفي تحليله بحلول نهاية
العام للمخاطر التي تواجه بريطانيا قال رئيس هيئة الاركان البريطانية
الجنرال ديفيد ريتشاردز ان الربيع العربي يمكن ان يثير الاضطراب وسط
الجماعات المهاجرة في بريطاني، وقال ريتشاردز في كلمة بالمعهد الملكي
للدراسات الدفاعية والامنية في لندن انه يوجد "خطر ان تؤدي الصحوة
العربية الى شقاقات وصراع داخلي يمكن تصديره بما في ذلك التشدد
الاسلامي"، واضاف "لديهم جماعات شتات تتواصل مع هذا البلد، كما تفعل
باكستان ودول اخرى تشق طريقها بصعوبة مع عدم الاستقرار"، وبعد عام من
بدء الاحتجاجات التي ادت الى الربيع العربي اصبحت السيطرة للاحزاب
الاسلامية في تونس والمغرب ويبدو انها تسير على نفس الطريق في مصر رغم
ان المتشددين الاسلاميين فشلوا حتى الان في انتهاز فرصة الفوضى، لكن
ريتشاردز لم يكن لديه شكوك ازاء التهديد الرئيسي، وقال "انا واضح في ان
الخطر الاستراتيجي الاكبر الذي يواجه المملكة المتحدة اليوم اقتصادي
اكثر من كونه عسكري، هذا سبب ان ازمة منطقة اليورو لها تلك الاهمية
الهائلة"، واضاف "لا يمكن لدولة ان تدافع عن نفسها اذا كانت مفلسة"،
وقال ان خفض ميزانية الدفاع نتيجة تلك الضغوط الاقتصادية يعني ان
بريطانيا تحتاج الى اقامة علاقات عسكرية اوثق وخاصة مع دول الخليج
والدول الافريقية، وتابع "تعاوننا مع الدول في الخليج وافريقيا اثمر
بالفعل عن نتائج في المنطقة مقابل تكلفة قليلة على نحو مدهش، ربما يجب
ان نركز علاقاتنا الدفاعية على تلك المناطق بدلا من التنافس على النفوذ
مع اخرين كثيرين مثل الصين او الهند"، وقال ريتشاردز ايضا ان مهمة حلف
شمال الاطلسي في افغانستان حيث تشارك بريطانيا بحوالي 9500 جندي تتقدم
على مسارها رغم قدرة طالبان على مواصلة الهجمات. بحسب رويترز.
لا يوجد اسلام معتدل
من جهة اخرى قالت وزيرة فرنسية من اصل جزائري في مقابلة نشرت مؤخراً
انه لا يوجد شيء اسمه الاسلام المعتدل، واصفة النجاحات الانتخابية التي
حققتها الاحزاب الاسلامية مؤخرا في تونس والمغرب وفي طريقها لتحقيقها
في مصر، بالمقلقة، واعتبرت وزيرة الدولة الفرنسية للشباب جانيت بو غراب
لصحيفة لو باريسيان ان اي تشريع يستند الى الشريعة الاسلامية سيفرض "لا
محالة" قيودا على الحقوق والحريات، وبو غراب فرنسية من اصول جزائرية
ووالدها من الحركيين وهم الجزائريون الذين ناصروا فرنسا خلال حرب
الاستقلال الجزائرية، وقالت بو غراب "انه امر مقلق للغاية، لا اعرف اي
اسلام معتدل"، واضافت "الشريعة (الاسلامية) لا تقبل الحلول الوسط، انا
مختصة في القانون واقول انه بامكانك ان تحاول ما يحلو لك ان تفسر الامر
فقهيا او حرفيا او اصوليا، غير انه حالما يستند القانون الى الشريعة
فانه يفرض لا محالة قيودا على الحريات، خاصة حرية العقيدة"، وجاء رد
الوزيرة الفرنسية تعليقا على النجاحات التي احرزها حزب النهضة في تونس
والعدالة والتنمية في المغرب و الاخوان المسلمين والسلفيين في مصر،
وكان وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه دعا الى الحوار مع تلك الاحزاب
طالما احترمت معايير بينها سيادة القانون وحقوق المرأة، واقرت بو غراب
ان زين العابدين بن علي الذي اطيح به في تونس وحسني مبارك الذي اطيح به
في مصر استخدما التهديد الاسلامي كفزاعة للحصول على الدعم من البلدان
الغربية، ولكنها اضافت "لا يعني هذا ان علينا ان نذهب الى الافراط
المقابل"، كما انتقدت الوزيرة الفرنسية من اصل جزائري تصويت 30 بالمائة
من التونسيين الذين يعيشون في فرنسا لحزب النهضة الاسلامي في
الانتخابات التي جرت مؤخراً، قائلة "ما يثير صدمتي هو ان هؤلاء الذين
يتمتعون بالحقوق والحريات هنا منحوا اصواتهم لحزب ديني" تونسي. بحسب
رويترز.
القلق من نفوذ الاسلاميين
في سياق متصل ابدى وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك "قلقا كبيرا"
حيال تصاعد نفوذ الاسلاميين في الدول العربية، وخصوصا بعد اعلان
النتائج الجزئية للمرحلة الاولى من الانتخابات التشريعية في مصر، وصرح
باراك للقناة الثانية الخاصة في التلفزيون الاسرائيلي ان "عملية
الاسلمة في الدول العربية تثير قلقا كبيرا"، لكنه اعتبر ان "من السابق
لاوانه تحديد كيفية تاثير هذه التغييرات على المنطقة"، مضيفا "آمل ان
تفهم اي حكومة ستشكل في مصر ان لا خيار اخر (امامها) سوى ان تحترم
التزاماتها الدولية التي تشمل معاهدة السلام مع اسرائيل"، وشدد باراك
على اهمية تعزيز المراقبة المصرية في شبه جزيرة سيناء حيث تعرض انبوب
يزود اسرائيل والاردن الغاز المصري لتسعة اعتداءات منذ بداية العام،
وفي شان ايران، كرر ان اسرائيل "لا تستبعد اي خيار" لوقف البرنامج
النووي لطهران، داعيا الى "التحرك بكل السبل" المتاحة. لكنه اعطى
الاولوية في المرحلة الراهنة للعمل الدبلوماسي والعقوبات، وتؤكد نتائج
المرحلة الاولى من الانتخابات البرلمانية التي لم تعلن كلها حتى الان
التقدم الكبير الذي حققه الاسلاميون في مصر وخصوصا السلفيين على
الاحزاب الليبرالية. بحسب فرانس برس.
عدم التسرع في الحكم
بدوره دعا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى عدم التسرع في الحكم
على الربيع العربي انطلاقا من نتائج الانتخابات التي جرت حتى الان في
كل من تونس ومصر، قائلا بانه يفضل "تخبطات" الديموقراطية على "الهدوء
المزعوم للديكتاتوريات"، وقال ساركوزي خلال حفل افتتاح مقر "غوغل فرنسا"
في باريس "اعجب من الذين يحكمون بهذه القساوة على نتائج الانتخابات في
عدد من الدول، لانه من الصعب ان نقول للناس نعطيكم الديموقراطية الا
اننا نطلب منكم ان تقترعوا للذين نريدهم نحن وليس للذين تريدونهم انتم"،
وتابع الرئيس الفرنسي "اريد ان اذكر باننا عرفنا بعد ثورة 1789 سنوات
الرعب، وكان لا بد من مرور قرن في فرنسا لاقامة الديموقراطية"، مضيفا "لا
بد من اعطاء بعض الوقت للبلدان على الضفة الاخرى من المتوسط لتقيم
الديموقراطية ولا يجوز الحكم عليهم بهذه القساوة"، وحل الاسلاميون في
الطليعة في كل من مصر وتونس والمغرب حيث اجريت انتخابات تشريعية، الا
ان ساركوزي اضاف "سنكون متنبهين لما ستقوم به الحكومات الجديدة"، مضيفا
"لدينا خطوطنا الحمر، المساواة بين الرجل والمرأة واحترام تنوع الراي،
وحرية التعبير عبر الانترنت"، وخلص ساركوزي الى القول "ستحصل خيبات امل
وستكون هناك مصاعب، الا ان خيار دعم الديموقراطية هو خيار لا رجعة فيه"،
مضيفا "افضل هذه التخبطات وهذه المشاكل، على الهدوء المزعوم
للديكتاتوريات". بحسب فرانس برس.
الإسلام لا يمثل تهديدا للديمقراطية
من جانبها قالت الناشطة اليمنية الفائزة بجائزة نوبل للسلام توكل
كرمان إن الإسلام مثل غيره من الديانات لا يمثل تهديدا للديمقراطية،
ومما اثار انزعاج البعض في الغرب صعود الاحزاب الإسلامية لتكون الفائز
الاكبر بعد ثورات الربيع العربي خاصة بعد فوز الإسلاميين في الانتخابات
في كل من تونس والمغرب ونجاحهم في تحقيق تقدم كبير في المرحلة الاولى
للانتخابات البرلمانية في مصر، وقالت كرمان (32 عاما) التي استلمت
الجائزة مؤخراً بالمشاركة مع الليبيريتين الرئيسة الين جونسون سيرليف
والناشطة ليما غبووي ان كل الاديان تحترم الديمقراية وتحترم حقوق
الانسان وتحترم كل القيم التي يؤمن بها المدافعون عن الحريات، وقالت
كرمان الصحفية الإسلامية ان المشكلة ليست في الاديان نفسها وانما في
الفهم الضيق لبعض اتباعه، واضافت أن المشكلة الوحيدة تكمن في سوء فهم
بعض معتنقي الاسلام والمسيحية واليهودية وغيرها من الاديان حيث يعتقد
كل منهم ان ديانته هي الدين الحق، ولقبت كرمان باسم "ام الثورة" ولعبت
دورا مهما في الاحتجاجات المستمرة في اليمن التي اجبرت الرئيس اليمني
علي عبد الله صالح على التنحي، وقالت انها تأمل ان تؤدي الانتفاضة في
بلادها الى تحسين صورة اليمن في الخارج كأحد مناطق الجذب السياحي،
واضافت أن سمعة اليمن قبل الثورة كانت سيئة وان الحديث عن اليمن كان
بشكل رئيسي يدور حول الارهاب واسامة بن لادن لكن اليمن الحقيقي سيظهر
بعد الثورة ليمثل السلام والانجازات، ومنحت لجنة نوبل النرويجية
الجائزة للنساء الثلاثة لتسليط الاضواء على اهمية حقوق المرأة في تحقيق
السلام، ويتسلم الثلاثة الجائزة في اوسلو في الذكرى 115 لوفاة الفرد
نوبل وسوف يقتسمن قيمتها التي تبلغ 1.5 مليون دولار. بحسب رويترز.
مخاوف المسيحيين في مصر
من جانب اخر يعتبر الأقباط من أكبر الجماعات المسيحية في مصر و
الذين عانوا من التهميش والتمييز في حكم الرئيس المصري السابق حسني
مبارك و بعد سقوط حسني مبارك في شباط /فبراير 2011 و تسلم المجلس
العسكري شؤون البلاد ، لم يمنع التوترات الطائفية من الاستمرار، وعن
الواقع المسيحي في مصر ما بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، يقول
نجيب جبرائيل، رئيس الإتحاد المصري لحقوق الإنسان ومستشار الكنيسة
القبطية، "أنه الآن أسوأ ممّا كان عليه قبل الثورة بسبب التصعيد
الإسلامي وما أعلنته المناهج السلفية وجهات من "الإخوان المسلمين" من
أن الأقباط لن يكون لهم حظ وافر في الحياة السياسية وسيحصل إقصاء شامل
للأقباط من حيث فرض "الجزية" عليهم في حالة وصول الإسلاميين للحكم ومن
حيث معاملتهم أن لا تكون لهم مواطنة كاملة"، ويضيف نجيب جبرائيل" أنه
لن يسمح للمسيحيين بتبوء المناصب العليا والمواقف الحساسة في الدولة، و
أن نزوح الأقباط قد بدأ بكثافة إلى الخارج"، ولعل المعادلة الأكبر تكمن
اليوم في وضع مسيحيي سوري، إذ يقدر عدد المسيحيين في سوريا بنسبة خمسة
إلى عشرة بالمائة من مكونات الشعب السوري، فقد شكل حكم الأسد الأب
والابن حماية نوعية لهذه الأقلية المسيحية، حماية تظل وفقا لمنظور حزب"
البعث"، فحسب المراقبين دأب نظام عائلة الأسد على تخويف الأقلية
المسيحية من الأغلبية السنية وهي نفس السياسة التي اتبعها صدام في بلاد
الرافدين واضعا دوما الأقلية في وجه الأغلبية لحماية نفسه.
والسؤال هل الخوف على واقع الأقلية المسيحية بسوريا مبرر اليوم؟،
المفكر السوري ميشال كيلو لا يرى من خوف على المسيحيين في سوريا "أقله
إذا أخذ المسيحيون موقفا متضامنا مع الشعب لأنهم جزء من هذا الشعب الذي
تعرض خلال السنوات الخمسين الماضية لعملية ظلم واسعة وحرم من حريته و
من حقه ومن كل شيء"، ويضيف ميشال كيلو"، انه في حال وقف المسيحيون مع
الاستبداد، فإنهم سيدفعون ثمنا" غير انه لا يرى إي مبرر لوقوفهم مع
النظام الاستبدادي "لأن هذا النظام ظلمهم كما ظلم غيرهم ولأنه لم يكن
في تاريخ سوريا قبل حزب البعث مظالم وقعت على المسيحيين أو غير
المسيحيين دينية أو غير دينية ولأن من مصلحة المسيحيين أن يكونوا جزءا
من شعبهم وليسوا طائفة منعزلة تؤيد من يوقع الظلم بهم"، وعن رؤية
المحللين لواقع المسيحيين في بلدان الربيع العربي في ضوء صعود نجم
التيار الإسلامي؟، ويعتبر بول سالم، مدير مركز كارنيغي للشرق الأوسط في
بيروت، "أن الخطر المباشر على المسيحيين بشكل مطلق أمر مبالغ فيه، وأن
الخطر الكبير يأتي في حال حصول انزلاق لأي من هذه الدول إلى حالات فوضى
أمنية عندئذ ستشكل هذه الفوضى تهديدا لكل المجموعات في البلد ومنها
الأقليات المعرضة أكثر من غيرها".
ويجمع المراقبون على التخوف والقلق على سوريا ربما أكثر و أكبر من
القلق على مصر و على وضع الأقليات هناك فيميز بول سالم بين الحالة
السورية و الحالة المصرية "ففي حال وصول "الإخوان المسلمين" وحتى
"السلفيين" للمشاركة في السلطة في مصر فالدولة موجودة، أما في سوريا
فإن الخطر أكبر لأنه إذا انهار النظام قد تدخل سوريا في فراغ وفي مرحلة
فوضى، والخوف ليس من "الإخوان المسلمين" السوريين ولكن من بعض
المجموعات التي قد تأتي من العراق أو من أفغانستان أو باكستان، ففي مصر
لا يزال المجلس العسكري يدير البلاد وقد شكل مجلسا استشاريا لوضع دستور
جديد للبلاد، قاطعه "الإخوان المسلمون"، وهو ما ضمن، حسب المراقبين،
وضع دستور وفق قواعد ديمقراطية متناسقة بين كافة الأطراف، أما الوضع
السوري فهو مختلف، فالعسكر وإن كانوا حسب المراقبين هم من سيشكلون
"بيضة القبان" لإزاحة بشار الأسد غير أنهم سيخسرون إدارة مرحلة التغيير
شعبيا و"الإخوان المسلمون" أكبر الجماعات السياسية المنظمة في سوريا
ستكون الأكثر قدرة على تولي زمام المبادرة في مرحلة ما بعد عائلة
الأسد. |