المرأة وتمويل أصغر أكثر نفعاً لها

حسن ابراهيم

تمثل النساء الغالبية من حيث عدد عملاء التمويل الأصغر في العالم ككل حيث أشار تقرير مؤتمر القمة العالمي المعني بالقروض متناهية الصغر والذي تم عقده في نوفمبر 2011 في دولة أسبانيا أنه في عام 2010 إستطاعت مؤسسات التمويل الاصغر منح ما يزيد عن 205 مليون عميل علي مستوي العالم يمثل عدد النساء منهم ما يزيد عن 113 مليون إمرأة أي بنسبة تقارب من 75% من إجمالي عدد العملاء.

ولا يختلف الحال كثيراً علي مستوي الوطن العربي فأيضاً تمثل النساء العربيات النسبة الأكبر من حيث عدد عملاء صناعة التمويل الأصغر العربية ويتضح هذا من خلال البيانات الربع سنوية والتي تصدرها الشبكة العربية للتمويل الأصغر في اللبدان العربية – سنابل والمنشورة في الموقع الإليكتروني للشبكة، حيث جاء بالإحصائيات الخاصة بالربع الثالث لعام 2011 لعدد 24 مؤسسة من كبرى مؤسسات صناعة التمويل الأصغر في الوطن العربي أن نسبة النساء (المقترضات النشيطات) بلغت 67% من إجمالي عدد عملاء تلك المؤسسات حيث بلغ عددهن680 ألف عميلة تقريباً.

وربما يظن البعض أن الرجال هم الأكثر قدرة على الإلتزام تجاه مديوناتهم من النساء في صناعة التمويل الأصغر ولكن في الحقيقة أثبتت الدراسات عكس ذلك كلياً.

ولقد تناول مناقشة هذا الموضوع ورقة عمل تحت عنوان (النساء والسداد في التمويل الأصغر) لكل من بيرت ديسباليه - بلجيكا، إيزابيل جويرين معهد أبحاث التنمية - فرنسا، روي مارسلاند جامعة أجدر - النرويج والصادرة في مارس 2009، والمترجمة بواسطة شبكة التمويل الأصغر للبلدان العربية سنابل.

حيث تحلل هذه الورقة الاختلافات بين الجنسين فيما يتعلق بمعدلات سداد التمويل الأصغر باستخدام مجموعة بيانات عالمية كبيرة تشمل 350 مؤسسة من مؤسسات التمويل الأصغر من 70 بلداً، وتشير النتائج إلى أن العملاء من النساء يرتبطون بالانخفاض في محافظ العملاء العرضة للمخاطر، وانخفاض عمليات الشطب وانخفاض خسارة أحكام الائتمان. وتؤكد هذه النتائج وجهات النظر العامة التي تعتقد أن النساء في العموم هم الأفضل في مجال المخاطر الائتمانية بالنسبة لمؤسسات التمويل الأصغر.

إن النساء يمثلن سوق كبير وآمن في الغالب لمؤسسات التمويل الأصغر وهذا ما تحتاجه أي مؤسسة لتحقيق النجاح في مختلف المجالات فعندما يتوفر لأي مؤسسة السوق الكبير مع ضمان عدم فقدان أصولها تكون تلك المؤسسة قادرة علي تحقيق أهدافها ورسالتها.

 لهذا فإن النساء هن الأفيد لصناعة التمويل الأصغر حيث أن الصناعة في العالم ككل تقوم على خدمة هؤلاء النساء، والسؤال المطروح للمناقشة هو كيف يكون التمويل الأصغر أداة أكثر نفعاً للنساء؟ وسوف نركز في الإجابة علي صناعة التمويل الأصغر العربية والنساء العرب.

لكي نجيب على السؤال السابق دعونا أولاً أن نقف علي قصور صناعة التمويل الأصغر العربية ففي تقديري الشخصي ان أهم ما يعيب صناعة التمويل الأصغر في الوطن العربي هو إعتمادها على تقديم خدمة الإقراض فقط.

 وعدم شمول الخدمات المقدمة على خدمات تنموية متكاملة فهي لا تقدم الخدمات الثقافية او التوعية الطبية او الخدمات التعليمية وما إلى ذلك من خدمات، كما انها حتى في جانب الخدمات المالية لا تقدم جميع الخدمات التي يحتاجها عميلاتها فمؤسسات التمويل الأصغر العربية معظمها لا يقدم خدمات الإدخار أو التأمين.

إن التمويل الأصغر ليس منح وتحصيل الأموال فقط ولكن الهدف منه أو(ما أحب أن يكون الهدف منه) هو التنمية الشاملة للعملاء، وهذا غير محقق على أرض الواقع.

 فهل قامت مؤسسة تمويل أصغر عربية مثلاً بتنظيم فصول محو أمية عميلاتها ونحن نعاني ما نعانيه في الوطن العربي من الأمية، وهل قامت مؤسسة تمويل اصغر عربية بتوفير حجرة طبية في كل فرع من فروعها فيها طبيب وممرضة لهم دوام كامل كخدمة طبية متوفرة لعميلاتها، وهل قامت مؤسسة من مؤسسات التمويل الأصغر العربية بعمل حملة تثقيفية واسعة ضد العنف ضد النساء، كل ما سبق أمور قل ما فعلتها مؤسسات التمويل الأصغر العربية.

إن مؤسسات التمويل الاصغر تستطيع بقربها من تلك العميلات أن تقدم لهم الكثير من التوعية ولكن إذا ارادت المؤسسات القيام بذلك فما ضير تلك المؤسسات لو وهبت جزء من فائدتها المحصلة علي نشاط الإقراض (التي تصل في بعض برامج الإقراض الجماعي والخاص بالنساء الفقيرات الى 26% كفائدة سنوية ثابتة) لتقديم الخدمات التنموية الشاملة للنساء إن ما ينقص مؤسسات التمويل الأصغر في الوطن العربي هو ان تعمل تلك المؤسسات بعقل تاجر وبقلب أب حنون فيجب إلا تخسر أصولها ولكن أيضاً يجب أن تكون أكثر نفعاً لعميلاتها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 26/كانون الأول/2011 - 30/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م