مر عام على ثورة البوعزيزي, فهل سيتمكن الشعب العربي من إنجاح ثورته
من خلال تطبيق الإصلاح الشامل وتغيير الانظمة الفاسدة المستبدة وقطع
دابر الفتن والمؤامرات?
الثورة العربية الاصلاحية تجسد واقعا لحلم كان يراود معظم الشعوب
العربية المتشوقة للعدالة والحرية والكرامة ولنظام الحكم الديمقراطي
الحر, بعد عقود من الزمن وهي تنزف محرومة من حقوقها وكرامتها بسبب ظلم
الانظمة المستبدة, وهذه الثورة تمثل حتما كابوسا مرعبا للأنظمة العربية
الفاسدة الظالمة المتمسكة بالحكم, ولأعداء الامة العربية التي ترى في
الثورة العربية الاصلاحية خطرا على مصالحها, الذين يحيكون المؤامرات.
لقد اندلعت الثورة العربية من تونس الخضراء في 18 كانون الاول
2010م. تضامنا مع الشاب محمد البوعزيزي الذي اشعل النار في جسده النحيل
ليشعل نار الغضب في الوطن العربي الكبير ضد الانظمة العربية المستبدة
التي اذاقت شعوبها شتى اصناف الظلم والتنكيل, وذلك في 17 كانون الاول
في مدينة سيدي بوزيد, احرق البوعزيزي جسده اعتراضا على الظلم الذي تعرض
له من جلاوزة النظام التونسي الفاسد, لانه شعر بفقدان الكرامة والعزة
الانسانية في وطنه, وبعدما فقد الامل بإيجاد اذان تسمع معاناته وصراخه,
حيث الصراخ ولو من الالم ممنوع لانه ازعاج للنظام المستبد, والشكوى
ممنوعة فالحاكم والقاضي هو الخصم والمعتدي, فلم يجد الشاب العربي الا
الموت وبطريقة اشعال الجسد لكي لا يزعج النظام بصوته وصراخه ثم يتعرض
لمزيد من جرعات التعذيب والسجن والاهانة, ولكي ينير الطريق وتتحرك
الشعوب الصامتة وتؤمن بان الموت اولى من عار الذل والهوان.
الشعب التونسي البطل استلم قبس الثورة من جسد محمد البوعزيزي, وكسر
قيود الخوف, وخرج بصدور عارية يواجه الرصاص والقمع وقاد الثورة في جميع
ارجاء تونس, وهو يردد الشعار المشهور "الشعب يريد اسقاط النظام" لإصلاح
الوضع السياسي الشامل. فلم يجد الدكتاتور بن علي, سوى الهروب من البلد
يبحث عن مأوى, فترفض كافة الدول استضافته كي لا تنتقل لها امراضه
المعدية التي تسبب الغضب والثورة, ... واخيرا استضافته السعودية!.
ثم يتلقف الشعب المصري الثائر قبسا من ثورة تونس البوعزيزي, ويخرج
ملايين المصريين الى الساحات والميادين, فيحاول نظام مبارك القمعي
المجرم الفاسد, القضاء على الثورة باستخدام القوة الامنية والمرتزقة
والبلطجية وكل ادوات القمع والقتل فيسقط مئات الالاف من الشعب الثائر
بين مصاب وشهيد. ومع اصرار الشعب, يسقط النظام ويقدم مبارك واركان
نظامه الفاسد الى القضاء والمحاكم, وما زال الشعب المصري في حالة ثورة
للمطالبة بالإصلاح الشامل رافضا وجود اي شخصية كانت تمثل النظام السابق.
ثم تنتقل الثورة والانتفاضة في معظم الدول العربية, وتشعر الانظمة
الاخرى بالخوف والرعب من شعوبها, فتبادر بعض الانظمة بتقديم الوعود
بالإصلاح, والبعض يحاول امتصاص الغضب وروح الثورة من خلال تقديم بعض
المغريات المادية. ولكن روح الثورة تستمر وتتصاعد في الوطن العربي,
فيسقط نظام القذافي المجرم الملطخة يداه بدماء الابرياء, ويقتل على
ايدي شعبه بطريقة بشعة جدا.
وما زالت الثورة والغضب الشعبي والمطالبة بالإصلاح الشامل متواصلة
في معظم الدول العربية من الخليج الى المحيط رغم قمع الانظمة الفاسدة
التي ترفض التغيير والاصلاح واعطاء الشعب حقه باختيار حكومته بشكل
سلمي. فالثورات والمظاهرات في الدول العربية مستمرة, فهذه الثورة
اليمنية مشتعلة رغم قبول الرئيس صالح التنحي وتنصيب نائبه بتدخل الدول
الخليجية في محاولة لإيقاف الثورة الشعبية هناك التي تطالب بالإصلاح
الشامل بمحاسبة اركان النظام السابق.
ان التغيير قادم في كافة الدول العربية اذا توفرت الارادة الشعبية
للإصلاح الجذري والوعي السياسي, وان التغيير في منطقة الخليج قادم لا
محالة, فالمنطقة تشهد حراكا ومظاهرات وثورة سلمية للمطالبة بالإصلاحات,
سقط خلالها شهداء وجرحى, وتم اعتقال الالاف ممن يطالبون بالإصلاح
والتغيير والعدالة والحرية وحق المشاركة في ادارة وبناء الوطن; فهناك
مظاهرات سلمية في السعودية وعمان والكويت ومطالبات اصلاحية في
الامارات, وهناك الثورة البحرينية التي تزداد قوة وعزة بصمودها بينما
النظام يزداد تعسفا وضعفا, ونجاحها - الثورة البحرينية- بتحقيق اهدافها
في اقامة مملكة دستورية وحكومة منتخبة, تمثل نصرا لكافة شعوب المنطقة.
هل سيتمكن الشعب العربي من انجاح ثورته من خلال تطبيق الاصلاح
الشامل, وتغيير الانظمة الفاسدة المستبدة وقطع دابر الفتن والمؤامرات
التي تشكل كابوسا اسود وخطرا كبيرا على الشعب العربي والمشروع الاصلاحي?. |