البحرين والثورة... بشاعة الاستبداد الخليفي

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تصر السلطات البحرينية المدعومة خليجيا وغربيا على الإيغال في قمع الشعب البحريني الأعزل المطالب بحقوقه المشروعة في وقف سياسات التمييز الطائفي والعنصري الذي تنتهجه العائلة الحاكمة.

فبعد ان سقط القناع الذي كان يخفي بشاعة وجه ملك البحرين مؤخرا، بعد مناورة ما اسماه لجنة تقصي الحقائق ودعوات الحوار الوهمية، لم تدخر قوى المعارضة ذات التمثيل الشرعي العريض جهدا في التعبير عن سخطها من استبداد السلطة ورأس هرمها الطاغي.

كما لم تسفر الجهود الحكومية للبحرين عما كانت ترغب من خلاله إيهام المنظمات الحقوقية الدولية التي باتت تصعد من استنكارها لعمليات البطش الذي تمارسه قوى الأمن المستوردة من الدول الأخرى.

دعوة أممية لإطلاق المعتقلين

فقد دعت مفوضة الامم المتحدة السامية لحقوق الانسان نافي بيلاي البحرين الى الافراج عن المسجونين المحتجزين بسبب مشاركتهم في المظاهرات السلمية التي شهدتها المملكة في وقت سابق من هذا العام.

كما حثت الحكومة البحرينية على اعادة الالاف الى وظائفهم التي طردوا منها بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات. ومن بين المفصولين من اعمالهم اشخاص كانوا يعملون في مناصب رفيعة في خدمات الصحة والتعليم.

وقالت بيلاي في بيان "يجب على السلطات البحرينية ان تبدأ بسرعة في اتخاذ اجراءات لبناء الثقة ومن بينها الافراج غير المشروط عن هؤلاء الذين ادينوا في محاكمات عسكرية أو ما زالوا ينتظرون المحاكمة لمجرد أنهم مارسوا حقوقهم الاساسية في التعبير عن الرأي والتجمع."

وقالت بيلاي ان الوفد الذي ارسلته الى البحرين في وقت سابق من هذا الشهر وجد "افتقارا عميقا للثقة" في الحكومة بين جماعات المجتمع المدني هناك. واضافت بيلاي القاضية الجنوب افريقية ان الافتقار للثقة ازداد عمقا "نتيجة للحملة الامنية العنيفة على المحتجين وتدمير المساجد وغياب المحاكمات العادلة وعدم حدوث تقدم في توفير تعويض عن الانتهاكات."

وقالت بيلاي ان الحكومة يجب ان تحاكم المسؤولين واعضاء قوات الامن المسؤولين عن "الاستخدام المفرط للقوة ضد المحتجين السلميين" والضباط الذين استخدموا التعذيب وقتلوا ضحاياهم احيانا. بحسب رويترز.

وقالت "ما زلنا نتلقى تقارير عن قمع احتجاجات صغيرة في البحرين وعلى الرغم مما ورد عن القبض على بعض مسؤولي الامن فلم نر بعد أي محاكمة لاي قوات امن على مقتل او اصابة مدنيين." واعلنت "هذه الحصانة -- على كل المستويات -- عائق خطير امام المصالحة الوطنية."

هيومان رايتس ووتش تنتقد

من جهتها قالت منظمة هيومان رايتس ووتش ان قرار البحرين الغاء انتخابات مجلس ادارة جمعية المحامين البحرينية هو دليل جديد على حملة للسيطرة على جماعات المجتمع المدني بالمملكة.

وحلت السلطات جمعية المعلمين البحرينية وأصدرت حكما بسجن رئيسها عشر سنوات في سبتمبر ايلول بتهمة تهديد الامن القومي من خلال دعم الاحتجاجات التي طالبت ايضا بوقف التمييز الطائفي الذي يقول شيعة البحرين انه مستشر.

وفي بيان أصدرته قالت هيومان رايتس ووتش ان وزارة حقوق الانسان والتنمية الاجتماعية التي تشرف على جمعيات المجتمع المدني ألغت نتائج الانتخابات التي أجرتها جمعية المحامين البحرينية في نوفمبر تشرين الثاني قائلة انها لم تلتزم بالاجراءات القانونية وفرضت المجلس السابق على الجمعية. وأضافت المنظمة "يبدو أن اضافة تعبير 'حقوق الانسان' الى اسمها جعل هذه الوزارة اكثر جرأة في انتهاك المعايير الدولية لحرية التنظيم النقابي.

وكانت جمعية المحامين تعتزم اجراء الانتخابات في ابريل نيسان الماضي لكنها تأجلت حين فرضت البحرين حالة الطواريء فيما يتصل باخماد الاحتجاجات بدعم من قوات أرسلتها السعودية والامارات.

فيما انتقدت البحرين منظمة هيومان رايتس ووتش قائلة ان تصريحات المنظمة غير مهنية وغير دقيقة. وفي بيان نقلته وكالة انباء البحرين اتهمت وزارة حقوق الانسان والتنمية الاجتماعية هيومان رايتس ووتش باستخدام "مصطلحات تعتقد الوزارة انها ربما تعبر عن مواقف فردية وغير مهنية."

وأضاف بيان الوزارة "كان حريا بمنظمة مراقبة حقوق الانسان التأكد من أسباب الغاء الانتخابات غير الصحيحة والتي تنتهك حقوق الاعضاء الاخرين. وأن من واجب وزارة حقوق الانسان أن تضمن حقوق الجميع للترشح والانتخاب في الجمعية. وتؤكد وزارة حقوق الانسان بأن قرارها جاء لاجل صون حقوق الجميع."

موظفون شيعة يتظاهرون للمطالبة بإعادتهم إلى عملهم

الى ذلك احتشد عشرات من الموظفين البحرينيين الشيعة الذين طردوا من وظائفهم على خلفية الاحتجاجات المطالبة بالديموقراطية للمطالبة بإعادتهم الى اعمالهم، بعد يوم من اعلان السلطات انه سيتم اعادة 181 ممن طردوا إلى وظائفهم.

وقال مراسل فرانس برس ان بين المتظاهرين اطباء، بعضهم يستأنف ضد احكام صدرت بالسجن ما بين خمس سنوات و15 عاما، وممرضين ومدرسين وموظفين في القطاعات النفطية وصناعة الالمنيوم وموظفين في هيئات الدولة، وقد تجمعوا للتظاهر خارج وزارة العمل.

وكان كثيرون من الموظفين الشيعة اما طردوا من العمل واما اوقفوا عنه لاجل غير مسمى في اطار حملة القمع التي اعقبت الاحتجاجات التي استمرت شهرا كاملا وقادها الشيعة ما بين شهري شباط/فبراير وآذار/مارس.

وبحسب اتحاد نقابات عمال البحرين طرد 377 موظفا حكوميا، و171 بين 449 اوقفوا عن العمل ما زالوا من دون وظيفة. وفي شركة المنيوم البحرين (ألبا) المملوكة للدولة على سبيل المثال اوقف 405 موظفين عن العمل. وقال استشاري جراحة العظام علي العقري مرتديا معطف الطبيب وحاملا العلم البحريني "لقد طردوا نخبة البلاد".

ويواجه العقري حكما بالحبس 15 عاما وهو بين مجموعة تضم 20 من العاملين في المجال الطبي اصدرت محاكم شبه عسكرية بحقهم احكاما بالحبس بين 5 و15 عاما قبل احالة قضاياهم على محاكم مدنية لاعادة محاكمتهم.

واوردت اللجنة المستقلة للتحقيق في البحرين التي اصدرت الشهر الماضي تقريرا دان السلوك الحكومي القمعي خلال الربيع الفائت، انها تلقت 1624 شكوى من رجال ونساء قالوا انهم طردوا من العمل او اوقفوا عنه على خلفية الاحتجاجات.

المعارضة تدعو الى الحوار

من جانبها دعت الجمعيات البحرينية المعارضة الحكومة الى البدء في "حوار جاد" للخروج من الازمة في المملكة، كما نددت ب"حملة القمع" التي قالت ان السلطات تمارسها بحق المحتجين الشيعة المستمرين بتنظيم تظاهرات متفرقة.

واكدت خمس جمعيات معارضة ابرزها جمعية الوفاق الوطني الاسلامية التي تمثل التيار الشيعي الرئيسي في البحرين، انها "مع فتح حوار جاد مع الحكم للخروج من الأزمة السياسية الراهنة التي تلحق أضرارا فادحة بمصالح البلاد والعباد" على ان يقوم على الحوار على "تنفيذ اصلاحات سياسية ودستورية شاملة وجذرية".

وشددت الجمعيات في بيان اصدرته في اعقاب اجتماعها مساء الاحد على انه "لا يمكن القبول باي حال الحديث عن مخرجات ما أطلق عليه +الحوار الوطني+ كأساس صالح للاصلاحات المنشودة، نتيجة لخلوها من أية أصلاحات دستورية وسياسية حقيقية"، وذلك في اشارة الى الحوار الذي نظم برعاية الحكومة وانسحبت منه جمعية الوفاق.

ومن بين الجمعيات المعارضة، جمعية وعد التي ما زال زعيمها السني ابراهيم شريف في السجن مع قياديين آخرين من المعارضة بتهمة التآمر على نظام الحكم، منذ حركة الاحتجاجات التي قمعتها السلطات بالقوة في منتصف اذار/مارس.

كما استنكرت الجمعيات "بشدة حملة القمع والارهاب والبطش الجماعي الذي تمارسه الأجهزة الأمنية والعسكرية بحق المتظاهرين المسالمين وكان آخرها ما جرى في منطقة شارع البديع خلال الأيام الاربعة الاخيرة".

واعتبرت الجمعيات ان "هذا الاسلوب الهمجي في التعامل مع المطالب المشروعة ينافي بصورة صارخة كافة التعهدات الدولية للحكومة ويكشف مرة تلو الآخرى عن وجهها القمعي".

من جهته قال علي سلمان مسؤول جمعية الوفاق البحرينية الشيعية المعارضة إن المعارضة لا تلمس لدى ملك البحرين إرادة حقيقية في الدفع بإصلاح البلاد وإن الإجراءات التي تم اعتمادها إلى اليوم ما هي إلا مبادرات شكلية لا تمس الجوهر، وهدفها تأجيل الإصلاحات.

وأضاف علي سلمان أنه يجب التخلص من لغة الاتهامات للدول الأجنبية بالضلوع في الأحداث التي تعرفها البحرين والعمل في المقابل على تلبية الحاجة إلى التحول السلمي للديمقراطية

وأشار سلمان إلى أن الوسائل التي يلجأ إليها النظام السياسي في البحرين لتأجيل الإصلاح هي وسائل قد فات أوانها بعد الربيع العربي.

وحدد الأمين العام لجمعية الوفاق مسار الإصلاح أولا في المسار الحقوقي المتعلق بحقوق الإنسان وبالمسار السياسي العام الذي يفتح الباب أمام التحول السلمي للديمقراطية.

مقر جمعية "الوفاق" المعارضة

أعلنت جمعية "الوفاق" البحرينية، التي تعتبر من أكبر الجمعيات الشيعية المعارضة، أن شرطة مكافحة الشغب أطلقت الغازات المسيلة للدموع والرصاص المطاطي على مقرها بضواحي المنامة وذلك لتفريق تظاهرة.

واوضحت الوفاق في بيان ان "قوات الامن اطلقت النار مباشرة على مقر الجمعية (...) حيث كان يجتمع العديد من قادة وكوادر الجمعية". واضاف البيان ان الشرطة التي انتشرت بكثافة في الاحياء المجاورة لمنع تظاهرة من اجل الديموقراطية دعت اليها عدة حركات معارضة "اطلقت الغازات المسيلة للدموع والرصاص المطاطي" ما اوقع "العديد من الجرحى (...) بينهم اطفال".

وتابع ان العديد من الاشخاص الحاضرين في مقر الوفاق "بمن فيهم نائب الامين العام للجمعية الشيخ حسن الديهي وصحافي اميركي اختنقوا بالغازات المسيلة للدموع التي تسربت الى المقر".

وقال نائب الامين العام للوفاق الشيخ حسين الديهي "نحن شعب لا ينكسر ولا يلين وكل هذا القمع والوحشية هي مصدر قوة واصرار لاستمرارنا في طريق النضال والدفاع عن حقوقنا الوطنية".

وفي نهاية تشرين الثاني/نوفمبر انتقدت لجنة تحقيق مستقلة "الاستخدام المفرط وغير المبرر للعنف" من جانب السلطات خلال ذلك القمع الذي اسفر عن مقتل 35 شخصا هم ثلاثون مدنيا وخمسة شرطيين. واضافت اللجنة ان خمسة مدنيين قضوا تحت التعذيب.

السلطات تفرج عن مدونة

في سياق متصل قالت البحرين انها افرجت بكفالة عن مدونة شيعية وستعيد الى العمل موظفين كانوا فصلوا في اعقاب الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية التي شهدتها الجزيرة في وقت سابق من هذا العام.

وكان قد القي القبض على زينب الخواجه -وهي مدونة وناشطة في مجال حقوق الانسان- مع معصومة السيد وهي ناشطة اخرى اثناء مظاهرة احتجاج. واثار اعتقالهما احتجاجات من جماعات حقوقية.

وقال بيان حكومي ان زينب الخواجة -وهي ابنة زعيم معارض مسجون- ومعصومة السيد اطلق سراحهما لحين تقديمهما للمحاكمة.

وفي وقت سابق قالت حسيبة حاج صحراوي نائب المدير الاقليمي بمنظمة العفو الدولية في بيان ان "القبض على زينب الخواجة... يبين ازدراء السلطات التام بحرية التعبير والاحتجاج السلمي."

وقالت واشنطن ان صفقة اسلحة مزمعة بقيمة 53 مليون دولار مع البحرين ستتوقف جزئيا على أن توقف المملكة الانتهاكات بحق المحتجين التي أوردها تقرير للجنة لتقصي الحقائق تتألف من محامين دوليين عينتها الحكومة.

ملك البحرين: سوريا تدرب شخصيات بالمعارضة

على صعيد متصل قال ملك البحرين ان سوريا تدرب شخصيات بالمعارضة البحرينية ونفى حدوث انتهاكات منهجية للحقوق اثناء قمع الدولة للاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية هذا العام.

وتأتي المقابلة التي اجرتها صحيفة ديلي تليجراف البريطانية مع الملك حمد بن عيسى ال خليفة بعد يوم من اجتماعه مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي حثه على المضي قدما في المصالحة الوطنية والتحاور مع المعارضة البحرينية.

وقال الملك "لدينا ادلة على ان عددا من البحرينيين الذين يعارضون حكومتنا يجري تدريبهم في سوريا... رأيت الملفات واخطرنا السلطات السورية لكنها تنفي اي مشاركة." ولم يذكر مزيدا من التفاصيل.

وزار الملك حمد لندن يوم الاثنين بعد اسابيع من توصل تحقيق مستقل الى ادلة على انتهاكات حقوقية منهجية بالبحرين والى أن الحكام السنة استخدموا قوة مفرطة لقمع المحتجين والمعتقلين.

ويسيطر العلويون المنبثقون عن الشيعة على سوريا بقيادة الرئيس بشار الاسد. وسوريا حليفة لايران الشيعية التي تحملها البحرين منذ وقت طويل المسؤولية عن اثارة الاضطراب بين الاغلبية الشيعية في البلاد.

ويخرج شيعة البحرين في مظاهرات من حين لاخر احتجاجا على ما يرونه تمييزا في الوظائف والخدمات والتمثيل السياسي وهي تهم تنفيها الحكومة.

وقال الملك حمد "ليست سياسة وزارة الداخلية ان تذهب وتقتل الناس على الطرقات. رجال الشرطة والجنود الذين شاركوا في القتل لم يعلموا بالجانب الانضباطي للامور." واضاف انه ستتم محاسبة المخطئين. وغير الملك الشهر الماضي رئيس جهاز أمن الدولة في اطار تغييرات اخرى بعد اعلان نتائج تحقيق اللجنة البحرينية المستقلة التي رأسها حقوقيون دوليون.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 25/كانون الأول/2011 - 29/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م