أزمة اليورو... إجماع على بروكسل وبريطانيا خارج السرب

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: بالتأكيد لم تكن الازمة العاصفة التي تمر بها منطقة اليورو هذه الايام وليدة اللحظة او بسبب خطأ ما لدولة بعينها (اذ يمكن اعتبار اليونان القشة التي قصمت ظهر اليورو)، وانما مجموعة من الاخطاء الاقتصادية المتراكمة، ولعل هذا ما حاول ويحاول اتفاق بروكسل العمل عليه من اجل تجاوز اخطاء الماضي والاعداد الى مستقبل اوربي افضل، حيث سعى الاتفاق الى الاستفادة من دروس الازمة ووضع مجموعة من القوانين الاكثر صرامة وواقعية، اضافة الى جدية خطط الانقاذ والتوازن في الميزانيات العامة وفرض العقوبات التلقائية على المخالفين، وقد ايدت دول الاتحاد الاوربي هذه المعاهدة –مع بعض التحفظات- باستثناء بريطانيا العظمى، إذ قالت على لسان كاميرون إن المعاهدة فشلت في الحفاظ على صوت بريطانيا في القرارات السياسية الحاسمة ضمن السوق الأوروبية الموحدة وقطاع الخدمات المالية، واضاف كاميرون إنه اعترض على نحو فعال على الاتفاق الأصلي، فيما حاولت فرنسا والمانيا الاستمرار وتجاوز عقبة الخلاف.  

اليورو تحت الضغط

حيث تستعد منطقة اليورو من اجل مناقشة زيادة موارد صندوق النقد الدولي لكي يتمكن بعد ذلك من مساعدتها، وكذلك المفاوضات حول "اتفاقه المالي" لمواجهة ازمة الديون، والتهديد بتخفيض التصنيف الائتماني لدول عدة في منطقة اليورو ما زال يلقي بظلاله على هذين الموعدين اللذين يطمحان لوضع اطر نهائية لبعض القرارات المتخذة اثناء القمة الاوروبية الاخيرة في 8 و9 كانون الاول/ديسمبر، وقد حذرت وكالة التصنيف الائتماني ستاندرز اند بورز مطلع هذا الشهر من انها قد تخفض تصنيف 15 دولة من منطقة اليورو، وحذت حذوها وكالة فيتش التي خفضت تصنيف فرنسا الى "سلبي" وهددت بخفض تصنيف اسبانيا وايطاليا وبلجيكا وسلوفينيا وقبرص وايرلندا بحلول اواخر كانون الثاني/يناير المقبل، وعلى خلفية هذا الوضع المضطرب من الممكن ان يجتمع وزراء مالية منطقة اليورو في بروكسل، وصرح مصدر دبلوماسي اوروبي "هناك امكانية (لعقد اجتماع) لمجموعة اليورو"، مضيفا "يبقى معرفة ما اذا كان اجتماعا فعليا او عبر الهاتف"، والهدف المعلن هو احراز تقدم بشأن المساهمات في صندوق النقد الدولي التي طرحت اثناء القمة الاوروبية الاخيرة. بحسب فرانس برس.

واعلنت منطقة اليورو ودول اخرى في الاتحاد الاوروبي حينذاك انها تريد اعادة تعويم صندوق النقد الدولي بمستوى 200 مليار يورو بشكل قروض ثنائية، والفكرة تتمثل في ان تعمد مؤسسة واشنطن بعد ذلك الى تسليف دول منطقة اليورو التي تمر بصعوبات وان تتبع دول ناشئة هذا النهج من خلال المشاركة ايضا في اعادة رسملة صندوق النقد الدولي، وامهل الاوروبيون انفسهم عشرة ايام لاعطاء توضيحات بشأن هذه العملية، وقال مصدر مقرب من الملف "ان الاوروبيين ما زالوا يتناقشون في الموضوع فيما بينهم، وليس هناك امر هام في الوقت الحاضر، التوزيع يبدو معقد، كان مطروح تأمين 150 مليار يورو من منطقة اليورو و50 مليار يورو من بقية الاتحاد الاوروبي"، وقد اعطت بعض الدول حتى الان موافقتها المبدئية بدون اعلان قيمة مساهمتها، فيما لم تعلن اخرى اي موقف، من جهتها اكدت بلجيكا استعدادها للمساهمة بحدود 9،5 مليار يورو، والدنمارك بمستوى 5،4 مليار يورو والسويد بـ11 مليار يورو، اما بريطانيا فقد رفضت المشاركة في هذه القروض، وصرح متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون "لم نقطع اي تعهد معين لزيادة موارد صندوق النقد الدولي، كنا واضحين (اثناء القمة الاوروبية الاخيرة) باننا لن نساهم في هذه (القروض) بقيمة 200 مليار يورو"، وفي ما يتعلق بالامل بمشاركة الدول الناشئة في هذه العملية فان المحادثات لم تسجل بعد تقدما ملحوظ، واقر مصدر قريب من الملف "بان الالتزام الاوروبي لم يخلق دينامية لدى الدول الناشئة من اجل زيادة موارد صندوق النقد الدولي".

الى ذلك هناك ملف اخر مطروح على اجندة منطقة اليورو وهو بدء المفاوضات التقنية في ما يتعلق بالاتفاق الحكومي حول الانضباط المالي المشدد الذي تقرر اثناء قمة الثامن والتاسع من كانون الاول/ديسمبرْ، فقد اتفق القادة الاوروبيون، باستثناء رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، على اخذ العبر من ازمة الديون من خلال العمل على اتفاق يقضي بفرض قواعد بشأن اعادة التوازن الى الميزانية او جعل العقوبات المالية على الدول المتراخية اكثر تلقائية، ولتكون هذه القرارات فاعلة فان هذا الاتفاق سيأخذ شكل معاهدة بين دول منطقة اليورو ودول اخرى ترغب في الانضمام اليه، وستبدأ المحادثات بين كبار الموظفين في الحكومات الاوروبية حول تفاصيل النص في بروكسل بهدف انجاز العمل "اواخر كانون الثاني/يناير من اجل اجراء توقيع اواخر اذار/مارس" كما قال دبلوماسي اوروبي طلب عدم كشف هويته، وستتمكن بريطانيا التي استثنت نفسها من هذا المشروع اثناء القمة بحجة الدفاع عن مصالح حي الاعمال في لندن، في نهاية المطاف من حضور هذه المناقشات التقنية، فقد بذل رئيس الاتحاد الاوروبي هرمان فان رومبوي مساعي حثيثة في هذا المنحى بغية الحفاظ على تماسك تكتل الدول الـ27 المهدد والذي سيلتقي في قمة جديدة في الثالث من شباط/فبراير المقبل، لكن لندن لن تحظى سوى بـ"وضع مراقب" كما اوضح دبلوماسي اوروبي ليحد بذلك من دور البريطانيين.

منطقة اليورو على وشك الغرق

فيما شارك المدير العام السابق لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس-كان مؤخراً في بكين في منتدى اقتصادي مكرسا بذلك عودته الى الحياة العامة حيث وصف منطقة اليورو بانها "عوامة على وشك الغرق" ورفض التعليق على مشاكله الخاصة، وبعد اكثر من سبعة اشهر من المشاكل الشخصية عبر ستروس-كان عن امله في ان يستعيد في العاصمة الصينية وضعه كاخصائي في الاقتصاد الشمولي والذي تعززه خبرته كمدير عام سابق لصندوق النقد الدولي، وردا على اسئلة الصحافيين الاجانب الذين حاولوا الاستفسار عن وضعه القانوني حاليا او اختياره الصين للعودة الى الحياة العامة، رفض دومينيك ستروس كان التحدث قائلا "ليس لدي اي تعليق"، وكان المدير العام السابق لصندوق النقد الدولي اضطر للتخلي عن منصبه بعدما اتهم بمحاولة اغتصاب نافيساتو ديالو عاملة التنظيف في فندق سوفيتل في مانهاتن، واسقطت عنه الملاحقات الجنائية بخصوص هذه الافعال المفترضة لكنه لا يزال ملاحقا بموجب الحق العام كما تم التداول منذ ذلك الحين باسمه في قضية دعارة في فرنسا حين كان يتولى منصبه في صندوق النقد الدولي. بحسب فرانس برس.

وهذه القضايا ادت الى ابعاده عن الحياة العامة، وبدعوة من مجموعة نيت-ايز، احد عمالقة الانترنت في الصين، القى دومينيك ستروس-كان خطابا بالانكليزية استمر 45 دقيقة، ويبدو انه كان لدومينيك ستروس-كان والمجموعة الصينية مصالح مشتركة في هذا اللقاء، حيث ان المدير العام السابق لصندوق النقد الدولي اراد الظهور في بلد نادرا ما تطرح فيه القضايا المزعجة فيما اختارت المجموعة الصينية لمنتداها السنوي شخصية معروفة عالمي، وقال ستروس-كان "نرى الدول الاوروبية تنتقل من خطة انقاذ الى اخرى ومن قمة الفرصة الاخيرة الى اخرى لكن بدون الاقرار بالخسائر وبدون اتاحة استئناف النمو ومع الفشل في اعادة الثقة"، ثم رد على اسئلة قائلا "مع العاصفة الاخيرة، يبدو ان العوامة لم تعد مقاومة بما فيه الكفاية"، وذلك في معرض حديثه عن منطقة اليورو، مضيفا "ان واقع ان اليورو لا يزال وسط ازمة وان وحدة الموازنة لم تتحقق فان ذلك يجعله هشا جدا ويبدو ان العوامة على وشك الغرق".

حرب كلامية

الى ذلك ومن تجنب المصافحة بين ساركوزي وكاميرون في بروكسل الى مطالبة باريس بتخفيض التصنيف المالي للندن، تبدو العلاقة الفرنسية البريطانية أكثر فأكثر ضحية ثانوية لأزمة منطقة اليورو، فقد انحسر "التوافق الودي" بين باريس ولندن الذي تمثل في وحدة البلدين حيال التدخل في ليبيا والعلاقة الشخصية بين الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي و"صديقه" رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لتحل محله "حرب كلامية" فعلية، وضاعف المسؤولون الفرنسيون مؤخرا التهجم على المملكة المتحدة وهي الدولة الوحيدة في الاتحاد الاوروبي التي رفضت في اثناء قمة بروكسل مبدأ اتفاقية جديدة لتعزيز ضبط الميزانية، وصرح وزير المال الفرنسي فرنسوا باروان مؤخراً "ان وضع بريطانيا العظمى الاقتصادي مقلق جدا حاليا ونفضل ان نكون فرنسيين على ان نكون بريطانيين على الصعيد الاقتصادي"، فيما قد تخسر فرنسا تصنيفها المالي بدرجة ايه ايه ايه وهو الافضل حاليا لدى وكالات التصنيف، وكان رئيس الوزراء فرنسوا فيون صرح ان "اصدقاءنا البريطانيين اكثر مديونية منا وعجزهم اسوأ" من دون "ان تلاحظ" وكالات التصنيف ذلك، ودعا حاكم البنك المركزي الفرنسي كريستيان نواييه وكالات التصنيف الى تخفيض تصنيف المملكة المتحدة قبل التطرق الى دول منطقة اليورو، وكررت رئاسة الوزراء البريطانية رفضها هذه التصريحات متحدثة عن خطتها "الموثوقة التي اقرها الكثير من المنظمات الدولية" لالغاء عجزها العام بالكامل تقريبا في غضون خمس او ست سنوات، فيما اعتبرت الصحافة البريطانية التصريحات الفرنسية مشينة. بحسب فرانس برس.

وانهالت انتقادات الاعلام البريطاني على تسجيل فيديو يبدو فيه ساركوزي "متجاهلا" كاميرون الذي كان يمد اليد ليصافحه بعد الخلاف في بروكسل، كما علقت كذلك على ما نقلته صحيفة "لو كانار انشينيه" الساخرة الفرنسية عن ساركوزي بانه اتهم كاميرون بالتصرف مثل "ولد عنيد" في اثناء المفاوضات، ورأت صحيفة ديلي تيليغراف المخافظة انه من الواضح ان "فرنسا اعلنت حربا كلامية على بريطانيا العظمى"، غير ان باريس ولندن حاولتا تهدئة الاجواء، وشدد ساركوزي على ان خروج لندن من السوق الاوروبية الموحدة "ليس مطروحا لحسن الحظ" بالرغم من "بروز واضح لوجود شرخ في اوروبا" بعد قمة بروكسل، وقال كاميرون "بالغرم من المعلومات التي تدعي العكس، انا على علاقة ممتازة مع صديقي نيكولا ساركوزي واعتقد ان الحملة في ليبيا اثبتت ذلك"، واكد وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ان "سياسات بريطانيا العظمى وفرنسا الخارجية الحالية هي الاكثر تقاربا منذ الحرب العالمية الثانية"، في 15 ايلول/سبتمبر وقف ساركوزي وكاميرون متابطين ذراع بعضهما البعض في بنغازي لالتقاط الصور وتكريس الاطاحة بنظام معمر القذافي بعد سبعة اشهر على بدء عمليات القصف الدولية الناجمة عن مبادرة لباريس ولندن، وحتى في مجال الدفاع الاوروبي الذي يعتبر مجال تعاون مميز تبقى الخلافات بين البلدين، ففي تموز/يوليو ابدت رفضا نهائيا لفكرة انشاء رئاسة اركان دائمة للاتحاد الاوروبي الى جانب رئاسة اركان الحلف الاطلسي، وهو مشروع تدعمه فرنس، ومن المقرر ان يلتقي ساركوزي وكاميرون في مطلع العام المقبل في قمة ثنائية.

معاهدة جديدة

في سياق متصل انقسمت أوروبا في خلاف تاريخي بشأن إقامة اتحاد مالي أكثر ترابطا للمحافظة على اليورو بعد أن اتفقت أغلبية كبيرة بقيادة ألمانيا وفرنسا على المضي قدما في معاهدة منفصلة وتركت بريطانيا معزولة، ووافق 23 زعيما من زعماء الاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة على إنشاء اتحاد أكثر ترابطا يتضمن تشديد قواعد الميزانية في منطقة اليورو لكن بريطانيا قالت إنها لا يمكن أن تقبل التعديلات المقترحة على معاهدة الاتحاد الأوروبي بعد فشلها في الحصول على تنازلات لصالحه، وبعد محادثات استمرت عشر ساعات اتفقت كل الدول الأعضاء في منطقة اليورو البالغ عددها 17 بالإضافة إلى ست دول تطمح للانضمام إلى الكتلة على التفاوض بشأن اتفاق جديد إلى جانب معاهدة الاتحاد الأوروبي مع نظام أكثر صرامة للعجز والديون لحماية منطقة اليورو من أزمة الديون، وقالت السويد والمجر وجمهورية التشيك إنها تحتاج للتشاور مع برلماناته، وقالت داليا جريباوسكايتي رئيسة ليتوانيا عند وصولها للمشاركة في اليوم الثاني من ثامن قمة أوروبية تعقد لمناقشة الأزمة هذا العام "ليست أوروبا بل البريطانيون هم المنقسمون، وهم خارج صناعة القرار، أوروبا متحدة".

وقال دبلوماسي كبير في الاتحاد الأوروبي إن الأساليب التفاوضية لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون "خرقاء"، ووصف رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي القرار بأنه خطوة للأمام نحو تشديد قواعد الميزانية الذي قال إنه أمر ضروري إذا أرادت منطقة اليورو أن تصبح أكثر قوة بعد عامين من اضطرابات الأسواق، وقال دراجي "سيكون هذا هو الأساس لإحكام الميزانية وزيادة الانضباط في السياسة الاقتصادية لدى أعضاء منطقة اليورو"، وأضاف "توصلنا إلى نتائج يجب تحديد تفاصيلها خلال الأيام المقبلة"، وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إنها راضية جدا عن القرارات، وأضافت أن العالم سيرى أن أوروبا تعلمت من أخطائها وتجنبت "تسوية رديئة"، وقالت ميركل أقوى قائد في أوروبا إنها لم تتخل عن الأمل في أن توافق بريطانيا في نهاية المطاف على تغيير معاهدة الاتحاد الأوروبي لإرساء قواعد مشددة لضبط الميزانيات، وسيكون الدعم النشط من البنك المركزي الأوروبي حيويا في الأيام القادمة نظرا لأن الأسواق تشك في قدرة إجراءات الحماية المالية الأوروبية على تأمين اقتصادات مثل ايطاليا واسبانيا التي يتعين عليها مد آجال ديون بمئات مليارات اليورو في العام المقبل

وقالت وزيرة شؤون أوروبا في أيرلندا لوسيندا كريتون إن دبلن والعديد من الدول الأعضاء تتوقع أن يكون المركزي الأوروبي أكثر مبادرة في تعامله مع أزمة الديون في الأسابيع المقبلة، وقال متعاملون إن المركزي الأوروبي اشترى سندات ايطالية لتهدئة الأسواق، وقالت كريتون إن هناك احتمالا بنسبة 50 بالمئة أن تضطر أيرلندا لإجراء استفتاء بشأن التصديق على معاهدة الاتحاد المالي، وكانت ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يتطلعان لموافقة جميع دول الاتحاد الأوروبي على تغيير معاهدة لشبونة حتى يتسنى إدراج القواعد المشددة للميزانيات والديون المتعلقة بدول منطقة اليورو في معاهدة الاتحاد، لكن بريطانيا التي ليست عضوا في منطقة اليورو رفضت هذه الخطوة وقالت إنها تريد ضمانات ضمن بروتوكول يحمي قطاع الخدمات المالية البريطانية الذي يشكل عشر الاقتصاد البريطاني تقريب، ووصف ساركوزي طلب كاميرون بأنه غير مقبول، وألمح كاميرون إلى أن لندن قد تحاول منع الدول الأخرى من استخدام المفوضية الأوروبية وهي الذراع التنفيذية للاتحاد بالإضافة إلى محكمة العدل الأوروبية قائلا "بالطبع مؤسسات الاتحاد الأوروبي هي للاتحاد الأوروبي، هي للدول السبع والعشرين"، وخلال القمة قرر الزعماء أيضا ان يحد حجم صندوق الانقاذ الدائم لمنطقة اليورو عند 500 مليار يورو (666 مليار دولار) كما أصرت الماني، ولن يحصل الصندوق على صلاحيات بنك وهو ما كان من شأنه ان يتيح له السحب من أموال البنك المركزي الأوروبي لزيادة حائط الحماية وهي خطوة أخرى اعترضت عليها ألمانيا.

هل ستطيح أزمة الديون باليورو؟

من جهتها دفعت الأزمة الاقتصادية الراهنة بخمس حكومات أوروبية إلى الزوال بعد أن لم تنجح أزمات سابقة متنوعة الأشكال في الإطاحة بها، فرادى أو مجتمعة، هذا الواقع ووقائع أخرى، جعلت احتمال بحث خروج بلد أوروبي ما من العملة الأوروبية المشتركة، أمرا واردا يطرح بشكل صريح، بعد أن كان مجرد طرح الفكرة في بداية الأزمة الاقتصادية يثير الهلع أوروبي، غير انه، وبعد أن باتت العملة الموحدة تطرح على المنضوين تحت لوائها الكثير من المشكلات وبشكل متزايد، إلى حد دفع بعض الأوساط لأن تتوقع، ألا يتخطى اليورو عتبة العام الجديد، فالانسحاب من اليورو يبدو أمرا معقدا للغاية كما أن كلفة الخروج من اليورو ستكون أغلى بكثير من كلفة الأزمة المالية، فحسب الخبير الاقتصادي الدكتور اشرف العيادي "فإن الخروج من "منطقة اليورو" اليوم هي عملية مكلفة جد، وخروج اليونان مثلا من "منطقة اليورو" سيكلفها 45 بالمئة من ناتجها القومي الخام، كذلك خروج فرنسا أو ألمانيا أو أي بلد أوروبي آخر ستكون كلفته غير بعيدة عن هذه النسبة، ويضيف الدكتور اشرف العيادي أن "المشكلة في "منطقة اليورو" ليست اليورو وإنما المشكلة هي الهيكل العام وهندسة "منطقة اليورو" على المستوى القانوني، وبالتالي فإن الحديث عن الخروج من "منطقة اليورو" لا ينفصل عن الحديث عن إعادة النظر في المعاهدات القائمة بين مختلف البلدان الأوروبية بما فيها معاهدة لشبونة وماسترخت، وإذا كان التشاؤم بشأن اليورو بعد أكثر من اثني عشر عاما على ولادته، يسود الموقف حاليا ويزداد التعثر في أكثر من بلد أوروبي وفي غياب أي حل للازمة وسعيا للحد من الأضرار تعمل فرنسا وألمانيا حاليا على عدة خيارات لإصلاح العملة الموحدة والخروج من الأزمة ومنها التوجه تدريجيا نحو "منطقة يورو" بسرعتين كما يقول الخبير الاقتصادي الدكتور اشرف العيادي أي "منطقة يورو" أولى قوية فيها بلدان مندمجة على المستوى الاقتصادي وتحترم قواعد متشابهة اجتماعيا وضريبيا وكذلك على مستوى ميزانية الدولة، و"منطقة يورو" ثانية مهمشة أكثر هشاشة وغير قادرة لوحدها على مواجهة الأسواق العالمية إلا بدخولها للمنطقة الأولى".

دور صندوق النقد الدولي

من جهة اخرى قالت كريستين لاجارد رئيسة صندوق النقد الدولي ان الصندوق يلعب دورا الكواليس لحل أزمة الديون الاوروبية لكنه مستعد لتقديم قروض للاقتصادات الاوروبية التي تواجه صعوبات اذا طلب منه ذلك، وحثت لاجارد -التي زارت البرازيل في نهاية جولة في أمريكا اللاتينية للدعوة الى زيادة التعاون الدولي للتصدي للاضطرابات المالية العالمية- أوروبا على التحرك بسرعة للتوصل الى حل "جماعي وشامل" لديون المنطقة ومشكلات الميزانية، وقالت انه اذا لم تقم أوروبا بذلك فانها قد تسقط في "عقد ضائع" كعقد الثمانينات في أمريكا اللاتينية حين تسببت حالات التخلف عن سداد الديون في البرازيل والمكسيك ودول اخرى في ركود اقتصادي، وقالت لاجارد التي كانت تتلقى اسئلة من جمهور من الاقتصاديين ورجال الاعمال البرازيليين في برنامج تلفزيوني ان على اوروبا أن تتصدى للازمة "باحكام السياسة المالية واصلاحات هيكلية"،

وأضافت قائلة "ما نحتاج أن نراه هو احكام السياسة المالية بشكل ثابت وراسخ ولا يمكن الرجوع عنه". بحسب رويترز.

وسئلت لاجارد لماذا لا يبذل صندوق النقد الدولي مزيدا من الجهود لاخماد الاضطرابات في أوروبا عن طريق تقديم خطوط ائتمان طارئة للاقتصادات المثقلة بالديون مثل ايطاليا واسبانيا فقالت ان الصندوق مستعد للمساعدة اذا طلب منه ذلك، وقالت "على حد علمي لم يطلب ذلك، أنا سعيدة جدا اذا لعب صندوق النقد الدولي دور، لكن بطريقة فعالة وليس بالضرورة بطريقة ظاهرة"، ولم تتطرق لاجارد الى تقارير بأن صندوق النقد الدولي بدأ مناقشات أولية مع ايطاليا بشأن مساعدة مالية للحكومة الايطالية لمواجهة أزمة ديون منطقة اليورو، ويبذل الزعماء الاوروبيون جهودا حثيثة لوضع حد لازمة الديون التي يتسع نطاقها والتي تؤثر سلبا على النمو العالمي وقد تؤدي الى انهيار منطقة اليورو التي تضم 17 دولة، وتدرس الدول الاوروبية توجيه مزيد من الموارد الى صندوق النقد للمساعدة في التصدي للازمة وهي فكرة اقترحتها البرازيل في البداية في اطار جهودها لتعزيز نفوذها في صندوق النقد وحماية اقتصاده، وقالت لاجارد ان الازمة عززت دور الاقتصادات الناشئة على الساحة العالمية لكنها قد تدفع بعض الاقتصادات الى اتخاذ اجراءات حمائية.

خطر حقيقي

بدوره حذر المستشار النمسوي فيرنر فايمان من ان هناك خطرا حقيقيا لان تتفكك منطقة اليورو ما لم تنفذ المجموعة قواعد جديدة وتتقيد به، وقال فايمان في مقابلة مع صحيفة كرون النمسوية اذيعت مقتطفات منها مؤخراً "عندما لا يكون بمقدورنا ايجاد المزيد من الشروط والقواعد الاساسية والحفاظ عليها فان دولا كثيرة في منطقة اليورو لن يصبح بمقدرها دفع اسعار الفائدة المرتفعة جدا للسندات السيادية"، وسئل المستشار النمسوي عن احتمالات تفكك مجموعة اليورو فقال "النتيجة التالية ستكون أنك لن تجد أحدا يشتريها (السندات السيادية)، وعندئذ فان منطقة اليورو ستضطر للتفكك بسبب هذ، انه خطر حقيقي جدا". بحسب رويترز.

فيما قالت مسؤولة كبيرة في وزارة الخارجية الصينية انه لا يمكن أن تتوقع أوروبا أن تستخدم الصين جزءا كبيرا من احتياطياتها الاجنبية البالغة 3.2 تريليون دولار لانقاذ الدول الاوروبية المدينة وهو أقوى رد من الصين حتى الان على تلميحات بأنه ينبغي عليها انقاذ منطقة اليورو، وقالت فو يينغ نائبة وزير الخارجية خلال منتدى ان القول بأن الصين ينبغي أن تنقذ أوروبا ليس له أساس وان الاوروبيين ربما أساءوا فهم الطريقة التي تدير بها الصين احتياطياته، ولم تستبعد المسؤولة صراحة أن تستخدم الصين جزءا من احتياطياتها في اجراءات أكثر تحديدا لكنها أشارت الى أن بلادها لن تتدخل بجزء كبير من احتياطياتها لانقاذ أوروبا التي تواجه أزمة، وقالت فو "لا يمكننا استخدام هذه الاموال محليا لتخفيف الفقر، كما لا يمكننا أخذ هذه الاموال الى الخارج لدعم التنمية"، ويعتقد خبراء اقتصاديون أن بكين استثمرت بالفعل خمس احتياطياتها في أصول مقومة باليورو.

انقراض التجارة التقليدية

على صعيد مختلف، المكتبة ذائعة الصيت ومخبز تاريخي ومتجر لبيع قبعات قديمة، مجرد عينة من المتاجر التقليدية في روما محكوم عليها بـ"الانقراض" جراء الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ عامين، ويشكو رودريغو دياس (70 عاما) قائلا "خسرت مئات آلاف اليوروهات"، قائلا "أنا أستسلم"، ودياس صاحب مكتبة "ليبريريا كروشيه" التي كانت تعتبر أكبر المكتبات في المدينة الخالدة عند افتتاحها في العام 1945، لكنها اضطرت إلى إغلاق أبوابه، بحسب دياس "انخفض رقم أعمالنا في تشرين الأول/أكتوبر بنسبة 50% مقارنة مع الشهر نفسه في العام الماضي، نحن نعاني من المشاكل منذ أزمة العام 2008، لكن العام 2011 كان الأسوء ومن المتوقع أن يكون العام 2012 أكثر سوءا"، ويشدد قائلا "أعمل في هذا المجال منذ 40 عاما، ولم أشهد قط وضع أكثر صعوبة"، ويخبر أن "مشبوهين" عرضوا عليه قرضا من دون فائدة للابقاء على نشاطه، "لا أحد يعلم ماذا كانوا ليطلبوا مني لو فعلت، لكنني بقيت صامدا"، وشجبت إتحادات محلية للمقاولين تدخل مجموعات من المافيا مع كثير من الأموال، في النسيج الاقتصادي للعاصمة التي ترزح تحت وطأة الأزمة، ويخشى عدد كبير من التجار أن يتحول وسط روما التاريخي إلى مجموعة من المتاجر التابعة لسلاسل كبيرة وإلى مطاعم مخصصة للسياح، في حين أن الإيطاليين يتسوقون أكثر فأكثر في المراكز التجارية الواقعة على أطراف العاصمة، بحسب الاتحاد الوطني للحرفيين، تغلق يوميا 7 شركات صغيرة ومتوسطة أبوابها في روما والمحيط نتيجة ارتفاع أسعار الإيجارات وصعوبة الحصول على تمويل مصرفي بالإضافة إلى التراجع الذي يسجل على صعيد إنفاق الإيطاليين. بحسب فرانس برس.

وتفيد دراسة أعدتها جمعية التجار الصغار "كونفسيرشنتي" أن 64% من الإيطاليين سوف يقتطعون من مصاريفهم في زمن الأعياد، حتى أن 22% سوف يخفضونها إلى النصف مقارنة مع العام 2010، ويرى لورنزو تاغليافانتي رئيس فرع روما في الاتحاد الوطني للحرفيين أن هذه "أزمة غير مسبوقة أساء تقديرها المسؤولون السياسيون، هي أزمة جارفة"، وكان التجار والحرفيون قد تظاهروا خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر في روما، وألقوا رمزيا بمفاتيح محالهم للاحتجاج على الوضع القائم، أما رئاسة البلدية فقد ردت على قلق التجار بسلسلة اقتراحات، أحدها يقضي بفرض قيود على فتح المراكز التجارية في المدينة، أربعة منها سبق وأنجزت في حين من المتوقع أن يستقر 16 مركزا آخر خلال الأشهر المقبلة، وقد أعلن حينها رئيس بلدية روما جياني أليمانو "نحن نعتبر الشركات الصغيرة والمتوسطة أساسية، فهي تساعد في الإبقاء على علاقات الجوار حية في المدينة"، والتجار لا يتعرضون بمفردهم لهذه الأزمة، فالحرفيون الذين ساهموا في إعلاء سمعة المدينة الخالدة يعانون أيض، ويخبر دينو بارتوتشي (64 عاما) وهو صاحب مخبز "إيل فورنو" المشهور الواقع بجوار حي كامبو دي فيوري في وسط روما، "طلبت قرضا بقيمة 20 ألف يورو، لكن المصرف طلب مني مستندات كثيرة، فتراجعت عن الأمر، وهذا أمر لا يصدق، عندما أفكر في الضمانات التي أتمتع بها وبأنني أعمل مع المصرف ذاته منذ 40 عاما"، ويرى بارتوتشي الذي يترأس أيضا نقابة الخبازين الإيطالية "البيروقراطية تخنقن، أصبح الأمر لا يحتمل، لكن مع دعم بسيط يمكننا أن ننهض. وإذا تمكن المقاولون من النهوض، فإيطاليا هي التي ستنهض".

اخطار تفكك اليورو

من جانبه قال الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الاركان الامريكية المشتركة انه يعتقد ان منطقة اليورو تواجه خطرا كبيرا وحذر من ان اي تفكك قد تكون له عواقب على وزارة الدفاع الامريكية بل ويهدد اكبر برامجها للاسلحة، وقال ديمبسي انه التقى مع بن برنانكي رئيس مجلس الاحتياطي الاتحاد الامريكي لمدة ساعتين بعد زيارة لمقر مجلس الاحتياطي الاتحادي في نيويورك الشهر الماضي، ويبدو ان تصريحاته تعكس الى حد ما ما عرفه خلال تلك الجلستين وهو جزء من محاولة ديمبسي للتعرف على القضايا الاقتصادية العالمية التي من المرجح ان تحدد قرارته كرئيس لهيئة الاركان الامريكية وهو المنصب الذي تولاه في سبتمبر ايلول، وقال ديمبسي خلال حفل استضافه المجلس الاطلسي وهو معهد بحثي مقره في واشنطن ان "منطقة اليورو في خطر كبير، "اعرف انهم اتخذوا بعض الاجراءات هنا مع الاعضاء السبعة عشر بمنطقة اليورو في محاولة لتحسين التنظيم واظن ان العبارة الملائمة هي السياسة النقدية والمالية، ولكن من غير الواضح بالنسبة لي على الاقل ان هذا ستكون الوسيلة التي تجعلها تتماسك (منطقة اليورو)مع بعضها بشكل فعلي". بحسب رويترز.

واعترف ديمبسي انه لا توجد لديه خبرة في الامور الاقتصادية وان من النادر ان يعلق رئيس لهيئة الاركان الامريكية المشتركة بهذا الاسهاب على قضايا اقتصادية، ولكن ديمبسي اشار الى ان جزءا من قلقه هو ان الجيش الامريكي قد يتعرض لخطر من اي تفكك لمنطقة اليورو، وقال "بسبب احتمال نشوب اضطرابات اهلية وتفكك الاتحاد الذي كان قائما هناك"، ولم يدل بتفصيلات بشأن المخاوف من حدوث اضطرابات اهلية ولكن خبراء يشيرون الى احتمال اندلاع اعمال شغب وندرة وسحب للاموال من البنوك في حالة تفكك منطقة اليورو، وللولايات المتحدة اكثر من 80 الف جندي في اوروبا واكثر من 20 الف موظف مدني، واشار ديمبسي الى برنامج المقاتلة جوينت سترايك اف-35 وهي اكثر برامج الاسلحة تكلفة بالنسبة لوزارة الدفاع الامريكية والتي تقوم الولايات المتحدة بتطويرها مع شركاء من بينهم بريطانيا وايطالي، وقال ان اي ازمة في اوروبا اذا كانت خطيرة بما يكفي فقد تجبر الحلفاء على اعادة توزيع الانفاق الذي كان مخصصا للطائرة اف-35، وهذا بدوره قد يرفع تكلفة الطائرات التي تصنعها امريكا بمفردها في وقت يتم فيه تقليص ميزانيات وزارة الدفاع الامريكية.

حول اتفاق بروكسل

من جانب اخر توصل الزعماء الأوروبيون في بروكسل، إلى اتفاق جديد يهدف إلى إنهاء شهور من عدم اليقين بشأن مستقبل اليورو، وحل أزمة الديون المتصاعدة التي دفعت عدة اقتصادات إلى حافة الانهيار.

1.ما الذي تم الاتفاق عليه بالضبط؟

يبرز "الاتفاق المالي" الخطوط العريضة لتكامل أوثق بين الميزانيات الوطنية لـ17 دولة في منطقة اليورو، وسيتم فرض إطار قانوني جديد وتدقيق مالي أكبر لتجنب تكرار الممارسات المالية المريبة التي تسببت في الأزمة، والاتفاق أيضا يعزز الآليات التي تضمن الاستقرار على المدى القصير لاقتصاديات اليورو.

النقاط الرئيسية للاتفاق هي:

- الإطار القانوني الذي وقعت عليه الدول الأوروبية يعطي السيطرة المركزية الأوروبية المزيد من التحكم بالقرارات الاقتصادية السيادية لكل دولة.

- وبموجب الاتفاق الجديد، يجب أن تقدم لدول منطقة اليورو ميزانيات "متوازنة"، ومصممة لضمان عدم تكرار ما حدث في الإسراف في الإنفاق والضرائب التي تركت اليونان في حاجة إلى الإنقاذ، وتهدد كل الدول الاوروبية بلا استثناء، مع وجوب الإبلاغ عن خطط الديون الوطنية مقدما.

- سيتم على مراحل وحتى منتصف عام 2013، السيطرة على مؤسسة الاستقرار المالي الأوروبية، وهي شبكة الأمان المالي التي أنشأتها أوروبا العام الماضي بقصد مكافحة الأزمة.

- تم تفعيل صندوق إنقاذ منطقة اليورو في عام 2012، وسيتم تشغيله جنبا إلى جنب مع الصندوق الحالي لمدة عام تقريبا.

- منطقة اليورو وغيرها من دول الاتحاد الأوروبي تعمل على خطط لقرض يصل إلى 200 مليار يورو لدعم صناديق الطوارئ التابعة لصندوق النقد الدولي، وسوف يتخذ القرار في غضون 10 أيام.

- سيتم تغيير قواعد التصويت في آلية الاستقرار الأوروبي للسماح لتمرير قرارات طارئة بغالبية 85 في المائة، في محاولة للابتعاد عن الجمود الذي أعاق عمليات الإنقاذ في وقت سابق.

2.من أين ستأتي الأموال؟

أموال الإنقاذ ستأتي من بيع سندات مضمونة من قبل دول منطقة اليورو، ويتم شراء هذه السندات من قبل مجموعة المستثمرين، يمكن أن تشمل دول مثل اليابان، في مقابل الفائدة، ومن ثم فإن الأموال التي تم جمعها من السندات ستقرض لدول منطقة اليورو المتعثرة، وقد أنشئ صندوق الإنقاذ الأوروبي على عجل بعد محاولات إنقاذ اليونان في مايو/أيار 2010، وكان المقصود أن يكون مؤقت، غير أن قدرته الإقراضية تعززت من 250 مليار يورو، لتصبح 440 مليار يورو.

3.ما هي العقوبات التي ستفرض على الدول التي تخرق الاتفاق الجديد؟

يقول الاتفاق إن هناك "عواقب تلقائية" ستتعرض لها الدول غير الملتزمة بما في ذلك احتمال فرض عقوبات عليها إذا ما تجاوز سقف العجز في الميزانية حاجز 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وفرض عقوبات مالية تدريجية على تلك البلدان التي تنتهك هذه التشريع وتتخطى السقف المسموح.

3.ما هي العواقب بالنسبة للأسواق المالية؟

تباينت ردة فعل الأسواق العالمية بعد أن تم كشف النقاب عن الاتفاق، إذ يقول المحللون إن الوقت وحده كفيل بمعرفة مدى نجاح الاتفاق، ويمكن للخطة تلك جلب الاستقرار على المدى القصير ولكن التجربة السابقة بشأن تخفيف أزمة اليورو توضح أن هدوء الأسواق أيضا يمكن أن يكون قصير، وتقول اليزابيث أفسيث المحللة بشركة "إيفوليوشن سيكيوريتز،" إن نجاح الاتفاق يعتمد على ما إذا كانت الأسواق تصدق فعلا أن ساسة أوروبا سوف يتمسكون بتشديد الرقابة المالية.

3.وهل وافق الجميع على الاتفاق؟

لا لم يوافق الجميع، لقد كانت المحادثات مشحونة، والنتيجة أن الصفقة هذه يمكن أن تصبح واحدة من القضايا المثيرة للانقسام بين دول لاتحاد الأوروبي الـ27 أكثر من أي وقت مضى، بعض دول الاتحاد الأوروبي رفضت التنازل عن مزيد من الصلاحيات للسلطات الاتحاد الأوروبي المركزية، وهددت بالانسحاب، البعض يقول إن هذا سوف يؤدي إلى وجود مستويين في الاتحاد الأوروبي.

4.من الذي وافق، ومن الذي رفض؟

وقعت جميع دول منطقة اليورو الـ17 وستة دول أخرى من دول الاتحاد الأوروبي من خارج منطقة اليورو على الاتفاق، وفي البداية ساور الشك أربع دول، قالت إن الاتفاق يجتاح بعض الأسس التي أقيم عليها الاتحاد الأوروبي، وأبلغ رئيس الوزراء السويدي فريدريك راينفيلدت بأنه ليس لديه تفويض لتغيير المعاهدة، ولكن، إلى جانب المجر وجمهورية التشيك، قال إن بلاده ستترك الباب مفتوحا، في انتظار مناقشة برلمانية، أما بريطانيا، يقودها رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، كانت الوحيدة من بين دول الاتحاد الأوروبي التي رفضت التوقيع، إذ قال كاميرون إن المعاهدة فشلت في الحفاظ على صوت بريطانيا في القرارات السياسية الحاسمة ضمن السوق الأوروبية الموحدة وقطاع الخدمات المالية، وقال كاميرون إنه اعترض على نحو فعال على الاتفاق الأصلي، ما اضطر المستشارة الألمانية انجيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى المضي قدما في المعاهدة التي ستكون خاضعة للوائح الاتحاد الأوروبي. بحسب سي ان ان.

5.هل هذه هي بداية النهاية للاتحاد الأوروبي كما نعرفه؟

كشف محاولات إقرار الاتفاق عن انقسامات عميقة بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، أبرزها بريطانيا وبقية الكتلة، وهذا يمهد الطريق لسلسلة من التحديات القانونية، فبريطانيا تسعى جاهدة لضمان أن الاتفاق الجديد لا يؤدي إلى إعادة هيكلة بالجملة للاتحاد الأوروبي، ومع إصرار بريطانيا على أن يعمل الاتفاق بعيدا عن آليات الاتحاد الأوروبي، يمكن أن تكون هناك رغبة بين بقية أوروبا لإدارة ظهرها للمملكة المتحدة، وتركيز الموارد داخل ناديها الجديد.

6.إذن، هل حل هذا الاتفاق الأزمة؟

لم تنته الأزمة الأوروبية حتى الآن، فالمعاهدة الجديدة ليست نهائية حتى نهاية شهر مارس/آذار عام 2012، وبعد ذلك ينبغي التصديق عليها من قبل جميع الدول المشاركة، وبعيدا من محاولات بريطانيا والمجر والسويد وجمهورية التشيك لعرقلتها، فإن نظرة قاتمة للاتحاد الأوروبي واليورو لا تزال كامنة في الأفق، ومن الناحية المثالية، فإن الجميع سيلتزم بالقواعد الجديدة، وسيتم منح البلدان التي تتطلب عمليات إنقاذ الطارئة المساعدة، والسماح للاتحاد الأوروبي لتجاوز مشاكل ديونه ببطء، والخطر هو أنه مع تدابير التقشف التي لا تحظى بشعبية سياسية، فإن تشديد الرقابة على الاقتراض الحكومي الجديدة سيصبح غير قابلة للتطبيق، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تبخر ثقة المستثمرين، وانهيار البنوك المكشوفة على الديون، وإفراغ خزائن الحكومة، وانخفاض أسواق الأسهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 24/كانون الأول/2011 - 28/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م