الاتحاد الخليجي الموعود... تحديات داخلية أم مخاطر إقليمية؟

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: كشفت القمة الخليجية الأخيرة التي عقدت في السعودية حجم الاضطرابات والقلق الذي يكتنف قادة تلك الدول، وتحديدا إزاء الحراك الشعبي والرغبة المتفاقمة لدى المجتمعات الخليجية في التغيير الى الديمقراطية أسوة بدول العالم المتحضرة. على الرغم من عدم الكشف عن تلك الهواجس المرعبة لحكام الخليج.

فيما سعى الشيوخ والأمراء في قمتهم الى اعتماد مفهوم تصدير الازمة، وذلك عبر التلويح بالأخطار الخارجية التي تحيط بدولهم على حد ما يزعمون، عبر الاشارة الى ما الى ما بات يعرف بخطر المد الايراني من جهة، والتحديات العراقية من جهة أخرى.

فهل سيستطيع أمراء الخليج ان يكبحوا من خلال اتحادهم الموعود رغبة التغيير الجامحة في مجتمعاتهم؟ أم سيسعون الى اكثر من ذلك عبر الادوار المشبوهة الذي يلعبونه في الحاق الاذى بالشعوب العربية والاسلامية المجاورة والاقليمية على حد سواء؟

الوحدة لمواجهة تهديدات ايران

فقد رحب زعماء دول الخليح العربية بدعوة السعودي الملك عبد الله الى ضم الصفوف في "كيان واحد" فيما بدا انه محاولة لتشكيل جبهة موحدة أقوى بعد تلميح الى تهديدات ايرانية. وقال العاهل السعودي ان امن بلاده ودول الخليج العربية الاخرى مستهدف مشيرا فيما يبدو الى ايران ودعا دول مجلس التعاون الخليجي الى "تجاوز مرحلة التعاون الى مرحلة الاتحاد لتشكل دول المجلس كيانا واحدا."

ويتضمن ميثاق تأسيس مجلس التعاون الخليجي في عام 1981 هدف تحقيق وحدة أقوى لكن الانتفاضات الحاشدة التي اعادت تشكيل توازن القوى في الشرق الاوسط والمخاوف من ايران اعطت لهذا الهدف قوة دافعة.

وقال مسؤولون ان المشاركين في اجتماع دول مجلس التعاون الخليجي الذي استمر يومين بحثوا الموضوع بصفة غير رسمية وتعهدوا بدراسة ورفع تقرير بحلول مارس اذار دون ان يحددوا ما هي الخطوات الملموسة التي قد تتخذ.

وطالبت دول مجلس التعاون الخليجي بأن تنفذ سوريا على الفور خطة السلام التي أعدتها الجامعة العربية التي وقعتها لانهاء حملة العنف ضد المحتجين المناهضين للحكومة.

وقال الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي الذي تضطلع بلاده بدور بارز في مجلس التعاون الخليجي انه يتعين على سوريا قبول خطة جامعة الدول العربية التي وقعتها دمشق والتي تدعو الى سحب القوات من المراكز السكانية والافراج عن السجناء وبدء حوار مع قوى المعارضة.

وقال الامير سعود الفيصل ردا على سؤال بشأن توقيع سوريا على بروتوكول لتنفيذ خطة الجامعة العربية ان هذه الخطوات يجب أن تنفذ فورا اذا خلصت النوايا. بحسب رويترز.

وتعهد مجلس التعاون الخليجي في أول قمة يعقدها منذ ان اجتاحت الاحتجاجات العالم العربي هذا العام بتكامل عسكري وأمني أوثق في البيان الختامي الذي أذيع في التلفزيون السعودي.

وجاء في البيان أن الزعماء وافقوا على مبادرة العاهل السعودي "لتجاوز مرحلة التعاون الى مرحلة الاتحاد لتشكل دول المجلس كيانا واحدا يحقق الخير ويدفع الشر استجابة لتطلعات مواطني دول المجلس ومواجهة التحديات التي تواجهها."

ولكن البيان لم يذكر صراحة ايران التي يتهمها زعماء دول الخليج باذكاء الاضطرابات في البحرين التي أخمدتها قوة تدخل مشتركة من مجلس التعاون الخليجي. لكن محللين قالوا ان ذلك التحرك -وكذلك تصريحات الملك عبد الله التي اجتذبت تصفيقا من الوفود يوم الاثنين- جاء ردا على ما يعتبر تهديدا من ايران والانتفاضات العربية.

ولم تتحقق بعد اقتراحات لاقامة اتحاد جمركي وعملة موحدة وقيادة عسكرية مشتركة ولكن الدول شكلت قوة مشتركة صغيرة أرسلت جنودا الى البحرين في فبراير شباط الماضي بطلب من حكامها.

وكانت دول الخليح قالت في مايو ايار ان المغرب والاردن وهما نظامان ملكيان اخران عربيان قد ينضمان الى مجلس التعاون الخليجي. وتعهدت الدول الخليجية اليوم الثلاثاء بتقديم 2.5 مليار دولار في صورة مساعدات تنمية لكل من الدولتين.

وقال محلل اقتصادي طلب عدم نشر اسمه "في هذه المرحلة كل شيء يجب ان يتعلق بالامن. هاتان المملكتان في المحيط الاوسع للمنطقة ويريد الخليج دعمهما من اجل المحافظة على وضع السلطة بهما." وقال الامير سعود ان الدول الخليجية ستقدم ايضا مساعدات الى اليمن.

واجتمع وزير الخارجية اليمني ابو بكر القربي مع نواب وزراء مالية دول الخليج العربية للحصول على دعم في مجال التنمية وقال للصحفيين ان التوقعات كبيرة. وزادت التوترات بين القوتين الكبيرتين في الخليج ايران والسعودية في الاشهر الاخيرة. وتشتبه السعودية منذ فترة طويلة في وجود طموحات توسعية لدى ايران بعد تشكيل حكومة يتزعمها الشيعة في العراق كما تشتبه في ان طهران تحاول صنع قنبلة نووية.

واشارت ايضا الى مزاعم الولايات المتحدة بأن ايران ساندت مؤامرة لاغتيال السفير السعودي في واشنطن كدليل على هدف طهران زعزعة استقرار المنطقة. وقال الامير سعود اليوم الثلاثاء انه يتعين على العراق ان يوضح سياساته مع الدول الاخرى في المنطقة بعد رحيل اخر قوات امريكية من العراق هذا الشهر. ولا توجد سفارة للسعودية في بغداد.

ميناء مبارك

فيما اعلن قادة دول مجلس التعاون الخليجي دعمهم الكويت في خلافها مع بغداد حول تشييد ميناء مبارك الكبير في حين دعا وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل العراق الى "توضيح سياسته".

واكد القادة في ختام قمتهم العادية في الرياض "دعم موقف الكويت بشأن إنشاء ميناء مبارك الكبير باعتباره يقام على ارض كويتية وضمن مياهها الاقليمية، وعلى حدود مرسومة وفق قرارات الامم المتحدة".

وكان انشاء الكويت لميناء مبارك الكبير في جزيرة بوبيان اثار غضب العراق الذي يعتبر ان موقع انشاء الميناء سيعوق وصوله الى مياه الخليج التي تعد منفذه الرئيسي لبيع نفطه، وهي الاتهامات التي رفضتها السلطات الكويتية.

وشدد القادة في بيانهم الختامي على "ضرورة استكمال العراق تنفيذ كافة قرارات مجلس الامن الدولي ومنها الانتهاء من مسألة صيانة العلامات الحدودية (...) والتعرف على من تبقى من الاسرى والمفقودين واعادة الممتلكات والارشيف الوطني" الكويتي.

كما جدد القادة مواقفهم تجاه العراق و"احترام استقلاله ووحدة اراضيه وسلامته الاقليمية، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية تجنبا لتقسيمه". ودعوا "كافة الاطراف والمكونات السياسية في العراق الى تحمل مسؤولياتهم لبناء عراق آمن موحد مستقر ومزدهر بعد الانسحاب الاميركي".

وفي هذا السياق، قال الفيصل خلال مؤتمر صحافي ردا على سؤال حول الانسحاب الاميركي من العراق ان هذا الامر "شأن اميركي عراقي، أما ما سيلي ذلك من ردود فعل وتفاعلات، فلا نعلم كيف ستكون الامور". واضاف "اعتقد انه بالسرعة الممكنة، لا بد ان يوضح العراق سياسته تجاه دول المنطقة حتى تستطيع ان تتجاوب معه بالشكل المطلوب".

الموقف العراقي

من جهته صرح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الاربعاء ان الموقف الخليجي الاخير الذي دعا العراق الى توضيع سياسته تجاه دول المنطقة للانفتاح عليه "ايجابي"، مؤكدا الاستعداد للتعاون مع دول المنطقة.

وقال المالكي في مؤتمر صحافي في بغداد ان "التصريح ايجابي (...) وفهمت انه نريد ان نرى سياسة العراق الاقليمة لكي نفتح صفحة جديدة".

ويشير المالكي بذلك الى تصريح وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في ختام القمة الخليجية "اعتقد انه بالسرعة الممكنة، لا بد ان يوضح العراق سياسته تجاه دول المنطقة حتى تستطيع ان تتجاوب معه بالشكل المطلوب".

واكد المالكي "ليس لدينا اي مانع، سياستنا الاقليمية واضحة واذا اراد الاخوة في مجلس التعاون الخليجي ان يتعرفون عليها تفصيليا، فنحن نرحب بهم رغم انها (السياسة الاقليمية) واضحة". واضاف ان "سياتنا الخارجية وعلاقاتنا الخارجية واضحة، وسياستنا تجاه الجامعة العربية واضحة، ونحن مع الاجماع ومع منظمة المؤتمر الاسلامي ومع العلاقات الثنائية الموجودة في المنطقة".

وقال المالكي "لا نتدخل في شوؤن احد ولا نريد لاحد ان يتدخل في شؤوننا". وتابع "نقدم على التعاون في ما نستطيع (...) ولو ان الدول قالت انها لا تريد منا تدخلا ولا عونا فنقول لها شكرا، ونرجع الى بلدنا".

واكد ان "هذه هي سياستنا الخارجية، نبحث عن الاصدقاء في العالم، وربما يعيب علينا البعض زيارتنا لهذه الدولة او تلك لكننا لا نريد للعراق ان يكون مثل العراق السابق المعزول المقطع الاواصر والمحاصر".

من جهة اخرى، دعا المالكي الكويت الى حل قضية ميناء مبارك الذي يرى العراق ان انشاءه سيؤثر سلبا على الموانئ العراقية، بصورة ثنائية. وقال "كنت اتمنى على مجلس التعاون الخليجي ان يعلن استعداده ان يكون طرفا لحل الازمة وليست استعداده للدخول الى جانب طرف على حساب طرف اخر".

وتابع ان "القضية بينا وبين الكويت"، متمنيا على الكويت ان "تكون القضية ثنائية لان هذه التخندقات تدخل فيها حسابات سياسية ولا نريد الحسابات السياسية على خط ميناء مبارك".

وكان قادة دول مجلس التعاون الخليجي اعلنوا دعمهم الكويت في خلافها مع بغداد حول تشييد ميناء مبارك الكبير.

واكد القادة في ختام قمتهم العادية في الرياض "دعم موقف الكويت بشأن إنشاء ميناء مبارك الكبير باعتباره يقام على ارض كويتية وضمن مياهها الاقليمية، وعلى حدود مرسومة وفق قرارات الامم المتحدة".

وكان انشاء الكويت لميناء مبارك الكبير في جزيرة بوبيان اثار غضب العراق الذي يعتبر ان موقع انشاء الميناء سيعوق وصوله الى مياه الخليج التي تعد منفذه الرئيسي لبيع نفطه، وهي الاتهامات التي رفضتها السلطات الكويتية.

ايران تنفي

الى ذلك نفت ايران الاتهامات التي وجهتها اليها دول مجلس التعاون الخليجي بالسعي الى اثارة نزاعات طائفية في المنطقة. واكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية رامين مهمانبرست في تصريحات نقلها التلفزيون الحكومي ان البيان الختامي الصادر عن الدول الست في مجلس التعاون الخليجي "يستند الى اتهامات لا اساس لها من الصحة ومفبركة".

وقال المتحدث الايراني ان "ايران تؤيد اقامة علاقات حسن جوار في اطار من الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول اخرى"، مجددا انتقاد طهران لقمع الاحتجاجات في البحرين بتدخل من السعودية. واضاف "الرد العسكري العنيف على مطالب الشعب لا يمكن ان يحل المشاكل بل على العكس سيوسع رقعة عدم الاستقرار وغياب الامن في المنطقة".

واعتبر مهمانبرست انه كان الاجدى بدول مجلس التعاون الخليجي ان "تدين اعمال التجسس الاميركية ضد ايران". وكانت طهران اعلنت مطلع كانون الاول/ديسمبر اكتشافها طائرة مراقبة اميركية من دون طيار تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية "سي اي ايه) فوق اراضيها، كما اكدت الاسبوع الماضي اعتقالها مواطنا اميركيا من اصل ايراني اتهمته بالتجسس ومحاولة التسلل داخل اجهزة الاستخبارات الايرانية لحساب واشنطن.

الاردن يرحب

من جهته عبر الاردن الاربعاء عن تقديره لاعلان قادة دول مجلس التعاون الخليجي "انشاء صندوق يبدأ بتقديم الدعم لمشاريع التنمية" في الاردن، "بمبلغ مليارين ونصف المليار دولار". وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الاردنية محمد الكايد ان "الاردن يقدر عاليا قرار المجلس الاعلى انشاء صندوق خليجي للتنمية، يبدأ بتقديم الدعم للمشاريع التنموية في المملكة الاردنية بمبلغ مليارين ونصف المليار دولار". واضاف في تصريحات اوردتها وكالة الانباء الاردنية الرسمية ان "الاردن أعطى في علاقاته مع دول مجلس التعاون الخليجي مثلما أعطت تلك الدول قيمة مضافة في اطار بناء هذه العلاقات الاخوية وبالتالي فان ذلك عاد بالفائدة العميمة المتبادلة على الاردن ودول المجلس".

واكد المتحدث "اهتمام الاردن الدائم والتزامه الثابت بالوصول بعلاقاته مع منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية الى أرحب آفاق الشراكة وبالتدرج الاندماج في المجالات الاقتصادية بشكل خاص وتلك المتعلقة بالامن القومي العربي وتعزيزه بصفة عامة".

وعبر الكايد عن "تطلع الاردن لبدء اعمال واجتماعات اللجان الفنية التي شكلت في اقرب فرصة وعن الامل بأن تفضي اعمالها الى نتائج ملموسة سريعا ينعكس اثرها بالخير على شعوبنا".

واعلن قادة دول مجلس التعاون الخليجي في ختام قمتهم العادية في الرياض الثلاثاء "انشاء صندوق يبدأ بتقديم الدعم لمشاريع التنمية" في الاردن والمغرب، "بمبلغ مليارين ونصف المليار دولار لكل دولة (...) ودراسة مجالات التعاون المشترك وصولا الى الشراكة المنشودة".

وكانت القمة التشاورية للقادة في الرياض في ايار/مايو الماضي ايدت انضمام الاردن والمغرب الى التجمع الاقليمي لنيل العضوية الكاملة، لكن تحفظات بعض الدول الاعضاء ومعارضة اخرى تحول دون ذلك.

واعلن وزير الخارجية الاماراتي الشيخ عبد الله بن زايد اخر الشهر الماضي انه "لا يوجد هناك من يعترض على علاقة مميزة للغاية بين المجلس والاردن والمغرب لكن هناك عدم وجود اجماع في الوقت الحالي على ضم" البلدين.

ولم يذكر الوزير الاماراتي بالاسم الدول التي تعارض انضمام المغرب والاردن، علما ان السعودية والبحرين هما ابرز المرحبين. لكن وزير الخارجية الاردني ناصر جودة نفى ان يكون ملف انضمام الاردن لمجلس التعاون الخليجي "اغلق".

وقال جودة في تصريحات نشرتها صحيفة "الرأي" الحكومية الاربعاء ان "دول الخليج لا ترفض انضمام الاردن لمجلس التعاون الخليجي، لكن الامر يحتاج للتدرج"، مشيرا الى ان هناك "مصلحة مشتركة لكلا الطرفين بانضمام الاردن لمجلس التعاون الخليجي".

وقد تأسس مجلس التعاون في 1981 من دول الخليج العربية الست وهي المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة والكويت والبحرين وقطر وسلطنة عمان.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 24/كانون الأول/2011 - 28/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م