
شبكة النبأ: يبدو ان العقوبات الغربية
المفروضة على ايران باتت تفت بعضد الاقتصاد الذي بدت عليه علامات
الارهاق شيئا فشيئا، خصوصا بعد الانحدار الكبير لمستويات الريال
الايراني امام الدولار الامريكي.
فيما تتراكم المؤشرات على الصعوبات الاقتصادية في ايران بعد 18 شهرا
من العقوبات الغربية التي تسببت بندرة الاستثمارات وارتفاع كلفة
الواردات وتقليص موارد البلاد من العملات الصعبة.
ففي مواجهة تهديد جديد اكثر تشددا لفرض حظر على البنك المركزي
والصادرات النفطية، بدأ بعض المسؤولين الايرانيين يتحدثون صراحة عن
الانتقال الى اقتصاد حرب قاطعين بذلك مع الخطاب الرسمي الذي يخفف حتى
الان من مدى وقع العقوبات.
انحدار العملة
فقد انخفضت قيمة العملة الايرانية حوالى 15 بالمئة مؤخرا، بمستوى لا
سابق له هو 15500 ريال للدولار مما اثار غضب وسائل الاعلام والبرلمان
ودفع الرئيس محمود احمدي نجاد الى الدعوة الى الهدوء.
وبلغ سعر الدولار اكثر من 15500 ريال في السوق الحرة للقطع بعدما
خسر حوالى الفي ريال منذ السبت. ويبدو ان المصرف المركزي الذي يؤكد منذ
اشهر رغبته في الابقاء على سعر الدولار في السوق الحرة للقطع قريبا من
سعره الرسمي المحدد ب11 الفا، لم يتمكن من التدخل لوقف هذا التراجع.
واثار انخفاض سعر العملة الايرانية انتقادات حادة من قبل عدد كبير
من وسائل الاعلام بما في ذلك الرسمية منها، ضد البنك المركزي وحاكمه
محمود بهماني الذي اتهمه التلفزيون الحكومي "بالاخفاق" في الدفاع عن
العملة الايرانية.
ودعا مجلس الشورى الايراني بشكل عاجل بهماني ووزير الاقتصاد شمس
الدين حسيني الى جلسة مغلقة لتقديم توضيحات. ونسب الرئيس احمدي نجاد في
خاب في فارامين جنوب شرق طهران تراجع الريال الى مضاربين يريدون ان "يملأوا
جيبوهم على حساب الشعب" بدون ان يضيف اي تفاصيل. ودعا الايرانيين الى
الهدوء، مؤكدا "لا نواجه اي مشكلة محددة واقتصادنا مستقر واطلب من
السكان (...) مواصلة العيش بشكل طبيعي".
سعر الفائدة
الى ذلك رفعت ايران الفائدة التي تدفعها على السندات قبيل اصدارات
ضخمة مزمعة لتمويل قطاع النفط لكنها أبقت على فائدة المدخرات المصرفية
دون تغيير وسط تقارير عن انقسام سياسي رفيع المستوى بشأن السياسة
النقدية.
وأظهر موقع البنك المركزي على الانترنت أن السندات التي تصدرها
الحكومة والبلديات ستدفع الان فائدة 17 بالمئة. وقال اقتصاديون ان
الفائدة السابقة كانت 15.5 الى 16 بالمئة.
لكن البنك المركزي لم يرفع معدل العائد على الودائع المصرفية رغم
تقارير بأنه فعل ذلك. ويقول اقتصاديون كثيرون ان زيادة كهذه ضرورية
لامتصاص السيولة ووقف تراجع في قيمة الريال الايراني.
وأفادت خدمات اخبارية وصحف ايرانية أن لجنة السياسة النقدية للبنك
المركزي اتفقت على عكس جزئي لقرار اتخذ في ابريل نيسان بخفض الفائدة
على المدخرات المصرفية وهي سياسة يفضلها الرئيس محمود أحمدي نجاد الذي
يقول انه يريد أن تتدفق السيولة على الاقتصاد.
ودفع قرار خفض الفائدة في ابريل من نطاق بين 14 و17 بالمئة الى ما
بين 12.5 و15.5 بالمئة ايرانيين كثيرين الى سحب الاموال وشراء العملة
الصعبة والذهب مما أحدث طفرة في سعر الدولار وخفضا لقيمة العملة بنسبة
عشرة بالمئة في يونيو حزيران. بحسب رويترز.
وأفادت صحيفة ابتكار اليومية الاصلاحية أن المجلس النقدي للبنك
المركزي صوت في اجتماع استمر ست ساعات الاسبوع الماضي لصالح رفع
الفائدة على الودائع المصرفية 2.5 نقطة مئوية لكنه تراجع بعد ذلك عن
قراره بسبب "ضغوط خارجية".
ويقول الاقتصاديون ان أحمدي نجاد يعارض جهود محافظ البنك المركزي
محمود بهمني لرفع الفائدة كسبيل لتخفيف الضغط على سعر صرف الريال. وفي
حين بلغ سعر الصرف الرسمي الذي يحدده البنك المركزي عشرة الاف و700
ريال للدولار يوم السبت الا أن سعر العملة الامريكية في السوق المفتوحة
يزيد نحو 20 بالمئة.
ويعزو الاقتصاديون الطلب على الدولار الى تراجع أسعار الفائدة
والمخاوف من أن التضخم البالغ 17 الى 18 بالمئة يضعف القوة الشرائية
للريال. ويأتي رفع الفائدة المدفوعة على السندات بينما تخطط ايران
لاصدار سندات بقيمة 12 مليار دولار لتمويل قطاع النفط المحروم من
الاستثمار الاجنبي بسبب عقوبات يفرضها الغرب للضغط على طهران بشأن
برنامجها النووي.
الصعوبات الاقتصادية
من جهته اقر وزير الخارجية علي اكبر صالحي في عطلة بانه "لا يمكن ان
نزعم بان العقوبات ليس لها تأثير"، فيما تحدث مدير غرفة التجارة
والصناعة في طهران يحيى اسحاق عن ضرورة ادارة الاقتصاد "كما في زمن
الحرب".
وتخضع طهران التي يتهمها قسم من المجتمع الدولي بالسعي لاقتناء
السلاح النووي بالرغم من نفيها المتكرر لذلك، الى عقوبات دولية بسبب
برامجها النووية والبالستية، يضاف اليها منذ 2010 حظر غربي شديد يستهدف
الصناعة النفطية والقطاع المصرفي.
وقد سمح الكونغرس الاميركي بتوسيع الحظر ليشمل البنك المركزي
والصادرات النفطية، علما ان ايران تعتبر المنتج الثاني للنفط في منظمة
الدول المصدرة للنفط (اوبك) وتجني منه 80% من عملاتها الصعبة. ويعتزم
الاتحاد الاوروبي اتخاذ تدابير مماثلة.
وفي هذا السياق ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال ان الولايات المتحدة
تجري مع حلفائها الاوروبيين وعدد من الدول العربية محادثات مكثفة حول
كيفية الحفاظ على الاستقرار في اسواق الطاقة العالمية في حال فرض حظر
رسمي على صادرات النفط الايرانية والبنك المركزي الايراني.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين اميركيين واوروبيين لم تكشف عن هوياتهم ان
فرض مثل هذا الحظر سيمثل اكبر مواجهة اقتصادية مباشرة بين ايران والغرب.
وهددت ايران مرارا باغلاق مضيق هرمز في حال فرض مثل هذا الحظر.
وقالت الصحيفة ان مسؤولين اميركيين واوروبيين اشاروا الى انها يسعون
للحصول على تطمينات من اكبر الدول المصدرة للنفط مثل السعودية والكويت
والامارات لزيادة صادراتها الى الاتحاد الاوروبي والدول الاسيوية في
حال تشديد العقوبات على الصادرات النفطية الايرانية والبنك المركزي
الايراني خلال الاشهر المقبلة.
وتحدث المسؤولون عن زيادة المحادثات مع دول اخرى مصدرة للنفط مثل
ليبيا والعراق وغانا وانغولا، لزيادة قدراتها الانتحابية لسد اي نقص
يمكن ان تتسب فيه الحملة الاقتصادية ضد ايران، بحسب الصحيفة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول اوروبي قوله انه "في حال تطبيق (هذه
العقوبات) بالشكل المناسب، فان الدول ستبتعد عن الامدادات الايرانية"
من النفط، مضيفة "تجري الكثير من المحادثات بهذا الشأن مع السعوديين
على مختلف المستويات".
وافادت الصحيفة ان ممثلين من 11 بلدا مشاركا في الحرب الاقتصادية ضد
طهران سيلتقون في روما في اطار مجموعة اطلق عليها بشكل غير رسمي اسم "ائتلاف
الدول التي تفكر بنفس الطريقة".
واول تأثيرات العقوبات تمثلت في تعقيد الواردات وارتفاع كلفتها، اذ
ان الغربيين جمدوا الى حد كبير المعاملات المصرفية بالدولار او اليورو.
وقال يحيى اسحاق "ان الواردات تكلف اكثر بنسبة 25%". ولجأ الصناعيون
الايرانيون الى مزودين اخرين خصوصا صينيين لكن الواردات تراجعت بنسبة
20% منذ الربيع بحسب الارقام الرسمية الواردة في وسائل الاعلام.
في المقابل ارتفعت الصادرات لتبلغ قيمتها في 2011 حوالى 140 مليار
دولار، 120 مليارا منها للنفط والمنتجات النفطية المدعومة بارتفاع
اسعار النفط الخام. لكن هذه الارقام القياسية "تخفي واقع ان جزءا
متزايدا من المبادلات بات يتم بشكل مقايضة" كما لفت خبير نفطي اوروبي
في طهران.
واوضح هذا الخبير انه "للالتفاف على الحظر الاميركي بشأن الصفقات
بالدولار، لم يعد يدفع المشترون الرئيسيون للنفط الخام الايراني، مثل
الصين واليابان او كوريا، يقومون بذلك بالعملات الصعبة بل بشكل خط
اعتماد للشركات الايرانية، مما يقلص موارد البنك المركزي".
واكدت ايران مطلع العام انها تملك مئة مليار دولار من احتياطي
العملات الصعبة والذهب، لكن ندرة المداخيل دفعت البنك المركزي لفرض
قيود مشددة منذ الصيف على مبيعات العملات الصعبة للشركات او الافراد،
كما قال مصرفي ايراني.
كذلك تخلى البنك المركزي عن دعمه الكثيف للريال الذي كان يكلفه
غاليا، ليترك العملة الايرانية تخسر 20% من قيمتها منذ بداية الخريف.
واقر حاكم البنك المركزي محمود بهماني بانه يتوجب من الان فصاعدا ان
تدار شؤون ايران كما لو انها في حالة حصار.
وبدأ وقع العقوبات يظهر ايضا على الصناعة النفطية والغازية التي
باتت محرومة من اي استثمار غربي. والانتاج النفطي الذي تراجع بنسبة 10%
منذ 2008، ما زال في تراجع ليصل الى 3,5 مليون برميل في اليوم في تشرين
الثاني/نوفمبر، بعيدا عن الاهداف الرسمية بحسب ارقام اوبك.
وبسبب نقص الموارد اعلنت طهران في الاسابيع الاخيرة تعليق عدد من
مشاريعها غير الاساسية. كما ان مشاريع اولوية مثل تطوير حقل الغاز
العملاق "ساوث فارس" في الخليج يسجل تأخيرا بحسب وسائل الاعلام
الايرانية.
واقر وزير النفط رستم قاسمي في تشرين الثاني/نوفمبر بان "الاستثمارات
(الاجنبية) لم تعد تصل او انها (تصل) بصعوبة، بسبب مبادرات معادية"
للغربيين، مقدرا الاستثمارات الضرورية في قطاعي النفط والغاز ب50 مليار
دولار سنويا.
ثم عمدت طهران الى مضاعفة القروض من السوق المحلي مع تسجيل نجاحات
مختلفة، واطلقت دعوة غير مسبوقة للمستثمرين الخاصين، وللمرة الاولى منح
مشروع لتطويل حقل نفطي في مطلع كانون الاول/ديسمبر الى مصرف ايراني خاص.
وزير الاقتصاد
في حين صوت البرلمان الايراني ضد عزل وزير الاقتصاد في حكومة الرئيس
محمود احمدي نجاد فيما يتعلق بأكبر فضيحة مالية في البلاد. ووجه أعضاء
البرلمان الذين ارادوا اقالة شمس الدين حسيني انتقادات للوزير لسوء
ادارته بما في ذلك التراخي في مراقبة القطاع المصرفي.
وقال رئيس البرلمان علي لاريجاني وهو منافس سياسي لاحمدي نجاد "141
من 244 عضوا حضروا (الجلسة) صوتوا ضد اقالة الوزير." وتكفي اغلبية
بسيطة في المجلس المؤلف من 290 مقعدا لاقالة وزير من منصبه.
واتخذت الفضيحة المصرفية البالغ قيمتها 2.6 مليار دولار ابعادا
سياسية بعد أن ربط بعض المحافظين بين المشتبه به الرئيسي في الفضيحة
وبين ما يعرف "بالتيار المنحرف" من المستشارين الذي يقول المحافظون ان
مدير مكتب احمدي نجاد واقرب حلفائه يقودهم.
ويتهم كثير من رجال الدين الشيعة والساسة اسفنديار رحيم مشائي
بمحاولة تقويض الدور الرئيسي لرجال الدين في السياسة بالتأكيد على
النزعة القومية للتاريخ والثقافة الايرانيين. ويسبب البرلمان الذي
يهيمن عليه المحافظون متاعب لاحمدي نجاد منذ انتخابه لفترة ثانية في
2009 برفض كثير من مرشحيه لوزارات رئيسية وكذلك بعرقلة مشاريع القرارات
الحكومية بما في ذلك خطة للدعم النقدي للوقود والطاقة. واقر المشروع
ونفذ في 2010.
وطالب لاريجاني النواب بمنح حسيني فرصة اخرى بعدما اعتذر مرارا عن
أخطائه في كلمته التي دافع فيها افعاله. وقال لاريجاني للبرلمان "ادعوكم
ان تمنحوا الوزير تصويتا مشروطا بالثقة.. اقالة حسيني قد تزيد التوتر
بين البرلمان والحكومة."
وقال حلفاء احمدي نجاد ان المساءلة ذات دوافع سياسية لاضعاف الرئيس
الذي يصف الحكومة بأنها "أطهر" ادارة في تاريخ بلاده. وقال احمدي نجاد
للبرلمان مدافعا عن وزيره "نحن ضد الفساد ..حساسية النواب بشأن الواقعة
محل تقدير ..لكن الاخطاء يمكن ان تحدث في اي ركن من اركان النظام. يجب
ان نتحد للتغلب عليها."
ويوجه سياسيون بينهم نواب اتهامات لمن يطلقون عليهم وصف "التيار
المنحرف" بالتخطيط لاستخدام بعض الاموال المسروقة لتمويل حملة
الانتخابات البرلمانية في 2012. ويعتقد منتقدون ان احمدي نجاد يعد
مشائي لخلافته في الانتخابات الرئاسية في 2013.
وقال مسؤول سابق مؤيد للاصلاح ان منافسي احمدي نجاد المحافظين
وبينهم ساسة ونخبة من رجال الدين يريدون ان شل حركته لجعله رئيسا عاجزا
في الجزء المتبقي من فترة رئاسته.
هجوم عسكري
في سياق متصل قلبت التهديدات بضربات عسكرية على إيران الحياة
الهادئة المريحة التي كان يعيشها كثير من الايرانيين رأسا على عقب
منذرة بحقبة جديدة من الصراع والخوف. ومثلها مثل كثير من الايرانيين
تقول مريم صوفي ان الغرب وايران يلعبان لعبة خطرة. واضافت مريم وهي
مدرسة بالجامعة وام لطفلين وتبلغ من العمر 42 عاما "لا اعتقد ان
بامكاننا ان نعرف حتى الآن ما اذا كانت الحرب ستندلع لكنني اشعر بالقلق
على اسرتي وبلادي." واضافت "لا استطيع النوم ليلا وانا افكر في الدمار
واراقة الدماء اذا هاجمت إسرائيل وأمريكا إيران."
ولم تستبعد الولايات المتحدة وإسرائيل عملا عسكريا ضد المنشآت
النووية الإيرانية اذا فشلت الدبلوماسية في حل خلاف بشأن برنامج
يشتبهان بأنه يهدف إلى تطوير أسلحة نووية.
وعلى الرغم من أن العقوبات والضغط الدبلوماسي هما فيما يبدو السبيل
المفضل لدى واشنطن الا ان الاسرائيليين يرسلون اشارات متضاربة فميا
يثير قلق اعدائهم الايرانيين.
وعلى وقع دوي المطارق النحاسية في سوق طهران المزدحمة هتف بائع
للجوز يدعى علي مشجعا زبائنه على شراء بضاعته قائلا "اشتروا وخزنوا
الحرب تلوح في الافق"
وتزايد التوتر مع الغرب بعد ان اقتحم طلاب متشددون مجمعين
دبلوماسيين بريطانيين في طهران احتجاجا على عقوبات جديدة فرضت بعد ان
اشارت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الى ان ايران تسعى للحصول على
اسلحة نووية. واغلقت بريطانيا سفارتها واستدعت فرنسا والمانيا وايطاليا
وهولندا مبعوثيها.
وزاد نزوح الدبلوماسيين الاجانب التوتر في العاصمة الى مستوى لم
يبلغه منذ اندلاع الحرب مع العراق في الثمانينات او الاضطرابات التي
سبقت الثورة الاسلامية في عام 1979 التي اطاحت بالشاه المدعوم من
الولايات المتحدة.
وقال مدرس يدعى مينا "الاجانب يغادرون ايران... اليس واضحا أنهم
يريدون مهاجمة ايران.... سيهرب الاثرياء لكن الطبقة الوسطى أمثالي
يتعين عليهم أن يبقوا ويعانوا." وتشعر جين حشمت زاده (59 عاما) وهي من
بين كثير من الاجنبيات المتزوجات من ايرانيين بانها ممزقة بين الخوف من
الهجمات والولاء لايران.
وقالت المرأة السويدية التي تعيش في شمال ايران منذ زواجها من رجل
اعمال ايراني قبل 21 عاما "منزلي هنا.. ليس من السهل المغادرة وترك كل
شيء ورائي." ويزيد الايرانيون مخاوفهم بتكهنات بشأن ما سيحدث في حالة
اندلاع الحرب.
وقالت زهرة فردانه (82 عاما) التي يعيش ابنها في الولايات المتحدة "في
حالة وقوع هجوم... سنسجن داخل البلاد... ستغلق الحدود.. ساموت دون ان
ارى احفادي مرة اخرى."
وتنفي طهران ان يكون لبرنامجها النووي أي طابع اخر غير الطابع
السلمي. وتقول انها تعمل على تطوير التكنولوجيا النووية لتوليد
الكهرباء وليس لصنع قنبلة ذرية.
ويقول محللون ان طهران قد ترد على أي ضربة عسكرية بشن هجمات على
أهداف في منطقة الخليج واغلاق مضيق هرمز. ويمر نحو 40 في المئة من
تجارة النفط من منطقة الخليج عبر هذا الممر المائي الاستراتيجي.
وبدأ المواطنون الايرانيون الذين يشعرون بالفعل بأثر العقوبات
الدولية في اتخاذ اجراءات احتياطية. وعلى مواقع التواصل الاجتماعي مثل
تويتر وفيسبوك يتحدث الايرانيون في المنفى عن مخاوفهم ويتبادلون
الافكار حول كيفية مساعدة ذويهم في حالة وقوع هجوم على ايران.
وقالت ميترا وهي ايرانية في بروكسل على صفحتها على تويتر "لقد خرجنا
من ثورة ومن الحرب (العراقية الايرانية)... شعبنا لا يستطيع تحمل أزمة
أخرى." وقال حسين علائي وهو صاحب متجر في وسط طهران "ستكون حربا رهيبة...
وبعد الضربة الاولى ستتحول البلاد ثم تتحول المنطقة برمتها الى منطقة
حرب." واضاف "سوف يدمرون كل شيء اقوم بتخزين البضائع ونصحت أقاربي بان
يفعلوا ذلك. "
ويقول محللون إن اغلاق السفارات الغربية وما يستتبعه من قطع قنوات
الاتصال سوف يعقد ايجاد حل دبلوماسي للنزاع النووي. وقال محلل في طهران
طلب عدم نشر اسمه "انسحاب الدبلوماسيين والاجانب يعني مزيدا من العزلة
الدبلوماسية لايران... وهو ما يعني خفض القنوات الدبلوماسية والاتجاه
نحو المواجهة."
وحذرت ايران اسرائيل والولايات المتحدة بأن رد طهران سيكون قاسيا في
حالة قيامهما بشن ضربة عسكرية ضدها. الا ان الاسرائيليين لا يبدو عليهم
الانشغال بصراع محتمل وتسير الحياة كالمعتاد. وأظهر استطلاع للرأي
أجراه مركز سابان لسياسة الشرق الاوسط في مؤسسة بروكنجز بالولايات
المتحدة أن 43 في المئة من اليهود الاسرائيليين يؤيدون مهاجمة ايران في
حين يعارض ذلك 41 في المئة.
وقال ماتي سيلفر وهو فني فيديو في القدس (35 عاما) "أعتقد أن الامر
كله ضجيج اعلامي." وقال اسرائيل هاريل وهو كاتب عمود في صحيفة هاارتس "ينقسم
الشعب الاسرائيلي على نفسه.. فكما ان هناك مخاوف من وقوع هجوم هناك
أيضا مخاوف ليست بأقل منها من عدم شن ضربة وقائية في الوقت المناسب."
وتجرى اختبارات لصافرات الانذار على نحو منتظم في أجزاء مختلفة من
اسرائيل وهي ظاهرة شائعة في بلاد تتعرض المناطق الجنوبية فيها مرارا
لهجمات صاروخية من النشطاء الفلسطينيين في قطاع غزة. ويعكس الطلب
الشديد على العملة الصعبة في طهران التوتر من نشوب حرب.
وقال حامد وهو تاجر عملة في شارع مزدحم بجنوب طهران "يحول الناس اي
ارصدة بامكانهم تحويلها. يبيع البعض المجوهرات ويسحبون الاموال من
حسابات الادخار ويبيعون الاسهم لشراء الدولارات." وتمتزج مشاعر الخوف
بالتحدي.
وقال احد افراد ميليشيا الباسيج طلب عدم نشر اسمه "لامريكا مشاكل
اقتصادية وتريد ان تحلها بمهاجمة ايران... انا مستعد للتضحية بدمي من
اجل بلادي." وقفزت اسعار الكثير من السلع والخدمات الاساسية مثل الخبز
واللحم ووسائل النقل في بعض الاحيان بنسبة 50 في المئة في الشهور
الاخيرة وهو شيء مؤلم في بلاد يبلغ متوسط الدخل الشهري للفرد فيها 600
دولار. وعلى الرغم من الزيادة الحادة في الاسعار فان الكثير من متاجر
البقالة والاسواق ما زال بها مخزون جيد.
وتواجه الكثير من المصانع في ايران خطر الاغلاق بسبب الاوضاع
الاقتصادية المتدهورة كما خفضت رواتب مئات الالوف من العمال مع تزايد
التضخم. وقال عامل عاطل يدعى علي تافانجار وهو أب لاربعة أطفال يبلغ من
العمر 45 عاما "ليست لدينا اموال كافية لشراء السلع الاساسية ناهيك عن
تخزينها... اشعر بقلق بالغ".
ازدواج الجنسية
من جانب آخر ذكرت صحيفة وطن امروز الايرانية أن ايران عزلت رئيس
شركة نفط بعد اكتشافها أنه يحمل جنسيتين وهو أمر حساس بعد هرب مدير أحد
البنوك الكبرى الى كندا أثناء فضيحة احتيال كبيرة. وقالت الصحيفة دون
أن تذكر اسم الشركة أو الجنسية الثانية التي يحملها الشخص المعني "تم
عزل مدير عام باحدى شركات النفط بسبب ازدواج الجنسية في الايام القليلة
الماضية."
ويسيطر القطاع العام على قطاع النفط الايراني لذلك فان اغلب
المديرين من المسؤولين الحكوميين. ولا تعترف الجمهورية الاسلامية رسميا
بالجنسية المزدوجة لذلك فان أصحاب الجنسية المزدوجة يمنعون رسميا من
تقلد المناصب الحكومية.
ولم يعد بعد محمد رضا خواري المدير السابق لبنك ملي الحكومي وهو
أكبر بنوك ايران من كندا التي فر اليها في سبتمبر أيلول الماضي رغم
استدعاء محكمة له في قضية احتيال تتعلق بمبلغ 2.6 مليار دولار. وانتقدت
وسائل الاعلام الايرانية حقيقة ان خواري يحمل الجنسيتين الايرانية
والكندية. وقالت الصحيفة ان الرئيس محمود احمدي نجاد أمر وزير
المخابرات حيدر مصلحي بمعرفة من من مدراء المؤسسات الحكومية يحمل جنسية
مزدوجة. |