الفقر... ظاهرة قد تطيح بالنظام العالمي

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: تتفاقم معضلة الفقر التي تزداد يوما بعد يوم على الرغم من التقدم الذي أحرزته البشرية في شتى المجالات، وكذلك جني الكثير من خيرات الكوكب التي يجمع الخبراء على أنها كافية لتقديم الرفاهية للسبعة مليارات من البشر، الذين يعيشون فوقه لو تم توزيعها بالحد الأدنى من العدالة.

لكن الفقر كما تعرفه المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والبنك الدولي هو الحرمان الشديد من الحياة الرضية، والحرمان المادي من دخل وصحة وتعليم، والمعاناة من التعرض للمخاطر كالمرض وقلة الدخل والعنف والجريمة والكوارث والانتزاع من المدرسة، وعدم قدرة الشخص على إسماع صوته وانعدام حيلته، وانعدام أو نقص الحريات المدنية والسياسية.

إذ يعيش حوالي أكثر من نصف سكان العالم على أقل من دولارين يوميا للفرد الواحد، وهذا معيار الفقر المطلق العائد إلى نقص الدخل، ويعيش حوالي خمس سكان العالم على أقل من دولار واحد يوميا للفرد، وهذا حد الفقر المدقع، والواقع أن الفقر المرتبط بانخفاض الدخل هو أحد أوضاع الفقر وليس كلها، فالفقراء تعوزهم الفرصة المناسبة، ويفتقدون إلى الصوت المسموع، وهم معرضون للعنف والمرض ولكوارث الطبيعية وتؤثر فيهم أكثر من غيرهم.

وبهذا لم ينحصر الفقر بالجانب المادي، وحاجة الجسد للغذاء وما شابه، بل يتعداها الى الفقر النفسي، الذي يعاني منه الفقراء القابعين في قعر الجوع والجهل والمرض، بسبب قلة فرص العمل والتربية والتعليم، وما الى ذلك من عوامل تنهض بقيمة الإنسان وتحافظ على كرامته.

ولعل الفقر كما هو متعارف عليه، لم يكن وليد مرحلة بعينها، فهو مرافق لمسيرة البشرية منذ نشأتها، وطالما كان الغبن الحكومي موجودا، فإن فرص القضاء الكلي على الفقر أصبحت صعبة جدا إن لم تكن مستحيلة، حيث تتربع مشكلة الفقر على قمة هرم المشاكل التي واجهتها الإنسانية، عبر رحلتها الطويلة والشاقة.

مساعدة الدول الأشد فقرا

وفي ذات الصدد دعا برنامج الأمم المتحدة الإنمائي المجتمع الدولي إلى فرض ضريبة على عمليات الصرف بهدف مساعدة البلدان الأكثر فقرا على التكيف مع التغير المناخي والتخفيف من آثاره، وأشار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تقريره السنوي للعام 2011 حول التنمية البشرية، إلى أن تحليلاتنا تبين أن فرض ضريبة جد ضئيلة (0,005 %) على عمليات الصرف قادر على تأمين حوالى 40 مليار دولار سنويا من دون أية تكاليف إدارية إضافية ،وفي لقاء أكبر اقتصاديات العالم في كان جنوب فرنسا، دعا برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الحكومات إلى مساعدة البلدان الأشد فقرا حتى تتمكن من خفض التهديدات البيئية التي تثقل عمليات التنمية فيها، وتعتبر الوكالة التابعة لمنظمة الأمم المتحدة أن أسواق رؤوس الأموال العالمية "تمتلك القدرة اللازمة لمواجهة التحدي، ويشدد التقرير الذي ركز هذا العام على تأثيرات التغير المناخي على التنمية البشرية، على أنه الوقت المناسب لإعادة التفكير في ضريبة أشمل على المعاملات المالية، وبحسب ما يشرح برنامج الأمم المتحدة التنموي، فإن الأقل حظوة هم الذين يعانون غالبا وسوف يستمرون في المعاناة، من تأثيرات التدهور البيئي على الرغم من أن عددا منهم لا يساهم في ذلك بأي شكل من الأشكال، وهذه الشعوب مثقلة بما يطلق عليه الخبراء تسمية رسوم مضاعفة،  فهي أكثر عرضة للتأثيرات الأكثر شمولا للتدهور البيئي، كما أنها أيضا تواجه تهديدات على بيئتها المباشرة الناجمة عن تلوث الجو الداخلي والمياه بالإضافة إلى مشاكل النظافة، وبهدف قياس العجز الكبير في مجالات الصحة والتعليم ومستوى المعيشة، وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مؤشرا للفقر متعدد الأبعاد يدرس هذا العام للمرة الأولى مدى الفاقات البيئية في ما يتعلق تحديدا بالحصول على وقود للطبخ أو مياه صالحة للاستهلاك، وتؤكد كاتبة التقرير الرئيسية جيني كلوغمان أن الأرقام جد صادمة.

في البلدان النامية، يعاني 6 أشخاص على أقل تقدير من أصل 10 أشخاص، من واحدة من هذه الفاقات البيئية، في حين يعاني 4 أشخاص من أصل عشرة من فاقتين على أقل تقدير، إلى ذلك، يعيد البرنامج الإنمائي نصف حالات سوء التغذية في العالم إلى عوامل بيئية، وبالتالي يبين التقرير أنه على الرغم من التقدم المسجل في مجال التنمية البشرية خلال السنوات الأخيرة، فإن التدمير الذي يطال البيئة يتسارع في حين تراجع توزيع العائدات، وقد أظهر مؤشر التنمية البشرية الذي وضعه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والذي يغطي العائدات والصحة والتعليم، تقدما مسجلا على الصعيد العالمي (من 0,679 إلى 0,682 بين العام 2010 والعام 2011). لكن هذا المؤشر نفسه المكيف ليتلاءم وعدم المساواة يظهر خسارة عامة بنسبة 23% خلال عام واحد، وتوضح كلوغمان إلى أن الخسارات الأكبر في المؤشر قد سجلت في مجال التعليم ومن ثم العائدات فالصحة، وتلفت إلى أن مناطق العالم بأجمعها سجلت تراجعا في هذا المؤشر الذي يقال أنه مكيف. بحسب فرانس برس.

وبحسب مؤشر العام 2011، تأتي النروج وأستراليا وهولندا في الطليعة في حين تسجل جمهورية الكونغو الديمقراطية والنيجر وبوروندي أدنى المرتبات، وتكمل الولايات المتحدة ونيوزيلاند وكندا وإيرلندا وليشتنشتين وألمانيا والسويد المراتب العشر الأولى. لكن إذا ما تم تكييف المؤشر ليتلاءم وعدم المساواة، فإن بعض البلدان الغنية تتراجع فتخرج من تصنيف المرتبات العشرين الأولى. وبذلك تنتقل الولايات المتحدة مثلا من المرتبة الرابعة إلى الثالثة والعشرين، في حين تتقدم بلدان أخرى مثل السويد والدنمارك.

المنطقة الأكثر فقرا في الاتحاد الأوروبي

فيما تستقبل حقول مهجورة وطرقات مقفرة ومنازل بالية وحدائق تغطيها الأعشاب الزوار القلائل الذين يمرون في شمال غرب بلغاريا أي المنطقة الأكثر فقرا في الاتحاد الأوروبي، وقد باتت الكنائس والمدارس القديمة والمزارع الجماعية الضخمة في عهد الشيوعية مهجورة وخالية، ويقول نيكولا غيورغييف البالغ من العمر 77 عاما وهو من سكان إقليم ياكيموفو الواقع في قلب المنطقة الشمالية الغربية على بعد مئة كيلومتر من العاصمة صوفيا كانت البلدة تضم تسعة آلاف نسمة لكنهم رحلوا جميعا... آمل أن يعود أطفالنا في يوم من الأيام فقد هاجرت حفيدتي إلى إيطاليا ويشتد بي الغم عندما أرى وضع القرية ووضع بلغاريا، وسجلت البطالة نسبة قياسية طالت حوالى 55% من القوى العاملة في إقليم ياكيموفو الذي لم يعد يضم إلا 4300 نسمة، وليس الوضع أفضل في مدينتي مونتانا وفراستا المجاورتين ولا حتى في فيدين على ضفة الدانوب حيث تشكل مداخن المصانع المتداعية الدليل الوحيد على أن المنطقة كانت صناعية في عهد الشيوعية، ولم تعد هذه المصانع هي التي تلوث الهواء اليوم بل سحابات الدخان الكثيفة التي تصدر من مدافئ المنازل حيث اختارت الأسر وسيلة التدفئة الأقل كلفة، وتراوحت البطالة في هذه المدن الثلاث ما بين 17,6% و20% خلال الربع الأول من العام 2011 أي ضعف المعدل الوطني (10,3%)، ويقول نيكولاي نانكوف نائب وزير التنمية الإقليمية إن "المنطقة تحتل المرتبة الأخيرة من حيث غالبية المؤشرات الاجتماعية الاقتصادية أكان في بلغاريا أو في الاتحاد الأوروبي برمته، ويعزى تدهور المنطقة جزئيا إلى التصنيع الكثيف في السبعينيات والثمانينيات. فكانت مصانعها تعمل حصريا من أجل السوق المشتركة بين البلدان الشيوعية التي اندثرت مع اندثار النظام، وتعتبر الزراعة مصدر الرزق بشكل أساسي في هذه المنطقة الواقعة في سهل الدانوب لكنها زراعة انتشارية منخفضة الكلفة، ولم تساهم المنطقة الشمالية الغربية إلا بقرابة 7,42% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2009 مقابل 48,29% للمنطقة الجنوبية الغربية الأغنى في البلاد ولم تستقطب إلا 2,4% من الاستثمارات الأجنبية، وقد انخفض عدد السكان بنسبة 18,3% ما بين العامين 2001 و 2011 بشكل وصفه نيكولاي نانكوف بالمرعب، وتقول إحدى البائعات في متجر محلي تفضل عدم الكشف عن اسمها "لم يعد يقطن هنا سوى متقاعدين وعاطلين عن العمل يشترون الطعام بالدين، ويعتبر الوضع أسوأ في أقصى الغرب على طول الحدود البلغارية الصربية. بحسب فرانس برس. 

ويتجلى التباين بين المحافظات المتقدمة نسبيا والبلدات الواقعة في الفقر المدقع بشكل خاص في شمال غرب بلغاريا، على حد قول نيكولاي نانكوف، وينبغي أن يستثمر الاتحاد الأوروبي والحكومات المزيد من الاموال في البنى التحتية لبناء جسر مثلا على الدانوب يؤدي إلى رومانيا كان من المفترض بناؤه منذ 15 عاما، ومن شأن تربية المواشي المكثفة والسياحة البيئية والريفية ومشاريع أخرى مع صربيا ورومانيا أن تنتشل المنطقة من دوامة البؤس.

جياع المدن الأمريكية

من جانب أخر قال مؤتمر رؤساء البلديات في الولايات المتحدة ان مسحا شمل 29 مدينة أمريكية أظهر أن عدد الجوعى ارتفع في معظم تلك المدن في العام الماضي ومن المتوقع أن يواصل الارتفاع في 2012، وأفاد المسح الذي أجرته المؤسسة أن 86 بالمئة من تلك المدن ذكرت أن طلبات المساعدات الغذائية الطارئة زادت في العام الماضي، وقالت مدينتان ان الطلبات ظلت مستقرة، وجاءت البطالة في مقدمة أسباب الجوع يليها الفقر وانخفاض الاجور وارتفاع تكاليف السكن، ولا تتوقع أي من تلك المدن أن تتراجع طلبات المساعدات الغذائية الطارئة في العام القادم، وتوقعت 93 بالمئة منها ان تزيد الطلبات، وارتفع عدد الاشخاص الذي يعيشون بلا مأوى 6 بالمئة في المتوسط في المدن التي شملها المسح اذ قالت 42 بالمئة من المدن ان العدد ارتفع بينما قالت 19 بالمئة ان العدد بقي بلا تغيير، وارتفع عدد الاسر التي لا مأوى لها 16 بالمئة في المتوسط، وتوقع مسؤولون في 64 بالمئة من المدن ان يرتفع عدد الاسر التي تعيش بلا مأوى وتوقع 55 بالمئة منهم ارتفاع عدد الافراد المشردين. بحسب رويترز.

جيوب الفقر

الى ذلك جاء في دراسة نشرت ان مشكلة الفقر أصبحت أكثر حدة في أحياء أمريكية كثيرة في الغرب الاوسط والجنوب خلال السنوات العشر الماضية مما يهدد المدارس والسلامة والصحة العامة ويرفع التكاليف التي تتحملها الحكومات المحلية، وخلصت الدراسة التي أجراها معهد بروكينجز وهو معهد أبحاث مستقل الى ان عدد السكان الذين يعيشون في أحياء تعاني من فقر مدقع زاد بنسبة الثلث خلال السنوات العشر الاخيرة، ويعيش نحو 40 في المئة من السكان الذين يقطنون مناطق شديدة الفقر تحت خط الفقر وفقا لمعايير الحكومة الاتحادية وهو بدخل سنوي يصل الى 22314 دولارا لاسرة مكونة من أربعة أفراد، وقالت الدراسة انه بشكل عام يتقدم الغرب الاوسط عن "باقي المناطق فيما يتعلق بتزايد الجيوب التي تعاني من فقر مدقع، وقال المعهد بدلا من الانتشار بشكل متوازن يميل الفقراء الى التجمع والتركز في أحياء بعينها او بعض الاحياء في مجتمع ما، وتواجه الاحياء شديدة الفقر مجموعة من التحديات تنبع من ضرر مركز بدءا من ارتفاع معدلات الجريمة الى تدني مستويات الرعاية الصحية وفرص التعليم والعمل، وخلصت الدراسة أيضا الى ان مدنا في الجنوب منها بيتون وروج ولويزيانا شهدت أعلى زيادة في معدلات الفقر المركز منذ عام 2000، واعتمدت الدراسة التي استمرت من عام 2005 حتى عام 2009 على الاحصاء السكاني الامريكي لعام 2000، وقال معهد بروكينجز ان مكالين بولاية تكساس بها أعلى تجمعات للفقر المدقع في الولايات المتحدة يعقبها الباسو في تكساس أيضا ثم ممفيس بولاية تنيسي. بحسب رويترز.

الفقراء في ألمانيا

بينما أظهرت أرقام نشرتها الحكومة الفدرالية أن العمر المتوقع لذوي الدخل الأكثر انخفاضا في ألمانيا قد تراجع بشكل ملحوظ منذ عشر سنوات، وفيما يستمر معدل العمر المتوقع في الارتفاع في ألمانيا، تراجع معدل العمر المتوقع لذوي الدخل الأكثر انخفاضا من 77,5 عاما سنة 2001 إلى 75,5 عاما سنة 2010، بحسب الأرقام الرسمية التي نشرها التكتل البرلماني لليسار المتطرف دي لينكي، ويتجلى هذاالانخفاض أكثر في ولايات ألمانيا الشرقية حيث انخفض معدل العمر المتوقع لذوي الدخل المحدود أي الذين يجنون أقل من ثلاثة أرباغ الدخل المتوسط من 77,9 إلى 74,1 عاما خلال الفترة عينها، وتعتبر ألمانيا البلد الأوروبي الذي يضم أكبر عدد من المسنيين الذين تتخطى أعمارهم الخامسة والستين (20,6%)، وفق مكتب الإحصاءات الأوروبي "يوروستات". وسيرتفع سن التقاعد في ألمانيا تدريجيا من 65 إلى 67 عاما بموجب إصلاح اعتمدته الحكومة في العام 2007. بحسب فرانس برس.

وتظهر الأرقام التي نشرت أن 26,4% فقط من المسنين الذين تتراوح أعمارهم بين 60 و 64 عاما كانوا في آذار/مارس 2011 يشغلون مناصب تشملها اشتراكات الضمان الاجتماعي وأن أقل من 19% منهم كانوا يعملون بدوام كامل.

فقراء البرازيل

على صعيد أخر بعدما كان عشرات ملايين البرازيليين يعيشون في البؤس وعلى هامش المجتمع منذ عقود، ها هم يتحولون اليوم إلى مستهلكين بفضل الإعانات الحكومية والازدهار الاقتصادي المحلي، واليوم، تتلقى ثلاثة عشر مليون عائلة فقيرة جدا المساعدة من الدولة في إطار برنامج المنح العائلية الذي أوصل اليسار إلى الحكم في البرازيل والذي يعتبر برنامج نقل العائدات الرئيسي في العالم، وتقول ماريا ألفيس (45 عاما) وهي أم لستة أولاد لا تجيد القراءة ولا الكتابة "بفضل هذا المال، أشتري الملابس والأحذية وأسدد بدل الخدمات والأهم أنني تمكنت من شراء القرميد لبناء سقف لمنزلي، وتتراوح العائدات الشهرية للعائلات المستفيدة من برنامج المنح العائلية بين 39 و78 دولار للفرد الواحد وتتلقى هذه العائلات مبلغا معدله الوسط 75 دولارا وقد يصل إلى 135 دولارا بحسب عدد الأولاد،  وتؤكد البرازيل التي تضم أكثر من 190 مليون نسمة أنها أخرجت أكثر من 30 مليون شخص من الفقر خلال السنوات الثمانية التي تولى فيها الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الحكم (2010-2003). وفي تلك الفترة، انخفضت نسبة الفقر المدقع من 12% إلى 4,8%، ويقول أندريه بورتيلا سوزا وهو بروفسور في مؤسسة غيتوليو فارغاس الخاصة "تمكنت البلاد في خمس سنوات فقط من تحقيق الهدف الذي تعتزم الأمم المتحدة تحقيقه بعد 25 سنة في إطار الأهداف الانمائية للألفية، وتعتبر ماريا ألفيس مثالا للمعجزة الاجتماعية التي تفتخر البرازيل بها بينما تواجه بلدان غنية عدة أزمة اقتصادية. ففي السابق، لم يكن لديها ما تسد به جوعها واليوم أصبحت من عداد المستهلكين بفضل المال الذي تتلقاه من الدولة شرط أن يذهب أولادها إلى المدرسة ويخضعوا لمتابعة طبية. ولكن منزل ماريا ألفيس الواقع في ضاحية برازيليا بعيد كل البعد عن منازل الطبقة الوسطى التي تترواح عائداتها الشهرية بين 675 و2900 دولار وتستفيد من الاعتمادات وتعتبر العامل الرئيسي لنمو السوق الداخلية، ومع ذلك، فإن المبلغ الذي تتلقاه ماريا ألفيس من الدولة وقدره 114 دولارا إلى جانب المبالغ التي تجنيها من تربية الأولاد قد حسن حياتها وأتاح لابنتها البالغة من العمر 22 عاما أن تكون الأولى منذ أجيال عدة التي تنهي دراستها الثانوية. وتقول ابنتها بأسى "أريد أن أتابع دراستي ولكنني لا أستطيع لأن الجامعات الخاصة مكلفة جدا وامتحان الدخول في الجامعات الحكومية صعب جدا، ويشرح سوزا أن هذه السياسات تساهم في القضاء على حلقة الفقر المفرغة بفضل الشروط المحددة في البرنامج أي الدراسة والصحة. بحسب فرانس برس.

ويضيف أنه كما هي الحال في كل بلد يشهد نموا اقتصاديا "يريد (المواطنون) الاستهلاك وشراء أفضل أنواع اللحوم والقيام بأمور يعتبرها الناس عادية، وبعدما أنشأ الرئيس لولا دا سيلفا برنامج المنح العائلية، تتابع خليفته ديلما روسيف المسيرة على أمل إخراج 16 مليون شخص آخر من البؤس في غضون أربع سنوات. وسنة 2011، استثمرت الدولة في هذا البرنامج 12 مليار دولار أي 0,5% من الناتج المحلي الاجمالي، ولكن خوسيه لويس ريبيرو وهو بروفسور في الاقتصاد في جامعة برازيليا فينتقد البرنامج معتبرا إياه "برنامجا رخيصا يستهدف الأشخاص الأكثر فقرا وتحاول الحكومة الحفاظ عليه للفوز في الانتخابات الاقليمية للعام 2012.

وفي الوقت ذاته اعلن البنك الدولي أن البرازيل ستحصل على ثمانية مليارات دولار كتمويل من البنك الدولي لدفع حملة للقضاء على الفقر المدقع في بعض من افقر مناطق البرازيل، وفي اطار استراتيجية للبنك الدولي بشأن البرازيل سيخصص هذا التمويل لتحسين خدمات مثل الصحة والتعليم وحماية البيئة بالاضافة الى تشجيع التنمية الاقتصادية في شمال شرق البرازيل وهي اكثر المناطق فقرا هناك.

واصبح القضاء على الفقر المدقع والذي يقل فيه الدخل عن 70 ريالا/40 دولارا/ في الشهر احد السمات المميزة للبرنامج المحلي للرئيسة ديلما روسيف، وستحصل الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات والاقاليم البرازيلية على ما يصل الى 5.8 مليار دولار في التمويل الجديد من البنك الدولي للتعمير والتنمية في شكل قروض مدعومة، وسيأتي مبلغ اضافي قيمته مليارا دولار في شكل قروض من القطاع الخاص في عام 2012-2013 من خلال الهيئة الدولية للتمويل. بحسب رويترز.

فقراء الريف في الصين

في حين أعادت الصين تعريف مستوى الفقر في مناطقها الريفية، معتبرة ان الفقير هو كل شخص يحصل على اقل من دولار (6.5 يوان) في اليوم، وكان الناس في المناطق الريفية الصينية يعدون فقراء اذا كان دخل الفرد منهم أقل من 55 سنتا باليوم، وستسمح مثل هذه الخطوة لملايين اضافية في الدخول ضمن نظام المعونات الاجتماعية الحكومي، إذ صُنف نحو 27 مليون شخص كفقراء في المناطق الريفية، ومن المتوقع أن يزيد اعتماد عتبة الفقر الجديدة هذا العدد اربعة اضعاف.

وقد جعل الرئيس الصيني هو جينتاو من قضية معالجة الفقر المناطق الريفية حجر الاساس لقيادته وسياسته الداخلية، وطرح هو مستوى واسعا من المشاريع التنموية على امتداد المناطق التي تعاني من الفقر في الاقاليم الصينية الغربية في محاولة لخلق ما يسميه مجتمع متجانس، ونقلت وسائل اعلام محلية انه بحلول عام 2020 لن يحتاج اي شخص في الصين لأن يقلق بشأن الغذاء واللباس، وقال هو جينتاو ان مداخلهم للحصول على التعليم الالزامي والرعاية الصحية الاساسية والسكن ستكون مكفولة ايضا، واضاف: إن الاتجاه الحالي لتوسيع الفجوة بين الاغنياء والفقراء سيقلب، ويطرح هو جنتاو العديد من مشاريع ضمن مواعيد بعيدة في المستقبل، الأمر الذي يقول المحللون انه محاولة منه لبناء ميراث يمثله، ومن المتوقع أن يتنحى هو عن الدور القيادي خلال السنتين القادمتين، وغالبا ما توجه الانتقادات الى الصين لوضعها حد منخفض جدا لخط الفقر فيها. بحسب فرانس برس.

بيد أن الخطوة الاخيرة تجعل من بكين اقرب لتعريف البنك العالمي لعتبة الفقر البالغة 1.25 دولار في اليوم، وسيصبح لمن صنفوا كفقراء في ضوء التعريف الجديد الحق في الحصول على المساعدة الحكومية المتمثلة في الاعانات والتدريب على العمل والقروض المخّفضة وتوفير فرص العمل في مشاريع البنى التحتية الريفية الممولة من الحكومة.

مكافحة الجوع في الهند

وأخيراً وافق مجلس الوزراء الهندي على معالجة سوء التغذية المنتشر على نطاق واسع بتقديم دعم للمواد الغذائية لثلثي سكان البلاد البالغ عددهم 1.2 مليار نسمة وهي خطوة قد تزيد التأييد للحكومة لكنها تنطوي على مخاطر بالنسبة الى اقتصاد البلاد المتعثر، وقال وزير كبير طلب عدم نشر اسمه ان مشروع القانون سيرسل الى البرلمان، وأضاف أجيز مشروع قانون الامن الغذائي، ويحظى الائتلاف الحكومي بقيادة حزب المؤتمر بأغلبية برلمانية تهيئ فرصة جيدة لاقرار مشروع القانون الذي تقدر كلفته بمليارات الدولارات قبل الانتخابات المقررة أوائل العام القادم في ولاية أوتار براديش الفقيرة والمهمة سياسيا، ويهدف البرنامج الجديد الى التصدي لمعدلات سوء التغذية لدى الاطفال التي تعد أسوأ من مثيلاتها في افريقيا جنوبي الصحراء لكن منتقدين يقولون انه مع تباطؤ النمو وزيادة العجز المالي في ثالث أكبر اقتصاد في اسيا يتسم توقيت مشروع القانون بعدم تقدير المسؤولية، وقال دي.اتش. باي بانانديكار رئيس مؤسسة ار.بي.جي الخاصة للابحاث الاقتصادية قبل موافقة مجلس الوزراء على مشروع القانون "الاقتصاد قد يكون في حالة سيئة لكن الحقيقة هي ان الانتخابات قادمة، أي سياسة يقرونها الان سترمي الى تحقيق بعض المكاسب السياسية. حين تفكر في تأثير ذلك على المالية العامة تعرف ان الحكومة لا تفكر في الغد، وساعدت برامج خاصة بالرفاهة الاجتماعية في المناطق الريفية حزب المؤتمر وحلفاءه على العودة للسلطة قبل ثلاث سنوات. ويقدم مشروع القانون الجديد حبوبا مدعومة الى 75 في المئة من سكان الريف ونصف سكان المناطق الحضرية الذين يعتبرون فقراء الى حد لا يطيقون معه كلفة التغذية السليمة. بحسب رويترز.

 وقد يصل العدد الاجمالي للمستفيدين من البرنامج الى 810 ملايين نسمة، وتدعم سونيا غاندي زعيمة حزب المؤتمر وابنها راهول غاندي الذي يقود حملة الحزب الانتخابية في ولاية اوتار براديش مشروع قانون الامن الغذائي وقوانين أخرى لها أهداف خاصة بالرفاهية الاجتماعية، وتقول وزارة الزراعة ان الدعم المقترح يضاعف تكلفة برنامج قائم حاليا تباع بموجبه حبوب وبقوليات بأسعار رخيصة لقرابة 180 مليون أسرة فقيرة، وأنفقت الحكومة الهندية العام الماضي 12 مليار دولار أو واحد في المئة من الناتج المحلي الاجمالي على ذلك البرنامج، وتسعى الهند الى خفض العجز المالي الى 4.6 في المئة في 2011/2012 الا ان صانعي السياسة يقولون انه سيكون من الصعب تحقيق هذا الهدف.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 21/كانون الأول/2011 - 25/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م