التراث البشري... بين الأصالة وفقدان الأثر

شبكة النبأ: تعتز الأمم وشعوبها كثيراً بإرثها الحضاري الذي تكون كنتيجة طبيعية لتراكمات المعرفة والإبداع لديها عبر الزمن، وقد تميزت الكثير من الحضارات وتطورت ثقافات بشرية عدة لتكون شاهداً على العصر وسجلاً حافلاً بمختلف الفنون والأذواق والتي بات اغلبه، اليوم، مهدداً بالاندثار والضياع بحسب التقارير الصادرة من منظمة "اليونسكو" التابعة للأمم المتحدة والمهتمة بحفظ التراث البشري من الانقراض.

وقد دون التأريخ وتوارثت الأجيال أصناف منوعة من صناعاتها وعاداتها وفنونها التي أبدعتها أنامل أبنائها الموهوبين والتي استلهمت من واقعها وطبيعته بيئتها ومدى الرقي الذي وصلت إليه –تلك الأمم- في تجسيد الأفكار وصنع الحضارة والاهتمام ببقائها.

بغداد تشيع شيخ نحاتيها

حيث شيعت بغداد مؤخراً جنازة نحاتها الراحل محمد غني حكمت، وهو تشييع امتد بين عاصمتين، من العاصمة الاردنية عمان التي توفي فيها الى العاصمة العراقية بغداد التي يوارى جثمانه في ثراه، وابتدأ التشييع في عمان بمسيرة راجلة لحشد كبير من محبي الفنان، انطلقت قرب السفارة العراقية التي اقامت ايضا مجلس عزاء له في بهوها، ثم نقل جثمانه ملفوفا بالعلم العراقي في موكب شعبي الى مطار العاصمة الاردنية لينقل الى بغداد، وفي بغداد انطلقت فعاليات التشييع من نقابة الفنانين العراقيين باتجاه مقبرة الكرخ التي سيدفن فيها بناء على وصيته، امانة العاصمة العراقية اعلنت تبنيها لتشييع شيخ النحاتين العراقيين الذي زينت نصبه وتماثيله وتصميماته شوارعها وساحاتها، وأعلن عن مجلس عزاء له بالقرب نصب شهير له وسط العاصمة العراقية، ويعد محمد غني حكمت من ابرز النحاتين في العالم العربي وآخر من بقي من جيل وضع اسس النحت العراقي المعاصر الى جانب رواد مثل جواد سليم وخالد الرحال، وباتت نصبه وتماثيله من علامات بغداد في العقود الخمسة الاخيرة، كما هي الحال مع تمثال شهريار وشهرزاد، او (كهرمانه) علي بابا والأربعين حرامي الذي اخذت الساحة التي نصب فيها وسط بغداد اسمها من شخصيته الرئيسية ، وحمورابي، ونصب السندباد البحريّ في مدخل فندق الرشيد، وعرف عن محمد غني حكمت اهتمامه بالحكاية وفي النصوص الادبية، لذا نرى ان معظم منحوتاته تحاول أن تحكي حكاية من التراث وتحاول استلهام مفرداتها (شهريار وشهرزاد، السندباد، كهرمانه...الخ).

ولعل تمثال المتنبي الذي ازيل من مكانه قرب المكتبة الوطنية وسط بغداد يمثل إحدى ابرز تجاربه النحتية وأحبها الى قلبه كما ذكر في احدى مقابلاته الصحفية، وفي هذا التمثال حاول حكمت ان يستلهم البلاغة الشعرية للمتنبي وقلقه الشعري الدائم (على قلق كأن الريح تحتي)، فصب تمثاله بطريقة تظهره وكأنه طائر في الريح مركزا على انحناءات عباءته، وقد عكس هذه الحركة عبر اسلوبه المعروف في استخدام الاقواس وتكرارها كاجزاء من دائرة غير متناهية، وقد اثار التمثال في حينها جدلا كبيرا في الاوساط الفنية العراقية’، كما ازيلت ايضا جدارية اخرى له كانت تزين مدخل مدينة الطب في العاصمة العراقية، ومن اعماله الاخرى في العراق 14 لوحة جدارية في إحدى كنائس بغداد تمثل درب الآلام للسيد المسيح، ومن اعماله المعروفة خارج العراق قيامه بنحت جداريه فنية في البوابة الرئيسية لمبنى منظمة اليونسكو بباريس عام 1986، ونحته لثلاث بوابات خشبية في كنيسة تيستا دي ليبرا في روم، كما كانت له اعماله في البلدان العربية كما هي الحال مع جدارية الثورة العربية الكبرى في العاصمة الاردنية عمان وعدد من الاعمال في دول الخليج، منها خمسة أبواب لمسجد قديم في البحرين، وولد حكمت في بغداد عام 1929، وتخرج من معهد الفنون الجميلة عام 1953، حصل على دبلوم النحت من أكاديمية الفنون الجميلة في روما عام 1959، وعلى دبلوم في عمل الميداليات من مدرسة الزكا في روما أيضا عام 1957، وعلى شهادة اختصاص في صب البرونز من فلورنسا عام 1961، وتتلمذ في بداية حياته على يد رائد النحت العراقي جواد سليم، وواصل نهجه في محاولة بناء حداثة فنية في العراق تستلهم الموروث الحضاري الرافديني القديم، بدءا من الفن السومري والبابلي والنحت الاشوري ووصولا الى الفن الاسلامي في بغداد العباسية، لذا يصف حكمت نفسه في مقدمة كتاب له عام 1994 بقوله من المحتمل أن أكون نسخة أخرى لروح نحات سومري، أو بابلي، أو آشوري، أو عباسي، وكان يحب بلده.

وقد عمل مساعدا لسليم في انجاز نصبه الشهير في بغداد نصب الحرية عندما كان طالبا في روما اواخر الخمسينيات ومطلع الستينيات، كما اشترك معه في اشهر جماعة فنية في العراق في الخمسينيات هي جماعة بغداد للفن الحديث التي ظل حكمت وفيا لتقاليدها في ابداعه اللاحق، وتتلمذت على يديه اجيال من النحاتين العراقيين منذ عودته الى العراق في الستينيات، حيث واصل التعليم في معهد واكاديمية الفنون العراقية حتى سنواته الاخيرة، الى جانب اعماله النحتية تلك اهتم حكمت بتصميم ونحت الابواب ومطارق الابواب واسوار البيوت والحدائق، وله الى جانب بوابة اليونسكو نحو 70 بوابة في انحاء مختلفة من العالم، وعلى الرغم مما تعرض له الكثير من النصب والتمائيل التي اشتهرت فيها العاصمة العراقية من تدمير وسرقة بعضها بعد عام 2003، عادت امانة العاصمة العراقية مؤخرا الى الاتفاق مع الفنان محمد غني حكمت لاقامة اربعة نصب كبيرة في بغداد قدرت قيمة تنفيذها بمبلغ ثلاثة مليارات وتسعمائة واربعة وخمسين مليون دينار، اول تلك النصب نصب (بغداد) في ساحة الاندلس وهو عبارة عن فتاة تجلس على كرسي بالزي العربي القديم بارتفاع (3) امتار تعتلي قاعدة توضع عليها كتابات عن المدينة بارتفاع (10.5) مترا ليصل ارتفاع العمل بالكامل الى (13.5) متر، والثاني عمل مستوحى من حكاية الفانوس السحري وينفذ بجوار المسرح الوطنيّ ببغداد، والثالث في صورة ختم اسطواني (على غرار الاختام الاسطوانية السومرية والبابلية ، كتبت عليه عبارة هنا بدأت الكتابة ويظهر وكأنه يوشك على السقوط وتتعاون 5 أياد على رفعه في اشارة الى المكونات الاثنية والدينية العراقية، والنصب الرابع هو نافورة مائية خط في محيطها بيت للشاعر العراقي مصطفى جمال الدين يقول بغداد ما اشتبكت عليك الأعصرُ إلا ذوت ووريق عمرك أخضرُ، ومن المقرر أن يوضع النصب قرب مقهى «البيروتيّ» في جانب الكرخ من بغداد، وعانى حكمت في الاشهر الاخيرة من اصابته بعجز كلوي وظل يقاوم المرض حتى وفاته اثر اصابته بجلطة رافقها عجز كلوي تام الاثنين في عمان عن عمر يناهر الـ 82 عاما.

على قائمة التراث البشري

من جانبه أضيف النسج التقليدي في الإمارات العربية المتحدة والصلوات التي ينشدها السكان الأصليون في البيرو، على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي للبشرية المهدد بالإندثار، وقد أعلنت مؤخراً لجنة حماية التراث الثقافي غير المادي الملتئمة في جزيرة بالي الإندونيسية، تسجيل تسع عادات تقليدية أخرى، من التنفس الدائري المونغولي إلى طقوس الحكمة المالوية مرورا بالسرد المسرحي الإيراني، وترفع هذه الإضافات إلى 27 عدد العناصر التي تعتبر "مهددة بالاندثار"، فـ"السدو" وهو أسلوب النسج التي يعتمده البدو لتصنيع الألبسة الحريرية وأكسسوارات الزينة للجمال والأحصنة، فيتم لف خيط الحياكة حول المغزل، ثم يصبغ وينسج على نول وضع على الأرض، أما "إيشوفا" فهي أناشيد صلاة تؤديها مجموعة هواشيباييري العرقية الأصلية التي يتكلم أفرادها لغة "هاراكمبوت" ويعيشون في الغابة الاستوائية جنوب البيرو، من جهة أخرى، طلبت فرنسا إضافة خزف ليموج على القائمة، لكن هذه المدينة سحبت ترشيحها موضحة أن اللجنة طلبت منها معلومات إضافية كان من المستحيل تأمينها في الوقت المطلوب، إلى ذلك، تم ترشيح فن ركوب الخيل الفرنسي، لكنه لم يتم التوافق بعد على إدراجه وفقا لتوصية م، والعام الماضي، كانت قد أدرجت اليونيسكو على قائمته، "وجبة الذائقة الفرنسية" وأهل الحرفة الواحدة (شبكة تناقل المعارف والهويات عبر الحرف) وإتقان صناعة الدانتيل بقطبة آلنسون (غرب فرنسا)، ويشمل التراث الثقافي غير المادي التقاليد وأشكال التعبير الحية المتوارثة من الأجداد مثل التقاليد الشفوية وفنون المسرح والممارسات الاجتماعية والطقوس والمناسبات الاحتفالية والمهارات الأساسية في الحرف التقليدية، وتتضمن القائمة "التمثيلية" حاليا 213 عنصرا. بحسب فرانس برس.

السجاد الفارسي

بدورها تجلس زهراء ناظر خلف النول لتحبك بسرعة ومهارة خيوطا ملونة من الحرير في سجادة يستغرق إنجازها أكثر من سنة، وعلى الرغم من مرور 2500 سنة على حياكة السجاد الفارسي في ايران، إلا أن حركات الأصابع الرشيقة لا تزال على حالها وكذلك الأمر بالنسبة إلى النول المعلق بقضبان خشبية منحوتة، ولكن صناعة السجاد التي تدر نصف مليار دولار من الصادرات باتت مهددة في السنوات الأخيرة وبالتالي أدخلت عليها تعديلات جذرية بهدف استبدال التقاليد بتكنولوجيا القرن الحادي والعشرين، وتعتبر ناظر مهنتها التي تشمل مئتي ألف ناسج مرخص له بمن في ذلك والدتها ووالدها وعماتها، مهنة موروثة انتقلت من جيل إلى آخر منذ القدم، وتقول "أنا في الثامنة عشر من العمر وأحبك السجاد منذ أن كنت في الخامسة عشر، أحب النسج وهو ليس صعبا جدا"، ولكن ما لا تراه ناظر هو كيفية تغير السوق خارج مشغلها الصغير الذي تشاطرها إياه عشرات النساء الأخريات، فالسوق باتت مليئة بسجاد شبيه بما تحبكه ولكن أرخص ثمنا يأتي من الصين وباكستان ومعظمه مصنوع آلي، إلى ذلك، فإن عدد الشراة يتراجع بسبب تزايد أسعار السجاد نتيجة ارتفاع ثمن الحرير.ومع أن ثمن السجاد الفارسي الاصلي والمصنوع يدويا قد يصل إلى آلاف لا بل عشرات آلاف الدولارات، إلا أن الناسجين مثل ناظر يقبضون أقل من دولار واحد في اليوم مقابل عملهم الشاق، ويقول بائع السجاد حسن حسين زاده "تراجع وضع السوق بشكل جذري في السنوات القليلة الأخيرة بسبب النقص في الشراة، لا سيما أن زبائننا هم من السياح ونحن بحاجة إلى عدد أكبر من السياح في البلاد".

وفي خطوة لمواجهة الأزمة، لجأت بعض الشركات إلى الكمبيوتر والآلات لاستعادة مكانتها في السوق، وفي إحدى الشركات في مدينة قم، يجلس مصمم شاب اسمه جواد ديجاهاني خلف شاشة كمبيوتر موصولة بطاولة للرسم ويستخدم الجهاز ليرسم بدقة الخطوط والأزهار والعصافير التي تضيفها النساء الناسجات إلى السجاد لاحق، وفي جواره يجلس عامل أكبر سنا يؤدي عمله على الطريقة التقليدية فيرسم بيده على ورق مخطط، ويقول ديجاهاني "البعض يصمم السجاد منذ سنوات طويلة ولا يزال يعمل يدوي، فالذين بلغوا الستين لا يحبذون العمل على الكمبيتور، ولكن على المرء أن يواكب العلم لئلا يصبح منعزلا تماما".ويشرح أن الكمبيوتر "يسرع عملية التصميم ويفسح المجال أمام المناورة، والعمل على الكمبيوتر أسرع بكثير من العمل باليد"، وقد شهدت عملية الصبغ تغيرا بدورها، علما أنها لا تزال تتم في غالبية الأحيان في غرف بخارية حيث يغمس الرجال كرات من الحرير في براميل ثم يلفونها على شكل حلقات حول أذرعتهم ويصبغونها على دعائم موضوعة على السطح، ولكن التغيير يبدو واضحا في مصنع خارج مدينة كاشان الواقعة بين قم واصفهان حيث يشرف عامل على عملية الصبع الممكننة التي تتم في براميل عدة مصنوعة من الفولاذ الصلب توزع الصباغ بطريقة متساوية تسمح بتدارك الاختلاف في الألوان الذي يرافق الصناعة الحرفية. بحسب فرانس برس.

وبهدف مواكبة التغيير، انتقل تعليم الحرفة من المعامل إلى المقاعد الدراسية، ففي كلية الفنون في اصفهان، يكتسب الطلاب في غضون أيام تقنيات كان أسلافهم يحتاجون إلى أشهر لتعلمها ممن يكبرهم سن، ويقول علي رضا ايرانبور الذي يعلم نسج السجاد في الكلية، "لقد سهلت الطرق التي نعتمدها في نقل الطريقة التقليدية إلى الطلاب عملية التعلم"، وأشار إلى أن أحد الطلاب أنجز عملا يوازي من حيث النوعية عمل الكبار وذلك بفضل متابعة حصص النسج لمدة ست ساعات أسبوعيا لا أكثر، ويضيف "لم أفهم بعد لما يعارض مؤيدو الطريقة التقليدية استعمال أدوات القياس"، ويشدد على أنه يتطرق إلى الوسائل التقليدية في حصصه "لأن هؤلاء الأشخاص تعلموا الحرفة من الكبار والخبرة في هذا المجال لم تتراكم على مدى بضعة قرون فحسب بل على مدى ألف سنة".

قريشي يفوز بجائزة بريطانية

الى ذلك فاز الخطاط الجزائري رشيد قريشي بجائزة جميل التي يمنحها متحف فيكتوريا أند ألبرت في العاصمة البريطانية لندن، وتمنح الجائزة التي أسست عام 2009 وقيمته 25 ألف جنيه استرليني لأفضل عمل فني دولي مستوحى من التقاليد الإسلامية، وشملت قائمة المرشحين للجائزة التي تمنح كل عامين عشرة فنانين ومصممين من بين 200 مرشح من جميع أنحاء العالم، ويتألف عمل قريشي الفائز من لافتات مطرزة بأحرف ورموز عربية، وأهدى القريشي عمله الذي أطلق عليه اسم الأساتذه المجهولون لأربعة عشر من كبار الصوفيين في العالم الإسلامي، وولد الخطاط الذي يقيم الآن ما بين تونس وفرنسا لأسرة تمارس الطقوس الصوفية، ويستكشف في عمله الإسهامات المركبة للقارة الإفريقية في الثقافة والفلسفة الإسلاميتين، وقال مارتن روث رئيس هيئة تحكيم الجائزة إن أعمال رشيد قريشي لفتت الأنظار لأنها تتمتع بقبول عالمي، وأضاف أن أعمال الفنان الجزائري يمكن عرضها في معرض للفن المعاصر.وتنوعت الأعمال المرشحة للجائزة من ملابس مصنوعة من الجوخ الإيراني التقليدي إلى نماذج معمارية معقدة تعرض على قطع سجاد إيراني مزخرف، والقطع معروضة في متحف فيكتوريا أند ألبرت منذ 21 تموز/ يوليو الماضي، ومن المقرر أن يقوم بجولة في أوروبا والولايات المتحدة في أواخر العام، وكان أفروز أميغاي الذي فاز بأول جائزة جميل عام 2009 من بين أعضاء هيئة التحكيم.

معرض لمساندة الحرف اليدوية

في سياق متصل أقيم في العاصمة المغربية في الاونة الاخيرة معرض للمنتجات اليدوية في وقت يشكو فيه الحرفيون في المملكة من تقلبات أسعار لمواد الخام وسوء التسويق، وضم المعرض مجموعة كبيرة ومتنوعة من المنتجات اليدوية منها الخزف والزينات المصنوعة من الجبس وحلي من الفضة ومشغولات معدنية وأزياء تقليدية وسجاد، وذكر أنيس بيرو وزير الدولة للصناعة التقليدية أن من أهداف المعرض تشجيع أبناء وبنات الجيل الجديد على الانخراط في مجال الحرف اليدوية، وقال "أردنا أن يكون هذا الفضاء مناسبة ليروا كيف وصل كبار الصناع التقليديين الى هذا المستوى وكيف يمكن لنا أن نعتبرهم أهراما للصناعة التقليدية في المغرب بحبهم للحرفة الذي أوصلهم لهذا المستوى، نريد أن يصل هذا الحب الى شبابنا حتى يعرفوا أنه بامكانهم أن يعيشوا بفضل هذه المهنة بكرامة وأن تمنحهم المكانة التي يستحقونها"، وكانت بعض منتجات الخزف المغربية مثل الطاجن التقليدي قد منع استيرادها في أوروبا والولايات المتحدة بعد أن أثبتت فحوص أنها تحتوي على نسبة مرتفعة من الرصاص ومواد ضارة أخرى، لكن محمد الغالمي مالك شركة فخار الامل في سلا قال أن تعديلات أدخلت على مكونات المادة الخام لتصبح امنة للاستخدام. بحسب رويترز.

وقال "اطمئن الناس الى هذا الفخار اطمئنانا تاما مئة في المئة وبامكانهم أن يقتنوه دون أن يسبب لهم أي مرض، يعني أصبح منتوجا صافيا وخاليا من الشوائب"، وذكرت صفية أمينوطراسي رئيسة جمعية سيدي حسين للتنمية القروية التي تعمل بها 48 امرأة في نسج السجاد أن المنتجات اليدوية واجهت منافسة قوية في السنوات الاخيرة، وقالت "هناك منافسة كبيرة من طرف الوسطاء كما أن هناك مشكلا كبيرا اخر هو مشكل التسويق، للان سجادنا لا يزال يعاني وخاصة أن منطقتنا تشغل نسبة كبيرة من العاملات الذي يصل الى 22 ألف نساجة في منطقتنا"، السلطات المغربية اتخذت بعض الاجراءات لحماية الحرفيين والمشترين لكن الاسعار ما زالت تخضع لقوى السوق، وقالت الزهرة أقنين رئيسة جمعية المرأة المنتجة في تارجا في اقليم شفشاون في شمال المغرب "عندما ترتفع المواد الاولية في بعض الاحيان نعرف خسارة كبيرة لان الاسعار في السوق لا تتغير ولا تعرف ارتفاعا لان الزبون لن يتقبل أي زيادة مفاجئة، هذه هي الصعوبات التي تواجهنا"، ويزيد دخل قطاع المنتجات اليدوية في المغرب على 16 مليار درهم (نحو ملياري دولار) ويعمل فيه زهاء نصف مليون مواطن.

أرمينيا وتقاليد نسج السجاد

فيما يعبق الهواء برائحة الصوف في مشغل صغير في مركز ايشميادزين الروحي القديم في أرمينيا بينما تنسج نساء السجاد يدويا باستعمال طرق تناقلتها الأجيال، وتقول امرأة صماء وخرساء تدعى نارين باداليان بلغة الاشارات مستعينة بمترجم "أحب نسج السجاد لأنه يأخذني بعيدا فأنسى كل شيء ولا تخطر على بالي إلا الأفكار الجميلة"، أما زميلتها نازيك كارابيتيان فتضيف من دون أن ترفع عينيها عن السجادة التي تحيكها "عليك أن تركز كثيرا لئلا ترتكب خط، إذا أخطأت بحبكة واحدة تفسد التصميم كله"، ويعمل سكان أرمينيا في صناعة السجاد منذ ما قبل المسيحية، شأنهم في ذلك شأن السكان في بلدان أخرى من القوقاز وآسيا الوسطى، وتتميز التصاميم الأرمنية عادة بتعدد الألوان وبالأشكال الهندسية وغالبا ما تحمل رموزا يعتقد أنها تبعد الأرواح الشريرة، أنشئ مشغل ايشميادزين في إطار مشروع خيري يهدف إلى توظيف النساء واللاجئين الفقراء الذين هربوا من أذربيجان المجاورة خلال حرب التسعينيات التي نشبت بين البلدين في ظل النظام السوفياتي السابق بسبب النزاع على اقليم ناغورني كاراباخ، ولكن المشغل يحمل ميزة أساسية أخرى وهي أنه يهدف إلى استعمال طرق وأدوات تقليدية وتوخي الحفاظ على البيئة، وبالتالي، يعالج الصوف المخصص للسجاد من دون صبغات كيميائية على يد لاجئين كبار في السن في قرى نائية ثم يرسل إلى إيشميادزين حيث يتم نسجه لصناعة "سجاد بيئي"، وفقا لغريغور باباخانيان وهو أحد المشرفين على المشروع الخيري. بحسب فرانس برس.

ويشرح باباخانيان أنه "بغية إنتاج سجاد يحترم البيئة، قررنا الاكتفاء بثمانية ألوان طبيعية من صوف الخراف وعدم صبغه"، ويضيف "هدفنا تأمين فرص عمل للنساء الطاعنات في السن اللواتي أصبحن لاجئات خلال حرب كاراباخ وتدريب الشبان على فن صناعة السجاد وإحياء التقنيات التقليدية في صناعة السجاد"، وقد قامت الجمعية الخيرية لوحدة أرمينيا بتدريب عشرات اللاجئين على نسج السجاد ويأمل المعنيون أن تساهم مبيعات السجاد في تمويل برامج أخرى للاجئين، وهناك شركات أرمنية كبرى تنتج السجاد بدورها باعتماد طرق وتصاميم تقليدية ولكن الطلب على السجاد المصنوع يدويا تراجع في السنوات الأخيرة بسبب كلفتها المتصاعدة التي دفعت المستهلكين إلى التوجه إلى السجاد الأرخص المصنوع آلي، وقد منحت السلطات مصنعي السجاد اليدوي مهلا ضريبية قبل سنتين في محاولة لدعم هذه الصناعة، ويقول هايك ميرزويان من وزارة الاقتصاد إن "تنمية صناعة السجاد يحمل في أرمينيا أهمية ثقافية واجتماعية وليس اقتصادية فقط"، وتزين النساء في ايشميادزين السجاد برموز مستقاة من المعالم الدينية والنصوص الدينية القديمة، ويقول باباخانيان "يعكس سجادنا الثقافة والتقاليد الوطنية"، أما شقيقه غيفورغ الذي يبتكر التصاميم فيقول إن المواد الصافية والرموز الدينية التي تستعمل في صناعة السجاد تمنح المنتجات "طاقة ايجابية"، ومع أن مفهوم "السجاد البيئي" جديد في أرمينيا إلا أن تقنيات صنع السجاد التقليدية لا تزال صامدة ولكنها تحتاج إلى حماية دائمة، بحسب عالم الجغرافيا الاثنية أشغونج بوغوسيان، ويضيف أنه "ينبغي الحفاظ على تقاليد صناعة السجاد في أرمينيا ونقلها إلى الأجيال المقبلة لأنها جزء من إرث شعبنا التاريخي والثقافي وجزء من صورتنا الوطنية تماما كالأغاني واللغة والأبجدية"، أما باباخانيان فيعتبر أن ما يميز السجاد المصنوع يدويا هو تفرده فيقول "كل سجادة تحمل قصة مختلفة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 20/كانون الأول/2011 - 24/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م