السعودية وإيران... خفايا اللقاء الأمني الأخير

شبكة النبأ: في الثاني عشر من كانون الأول/ديسمبر الحالي، عقد ولي العهد السعودي الأمير نايف ووزير الاستخبارات والأمن الإيراني حيدر مصلحي اجتماعاً مفاجئاً في الرياض. وفي بيان مقتضب، ذكرت "وكالة الأنباء السعودية" أن الرجلين مجرد "استعرضا عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك".

ومن المؤكد أنها كانت محادثة بكل معنى الكلمة. وعلى الرغم من أن البلدين لا يزالان يحتفظان بعلاقات دبلوماسية، إلا أن السعوديين هم على خلاف مع طهران بشأن سلسلة كاملة من القضايا. وعلى وجه الخصوص، هم يشعرون بالقلق من برنامج إيران النووي ويؤمنون أن لطهران نوايا شريرة في العراق حيث ستغادرها القوات الأمريكية هذا الشهر، وكذلك في البحرين حيث تستمر الاشتباكات شبه اليومية بين غالبية السكان الشيعة في الجزيرة وقوات الأمن التابعة لنظام الملكي السني الحاكم. وبالإضافة إلى ذلك، أعلنت السلطات الأمريكية في تشرين الأول/أكتوبر المنصرم أنها قد عرقلت مؤامرة إيرانية لاغتيال السفير السعودي في واشنطن، مما دفع المملكة إلى رعاية مشروع قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة يدين استهداف الدبلوماسيين.

يقول سايمون هندرسون في تحليله المنشور لحساب معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى، نظراً لخطورة هذه المخاوف، فقد كان مصلحي الشخص المناسب لكي يُجرى نقاش معه على مستوى عال. فكرجل دين يرتدي عمامة، يدين بمنصبه للمرشد الأعلى علي خامنئي الذي هو صانع القرار الأكثر أهمية من الرئيس محمود أحمدي نجاد. ولا تشوب توجهات مصلحي الثورية أية شائبة. ففي وقت سابق من حياته المهنية، شغل مصلحي منصب ممثل خامنئي الشخصي في قوات "الباسيج" -- الميليشيا التطوعية التي تقوي وحدات الأمن الداخلي للنظام. وفي الشهر الماضي، قام أفراد من قوات "الباسيج" بنهب السفارة البريطانية في طهران احتجاجاً على العقوبات المالية الجديدة.

ويتابع هندرسون، بالإضافة إلى كونه ولي العهد يحمل الأمير نايف لقب وزير الداخلية، مما يتيح له السيطرة على معظم أجهزة الأمن والاستخبارات في المملكة (وقد حضر الإجتماع أيضاً الأمير مقرن بن عبد العزيز، الذي يرأس ما يعادل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في السعودية). والأمير نايف المقرب من أعضاء المؤسسة الدينية السعودية، مثله مثل هؤلاء الأعضاء يشك شكوكاً عميقاً بالشيعة بصورة عامة وبإيران بصورة خاصة. وبعد أن قام أعضاء من الأقلية الشيعية في السعودية بأعمال شغب قبل شهرين، اتهمهم مسؤول في وزارة الداخلية بالتصرف "بناءاً على طلب من قبل دولة أجنبية حاولت زعزعة الأمن في البلاد في عمل تدخلي سافر" -- في اشارة واضحة إلى إيران. إن تجدد المظاهرات الشيعية قبل اسبوعين، التي قتل فيها أربعة أشخاص في اشتباكات مع قوات الأمن، ربما قد دفع الأمير نايف إلى المطالبة بإجراء لقاء مع مسؤول إيراني رفيع المستوى لوضع بعض الخطوط الحمراء. ومن جانبها، قد تنظر طهران إلى الزيارة كوسيلة لتخفيف عزلتها الدبلوماسية.

ويضيف سايمون هندرسون، دون وجود المزيد من التفاصيل عن الاجتماع، يمكن أن يكون النقاش حول هدفه ولهجته تخمينياً فقط. ونظراً لسمعة نايف كمتشدد، فمن المرجح أن يكون قد حذّر مصلحي من مغبة محاولات طهران المستمرة لبسط نفوذها في جميع أنحاء الخليج الفارسي ونحو العالم العربي. ومن المفترض، أن يكون السعوديون بالفعل على استعداد لدعم السنة العراقيين من أجل إضعاف الحكومة الشيعية في بغداد المدعومة من قبل إيران. وفي البحرين كان قيام الرياض في آذار/مارس بنشر قوات مكافحة الشغب ودبابات في الجزيرة، إشارة واضحة إلى أنها لن تسمح بإحداث تغيير في الوضع السياسي الراهن.

ويشير هندرسون، إن قيام الاجتماع السعودي الإيراني في نفس اليوم الذي رحب فيه الرئيس أوباما برئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في البيت الأبيض للاحتفال بانسحاب القوات الأمريكية، قد أكد التساؤلات حول مستقبل المنطقة. فالعائلة المالكة السعودية، التي تعتبر المالكي عميلاً إيرانياً، تنظر بقلق إلى ثورات "الربيع العربي" حيث تؤمن أن طهران -- وليس أي نقص في الحريات السياسية -- هي التهديد الرئيسي للاستقرار. وجنباً إلى جنب مع غيرها من الدول العربية المحافظة، فإن المملكة في حيرة حول دعم واشنطن للحركات الديمقراطية، حيث يعتبرها السعوديون وصفة لإنتاج أنظمة هشة وحالة عدم استقرار أيضاً التي يمكن أن تستغلها إيران.

ويضيف، في واشنطن، يتزايد القلق من أن قدرات إيران على إثارة المشاغب سيتم مواجهتها الآن بإجراءات سعودية، والتي قد تزيد من حدة التوترات الإقليمية بدلاً من تهدئتها. وقد يأتي مؤشر مبكر عن موقف السعوديين في اجتماع منظمة الدول المصدرة للنفط ("أوبك") في الرابع عشر من كانون الأول/ديسمبر الحالي في فيينا، حيث من المرجح أن يدعو السعوديون إلى الحفاظ على مستويات عالية من إنتاج النفط، بينما يتوقع أن تضغط إيران لإحداث خفض في الانتاج والحصول على أسعار أعلى.

نبذة عن معهد واشنطن

الجدير بالذكر ان معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بحسب موقعه الالكتروني أسس عام 1985 لترقية فهم متوازن وواقعي للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. وبتوجيه من مجلس مستشارين بارز من كلا الحزبين من اجل توفير العلوم والأبحاث للإسهام في صنع السياسة الأمريكية في هذه المنطقة الحيوية من العالم.

وينقل موقع تقرير واشنطن الالكتروني إن الهدف من تأسيسه كان دعم المواقف الإسرائيلية من خلال قطاع الأبحاث ومراكز البحوث وان لجنة العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية المعروفة بإيباك كانت المؤسسة الأم للمعهد حيث أن مديره المؤسس هو مارتن إنديك رئيس قسم الأبحاث السابق باللجنة. وتزعم المنظمة أنها اختارت مصطلح "الشرق الأدنى" لتعريف الهوية الذاتية للمعهد (بدلا من "الشرق الأوسط) لأنه المصطلح المعترف به في الخارجية الأمريكي لوصف العالم العربي والدول المجاورة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 20/كانون الأول/2011 - 24/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م